حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"صور ثورية" يستعيد كلاسيكيات روسية وألمانية

عندما كانت السينما مختبراً محكوماً أيضاً بالإنتاج والسياسة

ريما المسمار

انطلق مساء أمس في سينما متروبوليس أمبير (صوفيل) "صور ثورية"، البرنامج السينمائي الذي يستعيد أفلاماً صامتة من السينما الألمانية والروسية، أبصرت النور في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. البرنامج الذي ينظمه معهد "غوتيه" والمركز الثقافي الروسي في بيروت ومؤسسة "سينما متروبوليس للفن"، يُعد حدثاً نظراً إلى مكانة الأفلام المعروضة في تاريخ السينما وتقديم معظمها بنسخها السينمائية. تتضمن قائمة الأفلام المعروضة بين 9 و13 كانون الأول/ ديسمبر تسعة أفلام، من بينها اثنان يحييان ذكرى ليو تولستوي في المئوية الأولى لولادته هما: "آنا كارينينا" (1935) من إخراج الأميركي كلارينس براون وPolikushka (1922) من إخراج الروسي ألكسندر سانن. أما الأفلام السبعة الأساسية في البرنامج فهي: "المدرعة بوتمكن" Battleship Potemkin لسيرغي أيزنستاين، "الجثة الحية" The Living Corpse لفيدور أوزيب، "رحلة الأم كراوس إلى السعادة" Mother Krauses Journey to Happiness لفيل يوتزي، "الضحكة الأخيرة" The Last Laugh من إخراج أف. دبليو ميرنو، "فتاة السجائر من موسلبروم" The Cigarette Girl from Mosselprom ليوري زيلابوشسكي، "تمرد صيادي السمك" The Revolt of the Fishermen لأغروين بيسكايتر و"المرتد" The Deserter لفزيفولود بودفوكن. يرافق عرض "المدرعة بوتمكن" و"الضحكة الأخيرة" موسيقى حية لجويل خوري على البيانو ومايك كوبر على الغيتار تباعاً.

يقوم اختيار منظمي الحدث دمج الأفلام الروسية والألمانية في برنامج واحد على أرضية وااقعية تنطلق من الصلات التي جمعت الصناعتين الروسية والألمانية خلال عشرينات وثلاثينات القرن الماضي والتعاون بين مخرجيهما الذي أثمر اكتشافات مذهلة في الفن السينمائي، غيّرت مفهوم السينمائيين أنفسهم لهذا الفن كما مفاهيم الجمهور. ولعلّ من تجليات ذلك قيام استديو سينمائي ألماني-روسي ("مزراببوم" Mezhrabpom)، أنتج ما يربو على 500 فيلم، وقدّم ألافلام الروسية والألمانية للعالم من خلال فرعي توزيعه في ألمانيا وفرنسا. من بين عناوين كثيرة، التقى بعض السينمائيين الألمان ونظرائه الروس حول مفهوم سيكولوجيا الشخصيات في السينما. فبينما تحدّث أمثال فيدور أوزيب عن "الروح الروسية" التي قبض عليها الأدب الروسي وضرورة العثور على موازٍ لها في السينما، قاد الألماني ميرنو (1888-1931) حركة "كامرسبيل" (Kammerspiel) خلال العشرينات التي لم تستمر طويلاً كما أنها لم تصل إلى شهرة "التعبيرية الألمانية" التي برزت في الوقت نفسه وانتقل اليها ميرنو لاحقاً. "كامرسبيل" هي "دراما الغرفة" التي عرفت في المسرح بتركيزها على الأبعاد النفسية للشخصيات وكذلك في السينما فضلاً عن ابتعادها من الديكورات المرسومة والمسطحة وعدم استعانتها بعناوين داخلية كالتي اشتهرت في أفلام التعبيرية الألمانية خصوصاً والسينما الصامتة عموماً. يجسد شريط ميرنو "الضحكة الأخيرة" (السبت 7،00 مساءً مع عرض موسيقي) تلك الموجة أفضل تجسيد ويقف على قدم المساواة بين أفلامه الكبيرة مثل "نوسفيراتو" (1922). تدور أحداث "الضحكة الأخيرة" حول عامل استقبال في فندق يخفض إلى رتبة منظف حمامات. اللافت في الفيلم نهايته التي تكتب على الشاشة ويشرح فيها ميرنو أن النهاية الطبيعية لهذا الرجل انتظار الموت ولكن الكاتب ترأف به وكتب له نهاية سعيدة، تتمثل بحصوله على ميراث. يمكن النظر الى حيلة ميرنو اليوم على أنها أولى أشكال كسر وهم الحقيقة السينمائية بتنبيه المشاهد إلى أن ما يشاهده فيلماً وشخصيات مخترعة.

الهجرة والهجرة المضادة

إلى ذلك، نعثر لدى السينمائيين الألمان والروس من تلك الحقبة على حركة تنقّل بين البلدين، تحوّلت في بعض الأحيان منفى إجبارياً. هكذا التجأ بعض السينمائيين الروس إلى ألمانيا بعيد الثورة الروسية (فيدور أوزيب مثالاً) بينما قام بعض السينمائيين الألمان بهجرة معاكسة إلى الاتحاد السوفياتي هرباً من هتلر (فيل يوتزي). وثمة من لفظ الإثنين معاً كما فعل الألماني إروين بيسكاتور الذي ساند الثورة الروسية في بداياتها، ومن ثم تحوّل لاجئاً في الاتحاد السوفياتي بعيد صعود النازية، قبل أن يهاجر في العام 1939 إلى الولايات المتحدة الأميركية. المفارقة أنه اضطر للعودة إلى ألمانيا الغربية في مطلع الخمسينات مع صعود المكارثية. أنجز بيسكاتور (1893-1966) عملاً سينمائياً يتيماً هو "تمرد صيادي السمك" (الأحد 7،00 مساء) في العام 1934 من خلال استديو Mezhrabpom المذكور، بما ليس أمراً مستغرباً نظراً إلى أن سينمائيين كثراً في تلك المرحلة جاؤوا ـ أو تأثروا ـ من خلفيات مسرحية وأدبية. فهو في الأساس مخرج مسرحي كبير، يعتبر رائد المسرح السياسي ورائد المسرح الملحمي الذي تأثر به بريشت نفسه تأثيراً كبيراً. اشتهر بتوظيفه المسرح في سبيل خدمة قضاياه السياسية والاجتماعية. وفي سبيل ذلك، ابتكر آليات يُعتقد أنها تركت أثراً كبيراً على المسرح الأوروبي والأميركي مثل استخدامه العرض السينمائي خلال عروضه المسرحية منذ 1925 فضلاً عن المحاضرات والإكسسوارات المتحركة. لم تختلف تجربته السينمائية اليتيمة عن شغله المسرحي لجهة مقاربتها موضوعاً اجتماعياً وسياسياً يتمثل بتمرد لصيادي السمك يفشل بسبب من انكسار وحدة الصف. اعتُبر الفيلم في حينه دعوة إلى الاتحاد في وجه هتلر والنازية. ولكن الفيلم لا يخلو من لمعات مثل انتقاله من لقطة إلى أخرى بواسطة تقنية الـdissolve (لقطة تأخذ مكان الأخرى تدريجياً على الشاشة) لمنح وجوه المتظاهرين هوية واحدة.

يقدم البرنامج اسمين آخرين غير معروفين على صعيد واسع في تاريخ السينما الروسية الألمانية. فيل يوتزي (1896-1946) الألماني الذي بدأ مصوراً سينمائياً ومخرجاً وثائقياً قبل أن يتحول الى السينما الروائية في العام 1928. بين 1925 و1929 كان مخرجاً معتمداً للحزب الشيوعي وأبرز مخرجي "الأفلام البروليتارية". أثمرت تلك المرحلة فيلمه "رحلة الأم كراوس إلى السعادة" (1929؛ الجمعة 9،30 ليلاً) الذي يتناول عائلة ألمانية من الطبقة العاملة وصراع الأم من أجل تأمين الحياة بأسلوب شديد الواقعية. لاحقاً، تبدّلت قناعات يوتزي السياسية بشكل جذري فانتسب إلى الحزب النازي في العام 1933، منجزاً 49 فيلماً قصيراً بين 1933 و1941. لم يسمح له بإخراج أفلام روائية طويلة بسبب من ماضيه السياسي إلا أنه تمكن من تقديم فيلمين أخيرين في منتصف الثلاثينات كانا آخر عهده بالسينما.

المخرج الثاني هو الروسي يوري زيلابوشسكي الذي يقدم البرنامج من إخراجه "فتاة السجائر من موسلبروم" (السبت 9،30 ليلاً) الذي يتناول صراع ثلاثة رجال- كاتب روسي ورجل أعمال ومخرج أميركيين- على بائعة السجائر "زينا". لعلّ السبب الأساسي وراء اختيار هذا الفيلم يكمن في أنه أول عمل كوميدي أنتجه استديو "مزراببوم" عام 1924 الذي شهد انتعاش الصناعة السينمائية من جديد بعد الثورة والحرب العالمية الأولى، إلى جانب تقديمه أول فيلم من نوع الخيال العلمي ("إيليتا"Aelita ). أطلق الفيلم أيضاً مسيرة بطله الممثل إيغور إلينسكي الذي تحول لاحقاً اشهر ممثل كوميدي روسي.

بين السينما الروسية والسوفياتية

لا تقتصر أفلام البرنامج على دينامية العلاقات بين السينما الروسية والألمانية وبين مخرجيها. فهناك أيضاً "الصراعات" التي حكمت العلاقة بين بعض المخرجين الروس أنفسهم، لا سيما بين هؤلاء المنتمين إلى روسيا قبل الثورة وأولئك المنضوين تحت لواء النظام السوفياتي. يتمثل ذلك باسمين في البرنامج: فيدور أوزيب وسيرغي أيزنشتاين وبينهما بودوفكن الذي عمل مع الأول قبل أن يلحق بركب الثاني ونظرياته السينمائية في المونتاج وخلافه. قد تبدو المقارنة بين أوزيب المجهول وأيزنشتاين العملاق في غير محلّها هنا، ولكنّ المسألة أبعد من مجرد ذلك. فعلى الرغم من أهمية ايزنشتاين ونظرياته السينمائية في دفع الفن السينمائي وتطوير لغته، ثمة كتابات نقدية كثيرة ترى إليه "معلّماً تقنياً ذا تأثير كبير، إنما فنان ضيق الأفق وبدون روح". بصرف النظر عن صحة ذلك القول أو عدمه، لا نحتاج إلى التقليل من أهمية أيزنشتاين ورفاقه لتأكيد أهمية سواهم. ولكن الواقع أن السينما السوفياتية التي برزت في أعقاب الثورة اكتسبت سمعة كبرى لأن نقاد اليسار في الغرب اصطفوا إلى جانبها فنتج عن ذلك إسقاط سينمائيين كثر من تاريخ السينما الروائية الروسية، أحدهم هو فيدور أوزيب. أما الطريقة التي تم بها ذلك فبسيطة وواضحة. في الفترة الأولى التي تلت الحقبة القيصرية، اعتبر المثقفون النظام السوفياتي الاتجاه التاريخي الذي لا مفر منه، لأنه، مثل الأديان، طرح نفسه حقيقة مطلقة. في السينما، قام أيزنشتاين مع منظرين سينمائيين آخرين بإطلاق نظريات سينمائية، اعتبرت هي الأخرى "إيديولوجيا" لا مفر منها. بهذا المعنى، إذا كان النظام السوفياتي هو المسار الحقيقي للتاريخ، فإن أسلوب أيزنشتاين هو الطريق السينمائي المطلق أيضاً. هكذا تم طمس السينما الروسية التي قامت قبل الثورة كما أسقط سينمائيون اشتغلوا في الحقبة السوفياتية إنما خارج "مذهب" أيزنشتاين ورفاقه مثل أوزيب وبوريس بارنيه.

في هذا البرنامج وحده، يظهر اسم أوزيب كاتب سيناريو في فيلمين آخرين: "فتاة السجائر من موسلبروم" وPolikushka. كما أسهم بسيناريواته في أبرز أفلام العشرينات من بينها "ملكة البستوني" و"أم" لبودوفكن. بعد الثورة، تحولت أفلام أوزيب الجماهيرية في بلده وعالمياً، لا سيما "الآنسة ميند"، تهمة بانحيازه إلى البورجوازية وافتقاره إلى "الروح الثورية". لهذا ربما وجد في مشروع "الجثة الحية" (الجمعة، 7 مساءً) إنقاذاً له لأنه تطلّب ذهابه إلى ألمانيا. ولكن المفارقة أن المشروع كان بمثابة "تذكرة في اتجاه واحد" معلناً خروجه من روسيا إلى الأبد (ألمانيا ثم فرنسا فالمغرب وأخيراً أميركا حيث توفي). اللافت في هذا الفيلم المقتبس عن تولستوي أنه أكثر أفلام أوزيب محاكاة لنظريات المونتاج الروسي. ولعلّ السبب في ذلك يعود إلى أن بودوفكن اشتغل على الفيلم وثمة مصادر تذكر اضطلاعه بتوليف العمل.

بخلاف أوزيب، كانت انتقالة بودوفكن (1893-1953) من سينما قبل الثورة إلى السينما السوفياتية ناعمة، بل إنه أسهم بثلاثية سينمائية لخدمة مبادئ الثورة البولشيفية. كان له دور كبير في بلورة نظريات المونتاج ووقّع مع أيزنشتاين وغريغوري أليكساندروف "بيان الصوت" في العام 1928 الذي نص على أن يكون الصوت مكملاً للصورة. من تلك المرحلة، خرج فيلمه "المرتد" The Deserter (الأحد 9,30 ليلاً) من انتاج العام 1933 الذي اعتبر أقل مكانة من أفلامه السابقة.

المستقبل اللبنانية في

10/12/2010

 

يحتفل بعيد ميلاده الثاني بعد المئة: مانويل دي أوليفيرا.. رجل القرن  

تترافق الإشارة إلى السينمائي البرتغالي مانويل دي أوليفيرا بجملة "أكبر معمّر سينمائي ناشط في العالم". ولكن الكلمة السر هي "ناشط". فبعد يومين، يحتفل السينمائي بعيده الثاني بعد المئة (102) يوم 12 كانون الأول/ديسمبر. يترافق ذلك مع حدثين بارزين: إعادة إطلاق فيلمه الروائي الأول "أنيكي بوبو" Aniki B?b? في صالات السينما في مدينتي لشبونة وبورتو بعد 68 عاماً على عرضه الأول هناك واشتغال المخرج على مشروع سينمائي جديد مع المنتج لويس أوربانو في عنوان "قدّاس منتصف الليل".

مما لا شك فيه أن أوليفيرا سينمائي كبير. ولكن شيئاً من الإرتباك يشوب محاولات تقويم مساره السينمائي. فقد قارنه النقّاد بأمثال بونويل (قدّم في العام 2006 تكملة متخيلة لفيلم الأخير "جميلة النهار" في عنوان "جميلة دائماً) ودراير، ولكنّ أفلامه بعيدة من التداول، وتكاد فرص مشاهدتها خارج المهرجانات تكون مستحيلة. حتى أخلص معجبي أوليفيرا لم يشاهدوا إلا عدداً قليلاً من أفلامه بما لم يترك مجالاً للتوافق على اي منها هي الأفضل. وبسبب من عمره المديد وتحوّله رمزاً وطنياً في البرتغال وهالته السينمائية التي صنعتها ثمانية عقود من تكريس الذات للسينما إلى صعوبة الإحاطة بمنتجه السينمائي الكامل، ثمة ممانعة في تعيين مكانته السينمائية.

بالنسبة إلى الجمهور، تتأتى صعوبة أوليفيرا من تمحور عمله السينمائي عموماً حول التراث والثقافة البرتغاليين. لا ينفي ذلك أن بعض أفلامه مستقى من مصادر أدبية عالمية: بعض مراجعه الأدبي يشمل فلوبير ويونيسكو وبيكيت ودوستويفسكي. فيلمه "صورة متكلّمة" A Talking Picture (2003) يتأمل في مصير الثقافة الغربية بعد 11 أيلول (سبتمبر) ويتضمن حوارات بالفرنسية والإنكليزية والإيطالية واليونانية والبرتغالية. ولكن عودته إلى موروثه تبدو حتمية كما هي حال فيلمه الوثائقي-الدرامي "يوم اليأس" The Day of Despair (1992) عن حياة الكاتب كاميلو كاستيللو برانكو الذي عاش في القرن التاسع عشر وأعماله. من مصادره المحلية الأخرى مسرحيات خوسيه ريجيو وبريستل مونتيرو وروايات أوغوستينا بيسا-لويس التي تشاركه كتابة معظم أفلامه. أما فيلمه "كلمة ويوتوبيا" Word and Utopia (2000) فيستلهم كتابات الواعظ اليسوعي الأب أنتونيو فييرا من القرن السابع عشر. ولعلّ التيمة الكبرى التي تظلّل أفلامه هي خصوصية الثقافة البرتغالية التي تنسجم مع جغرافية البلد المهمّشة وعزلته اللغوية والحقبة السياسية التي أثقلت كاهله بين 1932 و1974 في ظل ديكتاتورية أنتونيو سلازار. وفي العمق أيضاً نوستالجيا إلى حلم ضائع بامبراطورية انهارت في القرن السادس عشر. برتغال أوليفيرا هي ذلك المزيج من الخصوصية والعزلة والفقدان والذاكرة والمجد الزائل، يقاربها السينمائي بتشكيك وسخرية.

يشكّل أوليفيرا حالة خاصة في السينما كما في الحياة. سينمائي ساخر وجاد في الوقت عينه، اقتصرت السنوات الأربعون من مسيرته السينمائية على ثلاثة افلام روائية طويلة وبعض الوثائقيات. بدأت مسيرته الحقيقية وهو في السبعين من عمره، مقترحاً اسلوباُ سينمائياً خاصاً يقوم على صراع دائم بين السينما والمسرح او بين السينما والأدب. يرى إلى الفيلم وسيطاً صاهراً لكل أنواع الفن بأربعة أساسات: الصورة، الكلمة، الصوت والموسيقى. انطلق في عصر الأفلام الصامتة ولكنه مهووس باللغة كما توحي عناوين أفلامه: "الكلمة واليوتوبيا"، "الرسالة"، "الصورة المتكلمة"... يبني أفلامه في طبقات مستخدماً العناوين الداخلية والتعليق الصوتي إيماناً منه بأن النص يوازي الصورة أهمية. غالباً ما توصف أفلامه بـ"الممسرحة" أو "المرسومة" حيث تقدم شخصياته حواراتها مواجهة الكاميرا بنبرة تصريحية بما يتلاءم مع مفهومه للسينما التفاعلية: "كل فيلم يجب أن ينهيه المشاهد" يقول. ولكن ذلك لم يمنعه من كسر الوهم السينمائي أو "الحائط الرابع" في أكثر من فيلم من بينها "وادي إبراهيم" حيث يقوم أحدهم بمقاطعة مونولوغ عن سقوط الحضارة الغربية برمي قطة في اتجاه عدسة الكاميرا.

ولد مانويل دي أوليفيرا عان 1908 لعائلة ثرية، وقدّم فيلمه الأول في العام 1929 في شكل وثائقي صامت من 18 دقيقة في عنوان "العمل على نهر دورو" Labour on the River Douro (عرض في العام 1931) سيجري عرضه في الصالات خلال الفترة المقبلة قبل عرض باكورته الروائية. أنجز السينمائي الشاب مجموعة من الأفلام الوثائقية خلال الثلاثينات قبل أن يتحول في مطلع الأربعينات إلى السينما الروائية بفيلم Aniki B?b? الذي اعتبر مقدمة للسينما الواقعية الجديدة في إيطاليا على الرغم من أن موضوعه ومزاجه غير واقعيين. يتناول الفيلم حياة أطفال الشوارع في محيط بورتو ريبيرا من خلال مغامرة ثلاثة أطفال، يقرر أحدهم سرقة لعبة للفتاة التي يحبها. إلا أن وصول سلازار إلى السلطة، اقعده عن العمل السينمائي أكثر من عقد من الزمن، اشتغل خلالها في الزراعة. عندما عاد إلى السينما في منتصف الخمسينات بفيلمين وثائقيين، كانت نظرته إلى السينما

المستقبل اللبنانية في

10/12/2010

 

تعرض لهجوم من الصحافة لكثرة تناقضاته

«بلبل حيران» يطير مشتتاً في فضاء النقد

القاهرة ـــ دار الإعلام العربية 

فاجأ الفنان الكوميدي أحمد حلمي الجمهور والنقاد بفيلمه الجديد «بلبل حيران» بعد أقل من نصف عام من تقديمه فيلم «عسل أسود» الذي تم عرضه في صيف هذا الموسم، وبالرغم من أن حلمي ظل يجد مساندة غير محدودة من النقاد والجمهور بأدائه المتميز التلقائي واختياراته الموفقة لأعماله بدقة ووعي كبيرين إلا أن نفس هذه الأقلام التي ظلت تشيد بأعماله وجهت له ـ وللمرة الأولى ـ انتقادات حادة، حيث شنت عليه هجوما مركزا خاصة حول موضوع فيلمه الجديد «بلبل حيران»، وكان التساؤل الأهم: كيف قبل حلمي بموضوع هذا الفيلم والسيناريو الذي لا يرقى إلى مستوى أفلامه السابقة؟!.

فيلم «بلبل حيران» تدور أحداثه حول فتاة أرستقراطية ناجحة ولكنها جامدة عاطفيا وسلوكها العام عملي لا يخضع للعواطف أو الرومانسية في حياتها وهذه الصفات في شخصية الفتاة الأرستقراطية ياسمين تتناقض مع الصفات التي يتمناها بلبل في حبيبته فهو يرغب في فتاة رومانسية عاطفية وجميلة وهذا ما جعله يميل إلى قريبته هالة التي تتوافر فيها كثير من الصفات التي يحبها قبل أن تظهر الطبيبة النفسية التي تجسد دورها الفنانة أيمي وتدور الأحداث بعدها. والفيلم هو الثاني لأحمد حلمي هذا العام وقد أخرجه خالد مرعي الذي سبق وقدم معه من قبل «آسف للإزعاج» و«عسل أسود» وكتب له السيناريو السيناريست خالد دياب الذي عمل معه في فيلم فيلاعسل أسودلالا.

بداية النهاية

قصة الفيلم، حسب النقاد، فيها كثير من التناقضات، ومنها على حسب قولهم، أن السيناريست خالد دياب عجز عن خلق حالة من الضحك لدى المشاهد، في إشارة إلى أنه صنع مواقف كوميدية رتيبة ومكررة، معتمدا في عمله على كاريزما أحمد حلمي وإقبال الجمهور عليه، وهذا ما جعل الفيلم مفككا ومنعدم المنطق وثقيل الظل.

والفيلم يقوم على الكوميديا الرومانسية الخفيفة بعيدا عن الكوميديا الاجتماعية التي قدمها حلمي كثيرا في أعماله السابقة، لكن بعض النقاد رأوا أن تعرض بلبل لحادث يفقد خلاله الذاكرة أمر غير منطقي، حيث بدأ الفيلم بأسلوب الفلاش باك حتى نهايته، ظل خلالها حلمي بلبل يتذكر ما حدث له من علاقات عاطفية وارتباطات سابقة ويحكي كل ذلك للطبيبة النفسية الشابة الجميلة، وقد أضعف هذا الأسلوب - الفلاش باك - الفيلم كثيرا، فلو افترضنا أن السيناريو سعى لعودة بلبل لخطيبته الأولى وترك هالة، كان من الممكن أن يتم ذلك دون اللجوء لهذا الأسلوب الذي يستمر لأغلب فترات الفيلم، فيما وجهت انتقادات أخرى للأسباب التي أدت إلى فقدانه الذاكرة وهي سقوط المكتب فوق رأس بلبل، في إشارة إلى أن مثل هذا الحادث ليس مبررا مقنعا بجعله في هذه الحالة.

استسهال حلمي

ومضى النقاد إلى أبعد من ذلك في نقدهم لبطل العمل أحمد حلمي، حيث اعتبروا ما قدمه في هذا الفيلم به كثير من الابتذال، خاصة أنه كان دائما يختار ألفاظه بعناية في أفلامه السابقة لكن في هذا الفيلم حملت الإفيهات جملا حوارية غير مبررة وهي جمل مبتذلة وغير قابلة حتى لذكرها على صفحات الصحف، واتهم بعض النقاد السيناريست خالد دياب بأنه مارس كل عمليات الاستسهال في كتابة السيناريو وكانت النتيجة فيلما يفتقد لأبسط قواعد المنطق.

ولكن الناقد السينمائي الكبير رفيق الصبان كان أكثر قسوة في تناوله لهذا العمل، حيث تساءل قائلا: لا أدري ما الذي أصاب بطل الفيلم وجعله يعود على عقبيه ليركز على الإضحاك فقط ضاربا بالتأمل والفكر الكوميدي السليم عرض الحائط .. وتابع الصبان «لا أريد أن أعيد المواقف التي امتلأ بها الفيلم والتي تثير العجب لا لغرابتها ولكن لقبول ممثل ذكي ولماح مثل أحمد حلمي هذا العمل، وقال إن فيلم «بلبل حيران» جمع فيه أحمد حلمي كل السيئات وهي التي حاول تجنبها بنجاح في أفلامه السابقة، وأضاف : كاد المرء لا يصدق وهو يرى «بلبل حيران» على الشاشة بتعبيراته الصارخة وإفيهاته التي يلقيها «عمال على بطال» بضرورة أو بغير ضرورة.

حيرة النقاد

أما الناقد طارق الشناوي فتناول الفيلم بقدر من الموضوعية رغم أنه أكد على ضعف الفيلم، وقال: لوحظ أن السيناريو لجأ لأضعف الحلول وهو أن يصاب البطل بفقدان الذاكرة ولا يدري بأنه سيلتقي مجددا مع خطيبته زينة عندما أعيدت له الذاكرة بتلك الحيلة وهي ارتطامه مرة أخرى بالمكتب وهي حيلة تكررت كثيرا،

وأشار أن الجمهور أصيب بحيرة أكبر من حيرة أحمد حلمي، وبدأت حوارات كثيرة على المقاهي والمنازل حول هذا العمل ومقارنته بأعمال سابقة ، ساخرين من المشهد الذي سقط فيه بلبل من طائرة على مزرعة دواجن ولم يمت، ثم تعود له الذاكرة والغريب أن سقوطه من الطائرة جاء نتيجة عملية انتقام وكذلك الطبيبة التي مارست معه أنواع مختلفة من الانتقام مثل أن تضع له فأرا في الجبس وتضربه بمضرب الذباب وغيرها من المواقف والمشاهد الغير مبررة.

ورغم هذا النقد إلا أن بعض المتابعين للعمل اعتبروا الإقبال الكبير على الفيلم من الجمهور بمثابة نجاح معنوي، وأشاروا إلى أن الفيلم كوميدي بسيط وخفيف الدم رغم اعتماده بشكل كبير على الإفيهات التي يقوم بها حلمي في كثير من المشاهد ولكن ما لم يقتنع به الجمهور هو انفعالاته الحيادية في الحالتين، حيث لم يشعر الجمهور بأنه متأثرا أو أن انفعالاته متناسبة مع الموقف أو الحدث.

ورقة الإيرادات

ولكن نفس النقاد الذين هاجموا الفيلم بقوة وحدة شديدين أكدوا بأن الفيلم لعب بورقة واحدة وهي الإيرادات استنادا إلى البطل الجماهيري أحمد حلمي، لذلك ارتكن الكاتب خالد دياب إلى الحلول الدرامية السهلة والمباشرة، كما أن المخرج خالد مرعي لم يضف إلى السيناريو كثيرا ولم يصل إلى مستوى أفلامه السابقة، وأشاروا أن الإيرادات جاءت لصالحه في شباك التذاكر بالرغم من أن المنافسة في موسم عيد الأضحى كانت تضم عادل إمام وأحمد السقا، ولكن حلمي تراجع في السباق الفني ورجع خطوات إلى الوراء.

البيان الإماراتية في

10/12/2010

 

أنجيلينا جولي عن تجربة الإخراج:

كان لافتاً رؤية ممثلين يؤدون أدوارهم بطريقة مختلفة عما كنت أفعل 

انتهت النجمة الأميركية أنجيلينا جولي للتو من تصوير أول فيلم لها بصفتها مخرجة، وهي تجربة تصفها بأنها «مشوقة»، بينما تراودها أسئلة عن كيفية شعورها بعد عودتها لتكون أمام الكاميرا.

تروي النجمة الأميركية أنجيلينا جولي لبعض الصحافيين في باريس بعد الانتهاء من تصوير أول فيلم لها بصفتها مخرجة، والذي تجري أحداثه في البوسنة: 'أظن أننا نحن كممثلين، ولأننا منغمسون في عالم الشخصيات وفي الفيلم، نكون بطريقة أو بأخرى أكثر انعزالا'.

وتوضح الممثلة (35 عاما)، التي أُجريت معها المقابلة في فندق موريس في باريس: 'الوجود مع فريق الإخراج والمشاركة في المراحل المختلفة من عملية إنجاز الفيلم كان مسليا. كان عملا مشوقا جدا. ما كان لافتا رؤية ممثلين يؤدون دورهم بطريقة مختلفة عما كنت أفعل ربما، ومن ثم أن أرى نتيجة أفضل مما كنت أتصور'.

ويروي فيلم أنجيلينا جولي قصة حب بين مسلمة وصربي خلال حرب البوسنة (1992-1995)، وترفض المخرجة إعطاء أي تفاصيل أخرى عن حبكة الفيلم الذي أثار جدلا في البوسنة، بعدما ذكرت وسائل إعلام محلية أن البطلة وقعت في حب الرجل الصربي الذي اغتصبها.

وبعد سحب السلطات للرخصة التي حصلت عليها جولي لتصوير جزء من الفيلم في البوسنة، أرسلت الممثلة الأميركية نسخة عن السيناريو الى السلطات، لتؤكد لها أن هذه الشائعات لا أساس لها. وصور الجزء الأكبر من الفيلم في المجر في أكتوبر الماضي.

وأوضحت الممثلة 'لقد انتهيت من التصوير. وسأباشر المونتاج في يناير المقبل'، وأضافت وهي ترتدي تنورة سوداء وكنزة من صوف الكشمير الرمادي: 'كنت سعيدة بالإفلات من الأضواء وتسليطها على ممثلين بارعين. وأتشوّق لأعرض عملي وموهبتهم'.

وتقر الممثلة بأنها تأثرت بعدة مخرجين عملت معهم، وتوضح 'لقد تعلمت كثيرا من كلينت إيستوود 'تشانجيلينغ 2008). وكذلك مايكل وينتربوتوم الذي يثق كثيرا بالممثلين'.

وتقول جولي: 'روبرت دي نيرو علمني كثيرا عن إدارة الممثلين. وقد مثلت تحت إدارته فيلم ذي غود شيبارد في عام 2006'.

وتوضح جولي، وهي أم لستة أطفال مع شريكها براد بيت، ولديها انشغالات كثيرة في هذا المجال: 'من الصعب راهنا أن اقبل دورا فقط لأني أريد أن أعمل'، وتقول النجمة، التي تتقاضى عشرة ملايين دولار عن كل دور، وهي تضحك 'أنا عاطلة عن العمل'.

وتضيف: 'يجب أن أوجد في المنزل ولدي الكثير من الأمور التي عليّ القيام بها'، موضحة أنها باتت تريد الآن 'أدوارا صعبة ذات عمق شخصي قوي جدا'.

وتقول: 'لم أمثّل يوما من أجل نتيجة على شباك التذاكر. لقد حالفني الحظ بإنجاز مسيرة فنية ناجحة حتى مع أفلام لا تحقق عائدات كبيرة'.

وتقرّ بأن بعض أفلامها مثل 'آيه مايتي هارت' للمخرج مايكل وينتربوتوم (2007) والمكرس للصحافي دانيال بيرل الذي أُعدم في باكستان عام 2002 شكل فشلا ماليا. وتضيف: 'ننجز مشاريع نحبها مع معرفتنا أن أناسا قلائل سيرغبون في تمضية ساعتين لمتابعة قصة رهيبة. الأمر صعب جدا عاطفيا'.

وتقر بأنها تحب الانفراد عادة، وأنها فوجئت بتكيفها مع الحياة العائلية بهذه السهولة، وبأنها لم تعد تجد بعض الوقت لنفسها.

وتتابع ضاحكة: 'نصل الى وقت نستسلم فيه. ولا نحاول حتى التفكير في إمكانية الاستحمام لوحدنا، فالكل يدخل الى قاعة الحمام'.

(باريس - أ ف ب)

الجريدة الكويتية في

10/12/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)