حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

يوسف شاهين وعز الدين ذو الفقار وصلاح أبو سيف وكمال الشيخ وعاطف سالم أكثر الذين استفادوا من الثورة

بقلم : د. محمد كامل القليوبي

المناخ الذي أحدثته ثورة يوليو 1952 بإشعال جذوة الحماسة الوطنية والدعوة إلي مقاومة الاستعمار والتغيير، بالإضافة إلي الضربات العنيفة التي وجهتها للإقطاع المصري بإصدار قانون الإصلاح الزراعي في سبتمبر 1952 الذي حدد الحد الأقصي للملكية الزراعية بمائتي فدان، قد أدي إلي تهيئة ظروف أكثر مناسبة لنمو بذور الواقعية الاجتماعية من جديد وأتاح فرصة أكبر للعناصر المتقدمة في السينما المصرية للظهور والعمل في شروط أفضل، أو علي الأصح اكتسب عملهم أهمية عن ذي قبل وبدا متميزاً إلي حد كبير وسط طوفان الأفلام الهابطة التي ظلت تتدفق علي السينما المصرية بمعدلات عالية، ولكن ما يستدعي الانتباه أن أفلام ما بعد 1952 وحتي نهاية عام 1962 وهو عام بداية إنتاج سينما القطاع الحكومي قد غيرت إلي حد كبير وبسرعة مدهشة الإطار العام لموضوعاتها دون أن تتخلي عن الموضوعات نفسها وعدد من أنماط ما بعد الحرب يكاد أن يخلي الساحة تماماً، العصامي يكاد أن يختفي ليحل محله البورجوازيون الصغار وأبناء الطبقة الوسطي معتمدين علي عملهم، ومفهوم التضحية في الحب يصبح شيئاً في وضع القانون الحتمي من أجل الحفاظ علي الأسرة، ومشكلة الحب ليست في الفوارق الطبقية كما كان الحال من قبل وإنما هي أساس في تعدد أطرافه، المرأة تصبح شيئاً أكثر إيجابية وقدرة علي الفعل دون ان تقع تماما خارج دائره المفهوم السلعي وان تجاوزت هذا المفهوم في بعض الاحيان،ولقد كان وراء هذه التغيرات النسبية عاملان مهمان اولهما الضربة العنيفة التي وجهت الي الاقطاع في اعقاب ثورة يوليو مباشرة بالاضافة الي الهجوم الشعبي الذي كان قد بدأ من قبل في مواجهة القطاعات الصاعدة من البورجوازية المصرية المتعاونة مع الاحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية، واستجابة السلطة الرسمية لهذا الهجوم الذي التقي الي حد كبير مع الطابع المعادي للاستعمار ومع المتعاونين معه والذي بلورته ثورة يوليو بشكل محدد في احد اهدافها الأولي تحت عنوان" القضاء علي اعوان الاستعمار" ، وهو ما ادي الي حالة من القلق والرعب وسط هذه القطاعات الصاعدة من البورجوازية المصرية بعد الحرب مما جعلها تحاول ان تخفي وجهها وتذر الغبار حول نشأتها خاصة ان هذا الشعار قد ترجم الي اجراءات عنيفة خلال محاكمات الثورة عامي 1953،1954 التي اتخذت فيها احكاما قاسية وصلت الي حد الاعدام لبعض رموز هذه القطاعات، هذا من جانب ومن جانب آخر فلقد شهدت هذة الفترة ايضا إحلال عدد من السينمائيين الجدد واختفاء عدد من السينمائيين القدامي الذين قاموا بصنع معظم الافلام في الفترة من1945 الي 1952 او قل انتاجهم بصورة ملحوظة ، وان كان علينا ان نلاحظ ان معظم هؤلاء السينمائيين الجدد كانوا قد بدءوا اعمالهم الاولي خلال فترة ما بعد الحرب دون ان يتشكلوا تماما في أي إطار مما ادي الي قدرتهم علي التلاؤم نسبيا مع المناخ الجديد الذي اعقب ثورة يوليو ، كما ان هبوط انتاج معظم سينمائيي الفترة السابقة يرجع الي توقف بعضهم لظروف مختلفة او عجز بعضهم عن تحقيق نجاح تجاري كما كان الحال في السابق لعدم قدرتهم علي التلاؤم مع الظروف الجديدة، مع ملاحظة ان بعضهم قد استمر بنفس اسلوبه القديم الذي كان ومازال يلقي استجابة من المتفرجين بحكم تميزه سابقا داخل اطار سينما ما بعد الحرب نفسها، ولقد كان المتفرج المصري هو العامل الحاسم في عملية الاحلال هذه دون اي تدخل قسري باية صورة من سلطة يوليو 1952 ضد السينما القديمة، ودون اي دعم ايضا من جانبها (جانب الثورة)  للسينمائيين الجدد .

احصائيات

ويمكننا ان نلاحظ في الاحصائيات التالية حجم هذا الاحلال وطبيعته ، فعلي سبيل المثال فان اهم سينمائيي الفترة من 1953 الي 1962 (بداية انتاج القطاع الحكومي ) وهم يوسف شاهين الذي قام باخراج اربعة افلام قبل الثورة قد قام باخراج 12 فيلماً في هذه الفتره ، وعز الدين ذو الفقار الذي قام بإخراج 8 افلام قبل الثورة قد قام باخراج 25 فيلماً في هذه الفترة، وصلاح ابو سيف الذي قام باخراج 8 افلام قبل الثورة قد قام باخراج 16 فيلماً في هذه الفترة، وبركات الذي قام باخراج 16 فيلماً قبل الثورة قد قام باخراج 20 فيلماً في هذه الفترة، واحمد ضياء الدين الذي قام بإخراج فيلمين قبل الثورة قد قام باخراج16 فيلماً في هذه الفترة، وفطين عبد الوهاب الذي قام باخراج  4 أفلام قبل الثورة قد قام باخراج30 فيلماً في هذه الفترة، وكمال الشيخ  الذي قام باخراج فيلم واحد قبل الثورة قد قام باخراج 16 فيلماً في هذه الفترة ،وكمال عطية الذي قام باخراج فيلم واحد قبل الثورة قد قام باخراج 9 افلام في هذه الفترة، هذا بالاضافة الي مجموعة اخري من المخرجين الذين لم يقدموا اية افلام قبل الثورة وظهروا في اعقابها وأهمهم عاطف سالم الذي قدم 18 فيلماً ، والسيد بدير الذي قدم 13 فيلماً ، وحلمي حليم الذي قدم 6 افلام ، وتوفيق صالح الذي قدم فيلمين، وسعد عرفة الذي قدم ثلاثة افلام ، وحسين حلمي المهندس الذي قدم خمسة افلام ، وعبد الرحمن شريف الذي قدم فيلمين ، اي ان مجموع الافلام التي قدمها هؤلاء المخرجون في الفترة من1953 حتي 1962 قد بلغ 193 فيلماً اي بنسبة قدرها 36.6% من افلام هذه الفتره البالغ عددها 527 فيلماً وذلك مقابل 44 فيلماً اي نسبة قدرها 11% من افلام الفترة من 1945 حتي 1952 والبالغ عددها 400 فيلم . أما أهم مخرجي الفتره من 1945 حتي 1952 فهم يوسف وهبي الذي قدم 14 فيلماً قبل الثورة ثم قدم 3 افلام في هذه الفترة، ومحمد عبد الجواد الذي قدم 15 فيلماً قبل الثورة قدم 7 افلام في هذه الفترة، وحسين فوزي  الذي قدم 21 فيلماً قبل الثورة قدم 15 فيلماً  في هذه الفترة ، وعباس كامل الذي قدم15 فيلماً قبل الثورة قدم 12فيلماً في هذه الفترة ، وابراهيم عمارة الذي قدم 18 فيلماً قبل الثورة قدم 16 فيلماً في هذه الفترة، وجمال مدكور الذي قدم 10 افلام قبل الثورة قدم فيلمين في هذه الفتره، وحسن حلمي الذي قدم 13 فيلماً قبل الثورة قدم فيلما واحداً في هذه الفترة، وفؤاد الجزايرلي الذي قدم 15 فيلماً قبل الثورة قدم فيلما واحداً أيضا في هذه الفترة، اما عبد الفتاح حسن الذي قدم 19 فيلماً قبل الثورة، وإبراهيم لاما الذي قدم 8 أفلام قبل الثورة، وعمر جميعي الذي قدم 7 أفلام قبل الثورة، فلم يقدموا أية أفلام بعدها أي أن هذه المجموعة التي قدمت 155 فيلماً في الفترة من 1945 حتي 1952 أي بنسبة قدرها 38.75% من أفلام هذه الفترة لم يتجاوز إنتاجها 57 فيلماً في الفترة من 1953 حتي 1962 أي بنسبة قدرها 10.81% من أفلام هذه الفترة .

ومن المؤكد أن هذا الإحلال الذي تم بشكل من الاستفتاء الشعبي في صورة مداخيل شباك التذاكر قد أدي إلي حد ما إلي تغير في أنماط السينما المصرية التي تشكلت في أعقاب الحرب العالمية الثانية دون أن يؤدي إلي تغير طبيعتها، حيث إن السؤال الحاسم بملكية وسائل الإنتاج السينمائي والتوزيع ودور العرض قد ظل كما هو دون أي تغيير حتي الضربة الجزئية التي واجهها بتأميم الاستوديوهات ودور العرض وشركات التوزيع عام 1961، وبدء إنتاج القطاع الحكومي عام 1963، ولذلك فلقد كان من الطبيعي أن يستمر التوجه العام للسينما المصرية كما هو وإن اقتضي الأمر تعديل أشكال الأفلام والتقدم بموضوعاتها إلي حدود معينة دون توفر إمكانية حقيقية لتجاوز هذه الحدود، وظلت إمكانيات التجاوز متوقفة علي محاولات بعض السينمائيين كما كان الحال سابقاً لتجاوز وضعية السينما المصرية. ولكن ما يسترعي الانتباه أن معظم محاولات تحديث أشكال الأفلام في هذه الفترة وتعديل موضوعاتها قد عمد إلي محاولة استعارة نماذج من السينما الأجنبية شكلاً وموضوعاً وتمصيرها بدلاً من محاولة تطوير الأشكال والموضوعات المستمدة من التراث الثقافي القومي والذي كان قد صاحب السينما المصرية منذ بدايتها، وإن تم تناوله بشكل متخلف للغاية في الأفلام السابقة، ولقد دفعت السينما المصرية بذلك ثمناً باهظاً بأن تنقطع عن جذورها إلا في أعمال قليلة للغاية كي تتمكن من تجاوز  مرحلة الانهيار الفظيعة التي تعرضت لها في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ويرجع ذلك إلي عدة عوامل أهمها أن الفترة التي أعقبت ثورة 23يوليو 1952 مباشرة شهدت ازدهاراً نسبياً بالنسبة للبورجوازية الصغيرة مع الضربة العنيفة التي وجهت للإقطاع من جانب، ومع عدم تحدد بعد أيديولوجي واضح وعدم توجه جذري للطبقات الشعبية في مصر من جانب آخر ولقد أدي ذلك بالسينما المصرية إلي مراعاة هذه الشروط الجديدة، فمن جانب فإن النسبة الأساسية من مشاهدي السينما في مصر من أفراد هذه الطبقة حيث تتركز نسبة كبيرة من دور العرض السينمائي والبالغ عددها 358 داراً في مصر في هذه الفترة  في مدينتي القاهرة والإسكندرية اللتين تتركز فيهما الأجهزة الإدارية والبيروقراطية وجميع الجامعات والمعاهد العليا، وكذلك البنوك والمؤسسات التجارية، ويشكل العمال نسبة قليلة من ساكنيهما ومعظمهم من عمال الخدمات في هذه الفترة، بينما يكاد أن ينعدم الفلاحون من بين سكان هاتين المدينتين حيث يحتل النصيب الأكبر في التوزيع السكاني الطبقات البورجوازية وبشكل خاص البورجوازية الصغيرة، وقد وصل عدد ارتياد مرات السينما في هاتين المدينتين عام 1952 إلي 58.731.000 من مجموع مرات ارتياد السينما في جميع أنحاء مصر البالغ عدده 76.982.000 في هذا العام أي بنسبة قدرها 76.29%، ووصل عام 1953 في هاتين المدينتين إلي 67.542.000 من مجموع مرات ارتياد السينما في جميع أنحاء مصر البالغ عدده 83.850.000 أي بنسبة قدرها 80.55%، وارتفعت هذه النسبة خلال عام 1954 إلي 81.13% وخلال عام 1954 إلي 83% ، ولقد دفع ذلك بأفلام هذه الفترة لأن تتخذ من الطبقة الوسطي في مصر موضوعاً لها وإلي أن يتشكل أبطال الأفلام من بين أفرادها بشكل رئيسي، ومن جانب آخر فإن الإقبال الشديد علي مشاهدة الأفلام الأجنبية عوضاً عن الأفلام المصرية في الفترة السابقة وخلال هذه الفترة أيضاً إلي الدرجة التي أصبح معها (المتفرج المصري المتعلم يخجل من دخول فيلم مصري) وإلي الدرجة التي وصل معها مرتادو الأفلام الأجنبية إلي أضعاف مرتادي الفيلم المصري، فعلي سبيل المثال فإن عدد مرتادي سينما مترو وهي أهم دار عرض مخصصة للأفلام الأجنبية في هذه الفترة قد وصل 1.590.300 متفرج خلال عام 1953 مقابل 454.600 متفرج ارتادوا سينما الكورسال وهي أهم دار عرض مخصصة للأفلام المصرية في نفس الوقت، أي أن نسبة مرتادي السينما الأولي إلي الثانية وصلت إلي 35.2% ، وفي عام 1954 كان مرتادو السينما الأولي 1.380.40 ومرتادو السينما الثانية 330.110 أي وصلت النسبة إلي 412.0% ولقد أدي هذا إلي أن يحاول السينمائيون المصريون وخاصة هؤلاء الذين تبلوروا خلال هذه المرحلة إلي محاولة تقليد الأفلام الأجنبية علي الأقل من ناحية الشكل السينمائي ومحاولة تحديثه ليتناسب مع ذوق جمهور السينما المصرية في ذلك الوقت.

متطلبات الجمهور

ولقد سارعت أفلام هذه المرحلة بالاستجابة إلي متطلبات الجمهور الجديد والبورجوازية الصغيرة وتملقها، فمن جانب تحول معظم أبطال هذه الفترة إلي مجموعة من البورجوازيين الصغار النبلاء لا تكاد بشكل عام أن تلمح شريراً بينهم، الجميع يضحون بحبهم من أجل قيم سامية شكل الكيان الأسري محوره في أحيان كثيرة، ففي فيلم "حتي نلتقي" من إخراج بركات عام 1985 نجد نجمة سينمائية تضحي بحبها حتي لا تكون زوجة أب لطفلة صغيرة تعاني الحرمان والبعد عن أمها، وفي فيلم " مع الأيام" من إخراج أحمد ضياء الدين عام 1985 نجد أرملة لها أولاد وتتساءل بوعي: هل من حقها أن تعيش مرة أخري مع رجل آخر؟ وعما إذا كان ذلك سيسبب التعاسة لأولادها؟ وتختار في النهاية التضحية بالحب من أجل سعادة أسرتها الصغيرة، وفي فيلم " أقوي من الحب"  من إخراج عز الدين ذو الفقار عام 1954 نجد رجلا أكتع يعيش علي حساب زوجته الطبيبة المشهورة التي تهمله وتنشغل عنه ثم تكتشف امرأة أخري موهبته في الرسم فتنشأ صداقة بينهما تتحول إلي حب يتمكن بطل الفيلم من الاعتماد علي نفسه فتستيقظ مشاعر الحب في نفس زوجته ويختار البطل أن يضحي بحبه من أجل أن يعود لأولاده وأسرته، وفي فيلم "سيجارة وكاس"  من إخراج نيازي مصطفي عام 1955 نجد موضوع الغيرة ولكنها غيرة مأمونة العواقب هذه المرة إذ سرعان ما تعود الأمور إلي مجراها الطبيعي ويعود الزوج مضحياً برغباته إلي بيت الزوجية حفاظاً علي الأسرة أيضاً رغم محاولات الممرضة الحسناء التي تعمل عنده للإيقاع به بالإغراء الجنسي، وفي فيلم "رسالة غرام"  من إخراج بركات عام 1954 وهو مقتبس عن رواية "تحت ظلال الزيزفون" للكاتب الفرنسي ألفونس كار يكرس مطرب شاب حياته من أجل ابنة حبيبته التي غرر بها أحد أصدقائه ودفعها للزواج به، ويتبني المطرب هذه الطفلة بعد وفاة والديها، ويسود مفهوم التضحية أفلام هذه المرحلة بصورة واسعة ويتحول مفهوم التضحية إلي قيمة في حد ذاتها وكفضيلة خاصة بالبورجوازية الصغيرة تمارسها ببساطة شديدة بصرف النظر عن ضرورتها في شيء أشبه باليوجا الروحية وبصورة ملائكية للغاية، ففي فيلم "لحن الخلود"  من إخراج بركات في نهاية عام 1954 تضحي زوجة بحبها لزوجها المطرب من أجل أن يتزوج صديقة صباه التي تعيش محطمة القلب بسبب حبها الدفين له، وفي فيلم "وعد" من إخراج أحمد بدرخان عام 1955 يضحي شخص بحبه من أجل صديقه، وفي فيلم "مرت الأيام"  من إخراج أحمد ضياء الدين عام 1954 تضحي فتاة بحبها لشخص لتتركه لأختها الأنانية ليتزوجها وتستحيل حياته إلي جحيم، وفي فيلم " أغلي من عينيه" من إخراج عز الدين ذو الفقار عام 1955 نجد شابا تشوه وجهه إثر حادث حريق يدفع بزوجته العمياء لإجراء عملية جراحية تري بها النور ثم ينسحب من حياتها مضحيا بحبه حتي لا تري وجهه المشوه، وفي فيلم "عهد الهوي"  من إخراج أحمد بدرخان عام 1955 تعود قصة "غادة الكاميليا" لألكسنر دوما الابن للظهور مرة أخري حيث تضحي الفتاة بحبها من أجل مستقبل من تحب، وفي فيلم " عيون سهرانة" من إخراج عز الدين ذو الفقار عام 1956 تضحي صاحبة كباريه بحريتها مسلمة نفسها للبوليس باعتبارها مرتكبة لجريمة قتل عندما رأت أحد الأبرياء يتهم بهذه الجريمة ويقاد إلي المحكمة.

التضحية من أجل الوطن

ولعل قيمة التضحية المطلقة بالحب وكما شاعت في السينما المصرية في هذه المرحلة جاءت كمقابل لتصاعد نفس الدعوة علي المستوي السياسي بالدعوة إلي التضحية من أجل الوطن، وهي نغمة كانت تتكرر كثيراً في ذلك الوقت دون أن يعرف أحد كيف يمكن ترجمتها إلي فعل إيجابي، فبينما كانت هذه النغمة تتصاعد عالياً وفي إطار من الاستجابة الشعبية المطلقة لها، لم تجد الجماهير الشعبية أي سعي لمحاولة تنظيمها لتضحي من أجل وطنها بالحرب ضد قوات الاحتلال حتي فوجئت ذات صباح بهيج في صيف 1954 بالصحف تخرج مهنئة إياهم بأنه قد تم توقيع اتفاقية جلاء القوات البريطانية في مصر علي مائدة المفاوضات، ولعل السينما المصرية قد أوجدت في مفهوم التضحية بالحب متنفساً للعواطف الشعبية في هذه الفترة لأن تجد تفريغاً لعواطف جياشة لا تجد تحققها العملي علي صعيد الواقع.

وفي الواقع فإن مفهوم التضحية بالحب كإحدي فضائل البورجوازية الصغيرة كما قدمته أفلام هذه المرحلة كان يعبر عن التضحية بأثمن شيء في الوجود كما بدا تصويره أيضاً في هذه الأفلام، فلا شيء يعادل الحب كعاطفة مطلقة سامية لا نجد لها علاقة بالواقع، فالجميع من بين أفراد هذه الطبقة طيبون يحبون بلا نهاية، ويخلصون بلا نهاية، ففي فيلم " وفاء" من إخراج عز الدين ذو الفقار عام 1953 نجد طبيباً يعالج بطلة الفيلم من مرض خطير فتشفي منه وتحبه ويتزوجان ثم تقع حادثة للزوج ينتج عنها كسر خطير في ساقه فتعمل البطلة ممرضة عند شاب أعمي لتعول الأسرة دون أن تخبر زوجها، ويصل مفهوم الحب المطلق إلي منتهاه في فيلم "إني راحلة" لنفس المخرج عام 1955 حين يصاب زوج بأزمة مصران أعور قاسية في كابينة منعزلة بالإسكندرية ويموت علي أثرها فتشعل الزوجة النار في الكابينة لتختفي معه إلي الأبد.

أشرار السينما والتحول

أما أشرار الحكايات الشعبية القديمة، الأشرار المطلقون بطبيعتهم التي خلقها الله لينازلوا الأبطال الخيرين بصورة مطلقة أيضاً ليتحقق انتصار الخير علي الأرض، فلقد اتخذوا لهم في أفلام الفترة السابقة وضعاً طبقياً أو آخر حسب موازين القوي المتحكمة في صناعة السينما، فلقد أوشكوا علي الاختفاء تقريباً من بين أفراد البورجوازية الصغيرة في هذه المرحلة، وتحولوا فجأة إلي أثر تاريخي قديم عندما تقدم الأفلام المصرية في هذه الفترة التاريخ السابق لثورة يوليو 1952، فهم دائما الباشا والإقطاعي والمتعاونون معه، بينما ترفل البورجوازية الصغيرة والشعب في ثوب من الخير المطلق والفضائل العميقة، فكل الأشرار أصبحوا أثراً قديماً لمرحلة مضت انتهوا تماماً بنهايتها ولا يكاد يظهر لهم أثر في أفلام هذه المرحلة تقريباً بين أبطال الأفلام من بين أفراد البورجوازية الصغيرة، وإنما تحول الشر إلي مصدر خارجي تماماً في أغلب الأحيان، فهم هؤلاء الأشرار المنظمون في عصابات والخارجون علي القانون الاجتماعي والذين يعملون علي الأغلب بتهريب المخدرات ليأتي البوليس بقوته الساحقة (التي تبرزها أفلام هذه المرحلة علي نحو مبالغ فيه) ليخلص المجتمع من شرورهم، إن المتتبع لأفلام هذه الفترة لتصيبه الدهشة من كثرة الأفلام التي تدور حول موضوع الأشرار مهربي المخدرات والبوليس الذي يقف لهم بالمرصاد وينجح في الظفر بهم بمساعدة أبناء الشعب الطيبيين أبداً... فعلي سبيل المثال قدم المخرج نيازي مصطفي أفلام: "حميدو"  عام 1953، و" رصيف نمرة خمسة"  عام 1956، وفيلم " سواق نص الليل"  عام 1958، و" سلطان"  عام 1958، و"أبو حديد" عام 1958 وجميعها تدور حول المعارك بين عصابات تهريب المخدرات والبوليس، وقدم فطين عبد الوهاب فيلم " الأخ الكبير"  عام 1958 عن نفس الموضوع، وقدم حسن الصيفي فيلمي "سمارة"  عام 1956، و "زنوبة" عام 1956 عن نفس الموضوع أيضاً، وعاد نيازي مصطفي إلي الماضي ليقدم فيلم " فتوات الحسينية" عام 1954 عن تلك العصابة التي نشرت الإرهاب في حي الحسينية الشعبي بالقاهرة في بداية القرن العشرين، وعاد كذلك صلاح أبو سيف إلي الماضي ليقدم فيلم " ريا وسكينة" عام 1953 عن سفاحتين شهيرتين قامتا بعدد من جرائم القتل البشعة في مدينة الإسكندرية عام 1926، وفيلم " الوحش" عام 1954 عن الخط المجرم الشهير الذي نشر الإرهاب في صعيد مصر في الثلاثينات من هذا القرن، وشهدت هذه الفترة مداً واسعاً للفيلم البوليسي الذي يصور حياة رجال العصابات وصراعهم الدامي مع البوليس والذي ينتهي دائماً بانتصار رجال البوليس، ولقد ظهرت هذه الأفلام في شكل موجة كاسحة وتيار كامل مفاجئ علي الرغم من عدم وجود جذور لها لا في أفلام المرحلة السابقة لثورة يوليو، بالإضافة إلي غياب هذه النوعية شبة الكامل من أي أشكال في التعبير الأدبي الحديث أو المعاصر. وقد يكون الباعث لهذا الكم الغزير المفاجئ من الأفلام البوليسية هو محاولة مزاحمة السينما الأجنبية بشكل عام والأمريكية بوجه خاص التي اجتذبت في هذه الفترة قطاعات واسعة من مشاهدي السينما المصرية قد حاولت تمصير نموذج أفلام رجال العصابات الأمريكية بإيجاد مقابل لهذه العصابات في عصابات مهربي المخدرات دون أن تقع في محظور تقديمهم كشخصيات محببة كما هو الحال في السينما الأمريكية حيث (يظهر رجل العصابات السينمائي دائماً، بعض الخصال الساحرة، مثل: الشجاعة، الإقدام، المقدرة علي الاستجابة السريعة لأنواع معينة من الرعب الموجودة في حياة المدينة) بل علي العكس تماماً فلقد تم تقديم رجال العصابات في صورة مهربي المخدرات في صورة الشر المطلق وبصورة منفرة للغاية منهم، ولعل السينما المصرية قد التزمت في تمصيرها لهذه الصورة بالقاعدة الثابتة التي تحكم بناء الشخصية في الأدب الشعبي العربي عموماً والمصري بشكل خاص في تقديم شخصيات مطلقة تمثل الخير المطلق أو الشر المطلق دون أي احتمالات للصراع الداخلي في نفس الشخصية الواحدة، ومن جانب آخر استجابت لشق أساسي في شعار الثورة الأول "الاتحاد والنظام والعمل" وهو " النظام" الذي ألقيت مسئوليته بشكل محدد علي جهاز البوليس دون أي اعتماد علي أية مبادرات شعبية كما هو الحال بالنسبة لجميع الأهداف التي أعلنتها الثورة وأوكلت مهام تنفيذها إلي مختلف الأجهزة البيروقراطية لتقوم بها نيابة عن الجماهير الشعبية في مصر.

ولكن هذه النوعية من الأفلام التي ظهرت فجأة لم تكن لتنجح جماهيرياً إلي الدرجة التي تشكل معها موجة كاملة من الأفلام إلا باستجابتها لمناخ القلق العميق السائد خلال السنوات الأولي للثورة، فمع التأكيدات المفعمة بالأمل من قبل قيادة الثورة والوعود المعسولة والأهداف الطموحة المعلنة، كان ثمة إحساس بوجود خطر خارجي يحيق بكل هذه الآمال الشعبية المستجيبة بتوجس قلق لكل هذه الأمنيات والوعود والموزعة بين رؤية إنجازات وطنية تتم من أعلي ومن بينها الضربة العنيفة التي وجهت إلي الإقطاع بقانون الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية وتوقيع اتفاقية الجلاء وبدء حملة تطهير واسعة في جميع القطاعات، وبين عدم المشاركة الشعبية أو الاعتماد علي قواها في تحقيق أي من هذه الإنجازات، ومن هنا كان دائماً الشعور بالتوجس وبالقلق من خطر خارجي كاسح قد يأتي في أي لحظة للانقضاض علي كل ما تحقق، ولقد قدمت السينما تنفيساً عميقاً لهذا القلق خلال هذه الأفلام حيث جسدت هذا الخطر الخفي في رجال العصابات ومهربي المخدرات بشكل خاص كمصدر للشر الخارجي الذي يهدد المجتمع، وحاولت أن تبث الطمأنينة في نفوس الجماهير الشعبية بقوة البوليس المعادل لقوة الأجهزة الفوقية المنوط بها حماية بجميع الإنجازات الوطنية نيابة عن الشعب كله الذي كان محروماً بالفعل من أي مشاركة إيجابية في إطار النظام الجديد لثورة يوليو.

توتر وقلق

علي أنه مما تجدر ملاحظته أنه من بين طوفان الأفلام البوليسية التي ظهرت فجأة في أعقاب ثورة يوليو 1952 ظهرت بعض الأفلام من هذه النوعية لا تكتفي تقديم هذه الاستجابة المطلقة لحالة التوتر العام وإنما تحاول أن تتجاوزها إلي رؤية أعمق لما يجري، ومن المؤكد أن هذه الرؤية لم تكن تتم علي مستوي الوعي الكامل بأبعاد المرحلة ولكنها كانت نتيجة لإحساس أكثر إرهافاً بالوضع القلق للسنوات الأولي للثورة وبخريطة العلاقات الطبقية الجديدة، وأقل استسلاماً لكل الوعود المطلقة من قبل القيادة الجديدة، ولقد عكست هذه الأفلام النادرة تعبيراً مرهفاً عن المناخ السائد، ففي أول فيلم بوليسي مصري علي الإطلاق في تاريخ السينما المصرية وهو فيلم " المنزل رقم 13"  عام 1952 وهو أول فيلم يخرجه كمال الشيخ والذي عرض في أعقاب ثورة يوليو 1952 مباشرة، ويدور موضوعه عن طبيب يعمل بالتنويم المغناطيسي ويستغل عمله في تنويم إحدي السيدات لتقتل له زوج عشيقته التي أمن علي حياتها بمبلغ كبير من النقود، ويتهم الطبيب ولكنه يستطيع بصعوبة أن يبرئ نفسه إلي أن يظهر شاهد إثبات في اللحظة المناسبة، يبدو إلي حد ما تشابها من ناحية الموضوع العام مع فيلم "عيادة الدكتور كاليجاري" لروبرت فين عام 1919 وهو فيلم يكتسب أهميته الخاصة في تاريخ السينما من زاوية أنه كان يعكس حالة من القلق العميق في إمكانية أن تتمكن قوة شريرة من السيطرة علي قطاع من الشعب وتوجهه لخدمة أهدافها الإجرامية وهو مسلوب الإرادة ومن الغريب أن يبدو هذا التشابه من ناحية الموضوع حيث يسيطر طبيب شرير في كلا الفيلمين علي أحد مرضاه بالتنويم المغناطيسي ويوجهه إلي ارتكاب أعمال إجرامية ولكن من المؤكد أيضاً أن " المنزل رقم 13" أول الأفلام البوليسية في تاريخ السينما المصرية كان يعكس حالة من القلق الاستثنائي والرعب الدفين في فترة من أكثر الفترات قلقاً وتوتراً في التاريخ المصري المعاصر تتقلب فيها الحكومات المختلفة ويمارس القمع بكل أشكاله في مواجهة الحركة الشعبية المشتعلة ضد الاحتلال البريطاني والقصر والحكومات المتعاونة معه، وإذا كان " المنزل رقم 13" يحمل شكلاً من التوقع القلق منفساً عن حالة من القلق الشعبي العارم حيث يجدر الانتباه للنجاح الاستثنائي الجماهيري الساحق الذي لقاه هذا الفيلم فإن الفيلم التالي لكمال الشيخ وهو فيلم "مؤامرة" عام 1953 يدفعنا بموضوعه البوليسي إلي التعامل مع المستوي الرمزي له حيث يقدم الفيلم قصة امرأة عمياء متزوجة يعود إليها بصرها وتتخذ من جهل الناس بحقيقة شفائها وسيلة لتكتشف أولئك الذين تآمروا علي سعادتها وحياتها، فهذه المرأة التي يعود إليها بصرها أو وعيها علي الأغلب لتكتشف أبعاد المؤامرة التي تحاك حولها تتزامن تاريخياً مع فترة اليقظة الشعبية المهملة والمتجاهلة علي الأغلب من كل الأطراف سواء من كانوا في السلطة قبل الثورة أو بعدها، ويعكس الفيلم أيضاً حالة هذا القلق العميق من المجهول ويؤكد كمال الشيخ علي هذا المفهوم بقوله " موضوعاتي غالباً ما أضعها في شكل تساؤل أو بحث عن مجهول سواء بالنسبة للمتفرج أو البطل الذي يتعاطف معه المتفرج، وفي رأيي أن هذا هو الشكل الأمثل بالنسبة للسينما عموماً حيث إن الإنسان يسعي للكشف عن المجهول ... وربما كانت هذه الطاقة في الإنسان من الأسباب الرئيسية لتقدم الجنس البشري" . وإذا كان المناخ العام والإحساس بالقلق من المستقبل يعكس نفسه بشكل من التوجس والخوف من المجهول في الفيلمين البوليسيين الأوليين لكمال الشيخ فإنه يكتسب شكلاً ملموساً ومحدداً في فيلمين بوليسيين ظهرا في هذه الفترة وقام بإخراجهما عز الدين ذو الفقار وهو مخرج عرف بأفلامه الرومانسية طوال تاريخ عمله في السينما المصرية ولا تشكل هذه النوعية من الأفلام سوي استثناءات نادرة في مجمل أعماله، فعلي مدي العامين اللذين أعقبا ثورة يوليو مباشرة أخرج فيلمين بوليسيين يدوران حول موضوع واحد تقريباً ولا يكادان يختلفا سوي في المكان الذي تدور فيه الأحداث بحيث يبدوان كتنويعين علي موضوع واحد، فالفيلم الأول وهو " قطار الليل"  عام 1953 يدور موضوعه حول فتاة تتزوج  بنصاب حتي تنقذ والدها من مخالبه ويقع زعيم عصابة آخر في غرامها بينما تقع البطلة في حب شاب فقير ويدور الصراع بين المجرمين الغريمين بينما يجتمع الحبيبان ويهربان في قطار الليل الذي يقل في الوقت نفسه العصابتين المتصارعتين ورجال البوليس، والفيلم الثاني "رقصة الوداع"  عام 1954 يصور معارك بين عصابتين تحاول كل منهما اختطاف بطلة الفيلم والتي تعمل كراقصة فتقع مرة بين يدي العصابة الأولي ومرة بين يدي العصابة الثانية حتي تتمكن أخيراً من الهرب والالتجاء إلي مجهول يقع في حبها ويقف إلي جانبها ضد العصابتين حتي النهاية، ومن الملفت للنظر أن تتكرر هذه التيمة في عامين متتاليين علي يد نفس المخرج وفي فترة احتدم فيها الصراع العنيف علي السلطة بين الأحزاب السياسية القديمة وعلي رأسها حزب الوفد من جهة وبين قيادة تنظيم الضباط الأحرار التي جري انقسام حاد في صفوفها في ذلك الوقت حتي تم حسمه فيما سمي بأزمة مارس عام 1954 عندما تم حل جميع الأحزاب السياسية والإطاحة بأحد الجناحين المتصارعين في السلطة الجديدة، ولعل عز الدين ذو الفقار قد حاول أن يصور الصراع القائم علي أنه صراع عصابتين علي امرأة لعلها رمز لمصر تنتظر المخلص المجهول الشجاع الذي سيأتي من بين أبناء الشعب لينقذها من بين براثنهم، وعلي أية حال فسواء أكان كل من كمال الشيخ وعز الدين ذو الفقار يقصد هذه الإشارات أو لا يقصدها فمن المؤكد أن هذه الأفلام البوليسية السوداء في هذه الفترة وبالنجاح الجماهيري الواسع الذي قوبلت به يعكس حالة القلق العميق والخوف من المجهول والتي سيطرت في هذه الفترة كما أتاح تنفيساً عن القلق العام والعواطف الشعبية المكبوتة في هذه الفترة.

الممولون

وعلي الرغم من أن محاولة التحديث في شكل الفيلم المصري وفي مضامينه قد أدت إلي نفي جزئي لما كاد أن يصبح في حكم التقاليد المستمدة من الثقافة القومية في الأفلام السابقة فيما عدا استثناءات نادرة للغاية، إلا أن محاولة التحديث هذه قد أدت إلي عملية فرز في مجال الإنتاج السينمائي في مصر، بل إن التطور الذي حدث في السينما المصرية في هذه الفترة قد نتج من محاولة تحديث الفيلم المصري ، فمن جانب فإن استمرار سينما ما قبل الثورة لم يعد هو التيار الغالب علي الرغم من أن مموليها هم نفس ممولي أفلام ما بعد الثورة، وعلي الرغم من سيطرتهم الكاملة علي أدوات إنتاج الفليم المصري وسوق توزيعه حيث أدت الظروف الجديدة والتغيرات التي أغرت النظام والاستجابة الجماهيرية القلقة في هذه الفترة إلي فرض عملية التحديث هذه التي خرجت من أحشاء السينما القديمة لتحاول أن تنفيها في نفس الوقت.

لقد استمرت السينما القديمة كما هي وبنفس أنماطها ونماذجها ومواصفاتها علي يد عدد من المخرجين من أمثال حسين فوزي والسيد زيادة وحسن الصيفي وآخرين، ولكنها لم تعد وحدها علي الساحة فلقد زاحمها بقوة وفي تنافس شرس سينما مخالفة لها تحاول أن تشق طريقها خارج إطار السينما القديمة متراوحة بين محاولة تحديث السينما القديمة من ناحية الشكل السينمائي والموضوع، وبين محاولة نفيها تماماً.

جريدة القاهرة في

20/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)