حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«المحطة الأخيرة»..

محنة «تولستوي» ومحنة الإنسان أيضاً

كتب محمود عبد الشكور

يرسم الفيلم البريطاني الروسي الألماني المشترك (The last statin ) أو (المحطة الأخيرة) بذكاء تفاصيل الأيام الأخيرة للروائي والمفكر الروسي الفذ (ليو تولستوي) الذي تمر هذا العام الذكري المئوية لوفاته، ولكنه لا يكتفي بهذه التفصيلات الإنسانية الآسرة حيث يدير صراعاً أوسع بين عالمين: عالم واقعي وعالم آخر مثالي

عالم يتعامل مع الإنسان كما هو، وعالم نتمني أن يكون الإنسان فيه مختلفاً، عالم الشخص العادي الذي تمثله زوجة «تولستوي»، وعالم الأديب والمفكر الذي يحلم ويتخيل، وقد نجح الفيلم الذي كتبه وإخراجه «ميكائيل هوفمان» عن رواية كتبها «جاي برنيني» في التعبير عن زاويتي الرؤية ببراعة، وجعلنا نتأرجح بين موقف الطرفين من البداية حتي النهاية.

وبالإضافة إلي هذه الزاوية الواسعة في النظر إلي أيام «تولستوي» الأخيرة، يتمتع الفيلم بأداء رفيع المستوي في فن التشخيص خاصة من الممثلة البريطانية الراسخة «هيلين ميرين» التي لعبت باقتدار دور الزوجة تولستوي وعن هذا الدور رشحت الأوسكار أفضل ممثلة، ولاشك أنها أفضل بكثير من الممثلة التي فازت بالجائزة لعام 2010 وهي «ساندرا بولوك» ورشح أيضاً «كريستوفر بلامر» عن دور تولستوي لأوسكار أحسن ممثل في دور مساعد، ولاشك أنه اجتهد كثيراً في دوره، وبداية حيث الشكل كما لو كان نسخة من الأديب الكبير في أيامه الأخيرة، ولكني مازلت أري أن «كريستوف والتز» في أوغاد مغمورين» استحق الجائزة عن جدارة وتفوق عن الآخرين.

سيناريو الفيلم يترجم فكرته من خلال بناء شبه هندسي يقوم علي شخصيتين علي طرفي نقيض: ليوتولستوي الذي بين في عام 1910 أيامه الأخيرة منعزلاً في مزرعته التي حولها إلي تجربة لأفكاره في حياة تعاونية مع الفلاحين.

الأديب الثري الذي ينحدر من أسرة من النبلاء تحول إلي مزارع، كما أصبح ناشطاً (بتعبير هذه الأيام) في حركة تحمل اسمه تنشر مبادئه في المقاومة السلمية، وفي العمل من أجل خير المجتمع وليس الفرد، وفي نوع من الزهد والتقشف ورفض مباهج الجسد، بل إنه فكر في أن يتنازل في وصيته عن حقوق نشر أعماله العظيمة التي جعلته في أعظم كتاب ومفكري القرن العشرين بحيث تذهب إلي الشعب الروسي.

علي الطرف الآخر، تبدو زوجته ورفيقة دربه خلال 48 عاماً كاملة واسمها صوفيا اندريفينا. (هيلين ميرن) نموذجاً للمرأة العاشقة والمحبة لزوجها الذي لم تعرف غيره، والذي أنجبت منه 13 ابناً وابنة، ولكنها أيضاً تخاف علي بيتها وأسرتها، وتجد لنفسها حقاً في حقوق كتبه لأنها شهدت مولدها، بل إنها تقول في أحد المشاهد: «لقد كتبت رواية الحرب والسلام ست مرات» إنها «لذلك» تحاول أن تحافظ علي حقوق أسرتها المالية في هذه المؤلفات، وتحاول منع زوجها من تغيير وصيته بحيث لا تؤول الحقوق إلي الشعب الروسي.

بين الشخصيتين المتصارعتين اللتين تشيران إلي تأرجح الإنسان نفسه بين الواقع والمثال، توجد شخصيات أخري تغذي الصراع وتستكمل رسم ملامح الصورة أهمها شخصية «فالنتين بولجاكوف» التي لعبها ببراعة «جيمس ماكفوس» إنه شاب في الثالثة والعشرين من عمره انبهر بالأديب العظيم ولذلك لم يتردد عندما عرض عليه (فلاديمير «تشيركوف» «بدل جياميتي في دور رائع ومؤثر» - وهو صديق «تولستوي» - أن يكون سكرتيرًا لأشهر أدباء روسيا والعالم. الشاب قليل التجربة ونقي وبسيط يذهله تواضع «تولستوي» فيكاد يبكي. هو أيضًا مؤمن بأفكار «تولستوي» في التقشف والزهد، ولذلك يحاول أن يبتعد عن المدرسة الحسناء الجرئية «ماشا» التي تعمل بيديها في مزرعة «تولستوي»، ولكنها تأسره بجسدها، وتعيده من جديد إلي الأرض. وطوال الفيلم يبدو «فالنتين» حائرًا بين التعاطف مع الأديب الكبير في التنازل عن حقوقه الأدبية، وبين التعاطف مع الزوجة العجوز التي تحاول استمالته للتأثير علي «تولستوي» حتي لا يستجيب «لوسوسة» «تشييركوف» في أذن زوجها بتغيير وصيته. الحقيقة أن «فالنتين» يعبر أيضا عن الحيرة بين الواقع والمثال، ويعبر أيضًا عن موقفنا أيضًا كمتفرجين علي هذا الصراع المتكافئ الذي يملك كل طرف مبرراته القوية: الزوجة تكاد تعتبر المال أقرب من مكافأة نهاية الخدمة، وهي تحب زوجها بقوة رغم الخلاف، كما أنها ترفع شعار «من أجل أولادي وأسرتي وليس من أجلي»، و«تولستوي» أصبح شيخًا محطمًا، ومن حقه أن يشعر بالسلام في أيامه الأخيرة، ومن حق الآخرين مساعدته علي تحقيق ذلك وأولهم زوجته، وهو لن يشعر بذلك ما لم يتخلص من تلك الأموال لتعود إلي الشعب الذي استلهم منه رواياته.

السيناريو جعلنا نميل أكثر إلي الزوجة العجوز في النصف الأول منه خاصة وهي تعبر عن نفسها بلمسات «هيلين ميرين» التي كانت تنتقل بسلاسة بين الغضب والحب والحنان والخبث والمكر، بل إنها كانت تتحول إلي مراهقة عاشقة لزوجها في مشاهد لا تنسي، كما بدت مثل طفلة تتلصص علي زوجها أحيانًا، ولكن في الجزء الأخير أخذت الكفة تميل لصالح «تولستوي» الذي ترك لزوجته المنزل إثر محاولتها الانتحار، وبمساعدة ابنته «ماشا» المتعاطفة مع أفكاره اتجه جنوبا حتي أقعده المرض في محطة القطار لمدينة «استابوفا».. هناك سيمنع «فلاديمير تشييركوف» الزوجة «صوفيا» من لقاء زوجها، ولكنها ستنجح في وداعه والاعتذار له في مشهد مؤثر ومهم أدته «هيلين ميرين» باقتدار معهود.. وعندما يموت الأديب العظيم يعود اللقاء بين «فالنتين» و«ماشا» الجميلة في محطة القطار وكأن الحب الذي بشرّ به «تولستوي» ما زال حيًّا وكأن عبارته التي انتج به الفيلم (كل شيء أعرفه.. أعرفه فقط لأني أحب) هي دستور الحياة كلها، أو كأن المثالي (فالنتين) يجب أن يتحلي ببعض الواقعية التي تمثلها «ماشا»، وهكذا يتصالح الإنسان مع نفسه ليظهر نموذجاً أكثر نجاحا من النموذج المتصارع: «تولستوي» في مثاليته.. وصوفيا في واقعيتها.. والمعروف أن «صوفيا» استردت الحقوق المادية التي منحها «تولستوي» للشعب في عام 1914، وماتت بعدها «بنسية».

نجح المخرج في إعادة بناء عالم «تولستوي» في أيامه الأخيرة، كما أعاد بعث هذا العصر الذي كان يتغير بشدة، الحقيقة أن الأديب الكبير بدا قادما من مجتمع زراعي آفل وسط تلك الأجهزة التي تحاصره والسيارة والجرامافون وكاميرات السينما، وبدا في أفكار مثل نبي كما يقول له «دوفان» أخذ مرافقيه، استطاع المخرج أن يرسم العالمية: المثالي والواقعي ببراعه، ورسمت الإضاءة هالات من النور حول بورتريه «تولستوي» لتأكيد روحانيته، وأبدع المشخصاتية في التعبير عن العواطف الإنسانية المعقدة خاصة «هيلين ميريه»، ربما لم يعبر «تولستوي» عن أفكاره بالوضوح والإقناع الكافي، وربما زادت مساحة الحوار في بعض المشاهد، ولكن فيلم «المحطة الأخيرة» ليس فقط فيلما مهما عن «تولستوي» العظيم، لكنه أيضا فيلم عن الإنسان عموما الحائر بين الواقع والمثال، والحالم أبدا بالحب والحرية.

الجريدة الكويتية في

04/08/2010

 

 

الإعلانات... وسيلة جديدة لجذب الشبان إلى الأفلام العاطفيّة

روبرت يتلر 

طوال سنوات عدة، عملت شركة والت ديزني على نسخة مشغولة على الكمبيوتر من «رابنزل»، قصة خرافية عن فتاة جميلة وحيدة شعرها طويل حُكم عليها بالعيش في برج عالٍ.

ولكن عندما نزلت مقتطفات الفيلم إلى دور السينما، أعيدت تسميته Tangled وبالكاد رأينا رابنزل. بدلاً من ذلك، تمحورت الأحداث حول لص محتال قوي يُدعى فلين رايدر. فما السبب؟

يقول محلّل صناعة الأفلام، بول ديغارابيديان، من موقع Hollywood.com: «ينفر معظم الرجال من عبارة «أفلام رومنسية موجّهة إلى الفتيات» (Chick flick). إليكم المشكلة: تحب الشابات مشاهدة الأفلام الموجّهة إلى الشبان، غير أن هذه الفئة الأخيرة ترفض رؤية أفلام الفتيات. وهذه حقيقة مسلَّم بها منذ فجر السينما».

في مقال نُشر في مجلة Entertainment Weekly، أشارت ميسي شوارتز إلى أن فيلم ديزني The princess and the Frog أخفق في استقطاب الشبان وكانت أرباحه مخيِّبة للأمال، إذ بلغت 140 مليون دولار فقط. لذلك، ركّز الاستوديو على شخصية الذكر في Tangled، متجاهلاً كل ما يهم الفتيات. ولا شك في أن آريال وأميرات ديزني الأخريات يرثين وضعهن هذا».

يعود نجاح فيلم The Twilight Saga:Eclipse هذا الصيف إلى الحملة الدعائية التي قللت من أهمية العلاقة الرومنسية بين الثلاثي بيلا ومصاص الدماء إدوارد والمستذئب جاكوب، لتركِّز على المخالب والفرو والقتال.

فعند مشاهدة مقتطفات Eclipse، قد لا تدرك أن الفيلم جزء من قصة حب كبيرة.

ولم يزعج هذا الوضع آندي كايزر، أحد محبي السينما في مدينة كنساس، مع أن زوجته إميلي تصفه بأنه رجل «لا يشاهد الأفلام المبكية، إلا إذا كانت من نوع فيلم Rudy».

كان كايزر (32 سنة)، الذي يعمل في قسم المبيعات في شركة UPS، مطّلعاً على كامل قصة Twilight لأن زوجته تعشقها. وأدرك أن عليه مشاهدة الجزء الجديد منها مع إميلي. لكنه يقرّ بأن مقتطفات فيلم Eclipse أثارت فضوله بطريقة قصّر عنها الجزءان الأوّلان. يذكر كايزر: «استحوذت مشاهد القتال على اهتمامي. فبدا لي الفيلم ممتعاً حقاً».

هكذا، نجحت الجهود المبذولة لاستقطاب الرجال. فلم يحظَ Eclipse برابع أعلى إيرادات لفيلم بدأ عرضه في عطلة يوم الاستقلال فحسب، بل يوضح ديغارابيديان: «سمعت أن 35% من جمهور Eclipse كانوا رجالاً. ويشكّل ذلك ضعف عدد الرجال الذين شاهدوا أول جزئين من Twilight».

تصنيفات مزعجة

صحيح أن عشاق Twilight لم ينزعجوا من إعلان Eclipse الموجه إلى الشبان، لكن البعض خاب ظنهم، معتبرين أن مقاربة شركة Summit Entertainment هذه عززت التصنيفات المجحفة السابقة بشأن وسائل الترفيه المخصصة للفتيات عموماً.

تذكر جينيفر أوبري، بروفسورة مساعدة متخصصة في علم التواصل في جامعة ميسوري- كولومبيا ساهمت في وضع كتابBitten by Twilight: Youth Culture, Media, & the Vampire Franchise: «ندرك أن الغاية من محاولة جذب الرجال إلى هذه السلسلة مالية». ثم تستدرك أوبري موضحة أن هذه المحاولة تقلل من أهمية النساء اللواتي يعشقن Twilight. وتقول: «تُعتبر ثقافة الفتيات غالباً قليلة الشأن وغير مهمة. فتصبح موسيقى البوب والمسلسلات الاجتماعية والمنشورات الموجّهة إلى المرأة... ذا قيمة ثقافية متدنّية عند مقارنتها بأشكال يستمتع بها الرجال».

تتابع أوبري: «خلال بحثنا، راحت محبات Twilight يشتكين من تعرّضهن للسخرية بسبب حماستهن. كذلك، تحدّثنا إلى شبان يخجلون من تصنيف أنفسهم من هواة Twilight. فقد هزأ بهم رفاقهم لدرجة أنهم اضطروا إلى نبذ كل ما له علاقة بهذه الكتب والأفلام».

وكن بتوجّه Summit إلى الشبان، حققت زيادة قصيرة الأمد في مبيع البطاقات، على حد تعبير أوبري. لكنها فوتت فرصة طويلة الأجل تتيح لها «تحديث مفاهيم الأفلام المستقبلية الموجّهة إلى النساء».

تستطرد أوبري قائلةً: «لن يمنح الإعلام شرعية ثقافية لوسيلة ترفيه، ما لم يتقبّلها الرجال». وتضيف موضحة أن Twilight ضاهى بنجاحه سلسلة هاري بوتر وحرب النجوم. لذلك، تسأل: «لمَ لا نعطي هذه السلسة ما تستحقه من تقدير؟».

قطعت عملية تسويق الأفلام شوطاً طويلاً منذ عصر صناعة الأفلام الذهبي، حين كان من الضروري أن يتلاءم محتوى أفلام الاستوديوهات مع القواعد الأخلاقية في قانون إنتاج هوليوود، وكان كل فيلم يُعتبر مناسباً للجميع. فلا فارق بين المسن وابن الخمسة أعوام... لأن إعلان الفيلم يُناسب الجميع.

تطوّر جديد 

لكن مرتادي دور السينما اليوم باتوا مقسّمين: الأولاد، محبو أفلام الحركة، الراشدون، النساء، هواة أفلام الخيال العلمي والمجلات المصوّرة، وغيرهم. إلا أن Eclipse يُظهر أن من الممكن للاستوديوهات الترويج لفيلم، مستهدفةً فئتين من المشاهدين في آن. يذكر ديغارابيديان: «لا تحتاج سلسلة Twilight إلى جمهور الرجال لتحقق نجاحاً كبيراً على شباك التذاكر. ولكن لمَ لا تسعى Summit وراء هذه الفئة من المشاهدين، إذ يكفي أن تركّز على مشاهد يهواها الشبان؟».

يشكّل تكييف تسويق الأفلام وفق حاجات جمهور محدد تطوراً جديداً نسبياً. ففي السنوات الأخيرة، اعتادت الاستوديوهات إعداد إعلانين عن فيلم مقبل، أحدهما موجّه إلى مَن هم دون الثالثة عشرة من عمرهم وآخر مخصّص للراشدين فحسب لأنه يحتوي على مواد مزعجة وفاضحة كثيرة.

تتوافر اليوم وسائط عدة للإعلان عن فيلم جديد: التلفزيون، المجلات المتخصصة، والإنترنت، فضلاً عن الإعلانات داخل دور السينما. لذلك، من المفيد إعداد إعلانات متعددة تتوجه إلى فئات مختلفة، حسبما يفيد بول فلوغوف من مجموعة Principal Communications، شركة استشارية تعمل مع عدد من استوديوهات هوليوود.

يتابع فلوغوف موضحاً أن من الممكن الإعلان عن الفيلم الواحد في مجلتَي Playboy الفاضحة و McCall's النسائية. فيكفي أن يعدّل المسوقون المتمرسون الرسالة لتبدو جذابة في نظر قراء كل من هاتين المطبوعتين المختلفتين أشد اختلاف.

لكن هذه الفرص الجديدة تحمل معها بعض المخاطر. مثلاً، هل شعر الرجال الذين دفعوا المال لمشاهدة Eclipse بأن إعلان الفيلم خدعهم بنبرته ومحتواه اللذين يتعارضان مع ما رأوه لدى مشاهدته؟

يذكر فلوغوف أن طبيعة وسائل الاتصال الحديثة الفورية تعرِّض المعلنين عن أفلام جديدة لخطر التسرّع لتفضح بعد ذلك الحقيقة غشّهم. ويستطرد: «منذ سنوات عدة، نشاهد إعلانات تحتوي مشاهد لا تتضمنها النسخة الأخيرة من الفيلم. ولكن ما عاد من الحكمة اليوم فعل أمر مماثل. والسبب الرسائل القصيرة عبر الهاتف الخلوي. فبعد انتهاء عرض الفيلم الأول، سيبعث المشاهدون برسائل يخبرون فيها أصدقاءهم عن الفيلم. ولا شك في أنهم سيتصلون بك إذا شعروا بأن الإعلان أساء تصوير الفيلم الذي رأوه لتوّهم».

علاوة على ذلك، قد تترتب على محاولة صنّاع الأفلام خداع المشاهدين عواقب وخيمة. فمن الممكن، على حد قول فلوغوف، أن تؤدي إلى عاصفة تقوّض الفيلم بدل دعمه. لذلك «يكفي أن تكون صادقاً».

ومن المناسب أن نختم بالعودة إلى كايزر، الذي أثّر فيه الفيلم أكثر مما يودّ. يقول: «غضبت بعض الشيء حين قبّلت بيلا جاكوب قبل المعركة الكبرى. لا أقصد بكلامي هذا أني أفضّل إدوارد. ولست متحيزاً لأي من الفريقين. لكن الفيلم أثّر فيها على رغم رجولتي».

الجريدة الكويتية في

04/08/2010

 

Charlie St. Cloud...

خطوة زاك إفرون المقبلة

كولن أوفرت 

مينيابوليس- تعشق الفتيات أمرين: الصبي ذو الرموش الطويلة والذي يبدو كفتاة، ووحيد القرن.

قد يتفكّر عالم النفس في العلاقة بين الإثنين، لكن هدفنا هنا الإشارة إلى أن الفتيات يملن في سنهنّ المبكرة قبل أن يشتد عودهن إلى التركيز في حبّهن الأول، أو على الأقل عشقهن الأول لشخصية مشهورة، على صبي لا تبدو عليه صفات الرجولة المتوعّدة. فيحلمن بالصبي الخيالي والمثالي، ذلك المراهق الناعم الوجه والصدر مثل تايلور لانتر، جاستن بيبر، نيك جوناس، وغيرهم.

لكنّ المشكلة التي لا مفرّ منها بالنسبة إلى مؤدٍّ في بداية طريقه الفني، أنه لا يستطيع البقاء صبياً ذا ملامح بريئة الى الأبد، لأن التغييرات البيولوجية تفرض نفسها في مكان ما على طول دربه الاحترافي. فتنبت اللحى، وتنتقل جائزة حفلة Teen Choice Award إلى الجيل المقبل من نجوم قناة ديزني، ويتحوّل صاحب الوجه الظريف الذي يزداد نضجاً إلى مشاريع موجّهة لأشخاص ناضجين بما يكفي لتقبلّها مثل ديفيد كاسيدي، ريان فيليب، أورلاندو بلوم، وغيرهم.

تلك هي المعضلة التي يواجهها زاك إفرون. فبعد أن تخرّج بجدارة من عالم High School Musical، على هذا الفنان البالغ 22 عاماً والذي تشعّ عيناه براءةً اكتشاف ما عليه فعله خلال باقي مسيرته الفنية.

ذلك لا يعني بأن سحره بدأ يخفت. يجوب إفرون اليوم الولايات المتحدة الأميركية للترويج لفيلمه الجديد Charlie St. Cloud، جولة استقطبت حشداً قياسياً من سبعة آلاف معجب، منهم من أُغمي عليه ومنهم من راح يصرخ فرحاً، إلى محطّته في مركز Mall of America للتسوّق. وللذكرى، نظّم إفرون رحلات علاقات عامة لكي يتسنى له تمضية نهايات الأسبوع في محلّ إقامته في لوس أنجليس برفقة حبيبته التي شاركته بطولة High School Musical، فانيسا هادجينز.

بين الرومنسيّة والدراما

فيلم إفرون الأخير عبارة عن قصّة رومنسية ذات طابع روحاني تجمع بين قصّة حب بطلها شاب ناضج والدراما المؤثّرة. يجسّد إفرون فيه شخصية بطل إبحار صدمته حادثة مأساوية، دور يتطلّب منه خوض عراك في إحدى الحانات بدلاً من الرقص. اختار هذا الدور بدلاً من القيام ببطولة النسخة الحديثة عن فيلم Footloose لأنه عاش، على حدّ قوله، تلك التجرية مرّات كثيرة سابقاً ويريد اليوم أن يتحدّى نفسه.

هكذا، تضعه الموازنة بين العروض الدرامية والبرامج الترفيهية الخفيفة على المسار نفسه الذي سلكه مغنّيه وراقصه المفضّل، جين كيلي. يعقّب إفرون: «حين تشاهد أفلام جين كيلي، ترغب في أن تكون مثله وتتمنى لو أنك تستطيع ترداد كل ما قاله. كان يتمتّع بجاذبية وأسلوب ورجولة. لذلك يرغب المرء في تقمّصه».

من جهة أخرى، يقول إفرون، الذي كان يشارك مسبقاً كممثل ضيف في سلسلات تلفزيونية عدّة، إنه كان يرفض مشاهدة فيلم Singin> in the Rain، لكن والده كان يصر على ذلك. وسرعان ما أصبح أحد أفلامه المفضّلة. يذكر بابتسامة: «حين شاهدته، بدأت أؤدّي الرقص النقري». شكّل كيلي أيضاً إلهاماً لمخرج فيلم High School Musica ومصمم الرقص فيه كيني أورتيغا، واضعاً إفرون على بعد خطوة واحدة من أداء مثاله الأعلى.

خطوة باتجاه الإبداع

بحسب إفرون، تشكّل إدارة شركة الإنتاج الجديدة الخاصة به خطوةً باتجاه الاستقلالية الإبداعية. يقول: «لدينا مكاتب في استوديو «وورنر براذرز»، فضلاً عن طاولات وكراسٍ. لذا، بات لدينا اليوم فرصة أفضل لصناعة أفلام أكثر من أي وقت مضى. باعتقادي، يُفترض بي اليوم ابتكار أفكار لأفلام جديدة». في المقابل، من بين الأسماء التي يتمنى إفرون التعاون معها: زاك سنايدر (300 وWatchmen)، تود فيليبس (The Hangover)، وأي كاتب آخر يستطيع إيجاد أدوار تناسب عمر ممثل شاب يمرّ في مرحلة انتقالية.

مع ذلك، لا ينوي إفرون الاستقرار في مكتبه بشكل روتيني كمنتج بدوام كامل. يقول: «لم أجلس يوماً في مكتبي. نظرت بداخله مرّةً، لكني أخشى الدخول إليه لأن الأمر سيصبح عندها حقيقة لا مفر منها».

حتّى هذه الساعة، كانت خياراته موفّقة. فلو أن الأمور أخذت مجراها الاعتيادي في هوليوود، لكان دُفع نحو مشاريع على شاكلة Teen Wolf 3، لكن إفرون أطلق شركته الخاصة تحت الاسم الذي يفتقر بكل فخر إلى النضج

Ninjas Runnin' Wild. تعاون في أول مشروع ناضج له بعد High School مع مخرج الأفلام المستقلة ريتشارد لينكلايتر، الذي يوازن بين أفلام غريبة غير تقليدية مثل Slacker و Waking Life وأفلام ضاربة نموذجية مثل School of Rock. اختاره لينكلايتر لمشروع غير متوقّع، عمل فني تاريخي راق يحتفي بأعظم مخرج أفلام على الإطلاق. يشارك إفرون في فيلم Me and Orson Welles بدور طالب لامع ومحب للمسرح في آخر سنة له في الثانوية، يغدو عضواً في مسرح Mercury الذي شكّله ويليس في العام 1937.

يعقّب إفرون: «كنت في هذه المرحلة قد أنهيت العمل بـ High School Musical وأتوق الى التعاون مع مخرج أستطيع التعلّم منه. التقيت بريك قبل أن أقرأ النص بالكامل، وبعد أن دردشت معه واكتشفت كم كان رائعاً ومسترخياً، رغبت بشدة في العمل معه. تصوّرت أنني سأستقي قدراً كبيراً من المعرفة نظراً إلى تاريخه العظيم في صناعة الأفلام. حين قرأت النص، تبيّن لي أن الشخصية تشبهني إلى حد كبير. فوجدتني أقبله». على رغم أن هذا الفيلم لم يحقّق نجاحاً ساحقاً، لكنه أثبت أن إفرون يستطيع البروز بين طاقم ممثلين مخضرمين بمن فيهم كلير داينز، كريستيان ماكاي، وإيدي مارسان.

لمسة مؤثّرة

تابع إفرون مسيرته بعد High School Musical مع الفيلم غير المفاجئ إنما الممتع 17 Again، الذي يتمحور حول تبادل للأجساد في مرحلة الثانوية. على رغم أن الفيلم كان يهدف بشكل واضح إلى إمتاع معجبيه اليافعين، لكن مخرج الأفلام المستقلة، بور ستيرز، أضفى لمسةً مؤثّرة على المشروع. وقد احتل الفيلم المركز الأول على شباك التذاكر.

وفي Charlie St. Cloud، انضم إفرون مجدداً إلى ستيرز في قصّة أكثر حزناً إذ يؤدّي مشاهد مليئة بالانفعالات المضطربة، لا سيما في علاقته مع شقيقه الأصغر سناً والصعب المراس.

يعلّق إفرون: «نال هذا الفيلم القبول من جميع النواحي، وقد نظرت إليه من وجهة نظر الجمهور. نريد تحدّي الجمهور بمواد أصلية. وفي الوقت عينه، أريد تحدي نفسي، وأعتقد فعلاً بأن المعجبين سيحبون هذا الفيلم ويفهمونه. فهو أكثر نضجاً بعض الشيء».

يشكّل هذا الدور أول محاولة لإفرون لتجسيد شخصية تعيش حالة اضطراب عاطفي. يلفت قائلاً: «ارتبطت بالانفعالات العاطفية. لكن الجزء الأصعب كان تحمّلها، إذ كان علي اختبارها طوال لقطات تدوم أحياناً لأيام أو أسابيع بكاملها».

كان ذلك اختباراً لإفرون الذي يستمتع بـ{التسلية الدائمة»، عبر الترفيه عن الجمهور وزوّار استوديوهات الإنتاج. يضيف: «وجدت نفسي في موقع تصوير حزين لست معتاداً عليه. أنا معتاد على جو المرح والمتعة، لكن هذه المرة كان عليّ أداء دور يسبّب الكآبة».

وعلى حدّ قوله، كانت مشاهد الإبحار الممتدة في الفيلم، التي صُوّرت في كولومبيا البريطانية، مشوّقة ومبهجة إنما متطلّبة. «ظننت بأن الأمر لن يتطلّب جهداً كبيراً، لكنه كان ينطوي على الكثير من التحدي. إنها رياضة صعبة».

قصة جديّة

قد يساعد إفرون، الذي يتمتّع بخبرة في الرقص وبرشاقة جسدية طبيعية، على ملء الفراغ الذي يخلّفه النجوم اليافعون الذين يتقدّمون عبر الانتقال إلى أدوار حركة مقنعة، شرط أن تستند المغامرة إلى قصّة جدّية. يتابع: «أعتقد بأن الأهم هو ما يحفّز الحركة. فأفلام الحركة التي تُنفّذ لمجرّد الحركة ليست من النوع الذي يجذبني، ولا أشارك فيها. كان Matrix من أفلام الحركة التي تروق لي مشاهدتها لأنه فيلم تشويق نفسي ممزوج بالحركة، وهذا أمر مثير للاهتمام. في المقابل، ثمّة ملايين الأشخاص الذين يستطيعون أداء أدوار الحركة أفضل مني».

لمَ أطلق إذن اسم Ninjas Runnin' Wild على شركة الإنتاج الخاصة به؟

كاد إفرون يحمر خجلاً عند ذكر عملية التفكير التي تمخّض عنها ذلك الإسم. يقول بابتسامة عريضة على وجهه: «لن أتحدث عن كيفية ابتكارنا الإسم»، شارحاً بأن ما يبدو كدعابة عفوية جاء بعد تخطيط مدروس هدفه ضبط صورة الشركة العامة على المدى الطويل.

يتابع إفرون: «أتصوّر فحسب إن شاهدت أفلاماً من إنتاج Ninjas Runnin> Wild، قد تتذكر ذلك الإسم. سيكون مختلفاً عن بعض أسماء الشركات الأخرى. أعني أنه قد يكون بعيد الصلة، لكن قد يتعجّب المرء مما ستنتجه تلك الشركة. فضلاً عن ذلك قد يراوح ذاكرتك لوقت أطول لأنه غير مألوف».

الجريدة الكويتية في

04/08/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)