حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رؤية خاصة

كيرتيس .. وبين

بقلم:رفيق الصبان

كان في الخمسينيات والستينيات محط أحلام الفتيات لدينا في الشرق.. بعيونه الزرقاء وشعره الحريري الناعم وجسده الممشوق، كان يمثل بالنسبة لهن فتي الأحلام الذي يمكنه أن يأتي علي جواده الأبيض.. ليأخذهن معه إلي جنات خضراء لا تنتهي.. تجري من حولها أنهار من خمر وعسل.

ولكن رغم وسامة توني كيرتس الظاهرة.. ورغم رومانسيته التي ركزت عليها هوليوود في أفلامه الأولي.. لم يستطع كيرتس أن يصعد إلي مصاف النجوم العمالقة الذين يضيئون بنورهم.. سماء هوليوود المظلمة.

ولكن رغم عدم نجاح كيرتس في تسلق القمة الذهبية.. لم تستطع هوليوود الاستغناء عنه ورميه بعيدا.. كما فعلت مع كثيرين من النجوم غيره.. بل حاولت تأكيده.. واثبات وجوده بكافة الطرق واستخدمته في أنواع أخري من الافلام.. أفلام التاريخ، والحركة والافلام البوليسية والافلام الكوميدية.. وحاولت أن تضعه في مصاف النجوم الكبار دون جدوي.. اذ أن وجود توني كيرتس لعرضه علي »افيش« فيلم »لم يكتب« وكان علي هوليوود أن تضع أمامه نجوما كبار.. يساعدونه في جلب جمهور أوسع له جمهور يختلف عن جمهور المراهقات الصغيرات اللاتي كن السبب في شهرته في بداية حياته الفنية في »تاراس بوليا« .. وضعت هوليوود ربيبها المدلل الناعم.. أمام وحشية ورجولة »يول براينر« التي لا تقاوم وجاذبيته الجنسية الطاغية.

في »الفايكنج« حصل  الامر نفسه ولكن هذه المرة مع كيرك دوجلاس الذي يمثل النقيض الحقيقي لكيرتس وفي »رائحة النجاح العذبة« واحد من أجمل وأعمق أدواره.. كان يقف أمامه برث لانكستر قبل  عنقه وشخصيته الهادرة.. وفي »الهاربون« وضعته هوليوود أمام النجم الاسود الذي بدأ نجمه يلمع بشدة في ذلك الحين »سيدني بواتيه« ولكن الاهانة الاعظم جاء عندما اختاره جيلي دايلدر ليكون البطل أمام مارلين مونرو.. في »البعض يفضلونها ساخنة«.

وجاء بجاك ليمون ليلعب الدور الثاني أمامه.. فانقلبت الموازين كلها واستطاع ليمون بموهبته وحضوره أن يخطف الأضواء من كل من مونرو وكيرتس معا.

الفيلم الوحيد الذي اعتمد علي نجومية كيرتس وحدها كان »سفاح بوسطن« لريتشارد فلايتشر.. والذي اثبت فيه كيرتس حقا انه ليس نجما يتمتع بالجمال وانما هو ممثل حقيقي قادر علي اداء الادوار السيكولوجية الصعبة.. واستطاع بامتياز أن يجسد شخصية هذا القاتل المتوحش الذي اثار الرأي العام في الثلاثينيات بعدد جرائمه ووحشيته.

دور لا يتناسب مطلقا مع تعود  كيرتس ان يؤديه من أدوار عاطفية ورومانسية.. إلا أن كيرتس تفوق فيه وأجاد.. ولكن هوليوود له تعاود التجربة معه في هذا المجال لان الفيلم حقق فشلا جماهيريا وماديا غير مسبوق.

فكان أغنية البجعة بالنسبة لتوني كيرتس في هذا المجال.

جاءت وفاة توني كيرتس بعد عمر امتد »٥٨« عاما.. لتلقي الأضواء مرة أخري علي هذا النجم الذي مات فنيا قبل ٥٢ سنة واختفي وجوده السينمائي تماما.. لذلك دهش الناس عندما سجلوا خبر الوفاة.. لانهم اعتقدوا أن توني كيرتس قد رحل منذ زمن بعيد.

> ارثر بين.. المخرج الكبير الذي رحل عن دنيانا.. في نفس الوقت لم يرحل ابدا عن ذهن محبي السينما وعشاقها، فهو حاضر.. قوي الحضور.. رغم العزلة السينمائية التي فرضتها عليه هوليوود لعدم ايمانها بأسلوبه وأفكاره التقدمية وفكره الناضج الحي.. لذلك توقفت عن اعطائه فرصة أخري في السينما مع أن افلامه القليلة التي اخرجها يشكل كل منها حدث سينمائي مهما ونقطة فاصلة في تاريخ الانتاج الامريكي المتميز.

ارثر بن هو ابن التليفزيون جاء للسينما عن طريق الشاشة الصغيرة تماما كما فعل زملاءه في تلك المرحلة، سيدني مولاي، وسيدني لوميت ومارتن ريث.. وهو من فرانكهماير والذين استطاعوا أن يلقوا بدماء جديدة في عروق السينما التي بدأت تشكو من العجز والهرم.

أفلام كانتا عشر رجلا غاضبا والمرشح الماندو شوبري وانهم يقتلون الجياد وبعد ظهر لعين.. جاءت لتلقن هوليوود العجوز.. كيف يمكن للسينما أن تكون سلاحا.. ومشرطا.. يضرب الدمامل الفاسدة المستشربة في جسد المجتمع الأمريكي المترهل.

صراحة في القول .. جرأة من التعبير.. التزام سياسي وانساني، فبركة عالية في الهجوم لم تقصدها هوليوود ولم تستسيغها ابدا.

ربما افهمت هذه »الجماعة« السينمائية بميولها اليسارية، وتحمس المثقفون المعارضون للنظام الرأسمالي لها، والاعجاب الاوروبي المنقطع النظير الذي صاحب ظهور أفلامها.

ولكن هوليوود ظلت علي عنادها.. في التعامل مع هذه الفئة من المخرجين الشبان الذين اعتبرتهم دائما أولاد التليفزيون قبل أن يكونوا أولادها هي.

في حال أرثر بن جاء عطائه السينمائي الأول في فيلم ميكي وان مع الممثل الصاعد »وارن بيتي« وقد استمر بن في جميع الافلام التي اخرجها بعد ذلك علي الاستعانة بنجوم كبار قادمين من المسرح.. أو تحيطهم هالات المحبة والشهرة.

»ميكي وان« نال اعجاب فئة متميزة من عشاق السينما.. ولكنه لم يصل أبدا الي الجمهور الكبير الذي كان يطمع فيه »ارثر بن«.

ولكن جاء فيلمه الثاني »بوني وتلاميذه« عن حياة مجرمين احترفا القتل وسرقة البنوك واثارة الرأي العام الامريكي بالعشرينيات.. وانتهي أمرهما بمذبحة وحشية مروعة دبرها رجال البوليس.

ارثر بن.. قدم في فيلمه هذا الذي صنع له شهرته العالمية الخلفية الاجتماعية والاقتصادية التي ولدت هذين »المجرمين« وابدي تعاطفا شديدا معهم رغم جرائمهم وانحرافهم.

وادائه في فيلمه الجميل هذا النظام نفسه الذي اوجدهم.. أكثر مما ادائهم هم علي أنه وجد دائما تبريرا انسانيا وعاطفيا لجرائمهم المتكررة.

بوني وتلاميذه صنع من وارن بيني وناي واناداي نجوما كبار

واستمرت أفلام ارثر بن تعزف علي نفس نغمة المعارضة.. في فيلمه الكبير »الرجل العبقري الكبير« الذي مثله داستن هوفمان والذي دافع فيه »بن« عن قضية الهنود الحمر.. بطريقة انسانية شديدة الشاعرية والاقناع.

كما قدم »بول نيومان« في اعداد وتفسير جديد شخصية »بيلي ذاكيد« القاتل الشهير والخارج علي القانون وفعل ما فعله في بوني وتلاميذه بالدفاع عن المجرم واقحام المجتمع الذي افرزه.

اما صانعة المعجزة.. عن حياة هيلين كيلر فانه أكثر أفلام بن انسانية قدم فيه دورا لا ينسي لان بانكروفت »التي حازت علي جائزة الأوسكار« الاستاذة التي عرفت عن طريق صبرها وعنادها.. كيف تخرج طفلة معاقة لا تسمع ولا تري من ظلماتها لتجعل منها هيلين كيلر التي تعرفها.

أفلام أخري .. تتابعت لتؤكد قوة »بن« ونظرته التعددية الانسانية وكيف أصبحت السينما بالنسبة له اداة حياة تحارب الموت والفساد.

وتبقي رائعته »المطاردة« والتي جمع فيها لأول مرة »مارلون براندو مع روبرت ريدفورد وجين فوندا وانجي ديكنسون« في فيلم يفضح النظام العنصري والبوليسي الغاشم الساكن في الجنوب الامريكي.. الذي لازال غارقا في بؤرة التعصب البغيض وجذور الكراهية الراسية في أعماقه.

وقد سبق لارثر بن أن جمع كل من »روبرت دي نيرو وجاك نكولسن« في فيلم عن الغرب الامريكي لم يلق أي نجاح.. ولكن عدم نجاح المغامرة الشعبي جاء صدمة كبيرة لكل من يعشق السينما الحقة ويعرف قيمة ومركز ارثر بن علي الخارطة السينمائية.

لقد رحل توني كيرتس منذ ٥٢ عاما.. ولكن ارثر بن الذي اعلن عن رحيله الي جواره.. لم يرحل بل لازال ماثلا أمام أعيننا.. عملاقا.. جبارا.. اعطي للسينما هالتها وكبرياءها وأمجادها ودورها الحق.

أخبار النجوم المصرية في

07/10/2010

 

سينمائيات

ربيع الشعوب

مصطفي درويش 

كانت سنة سعيدة في حياتي، شأنها في ذلك شأن سنة انتحار الطاغية هتلر، وباختفائه عن دنيانا، اخذت النظم الاستبدادية تتقلص، شيئا فشيئا، وأصبحت الحرية للانسانية شعارا.

وأقصد بتلك السنة السعيدة، سنة عودة الحرية إلي ربوع اسبانيا، باختفاء الطاغية الجنرال فرانكو عن دنيانا، يوم العشرين من نوفمبر ٥٧٩١، بعد ان ظل يحكم الشعب الاسباني الابي بالحديد والنار، زهاء ثلث قرن من عمر الزمان.

ولأنني كنت قد عاهدت نفسي ان ازور اسبانيا، ما ان تتخلص من ديكتاتورية الجنرال، وجدتني بعد اشهر من اختفائه، في »غرناطة« طليطلة ومدريد حيث رأيت الناس مستمتعين بالحرية التي سلبت منهم زمنا طويلا.

وحيث رأيت في واجهات المكتبات آخر المؤلفات الاجنبية مترجمة إلي لغة الاسبان.

وحيث شاهدت في دور السينما افلاما كانت ممنوعة لسنوات طوال، اذكر من بينها رائعة »شارلي شابلن« التي ابدعها، قبل سبعين سنة، تحت اسم »الديكتاتور العظيم« وفيها لعب دور شخصيتين، احدهما شخصية حلاق غلبان، والاخري شخصية ديكتاتور عدواني، مغرور، اسمه »هينكل«، يقصد به »هتلر«، ذلك الطاغية الذي دفع بالانسانية إلي مذبحة، قتل فيها عشرات الملايين.

ومما لاحظته. اثناء عرض الفيلم، حماس المتفرجين، الذين كثيرا ما كانوا يعبرون عنه بالتصفيق الشديد.

هذا، ولم تمر سوي شهور قليلة علي تحرير شهادة وفاة نظام الجنرال، حتي كان مبدعو الجمال من كل فن ولون، يتنافسون باعمالهم في امتاع الناس.

ولقد انعكس ذلك، بطبيعة الحال، علي صانعي الافلام فابدعوا، وقد تحرروا من نير رقابة في خدمة الاستبداد اعمالا سينمائية، صارت حديث عشاق الفن السابع، في مشارق الارض ومغاربها.

تتنافس علي عرضها مهرجانات السينما الكبري، مثل فينيسيا وكان وبرلين وعادة تخرج منها متوجة بالجوائز وبدءا من ٥٧٩١، تلك السنة الموعودة، كادت الا تمر سنة دون ترشيح فيلما اسبانيا لجائزة اوسكار أفضل فيلم اجنبي.

وفي أقل من ربع قرن من عمر الزمان فاز بها اربعة افلام اذكرها حسب زمن فوزها بالاوسكار.

والافلام الاربعة هي

»يبدأ من جديد« للمخرج »خوزيه لويس جارسي« (٢٨٩١).

والعصر الجميل »للمخرج« فرناندو ترويبا« (٤٩٩١).،

و»كل شيء عن أمي« للمخرج بدرو المودفار« (٠٠٠٢).

ثم »البحر داخلي، لصاحبه »اليياندروا ميزابارا«، ذلك المخرج الذي أصبح أي فيلم من ابداعه علامة في تاريخ السينما.

وأحيانا يشتري مصنع الاحلام في هوليوود حق اعادة ترجمته إلي لغة السينما، ولكن علي الطريقة الامريكية واللافت، بالنسبة للافلام الاربعة ان ايا منها لم تتح له فرصة العرض العام، عندنا في دور السينما واللافت ايضا ان من بينها فيلمين »العصر الجميل« و »كل شيء عن أمي«، تقف لهما رقاباتنا الرشيدة بالمرصاد، تحول بينها وبين العرض حتي في اسابيع الافلام الاسبانية، أو حتي ضمن نشاطات معهد سيرڤانتس بقاهرتنا.

moustafa@sarwat.de

أخبار النجوم المصرية في

07/10/2010

 

كونداليزا رايس

سقوط نجمة أم أنهيار دولة

بقلم : د.وليد سيف 

تعد مسرحية فاوست من أعرق النصوص الدرامية وأكثرها معالجة عبر العصور ومن مختلف الدول. ولعل من أشهر تجلياتها في السينما المصرية فيلم »المرأة التي غلبت الشيطان«. وتدور الفكرة الرئيسية لهذا العمل حول شخص باع نفسه للشيطان، فخسر نفسه مقابل الحصول علي أقصي ما يمكنه من متع الدنيا. ويعد هذا المدخل هو نقطة الانطلاق التي يتأسيس عليها الفيلم التسجيلي »فاوست أمريكي: من كوندي إلي كوندي الجديدة«. وهو الفيلم الذي اختاره للافتتاح مسئولو مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الحالية. ويمكنك أن تلاحظ من العنوان أن الفيلم يتناول بالنقد، عبر مرحلتين شخصية كونداليزا رايس، السيدة السوداء التي تولت مناصب رسمية في غاية الأهمية في حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة والتي توجتها بتولي موقع مستشارة الأمن القومي للرئيس جوج بوش الابن ومن بعدها حقيبة وزيرة الخارجية في ولاية الرئيس نفسه الثانية.

ومما لاشك فيه أن هذه المرأة ظلت لما يقرب من عقد كامل من أهم الشخصيات في العالم وأشهرها وأكثرها اثارة للجدل.. والذي لا يملك أكثر كارهيها وأنا منهم بالطبع إلا أن يعترف بحضورها الطاغي والمؤثر وشخصيتها الكاريزمية والجاذبة للميديا الاعلامية. ويأتي هذا الفيلم الذي يمتد زمن عرضه إلي ما يقرب من الساعة ونصف بعد أفول نجم هذه المرأة وخروجها من المناصب الرسمية، بل وتعالي الأصوات التي تدينها والتي تراها وراء الكثير من المجازر الأمريكية، والممثل الشرعي للوجه القبيح لها ولأفعالها السوداء في العراق وجوانتانامو وغيرهما من حماقات ارتكبت في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن.

جاذبية ومراوغة

وفي الحقيقة فإن الفيلم يبدو أقرب إلي شكل البحث الذي يسلك المنهج التاريخي والنقدي في التصدي لهذه الشخصية. كما أنه يتمكن من توظيف الأساليب السينمائية وبوجه خاص السيناريو والمونتاج ليحقق شكلا جذابا وشيقا للعرض. يعتمد »فاوست أمريكي« علي تقنيات بسيطة، وهو يكاد لا يعرض أي صور غريبة أو غير مألوفة للعين ولا يقدم مادة خبرية أو علمية مجهولة للمشاهد. ولكنه يمتلك القدرة علي سردها بأسلوب مراوغ وجذاب وبمنتهي السلاسة والجاذبية التي جعلت مشاهدين عاديين جدا من جمهور الاسماعيلية يتابعونه منذ بدايته إلي نهايته بمنتهي الاندماج والاهتمام بل والانفعال، حيث يصل تفاعلهم به إلي حد التصفيق بحماس اعجابا بمواقف أو حوارات وتكشفات تقع أثناءه. وهو أمر نادرا ما يحدث مع فيلم تسجيلي خاصة لو كان بكل هذا الطول ويعتمد في الغالب علي مادة أرشيفية وتسجيلية إلي جانب العديد من اللقاءات مع محللين سياسيين أو كتاب صحفيين أو شخصيات تعرف كوندي  عن قرب.

يتفنن المخرج في استخدام اللقطات الفوتوغرافية في موضعها للتأكيد علي بعض المعلومات أو للسخرية من بعض الآراء، كما يستخدم مانشيتات ومقاطع من مقالات أو تقارير ليضع النقاط فوق الحروف أو ليضيف المزيد من المعلومات والتفاصيل. ويبدو من الواضح جدا أن هذا الفنان توفرت له مادة غزيرة ودسمة جدا، كما أنه أجري حوارات طويلة ليختزل ويكثف ويعرض منها ما يحتاجه. بل أنه يستخدم أجزاء منها في مواضع ويخفي أجزاء غيرها ليضعها في مواضع أخري وفقا لرؤيته. إن فكرة الموضوعية أو الحيادية هي مسألة صعبة أو تكاد  تكون مستحيلة في الفن عموما لأن الفنان سوف ينحاز بإرادته أو بدونها نحو موقفه الذاتي من الشخصية أو الحدث. ولكن مقدرة المخرج وكاتب السيناريو سيباستيان دوجارت علي الإيحاء بالموضوعية وبالنبرة الهادئة تصل إلي أقصي درجاتها في هذا العمل.

يصحبك الفيلم في رحلة مع كوندي منذ ميلادها وطفولتها إلي أيام صباها وشبابها، يستعرض معك تاريخها العلمي والعملي والعاطفي. وتتعرف علي هواياتها  وعاداتها وحياتها العائلية والشخصية. ويتابع معك مراحل تدرجها الوظيفي منذ لحظة قبولها للعمل بالبيت الأبيض. وينتهي بها إلي سقوطها المدوي وتعرضها لهجوم عنيف وانتقادات حادة ومطالبة شعبية بمحاكمتها علي ما تسببت فيه من مجازر وما ارتكبته من جرائم.

طريق الكباش

ولكن علي الرغم من اعجابي الشديد بأسلوب الفيلم والجهد المبذول في جمع مادته واعدادها .. وفي قدرته المدهشة علي التأثير وكشفه عن حقيقة شخصية تعد من أبشع مجرمي الحروب في العقود الأخيرة.. وأيضا في تبنيه الظاهر لحقوق الانسان وانتقاده العنيف لكل الانتهاكات والتجاوزات والاعتداءات والكبائر التي ارتكبت في عهد جورج بوش الابن، إلا أن خطورة المسألة انها تجعل كونداليزا رايس تبدو وكأنها هي وحدها المسئولة عن كل هذه المصائب، ويكاد يري الفيلم أن المأساة تكمن فقط في مصادفة صعود هذه المرأة المريضة القاسية المريضة بالسلطة والتي لا يعنيها أي شيء سوي تحقيق أحلامها وطموحاتها والصعود إلي أعلي الدرجات والمناصب ولو علي جثث مئات الآلاف من الضحايا في مختلف أنحاء العالم. تبدو كوندي في الصورة وكأنها الوجه الشرير الوحيد في هذه الدولة وذلك النظام. ويبدو الآخرين كما لو كانوا قليلي الحيلة لم يستطيعوا منع هذه الكوارث لأن هذه المرأة حالت دون ذلك. وهكذا فإن هذا الفيلم يقدم كونداليزا رايس في نفس الصورة التي ظهرت بها فنانتنا نادية الجندي  في العديد من أفلامها وكأنها توشك أن تقول علي طريقتها »أنا قوية ومفترية وماحدش يقدر عليا«.. وإذا كان هذا الكلام يمكن قبوله في مجتمعات شعبية أو احياء عشوائية يحكمها مجموعة من البلطجية، فإنه يستحيل أن يصدق أحد امكانية وقوعه في نظام بقوة الولايات المتحدة الامريكية أو في دولة يحق لها رغم كل شيء أن تفخر بديمقراطيتها ومؤسساتها.

وفي النهاية فإني اسجل اعتراضي علي الفكرة الخبيثة التي يطرحها هذا الفيلم والذي اعتقد انه جزء من سياسة تسعي إلي تصدير مسألة التضحية بكوندي ككبش فداء. ليس المقصود بالطبع تبرئة الآنسة المبجلة ولكن الهدف هو التأكيد علي أنها لابد أن تقف في طابور طويل من الكباش. وأن ما اقترفته السياسة الأمريكية طوال فترة حكم بوش الابن في حق شعوب العالم لا يندرج تحت القتل الخطأ وإنما هو قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، ولا يحتمل وزره شخص واحد أو اثنان. وعلي الرغم من تحفظاتي علي فكرة الفيلم إلا إني أراه مناسبا جدا للعرض كفيلم افتتاح في مهرجان الإسماعيلية، لمستواه الفني الجيد ولقدرته علي اجبار المشاهدين علي متابعته علي غير الغادة في أفلام افتتاح كثيرة. وأيضا لما طرحه من أفكار، ولما  يمكن أن يثيره من جدل.

أخبار النجوم المصرية في

07/10/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)