حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ديكابريو ونولان...  فريق ولا في الأحلام

جون أندرسون

ظلّ الغموض يلفّ قصة فيلم التشويق الدرامي النفسي Inception حتى إطلاقه يوم الجمعة الفائت. على رغم ذلك، تقول الممثلة إيلين بايج التي تشارك في الفيلم، مستجديةً: {رجاءً لا تطرحوا أية أسئلة.

لا تبحثوا عن أية خيوط، ولا تحاولوا تقصّي الأخبار. اذهبوا وشاهدوه فحسب}.

لحسن حظ شركة {وارنر براذرز}، لا تعمل بايج في قسم التسويق فيها، الذي يبلي حسناً بعدم الكشف عن قصّة فيلم لا يبدو أنه يفهمه أو على الأقل يعرف كيف يصفه. على رغم ذلك، سيصبح Inception أحد أهم الأفلام الضخمة في صيف قد يستضيف أفلاماً إضافية. يُروّج لهذا الفيلم بواسطة مقتطفات غنية بالمؤثرات وتلميحات غير مباشرة. من الواضح بأن الاستوديو لا يحاول الترويج للقصّة، وهذا وحده قد يجعل الفيلم الأكثر إثارة للاهتمام لهذا العام.

في هذا الإطار، يقول المخرج كريستوفر نولان (مخرج فيلم The Dark Night) والذي اقتبس Inception من نصّه الأصلي: {نما لدي اهتمام بالأحلام طوال حياتي}. يستخدم النجم ليوناردو ديكابريو الذي بالكاد يتكلّم، مجموعة من {مستخرجي} الأحلام الذين يسرقون أسراراً لزبائنهم من آخرين غير واعين. فينتهي الأمر بهؤلاء {المستخرجين} الذين تقضي مهمتهم في المقابل بغرس فكرة بعبور عوالم واقعية (أو وهمية) عدة متداخلة بعضها ببعض صُوّرت في ستة أماكن مختلفة بما فيها طنجة وكالغاري.

يضيف نولان: {برأيي، ما يثير اهتمامي في الأحلام وما دفعني إلى صناعة هذا الفيلم أنه حين تكون نائماً، تخلق عالمك الخاص، وهذا أمر مذهل}.

يشكّل Inception الذي تشارك فيه ماريون كوتيارد، جوزيف غوردون ليفيت وتوم هاردي، مفارقة إلى حد ما: فهو فيلم الصيف بالنسبة إلى الأشخاص الذين يحبون التحليل. لكن المنتجة إيما توماس لا توافق تماماً على ذلك. تقول: {لا أعتقد بأن الجماهير تحظى بما يكفي من الفضل. يحب الناس أن يشعروا بالتحدّي. أحد الأمور التي أحبها في هذا الفيلم، أنه في حال كنت من النوع الذي يتفكّر فعلاً في فيلم، أي تشعبات القصة، وآلية عمل التكنولوجيا، ومستويات الأحلام، تستطيع أن تكون محللاً. لكن الفيلم يحتوي أيضاً على قدر كبير من المتعة والحركة وعلى قصة حب عظيمة}.

فضلاً عن ذلك، قد يستغرق أي شريط مقتطفات عن الفيلم لشرح القصة بشكل كاف 15 دقيقة. يوضح نولان: {من الصعب حتماً تحقيق توازن بين التسويق للفيلم والرغبة في كتمان قصته عن الجمهور. من التجارب الممتعة التي خضتها عند ارتيادي السينما مشاهدة أفلام لا أعرف عنها الكثير، وأجهل كل منعطف في قصّتها. أريد أن يفاجئني الفيلم ويسلّيني. وهذا ما أحاول القيام به. لكن من الواضح أننا مضطرون أيضاً إلى الترويج للفيلم}.

ديكابريو، الذي يؤدي دور كوب، كبير مخترقي العقول غير الواعية، معجب بجرأة نولان. يصرّح في هذا الصدد: {قلّة من المخرجين في هذا المجال قد تطرح على استوديو فكرة فيلم فوق الواقع ومتعدد الأماكن يغتني بمشاهد الحركة والدراما، ويحالفها الحظ في تنفيذه، كما نولان. تشهد له في ذلك أفلام أخرجها في الماضي مثل Memento وInsomnia. فهو قادر على تصوير هذه البنى المعقّدة في القصّة وإشراك الجمهور في هذه العملية}.

لا يهم إن كان Memento أُطلق كفيلم مستقل وInsomnia كنسخة محدّثة، ففيلم The Dark Knight، الذي يحتل المرتبة الثالثة بين الأفلام المحلية كافة المدرة للأرباح، هو الذي عزّز شهرة نولان وبنى هذا القدر من التوقّعات لفيلم Inception. لذلك، قد يكون المخرج ذا جاذبية بقدر النجوم الذين استخدمهم في فيلمه بمن فيهم ديكابريو الذي يشارك منذ فترة في أفلام ذات إيرادات هائلة.

يعقّب ديكابريو: {لا أشك في ذلك}. يقول إنه يقبل بنص {إن شعرت أنني أستطيع إيفاء الدور حقّه، وإن أثّر فيّ، وبلا شك إن كان المخرج قادراً على بلوغ ما يطمح إليه. أعتقد بأن كثيراً من أفلامي انطوى على نفحة جدية، لكن ذلك أمر لا أستطيع إنكاره}.

يضيف ديكابريو: {أنا إنسان محظوظ جداً، لأنني أستطيع اختيار الأفلام التي أريدها. أعرف أصدقاءً كثراً لي في هذا المجال لا تتوافر أمامهم هذه الفرصة. ترعرعت في لوس أنجلس، ولدي أصدقاء كثر في هذا الوسط الفني. لذلك أدرك يومياً كم أنا محظوظ بنيلي تلك الفرصة. خلال وجودي ههنا إذاً، سأقوم بكل ما أريده}.

من ضمن الأفلام التي يرغب ديكابريو في القيام ببطولتها، فيلم لكلينت إيستوود عن ج. إدغار هوفر، مع أنه يستبعد ارتداءه فستاناً. يقول في هذا الإطار: {لم نجرب أية ملابس}. فكما تدل غرابة الوقائع التي يصوّرها فيلم Shutter Island والغموض المشوّق في فيلم Body of Lies عن حرب العراق مثلاً، ما يسعى إليه ديكابريو هو الحصول على فرصة أن يكون مثيراً للاهتمام كتلك التي منحه إياها نولان. يقول: {حاولت العمل مع أفضل المخرجين قدر المستطاع، وأجد من الحماسة المشاركة في هذا النوع من الأفلام الغامضة من الناحية النفسية}.

يضيف: {لا يوجد ما هو ممل أكثر من الحضور إلى موقع التصوير والنطق بجملة، ومعرفة أن الشخصية التي تؤدّيها تعني بالضبط ما تقوله}.

تلك هي الأفلام التي تُصنَع منها الأحلام

كتب الناقد الفرنسي أندري بازان: {يظل الحلم نموذجاً لكل ما هو خيالي في الأفلام}، ما يعني أن الواقعية المشتركة بين الأفلام السينمائية والأحلام تُطابق بشكل مثالي للتلاعب بقوة الإدراك في عقل الإنسان. طالما عرف المخرجون هذا الأمر، وعلى غرار كريستوفر نولان في Inception، نقّبوا في العقل غير الواعي لإبقاء الجماهير صاحية خلال الليل.

-The Wizard of Oz -1939 : لا يتعدّى على عقل أحد، لكن دوروثي تتلقى ضربةً على رأسها لتستيقظ في النهاية في غرفة نومها. في تلك الأثناء، يظهر الأشخاص الذين عرفتهم في حياتها بكنساس، من السيدة غولش الشريرة الى المزارعين هانك، زيكي، وهيكوري، بهيئة غريبة ومختلفة من صنع عقلها غير الواعي.

- Spellbound -1945: يسعى فيلم التشويق الكلاسيكي هذا، من إخراج هيتشكوك وبطولة إنغريد بيرغمان، غريغوري بيك، وليو ج. كارول إلى تحليل شخصية بيك المضطربة وحلمه، في لقطات صمّمها سلفادور دالي تتضمن عيوناً، ستائر، مقصات، ورق لعب أبيض، رجلاً بلا وجه، وآخر يسقط عن مبنى. انطلاقاً من هذه الصور، تتمكن الشخصيات إلى حد ما من حل جريمة قتل.

-1963- 8 ½: تسرد هذه التحفة الفنية للمخرج فيديركو فيليني التي يتفحّص فيها ذاته ويتأمّل روحه، صراعات وتأوهات مخرج فيلم يُدعى غيدو يستعيد ذكرياته وأحلامه خلال محاولته تنظيم حياته وفنه.

A Nightmare onElm Street -1994- : يقوم هذا الفيلم الأصلي والأجزاء اللاحقة على فكرة قتل فريدي كروغر ضحاياه أثناء نومهم.

Akira Kurosawa's Dreams 1990- - : سلسلة من المشاهد القصيرة المليئة بالصور والمقتبسة عن الأحلام الخرافية التي كانت تراود المخرج الياباني. يؤدّي مارتن سكورسي في هذا الفيلم دور فنسنت فان غوغ.

-Arizona Dream -1993 : هذا الفيلم المصنّف ضمن الكوميديا السوداء للمخرج إمير كوستوريكا والذي لا يوفّى حق قدره، من بطولة فنسنت غالو، بولينا بوريزكوفا، جيري لويس، فاي دانواي، وجوني ديب. يحلم هذا الأخير بشخص من الإسكيمو يصطاد سمكة هلبوت نادرة وينتهي به الأمر في أريزونا مع زمرة من الحالمين، بمن فيهم غالو الذي يعيد أداء مشهد طائرة رش المبيدات من فيلم North by Northwest.

-In Dreams -1999 : يجسّد فيلم التشويق هذا، من إخراج نيل جوردن، بحق الفيلم الخيالي الذي يتناول الأحلام، والتي تحلم فيه البطلة (أداء أنيت بينينغ) بأحداث تتحقق لاحقاً.

الجريدة الكويتية في

18/07/2010

 

Cowboys in paradise...

غمامة فوق شواطئ بالي الخلّابة

دانباسار، إندونيسيا - جون غليونا 

كان أميت فيرماني يمضي عطلته على شاطئ كوتا الشهير في بالي، حين التقى صبياً في الثانية عشرة من عمره أطلعه على هدفه الغريب في الحياة: أن يكبر بسرعة ليصبح زير نساء.

أخبره الصبي بأن أبطاله هم أولئك الشبان الإندونيسيون ببشرتهم الداكنة الذين يهوون رياضة ركوب الأمواج ويقدّمون خدمات جنسية لنساء يابانيات وسائحات أخريات يقصدن الجزيرة في عطل سرية. فقد فاز هولاء الشبان بلقب {رعاة بقر كوتا} بفضل مهاراتهم الجنسية المزعومة وعلاقاتهم العابرة. يقول فيرماني، كاتب ومخرج يعيش في سنغافورة: {يدفعنا ذلك إلى التساؤل: مَن هم رعاة البقر الشبان هؤلاء؟ ولمَ تبدو حياتهم مثيرة إلى هذا الحد؟ هل يعيشون حقاً في الجنة؟}.

لكنّ كثيرين يعتبرون أن حياة رعاة بقر كوتا تفرض علينا طرح سؤال أخلاقي. فهل يمثل هؤلاء تبدلاً طفيفاً في أقدم مهنة في العالم: شبان يقدّمون خدمات جنسية في جزيرة بعيدة ولا يطلبون أجراً مسبقاً، إلا أنهم يتوقعون وفرة من المكافآت؟ أو لعلهم من محبي المرح أو مجرد شبان فقراء يحاولون الحصول على أكبر قدر من الغنائم من نساء ثريات يتقاطرن إلى موطنهم بعد قراءة كتب مثل Eat Pray Love، هذا كي لا نقول بحثاً عن مغامرة عابثة. في هذه الحالة، ما هو الاختلاف بين هؤلاء النساء وبين الرجال الذي يقصدون أماكن السياحة الجنسية حيث ينفقون المال لقاء علاقات مع شابات من مختلف أنحاء العالم؟

عمل فيرماني وحده طوال سنتين. فراح يجوب شاطئ كوتا مصوراً لقطات لفيلمه الوثائقي Cowboys inParadise (رعاة البقر في الجنة). فأخبره هواة ركوب الأمواج عن استراتيجياتهم وأساليبهم في التعرّف إلى أجنبيات مسنات وإغوائهن.

أغضب هذا الفيلم، الذي عُرض في العام 2009، بالي ذات الغالبية الهندوسية. فادعى سكان هذه الجزيرة أن تركيز فيرماني السخيف على الجنس دنّس شاطئاً يعتبرونه مقدساً.

وفي أبريل (نيسان) الفائت، اعتقلت الشرطة، التي تعرضت لضغط كبير من وسائل الإعلام، 28 رجلاً لا يحملون أوراقاً ثبوتية رسمية بسبب ما دعاه أحد المسؤولين {إخلالاً بالسلام والأمن على الشواطئ}.

نتيجة لذلك، صارت عبارة {رعاة بقر كوتا} اليوم كفيلة بإشعال غضب أي رجل في عقده الثالث أو الرابع يؤجر ألواح ركوب الأمواج على هذا الشاطئ الذي تحدّه الأشجار. يقول إي مايد سوبالي، رجل بشرته داكنة وعلى رأسه وشوم يؤجر ألواح ركوب الأمواج قرب لافتة تشجّع الزبائن على {مصادقة الشبان المحليين}: {هذه كذبة كبيرة، فلا وجود لهؤلاء الرجال}.

يزعم سوبالي أن فيرماني لم يحسن تقديم نفسه إلى مجتمع رياضة ركوب الأمواج. ويتابع موضحاً أن هؤلاء الرجال لم يعرفوا أن فيرماني يعدّ فيلماً، فراحوا يخبرونه قصصاً مختلقة. نتيجة لذلك، صار كل رجل ظهر في الفيلم الوثائقي يُعتبر مشاغباً في الحانات المحلية، حتى أن عدداً منهم غادر الجزيرة.

دفع هذا الفيلم (مدته 83 دقيقة)، الذي جذبت مقتطفاته على موقع YouTube مئات آلاف المشاهدين، المسؤولين إلى تبنّي موقف دفاعي. يذكر غوستي تريسنا، رئيس القوى الأمنية المسؤولة عن الشاطئ: {صوّر الفيلم شاطئ كوتا كما لو أنه مرتع للسياحة الجنسية. لا ننكر أن ما يتحدث عنه قد يحصل. ولكن إذا قدِمت امرأة لتمضي عطلتها هنا وتعرفت إلى شاب من السكان المحليين ووقعت في حبه، ثم اشترت له دراجة نارية أو منزلاً (وقد شهدتُ حالات مماثلة)، فما دخل الحكومة؟}.

أما فيرماني فيقول إن رد بالي العنيف تجاه محبي ركوب الأمواج المحليين فاجأه. ويضيف: {لا يحق لهم أن يلقوا القبض على رجل لمجرد أن بشرته داكنة وعضلاته مفتولة}.

يوضح فيرماني أن الفيلم يعكس التفاعل الرقيق بين النساء الثريات ورجال الطبقة العاملة بشعرهم الطويل وابتسامتهم العريضة، من دون أن يوجه إصبع الاتهام إلى أحد. ويستطرد قائلاً: {رعاة البقر لا يبيعون أجسادهم}. إلا أنه يشدد على أنهم يشكّلون جزءاً حيوياً من الاقتصاد المحلي. فهم، على حد تعبيره {رجال يعملون في النهار، يلتقون أجنبيات ويبتدعون أساليب مبتكرة لجني المال}.

يؤكد فيرماني أن هدف الفيلم لم يكن فضح هؤلاء الرجال، لأن الناس تقبلوا منذ زمن وجود رعاة بقر كوتا على الشاطئ، الذي تحوّل قبل عقود إلى مكان للسياحة الجنسية تقصده النساء. ويتابع موضحاً: {بدّل رعاة البقر هؤلاء ملامح الإغراء. فيوهمون النساء أنهم واقعون في حبّهن، لا أنهم يقيمون معهم علاقة رخيصة. وثمة نساء مستعدات لدفع الكثير للحفاظ على هذا الوهم}.

يقرّ بعض {رعاة البقر} العازبين العاطلين عن العمل بممارسته الجنس من دون استعمال أي وسيلة حماية، في حين أن الآخرين متزوجون من نساء محليات ويواجهون صعوبة في تأمين قوت عائلاتهم.

يتحدث في الفيلم، نحو عشرة رجال بصراحة عن أساليب الهجوم الساحرة التي يعتمدونها، مرددين فيضاً من عبارات التملق والمديح، فيما تُظهر الكاميرا بعض محبي ركوب الأمواج وهو يغازل النساء، يفوز بتدليك للظهر على الشاطئ، ويركض برفقة أجنبيات على الرمل.

يرفع أحد هؤلاء الرجال النظارات عن وجه امرأة، وهو يغني: {عندما تنزعين نظاراتك، أستطيع النظر إلى عينيك}. فيحملها على الضحك. ويقول آخر: {لعل الأهم أنني أبيع الحب}، مشيراً إلى أنه يبحث عن نساء مسنات رواتبهن مرتفعة.

قابل فيرماني أيضاً بعض السائحات. فدافعت إحداهن عن الرجال، قائلة: {لا أعتقد أن وصف زير نساء يناسبهم. فهم يحبون النساء ليس إلا. ولا عيب في ذلك}.

بعد التقرّب من النساء على الشاطئ، يتفق رعاة البقر معهن على اللقاء في حانات الرقص المحلية. ويطلقون على مساعيهم الرومنسية هذه اسم {الصيد}، أما الرسائل القصيرة التي يتلقونها على هاتفهم فهي {أعمال}.

يؤكد أحد هؤلاء الرعاة أن على المرأة أن تمطره بالهدايا كي يبقى معها. لكنه يصر على أن رعاة بقر كوتا لا يطلبون أي مقابل. ويوضح أن بعض الرجال يتعلق بالنساء عاطفياً، حتى أنهم يتزوّج بهن. ويذكر أحدهم في الفيلم الوثائقي: {لست زير نساء. لا يكون كلام زير النساء نابعاً من القلب، بل من العقل. لكن كلامي ينبع من قلبي}.

الجريدة الكويتية في

18/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)