حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

يحب مارلون براندو وآل باتشينو وروبرت دي نيرو

محمود عبدالمغني: قدمت شخصية السادات في مسلسل ولم أرشح لعمل آخر عنه

القاهرة ـ من محمد عاطف

الفنان الشاب محمود عبدالمغني يتطور من عمل لآخر ويشق طريقه الفني بتركيز وتنوع في أدواره، البعض يراه يسير على نهج الفنان الراحل أحمد زكي، بينما عبدالمغني يرى أن أي فنان صادق فهو يسير على هذا النهج، كما فعل نجوم العالم أمثال مارلون براندو وآل باتشينو وروبرت دي نيرو.

محمود عبدالمغني يتردد اسمه حول مسلسل عن حياة الرئيس الراحل أنور السادات وأمور أخرى يرد عليها.

·         هل تسير على نهج الفنان أحمد زكي؟

* الفنان أحمد زكي له خصوصية وتفرد، وأي ممثل يتبع منهج الصدق والطبيعية في الأداء فهو يسير وفق ما قدمه أحمد زكي، وعالميا مثل آل باتشينو وروبرت دي نيرو ومارلون براندو وغيرهم، لذا أي فنان يحب عمله ويقدم الصدق ولو كان ابيض اللون وشعره اشقر وعينيه زرقاوين فإنه سيكون بنفس مدرسة المنهج الصادق في التمثيل.

·         هل هناك تشابه في الشكل هو سبب المقارنة بينك وبين أحمد زكي؟

* ربما يكون ذلك، لكنني لا أوافق على التشابه بالشكل مع أي ممثل، وأحب ان اعيش تجربتي وحياتي بمدرسة الصدق الفني.

·         ماذا عن مسلسل السادات المرشح لبطولته؟

* لا أعلن عنه شيئا، واسمع مثل الناس اخبارا ليس لها مصدر.

·         لكنك سبق ان قدمت شخصية السادات في مسلسل 'أوراق مصرية' ولهذا رشحوك للعمل عنه؟

* فعلا قدمت دور السادات في هذا المسلسل خلال فترة شبابه قبل ان يصبح رئيساً، ولم اكن مرشحا له من البداية، لأن المخرج الراحل وفيق وجدي ارسل لي سيناريو مسلسل 'أوراق مصرية' لأجسد دورا آخر يتضمن الحلقات كلها وعندما قرأته أعجبني دور السادات، رغم انه يظهر في حوالي 29 مشهدا فقط ومع ذلك اعجبني الدور وطلبت من المخرج تجسيده، وبعد مناقشة مع المخرج وافق، ومسألة ان اقدم مسلسلا كاملا عن الرئيس السادات يحتاج الى دراسة جيدة كي أتأكد من إمكانية ظهوره بأفضل مستوى.

·     سمعنا عن مشاكل حدثت بينك وبين الفنانة سوسن بدر خلال تصوير مسلسل 'الحارة' وأنك طلبت سيارة اتوماتيك تتنقل بها خلال التصوير، ما صحة ذلك؟

* مسألة السيارة وجدتها على مواقع الانترنت ولا اعرف من وراءها ولم تحدث وشركة الانتاج موجودة وسهل سؤال المسؤولين عنها، أما ما حدث بيني وبين الفنانة سوسن بدر فهو خاص بالدور وليس أمرا شخصيا وتناقشنا في العمل ولم تحدث أزمة وأنا سعيد بالعمل معها لأنها فنانة جيدة وتعرف عملها جيدا.

بالمناسبة هذا المسلسل عندما قرأته اعجبني جدا لمهارة مؤلفه احمد عبدالله الذي اشتركت معه في أول فيلم سينمائي لنا وهو 'عبود على الحدود' وأرى ان المسلسل سيكون جديدا على الجمهور العربي وسوف يتعرفون على مشاكل الناس من زوايا جديدة ومختلفة.

·         ما الجديد الذي تستعد له؟

* امامي سيناريوهات مع شركة العدل وسيناريوهات مع شركات أخرى لكنني لم أحدد موقفي منها بعد حتى انتهي من ارتباطاتي الحالية.

القدس العربي في

25/08/2010

 

سينما الذّئاب الامريكية وتمام دائرة القمر:

هي الحرب التي تخرج فيها الذئاب من الصدور!

صلاح بن عياد 

لا شكّ في أن بين الذئب والإنسان قرابة من القِدم إذ هما دائما التقاطع وحتّى التشابه. لقد كان الهنود الحمر في أمريكا الشماليّة يقتسمون الصّيد ومكان الصّيد والطريدة مع الذئب. في تلك الفترة لم يكن حديث عن عداوة تذكر بين الكائنين اللاحمين. فما هي إلا عداوة بدأت، ثمّ بلغت أشدّها عندما استقرّ الإنسان في مكانه الواحد ودجّن ما يمكن للذئب أن يصطاده مما اضطرّه إلى السرقة من زريبة الإنسان، هذا الذي صدّق وهم امتلاك كلّ شيء برّيّ.

إنّها قرابة تؤكّدها الآثار العالميّة ومنها العربيّة دون شكّ فيها تكلم الذئب بلغة الإنسان ( انظر كتاب 'أسد الغابة' وذكر من كان يكلّم الذئب حال أهيان بن أوس الأسلمي)، هذا إضافة إلى أن الإنسان قد حاول التحلّي بسلوك الذئبويّة بل لعلّه من أكثر الحيوانات تأثيرا عليه. خذ مثلا يضرب عن الذئب في الانتباه والمخاتلة والافتراس ( إلخ...) وقد تبدو كلها وسائل أثبتت صلاحيّتها للنجاعة الاجتماعية كقولنا للذي اشتهر بخبثه 'ينام نوم الظربان وينتبه انتباه الذئب' كتاب ( الكامل في التاريخ لابن الأثير). كأنّك تحتاج مخاتلة الذئب تلك ( للرعاة) وانتباهه كي تكون، وأن تفترس كما يفترس الفرصة المتاحة. هل لهذه الأسباب تزاحمت الذئاب في الأشرطة السينمائيّة؟. إننا نحاول في هذه المادّة أن نفهم تكاثر ظاهرة الاستذآب في الأفلام السينمائيّة في الحقبة الأخيرة. أفلام لا نكاد نحصيها لكثرتها ولالتقائها حول مسألة ضيق المسافة التي تفصل الذئب عن الإنسان في المجتمع الحديث بل وانعدام تلك المسافة في أحيان كثيرة.

الصّورة تكاد تجد صنوها في كل المخيلات الإنسانية، البدر مع ظل الذئب الذي يعوي في الأنحاء، ومن منّا لا يحمل هذه الصورة؟. هي صورة يلتقي فيها الرّعب مع الجمال ومع الشهوة أحيانا.

المستذئب le loup-garouيعني ولا شك الإنسان المتوحّش، رغم أن فكرة الإنسان في نظرية التطوّر الداروينيّة لم تكن لتلتقي يوما سوى مع القردة العالية. إنها صورة لم ترض سوى أن تجتمع بالقرد على أن يكون عاليا لكن كأن للسينما اليوم الجرأة على أن تقول ما هو أبعد. إنك ترى الإنسان في الإدارة يتحول إلى ذئب إثر عضة من هذا الأخير أو حتى دونها، الوولفمان wolfman الجامع بين الخير والشرّ، المحتاج للطبع الذئبيّ حتى يثبت نفسه في السياق العامّ مهما اختلف الحال (فيلم wolfman للمخرج الأمريكي جوي جونستون 2010).

الذئب يؤخذ في هذه الأفلام على أنه مرض نفسي وعقليّ يحوّل الإنسان إلى آكل لحوم نيّئة ضاربة بذلك عرض الحائط كل هذه القرون التي جاءت بعد اكتشاف النار والحضارة والحس العالي. ذئب لا يقتل سوى بخنجر الفضة الذي سيطعنه في النهاية على مستوى القلب. هو نوع من اللعنة التي تصيب الكائن المستعدّ لتقبّل تلك اللعنة حتى وإن عضّه ذئب على سبيل الصّدفة.

من أوائل الأفلام التي خاضت هذا الالتقاء هو الفيلم الأمريكي الكندي للمخرج هنري ماكري 'المستذئب' the werewolf 1913 المنطلق من أسطورة هنديّة مفادها أن هنديّة تدعى 'فاطومة' Watuma قد خرجت من قبر موتها على هيئة ذئبة لتنتقم من قاتلي حبيبها. انطلاقة سينمائيّة قويّة كما يشير بعض ناقدي السينما كيف لا وتاريخ هذه الأفلام قد بدأ بمستذئبة أنثى. بعد هذا الفيلم الذي يعتبر مفتتح سينما الذئاب تتالت 'الأفلام الذئبويّة' إن صحّت العبارة لتخف أحيانا وتتكاثر أحيانا أخرى وفق الحقبة التاريخية والأحداث التي تميّزها. ها هنا تكمن فرضيّتنا التي نصوغها على الصيغة التساؤليّة الآتية: هل من علاقة بين الحروب وانتاج الصور الدموية التي تصوغها لنا الحروب وبين الاستذآب الذي يصوغه لنا فن السينما؟. سنرى.

بعد الفيلم الأوّل سنة 1913 The Werewolf of London تتالت ثلاث أفلام تتحدّث عن الإنسان الذئبيّ وذلك إلى حدود فيلم 'وحش لندرة' للمخرج ستوارت ولكر Stuart Wolker لكن مع الشائبة التي أصابت العالم إبّان الحرب العالميّة الثّانية تكاثرت تلك لأفلام ابتداء من أربعينيات القرن الماضي، ونستطيع أن نحصي ما يزيد عن عشرة أفلام في ما يقلّ عن عشرة أعوام تصبّ كلها في التماهي الإنسانيّ الذئبيّ. الغريب أن أغلبيّة هذه الأفلام أمريكيّة لمخرجي تلك الحقبة مثل جورج فاغنر ( wolf man 1941)، وروي ويليام نايل عن فلمه الذي جمع فيه بين المستذئب و' فرانكايشتاين' سنة 1943 أو الجمع بين مصّاص الدماء الشهير دراكولا والذئب الإنسانيّ في فيلم 'منزل دراكولا' سنة 1945 ( نهاية الحرب) للمخرج الأمريكي دائما آرل كونتون Erle C. Kenton الذي كان قد أنجز قبل هذا الفيلم بسنة فيلما آخر جمع فيه بين فرانكايشتاين والذئب الإنسانيّ في شريط عنوانه 'منزل فرانكايشتاين' هذه المرّة سنة 1944.ما للذئاب والمخرجين الأمريكيين؟ سؤال نطرحه على سبيل الطرح لا غير.

إننا لا نكاد نحصي الذئاب التي ملأت شاشات السينما منذ الحرب العالميّة الأولى، هي تتكاثر وهي أمريكيّة في المرتبة الأولى وفرنسيّة لأنّ أصل المستذئب إنّما هو فرنسا. يكفي أن تذكر الخرافات التي شاعت في القرن الوسيط الفرنسيّ والتي تتالت إلى حدود القرن السّابع عشر حين ظهرت قصّة الأطفال 'ذات الرّداء الأحمر' والتي سنلاحظ فيها في بساطة هي أعمق ما يكون تماهي الذئب مع الإنسان عندما افترس وحشنا المخيف الجدّة لينام في فراشها مرتديا ملابسها وغطاء رأسها ومقلّدا صوتها، هذا بعد أن قلد صوت الطفلة التي في طريقها إلى الجدّة ببعض الأكل. الذئب في تلك الحكاية رمز للدهاء وللخطر المحدّق بالفتاة في المجتمع الذي لا يزال محافظا، فما طريق 'ذات الرّداء الأحمر' سوى طريق النضوج وما الذئب سوى الذكر المهدّد لعذريتها الملفوفة بوصيّة الأمّ منذ أوّل الحكاية.

كأنّنا نجزم أن السينما كانت أكثر فطنة من غيرها من الفنون لما يصيب الإنسان من 'ذئب نفسيّ'، لذلك تكاثرت مع الحرب العالميّة الثّانية وإثرها أين أثبت ذاك وحشيّته في أكثر من مرّة، قد تكون لذاك السبب فقط أن جنسيّة سينما المستذئبين قد تنوّعت بعد ذلك فمن مكسيكيّة (le fooyeur de la pleine lune هدّام تمام القمر للمخرج جيلبرتو مارتينيز سولاريس) إلى إيطاليّة فإنكليزيّة فيابانيّة ( 'ندبة الذئب'، Mark of the wolf سنة 1937) إلخ... هي ما يقارب الخمسين فيلما عن المستذئب والمستذئبين منذ نهاية الحرب العالميّة الثّانية إلى نهاية الحرب الباردة.

في ثمانينيات القرن الماضي قلّت تلك الأفلام، وأصبحت أفلاماً تتحدّث عن الأب الذئب ـ هل هي محاسبة الماضي؟- قد يكون ، كفانا أن نذكر فيلم 'أميّ مستذئبة' للمخرج الأمريكي ميشال فيسشا Michael fischa سنة 1989 واستعادة فيلم Werewolf الفيلم الأب لسينما الذئاب من لدن المخرج الأمريكي ـ مرّة أخرى - دافيد هامّينغس David Hammings سنة 1987.

تتعالى أصوات الذئاب في 'بلاتوات' السينما طيلة التسعينيات فهي عديدة ومتعدّدة ومختلفة الجنسيّة، هي أكثر دموية وعمقا، ترتبط بتمام القمر وبالليل وبالأسطورة نهاية، هي ذاهبة ناحية الشهوانيّة القصوى والقاسية. الجريمة المشتهاة. العناوين هي أيضا أكثر عمقا من 'عين الذئب' للأمريكي جافّ ليروي Jeff Leroy (1999 ) إلى فيلم 'تمام القمر' للمخرج ايريك راد Eric Red (1996 ) أو 'تمام الخسوف' للمخرج الأمريكي أنطوني هيكوكس Antony Hickox سنة 1993، مرّة أخرى لا نستطيع إحصاء مثل هذه الأفلام التي يختلط فيها الذئب بالإنسان، ومرّة أخرى تتوجّه فرضيّتنا إلى ربطها بتلك الحقبة التاريخيّة التي سال فيها الدّم الإنسانيّ وعاث فيها ذئب 'هوبز' في أخيه الإنسان.

العشريّة الأخيرة هي عشريّة سينما الذئاب بامتياز. فمنذ سنة 2000 سنلحظ أنه في ذات السنة ظهرت أفلام الذئاب الإنسانيّة عدة مرّة، فهي أكثر من عشرة أفلام سنة 2009 وحدها معظمها أمريكيّ كما جرت العادة، الجديد فيها أنّها تؤكّد فرضيتنا بصفة مباشرة ومن العناوين أحيانا. ففيلم مثل 'حرب الذئاب' War Wolves للمخرج الأمركي طبعا - مكائيل وورث Michael Worth وغيره سيؤكّد أن جوّا عامّا وراء تكوّن تلك الأفلام، هي الحرب التي تطفو فيها الذئاب من صدور الإنسان. وهل من وحش أكثر ذئبويّة من ذاك الذي يطلع علينا إبّان الحروب؟

هي ذئاب وإن لبست جسد الإنسان فهي لا تكفّ عن عداوته، وهي ذئاب يحتاجها الإنسان حتى يتمكن من العيش والصّمود مثل الفيلم الذي يتحدّث عن كاتب مستذئب ( ويا للعجب) يحمل عنوان 'الذئب Wolf' (1994 ) للمخرج 'مايك نيكولس' Micke Nichols الكاتب الصحافي العجوز 'ويل راندال' الذي احتاج طاقة الذئب كي يبقي على عمله ككاتب وكي يتغلّب على الدّماء الجارية في عروق كاتب شاب منافس. مستذئب هذا الفيلم لم يتخلّ عن قيمه الإنسانيّة فقد انتهى الفيلم بانتصاره على ذئب نفسه بينما انهزم الكاتب الشاب أمام ذئبويّته.

توجّه هذه الأفلام كاميراتها إلى نفسيّة الإنسان حيث يسكن ذئب ذو عواء. هذه الذئبويّة التي تنطلق راكضة في العالم زمن الحروب حيث تصبح المنطق الحاكم لكل العلاقات. انتبه الفلاسفة إلى ذلك ولعل أشهرهم الانكليزي 'هوبز' ( القرن 17) الذي خصص كتابا لتلك الذئبويّة ومنها عبارته الشهيرة 'الإنسان ذئب لأخيه الإنسان'. وهي فلسفة شكلت أثناء الحروب التي سادت في تلك الحقبة. العرب انتبهوا بدورهم لتلك الذئبويّة ولن نقصد طبعا ذئب امرئ القيس الطيّب 'الخليع المعيّل' الذي لم نر منه في معلّقته سوى العواء، بل هي ذئاب معنويّة 'شرّانية' منها ما ذكر في في كتاب المذاكرة في ألقاب الشعراء للنشابي الإربلي قول الشاعر:

إستذأب الناسُ، فمن لم يكنْ في الناسِ ذئباً أكلتهُ الذئاب

أو قول الشافعي فيه تجاوزت ذئبويّة الإنسان ذئبويّة الذئب بقوله: وليس الذئبُ يأكل لحمَ ذئبٍ / ويأكلُ بعضُنا بعضاً عِيانا.

شاعر من تونس

القدس العربي في

25/08/2010

 

تدفق شبابي على عروض «مهرجان الفيلم اللبناني»

حكايات ليست إلا تمريناً على إبداع الصورة

نديم جرجورة 

انتهت الدورة التاسعة لـ«مهرجان الفيلم اللبناني»، الذي تُنظّمه سنوياً جمعية «..نما في بيروت»، مساء أمس الأول الاثنين. خمسة أيام متتالية، شهدت عروضاً متنوّعة ولقاءات عدّة. مفارقتان اثنتان حدثتا: تدفُّقُ حشدٍ كبير من المشاهدين، بغالبية شبابية. إلغاء العرض الخاصّ بالفيلم الوثائقي «شو صار؟» لديغول عيد. أمّ شبابٌ عديدون صالتي «سينما متروبوليس/ أمبير صوفيل»، قبل مواعيد بدء الحفلات اليومية الثلاث بنصف ساعة أحياناً. هذا دليل اهتمام. هناك من ظلّ يدخل ويخرج من الصالة وإليها أثناء العروض. لكن بعضاً آخر فضّل المجيء قبل الوقت المحدّد لكل حفلة. هناك من افترش الأرض، لامتلاء مقاعد الصالة كلّها. باتت هذه الظاهرة شبه ملازِمة لمهرجانات محلية عدّة. هناك رغبة واضحة في المُشاهدة. في الاطّلاع على كل جديد ممكن.

الظاهرة الثانية المرافقة، أحياناً، للمهرجانات المحلية متمثّلة بإلغاء عرض هذا الفيلم أو ذاك. «شو صار؟» انضمّ إلى الظاهرة المذكورة هذه. لم يُعرض في موعده المحدّد سابقاً (الثامنة مساء الأحد الفائت)، لاعتبارات خاصّة بالرقابة: «هناك تأخير في إصدار إذن العرض» كما قيل. لكن آخرين رأوا أن السبب كامنٌ في موضوعه المرتبط، مباشرة، بالحرب الأهلية اللبنانية. أي بأحد فصولها الدموية العنيفة. القيّمون على الرقابات المختلفة القائمة في لبنان، مُدّعو حرص على أخلاق عامة وفردية. مُدّعو فهم لحساسية الارتباك اللبناني الداخلي. مُدّعو تنبّه إلى عجز المجتمع اللبناني على تحمّل نتائج استعادة فصول تلك الحرب المدوّية، أو ما خلّفته من أعوام سلم أهليّ هشّ ومنقوص. أقول الرقابات اللبنانية، وأعني بها الرقابات المجتمعية والسياسية والطائفية والإعلامية، والثقافية أحياناً كثيرة. لكن الرقابة الأمنية، أي «جهاز الرقابة على المصنّفات الفنية» التابع لـ«المديرية العامّة للأمن العام»، لم يُصدر بياناً، ولم يُعلّق على الفيلم وموضوعه. تردّد أن هناك تأخّراً في مشاهدته، أدّى إلى تأخير منح إدارة «مهرجان الفيلم اللبناني» إذاً العرض.

عنف

بعيداً عن هاتين المفارقتين، عُرضت الأفلام كلّها. الحشد الشبابي دليل عافية. فعلى الرغم من أن كثيرين جاؤوا إلى الصالتين المخصّصتين بالمهرجان لمُشاهدة أفلام الأقارب والأصدقاء، إلاّ أن المفارقة لافتة للانتباه. آخرون جاؤوا كي يُشاهدوا. كي يتابعوا ما يحدث في المشهد السينمائي والبصري اللبناني. كي يُعاينوا، فيسألوا ويناقشوا، وإن بخفر وهدوء. مواضيع أفلام عدّة واشتغالاتها البصرية لافتة للانتباه أيضاً. بدءاً من «المطحنة» (لبنان، 2009/ 2010، روائي قصير، 19 د.) لرامي قديح، الفائز بالجائزة الثانية (ألف وخمسمئة دولار أميركي). هذا مخرج شاب مهمومٌ بالسينما. قادرٌ على جعل المادة الدرامية، المختارة من اهتماماته الثقافية والإنسانية والحياتية، فيلماً سينمائياً جميلاً. هذا رأي مختصرٌ. لكنه انعكاس لمدى قوة الفيلم في التأثير. الاشتغال السينمائي مرتكزٌ على مفردات اللغة السينمائية، شكلاً ونسقاً وكتابة وإدارة وتمثيلاً. رامي قديح مهمومٌ، أيضاً، بالعنف. سواء كان العنف داخلياً أم خارجياً (مع ترجيح الأول دائماً، من دون التغاضي عن الثاني)، فإنه يحتلّ مكاناً أساسياً في نصّه السينمائي. قبل أعوام عدّة، أنجز «وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح». غاص في التفاصيل اليومية لشاب عانى الأمرّين، وسط انهيار الأشياء الحياتية كلّها. الشارع المقيم فيه هذا الشاب صغير وضيّق. الحارة شعبية. التوتر طاغ. لم يُحلّل رامي قديح البيئة والمناخ. أراد رسم صورة حيّة وواقعية وحقيقية عن أناس وحكايات

العنف حاضرٌ بشدّة في «وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح». تماماً كما في «المطحنة». شابان صديقان يقيمان في مكان ناء وغير مسكون. مكان في حضرة الطبيعة. أو في فضائها المتّسع على ألف حكاية وسلوك ومناخ. يمضيان لحظاتهما في التأمل والعيش داخل الكوابيس أو الأحلام المسحوقة. حواراتهما مع بعضهما البعض قليلة. مليئة هي بذكريات ومواقف ونظرات، بعيداً عن التصنّع الثقافي أو الادّعاء الفكري. الصمت قاتل في المكان المختار لعزلتهما. لكنه بديع في اعتماده نمطاً من التعبير السينمائي. العنف، هنا أيضاً، طاغ. في الباطن الإنساني، كما في العلاقة بالذات والآخر. تداعيات العنف الداخلي تنسلّ ببطء وهدوء إلى الخارج. إلى الصورة التي صنعها المخرج الشاب، الذي أدّى دور أحد الشابين الصديقين. لكن العنف يظهر أخيراً في صورة رصاصة وقتل ودم. تماماً كما في النهاية الصادمة لـ«وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح». لا يخرج رامي قديح من الحيّز الجغرافي المقيم فيه، إلاّ ليُقدّم صورة إنسانية عامة، مرتكزة على مفردات المحليّ أحياناً. أي إنه يغوص في أعماق النفس البشرية، كي يقول معنى آخر للعنف والعيش الدائم على الخطّ الواهي بين الواقع والمتخيّل.

تنويعات

بالإضافة إلى «المطحنة»، هناك ثلاثة أفلام روائية قصيرة مثيرة للاهتمام: «أنقاض» (فرنسا، 2009، 19 د.) لروي عريضة، «بيروت غميضة» (الولايات المتحدّة الأميركية، 2010، 35 د.) لدارين حطيط، «بالسَّما» (لبنان، 2009، 19 د.) لتانيا شويري؛ وفيلمان وثائقيان: «الزهرة المنسية» (لبنان، 2010، 16 د.) لرهام عاصي و«وادي خالد» (لبنان/ فرنسا، 2008، 15 د.) لكريستوف كاراباش. اختبارات متنوّعة. الروائي القصير موغل في مآزق الذات الفردية وآثار الحرب الأهلية فيها. الوثائقي مختلف: النَفَس الشعري حاضرٌ. التجريب أيضاً. محاولة جادّة لمقاربة المادة الإنسانية باشتغال سينمائي متحرّر من سطوة التحقيق أو الريبورتاج، ومائل إلى تعميق العلاقة بين الصورة والحكاية. اختار روي عريضة أسطورة مصّاص الدماء كي يقول شيئاً عن وحشية الحرب الأهلية اللبنانية، وبشاعة تأثيراتها التي حوّلت الناس إلى مصّاصي دماء. ليس الناس جميعهم، بل المقاتلون تحديداً. أو بعض المقاتلين. صديقان مقيمان في باريس، يحيلان لياليهما على حفلات عنيفة من الرقص والسُكّر وشرب.. دماء ضحاياهما النسائية. المسار الدرامي هادئ في رسم الصورة والشخصيتين وعوالمهما القاسية. الإيقاع أيضاً. التمثيل مائل إلى الجانب المظلم في الشخصيتين، من دون مبالغة في السوداوية. السرد متمكّن من تحديد الأطر الإنسانية والمفاصل الدرامية من دون تسطيح أو تصنّع.

بعض هذه المسائل موجودٌ في «بيروت غميضة». المخرجة المقمية في الولايات المتحدّة الأميركية، عادت إلى العام 1982 (أي قبل ثلاثة أعوام على ولادتها في بيروت)، كي ترسم شيئاً من مسارات أناس مختلفي الهواجس والشخصيات، على إيقاع حرب مدمّرة. بقدر ما أرادت هذه الحرب خلفية للنصّ والمسار الدراميين، حافظت حطيط على وهج الحكايات الفردية الموزّعة على مجموعة من الأفراد المرتبطين بعضهم بالبعض الآخر بعلاقات مختلفة (أهل، أشقاء، أقارب، جيران، عشق، تماه، إلخ.). الحرب قائمة. لكن المناخ الداخلي محصور بأفعال العشق والحسّ الجسدي والانفعال والتمزّق والرغبات المدفونة في أعماق الذات. أو المفتوحة على احتمالات الألم والتيهان. الألوان الغامقة أو المُشعّة دليل حادّ على ما يعتمل في هذه الأعماق من تناقضات وصدامات. السرد مرتكز على اللغتين الفرنسية والعربية. مرتكز أيضاً على خطّ درامي تصاعدي، يبدأ هادئاً، ثم يذهب بعيداً في تفتيت الأشكال الظاهرة، لمزيد من التعمّق في الباطن. تانيا شويري أنجزت فيلماً مختلفاً عن الفيلمين السابقين، بابتعادها عن الحرب الأهلية اللبنانية ومناخاتها. غير أن الابتعاد المذكور بات، في فيلمها «بالسَّما»، التصاقاً بحرب من نوع آخر. النزاع الداخلي في ذات الأب، أخذه إلى شيء من العزلة. ابنه وائل مرتبك. ظنّ أن والده مريض. بحث عمّا يُشفيه. فتّش عن الله. التداخل بين الواقع والمتخيّل في السيرة اليومية لوائل مشغولٌ ببساطة درامية وجمالية. مشغولٌ برغبة ثقافية وإنسانية واضحة لدى المخرجة الشابّة في تحويل الصورة إلى بوح. في جعل المتتاليات البصرية سرداً حكائياً.

الفيلمان الوثائقيان منتميان إلى نمطين آخرين: النَفَس الشعري، صورةً ونصاً، جعل «الزهرة المنسية» فيلماً حميماً عن أناس مشغولين بزراعة الدخان، وعن بيئة حاضنة لهم، وعن طبيعة ومفارقات وبوح إنساني أرادته المخرجة رهام عاصي تواصلاً مع ذاكرة أو حكايات أو مجتمع أو ذات. التجريب سمة «وادي خالد». التنقيب في الحياة اليومية لأناس مقيمين على الحافة، أو داخل الفراغ، أو في الغياب الإنساني، بات اختباراً فنياً لمدى قدرة الصورة على إعادة صوغ المشهد الحقيقي. أو على جعل الحكاية تمريناً على اللعب الإبداعي بالصورة، وبما تحمله من معان وأشياء.

السفير اللبنانية في

25/08/2010

 

اختتام "مهرجان الفيلم اللبناني" التاسع في متروبوليس أمبير ـ صوفيل

"العمود الخامس" و"المطحنة" أفضل فيلمين 

اختتم "مهرجان الفيلم اللبناني" أول من أمس دورته التاسعة التي انعقدت في سينما متروبوليس أمبير- صوفيل على مدى خمسة أيام. وتضمن الختام حدثين أساسيين هما إعلان الأفلام الفائزة بجوائز المهرجان الثلاث وعرض باكورة باتريك شيحا الروائية الطويلة "ميدان" (Domaine). استهل مدير المهرجان بيار صرّاف الأمسية بخلاصة، جسّدت بالأرقام موقع المهرجان وأهدافه. فأشار إلى ميل الدورة التاسعة إلى أفلام المخرجين الشباب بعد أن قدمت الدورات السابقة تجارب لمخرجين لبنانيين محترفين ومخضرمين. كما شدّد على أن نحو ربع الأفلام التي عُرضت تشكّل التجارب الأولى لمخرجيها. ومن هنا ربما استُحدثت هذا العام جائزة معنوية لأفضل فيلم أول. وتوقّف صرّاف عند إلغاء عرض الفيلم الوثائقي "شو صار" لديغول عيد في اليوم السابق للختام بسبب عدم إصدار الرقابة على المصنّفات الفنية في الأمن العام اللبناني إجازة عرضه، مشدّداً على إنها الحادثة الأولى من هذا النوع التي يواجهها المهرجان منذ انطلاقته في العام 2001. وأشار إلى أن المهرجان آثر عدم إحداث بلبلة لاسيما ان الرقابة لم تمنع عرضه بل امتنعت عن إصدار حكمها في الوقت المناسب للعرض. ولم يتوانَ صرّاف عن وصف الفيلم بـ"الحسّاس" لجهة تعرّضه للطوائف والأحزاب على طريق رحلة مخرجه البحث عن قتلة عائلته خلال الحرب اللبنانية. هكذا سُحب الفيلم من البرمجة فاقداً شرط التأهّل للجوائز بينما ينتظر قرار الأمن العام الذي سيحدّد ما إذا كان سيعرض في مناسبات سينمائية مقبلة في بيروت او سيُمنع نهائياً عن الجمهور اللبناني. بعد صرّاف، كانت كلمة لرئيس مجلس إدارة بنك عودة، الراعي الرسمي للمهرجان ومانح الجوائز المالية، الوزير السابق ريمون عودة، أوجز فيها أزمة المصارف والرعاية المالية مشيراً إلى عشرات الرسائل التي تصله يومياً طلباً لمساندات مالية ومعرباً عن سروره اختيار المصرف مهرجان الفيلم اللبناني كحدث ثقافي فني وحيد يرعاه ويساند من خلاله السينما اللبنانية.

تألفت لجنة التحكيم التي شاهدت الأفلام واختارت منها الفائزة من الناقد السينمائي هوفيك حبشيان والمخرجة لميا جريج والممثلة منال خضر. أوحت كلمة حبشيان الموجزة بعدم رضاه عن توزيع الجوائز إذ أشار إلى "النقاشات الطويلة" التي صاحبت عملية مشاهدة الأفلام الإحدى والأربعين وتعيين الفائز منها كما لمّح إلى تفضيله الشخصي للفيلم الفائز بالجائزة الثانية. إلى ذلك، وصف مستوى الأفلام بالجيد عموماً.

فاز بالجائزة الأولى (3 آلاف دولار أميركي) لأفضل فيلم "العمود الخامس" (The Fifth Column) لفاتشي بولغوريجيان الذي يصوّر علاقة صبي بوالده على خلفية وفاة الأم وفصل الأب من عمله وإدمانه الكحولي. يستوحي الشريط القصير من أجواء السينما الإيرانية ولا يخلو من حساسية المقاربة لموضوع التواصل بين الأهل والأبناء ولتأثير الفقد في خلخلة توازن ولد يبحث عن الملاذ والاستقرار في كنف العائلة. أما الجائزة الثانية (1500 دولار أميركي) فذهبت إلى المخرج الشاب رامي قديح عن فيلمه "المطحنة" الذي يصوّر رحلة صديقين شابين إلى منطقة جبلية نائية تنتهي نهاية غير متوقعة. الشريط هو الثاني لقديح بعد "وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح" وفيه يستكمل المخرج الشاب اكتشاف أدواته ذاهباً هذه المرة إلى أجواء مختلفة تستوحي من أفلام الرعب وتوظّف الصدمة للتعبير عن مكنونات شخصياتها الغامضة انما المسكونة بالعنف. جائزة الفيلم الأول نالها مناصفة فيلما "تشرين الثاني" لميريللا سلامة و"وسط الآخرين" لرينيه عويط. كما نوّهت لجنة التحكيم بفيلم "وادي خالد" لكريستوف كاراباش.
بعيد توزيع الجوائز، عُرض فيلم الختام "ميدان" لباتريك شيحا في تجربته الروائية الأولى المصوّرة بين فرنسا والنمسا مع الممثلة بياتريس دال وستكون لنا قراءة للفيلم وحوار مع مخرجه يوم الجمعة المقبل.

المستقبل اللبنانية في

25/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)