حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

يُعدها النقاد "أودري هيبورن" الجديدة

كاري موليغان: طريق النجومية محفوف بالصعوبات

إعداد: محمد هاني عطوي

عندما ظهرت الممثلة الصاعدة كاري موليغان في فيلم “an education” أو “تعليم”، بدت متألقة جداً إلى درجة أن النقاد  شبهوها بالممثلة الأنجلو  هولندية وأيقونة الموضة ورمز الإنسانية بصفتها ناشطة في المجال الإنساني، أودري هيبورن . واليوم تبدو كاري موليغان التي تظهر في فيلم “وول ستريت” كابنة لمايكل دوغلاس، متألقة بشكل أكبر، ويسميها النقاد النجمة الصاعدة في سماء هوليوود .

كاري موليغان هي ممثلة بريطانية تبلغ من العمر 25 سنة وحاصلة على جائزة “الجولدن غلوب” و”البافتا” (سيزار) ومرشحة للحصول على جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم “an education” أو “تعليم” وشاركت في فيلم “وول ستريت” (الجزء الثاني) بعنوان “المال لا ينام أبداً”، ومن الواضح جداً أن أوليفر ستون، مخرج الفيلم عرف من يختار ليلعب دور ابنة غوردون جيكو “مايكل دوغلاس” في “وول ستريت”، فممثلة صاعدة شابة حاصلة على كل تلك الجوائز، مؤهلة بما لا يدع مجالاً للشك كي تؤدي دورها بحرفية وإتقان أمام دوغلاس .

وفي مقابلة أجرتها معها مجلة “إيل” الفرنسية تحدثت كاري عن سبب تألقها السريع وهي لم تصور الكثير من الأفلام، وفيما يلي ما جاء في الحوار .

·         ما سبب تألقك بسرعة ولم تقومي بعد ببطولة الكثير من الأفلام؟

- الحقيقة أن فيلم “آن اديوكيشين” الذي كان عنوانه قبل ذلك “Sunset bou levard” وهو من إخراج لون شيرفيج وسيناريو نايك هورنبي، كان له وقع كبير في مسيرتي الفنية، ولاشك أن صغر سني وملامحي الطفولية أسهما إلى حد كبير في تمكيني من أداء دور فتاة مراهقة لا يتجاوز عمرها السادسة عشرة، علماً أن عمري وقت القيام بهذا الدور كان لا يتجاوز العشرين . ولقد مثلت الدور أمام رجل مهنته النصب والاحتيال وأكبر مني سناً ومتزوج ويعيش حياة مستهترة ماجنة .

·         هذا الفيلم تدور أحداثه في ستينيات القرن الماضي، ولقد اجمع النقاد على أنك خليفة الأيقونة أودري هيبورن، فهل هذا الأمر يخيفك أم يزيدك إصراراً على النجاح والكفاح؟

- بالطبع هذا الأمر يزيدني فخراً ويحفزني كي أبلغ تلك الدرجة التي بلغتها ممثلة شهيرة وأيقونة مثل أودري هيبورن، ولكن ذلك يحمّلني مسؤولية كبيرة ويشعرني بأنه عليّ إثبات هذه المقولة، فالطريق أمامي مازال طويلاً ومحفوفاً بالصعوبات .

·         المعروف عنك أنك عنيدة وإذا كانت هناك فكرة تشغلك فلا ينام لك جفن؟

- هذه مسألة تتعلق بشخصيتي فأنا مخلوقة هكذا، لا أستسلم بسهولة ولا أتخلى عن فكرة تدور في رأسي، فعندما كانت سني لا تتجاوز السادسة أردت الصعود إلى خشبة المسرح في المدرسة لأمثل مسرحية “الملك وأنا” التي كان يقوم بتمثيلها أخي، وعندما شاهدته لم أتراجع حتى أصعدني المخرج إلى المسرح وسمح لي بمتابعة البروفات والمشاركة فيها، والحقيقة أنه منذ ذلك اليوم أصبحت مسألة الصعود إلى المسرح أو التمثيل في السينما بمنزلة الهوس الحقيقي لدي، لأنني لم أفكر يوماً بعمل شيء آخر سوى ذلك، وأنا أعدّ نفسي محظوظة لأن الفرصة أتيحت لي كي أعرف منذ بداية الطريق أين يجب أن أضع أولى خطواتي في حياتي .

·         يقال إن والديك لم يكونا متحمسين كي تعملي في مجال الفن، هل هذا صحيح؟

- والداي مثل كل أب وأم يخافان على ابنتهما من الانزلاق في مهاوي الفن التي لا تخفى على أحد، ومن حسن حظي أنني كنت مدعومة بقوة من قبل الممثل والمخرج الشهير كينث تشارلز براناغ الذي مثّل وأخرج العديد من مسرحيات شكسبير، وفي سن السادسة عشرة كنت لا أعرف أي شخص في هذا المضمار، وأردت بأي طريقة الدخول في عالمه، ولذا قمت بكل بساطة بالكتابة إلى كينث تشارلز براناغ بعدما شاهدت له مسرحية هنري الخامس، وأعلنت له شغفي بالفن والتمثيل طالبة نصائحه، وبالفعل تأثر براناغ بالرسالة، لاسيما أنها صادرة عن فتاة مراهقة وأجابني: “إذا كنت متعلقة بهذه الطريقة بهذه المهنة، فما عليك إلا أن تبدئي بقوة، ولاشك أنك ستحققين نتائح مبهرة” .

·         يبدو أن أوليفر ستون تبع حدسه واتصل بك قبل أن ينتهي من قراءة سيناريو الفيلم “وول ستريت”؟

- هذا صحيح، فلقد اتصل بي وأخبرني أنه يريدني أن أؤدي دوراً معيناً ويريد أن يراني في لوس أنجلوس، وعندما وصلت شرعت في قراءة السيناريو للدور الذي حدثني عنه، إلى درجة أن كل شيء مر بسرعة من دون أن أدرك ذلك، وبدأت الأفكار تدور في رأسي وكنت قلقة للغاية وأحدث نفسي فيما لو لم أعجبه.

·         لكن من الواضح أن المخرج ستون كان معجباً جداً بك وكذلك الحال بالنسبة إلى مايكل دوغلاس الذي ثمن حرفيتك العالية في أداء الدور، فكيف تلقيت ذلك؟

-  طوال الفيلم كنت الفتاة “الابنة” التي تهرب من أبيها، لأنها ترى فيه أساس كل المصائب، وبما أن التوافق كان تاماً بيني وبين مايكل دوغلاس، فقد قررنا ألا نوجه الكلام إلى بعضنا بعضاً خارج إطار الكاميرا، للحفاظ على مشاهد التوتر بيننا وشد انتباه المشاهد بقوة .

·         يقال إن ذهابك إلى هوليوود كان من أجل وارن بيتي الممثل والمخرج والمنتج الأمريكي المعروف، فهل أسدى لك نصائح استفدت  منها؟

- قابلت المبدع وارن بيتي في مهرجان الفيلم في مدينة “صان دانس” بولاية يومينغ الأمريكية، وحدث بيننا تجاذب من اللقاء الأول، وعندما زرت لوس أنجلوس للمرة الأولى كان ذلك بدعوة منه، والحقيقة أنني أسميته “عمي الأمريكي”، لأنه قدم لي نصائح ثمينة وكانت بمرتبة القلادة التي سأعلقها دائماً في رقبتي، كما أنني عثرت في مدينة الملائكة “لوس أنجلوس”، على أخوات كبيرات مثل كيرا كينغتلي وهي صديقة وزميلة مقربة مني جداً، ومكنني ذلك أيضاً من لعب بعض الأدوار في بعض الأفلام مثل “كبرياء وإجحاف” لجو رايت، و”لا تتركني أذهب” لمارك رومانك المقتبس عن البيست سيلر للمؤلف كازيو إيشيجوري الذي سيظهر في العام 2011 المقبل . ومن اللقاءات التي أعتز بها لقائي مع الممثلة الإنجليزية كريستين سكوت توماس التي صفقوا لي ولها في برودواي “شارع المسارح في نيويورك” عن فيلم “النورس” لتشيكوف، والحقيقة أن كريستين استطاعت أن تجد الكلمات المناسبة كي تدعمني وتقوي ثقتي بنفسي في تلك المناسبة، وكذلك كان الحال مع الممثلة الأمريكية سوزان سارندون التي تعدّ شريكتي الوحيدة كأنثى في فيلم “وول ستريت” (الجزء الثاني)، ومن حسن حظي أنها كانت إلى جانبي، فأثناء تصوير هذا الفيلم “الذكوري” كانت موجودة دائماً إلى جانبي كي تعزز ثقتي بنفسي وتخرجني من هذا الجو الذي يهيمن عليه الرجال .

·         لكن يبدو أن هذا الجو الذكوري منحك الفرصة كي تتعرفي إلى نصفك الثاني وهو الممثل الأمريكي شيا لابوف؟

- الحقيقة لم أكن أعلم أن الحظ سيقودني إلى هنا لأقع في حب بطل مسلسل “ترانسفورميرز” وآخر فيلم لأنديانا جونز،  وفي حياتي دائماً يوجد قبل وبعد، ولذا نصحني مايكل دوغلاس بعدم إقامة علاقة مرحلية مع شيا لابوف إلا بعد الانتهاء من العمل في “وول ستريت”، ففي السينما لا شيء يدوم حسب قوله.

الخليج الإماراتية في

17/11/2010

 

اعتذر عن 'شيخ العرب همام' لأنه قدم أدوارا شبيهة له

أحمد رزق: تخلصت بسرعة من شخصية سعد في 'العار'

القاهرة ـ 'القدس العربي' - من محمد عاطف:  

تعرض مسلسل 'العار' لانتقادات شديدة، خاصة قبل عرضه في رمضان الماضي، كيف استقبل ذلك الفنان أحمد رزق احد أبطاله، وكيف تخلص من شخصية 'سعد' بالمسلسل وأصعب مشاهده به، ولماذا اعتذر عن مسلسل 'شيخ العرب همام' بطولة يحيى الفخراني، واتجاهه للظهور كضيف شرف بمسلسل 'عايزة اتجوز' وهل مسرحية 'سكر هانم' مستمرة أم توقفت، وتجربته مع النجم عادل إمام في الفيلم الجديد 'زهايمر'.

·         النقد الذي تعرض له مسلسل 'العار' هل أعجبك؟

* ظهرت انتقادات عنيفة للمسلسل قبل عرضه وهو أمر عجيب، كيف تنتقد عملا فنيا قبل مشاهدته، وبعد العرض هؤلاء اختفوا تماما وظهر النقد الحقيقي.

·         هل لازمتك الشخصية التي قدمتها في العار بعد انتهاء التصوير؟

* هذا الدور تخلصت منه فور التصوير، وكان أصعب مشهد قتل الزوجة وهي حامل وتأثرت به، وبعد انتهاء تصويره جلست على مقعد وحاولت القيام للذهاب إلى المونيتور لأشاهد ما تم تصويره لم استطع الوقوف على قدمي، وجاء تصوير المشهد بشكل مختلف تماما، حيث طلبت مني المخرجة شيرين عادل ان أتعامل بحرية تماما في هذا المشهد ولا التزم بحركة الكاميرا، وجلست المخرجة بنفسها على المونتاج لالتقاط المشهد بأعلى حرفية وتابعتني الكاميرات من كل ناحية.

·         لماذا اعتذرت عن مسلسل 'شيخ العرب همام'؟

* عرض عليَّ دور الشيخ سلام وجلست مع المخرج حسني صالح وقلت له انني عملت دورا شبيها له في بداياتي بمسلسل 'الرجل الآخر' وأيضا في مسلسل 'التوربيني' وان هذا الدور يحتاج لممثل جديد ليستفيد وهو ما حدث مع الممثل مدحت إسماعيل الذي قدمه بأسلوب متميز.

·         لماذا حلقة واحدة في مسلسل 'عايزة اتجوز'؟

* لأنني صديق هند صبري وهي مرتبطة بأسرتي وكذلك المخرج رامي إمام، وظهرت فيها كنوع كوميدي لابتعادي عن هذا اللون في رمضان، خاصة ان العار ليست به كوميديا، لذا وجدت ظهوري في حلقة واحدة كوميدية تعد توازنا أمام جمهوري، وظهرت بطلا للحلقة اي في قيمتي الفنية، وهذا الأمر منتشر في الخارج وعندنا الآن هذه الثقافة التي تساعد على وجود شكل جديد على الساحة الفنية.

·         مسرحية سكر هانم كانت محددة شهر عرض تم تصويرها تلفزيونيا لماذا استمرت؟

* الحمد لله دخلت المسرحية عامها الثاني ومازالت مطلوبة ووجدنا قبولا من الجمهور، وطالما العرض يحقق نجاحا فنيا وماديا فاستمراره مهم ومطلوب.

·         مسلسل 'فؤش' لماذا هاجموه بعنف؟

* أردت أن أقدم تجربة سيت كوم تضحك لها الناس، مثلا النجم عادل إمام أبدى إعجابه وآخرون لم يعجبهم الدور، والصحف انتقدته بعنف وقالوا انه لا يليق بي، في النهاية الحلقات تجربة جيدة قدمتها للجمهور بأسلوب جديد.

·         كيف وجدت العلاقة مع عادل إمام في 'زهايمر'؟

* قبل التصوير كنت في خوف من التعامل معه لأنني لم أشاركه أي عمل في السابق، لكن أول يوم تصوير دخل غرفتي وأطلق الضحكات والأمور كلها أصبحت أكثر راحة وسعادة، وسعيد جدا بالعمل مع هذا النجم الكبير، وهو إضافة للسينما ولي كممثل، خاصة أن الفيلم يناقش قضية هذا المرض الذي تشير الدراسات الى انه سيكون رقم واحد على العالم عام 2017 ولذا لا بد من التنبه له جيدا، ومما أسعدني أكثر عندما سافرنا للتصوير في لبنان ووجدت شعبية جارفة للنجم عادل إمام جعلتني أشعر بالفخر والزهو لأنه فنان مصري.

القدس العربي في

17/11/2010

 

أدب غادة السمان لأول مرة على الشاشة:

فيلم 'حراس الصمت': صرخة تمرد أنهكتها البدائية الدرامية والفشل الفني!

محمد منصور 

لم يستطع فيلم (حراس الصمت) للمخرج سمير ذكرى، أن يحظى بأكثر من تنويه عابر في مسابقة الفيلم العربي في مهرجان دمشق السينمائي الثامن عشر، الذي اختتم فعالياته مؤخراً، يفيد بضرورة تشجيع المخرجين على استلهام الأدب، وعلى نقل الروايات الجادة إلى الشاشة.

هذه النتيجة التي حصدها (حراس الصمت) على أرضه وفي مهرجان بلده، الذي اعتاد أن ينظر بعين الرضا إلى الأفلام التي تمثل سورية في المسابقة الرسمية للمهرجان، وأن يكافئها لو كان هناك خرم إبرة صغير يمكن أن ينفذ من خلاله لمكافأتها وتشجيعها... أقول هذه النتيجة يمكن أن تشكل المدخل الأفضل للحديث عن الفيلم، من دون أن يسارع أصحاب القلوب الرحيمة لاتهامنا بالتجني والقسوة النقدية.

والحق أنني تعاملت بكثير من الترقب والاهتمام نحو فيلم (حراس الصمت) للمخرج سمير ذكرى، يلح علي أكثر من هاجس.. فكيف ستكون المقاربة الأولى لأدب غادة السمان في السينما السورية، وهي التي لم يلتفت أحد لاستلهام أدبها لا في السينما ولا في التلفزيون من قبل؟ وكيف ستبدو ظلال السيرة الذاتية التي قدمتها غادة عن طفولتها وعن أسرتها وعن طموحها وهي تعيش على صفحات الرواية ما أسمته (شجار العشاق بين صبية ومدينة)؟ وأخيراً ماذا عن المدينة؟ عن دمشق التي نتوق لرؤيتها، ولتشكيل صور من نسيج ذاكرتها وسحر أزمنتها وهي تلقي بظلالها الخالدة على الشاشة؟

سيرة الكاتبة وسيرة المدينة

فيلم (حراس الصمت) مقتبس عن (الرواية المستحيلة- فسيسفاء دمشقية) التي نشرتها غادة السمان عام 1997، وهي أول رواية تدور أحداثها في دمشق التي اغتربت الكاتبة عنها لعقود، كتبت خلالها عددا من المجموعات القصصية وكتب الرحلات والمقالات، وثلاث روايات طويلة، لكنها لسبب أو لآخر، لم تكتب عن دمشق ما يروي حنينها أو يلخص نظرتها إلى المدينة التي لم تكن يوماً مدينة عابرة حتى بالنسبة لمن مروا عابرين بها، فكيف سيكون الحال بالنسبة لأبنائها الذين انتسبوا إليها في التاريخ والجغرافيا والنسب الأدبي والعائلي؟

لا شك أن الجواب سيكون بحجم الحضور الأدبي لدمشق في ذاكرة عشاقها، سواء تسربل هذا الحضور بلغة الحنين الجارف، أو اتخذ نظرة نقدية مختلفة، تعيد رؤية الماضي الذي كان بروح متمردة، تحاول أن تكسر قيود البيئة ومفاهيمها المغلقة. والواقع أن غادة السمان جمعت في روايتها الأمرين معاً، فهي منذ الإهداء الذي صدرت به الرواية تمسك بنبض الحنين إلى المدينة حين تهدي روايتها: (إلى وجوه لا منسية في دمشق أحببتها وحملتها داخل دورتي الدموية وطفت بها الدنيا والأزمنة وظلت كما عرفتها لا تهرم ولا تموت) وهي في اشتباكها مع البيئة والتقاليد والمحيط العائلي تبحث عن دمشق أخرى.. دمشق أكثر انفتاحاً، وأرحب سماء لحلم الطيران والتحليق في الفضاء الذي حملته غادة السمان على الحد الفاصل بين الواقع والحلم، بين الحياة والأدب، وبين رواسب الماضي وطموح الحاضر. ولعل هذه الثنائية مهمة جداً في فهم صورة دمشق في هذه الرواية، وفي الأدب الذي كتبه أبناء دمشق عن مدينتهم على الدوام.. فهو أدب لا يكف عن عشق المدينة والتعلق بها، حتى وهو يحاول أن يتمرد على تقاليدها ويهجو انغلاقها.. وهو يستلهم مادته الدرامية من هذه العلاقة الجدلية التي طالما رأت في دمشق حالة صدامية، لكن فيها الكثير من دفء وتوسل رحم الأم والماضي الذي كان. إلا أنه في رواية غادة التي تبدو جزءاً من سيرة ذاتية موهت بأسماء مستعارة، لا تبدو (الأم) هي صورة الماضي، بل هي حلم المستقبل.. حلم التمرد على المجتمع الذكوري، وكتابة الأدب كنوع من تحقيق الذات، والذي يودي بالأم إلى موت ملتبس بشبهة القتل.. تحاول الكاتبة أن تفك خيوطه الملغزة، فإذا بها ترسم مصير تمردها الذاتي.. أوليس (عفريت الأم) قد تجسد فيها مرة أخرى كما تقول لها عمتها (بوران) الأنثى التي تحرس الصمت الذكوري، بأشد مما يفعل الذكور أنفسهم.

إلى جانب حالة التمرد هذه التي تبدو أشبه بصرخة مشبعة بالقوة والمشاكسة والفكر التنويري الحر.. ثمة دفء طقسي موغل بالتفاصيل في استحضار صورة دمشق كطقس اجتماعي يتداخل فيه الزمان والمكان مع الخلفية التاريخية للأحداث.. ففي الرواية احتفاء بالغ بالبيت الدمشقي بكافة تفاصيله وإكسسواراته.. بصورة البيت الذي يتقلب أهله بين الفقر والغنى ويتظاهرون بأنهم أحسن حالاً مما هم عليه دائماً.

بطقس الموت وغياب الرجل، بأهازيج الألعاب الطفولية، وأغاني الرحلات المدرسية التي تقول ما لا يقال عادة، ثمة استحضار أيضاً لصورة السيران وطقوس حمام النسوان.. لحوادث وأجواء الانتداب، للشهادة التي تغير ذكرى الأشخاص، لفرحة الجلاء.. لألم فلسطين وتشرد اللاجئ الفلسطيني.. ثم لتململ العسكر وهم يصنعون الانقلاب تلو الآخر.. فيما يبدو هذا كله جزءاً من فسيفساء دمشقية يتداخل فيها الخاص بالعام، والألبوم العائلي بألبوم وطن وأيقونة مدينة، تصارع فيها النساء مجتمعاً ذكورياً يبدو جزءاً من هوية مجتمع وبنية تاريخ ومسار موت وحياة.

توجهات السيناريو

للمخرج سمير ذكرى، كاتب سيناريو الفيلم أيضاً، خبرة طويلة في تحويل الأعمال الأدبية إلى أفلام، فقد سبق منذ أن كان طالباً في معهد (فغيك) أن اقتبس قصة لنجيب محفوظ في فيلمه القصير (السكران يغني) ورواية لآرثر هيلي في فيلمه (الضباب). وفي أول أفلامه الروائية الطويلة (حادثة النصف متر) عام 1981 اقتبس قصة لصبري موسى، كما كان قد ساهم في كتابة سيناريو عن رواية حنا مينة (بقايا صور) في الفيلم الذي أخرجه نبيل المالح أواخر السبعينيات، وحول رواية (تراب الغرباء) لفيصل خرتش، إلى فيلم أخرجه بنفسه ليروي سيرة عبد الرحمن الكواكبي عام 1998.. إلا أن هذه الخبرة الطويلة، خانته وهو يعالج رواية غادة السمان الطويلة التي تقع في خمسمئة صفحة من القطع الكبير، والتي يتقاطع فيها السرد المسهب مع المونولوج الداخلي الذي يكرر ما يقوله السرد أحياناً من دون إضافات تذكر.

المشكلة الأساسية التي واجهها سمير ذكرى هي محاولة اختصار الرواية.. ومحاولة الهرب أو (تجنب) الحالات الطقسية التي استهلكتها دراما البيئة الشامية التلفزيونية إلى حد الاجترار. في الاختصار تجنب ذكرى خطوطاً كاملة، وتخلى عن رموز دلالية بالغة الثراء والخصوصية (البومة التي جعلت منها غادة السمان رمزاً للاختلاف والتمرد على معاني التشاؤم والتفاؤل السائدة) لكن كثيرا من مشاهده بدت طويلة ومترهلة الإيقاع بسبب سوية التمثيل الذي اعتمد على وجوه غير معروفة اجتهدت وتفاوت اجتهادها، لكن ذلك فرض نفسه على إيقاع الممثل والمشهد.. وهكذا بعد الاختصار وصلت مدة الفيلم إلى ما يزيد عن ساعتين ونصف الساعة، أما تجنب المخرج للحالات الطقسية فقد كان خياراً له مزاياه وله مضاره أيضاً، لأن غادة السمان لم تستحضر تلك الطقوس في روايتها بشكل تزييني، بل قدمتها في سياق درامي يبرز علاقة البطلة بالشخصيات الأخرى من جهة، وبالبيئة وتقاليدها من جهة أخرى، هكذا خسرنا طقس السيران الدمشقي بأبعاده الاجتماعية الموظفة على أكثر من صعيد في الرواية، خسرنا العلاقة التاريخية مع النهر، مقابل الحضور الإيروتيكي لطقس حمام النسوان، أو طقس الختان.

من الواضح أن الخيار الأساسي لسمير ذكرى كان هو تتبع حكايات النساء في الرواية بشكل أساسي، من خلال إبراز التناقض الصارخ بين عالم البطلة المتمردة (زين) والقصص المشابهة في السياق نفسه، وبين قيم المجتمع الذكوري الموغل في تناقضاته الأخلاقية وهشاشته الداخلية.. ولذلك نجد أن قصة الخادمة (جهينة) قد أخذت حيزاً كبيراً في الفيلم كان بالإمكان أن يكون أكثر كثافة، وكذلك قصة (معزز) التي قتلت في ما يشبه جريمة الشرف، والتي افتتح بها الفيلم، خلافاً لافتتاحية الرواية التي انطلقت من حفل تأبين للأم على مدرج الجامعة السورية... لكن هذا الاهتمام، دفع بصانع الفيلم لإسقاط تفاصيل مهمة، كان يمكن أن تغني بعض الشخصيات... كشخصية العمة بوران، التي استشهد زوجها في حادثة قصف البرلمان في التاسع والعشرين من أيار/مايو عام 1945، ففضلت بذلك أن تكون أرملة شهيد، على أن تكون زوجة ثانية لرجل كان على وشك أن يخون العشرة الطويلة معها، كما جاء في الرواية وما استدعى ذلك من تفاصيل أخرى متألقة درامياً، أو الخط الفلسطيني الذي يمثله شبان لاجئون في محيط العائلة يكتبون مأساة من نوع خاص، في حياة نساء قلقات، أمام رجال يمضون إلى الحرب فوجاً بعد آخر.. إذاً مشى السيناريو محاولاً التخفف من أحمال الرواية الكثيرة، إلا أن ذلك أفقر بعض الشخصيات، وحرم الأجواء العامة من تفاصيل موحية تلامس روح المدينة.

حلول بدائية ومشكلات فنية

كل هذه المشكلات، أي ما كسبه سمير ذكرى من الرواية وما خسره.. كان يمكن أن تتحول إلى تعبير ما عن خصوصية الرؤية التي أراد أن يصوغها تجاه هذه الرواية، لو أنه وفق في كتابة سيناريو محكم، يعيد كتابتها برؤى بصرية جذابة، وإيقاع حار، ولغة فنية تعبر بلا مباشرة، وتختزل بلا ثرثرة، لكن ما قدمه على صعيد السيناريو كان أكثر كارثية من انتقائيته تجاه الرواية، ومن فقر استلهام الطقس الاجتماعي أحياناً.. فالسرد الروائي يتحول في أحيان كثيرة إلى مادة لحديث الشخصيات مع نفسها، في حل بدائي يحيلنا إلى سيناريوهات بعض المسلسلات التلفزيونية الساذجة. والمونولوج الداخلي، يتحول إلى حديث مباشر للكاميرا، تخرج الشخصية عبره من إطارها الروائي، لتذكرنا بأنها ممثلة تتحدث إلى عين الكاميرا، في حل فني أضر كثيراً بجماليات البناء الدرامي للفيلم.. والحوار المكتوب جاء ليكمل هذا كله، حين استغنى عن جماليات الصياغة الأدبية، وراح يبسط المعنى والتعبير بلا بلاغة أو سوية جمالية بديلة.

وإلى جانب هذه المشكلات في بناء السيناريو، نجد مشكلات فنية مخجلة حقاً، يبقى أشدها وقعاً التصوير الرديء الذي يصل إلى حد غياب بؤرة التركيز في بناء اللقطة (الفوكس) وسيطرة الصور الباهتة، وغياب الإضاءة ذات التدرجات اللونية التي يمكن أن تثري عمق المشهد.. ناهيك عن افتقار الفيلم أساساً للقطات جميلة يمكن أن تبقى في ذاكرة مشاهد الفيلم، ولعل اللقطة الجميلة الوحيدة التي استوقفتني كانت لقطة استعراض طابور تحية العلم في المدرسة، إلا أن المخرج سرعان ما بترها! وعلى العموم لم يستطع سمير ذكرى أن يقدم لنا صورة جمالية للبيت الدمشقي، ولا أن يوظف تلك الجماليات بشكل درامي.. كما أن بعض الحلول الإخراجية جاءت خالية من أي منطق بصري مقنع (سقوط معزز من على السطح وهي ما تزال في منتصف سطح البيت) ناهيك عن غياب الإحساس بأهمية الإكسسوار في حياة البيت الدمشقي.. وهو أمر بالغ الثراء والأهمية، وقد أولته الرواية اهتماماً واضحاً، فدلة القهوة لا يمكن أن تكون بهذا الحجم الكبير وبهذه النوعية الرخيصة، في حين كان سائداً استخدام الدلات النحاسية التي كانت تلتمع بين الأيادي على الدوام... والرواية التي تركتها الأم هند، لا يمكن أن تكون مثل (سجل البقال) في حين أن كاتبتها أديبة مرهفة... والأمثلة كثيرة لا يتسع المجال لها.

ومع رداءة التصوير، ثمة استسهال مريع للحلول الإخراجية.. فالزوم إن والزوم الآوت يجعلان السقف الفني للفيلم منخفضاً للغاية، وهما يتكرران بشكل يثير الاستغراب فعلاً، وكأننا أمام أداء مخرج تلفزيوني من الدرجة العاشرة، ولا أدري بأي قناعة فنية استطاع سمير ذكرى أن يقبل بما قدمه له مهندسو أو فنيو الغرافيك من خدع فنية بائسة ورديئة التنفيذ في مجال (الغرافيك) لا يقبل بها حتى صناع مسلسلات الأطفال.. ولا يمكن أن نغفل أخيراً الأداء المتواضع في المونتاج، والقطعات الرديئة التي أكملت مصائب الفيلم الفنية، وأتت على كل ما تبقى من جماليات كان يمكن للمونتاج الجيد أن يحسن ظهورها.

عبثية التحليل

وفي المحصلة يشعر المرء بعبثية تحليل اللغة الفنية في (حراس الصمت) فكل ما في لغته الفنية (باستثناء مشاهد الطيران الجيدة والمنفذة بإتقان) وباستثناء بعض اجتهادات بطلته (نجلاء خمري) أحياناً، ومن قبلها الطفلة كارين قصوعة، والحضور المتوازن لإياد أبو الشامات ورامز الأسود، كل شيء في الفيلم يحلينا إلى زمن يشدنا إلى الوراء، وإلى حالة تراجع وتقهقر تتخلى عن المنجزات السابقة للسينما السورية التي تعيش ـ من خلال إنتاجها- أياماً سوداء بكل معنى الكلمة.. أما في سياق الأفلام التي تناولت دمشق وأرادت استلهام سحرها وخصوصية بيئتها وزمنها، فلا يبدو (حراس الصمت) بأفضل من سابقيه (حسيبة) و(دمشق يا بسمة الحزن) فجميع هذه الأفلام مصنوعة بلا اقتراب حقيقي من بيئة المدينة وبلا فهم عميق لخصوصية البشر، أو تلمس لإنجازات حياتهم وخصوصاً على الصعيد البصري الذي تبدو فيه دمشق متجاوزة بجمالياتها التزيينية والدرامية معاً، كل ما يقدم عنها سينمائياً من رؤى خارجية متقشفة وعابرة!

ناقد فني من سورية

mansoursham@hotmail.com

القدس العربي في

17/11/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)