حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المخرج الألماني فيرنر هيرتسوغ:

كل أفلامي الوثائقية ترتدي قناع الروائي

ترجمة: نجاح الجبيلي

يعمل المخرج الألماني فيرنر هيرتسوغ Werner Herzog  في صناعة الأفلام منذ أربعين سنة وعند هذه النقطة من صنعته تفوقت الأسطورة على الرجل. يأكل هيرتسوغ حذاءه في رهان مع إيرول موريس، ينقذ الممثل يواخين فونيكس من سيارة انقلبت به، ويستمر في مقابلة على الهواء مباشرة بعد أن أصيب بطلقة من بندقية هوائية ("لم تكن رصاصة ذات أهمية")-

تلك هي بعض الحكايات الواقعية غير القابلة للتصديق التي اشتهر بها.

ولكونه جزء من طليعة صانعي الأفلام الألمان في السبعينات بضمنهم فيم فندرز وراينر فرنر فاسبندر صنع هيرتسوغ اسمه أصلاً في الأفلام التي عالجت الثيمة الكبرى عن الإنسان مقابل الطبيعة بضمنها كلاسيكياته مثل: أغويرا؛ غضب الرب؛ فيتسغارالدو؛ لغز كاسبار هاوسر؛ وستروزك. وفي الفترة الأخيرة ضرب توازناً بين الأفلام الوثائقية بأسلوب الشخص الأول مثل "الرجل الأشيب" و "مقابلات عند نهاية العالم" و الأفلام الروائية باللغة الإنكليزية مثل " لا يقهر" و "فجر الإنقاذ".

وآخر أفلامه الذي يحمل إشارة إلى اسم فيلم الإثارة البوليسي المثير للجدل عام 1992 "الملازم السيء" لآبل فيرارا جذب الفضول الشديد منذ أول إعلان له بسب إسناد بطولته إلى الممثل نيكولاس كيج. كما أن مقدمته انتشرت كالفايروس أيضاً وهي تعرض العديد من الخطوط الجديرة بأن يستشهد بها وصوراً غريبة من داخل معجم الثقافة الشعبية

وفيلم "الملازم السيئ: بورت أوف كول* نيوأورليانزBad Lieutenant: Port Of Call New Orleans  " هو فيلم إثارة هائجة مثل فيه كيج دور مخبر شرير يصارع شياطينه ويبحث عن العدالة في جريمة بسبب الإدمان من قبل المهاجرين السنغاليين. وقد تحدث هيرتسوغ مؤخراً إلى صحيفة  "كلاب آي في" عن نيكولاس كيج ونيوأورليانز و"مدرسة الفيلم المختلف" Rogue Film School  الجديدة الخاصة به.

·     عند التفكير بفيلمك "الملازم السيئ" بالعلاقة مع أفلامك الأخرى يبدو أن اهتمامك باللوكيشن (الموقع) يمتلك صفة مشتركة واحدة. فإذا ما صور الفيلم في مكان غير نيوأورليانز مثل ديترويت ،كما في النسخة الأصلية، فهل يثير اهتمامك أكثر؟

حدث شيء غريب لأنه يتعلق بثلاث نواح، فكل شخص تجمع في نيوأورليانز. تلقيت مكالمة من المنتج آفي ليرنر وكانت نوعاً من الاعتذار إذ قال:" فيرنر يجب أن نصور في لويزيانا ، نصور في أورليانز لأننا لا نملك مالاً كثيراً وسوف نحصل على حوافز ضريبية كثيرة فقلت له:" آفي، لا نستطيع أن نحصل أفضل منها". اعتقد أن هذه أفضل بكثير من أي مدينة أخرى لأن الإعصار حطمها وانهارت الكياسة وأول ما عادت هي الجريمة. ولكونه مجهولاً لي ولآفي ليرنر فقد كافح نيكولايس كيج من أجل نيوأورليانز أيضاً لأنه من الواضح أنها مكان مهم جداً بالنسبة له. وهو يحب سلاستها وموسيقاها لهذا فجأة ومن جميع الجهات اندفعنا إلى نيوأورليانز واعتقدنا أن الآخرين ضدها.  

·         قبل صنع الفيلم هل ذهبت  إلى نيوأورليانز بعد اعصار كاترينا؟

لا لم أذهب أبداً. بالطبع عرفت عن المدينة ورأيتها صوراً وعرفت الكثير عنها لكني لم أكن هناك سابقاً.

·         وما أن ذهبت هناك كيف أردت أن تكون المدينة جزء من الفيلم؟

حسن. كان من الواضح بأنني لن أذهب من أجل كلائش البطاقات البريدية لهذا لن ترى في هذا الفيلم  الحي الفرنسي أو نوادي الجاز في الرابعة فجراً أو شيء مثل دين الفودو أو الجاز أو أياً كان. كل الكلائش كانت خارج الفيلم. كان لديّ القليل جداً من الوقت من أجل مرحلة ما قبل الإنتاج.كان عليّ أن أعثر على 40 موقعاً في حدود ثلاثة أو أربعة أسابيع و أن أوزع 35 دوراً متكلماً وأضع معاً طاقماً في فترة قصيرة من الزمن لهذا اندفعت مع الناس الذين يعرفون المدينة جيداً وأشاروا إلى أماكن معينة وكان عليّ أن اختار بمنتهى السرعة.

·     في الماضي لم تكن تخطط لعمل أفلام صنف مثل هذا. هل كنت مرتاحاً في التعامل مع العناصر الإجرائية لفيلم "الملازم السيئ"؟ هل كانت فرصة لإعادة اكتشاف الإثارة البوليسية بطريقتك الخاصة؟

لا أعلم إن كان حقاً فيلم صنف. ظاهرياً يبدو كذلك لكني لدي تجربة قليلة في أفلام الإثارة البوليسية لأني نادراً ما أرى واحدة منها في حياتي.(يضحك). لهذا لا أستطيع حتى أن أناقش لكن بطبيعة الحال وبطريقة ما فهو ينتمي إلى صنف معين. هامشياً. اعتقد أنك تطلب مني الكثير جداً لأن معرفتي محدودة.

ليس لديّ منحنى تعليمي عن ذلك. لم يكن ثمة وقت لمنحنيات التعليم. لكن لا يهم. أنت ترى انك تستطيع أن ترمي أي شيء عليّ وسوف أتغلب عليه (يضحك). إنها متعة كبيرة صناعة هذا الفيلم وكان هناك شعور بشيء مرح في الوقت نفسه. متى ما بدأنا بمشهد حتى عرفنا إلى حد ما بأننا توغلنا فيه إذ كان على وشك أن يصبح أمراً يبعث على المرح.

·         لهذا رأيته حقاً كونه كوميديا سوداء أكثر منها فيلم إثارة إجرائي؟

كان لديّ الشعور بينما كنت أصوره بأن الجمهور سوف يقدره أخيراً إذ أن في أفلامي أحياناً الكثير من الكوميديا السوداء..

·         وهل أنت سعيد بذلك؟

بالطبع. لا يمكن أن يكون الحال أفضل من ذلك.

·     تمثيل نيكولاس كيج متحرر وغير مقيد. أي نوع من المحادثات عقدتها معه كي يتولى تمثيل هذا الدور؟ كيف تصف علاقتك في العمل ما أن تكون في موقع التصوير؟

علاقتنا في العمل تأسست في حدود 60 ثانية من خلال الهاتف الخلوي. وفي محادثة معه وكان في استراليا اتفقنا على العمل في أقل من 60 ثانية. من الواضح أنه كان يريد أن يمثل في الفيلم لكن بشرط أن أكون أنا موافقاً لهذا فهناك علاقة من الثقة المشتركة قبل أن يرى أحدنا الآخر. واعتبرناها إساءة أن ينظر الواحد إلى عمل الآخر ولم يكن يصادف لنا أنه يجب أن نعمل سوياً.(يضحك). لهذا كان الأمر نوعاً من الإساءة. فجأة بدا أننا يجب أن نفعل هذا. ثم بطبيعة الحال... ماذا كان سؤالك؟ نسيت قليلاً آسف.

·         ماذا قلت له عن كيفية أداء الشخصية؟

أنت ترى أنه مع الممثلين عادة لا أرغب أن أجري أي حديث عن الخلفية وردود الأفعال. اعتقد أنه في اليوم الأول والثاني من التصوير جاءني نيكولاس وهو رجل خجول وقال:"فرنر أنا أعلم أنك تكره ذلك النوع من أسئلة "ستوديو ممثلي لي ستراسبورغ" حول رد الفعل لكن ما الذي يجعله في منتهى السوء؟ هل هي المخدرات؟ هل هو إعصار كاترينا؟ هل هي جروحه؟ وقلت:" نعم. دعنا لا نناقش ذلك. لكن هناك أشياء مثل السعادة في الشر. دعنا ندخل مباشرة. متع نفسك قدر ما تستطيع. افعل أسوأ الأشياء، أحقر الأشياء وأوضعها لكن متع نفسك لأن الجمهور إلى حد ما سيشارك ، كما آمل، في مؤامرة سرية معك إذ أننا أحياناً نحب أن نكون شريرين ووضيعين". إنها متعة سرية وذلك يجعل الأمر في غاية المرح كما اعتقد.

·         الشر من أجل مصلحته؟ 

بالتأكيد. وثم كانت ثمة لحظات – وبعضها أشد روعة في أدائه- إذ فهمت أنه احتاج إلى أن يكون مثل الموسيقى وكان عليّ أن أعطيه المكان والزمان والإمكانية لأداء مشاهد وحشية. مثلاً حين أرعب امرأتين كبيرتي السن ببندقيته وكان ذلك فقط مكتوباً جزئياً. وانتهى الأمر بارتجال هائج.

·         الأمر المدهش الآخر حول مشهد معين حول ماكنة الحلاقة الكهربائية. من أين جاء ذلك؟

 (ضحك). نعم. كانت تلك فكرته أيضاً. أحياناً كان يأتي بأمور – في أغلب الأحيان إنه عمل دقيق منضبط وأحياناً كانت هناك لحظات يتوجب عليه فيها أن يكشف شيئاً. أنت ترى ذلك هو جمال صناعة الفيلم. عليك أن تحس أين يحتاج الممثل إلى الكثير من الفضاء وسوف أقول له:" نيكولاس هذا المشهد مكتوب كذلك. نحن نعرف الحوار، نحن نعرف الحركة لكن هذا مشهد يتوجب عليك أن ترتجل فيه

·     وهل تعتقد أن لديك الرخصة نفسها حينئذ كصانع فيلم؟ إذا ما ارتجل هل تفعل أنت هذه الأمور مع الكاميرا مع أنك لا تميل إلى عملها بطريقة أخرى؟

نعم. أنا ارتجلت حين صورت حيوانات الإغوانا. أنا الذي صورته ولم يكن في السيناريو وهذا مرة أخرى هو جمال صناعة الأفلام. تستطيع أن تكتشف. واعتقد أن أسوأ شيء يمكن أن يحدث في صناعة الأفلام هو العمل على "سكتشات تلخيص الحبكة the storyboard" وذلك يقتل كل الحدس والفنتازيا والإبداع.

·     أفلامك الوثائقية تمتلك صفة الاستطرادية والتحري التي تؤدي إلى الرؤى المدهشة. فهل تمتلك مقاربة مشابهة بالنسبة للأفلام الروائية؟ إلى أي مدى تريد التحضير مسبقاً وإلى أي درجة تدع العملية تأخذك إلى مكان آخر؟

يجب أن يكون في ذهنك أن كل أفلامي الوثائقية هي ترتدي قناع الروائي. لأني أطبق أسلوباً معيناً واكتشف هناك الكثير من الفنتازيا لا لخلق خداع لكن، العكس بالضبط، لخلق شكل أعمق من الحقيقة التي لا علاقة لها بالواقع.

من النادر أن تمنحك الوقائع أي حقيقة وذلك هو خطأ السينما الوثائقية لأنهم دائماً يطالبون بأن تكون الوقائع هي الحقيقة. في هذه الحالة يكون جوابي أن دليل هواتف منهاتن هو كتاب الكتب. لأنه يحتوي على 4 ملايين مدخل وكلها صحيحة في الواقع لكنها لا تنورنا. أنت ترى أنني أفعل الأشياء كي أخلق لحظات تنورك كونك من الجمهور والشيء نفسه يحدث مع الأفلام الروائية أيضاً.

·         الخط بين الصنفين ليس واضحاً كما يفترض الناس

نعم. بالتأكيد ولا أهتم إن كان هناك خط فاصل أم لا.

·     لهذا فإن التسجيل في "مدرسة الفيلم المختلف" يحتمل أن يكون مستمرا. ما الذي أوحى بالفكرة؟ وكيف كانت ردود الفعل حتى الآن؟

بودي الحديث عن مدرسة سينمائية مختلفة لفترة طويلة. قلت لمدة عشرين سنة في الأقل بأننا يجب أن يكون لدينا نوع مختلف، مدرسة فيلم من نوع حرب العصابات إذ لا تتعلم فيها أية أشياء محددة. من أجل ذلك عليك أن تسجل في مدرسة فيلم محلية. أنها أكثر منها موقف أو اتجاه وإذا ما قرأت ما كتبته عن "مدرسة الفيلم المختلف" في الانترنت يكون من الواضح أن هذا شيء مختلف و أكثر تركيزاً وسوف نتحدث عن أمور لن تعملها أبداً في مدرسة فيلم. موقف مختلف. كيف تلتقط خصلات وكيف تصوغ وثيقة وكيف تبقي على الأشياء التي هي غير متوقعة الحدوث.

لهذا فإنها نوع محدد من الروح وذلك هو السبب مثلاً أني أعطيت قائمة مقترحة للقراءة. وتحتوي هذه القائمة على قصيدة "فيرجيل" "جيورجيكس" التي لم يقرأها أي شخص لكنها كانت في غاية الأهمية بالنسبة لفيلمي في القطب الجنوبي " "مواجهات عند نهاية العالم" وتحتوي على شعر إيسلندي عمره ألف سنة. وذلك في المطاف الأخير سوف يجعلك صانعا لفيلم لا فقط ما تعرفه تقنياً عنه.

·         وهل كانت الاستجابة جيدة حتى الآن؟

جيدة جداً. نوع من الجنون. العديد من المسجلين. طوفان لأنهم كلهم أرسلوا أقراص دي في دي عليها أفلامهم القصيرة لهذا كان عليّ أن أشاهدها كلها. كل فيلم بصورة جدية. درست تطبيقاتهم وماذا كتبوا فيها ودققت اقراص الدي في دي وكان اثنان آخران يدققان بالتوازي لأني أرغب على الحصول على تقييم خارجي. أصبح الأمر مثيرا للاهتمام وثمة العديد من الأسئلة جاءت لي لأني أضفت يوماً أخر لهذه الحلقة الدراسية.

بورت أوف كولPort of Call : اسم مطعم شهير في الحي الفرنسي في مدينة نيوأورليانز بولاية لويزيانا

المدى العراقية في

07/08/2010

 

افــلام زمــان ..

الـمـــواطـــن كــــين (1941)

ترجمة: عادل العامل  

أخرج هذا الفيلم أورسون ويلز، الذي مثَّل فيه أيضاً إلى جانب  جوزيف كوتن، و دوروثي كومنغور، و أيفيرِت سلون. و يمكن القول إن فيلم الظهور الأول هذا لأورسون ويلز ــ و الذي أخرجه، و أنتجه، و ساعد في كتابته، إضافةً للدور الصغير الذي قام به في الفيلم ــ قد برهن على أنه عمله الأكثر أهميةً و تأثيراً. و هو دراما خارقة للأسس المتعامَل بها سابقاً تستند بصورة متحررة على حياة ويليام راندولف هيرست الذي يُعتبر بشكل متكرر أروع فيلم أميركي تم عمله على الإطلاق. إذ يموت أحد رجال الصحف، تشارلس فوستر كين (و يمثله أورسون ويلز) في ممتلكاته المنتشرة في فلوريدا، و هو ينطق آخر كلمة تثير الحيرة و التساؤل ــ " روزبَد  Rosebud " ــ فيرسل منتج الأفلام القصيرة رولستون المراسل جيري تومبسون ( وليام ألاند ) في مهمة للكشف عن المعنى وراء كلمة الرجل العظيم تلك. و حين يُجري تومبسون مقابلاتٍ مع أصدقاء كين، و أسرته، و زملائه و مساعديه، نعلم بوقائع حياة كين التراجيدية الحافلة بالأحداث : تخلي والديه عنه بعد أن يصبح وريثاً لمنجم فضة؛ نزاعاته الغاضبة مع حارسه، و الخبير المالي وولتر باركس (جورج كولوريس)؛ قراره المتهور بأنه " سيكون من المضحك إدارة صحيفة " بمساعدة زميل المدرسة جيديديا ليلاند (جوزيف كوتون) و المساعد المخلص السيد بيرنيستاين (إيفيرِت سلون)؛ ارتفاعه من ناشر فضائح إلى مالك سلسلة من أكبر صحف أميركا و أكثرها تأثيراً؛ زواجه من أيميلي نورتون ( روث ووريك) البارزة اجتماعياً، و التي عمها رئيس الولايات المتحدة؛ طلب كين الطموح لمنصبٍ عام، الذي يتحطم مع زواجه حين يكشف خصمه، السياسي الفاسد جيم غيتيس (رَي كولينز)، عن أن لكين علاقة غرامية مع المغنية الطموح سوزان أليكسندر (دوروثي كومينغور)، و منفاه الأخير الذي فرضه على نفسه إلى قصر كبير للبهجة لا يكتمل أبداً يدعى زانادو. و في الوقت الذي كان فيه المواطن كين فلماً زاخراً بالظهورات الأولى لعدد من الفنانين الذين عملوا فيه ــ كان الفلم الأول لوياز، و جوزيف كوتون، و إيفيرِت سلون، و رَي كولينز، و روث ووريك و آخرين ــ فإن جائزة الأكاديمية الوحيدة كانت لأفضل سيناريو، و هو السيناريو الذي اشترك ويلز في تأليفه مع كاتب السيناريوهات المحنّك هيرمان مانكيفيتش

المدى العراقية في

07/08/2010

 

المبتدئ والساحر.. مقامرة جديدة لا تعرف الخسارة لوالت ديزني

أحمد فاضل  

كل الذين راهنوا على خسارة شركة " والت ديزني " العملاقة التي أسسها رائد الفن الخيالي ومبتدع الشخصية الكارتونية الاكثر شهرة في العالم " ميكي ماوس " وصاحب مدن الألعاب الأسطورية ، اصيبوا بالفشل الذريع لأنهم رأوا في رحيل هذا العبقري نهاية لحلمه الذي بناه منذ ثلاثينيات القرن الماضي ، فهاهي شركاته تحقق النجاحات الكبيرة سواء على مستوى إنتاج الأفلام أو تشييد مدن الأحلام في مناطق عديدة من العالم ، أو في إصدار مجلات " الكوميكس " وغيرها من النشاطات الترفيهية ، وأخر ما قدمته هذه الشركة فيلم " المبتدئ والساحر " للمخرج " جون تيرتلتوب " واضطلع ببطولته نجم هوليوود العملاق " نيكولاس كيج " والنجمة الجميلة " مونيكا بيلوتشي".الفيلم لايخرج عن نطاق القصص المشوقة التي أنتجتها ديزني في الأعوام السابقة والتي تعتمد على سيناريوهات محكمة الصنع تروي وبتفاصيل مذهلة وغاية في الطرافة حياة بشر قد ينتمون لعالمنا إلا انهم يعيشون حياة أخرى غير التي نعيشها ويتكلمون مع خلق آخر كالملائكة والجان وحتى الحيوان .

هذه القصص الطريفة شاهدناها على الشاشة العريضة على هيئة أفلام كارتونية أو دمى كما في " حياة الامبراطور " أو " حياة حشرة " أو " فالانت " أو " مولان " أو فيلم الدمى الأخير " توي ستوري 3 " الذي اكتسح شباك التذاكر محققا مئات الملايين من الدولارات في أسبوعه الأول ، كما وان اغلب نجوم هوليوود يتوقون للعمل مع هذه الشركة العملاقة آخرهم كيج الذي يجسد دور ساحر مانهاتن الذي يقف للدفاع عن المدينة ضد خصمه اللدود مكسيم هورفاث " الفريد مولينا " الذي يدخل معه في صراع مميت ، هذا الصراع لا يخلو من كوميديا مشوبة برومانسية يتحول فيها بالتاسار بليك " نيكولاس كيج " الى معلم لشريك آخر يستعين به في حربه ضد هورفاث ، فيدخله في دورة مكثفة في فن وعلم السحر مع علمهما انه من غير المحتمل العمل على وقف قوى الظلام لكنه الإصرارعلى تحقيق النصر حتى النهاية .

كيج الذي انتهى من دوره في هذا الفيلم قال في مقابلة مع إحدى المجلات الأمريكية : ( ان العمل مع ديزني يعطي متعة حقيقية لأنها تمنح الممثل امتيازا خارج حدود امكاناته وتعطي بالوقت نفسه لذلك العمل تفردا ونجاحا خاصة وإنها تهيئ له امكانات غير محدودة وتقنيات لامثيل لها ، وعندما كنت صغيرا بهرتني بشدة تلك السلسلة من الأعمال الكارتونية التي بهرت كذلك اطفال العالم أينما عرضت حتى تقت لآداء ولو دورا واحدا من الأفلام التي تصنعها) .

إحتشد في كتابة سيناريو الفيلم ثلاثة من الكُتاب هم لوبيزمات ودوغ ميرو وبرنار كارلو وهي نادرة سينمائية تسجلها ديزني لصالح نجاحه مع اوركسترا قدمت مقاطع من موسيقى عالمية صاحبت عرض الفيلم قادها الموسيقي المتألق بول ديوكاس الذي أضفى عليه جوا يعبق بالسحر ، المخرج تيرتلتوب الذي قاد طاقم العمل قال متحدثا عن المبتدئ والساحر :

(الفيلم مختلف اختلافا كبيرا عن بقية الافلام التي تناولت موضوعة السحر خاصة في سلسلة هاري بوتر أو بقية ما أنتجته ديزني ، فهو يجمع ما بين الحركة والرعب والفنتازيا ويضفي في بعض لقطاته كوميديا ضاجة بالضحك ، انه فيلم أعد إعدادا عاليا لضمان نجاحه وهو ما تسعى إليه هذه الشركة الرائدة ديزني) . فريد مولينا وتيريزا بالمر وتوبي بارشيل اضافة الى كيج وبيلوتشي هم من جسد شخصيات الفيلم الذي بدأ عرضه مع موسم حافل بشرائط سيمية تتنافس على الفوز بالمراكز الأولى ، إلا ان مقامرة والت ديزني لا تعرف الخسارة في كل ما قدمته من أعمال.

المدى العراقية في

07/08/2010

 

آفاتار وصناعة السينما الرقمية

علي زامل 

لم يفاجئنا المخرج جيمس كاميرون بفيلمه الأخير (افتار) بالشكل الذي يجعلنا نظن انه يؤسس لسينما جديدة فاجأت كل الأشكال السينمائية التقليدية على مستوى الشكل او المضمون، فالسينما الرقمية والإبهار الضوئي واللوني الذي درجت عليه أفلام هوليوود في السنين الأخيرة صار لازمة فنية ترافق كل الأعمال السينمائية تقريبا حتى تلك التي لا تستند فيها الحكاية إلى قصة خرافية خيالية او قصة تاريخية ملحمية، فالمؤثرات الخاصة التي يضعها خبراء الحاسوب صارت ضرورة فنية ملحة لكل صانع حتى وان كان الفيلم الذي يشتغل عليه المخرج هو قصة واقعية بحتة..

فالأفلام التاريخية وأفلام السيرة الذاتية تتطلب خلق مناخ زماني ومكاني ليس بالضرورة أن يكون موجوداً حاليا كي يجبر صانعي الفيلم لخلق محاكاة لهذه الأماكن على شاشة الحاسوب، وهذا ما يوفر مبالغ طائلة على مستوى الإنتاج بديلاً عن بناء ديكورات ضخمة او مجاميع كبيرة يصعب على (صانع العمل الفني وفريقه) السيطرة عليها، علاوة على ان الصور الحاسوبية تذلل الصعاب على المخرج والفنيين بالشكل الذي يتم فيها تحسينها او تغييرها متى ما أرادوا ذلك، مما يوفر فرصا كبيرة لإنتاج صورة فلمية على مستوى عال من الجودة الفنية، اما على مستوى مضمون الفيلم فقد عالج موضوعة إنسانية ليست بالجديدة على السينما وهي موضوعة احتلال بلاد بغية استغلال مواردها الاقتصادية والبشرية ومصادرة هويتها الثقافية وتفكيك النظم الاجتماعية التي تحكمها.

الجديد في الفيلم هو ان المخرج اختار بيئة جديدة على المشاهد والبسها الثيمة الملحمية التي تجسدت في هذا الكوكب البعيد عن الارض الذي يسخر الموارد المعدنية النفيسة وكيف تصدى سكان ذلك الكوكب لقوانين المحتل وتجميع قدراتهم للدفاع عن ارضهم وثقافتهم ولغتهم وجنسهم. الطريف في الفيلم ان الأبطال الحقيقيين في الفيلم هم من البشر العاديين والذين تورطوا في برنامج خاص لتحويل جنسهم الى (الانافي ) وهو اسم شعب ذلك الكوكب البعيد، وهو جنس بشري غريب المظهر طويل القامة ازرق اللون له ذيل طويل وبعد ان عرف هؤلاء المتطوعين بنوايا أصحاب هذا البرنامج انتصروا الى إنسانيتهم وقرروا التمرد على مرؤوسهم ، واختاروا الاصطفاف مع شعب ذلك الكوكب وهذا ما عجل بهزيمة المستعمر شر هزيمة، وبالعودة الى اختيار جيمس كاميرون وبيئته لتكون بيئة حاسوبية بحتة كان لها أسباب عديدة من أهمها سبب انتاجي، ففلم كـ(آفاتار)  لو قدر للمخرج ان يكون شخوصه من البشر العاديين وان تكون البيئة والمناخ الذي يتحركون فيه طبيعيا مائة بالمائة لكان على جهة الإنتاج تخصيص أموال طائلة مقابل انتاج مثل تلك الملحمة. وقد يكون الإبهار السينمائي فيما قدر للمخرج إخراجه بالطرق الكلاسيكية المعمول بها في ستوديوهات هوليود قاصرا مما يجعل شباك التذاكر لربما عاجزا عن تغطية نفقات إنتاج الفيلم، وهذه المخاوف تؤرق المنتجين، خاصة وان وقت مشروع الفيلم تزامن مع الأزمة المالية العالمية التي طالت الولايات المتحدة المتضرر الأول منها.

ومع ارتفاع أجور الممثلين في هوليود وبالرغم من تنامي الازمة المالية عن نفس السقف كان لزاما على المنتجين والمخرجين ايجاد بديل سينمائي مرض للمشاهد، اولا الذي لايقبل اقل من ابهاره بصريا ومن ثم وجدانيا ليجير نجاح أي فيلم سينمائي والثاني فيما يخص شركات الانتاج التي تحرص ان تضع اموالها في مشاريع ناجحة وخصوصا من اسم مثل المخرج جيمس كاميرون، من دون الخضوع لمتطلبات (النجم) البطل الذي قد يكون اجره يعادل 20% من قيمة انتاج أي فيلم سينمائي، ناهيك عن استيفائه نسبة من بطاقات التذاكر في صالات العرض. ولقد كان لهذا التوجه وخلال السنوات الأربع الأخيرة صداه الواسع. فلقد شاهد العالم العديد من افلام الرسوم المتحركة للكبار من أفلام كارتونية حازت على إعجاب المشاهدين بل رشح العديد من هذه الأفلام الى جوائز مهمة مثل الاوسكار وغيرها بل ان افتتاح مهرجان كان السينمائي قبل الأخير كان بعض فيلم (up ( وهو فيلم كارتوني حاز على الإعجاب اينما عرض في كل أنحاء العالم وهو اعتراف عالمي بان الفيلم التكنلوجي صار منافسا قويا للفيلم الكلاسيكي الذي درجت عليه السينما العالمية والاميركية خصوصا على صناعته على مدى المائة عام المنصرمة ، والسؤال هو وكوننا نعيش عصر التكنلوجيا الرقمية المتسارع، هل صار الفيلم الحاسوبي بالتكنلوجيا الرقمية والإبهار بديلاً عن الفيلم الكلاسيكي؟ وهل علينا من الان فصاعدا الاعتياد على رؤية نجوم يصنعهم الحاسوب من الضوء الالكتروني وشعاع الليزر بدلا من رؤية النجوم الحقيقيين مثل (توم كروز) و(مات ديلون) و(بن إفلك) الذين من لحم ودم ؟ تساؤلات باتت واقعية في ظل تسارع ثورة التكنلوجية الرقمية واستحواذها على  كل مرافق الحياة وليس السينما فقط.

المدى العراقية في

07/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)