حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أفلام خالدة [6]

سبيلبرغ يصنع أهم 25 دقيقة عن الحرب وويلاتها

«إنقاذ الجندي ريان» يخلد إنزال الحلفاء في النورماندي

عبدالستار ناجي

حينما كان المخرج ستيفن سبيلبرغ يصور فيلمه «لائحة شيلندر» عام 1993 وحصوله على كم من الوثائق والمعلومات عن الحرب العالمية الثانية، اكتشف الحاجة الماسة الى عمل سينمائي، يخلد عملية انزال قوات الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة يوم السادس من يونيو 1944 على شواطئ النورماندي، وكان ذلك الانزال هو الانجاز والمفتاح الحقيقي لعملية دحر القوات الالمانية النازية، ومن يشاهد فيلم «انقاذ الجندي ريان» وبالذات ثلث الساعة الاولى يكتشف ضراوة تلك المعركة وعنفها وايضا الحرص على تخليدها بجميع تفاصيلها والتضحيات الكبيرة التي سجيت والملاحم البطولية التي طرزت من أجل تحقيق ذلك الانزال الرائد من نوعه في الحروب، وما يحدث لاحقا في الفيلم حكاية أخرى عن انقاذ جندي شاب هبط بمظلته خلف خطوط العدو وتصدر الاوامر من أجل انقاذه بأي وسيلة، خصوصا بعد ان يتم اكتشاف ان أخوته الثلاثة قد فقدوا في ذلك الانزال العظيم.

هذا هو المحور والاساس في ذلك الفيلم الذي بات اليوم أحد التحف السينمائية المهمة التي تخلد ذلك الحدث التاريخي المهم.

ونعود الى ستيفن سبيلبرغ الذي يعتبر أحد أهم صناع السينما العالمية اليوم كمخرج وكمنتج وكلاعب أساسي في صنع القرار في هوليوود وفي السينما العالمية بشكل عام.

لكن هل تعرفون حكاية ستيفن سبيلبرغ مع السينما؟ لعلهم قلة في العالم الذين يعرفون حكايته التي قدمها ذلك المخرج ذو الاصول اليهودية ضمن درس سينمائي تحول لاحقا الى ما يشبه الوثيقة التي تعتمد عليها جميع المصادر يقول سبيلبرغ: «في سن السابعة عشرة من عمري رافقت عدداً من زملائي في الفصل في رحلة مدرسية الى ستديوهات نيوفرسال وخلال الجولة استطعت ان أدخل الى أحد الاستديوهات (خلسة) حيث كان يصور هناك أحد الافلام، وفي فترة الاستراحة توقفت للحديث مع مدير قسم التحرير في يونيفرسال وطال الحديث لتغيير مسيرتي وأفكاري، ويؤكد حاجتي الى السينما كمستقبل، ومنذ ذلك اليوم قررت ان اذهب الى ذلك العالم.

وفي السن العشرين من عمري أصبحت أعمل في ستديوهات يونيفرسال وبعقد لمدة سبعة أعوام مهدت الطريق لمستقبلي السينمائي.

ونترك سبيلبرغ لنعود الى الفيلم مجدداً.

بداية الفيلم

افتتاحية الفيلم تذهب بنا الى ذلك المشهد الذي يتجول به أحد المحاربين القدماء جيمس فرانسيس رايان وعائلته في مقبرة النورماندي الاميركية الشهيرة، ويتجه مع الكاميرا الى أحد القبور ليركع أمامه وسرعان ما تذهب بنا الاحداث الى عام 1944 مع انزال الموجة الاولى من قوات الحلفاء على شاطئ آوماها الذي كان يومها تحت السيطرة الالمانية النازية وتتحول الشاشة الى أتون حرب وبركان متفجر من الرصاص المتطاير الذي يخترق الاجساد ويبتر الاطراف في تقنية سينمائية على صعيد الصوت والصورة سخر لها سبيلبرغ جميع الامكانات كي تظهر تلك الدقائق العشرون وكأنها فيلم مستقل، وان كان التركيز خلال تلك المعركة على شخصية النقيب جون ميلر الذي يجسده توم هانكس الذي يقود الكتيبة الثانية لاختراق الدفاعات الالمانية من أجل بلوغ منطقة المرتفعات الذي تشرف على الشواطئ التي كان الجنود الالمان يسيطرون عليها ويمطرون قوات التحالف بالرصاص من خلالها عبر معركة هي الاهم في السينما العالمية وبالذات تلك التي ترصد مشهديات الانزال.

شاطئ النورماندي

بعد سقوط شاطئ النورماندي في يد قوات التحالف تتحرك الكاميرا على كم من الخسائر بين الطرفين، لتبدأ بعدها حكاية تذهب الى أدق التفاصيل من تبعيات ذلك الانزال العظيم حيث أحد مكاتب البريد التابعة لوزارة الدفاع الاميركية الذي يقوم بارسال أطنان من الرسائل تحمل خبر وفاة الجنود الى ذويهم من بينهم رسائل لثلاثة اشقاء من اصل اربعة تم اغتيالهم خلال ذلك الهجوم والرسائل في طريقها الى والدتهم المفجوعة، في حين شقيقهم الرابع مفقود بعد ان هبط بمظلة خلف خطوط العدو، وتأتي الأوامر من الجنرال مرشال المسؤول عن القوات الأميركية، بتشكيل قوة عسكرية من أجل استعادة الأخ الرابع المفقود وبأي ثمن، والعمل على اعادته الى أهله سالماً.

ويتم تكليف النقيب جون ميلر، الذي كنا قد شاهدناه في مشهديات الانزال، بقيادة تلك المهمة، مع سبعة من الرجال الأفذاذ لانقاذ الجندي «ريان» وهنا نحن أمام مهمة، لا تقل عن تلك الأولى، حيث الانزال والمواجهة، وهنا من أجل استعادة مجند، خلف خطوط العدو المتمترسة... والمجهزة لمواجهة أي هجوم.

الدفاع عن الجسر

وتنقل الأحداث الى موقع استراتيجي على نهر مارديريت بالقرب من مدينة راميل الفرنسية، حيث يقوم رايان مع رفاقه بالدفاع عن ذلك الجسر، ولكن رحلة الوصول الى ذلك الموقع، تخلق حالة من الجدل، بين عناصر الفرقة بقيادة (ميلر)، حيث يتفجر انشقاق بين عناصر، بين راغب في مواجهة الفرقة الألمانية التي تحاصر الجندي ريان، أو انقاذ الجندي نفسه. وأمام ذلك الانشقاق والاختلاف، تفقد المجموعة الطبيب وايد، ومن ثم أسر مجند ألماني، حيث يطالب الجنود باعدامه، بينما يرفض (ميلر) الفكرة، ويعمل على تسلمه لقيادة الحلفاء، للحصول من خلاله على معلومات مهمة. ويهرب لاحقاً. وتمضي الرحلة مقرونة بالمصاعب والويلات، من أجل بلوغ ريان، والعمل على اعادته الى والدته، بل يقوم (ميلر) بابلاغ ريان بان اخوته الثلاثة قد لقوا حتفهم.

وفي تلك الأثناء، يقوم الألمان بعملية هجوم مضاد، حيث يقتلون جميع الجنود الأميركان، عدا (ميلر وادخام وريبين وراين) وأيضاً بعض الجنود من فرقة ريان وريان نفسه.

وهنا ملحمة أخرى، ومجزرة أخرى، حيث يغامر (ميلر) بنفسه من أجل تدمير الجسر، وايقاف الهجوم الألماني المضاد، ولكن كثافة النيران تصيب (ميلر) بل ان الاصابة القاتلة تأتيه من ذلك الجندي الألماني الذي كان قد قبض عليه، ولم يأمر باعدامه، ليقوم هو بنفسه باغتيال من منحه الحياة، ولكن قبيل لحظة الموت يبدأ باطلاق النار باتجاه الدبابة التي تتجه الى الجسر، ولكن وصول طائرات التحالف تكمل الأمر، حينما تقوم بقصف الدبابة واغتيال جميع الجنود.

مشاكل نفسية

وفي ذات اللحظة يقوم الجندي اوفام، الذي عرف بشيء من الخوف والمعاناة من مشاكل نفسية، الى اطلاق رصاصته الوحيدة، والتي اغتال خلالها ذلك الجندي الألماني (ويلي) الذي اغتال (ميلر) والذي وجد لاحقاً في زاوية الجسر ميتاً.

ونعود الى المشهدية المركبة، حيث تكبر ملامح المجند ريان الى ذلك العجوز الذي شاهدناه في المشهد الأول وهو يقف أمام قبر (ميلر) ليقول: «استحق هذه الحياة».

ويبقى ان نشير الى عدد من الحقائق، التي ارفقت مع الملف الصحافي للفيلم عند عرضه عالمياً، حيث صدرت المشاهد الافتتاحية (حرب الانزال) في ايرلندا وبالذات منطقة (ويلسفورد) الساحلية، بينما صدرت بقية مشاهد الفيلم في مدينة كالفادوس.

بلغت كلفة انتاج الـ25 دقيقة الأولى للفيلم 11 مليون دولار، وتم خلالها الاستعانة بألف مجند ايرلندي، وأيضاً بالمعدات والأجهزة الأصلية التي استخدمت خلال معركة الانزال، بعد ترميمها واصلاح النسبة الأكبر منها. بالاضافة الى النجم الأميركي توم هانكس والذي جسد شخصية النقيب (جون ميلر) هو صديق شخصي للمخرج ستيفن بيتلبرغ بورن وادم جولد بيرغ، بالاضافة الى مات دامون بدور الجندي جيمس فرانسيس رايان. فيلم تحفة، يذهب بنا في اتجاهين، الأول وهو بيت القصيد، تخليد حدث ومعركة، حيث انزال النورماندي، وأيضاً انقاذ انسان. وأشير هنا، الى ان المخرج الروسي نيكتا ميخانيلكوف، حينما بادر الى انجاز الجزء الثاني من فيلمه «أحرقته الشمس2» قال: «حينما شاهدت انقاذ الجندي ريان شعرت بأهمية السينما في تخليد عملية انزال جنود الحلفاء في منطقة النورماندي، وكان علي ان اصنع فيلماً مماثلاً، عن الدور الذي قام به جنود الاتحاد السوفييتي (سابقاً) في دحر الجنود الألمان وهزيمتهم في الحرب العالمية الثانية.

فهل يكفي بعد ذلك من شهادة بحق هذا الفيلم الذي صنعه ستيفن سبيلبرغ، الذي يكفي ان نشير الى انه صاحب أفلام «انديانا جونز» و«قائمة شيلندر» و«الحديقة الجوراسية» و«اي. تي» و«الفك المفترس» وغيرها من التحف السينمائية الخالدة. ويبقى ان نقول. «انقاذ الجندي ريان» تحفة سينمائية تخلد التضحية من أجل الانسانية.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

18/08/2010

 

روبرت دوفال...تاريخ كامل من الشخصيّات الآمرة

واشنطن- آن هورناداي 

كل ما يقوله روبرت دوفال، سواءً عن لقائه بزوجته أو المشاركة في مسرحية، أو إعداد فطائر السلطعون، يتحوّل عموماً إلى حكاية تستحق أن تكون قصّة فيلم هو بطلها.

حين يُسأَل دوفال عن الفيلم الدرامي الهادئ Get Low الذي تدور أحداثه في حقبة الكساد الكبير وحيث يؤدي دور ناسك غريب الأطوار يرتّب مأتمه الخاص، ينتهي الأمر به إلى الحديث عن البغل في الفيلم، حيوان داعم من فرونت رويال في فيرجينيا يستطيع «التوجّه إلى صندوق البريد، وعزف البيانو» (والجموح أيضاً، المهارة الوحيدة المطلوبة منه في أوقات الفراغ).

من جانب آخر، عندما يُسأَل عن عمله مع سيسي سبايسك، التي تؤدّي دور حبيبة نوعاً ما في الفيلم، يفسّر اللفظ المناسب لشهرتها («سباي-تشيك، لأنها من أصل تشيكي»)، ويشير إلى أنهما يعيشان أحدهما بالقرب من الآخر في مزارع فيرجينيا، من ثم ينتهي بالحديث بإسهاب عن مباهج اللحم المطبوخ كما يجب، يقول دوفال: «ما أحبه في الأرجنتين أنهم يطبخونه بالملح فحسب».

يقودنا ذلك بالتالي إلى قصة كيفية لقائه بزوجته، لوسيانا بيدراسا، في شوارع بوينوس آيريس خلال تصويره الفيلم التلفزيوني The Man Who Captured Eichmann في العام 1995. يقول دوفال ممازحاً: {أُعدم أيخمان في إسرائيل من ثم التقيت بها»، مضيفاً: «هي أصغر منّي بكثير». يُذكَر أن دوفال سيبلغ الثمانين من العمر في يناير (كانون الثاني)، فيما تبلغ لوسيانا 38 عاماً.

يتابع حديثه خلال الغداء في أحد مطاعم واشنطن: «لكننا وُلدنا في التاريخ نفسه: الخامس من يناير. حين التقيت والدها قال لي، «لا أعرف إن كان عليّ دعوتك أبي أو ولدي». يتحدث دوفال، مرتدياً سترة أنيقة وقميصاً يجعلان هاتين العينين المألوفتين أكثر حدةً، بلهجة جنوبية تذكّر بشخصياته الشعبية.

من جانب آخر، الفيلم، الذي أخرجه آرون شنايدر، المبتدئ في هذا المجال، مقتبس من القصة الحقيقية لفيليكس «بوش» بريزيل الذي عاش في تينيسي في ثلاثينات القرن الماضي. يؤدي دوفال دور فيليكس بوش، رجل مسن مُحاصر بشائعات تسري حوله منذ سنوات، يطلب من متعهّدي الدفن في البلدة (من تمثيل بيل موراي ولوكاس بلاك) ترتيب مأتم له ليستطيع سماع القصص التي تُروى عنه مباشرةً.

يقدّم دوفال، الذي يظهر بلحية خلال الجزء الأول من الفيلم، أداءً يستحق عليه جائزة أوسكار. يذكّرنا فيليكس من نواح عدّة ببدايات دوفال على الشاشة الذهبية بشخصية بو رادلي في فيلم To Kill a Mockingbird منذ نحو 50 عاماً. فقد نمت صداقة وطيدة بين دوفال وكاتب سيناريو الفيلم، هورتون فوت، وتعاونا معاً في أفلام عدّة منها Tender Mercies، الذي نال كلا الرجلين عنه جائزة أوسكار.

حين تلقّى دوفال نص Get Low، من كتابة كريس بروفينزانو وغابي ميتشل، أخبر فوت عنه. يذكر دوفال: «لم أنفك أقول، «هذا الفيلم يشبه أفلامك إلى حد كبير»، إنما أكثر جرأةً». وفي مارس (آذار) 2009، حين كان يصوّر أحد مشاهد Get Low، جاءه نبأ وفاة فوت.

يعقّب الممثل: «كان ذا تأثير كبير علي ومهيباً جداً، لكني أعتقد بأنه لو شاهد Get Low لأحبه كثيراً».

عاد العمل مع مخرجين في بداية مشوارهم على دوفال بالحظ السعيد، إذ أنتج وأدّى دوراً صغيراً في فيلم Crazy Heart، الذي فاز عنه بجائزتي أوسكار لهذا العام وينظر مخرجه وكاتبه، سكوت كوبر، إلى دوفال كمرشد له.

على رغم أن دوفال تمتّع بحياة مهنية طويلة ومحترمة في هوليوود، لكنه يميل إلى التحدث بحماسة عن الأفلام الإيرانية أكثر منه عن أي فيلم شاهده أخيراً في السينما.

يقول بحماسة: «هل شاهدت الفيلم الذي نفّذته فتاة إيرانية في السابعة عشرة من عمرها بعنوان The Apple؟ إنه جميل جداً». في المقابل، يذكر من بين الأفلام المفضّلة التي شاهدها أخيراً The Secret in Their Eyes، The Maid، Gomorrah، وThe Hurt Locker الذي يعتبره فيلم العقد بالنسبة إليه.

في السياق نفسه، يقول دوفال إنه ذهب وزوجته في إحدى الليالي لمشاهدة فيلم الحركة الكوميدي Knight and Day من بطولة توم كروز. يقول بحسرة: «لا بأس به لكنهم كانوا يقتلون الجميع. أعتقد بأن هذا ما يروق للناس، لكن بالله عليهم. لطالما أحببت تمثيل (كروز)، فضلاً عن أنه شخص لطيف ومن الممتع العمل معه. لكن لا أعرف، ثمّة الكثير من مشاهد القتل والقتل فحسب».

على حدّ قول دوفال، حين يلتقي مخرجين يافعين، يقدّم لهم نصيحةً: «إسمعوا! هوليوود مركز جذب، لكنها ليست الحل النهائي. يستطيع المرء استخدام آلة تصوير في أي مكان في العالم وصناعة فيلم. لكن نظريّتي تقول إنه يجب الانتقال من الحبر إلى الأسلوب. لا يهم إن كانت لديك آلة تصوير فحسب طالما أنك تتمتّع بالأسلوب».

وبالفعل، فإن أسلوب دوفال جعله أحد أعظم نجوم الأفلام، سواءً بدور مستشار إيرلندي إلى زعيم مافيا إيطالية في أفلام The Godfather، أو عقيد عدائي في Apocalypse Now، والد عنيف إلى حد مرضي في The Great Santini أو مغني موسيقى ريفية منهار في Tender Mercies، واعظ حماسي في الكنيسة الخمسينية في The Apostle أو الجنرال روبرت لي في Gods and Generals.

بعد تلك الأفلام كلها، وتلك الأدوار التي يصعب محوها من الذاكرة، هل يستطيع دوفال اختيار الفيلم المفضّل لديه؟

يقول: «أعتقد Lonesome Dove»، مشيراً إلى السلسلة التلفزيونية القصيرة في العام 1989 التي أدّى فيها دور العنصر السابق في شرطة تكساس، غاس ماكراي. يضيف: «شاركت في أفلام كانت أفضل إخراجاً من جميع النواحي من Lonesome Dove، لكن القصّة برمتها عنت لي الكثير».

وفي تصريح آخر له ذلك اليوم، يقول دوفال: «صُنع The Godfather بشكل متقن أيضاً. فبعد تصوير ثلث الفيلم، قلت: «أظنه سيحقق نجاحاً كبيراً»».

لكن دوفال أكثر اهتماماً بمشاريعه المستقبلية منه بالنظر إلى أفلامه السابقة، ويفصح بحماسة عن بعض المشاريع المحتملة. فقد طلب منه تيري غيليام تجسيد شخصية دون كيشوت أمام إيوان ماكريغور في فيلم The Man Who Killed Don Quixote، آخر محاولات المخرج لتحويل رواية سيرفانتيس الكلاسيكية إلى فيلم سينمائي. كذلك أرسل له بيلي بوب ثورنتون نصاً لفيلم Jayne Mansfield's Car الذي يحكي عن عائلة تعاني مشاكل في إحدى المراحل التاريخية السابقة. فضلاً عن ذلك، التقى سكوت كوبر، الذي تذوّق لتوّه طعم النجاح بـCrazy Heart، براد بيت أخيراً لإخراج نص عن قصّة العداوة الأسطورية بين هاتفيلد وماكوي والتي يوافق أي كان على أن دوفال وُلد للتمثيل فيها. يعقّب دوفال: «إنه سيناريو عظيم بالفعل يصل بمستواه إلى نصوص شكسبير».

جميعها مشاريع واعدة وستتحقق أو تتبدد بحسب التمويل، الموارد المتاحة، ونزوات الأقدار في عالم الإخراج. إنه عالم مفتوح على احتمالات كثيرة ويعرفه دوفال حق المعرفة. كاد ألا يشارك في Get Low بسبب التزامه بمشروع آخر، «لكن حينها قلت لنفسي، «علي القيام بذلك الآن»»، حسبما ذكر.  

الناسك يحضّر جنازته في Get Low

ريك وورنر

في عام 1938، قرر مزارع غريب الأطوار من تينيسي في الرابعة والسبعين من عمره ويُدعى فيليكس «بوش» بريزيل، تحضير جنازته الخاصة. فأعدّ لمأتم وقائي حظي بدعاية وطنية واستقطب 12 ألف شخص بينهم مراسلون، ومصوّرون وبائعو نقانق.

باختصار، تحوّل فيليكس بفضل «حفلته الجنائزية» إلى شخصية مشهورة. كتب عنه روبرت ريبلي، معدّ سلسلة Ripley's Believe It or Not!، في عموده الذي كان يُنشر في صحف عدّة وأحضره إلى نيويورك لإجراء مقابلة إذاعية معه. عاش فيليكس خمس سنوات إضافية ودُفن بعد جنازة أصغر حجماً بكثير لم يستطع للأسف حضورها.

تحوّل هذا النتاج الثقافي الأميركي المثير للفضول إلى Get Low، فيلم حسّاس وغريب الأطوار قدّم فيه روبرت دوفال أداءً بارعاً. حشا كاتبا السيناريو كريس بروفنزانو وغابي ميتشل القصّة الحقيقية بشخصيات وأحداث وهمية، فكانت النتيجة حكاية فولكلورية ذات سحر جنوبي.

يؤدي دوفال في الفيلم دور فيليكس، ناسك ملتحٍ يعتزل في الغابة وتسري حوله شائعات مخيفة منها أنه قتل رجلاً أثناء عراك بالأيدي. في أحد الأيام، يقود عربته التي يجرّها حصان باتجاه البلدة ويعرض على متعهّد الدفن (بيل موراي) ومساعده الشاب (لوكاس بلاك) رزمةً من النقود لقاء تنظيمهما مأتماً حيث يستطيع جميع من سمع قصةً عن فيليكس إخباره إياها مباشرةً.

لكن لدى فيليكس نفسه قصة مدهشة لروايتها تتضمن حبيبة ضائعة صادف أنها شقيقة حب قديم (سيسي سبايسك)، التي أصبحت أرملة اليوم ولم تفهم يوماً لمَ لم يبادلها فيليكس الحب.

يدع المخرج آرون شنايدير الحكاية تتكشف بوتيرة بطيئة تناسب محتواها. يُذكَر أنه يشق طريقه في مجال الأفلام السينمائية الضخمة بعد فوزه بجائزة أوسكار عن فيلمه القصير Two Soldiers،. من جهته، يعرض موراي بدور المتعهد التهكّمي الذي يطلق ملاحظات ماكرة قدرته على دمج الجدي بالكوميدي، بينما تشكّل سذاجة بلاك وعاطفة سبايسك تناقضاً بارعاً.

مع ذلك، دوفال هو الشخصية الأبرز في الفيلم. فعلى رغم قلّة كلامه وشح حركاته، يلفت نظرنا أينما توجّه على الشاشة. لا يحاول دوفال جعل فيليكس محبوباً، أو حتّى مثيراً للإعجاب. ففيليكس شخصية مشاكسة أحياناً وعنيدة دوماً، لكنه يعاني جرحاً في قلبه يستطيع الجميع التعاطف معه.

الجريدة الكويتية في

18/08/2010

 

ثقافات /

سحر وجماليات الحوار في سينما بيرجمان (2-2)

حميد عقبي من باريس

في الكثير من أفلام المخرج السينمائي الرائع انجمار بيرجمان نجد شخصيات متعبة ومرهقة ومريضة وبعضها على وشك الموت او شخصيات مضطربة ومعاقة او مصابة بأمراض نفسية وقد حرص في العديد من أفلامه تصوير لحظات الموت عبر الصورة والحوار، لناخذ مثلا فيلمه "صرخات وهمسات" فالسيدة صاحبة القصر تصرخ من الألم بسبب السرطان الذي ينهش جسدها وقد أتاح لها بيرجمان أن تتحدث وتكتب بعض ذكرياتها لحظات من السعادة والألم، في هذا الفيلم كأغلب أفلام بيرجمان حديث متواصل عن الموت ولعل الديكور بمحتوياته وسيطرة اللون الأحمر جعلنا نعيش بل نلمس ونحس بوجه الموت وسطوته ولعلنا في هذا الفيلم سنجد ان الحوارات في بعض الاحيان قصيرة لكنها معبرة واغلبها يدور حول الشخصية المعذبة فهناك من يستعجل موتها ورغم حضور الموت بقوة الا ان الانسان المادي لا يستفيد من هذه المواقف في حال فراغ الروح.

بيرجمان يتيح لبعض شخصياته يتحدثون الى آخر رمق أيّ الى اللحظة التي يفارق فيها الروح الجسد فهي لحظة ساحرة ومهمة حيث تنكشف الحقيقة امام الكائن الحي وتفاهة الآخرين وأنانيتهم
وفي هذه اللحظات يعترف الانسان بضعفه وغبائه ويمكننا ان نشاهد فيلم "الوجه" فالممثل الذي يجده الساحر في الغابة يكون في وضع مؤسف ويحمله الى العربة وهناك يظل يهذي الى ان يفارق الحياة، لكن بيرجمان يعيد الروح في بعض الاحيان للشخصيات الميتة لتعود تتحدث الى الاحياء وتتحاور معهم محاولة ان تحمل لهم بعض العبر ثم تعود لتموت مرة اخرى كون الموت في الكثير من الاحيان يحمل خلاص للنفس المعذبة.

مشاكل الازواج تحتل مكان كبير في افلام بيرجمان ويحرص ان يكون هناك حوارات خاصة ومهمة بين الازواج يتحدثون فيها عن مشاكلهم والخيانات الزوجية ومعنى السعادة والاستقرار وفي الكثير من الاحيان تنتهي العلاقات بالانفصال والتعاسة ويذهب كل واحد لطريقه ويتبعثر الحلم، ولعل من يشاهد فيلم "مونيكا" يحس بفداحة الفراق فالشاب (هاري) التي قامت (مونيكا) باغرائه ثم سفرهم للجزيرة حيث الحلم واللذة والجنس ولكن سرعان ما انهارت هذه الجنة لتتحول الى جحيم مع ظهور معالم الحمل على مونيكا وبعد ان ينفذ الغذاء والشراب تتحول الساحرة الجميلة صاحبة الجسد الرائع المغري الى وحش جريح عندما تضطر لسرقة قطعة من اللحم وتركض هاربة من الشرطة بين الاحراش، وبعدها تعود للمدينة وتصبح زوجة وتلد طفلة ولكنها تترك زوجها وابنتها وتفر مع عشيقها او صديقها الاول وفي هذا الفيلم نسمع الجدل الصاخب بين الزوج والزوجة ويقوم هاري بضربها وتنتصر مونيكا للذة والعشيق تاركة الزوج والابنة.

بيرجمان في افلامه يتيح فرصة للشباب التحاور والجديث عن احلامهم بكل عفوية والجدل حول قضايا اكبر منهم والتعبير عن وجهة نظرهم تجاه الاباء او الاسرة في فيلم" الفراولة البرية " يعثر البرفيسور اسحاق على شابين وفتاة ويحملهم معه على السيارة نسمع الكثير من الجدل حول الحب والالة والمستقبل هم يتجادلون ويتعاركون كاطفال، في فيلم "كما في المرآة" الابن يسال والده عن معنى الحب ونرى كارين تعامل اخوها كانه صديقها وحين تصاب بازمة وفي بطن القارب تدفع اخوها لممارسة الجنس معها، كثيرا ما يختار بيرجمان اماكن غريبة ليكون بها احداث او حوارات مهمة مثلا القارب نجده في فيلم " كما في المراة " زوج كارين مع الاب يتحدثون عم مرض كارين في فيلم" الوجه" بداخل العربة التي تتوغل بداخل الغابة هذا المكان الذي يتحول لعالم غريب ومفزع يدور جدل هام داخل العربة نرى الاجساد تهتز وهي تتحدث بمعنى ان المكان داخلي او خارجي له تاثير كبير على الجسد ويحرص بيرجمان في احيان كثيرة ان يكون الجسد مضطرب او غير متوازن بسبب تاثير المكان ويكون الحوار متقطع في بعض الاحيان وقد تتدخل بعض المؤثرات الصوتية مثل صوت الرعد او الريح فنشعر نحن ايضا برعشة الجسد من خلال الحوار.

انجمار بيرجمان يعطي مساحة للنساء داخل الفيلم اكثر منها للرجال بل ان احد افلامه لا يوجد بها اي شخصية رجل وهو فيلم "الشخصية" فنحن في هذا الفيلم امام شخصيتان نسائية الاولى ممثلة مسرحية فقدت صوتها بسبب ازمة او انهيار عصبي والاخرى ممرضة وتعيش الشخصيتان في مستنجع باحدى الجزر حيث لا يوجد الا صوت الطبيعة، الممرضة تظل تتحدث والاخرى صامته كاننا امام البحر بصخبه والارض بصمتها تتحول العلاقة الى علاقة جنسية وغياب الكلام في بعض الاحيان لا يعني غياب الحوار فالاجساد تتحاور ويمكننا ان نحس بما يدور بدواخل الشخصيات فهي تقترب من بعضها وتتخاصم ويظل للطبيعة حضور بارز من خلال صوت المطر وكانه الراوي.

بيرجمان يقدس المراة ويعطيها مساحة للتعبير عن نفسها وهو يقدم نساء من مختلف الاعمار ولكن مهما كان عمرها فهي تظل جذابة وقوية ولديها ما تقوله وتحكي عنه وهي لا تستسلم بسهوله وقادرة على تغيير اقدار الرجل والاستغناء عنه في اي لحظة ولناخذ مثلا فيلم " العلاقة" تلك المراة التي تخون زوجها وتختار عشيق وهي مستعدة للاستغناء عن زوجها واولادها والسفر معه بل تسافر ورائه ولكن عندما تحس انه لا يحبها او غير قادر على اسعادها وتكتشف انانيته فهي تستغني عنه وعن زوجها كي تعيش لنفسها، وكارين في فيلم "كما في المراة" تستغني عن زوجها لتخلق لنفسها عشيق هو الاله وهي قادرة على وصفه والاحساس به وتصويره لنا من خلال حديثها وفي فيلم "صرخات وهمسات" انيس المريضة على حافة الموت لا يمنعها هذا من الارتماء في احضان خادمتها حتى لوفهمنا ان هذه العلاقة جنسية.

الحوار في كثير من افلام بيرجمان قادر ان يغوص ويصور لنا العالم الميتافيزيقي اللامرئي رغم غرابته
ولعل اهتمام بيرجمان بهذا العنصر كرد فعل ضد الاتجاه المادي والمتغييرات الاجتماعية التي حصرت الانسان في زاوية ضيقة لتسلبه روحه فصورة الموت والاله والملائكة والشيطان حاضرة بقوة في اغلب افلامه رغم انه كما سبق واشرنا في الحلقة السابقة انه لا يؤمن ببعضها ولكنه يترك للمؤمن ان يعبر عن وجهة نظره ويتحسس هذه العناصر والعوالم الغامضة ويحلق معها، وعندما نستمع الى الحوار بافلام بيرجمان نحس باننا امام شاعر ورجل عاشق للمسرح الى حد الثمالة وهو يتعمد في بعض الاحيان اختيار الاسلوب المسرحي في الالقاء بل بعض المشاهد هي اشبه بمشاهد مسرحية اوتدور على خشبة المسرح ويمكنكم مشاهدة فيلمه "بعد العرض" كمثال لذلك وسنجد ان بيرجمان يختار شخصياته من الوسط الفني اي الشخصية تكون لها علاقة بالفن وخصوصا المسرح والموسيقى ويقوم بتسريب بعض آرائه حول هذه الفنون ويصور رؤيتها تجاه العالم والكون والحياة والموت والسعادة والتعاسة وكل فيلم هورؤية جديدة مفعمة بفكر فيلسوف شاعر ولنقل باختصار انسان فنان.

للاطلاع على الجزء الاول

http://www.elaph.com/Web/Culture/2010/8/587139.html

إيلاف في

18/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)