حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عسل إسود.. مرآةُ ميدوزا.. باسبور أزرق يفتح أبواب السماء والأرض

كتب   فاطمة ناعوت

ما سبب غياب البطولة النسائية فى «عسل إسود»؟

ما سرُّ غياب البطولة النسائية عن الفيلم؟

تلك مغامرة جسور، ومحسوبة من المؤلف خالد دياب، والمخرج خالد مرعى. ولا أغفل طبعًا الأداء الراقى لإنعام سالوسة وإيمى غانم وسواهما من النساء. إنما أقصد خلوَّ الفيلم من عنصر نسائى يشتبك معه البطلُ فى قصة حب. أما كونها «مغامرة»، فلأن المُشاهد العربى، اعتاد أن ينتظر بشغف العنصر الأنثوىّ فى الميديا المرئية، تلك التى تشكّل «النّصف الحلو» للعمل. وأما كونها «محسوبة»، فلأن الدلالة من وراء هذا «الإقصاء الأنثوى» خدم على نحو كبير فكرة الفيلم ورسالته فلسفيّا، رغم أننى من الذاهبين إلى أن المرأة هى الشقُّ الأرقى فى العالم، بل من المتشددين لنظرية الأنثوية (وليست النسوية)، بمعناها الوجودى، والمنادين بمبدأ تأنيث العالم.

إقصاء المرأة، وبالتالى تغييب عنصر العاطفة الشهير فى الأفلام العربية: العاطفة بين البطل، والبطلة «المغيّبة»، أخلى حلبةَ الصراع ليكون، فقط، بين بلدين، أحدهما غولٌ عظيم، أمريكا، والآخر نامٍ متعثر، هو مصر: الوطن. لو أن المخرج، جدلاً، قد نسج بالفيلم قصة حب نشأت بين البطل/ «أحمد حلمى»، وفتاة ما، ثم اختار البطلُ فى الأخير أن يضحى بأرض الأحلام، أمريكا، ويختار البقاء فى أرض الشقاء، الوطن، لربما ساور المشاهِدَ بعضُ شكٍّ أن قصة الحب وراء ذلك الاختيار «الصعب».

لكن ذلك التغييب المتعمد أفسح المجال للون آخر من الحب، أكثر رحابةً من حب رجل وامرأة، حبّ مجتمع كامل، بحُلوه الشحيح ومُرّه الشاسع، بعثراته ومحنه وأزماته. ذلك الإقصاء جعل الخيار بين أرضين. إحداهما مثالٌ للجدية والديمقراطية والنظام والنظافة واحترام حقوق الإنسان، والأخرى مثال صارخٌ، من أسف، لعكس ما سبق! ذلك جعل النِّزال صعبًا، بقدر عبثيته، وجعل، من ثم، الخيار عسيرًا، يقترب أيضًا من العبثية. لكن الوطن، بكل فوضاه وأزماته، وقسوته، انتصر فى الأخير، لماذا؟ لأنه ببساطة: الوطن.

الوطنُ، بكل تناقضاته (يا كل حاجة وعكسها)، حاضرٌ فى كل مشهد: السياراتُ الفارهة وعرباتُ الكارو، الأبراجُ الباذخة والبيوتُ الواطئة الفقيرة، الواجهاتُ البلّورية والمشربيات، الثراءُ والعَوَز، ثم الزحام الخانق، الملوثات بأنواعها: السمعية والبصرية والحسية والفكرية، وهلم جرا. هذا عن الوطن، أما الموطِن، فقد شاء الفيلمُ أن يكون حاضرًا دائمًا عبر اسم البطل: «المصرى سيد العربى». هل ثمة إشارةٌ ما فى هذا الاسم؟ أظن ذلك.

ولو أنصفوا لسمّوه «سيد العالم»، ليتذكّر المواطنُ أن «المصرىَّ» كان، ومفترض أن يظلَّ أبَ التاريخ، على المستوى الحضارىّ والتاريخىّ والعلمىّ. فهل من المعقول أن ذاك السيد «القديم» أمسى اليوم سائقًا يبتز الراكب عندما يكتشف جهله بالظرف الراهن، وسائسًا يعطى مواطنه حصانًا رديئًا ويحتفظ بالجيد للأجنبىّ، وموظّفًا مرتشيًا، وهاربًا من لغته إلى لغات لا يتقنها (fery good!)، و«الفهلوى» الذى لا يقول: لا أعرف، حينما يكون لا يعرف!

«المصرىُّ» الذى يعتز بمصريته مُهان. بل غدا ذلك الاعتزاز نكتةً تثير الضحك. يردد البطل باعتزاز: «أنا مواطن مصرى، وعندى حقوق مصرية!»، فيتحول إلى مسخرة، بينما تلك العبارة ذاتها ترتعد منها رعبًا الحكوماتُ «الراقية». فقط إذا ما استُبدلت كلمة «مواطن مصرى» بكلمات أخرى مثل: «مواطن سويسرى- مواطن أمريكى، إلخ».

عشق الوطن فى هذا الظرف التاريخى الصعب، عبّرت عنه بذكاء الشاعرة الغنائية الشابة «نور عبدالله»، عبر أغنية «بالورقة والقلم» التى صاحبت المشاهد بصوت ريهام عبدالحكيم. كلمات تنفذ إلى عصب مشكلة المصرى المُهان الذى لا يزال يعشق تراب بلاده رغم ما يلاقيه من عنت وجوع وقهر: «خدينى ١٠٠ قلم/ أنا شفت فيكى مرمطة وعرفت مين اللى اتظلم/ ليه اللى جايلك أجنبى/ عارفة عليه تطبطبى/ وتركّبى الوشّ الخشب وعلى اللى منك تقلبى/ عارفة سواد العسل/ أهو ده اللى حالك له وصل/ إزاى قوليلى مكملة وكل ده فيكى حصل/ يا بلد معاندة نفسها/ يا كل حاجة وعكسها/ إزاى وأنا صبرى انتهى/ لسه باشوف فيكى أمل/ طرداك وهى بتحضنك/ وهو ده اللى يجننك/ بلد ما تعرف لو ساكنها وللا هى بتسكنك/ بتسرقك وتسلفك/ ظالماك وبرضه بتنصفك/ إزاى فى حضنك ملمومين/ وانتى على حالك كده».

«كأن البلد بقت قرافة كبيرة» جملة بليغة قالها هلال المصوراتى الذى جسّده الفنان يوسف داود، لتلخص المفارقة. فالمصرى اليوم يفرُّ «للحياة» فى بلد آخر، ثم يعود «ليُدفَن» فى وطنه!

عديد السلبيات يسددها الفيلمُ لقلب مصر: بدءًا بحفنة التراب التى يستنشقها البطل فى أول لقاء له بالوطن، بينما يفتح رئتيه ليتنسّم عبير بلاده، فيباغته السعال. وليس انتهاءً بطفلة فى السابعة ترتدى الحجاب، بل إن البطل/ الرجل، وضع حجابًا فى أحد المشاهد نزولاً على طلب المتشددين الشكلانيين الذين اختزلوا الفضيلة فى شَعر المرأة!

على أننا نأخذ على الفيلم إفراطه غير المبرر فى إعلانات مفرطة، مقحمة إقحامًا مُسفًّا، من خطوط الطيران حتى المياه المعدنية، مرورًا بماركة السيارة، واسم الصحيفة، وشركة خطوط محمول!

عبر كوميديا راقية، اعتدنا عليها فى كل أعمال أحمد حلمى، وإيقاع هادئ، رغم توتّر مواقف تدخل فى حقل الكوميديا السوداء، وموسيقى نافذة أبدعها الموسيقار عمر خيرت، ولقطات كاميرا ذكية، وأداء جيد لفريق التمثيل، خرج الفيلم كأنه «مرآة ميدوزا»، التى سلّطها فريق العمل بقسوة إلى وجه الوطن، حكومةً وأفرادًا، كى يروا سوءاتهم وأغلاطهم، علّهم يصححونها.

Fatma_naoot@hotmail.com

المصري اليوم في

22/07/2010

 

محاولات لتحويل شبكة الإنترنت إلى مصدر دخل إضافى للأعمال الفنية

كتب   أحمد الجزار 

عرض فيلم «الكبار» على أحد مواقع الإنترنت بالتزامن مع عرضه فى دور العرض وبموافقة الشركة المنتجة، يعد أول حادثة من نوعها فى تاريخ السينما، وتكرار ذلك مع أغانى الألبومات الجديدة، يفتح الباب أمام استخدام الإنترنت كوسيلة جديدة لتحقيق ربح من العمل الفنى، بعد أن ظل لفترة طويلة مصدر إزعاج للمنتجين بسبب السطو على الأعمال الفنية. والسؤال: هل سيؤثر ذلك على عملية توزيع الفيلم فى باقى الدول، وهل ستكون للرقابة سلطة على هذه الأعمال؟

أوضح جمال العدل منتج فيلم «الكبار» أن الهدف من عرض الفيلم على الإنترنت هو توفير دخل موازٍ للفيلم، خاصة أن هذا الدخل مهما كانت قيمته أفضل من عدمه حيث إن معظم مواقع الإنترنت تعرض معظم الأفلام الجديدة أثناء عرضها فى دور العرض من خلال القراصنة مما يؤثر على الدخل العام، وقال جمال: العرض على الإنترنت كان يبدأ بعد رفع الفيلم من دور العرض، لكننى قبلت عرضه فى نفس توقيت عرضه فى دور العرض لتوفير دخل أفضل، وفى الوقت نفسه إتاحة نسخة جيدة منه لجمهور الإنترنت لأنى لا أجد أزمة كبيرة إذا تم عرض الفيلم على مواقع الإنترنت أثناء عرضه فى دور العرض، فجمهور السينما يختلف عن جمهور التليفزيون، ويختلف أيضا عن جمهور الإنترنت، كما أن المنتج من الممكن أن يحصل على مبلغ يتراوح بين ٥٠ و١٠٠ ألف دولار نظير عرضه لمدة شهر على أحد المواقع، خاصة التى تنجح فى جذب رعاة.

ويرى جمال أنه حان الوقت لاستخدام الإنترنت كمصدر دخل للفيلم، خاصة أن هذا النظام معمول به فى كل دول العالم، ولابد من خوض التجربة الآن بدلا من أن تفرض علينا خلال السنوات المقبلة، والمشكلة الوحيدة هى أن مواقع الإنترنت لا تملك آليات للحفاظ على الفيلم أو تقنين عملية المشاهدة، فالمنتج سيتعرض لخسائر كبيرة إذا أتاحت للجمهور تنزيل الفيلم، وقال: تسويق الأفلام على مواقع الإنترنت يتم من خلال الموزع وليس بشكل منفرد، حتى يتم الحفاظ على باقى وسائل دخل الفيلم، لذلك عندما قررت عرض الفيلم على الإنترنت بالتزامن مع عرضه فى دور العرض، وقعت عقدا مع الموقع ووضعت شرطا جزائيا يضمن عدم تسريبه إلى مواقع أخرى، وحتى الآن لا توجد لائحة محددة لأسعار البيع على مواقع الإنترنت لأنها وسيلة مستحدثة مازلنا نتحسس تفاصيلها، كما أنه من الصعب وجود موزع خاص للإنترنت.

محسن جابر، رئيس اتحاد منتجى الصوتيات، يرى أن الإنترنت لم يمثل أى دخل لشركات الأغانى حتى الآن، وقال: هناك مواقع تتيح للمستخدمين تنزيل الأغانى دون مقابل، وهذا اضطرنى إلى إتاحة تحميل الأغنيات الخاصة بشركتى مجانا على موقع الشركة لجذب عدد كبير من المستخدمين، الأمر الذى يترتب عليه جذب بعض الرعاة للموقع ويوفر دخلاً موازياً للألبوم، خاصة أن صناعة الصوتيات تتعرض لأزمة كبيرة وخسائر فادحة بسبب «الإنترنت» التى كان من الممكن أن تمثل إضافة كبيرة.

وأكد جابر أن هناك وسائل أخرى لتوفير دخل للألبومات، منها مشروع «صندوق الأغانى» الذى يسمح لأصحاب التليفونات المحمولة بالحصول على أغانى الألبومات الجديدة على تليفوناتهم، لكنه لا يمثل دخلا كبيرا لعدم إقبال كل أصحاب التليفونات عليه.

اعتبر المنتج محمد العدل أن التعامل مع مواقع الإنترنت دون ضمانات سيؤثر بشكل كبير على الصناعة وخاصة التوزيع الخارجى للفيلم فى معظم الدول العربية، لأن الموزع لن يجد فيه فرصة جيدة بعد أن تم انتشاره وبنسخة جيدة على معظم مواقع الإنترنت، وقال: لابد من وجود تقارب فى وجهات النظر بين المنتجين وأصحاب المواقع حتى نستطيع أن نستفيد بالإنترنت كمصدر دخل إضافى، وليس لدىّ مانع بأن يتم عرض الفيلم على المواقع بالتزامن مع عرضه فى دور العرض لأنى مقتنع بأن كل جمهور يلجأ إلى الوسيلة التى يفضلها، لكن لابد أن نعترف بأن «الإنترنت» ستكون الحل البديل خلال الفترة القادمة، خاصة بعد أن تراجع بيع الأسطوانات المدمجة للأفلام، وأعتقد أن هذه الأسطوانات ستتلاشى فى وقت ما، مثلما حدث مع شرائط الفيديو، لذلك على المنتج أن يستحدث وسائل دخل إضافية حتى لا يتعرض لخسائر كبيرة، خاصة إذا كانت هذه المواقع قادرة على تحقيق دخل جيد.

وأكد العدل أن معظم مواقع الأفلام الموجودة فى مصر الآن لا تستطيع أن تحمى الأفلام، وهذا يمثل خطورة كبيرة على الأفلام التى يتم عرضها بالتزامن مع دور العرض، وقال: هذا ما جعلنى أرفض أكثر من عرض لتسويق أفلامى على الإنترنت، لكننى أدرس مع بعض المنتجين آلية عمل السوق الأمريكية لنتعرف على كيفية تعاملها مع مواقع الإنترنت حتى نستطيع أن نستوعب هذه الآلية ونقنن خطورتها، كما نحدد موعد تسويق الفيلم على الإنترنت حتى لا يتم الإضرار بالوسائل الأخرى.

أما بخصوص دور الرقابة ومدى تدخلها فى الأفلام التى تعرض على مواقع الإنترنت، أكد سيد خطاب، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، أن الرقابة لا تملك قانوناً واضحاً يسمح لها بالتدخل رقابيا فى كل ما يعرض على المواقع، وقال: نحن نعمل حتى الآن بالقانون الصادر عام ١٩٥٥، لذلك لا يُسمح للرقابة بمراقبة الأعمال على أى مستحدثات تكنولوجية، و«الإنترنت» تعتبر الآن وسيلة جماهيرية لأن رسائلها تعرض على عدد كبير من المستخدمين وهذا يمثل خطورة، وقد قمت بالفعل بإعداد مذكرة إلى المجلس الأعلى للثقافة الذى يتبع له جهاز الرقابة تضم تصوراً جديداً لتحديث الجهاز الرقابى حتى يتواكب مع التطورات التكنولوجية، وبصراحة: الجهاز تعامل مع منتجى الأعمال الفنية الموجودة على الإنترنت بشكل ودى ودون إلزام، نظرا لوجود علاقة عمل مستمرة بين المنتجين والجهاز، لذلك من الصعب أن يعرضوا مشاهد اعترضت عليها الرقابة فى العمل الفنى الأصلى حتى لا يفسد ذلك علاقة العمل والمصداقية بيننا.

وأكد خطاب أن قانون الرقابة الحالى لا يسمح أيضا برقابة أعمال القنوات الفضائية خاصة التى تبث من خارج مصر أو حتى الموجودة فى منطقة النايل سات، لأنها تخضع لقواعد المنطقة الحرة، كما يسمح بالرقابة على الأعمال التى تصور داخل مدينة الإنتاج الإعلامى، وهذه الأعمال تلجأ إلى الرقابة فى حالة رغبة أصحابها الحصول على تصاريح للتصوير الخارجى سواء داخل او خارج مصر، وقال: نحن على أعتاب مرحلة بث مختلفة خلال السنوات القادمة لأن عملية البث التقليدية ستختفى تماما، وقد تبث معظم الأعمال من خلال القمر الصناعى مباشرة، لذلك لابد أن تكون هناك آليات جديدة ووسائل مختلفة لاستمرار عمل الرقابة.

المصري اليوم في

22/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)