حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دورة مهرجان لندن السينمائي الرابعة والخمسين تــحفـل بـالمفاجآت

لندن- فيصل عبد الله

"في الكتابة عن أفلام هذا العام وقراءتها، وجدت نفسي مشدودة لفكرة واحدة، كلمة واحدة: ان هذه الأفلام مُلهمة. مُلهمة بسبب المواضيع التي تقاربها، مُلهمة لانها مصنوعة ببراعة أو تستحق المشاهدة، مُلهمة لانها تغامر، مُلهمة لانها تثير الأسئلة، مُلهمة لانها غاضبة او تؤكد الحياة. لانها تجعلنا نحب ونقدر فن ومهنة السينما، وهل ثمة أجمل من ذلك؟".

لم تتصنع ساندرا هيبرون، المديرة الفنية لمهرجان لندن السينمائي، تلك الكلمات السالفة وهي تقدم فقرات برنامج الدورة الرابعة والخمسين لهذه التظاهرة السينمائية العريقة (13 ولغاية 28 من الشهرالجاري). بل استحضرت أهم الخطوط الفنية العامة لسلسلة عروض هذه السنة، ولمقاربات سينمائية لا تتوقف عند "ثيمة" واحدة عنوانها التنوع. تنوع يجعل من السينما تطأ مناطق وعرة، وترتاد فضاءات واسعة يختلط فيها الواقعي بالمتخيل. فالسينما حسب كلمات آماندا نيفيل، مديرة معهد الفيلم البريطاني، هي "الأوكسجين الذي تتنفس وتتغذى منه الثقافة بشكلها العام". لذا دعت الى "التنفس بعمق لعلك تغير حياتك".

لكن ما لم تذكره هيبرون، وتجنبت الخوض في تفاصيله وحيثياته، هو  قرار حكومة المحافظين القاسي بإلغاء عمل "مجلس الفيلم البريطاني"، ومدى تأثيره على صناعة السينما في بريطانيا. تلك الصناعة التي شهدت تطوراً ونمواً على مدى السنوات العشر الماضية، وكان من ثمارها دعومات مالية وتقنية لتطوير كتابة السيناريو والإنتاج وورش تدريبية لاستعمال الكاميرات الرقمية والأفلام القصيرة والتربوبة والأرشفة وعملية التوزيع. إذ بلغ عدد المشاريع المستفيدة من تلك المساعدات عشرات الأشرطة السينمائية من مختلف الأجناس. صحيح ان الأزمة المالية التي تعيشها هذه الجزيرة، حالها حال بقية دول أوربا الغربية، وعملية التقشف وشد الأحزمة على البطون، قد أصابت مفاصل الحياة الإجتماعية والاقتصادية والثقافية. إلا ان "مجلس الفيلم البريطاني"، تأسس في العام 2000، كان أول ضحايا سياسة حزب المحافظين الجديدة في إعادة هيكلة الاقتصاد، ما يعني إيقاف الدعم الحكومي الذي يصل الى 15 مليون جنيه إسترليني سنوياً، فضلاً عن 26 مليون جنيه إسترليني أخرى ممنوحة من عوائد اليانصيب.

الافتتاح والختام

ما شهدته السنوات القليلة الماضية من شحة إيجاد شريط سينمائي بريطاني مناسب يقع عليه خيار افتتاح مهرجان لندن السينمائي او يكون خاتمته تحقق هذا العام. ولو أضفنا إليهما دزينة أشرطة ضمتها فقرة "السينما البريطانية الجديدة"، تكون السينما البريطانية قد حققت حضورها القوي في هذه الإحتفالية. وعليه سيكون الإفتتاح من نصيب شريط "لا تدعني أذهب أبداً" لمارك رومانيك، وبطولة النجمة  الصاعدة كيرا نايتلي (قراصنة الكاريبي)، والمقتبس عن رواية الياباني الأصل والبريطاني الجنسية كازو أيشيغورو تحمل الإسم نفسه. إذ ما ان إستعارت السينما عمل أيشيغورو "بقايا اليوم" (بوكر باريز 1989)، حتى فتحت الشهية لاقتباسات جديدة، ومنها عمله الأخير الذي حقق مبيعات هائلة وثناء نقدياً كبيراً. وعبره نتابع ما بقي عالقاً في ذهن شابة من أيام الدراسة الإبتدائية، وشكل الأنظمة التعليمية الصارمة المعمول بها، وحالة العزل عن المحيط الخارجي لتلك المدرسة بحجة ان طلابها هم من "الخاصة". ومثله عمل داني بويل الجديد "127 ساعة" خاتمة هذه التظاهرة السينمائية وبكثير من التوقع، إذ يدعونا صاحب "المليونير المشرد"، الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم 2009، الى تتبع قصة حقيقية احتلت العنوان الرئيس للصفحات الأولى وحبست الأنفاس. ومن خلالها نتابع ما تعرض له آرون رالستون متسلق الجبال الأمريكي بفعل سقوط صخرة عليه تبقيه عالقاً بين الحياة والموت.

فيما يعود البريطاني مايك لي "أسرار وأكاذيب"(1996) في جديده "عام آخر" الى موضوعه الأثير والمتمثل بالعائلة ومعنى الصداقة والعمر. قسم "لي" شريطه الى أربعة فصول وغايته رصد التغييرات الحاصلة لعائلة مكونة من زوجين ولهم أبن يعمل محامياً وتتحلق حولهما شلة من أصدقاء العمر، إلا ان قناعة القبول بتقدم العمر والقبول باحكامه تثير ما لا يتوقعانه من المحيطين بهما، في حين يقارب الأمريكي دارين آرونوفسكي عالم الباليه وأسراره في "البجعة السوداء" ومن بطولة النجمة البريطانية ناتالي بورتمان (تسعة). وليخلص الى ان عالم الباليه لا يختلف عن عالم المصارعة بقسوة تمارينه وخسائره الجسمانية ورضوضه النفسية.

إلا ان لقى هذه الإحتفالية كثيرة، 197 شريطاً سينمائياً طويلاً و 112 شريطاً قصيراً، من بينها 33 شريطاً في عرضها الأوربي الأول و113 في عرضها البريطاني الأول وهناك 23 شريطاً تعرض لأول مرة عالمياً. وبالتالي سيكون الجمهور البريطاني على موعد مع عدد من إشتغالات سينمائية خارجة عن سياقات الكليشيهات الأمريكية. ومنها شريط التايلاندي أبيشابتونغ ويراسيتاكول "العم بونمي الذي يستطيع إستحضار حيواته السابقة"، والفائز بسعفة كان الأخير. ومثله رائعة المكسيكي اليخاندرو غونزاليس "جميل". وشريط المعلم الفرنسي جاك لوك غودار في "فيلم- اشتراكية". وعمل البريطاني كين لوتش "طريق إيرلندي"، وجديد البولندي جيرسي سكوليموفسكي "قتل أساسي" عن أساليب تعذيب أسرى ما يعرف بمحاربة الإرهاب.

قضايا عربية

فيما لو اعتبرنا شريط الفنان التشكيلي والمخرج الأمريكي جوليان شنابل "ميرال"، والمقتبس عن عمل الصحافية رولا جبريل، والذي يروي قصة المعلمة الفلسطينية هند صاحبة مؤسسة "دار الطفل" للأطفال الأيتام والفقراء، وعلاقتها مع ميرال والخيارات الحياتية اللاحقة لتلك الشابة، من ضمن حضور العرب وقضاياهم الى إحتفالية عاصمة الضباب. فان شريط "مايكرفون" للشاب المصري أحمد عبد الله سيكون له التمثيل الرمزي لنتاجات عاصمة السينما العربية، ومن خلال الإنغمار في عالم الموسيقى. بعد سنوات من ترحاله يعود الشاب خالد الى مدينة الإسكندرية، ما يضعه أزاء عالم عنوانه الفوضى وغياب فرص العمل وحلم الهجرة الى بلدان الخليج، السعودية، من أجل تحسين وضعه المالي وترميم علاقته مع أبيه العجوز وعلاقته بمن أحب سابقاً. في حين يعود اللبناني جورج حبشي في "رصاصة طائشة" الى موضوع الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، ومدى تأثراتها الكارثية على النسيج الإجتماعي والحماقات الدموية التي أقترفت وقتها. بالمقابل يحضر عمل الفرنسي أوليفر أساياس الملحمي "كارلوس" (325 دقيقة)، ولنتابع من خلاله صعود نجم الشاب الفينزولي أليش راميريز سانشيز وإنتماءه الى الثورة الفسلطينية في سبعينيات القرن الماضي، مروراً بعمليات الإختطاف، وكان أشهرها أختطاف وزراء النفط في منظمة اوبك في فيينا. عمل أساياس يعيد تشكيل صورة ثوري على طريقته الخاصة، أختلفت في توصيفه التسميات ما بين إرهابي ومناضل طوت قصته المؤرقة، إعتقال في السودان في العام 1996 وسجن فرنسي

المدى العراقية في

07/10/2010

 

خيط رفيع بين آرثر بن وتوني كيرتس

ابتسام عبد الله

ودعت هوليوود في الأسبوع الماضي المخرج الكبير آرثر بن، مخرج فيلم،"بوني وكلايد"، والممثل توني كيرتس. ومن الصدف ان الاثنين ولدا في عام واحد وهو 1925، وتعود أصولهما إلى أسر هاجرت إلى الولايات المتحدة من أوروبا، وعاشا في الأحياء الأمريكية الفقيرة.

ويمكن اعتبار توني كيرتس منتمياً الى الجيل الأخير من الممثلين الذين تعهدتهم استوديوهات هوليوود بالرعاية، ضمن أنظمتها الخاصة. وبالنسبة إليه وقعت شركة يونيفيرسال، عام 1948 عقداً معه، وغير إثر ذلك اسمه من بيرنارد شوارتز الى توني كيرتس، حتى يتهيأ المجال للشركة إعداده وتنظيم الدعاية له في الصحف والمجلات.

أما آرثر بن، فقد جاء إلى السينما متأخراً بعض الشيء، بعد عمله في المسرح والتلفزيون.وبقيت هوليوود، بالنسبة إليه، غريبة، بيئة حاول إصلاحها عبر منهج للتمثيل وتقديم الموضوعات الاجتماعية المهمة.

أما توني كيرتس فكان سعيداً وهو يشق طريقه عبر الأفلام التي اختارتها الشركة له. وفي عام 1957، تمكن من الحصول على دور له في فيلم من إنتاج مستقل وهو "طعم النجاح الحلو"، وحصل عبره على ثناء النقاد التي أشادت بأدائه وموهبته الحقيقية، وقاده ذلك النجاح إلى فيلم "الجريئون"، الذي يتحدث عن حركة الحقوق المدنية، ورشح عندئذ لنيل جائزة الأوسكار كأفضل ممثل.

ولكنه سرعان ما عاد، إثر ذلك النجاح، إلى الأدوار الكوميدية والأفلام الدرامية الخفيفة، التي استغلت وسامته. وفي ذلك الوقت أيضاً، كان آرثر بن يستفيد من دروس السينما الأوروبية الجديدة وحركة المخرجين الجدد: التأكيد على التجارب الشخصية، الصراحة الجنسية، والموضوعات الغريبة والتمرد. وقدم بن تجربته الأولى بفيلم لشركته:ميكي واحد" بالاشتراك مع الممثل وارن بيتي، ولكن فرانسوا تروفو رفض التعامل مع بيتي، فانصرف بن الى فيلم،"بوني وكلايد". وقد تم عرض هذا الفيلم في عام 1967 ، وحقق نجاحاً كبيراً فنياً وجماهيرياً. وبدا وكأن هوليوود قد منحت ولادة لأسلوب الفيلم الأوروبي، المزج بين الجنس والعنف وبشكل لم يشاهد مثله الجمهور الأمريكي من قبل.

وفي أوائل عام 1967، عاد توني كيرتس للعمل مجدداً مع مخرج،"طعم النجاح الحلو" وهو الكسندر ماكيندريك، في فيلم،"بدون أمواج" وقام فيه بدور سائح من نيويورك يسافر الى سواحل ماليبو، ليجد نفسه في بيئة مختلفة. وفي نهاية 1967، حقق كيرتس عبر ذلك الدور على نجاح جديد كممثل في المقدمة.

إن التغيير لا يحصل بين يوم وليلة، حتى في صناعة مثل السينما. ففي عامي 1966 و1967، قدم هوارد  هوكز آخر أفلام الويسترن الكبيرة،"إلدورادو"، بطولة جون وين، روبرت ميتشوم، وفيلم شارلي شابلن الأخير،"كونتيسة من هونك كونك"، وحاول فيه الكوميدي البارز، تطعيم مارلون براندو بحرفته وعبقريته، ولكنه فشل في ذلك.

وغيّر فيلم "بوني وكلايد" المقاييس السينمائية في هوليوود وسحب البساط من تحت أقدام العديد من الممثلين ومنهم توني كيرتس، والذي كان الجمهور سابقاً يذهب إلى أفلامه في الخمسينيات وأوائل الستينيات. لقد تغيّرت هوليوود وفرض فيلم،"بوني وكلايد"، مقاييس جديدة للأفلام والممثلين. وهكذا ظهر جيل جديد منهم، فشاهدنا داستن هوفمان في،"الخرّيج"، إخراج بنجامين برادوك.

واليوم، تبدو تلك الفترة الزمنية بعيدة. فقد اختفى ذلك النمط القديم من المنتجين في هوليوود القديمة. وجاء إثرهم المسؤولون الجدد، المتنفذون في الأسواق، إلى درجة لم تكن تخطر على بال آرثر بن عندما قدم،"بوني كلايد" ضمن إطار السينما الحرة.

عن/ النيويورك تايمز

المدى العراقية في

07/10/2010

 

هل تعيش السينما البريطانية فـي أزمة؟

ترجمة: نجاح الجبيلي

أثار إلغاء مجلس الفيلم البريطاني جولة أخرى من المراثي للسينما البريطانية. لكن عبر "القناة لفرنسية" ثمة عصر ذهبي لأفلام خطيرة  وصناعة متماسكة مع دروس للمنتجين البريطانيين المهووسين بهوليوود. وبهذا الصدد كتب الناقد السينمائي هنري بورتر من صحيفة الأوبزرفر: 

حين خرجتُ من صالة السينما بعد مشاهدة الممثلة العظيمة كرستين سكوت توماس في قمة عطائها وهي تؤدي في فيلم "هجرانPartir " أدركت أن الأفلام الأجنبية كانت دائماً النموذج بالنسبة لي، فمن بين الأفلام العشرة التي شاهدتها في السنة الأخيرة كانت ثمانية منها فرنسية.

أنا واع للإصدارات الكبيرة مثل فيلم "استهلالInception" وعن الإعلان الصاخب الذي صاحب آخر إثارة فارغة لتوم كروز لكن مرت فترة قصيرة منذ أن ابتعت بطاقة لرؤية فيلم أميركي. أنا أتبنى الفرنسيين دهشة من أسلوبهم والصنف العفوي لصناعتهم الفيلم.

إن السينما هي إحدى الوسائل التي تسلي بها الأمم نفسها لكنها أيضاً تتأمل من خلالها مشكلاتها وميزاتها وتغيراتها، وقد فعلت السينما الفرنسية هذا بشكل أفضل وجربت فترة ذهبية.

في السنة الماضية عرضت أفلام مثل "مسرينMesrine "وهو دراما عن السفاح الفرنسي جاك مسرين من جزءين، "أب أطفالي Le Père de mes Enfants "، "نبي Un Prophète "،"هجران Partir "،"غينسبورغGainsbourg "، " أحبك منذ مدة طويلة  Il y a longtemps que je t'aime "، "مادة بيضاءWhite Material". القلة من أفلام هوليوود التي شاهدتها خلال العشر سنوات الماضية كانت لها بصمة على أفلام مثل فيلم "أب أطفالي". وإذا ما جئنا إلى فيلم "هجران" ودراما السجن الرائعة "نبي" فإننا سنتكلم عن روائع. في فيلم "هجران" كان أداء الممثلة سكوت توماس، كربة بيت في منتصف عمرها لها علاقة مع عامل خارج من السجن تواً، مدهشاً وفرصة جيدة لمشاهدة  شيء من "مدام بوفاري" أو "آنا كارنينا"، ولا أستطيع أن أتذكر المرة الأخيرة التي كنت أثناءها متأثراً بعمق في السينما.

تلك هي الأفلام التي صنعت في "القناة الفرنسية" وداخل السينمات التي لا يملكها الموزعون الأميركيون الكبار والتي هي نتاج صناعة واثقة حتماً ونشطة. حتى الآن في هذه السنة كان هناك تسعون فيلماً محلياً قد أطلقت في فرنسا. تصور 90 فيلماً بريطانياً في الأشهر السبع الأولى من عام 2010. عم ستدور بربّي؟ وأين سنجد المادة والتمويل؟ وماذا عن الجمهور؟

لقد وقع الجمهور البريطاني تحت سيطرة الفيلم الأمريكي لمدة طويلة وكان منهمكاً كثيراً بأسلوبه وأسطورته وربما نُخطئهم لأسبابنا الخاصة. بالتأكيد لا نسأل عن استحواذ الأبطال الهزليين العجيبين والموتى الأحياء أو المنظر المعتاد لاثنين أو ثلاث من الشخصيات الذين يبدأون برحلة عبر أميركا، قانعين بالانهماك الأميركي في الاكتشاف الذاتي وإجلال البطل.

ولا نتوقف فجأة عند الأفكار الطفولية للافتداء أو النهايات السعيدة ،التي تشبه البنزين الرخيص والجعة الباردة، والتي يصر الأميركان عليها. نأخذ الملكية التجارية لهوليوود ودقات طبول القيم الأميركية من أجل الحقائق الكونية أو نعتقد أخيراً بأنها قابلة للتطبيق على الحياة في بريطانيا وهي ليست كذلك.

لا تمتلك السينما الفرنسية ترفعاً متأصلاً ،خلافاً لذلك فهي تملك احترامها التاريخي للشخصية. والحكي الفرنسي في الأقل يأخذ في الاعتبار خيبة أمل الوجود ( فيلما "هجران" و "أب أطفالي") والانغمار في النزوة والغرابة (فيلما "إميليAmélie " و "غينسبورغ") وتضمين دراما منتصف العمر وتولي المخاطرات كما في الواقعية السحرية في فيلم "نبي" الذي يجعل من عزلة شاب عريي في سجن فرنسي أكثر واقعية على نحو غريب. لقد صنعت الأفلام الفرنسية من أجل المحلية لأن الاهتمام غير المرتبك بمجتمعهم وقصصهم الخاصة في غالب الأحيان يمتلك تكاملاً وسحراً خاصين. يؤمن الفرنسيون بأن السينما "ثقافة" تتجاوز التسلية والحصول على الريع وتوليد الوظائف.

ظهرت هذه الكلمة في مكان ما من رسالة وقعها الشهر الماضي خمسون ممثلاً بريطانياً طالبين إرجاء قرار إيقاف "مجلس الفيلم البريطاني" الذي قررت الحكومة إغلاقه عام 2012. وضعت الرسالة نقاطاً جيدة حول صناعة الفيلم البريطاني البالغة 4.5 بليون جنيه استرليني والعديد من التقنيين المعتمدين عليها لكنها فشلت في خلق قضية عن المجلس ومساهمته في الحياة الثقافية البريطانية. لم أجد أي أسف منتشر بصورة واسعة حول مصير المجلس – جزئياً أشك لأن نفقاته العامة تشكل 24% من ميزانيته وأقترحت الحكومة السابقة دمجه مع "معهد الفيلم البريطاني" الذي تموله.ثمة شعور بأن منفستو "العمل الجديد"(لحزب العمال-م) يؤكد بصورة واعية الجانب التجاري بينما يستخف بالأهداف الثقافية كونها نخبوية

لكن المجلس دعم بعض الأفلام المقبولة – "ألويها مثل بيكهام  Bend it Like Beckham" و" هذه إنكلترا This is England " و"حديقة غوسفورد Gosford Park " و"البستاني المخلص The Constant Gardener " والفيلمين "جوع  Hunger " لستيف مكوين و دراما إي ***  الموحشة "خزان السمك Fish Tank " لآندريه آرنولد. السؤال الأن هو من يدير الخمسة عشر مليون جنيه التي تقول الحكومة بأنها لن تقطع، والكميات الأكبر من "اليانصيب الوطني"؟ يعتمد عدد واسع من الناس على الفيلم والتلفزيون. في عام 2007 خمنت "اقتصاديات أكسفورد" 95000 وظيفة تعتمد من بعض النواحي على مهنة السينما واستعملت 35000 وظيفة منها مباشرة.

هل سيطرت "البي بي سي" و"القناة الرابعة" على التفويض؟ أم أننا منحناها كلها إلى معهد الفيلم البريطاني؟ لا يمتلك صناع الفيلم الفرنسي مثل هذا القلق. فقد نجحوا في التغلب عليه عارفين بأن لديهم جمهوراً محدداً من الناطقين بالفرنسية مع أمل ضئيل في النفاذ إلى السوق الأميركي وهو الأمر الذي يشكل هاجساً لمنتجي الفيلم هنا. ميزانياتهم مؤسسة على أهداف الجمهور الواقعي ولديهم قصص تفور من مجتمعهم ويتطلب الأمر روايتها. لكنهم من جهة لا يحددون أنفسهم. لقد قام "كين لوش" و"مايك لي" و"ستيفن فريرز" بوضع  رأسمالهم في فرنسا لأن الشركات الفرنسية مثل "باتيه" تضع الموهبة في خدمة الوطني. لا بد من وجود الكثير من الممثلات فوق الخمسين عاماً في بريطانيا اللاتي يحسدن الفرص التي تمتعت بها سكوت توماس الناطقة بالفرنسية في مجتمع يؤمن بأن الجنس والحب والدراما ليست بالضرورة محددة بحياة صائد مصاص الدماء المراهق.    

المدهش هو السبب في أن صناعة الفيلم البريطاني أقل بكثير من مجموع أجزائها. لدينا كتّاب ومخرجون وممثلون وتقنيون من الصنف العالمي لكن بدلاً من التماسك والثقة هناك الشك الذاتي المعذب. عليك فقط أن تنظر إلى التجربة والموهبة المتمثلة بسلسلة المحاضرات في معهد الفيلم البريطاني عن كتابة السيناريو في أيلول كي ترى ماذا استطعنا أن نفعل هنا. وحسب ترتيبهم في الظهور "سير ديفيد هير" (القارئ The Reader ، الساعات  The Hours)، كرستوفر هامبتون (ارتباطات خطرة  Dangerous Liaisons ، التكفير Atonement)، سيمون بيوفوي (الأمر بأكمله  The Full Monty ، المليونير المتشرد Slumdog Millionaire)، بيتر مورغان ( الملكة  The Queen ، فروست / نيسكون  Frost/Nixon)، ألاين بروش مكينا ( الشيطان يرتدي زي برادا  The Devil Wears Prada ، قوانين الانجذاب Laws of Attraction) ورونالد هارود (عازف البيانو  The Pianist ، جرس الغوص والفراشة The Diving Bell and the Butterfly). لهذا فما المشكلة بربّي؟ لماذا صناعة الفيلم البريطاني غير محببة لنفسها فترة طويلة جداً؟

أحد الأسباب هي أننا لم نطور المؤسسات الصحيحة. ثمة الكثير من الاهتمام بالسياسة والقليل غير الكافي بالمهمة. والسبب الآخر هو خشيتنا من الثقافة الرفيعة والتجريب إضافة إلى الإعجاب بهوليوود – وهو أمر غير مفهوم حين حصل فيلم مثل "الملكة" لفريرز على عشر مرات كلفة انتاجه البالغة 12 مليون دولار. هذا النوع من الإغراء لا يوجد بصورة عامة بالنسبة لشخص مثل "كاثرين كورسيني" التي كتبت وأخرجت فيلم "هجران".

الكتابة هي المفتاح. أصبح المخرج "فريرز" ،الذي كان فيلمه "تمارا درو" له حضور ناجح في فرنسا، معتقداً بأن علاقة الكاتب- المخرج ، مثل تعاونه مع بيتر مورغان، هي أساسية. وهو يذكر تعاون "مايكل باول" وإيمريك برسبيرغر" ،"ديفيد لين ونويل كوارد" ،"كارول ريد وغراهام غرين". لكن مثل هذه الشراكات يمكن أن تنمو فقط في محيط مستقر معتدل وواثق.

ليس لدى الفرنسيين أزمة لأننا نعلم أي نوع من الأفلام يريدون أن يصنعوها وأن لديهم جمهوراً. نحن نبدو أقل وضوحاً لأننا فقدنا عادة تمييز ما هو مهم ولافت للانتباه أو مضحك في المجتمع البريطاني. استجابة واحدة هي الواقعية الاجتماعية الخالصة لفيلم "خزان السمك" و فيلم "حذاءا الرجل الميت" للمخرج شين ميدوز. وهما الفيلمان اللذان تمتعت برؤيتهما لكن من الصحيح أننا غالباً نكدح تحت الفكرة الخاطئة بأن الأفلام حول الناس الذين لديهم اختيارات محدودة بسبب ظروفهم هي إلى حد ما أكثر صدقاً من القصص التي تدور حول أولئك الذين يمتلكون المال ولهذا فهم يمتلكون اختياراً أكبر. أحد الأمور التي أعجبتني حول السينما الفرنسية هي الواقعية البرجوازية غير المترددة أو هل أنها الحاجة إلى الإقامة حول المكان الذي يجدون فيه الإلهام؟ يبدو لي أننا نحتاج فقط إلى رؤية أنفسنا كما ينبغي وننظم مؤسساتنا ونستخف ببعض التأثير الأميركي المفرط قبل أن ينظر الفرنسيون عبر "القناة الرابعة" ويعجبون بالثقافة الفريدة الممثلة بالفيلم البريطاني. ومن الواضح أننا لا نفتقد الموهبة في ذلك.

المدى العراقية في

07/10/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)