حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

شريط "الحفرة"..

عندما تردم الكاميرا المسافة بين الصورة وموضوعها

فيصل عبد الله

قاس. صادم. قاتم. مؤثر. ولك ان تضيف ما ترتئيه مناسباً من الأوصاف بعد مشاهدة شريط "الحفرة"، باكورة الصيني وانغ بينغ الروائية، والذي عرض ضمن فقرة المسابقة الرسمية لدورة مهرجان أبو ظبي السينمائي الرابعة(14-23 تشرين الأول/أكتوبر 2010).

إذ لا ينفع التململ وسط صالة سينما " مارينا مول" وأنت تعد دقائق الشريط الـ 109. ولا تجد في نفسك العزم بمتابعة خياراتك السينمائية الأخرى في عتمة ثانية. وكن مطمئناً ان ما شاهدته من صور ستلاحقك لفترة طويلة.

وعليه تغدو الكلمات، وفي أحسن حالاتها، إزاء قوة ما قالته الكاميرا وسطرته على شاشة أصطلح على تسميتها بالفضية، ستكون شحيحة. قصة "الحفرة" حقيقية. وتفاصيل أحداثها ما زالت طي الكتمان الرسمي وخزائن ذاكرة بعض الناجين. ومنهم يانغ شيانهو الذي سطر بعضاً من تفاصيل تلك التجربة القاسية في كتابه "مع السلامة، جيابانجو"، معكسر إعادة التأهيل ومسرح وقائع شريط "الحفرة". وما كان من المخرج بينغ، والقادم من تجربة التوثيق السينمائي، سوى تلقف تلك المذكرات وأفلمتها. وفي شريط، أقل ما يقال عنه، إعادة لوقائع غابت عن السينما في حاضرنا المعولم. سلاح بينغ كان دربته التوثيقية، تلك التي تركها لضوء كاميرته الشحيح ان تقول الكلام المحرم. اقتفاء يوميات موت بطيء لاح بسوطه قدر مليون إنسان. لا صوت موسيقى تصويرية، بل أصوات حيوات تنازع الموت. تهمة هؤلاء كانت جاهزة، ومفادها انهم من "المنشقين" و "اليمينيين" مما يتطلب "إعادة تأهيلهم". هل حقاً كانت هناك معارضة او منشقون؟

وقتها، بين الأعوام 1959 و 1963، ضربت الصين مجاعة كارثية. وراح ضحيتها أكثر من 30 مليون إنسان حسب تقديرات محافظة. إلا ان بينغ كثف عمله وأوجزه بثلاثة أشهر. وليحكي لنا عبر كاميرته يوميات هؤلاء "المنشقون" "اليمينيون" وسط حفر ترابية في صحراء غوبي شتاء العام 1960. قاسم تلك اليوميات المشترك هو البرد والجوع وصراع البقاء على قيد الحياة. ولكي يردم المسافة بين الصورة وموضوعها، عمد بينغ الى توظيف حوارات مقتضبة، بفضل نصه المكتوب بصرامة الحالة، وكانت أقرب الى زفرات النزع الأخير. في تلك الحفر يبدأ البوح اليسير، هناك نتعرف على ثوري أنتمى الى الحزب الشيوعي في العام 1938 وسجن بسبب معتقده السياسي. ومثله بروفيسور خطيئته زلة لسان، بقوله "دكتاتورية الطبقة العاملة" بدلاً من "دكتاتورية الشعب" حسب التعاليم الماوية. وعلى المنوال نفسه، تتكرر حكايا الآخرين ممن ساقهم حظهم العاثر الى تلك الحفر. وهناك، بعد توزيعهم على عنابر مرقمة بعناية، هكذا يبدأ الشريط، تصبح معركة البقاء على قيد الحياة رديفاً للموت. مواجهة محسومة سلفاً. لا فرق بين جرة قلم او وشاية، فقد شطبوا هؤلاء بسبب "يمينيتهم" من سجلات الأحياء بقرار سياسي. ولكونها معركة بقاء، يصبح تأمين المأكل عنوانها. إذ ان وجبة صحن الحساء الساخن، خليط من ماء مغلي وبقايا حبوب بالكاد يعثر عليها، لا يسد رمق هؤلاء الأحياء الأموات. وبالتالي يصبح البحث عن البدائل الغذائية ديدن اليوم. شرطاً أخلاقياً قاسياً يلغي التبطر من قاموسه. ما يدفع البعض الى أصطياد الفئران، وآخر ينبش بقايا قيئ عله يعثر عن حبة صالحة للأكل، او سرقة الملابس من أجل مبادلتها بمواد غذائية، نهش جثث من ماتوا حديثاً. كانت تلك المشاهد من أقسى مقاطع الشريط. بالمقابل، وكما يتابع الشريط وبشكل صارخ، ينعم المسؤول الحزبي بدفء مكتبه وطبق الماكرونة الساخن. إلا ان بينغ يكسر تلك اليوميات، وعبر الإنفتاح على العالم الخارجي. ومن خلال رسالة يكتبها أحد نزلاء تلك الحفر يطالب شقيقه بإرسال مواد غذائية. وظهور زوجة أحدهم لتسقط أخبار زوجها الذي وافته المنية قبل مجيئها، ما يدفعها للبحث عنه وسط مقابر لا شواخص لها في عرى صحراء غوبي. والقرار المفاجئ بتوفير الغذاء قبيل إطلاق سراح من بقي على قيد الحياة. ولكي يختم بينغ شريطه، فيُظهر مسؤول المعسكر يكلف أحد الناجين حزبياً بالبقاء.

شريط "الحفرة"( إنتاج صيني فرنسي بلجيكي مشترك)، إدانة سينمائية وأخلاقية لقرار سياسي جرد بشراً من إنسانيتهم وكرامتهم وظلت قصصهم وعذاباتهم طي التحفظ. لذا أعاد بينغ وقائع مغيبة عن عالم السينما، وأهدى شريطه الى أرواح من حصدهم الموت. ومثلما تحفظت لجنة تحكيم مهرجان فينسيا الأخير، ترأسها كوينتن تارانتينو، على هذا العمل وعبر إختيارها لشريط "في مكان ما" لصوفيا كوبولا، وكللتها بأسد ذهبي. فان لجنة تحكيم مهرجان أبو ظبي للافلام الطويلة، هي الأخرى، لم تنصفه رغم انها منحت شريط "أرواح صامتة" للروسي أليكسي فيدروتشينكو جائزة "اللؤلؤة السوداء" لفئة أفضل فيلم وقدرها 100 ألف دولار أمريكي وباستحقاق. في عرضه الأول في مهرجان فينسيا، الدورة السابعة والستين، لم تجازف لجنة التحكيم بفتح معركة سياسية عنوانها حقوق الإنسان مع دولة عملاقة مثل الصين. و كان بالإمكان تعويضه في مهرجان أبو ظبي بطريقة تنصف كاميرا وجهد مخرجه.

المدى العراقية في

25/11/2010

 

عرش الدم لكوروساوا من السينما الى المسرح

ترجمة:نجاح الجبيلي 

إن تحويل فيلم "عرش الدم" لأكيرا كوروساوا المعد عن مسرحية "مكبث" لشكسبير إلى مسرحية ربما يبدو فكرة غريبة في الظاهر. فاستخفاف الفيلم بالحوار الذي لا علاقة له بنص شكسبير ووجود العديد من الصور المؤثرة – الطبيعة الموحشة التي يحجبها الضباب والقلعة الضخمة ومئات الجنود على صهوات الجياد – يجعل من المستحيل عملياً إعادة عرضه على المسرح

لكن مثل هذه العقبات لم تمنع المخرج "بنغ تشونغ" من تقديم فيلم كوروساوا الكلاسيكي على المسرح فقد افتتحت المسرحية المعدة عن الفيلم في أكاديمية بروكلين للموسيقى بعد عرضها لمدة ثلاثة أشهر في مهرجان شكسبير في ولاية أوريغون. والسيد تشونغ، الذي أدمج عناصر من الفيلم في مقطوعاته المسرحية، كان مسحوراً في تجربة نقل العمل من وسط إلى آخر.

يقول المخرج أن هناك أمراً واحدا كان يروق له هو أن الفيلم فيه الكثير من الحركة دون كلمات. ويضيف:" ثمة شعور أن الفيلم صامت تقريباً. أما عملي ففيه الكثير من الرقصات وهذا يتيح لي أن أعبر عن العاطفة من خلال الجسد عن طريق استعمال الكثير من الحركة".    في الفيلم الذي صنع بعد 12 سنة من نهاية الحرب العالمية الثانية نقل كوروساوا "مكبث" إلى اليابان أثناء الفترة الإقطاعية. ونسخته من القصة أكثر إعتاما وفنتازية من نسخة شكسبير مع بناء دائري يوحي بأن العنف الإنساني هو ذو طبيعة دائرية غير منتهية. يقول السيد "تشونغ" مستذكراً القصة:" إنه كابوس متكرر وفي الوقت المناسب تماماً". 

على الرغم من أن عمل تشونغ غالباً ما يتعامل شخصيا مع المواضيع القاتمة– فقد قام بصنع مسرحية تسجيلية  من قصص أطفال الحرب المهاجرين- إلا أنه مبتهج ومسرف في العاطفة. يبلغ من العمر 64 سنة بشعر رمادي محلوق ونظارات وقد كان شخصية رئيسة في طليعة نيويورك منذ السبعينيات. وهو ابن مهاجرين صينيين كانا مخرجين وممثلين في أوبرا "كانتونيس" ودرس السينما في مدرسة الفنون البصرية. ثم رقص عدة سنوات مع مريديث مونك التي تعاونت معه أيضا قبل أن يبدأ بإخراج مسرحياته ذات الوسائط المتعددة. لقد فكر في هذا المشروع لعدة سنوات لكن الفرصة لم تتح إلى أن دعاه المدير الفني لمهرجان شكسبير في أوريغون عام 2007 لإخراج عمل مسرحي هناك.

وحين اقترح تشونغ "عرش الدم" أثار ذلك اهتمام السيد راوخ لا بسبب ارتباطه بشكسبير فحسب، بل أيضاَ لأن فيلم كوروساوا يمتح بشدة من مسرح النو الكلاسيكي الياباني وكان السيد راوخ متشوقاً إلى جلب التقاليد المسرحية غير الغربية إلى المهرجان. وحين وافقت أكاديمية بروكلين للموسيقى،التي قدمت أعمال تشونغ منذ الثمانينيات، تم إنجاز المشروع.  

وكان شرط السيد تشونغ الوحيد والذي تم الاتفاق عليه تماماً هو أن يوجد في العمل ممثل آسيوي كأحد الأدوار الرئيسة وهو أما "واشيزو" (الذي يؤدي دور مكبث) أو زوجته "الليدي آساجي". وفي زيارته الأولى إلى المهرجان رأى ممثلاً فكر بأنه مؤهل تماماً لدور "واشيزو" وهو كيفن كنيرلي، ممثل زنجي مكتنز قوي يتحرك برقة الراقص. وبقي تحدي العثور على ممثلة كي تؤدي دور الليدي أساجي وهي الشخصية المتأثرة بتقاليد مسرح النو. في العديد من المشاهد مع "واشيزو"يجلس جامدا تماماً متحدثا بهدوء وهو يصنع حركة شعائرية عرضية.  

يقول تشونغ:" بالنسبة لي فإنه مناسب لدور "أياغو" أكثر من دور "مكبث" لأنك لا تعرف ما حافز تلك الشخصية مطلقاً، إنها غامضة". 

وفي تجارب الأداء في نيويورك وجد ممثلة يابانية اسمها "آكو" تتدرب على رقص "الكابوكي" وكانت العديد من الأدوار النسائية في مسرح تاكارازوكا قبل الانتقال إلى الولايات المتحدة في بواكير الثمانينيات. و"آكو" ملتزمة تماماً في اداء شخصيتها المضادة في الفيلم. ولكن كما أوضحت في مقابلة في أوريغون بعد فترة قصيرة من افتتاح المسرحية هناك فقد أدمجت عناصر من مسرح الكابوكي أكثر من مسرح النو في أدائها المسرحي.

تقول أن "الفيلم في غاية الحميمية لهذا فإن جمود النو والأمور الداخلية التي تحدث تستطيع أن تراها لأن الكاميرا قريبة جدا وأما في المسرح فعليك أن تتوسع قليلاً".ً

وأصبحت "آكو" مصدراً مهماً في الشركة وهي تعلّم أعضاءها كيفية نطق سطور محددة من اليابانية وكيفية الانتقال والمشي بأسلوب مسرح النو التقليدي. أما مدرب الحركة في المهرجان "دوريل بلوم" واستاذ الأكيدو فهو أيضاً يتعاون بطريقة واعية.

وكان للمؤلف الموسيقي ومصمم الصوت تود بارتون اهتمام  طويل الأمد في الموسيقى اليابانية التقليدية ووضع موسيقى فيها آلات يابانية تقليدية وإنشاد لمسرح النو إضافة إلى مؤثرات صوتية من دوي حوافر الخيول إلى حفيف السهام التي تقتل في النهاية "واشيزو". أما مصممة الأزياء ستيفاني مار التي لها خلفية في الفنون البصرية فقد صنعت أزياء مدرعة غريبة لـ"واشيزو" وبقية محاربي الساموراي.

يعتقد السيد "تشونغ" بأن المسرحية كانت وفية للفيلم على الرغم من انه اعترف بأنه ربما جعل من "واشيزو" شخصية تحمل الكثير من العاطفة. ويضيف:"الفيلم يجعل من كل شخص مثالاً" ولم يكن يعتقد بأن المسرحية كانت "تسوية كي يمنحهما دفئاً أكثر".

وقد نال العمل المسرحي مراجعات إيجابية في أوريغون لكن بالنسبة للسيد تشونغ فإن المراجعة المهمة جاءت من زائر في ليلة الافتتاح وهو "ماساهيكو كومادا" الذي عمل قريباً من كوروساوا في العديد من الأفلام.

يقول السيد تشونغ وهو يستذكر ما دار في المقابلة في نيويورك:" قال لي :"اعتقد أني على وشك أن أرى مجرد شخص ما يعمل ما هو خاص به ولا يحترم الفيلم. وقال:" إذا ما كان كورواساوا حياً فسيكون سعيداً بما عملته" وكان ذلك شهادة شرف بالنسبة لي".

المدى العراقية في

25/11/2010

 

 

رحيل دينو دي لورينتيس.. أفلام عالمية شهيرة ارتبطت باسمه

ابتسام عبد الله 

دينو دي لورينتيس، المنتج الايطالي، ودع الحياة في الحادي عشر من هذا الشهر عن عمر 91 سنة ومن أشهر الأفلام التي قدمها، تلك التي بدأ فيها فيدريكو فيلليني، والى أفلام أخرى ومنها،"العقرب" و"أمنية الموت"، وإعادة إنتاج فيلم،"كينغ كونك"، عام 1976.

وتعود شهرة دي لورينتيس إلى الأفلام الايطالية التي أنتجت بعد الحرب العالمية الثانية، فمئات الأفلام التي قدمها تتناول مجموعة متعددة من الموضوعات والأساليب الفنية، وكان إطارها المشترك، ما عرف " بالموجة الايطالية الجديدة"، والتي حقق البعض منها نجاحاً عالمياً ساحقاً" الرز المرّ"، 1949 بطولة سلفانا مانغانو، ثم "الطريق" لفلليني 1954، و" ليالي كابيريا،1957، اللذين فازا بجائزة الأوسكار كما اعتبر فيلمه،" القطيفة الخضراء" عام 1980، من أفضل أعمال المخرج ديفيد لينج. وفي عام 2001، منح دي لورينتيس، جائزة ثالبيرغ التذكارية لمجمل انجازاته.

ولكن دي لورينتيس، في بعض مراحل حياته استدار نحو الأفلام الترفيهية التي تلقى رواجاً ومنها فيلم،" غولياث والفامبايرز"، 1961،"وباربارللا" إخراج روجيه فاديم.

وصرح دي لورنتيس لمجلة،"كيو" عام 1962، "ان فشل فيلم ما، فأنا المسؤول عن ذلك، وإن حقق النجاح فهو نتيجة عمل مشترك ما بين الممثلين والمخرج والكاتب والمصممين الفنيين، وكافة العاملين الآخرين، ما عدا المنتج. هذه حقيقة واضحة، وأنا لا أشكو منها.

وكان دي لورنتيس، من أوائل المنتجين الأوروبيين الذي أدرك حيوية الإنتاج العالمي المشترك. ففي أوائل الخمسينيات، عندما واجهت هوليوود مشكلة قرار وزارة العدل ضد الاحتكار، بدأ الممثلون الكبار في البحث عن منتجين مستقلين، كما استدارت الاستوديوهات نحوهم أيضاً من اجل مواصلة الإنتاج وتوزيع الأفلام.

وقد استدعى دي لورنتس أنطوني كوين الى روما لتمثيل بطولة،"الطريق، ثم منح بطولة،"يوليسيس لكيرك دوغلاس، الفيلم الذي أخرجه الايطالي ماريو كاميرريني بمساعدة ماريو بافا.

كما تعاون ديلورينتيس مع شركات كبرى في هوليوود، عبر اتفاق لاستغلال نجومها المعروفين وقيامه بمنح أجورهم، مقابل استخدام تقنياتها واجهزتها. وهكذا، قدم للعالم فيلم "حرب وسلام" بطولة هنري فوندا واودري هيبورن، عام 1956، وفيلم،"عصر الغضب" بطولة انطوني بيركينز- 1958 وخمس نساء لبرانديد" لفيرا مايلز وفان هيلفين- 1960،. وكانت النتيجة نجاحاً باهراً، إذ تم إخراج الفيلم الواحد باستخدام عدة لغات، عن طريق الدبلجة، ثم وزع عالمياً.

وفي ذلك الوقت نفسه، واصل دي لورينتيس تقديم أفلامه الأخرى للسوق الايطالية، ومنها فيلم عن الكوميدي،توتو، وكان من أوائل الأفلام الايطالية الملونة، عام 1952 ولكن امبراطورية دي لورينتيس بدأت تتهاوى في عام 1965، عندما أصدرت الحكومة الايطالية الاشتراكية تعليمات صارمة فيما يخص السينما الايطالية، فانتقل إثر عدد من المشاكل المالية الى نيويورك. وهناك أقام مكتباً بعنوان،"صناعة الخليج والغرب"، والتي كانت  ضمن نطاق شركة كولومبيا.

وفي نيويورك بدأ دي لورينتيس سلسلة من الانتاجات المعروفة ومنها،"العقرب"- 1973 ، "أمنية الموت"- 1974،" أيام الكوندور الثلاثة" 1975-1976، وفيلم (جون وين) الأخير،(الرامي) 1976، وفيلم جون غوليرتين ذو الميزانية الضخمة (كينغ كونغ) ولكن ذلك النجاح تحول بعدئذ إلى فشل مع أفلامه التالية ومنها،"ملك الغجر" و"العاصفة"، مما اضطره إلى التخلي عن الإنتاج بل وحتى بيع حقوق أفلامه من اجل توفير ميزانية مشاريعه اللاحقة: فندق كبير، واستديو في كارولاينا الشمالية. كما انه واصل إنتاج عدد من الأفلام عن قتلة بالجملة، حتى قدم فيلماً جيداً عن هذا الموضوع. وكان،" صمت الحملان"، بطولة انطوني هوبكنز. وقد ولد دي لورينتيس في نابولي عام 1914. ولديه أربعة أبناء من زوجته الأولى سيلفانا مانغانو.
وبعد وفاتها عام 1989، تزوج المنتجة الأمريكية مارثا شوماخر.

 عن/ النيويوركn تايمز

المدى العراقية في

25/11/2010

 

أسئلة قاسية خلف حركة الروح

حسين السلمان 

1

كثيراً مايختفي إبداع كبير عن المشاهد السينمائي بفعل الطرق التنظيمية للسينما، فهناك عدد من الطاقات الأساس في صناعة الفيلم لايعرف عنهم إلا القليل نسبة إلى الانجاز الإبداعي الرائع الذي يقدمونه من خلال العملية الإبداعية السينمائية ، ومن ضمن هذا الحاضر ـ الغائب يقف المخرج السينمائي في مقدمتهم ، وهذا مانطلق عليه تسمية إبداع ما وراء الشاشة.

بمثل هذا الفهم يطل علينا الناقد السينمائي (إبراهيم العريس) بكتابـــــــه الجديدـ القديم الذي يحمل عنوان(ما وراء الشاشة)،ليضعنا أمام مجموعة مختارة من المخرجين السينمائيين الذين أحدثوا صدمات إبداعية قلبت تاريخ السينما رأساً على عقب شكلاً ومضموناً مثل اورسون ويلز،ايليا كازان، تروفو، تاركوفسكي والكثير منهم، واجد إن هذا مناسب جداً للكتابة عن تاركوفسكي.

السينما قصيدة

(عندما اكتشفت أول أفلام تاركوفسكي كان الأمر بالنسبة لي أشبه بمعجزة حقيقية.لقد رأيت نفسي فجأة أمام باب غرفة كان ينقصني مفتاحها كنت أرغب دائماً في دخولها..)هذا طيب الكلام لواحد من أكبر السينمائيين في القرن العشرين انه انغمار برغمان، وفعلا هكذا هو تاركوفسكي الذي خلق سينما لايمكن أن تشبهها بسينما أخرى، فارتقى بها إلى الشاعرية- الصوفية لطالب المعهد العالي للسينما في موسكو وليكون أحد طلبة كبار السينمائيين السوفيت وعلى رأسهم ميخائيل روم.

رغم كلى تلك التأثيرات تظل سينما تاركوفسكي مرتبطة به مباشرة،بروحه،بتكوينه،بأحلامه وبذكرياته ، انه يغرق في الشعر كما يغرق في الموسيقى، لقد كان التعصب لها قادم من خطى الأب الشاعر المعروف آرسيني تاركوفسكي على الرغم من انه فقد أبيه وهو في الثالثة من عمره. ويرى العريس إن تاركوفسكي كان وبعد كل شيء روسيا حتى أعمق أعماقه، روسيا بالمعنى الشاعري والتاريخي والمزاجي، لا بالمعنى السياسي. انه يعرف تماماً كيف يستحوذ على الموضوع ويعيد تكوينه نافخاً فيه روحه الخاصة بشكل يجعل الشخصيات الأساسية والتي يتمحور الفيلم حولها أجزاء من شخصيته.

2

بدأت مشاكل تاركوفسكي مع السلطة بعد فيلمه(اندريه روبليف) وطبقاً لمقولة(دوستويفسكي ) في الشياطين إن" الشعب هو الذي يحمل الله في أعماقه التي لم تقبل بها السلطة السوفيتية " التي كانت نوعاً ما راضية عنه بسبب فوز فيلمه(طفولة ايفان)في مهرجان فينيسيا(البندقية)عام 1962 ، وقد دافع عنه جان بول سارتر في مقال نشره في جريدة الحزب الشيوعي الايطالي(اونيتا) بعد تعرضه إلى هجوم من قبل النقاد الفرنسيين.

ويقول العريس:يمكن اعتبار(اندريه روبليف)شبه سيرة ذاتية لتاركوفسكي،على الرغم إن الأول عاش قبل أكثر من أربعة قرون ،وروبليف شخصية تاريخية عرف بكونه واحداً من أعظم رسامي الأيقونات في زمنه، كما انه قام بتزيين العديد من الكاتدرائيات، وقد قال تاركوفسكي عن فيلمه الذي كان الشعر قد أصبح جزء أساسياً من دوافعه التعبيرية بواسطة السينما: انه فيلم عن مشروعية الفن في عالم ينحدر نحو الشر،كلما ازداد الشر استشراء في هذا العالم،كلما تضاعفت الأسباب التي يجب أن تدفعنا إلى ممارسة كل ما هو جميل، صحيح إن الأمر يزداد صعوبة مع تفاقم الشر، لكنه يصبح أكثر ضرورة) .

وفي موقع آخر من الكتاب يتم الحديث عن تجربة تاركوفسكي مع الماضي المطلق إلى المستقبل، حيث يستند المخرج إلى رواية خيال علمي مقروء ومعروف على نطاق واسع في الاتحاد السوفيتي . وقد أكد لنا المخرج عبر تلك المغامرات الخيالية إن" هدف رحلة كيلفن إلى كوكب سولاريس لها هدف واحد وهو البرهان على أن حب الآخر ضروري للحياة، والإنسان من دون حب ليس إنساناً.الإنسانية ليست شيئا آخر غير الحب.

وهكذا تظل الذاتية عميقة ونبيلة في اغلب أفلامه:المرأة ،ستالكر،نوستالغيا،الذي حققه في ايطاليا والقربان الذي حققه في السويد.وعلى الرغم من كل تلك الغربة القاسية كان تاركوفسكي يطمح إلى أن يظل خيطاً ممسكاً بالنسيج الروسي، كما يشير العريس،لكن الأقدار شاءت غير ذلك،فالتطلعات الذاتية المطلقة تتناقض مع تطلعات المجتمع حسب بوندارتشوك سيد السينما السوفيتية آنذاك.

الصباح العراقية في

24/11/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)