حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سينما 2010 تقدمها : خيرية البشلاوي

تراجع واستسلام وخطوة للوراء في مشوار مكي

فواصل فكاهية من جيرمين المغربية والمترجمة بدرية

  • الأصل والصورة تيمة قديمة تلغي ملكة التفكير
  • أقنعة الممثل من دبور إلي حزلقوم
  • دلال.. استراحة في ماتش مصارعة وغسان "وأين أشيائي" زوائد يمكن استئصالها

شيماء صديقة شابة تعشق السينما.. الكوميديا بصفة خاصة الفكاهة الحلوة ملاذها من السقوط في هوة الاكتئاب شاهدت فيلم "طير انت" خمس مرات تقلد أحمد مكي وطريقة أدائه بإعجاب شديد اتفقت أنا وشيماء ان نلتقي علي الغداء في مطعم قريب من دار العرض بعد ان تشاهد هي فيلم "لاتراجع ولا استسلام" الذي كنت شاهدته ولكنني لم أفصح لها عن رأيي فيه وقبل ميعادنا بساعة تلقيت منها مكالمة تقول أنها وصلت بالفعل إلي المكان الذي تواعدنا فيه. سألتها بدهشة: ألم تشاهدي الفيلم؟ لماذا وصلت قبل الميعاد؟

قالت: خرجت في الاستراحة ولم أحتمل البقاء حتي النهاية.

المصادفة أنه في نفس اليوم صباحاً التقيت مع إعلامي مشهور مغروس في حب السينما ويعمل لها وفيها وبها سألته رأيه في الفيلم فوجدته قريب من رأي "عاشقة" أحمد مكي ولخص رأيه في جملة "كلام فارغ" "طير انت أحسن جدا" ولكن لماذا بدأت بشهادة آخرين عن فيلم يجد حفاوة من بعض من كتبوا عنه وكثير ممن شاهدوه أيضاً؟

بصراحة لأنني لم أشأ وأنا أهم بالكتابة عنه أن أعلن عن رأيي مباشرة وأقول رغم حماس المعجبين ان فيلم أحمد مكي الثالث فيه تراجع واستسلام واستسهال تراجع عن "طير انت" الذي أمتعنا فعلا واستسهال في التقليد وتسخيف حبكات مكررة سخيفة والنتيجة عمل سخيف فضلاً عن أنه إعادة إنتاج لإفيهات بلهاء لاتدخل العقل ولا تحرك الشهية للضحك إلا لمن ألغي عقله أثناء المشاهدة والخلاصة ان تسخيف السخافة وتسفيه السفاهة ومحاكاة التفاهة وتكريس الضحك من أجل الضحك في عمل لم يضحكني رغم الجهد المبذول لا شك أمر مستفز ومحبط في نفس الوقت.

للموضوعية أضحكتني دنيا سمير غانم فقط وهي تتقمص شخصية فتاة مغربية .. ماهرة جداً هذه الممثلة "عفريتة" وقادرة علي القفز في أعبس "من عبوس" المواقف لكي تنزع منك ابتسامة إعجاب واضحكتني بدرية طلبة التي لعبت دور مترجمة أجهل من دابة باللغة سيدة هزلية بلدية خفيفة الظل بالفطرة تقمصت الدور وانسجمت معه مثل انسجامها الخشن وهي تقزقز اللب أضافت بدرية بمظهرها ولامبالاتها العفوية وثقتها المفرطة إلي الدور وأضحكتني في لقطة خاطفة خبير المكياج السويسري واستفزني وأثار حفيظتي شخصية "أريد أشيائي" البهلوان النطاط بحركاته الصعبة وقفزاته وملابسه ووجهه الغريب وأدائه الأغرب للحوار الغرابة هنا تشبه غرابة محمد سعد لا تثير سوي الشفقة علي جهد لا طائل من ورائه.

هذه الشخصية "أين أشيائي" خارج السياق تماماً وخارج الحبكة والحكاية مجرد إسراف في إثارة الانتباه وفي الخشونة المفرطة بغرض "زغزغة" الشباب المغرمين بمهارات لاعبي السيرك.

البديل المسخ

أحمد مكي في هذا الفيلم يستخدم "تيمة" البديل الذي يحل محل آخر لا يشبهه في أي شيء إلا في الشكل الخارجي بعد إعادة "تأييفه" لكي يتفق مع مقاس من سوف يقوم بدوره والمفروض ان يقتنع به من كانوا يتعاملون مع الآخر وذلك بغض النظر عن ان لكل إنسان "بصمة" شخصية تمثل خلاصة ما يمثله من صفات بدءا من البيئة والتعليم والخبرة المكتسبة أضف بصمة الصوت والروح والسلوك و.. إلخ.. لكن اعتادت "الفبركة" الروائية منذ بدايات السينما ان تتجاهل الفوارق الجوهرية الصارخة بين الأصل والصورة وتتكئ فقط علي التشابه الخارجي وتولد من "الاختلاف" مفارقات مصطعنة لإثارة الضحك ولن يضير المتفرج أمام المواقف المفبركة أن يلغي ملكة العقل والمنطق من أجل الاستسلام للضحك علما بأن الفارق بين النكتة البايخة والنكتة الظريفة الفعالة ان الأولي مفتعلة لا تدخل الدماغ باختصار تافهة والثانية محبوكة ولها منطق حتي لو كان منطقاً خاصاً بمؤلفها.

والمفارقة بين شخصية "أدهم" الثري عضو العصابة القوي والمجرم النافذ الذي يعتبر اليد اليمني لمجرم أكبر "عزت أبوعوف" تاجر المخدرات وبين شخصية "حزلقوم" الشاب الساذج الفقير الهارب من البطالة إلي هجرة عشوائية غير شرعية مع قبطان نصاب "عبدالله مشرف" استطاع أن يوهمه أن شاطئ بلطيم هو ذات نفسه الشاطئ الإيطالي.

الشخصيتان يلعبهما أحمد مكي ولكنه برغم مهاراته لم يستطع أن يلحمهما في كيان واحد مقنع لأن المفارقة أوسع بكثير جدا من أي وسيط فني يمكن ان يربط بينهما حتي يتحقق الإيهام بأن الأصل والصورة أصحبا شيئاً واحداً وان السقطات التي تحدث عندما تحدث فجوة بين الصورتين مقنعة ومثيرة للضحك فعلاً.

اعتمد الضحك علي "فشرة" مهولة مكشوفة يمررها الممثل بعناصر خارجية المفترض ان تلهيك عن التفكير.. المفارقات إذن منتهية الصلاحية إلا لمن شاء ان يتعامل مع أحمد مكي باعتباره مجرد طبعة مختلفة من حيث الشكل وأسلوب الأداء الفكاهي عن محمد سعد الذي يعتمد أولا وآخراً علي طرافة مظهره الخارجي وخروجه الكامل عن الشخصية المعتادة وانحرافه عن السمات الطبيعية في التكوين الخارجي وفي الألفاظ التي يتواصل بها مع الناس وفي اكتسابه الليونة غير المعتادة اللائقة براقصة وليس ممثلاً متراقصاً دوما.. ثم توظيف هذه المهارات لخدمة حدوتة فارغة بتوابل حريفة مبتذلة.

أحمد مكي يستخدم أقنعة عديدة أجاد توظيفها في فيلمه السابق "طير انت" وفي فيلمه الأول "اتش دبور" الذي يعتبر إضافة إلي ألبوم المهرجين وتجسيد لشخصية مهرج بمضمون يتماهي مع شريحة من الشباب أحبت الباروكة "الكانيش" والمباهاة بالمزج بين اللغة العربية و"الإفرنجية" إلخ العناصر التي تحاكي حالات "التحوير" الحاصل الذي أصاب نسبة من الشباب المصري في النوادي وعلي النواصي وفي "المقاهي" "CAFE" الجديدة بالمضمون الجديد والشكل المختلف عن قهاوي زمان وهناك فارق بين "المهرج" بالمعني الفني الدرامي الذي ينطوي هزلة علي فلسفة ورؤية ونظرة أعمق للظواهر يجعل للضحك وظيفة تتجاوز الترفيه السطحي اللحظي الذي يشبع الحاجة للمرح وحتي هذا الترفيه اللحظي الذي يدخل ضمن عناصر البهجة المطلوبة والمحمودة يفقد احترامه لو أنه اعتمد فقط علي الإفيهات المفرغة المكررة والتشويهات المتعمدة للشخصية الإنسانية وأيضاً المحرومة من الجدية وأخشي أن يتوقف البعض أمام هذه الكلمة "الجدية" عند تناول "الفكاهة" والحقيقة أن الأفلام الكوميدية الجيدة تقتضي منتهي الجدية في التخطيط لها بدءا من اختيار الفكرة وخلق البيئة المناسبة لها وتعميم الشخصيات التي تجسدها وتصل بها إلي المتلقي.

ولست أقصد في هذا السياق "الجدية" الظاهرية العنيفة التي طالت أداء ماجد الكدواني الذي بذل مجهوداً جباراً في تجسيد شخصية العميد سراج بطل العمليات السرية في التصدي لتجارة المخدرات والمفترض أن تمثل بدورها "مفارقة" إضافية لأن هذه الشخصية البوليسية الحادة الكبيرة تدرك كمية الهزل الكامن في "حزلقوم" البطل المستعان به في الإيقاع بالعصابة ومن حجم التهريج الذي يدفع بالأحداث عنوة من دون حد أدني من الإيقاع فالفيلم يعاني من اضطراب الإيقاع والترهل و الزوائد العديدة.

دلال عبدالعزيز في هذه التوليفة مثل "الاستراحة" في ماتش مصارعة وغسان مطر زائدة يمكن استئصالها دون وجع وإن كان وجوده يذكر أهل الفن بطاقة معطلة ومعتز الدمرداش الإعلامي الشهير الذي ظهر بشخصيته الحقيقية أغرته الشاشة الكبيرة وجذبه الكوميديان الموهوب فلم ينشغل بحجم الدور أو مضمونه في سياق الفيلم.

** لا تراجع ولا استسلام يصلح كشعار لفريق الفيلم وللممثل متعدد المواهب أحمد مكي أرجو أن يتمسك به حتي يتجاوز هذه الخطوة إلي الوراء وينطلق بكوميديا أكثر طزاجة وأكثر أصالة وأكثر إثارة للضحك.

 

اللمبي 8 جيجا.. حلقة في مسلسل فكاهي واحد

شريحة إلكترونية بدلا من الجني والعفريت

خيال علمي خائب.. وفني أكثر خيبة

يلعب محمد سعد في فيلمه الأخير "اللمبي 8 جيجا" دور محامي هزء وصفيق وجاهل بهيئة لا تختلف بأي حال عن هيئة اللمبي وكركر و بشكاش و كتكوت وبوحة.. في كل التجليات هو نفس المخلوق الصغير الذي نفخت فيه السينما وطبعت منه عدة نسخ في الحقبة الأولي في الألفية الثالثة.. هذه الشخصية "اللمبي" أخضعت الممثل محمد سعد الذي لم يمثل سواها إلي "مشارط" السيناريست بغض النظر عن اسمه والماكيير وصانع الملابس وبالطبع المخرج وسائر الشغيلة المكلفين بنحت صورة هذا المهرج المسخ الذي يؤدي مجموعة من النمر الفكاهية أمام خلفيات مختلفة ومع ممثلات يتكيفن مع الأجواء الخاصة التي يحرص الجميع علي إشاعتها حتي تثير ضحك النسبة الأكبر من المتفرجين الذين يجدون في حركات الممثل وطريقته في الكلام وأصواته التي يحاكي الحيوانات أو الطيور أو لا تحاكي إلا "اللمبي" نفسه باعتباره ماركة فكاهية يجدون فيها مناسبة للضحك والكركرة إذا زاد تأثيرها بالإضافة إلي بعض الراحة ربما حين ينتصر وينال ما يسعي إليه وهو العبد الفقير المحروم من الوساطة ومن التعليم والذوق والهيئة و.. إلخ.. أنه "كبسولة" من الضعة والقبح والتدني السلوكي و.. إلخ.. وهو في نفس الوقت "تميمة" للسعادة يمتلك فدانين حظ بأمر صناع أفلامه هو في النهاية مدعاة للتفاؤل ونبذ الهموم ولو مؤقتا وكلها صفات ضمنت لهذه الشخصية "اللمبي" الاستمرار والقبول.

محمد سعد يأمل ان يصبح "اللمبي" إسماعيل ياسين المعاصر وله فيما يأمل نصيب بإذن الله فالناس مقبلة علي أفلامه وإيرادات هذه الأفلام في حدها الأدني تضمن استمرار هذه النوعية حتي إشعار آخر.

علي أي حال لا يستطيع مؤلف آخر طبعة في سلسلة أفلام اللمبي "نادرصلاح الدين" ان يدعي إضافة أي شيء للصورة الأصلية اللهم إلا الشريحة الإلكترونية التي أضافها إلي قدراته وجعلته قادراً علي صنع نمر فكاهية إضافية بسبب معرفته بالبشر الذين يتعامل معهم وذلك في محاولة خائبة لإضافة بعد درامي علي الشخصية التي تحولت إلي "آلة" ومن ثم ثار علي "الشريحة" أو في محاكاة أكثر خيبة لأفلام الخيال العلمي .. ما فعله المؤلف في "اللمبي 8 جيجا" أنه استبدل "الجني" و"العفريت" في أفلام الأبيض والأسود ب "الشريحة" الالكترونية.

أتصور أنه ليس في مقدور محمد سعد ان يخرج من ثوب "اللمبي" بعد ان صارت جزءاً لايتجزأ من بنائه الفني ومنه هو شخصياً وغاية أمله ان يبقيها قادرة علي الصمود أمام جمهور لا يعرف المجاملة عند الفرجة علي الأفلام.. في حالة "اللمبي" يتساوي المخرجون الذين يضعون أفلامه تنسي أسماءهم يتساوي وائل إحسان مع أشرف فايق وتتساوي البطلات مي عز الدين وياسمين عبدالعزيز وغير هما وتتساوي في المحصلة الأخيرة القيمة الفنية لهذه الأعمال لأنها جميعها لا تعدو طبعات تختلف باختلاف العناوين وكلها سلسلة واحدة لشخصية فكاهية واحدة في قوالب متشابهة لجمهور واحد يعرف مقدما ماذا سيشاهد ومن دون غش أو تضليل لأن هناك عقداً واضحاً بين المنتج والمستهلك وبين محمد سعد وبين دافع التذكر.

المساء المصرية في

18/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)