حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ممثلون مصريون يعتبرون زميلاتهم عاهرات

أسامة فوزى: هناك ممثلون يعتبرون زميلاتهم عاهرات

كتب طارق مصطفي

أن تكون رجلا مختلفا فهذا شىء.. وأن تكونى امرأة مختلفة فهذا شىء آخر.. اختلاف الرجل تهمة يتغاضى عنها المجتمع ويتقبلها على مضض فى بعض الأحيان.. أما اختلاف المرأة فيجعل العقوبة مضاعفة ومتدرجة بدءا من التهديدات مباشرة وغير مباشرة وصولا إلى الهجوم والعنف المعنوى الذى قد يتطور ليصبح عنفا بدنيا.

الاختلاف جريمة فى مجتمع لا يقبل الاختلاف حتى إن كان اختلافا فنيا وفكريا والأدلة كثيرة أبرزها المخرج «أسامة فوزى» الذى منذ أول أفلامه «عفاريت الأسفلت» وهو يمثل حالة من الإزعاج السينمائى للمجتمع بمؤسساته الدينية والاجتماعية لمجرد أنه مختلف وصادم فيما يقوله.. أسئلتنا التى وجهناها لـ «أسامة» لم تكن أسئلة فنية على الإطلاق فقد كنا معنيين فى الأساس بتجربة اختلافه وكيف يدفع ثمن هذا الاختلاف كرجل.. كنا نحاول أن نثبت أو ننفى نظرية محددة.. هل يدفع الرجل والمرأة نفس الضريبة التى يفرضها المجتمع على المختلفين مع منظومته الفكرية والقيمية؟

أسامة اعترف لنا بأنه ورغم كونه رجلا إلا أنه يعانى من أشكال مختلفة من الرفض الذى جعله يشعر بالغربة ومع ذلك لم ينف أن الوضع بالطبع مختلف :

أتصور أن الاختلاف يدفع ضريبته الرجل والمرأة بنفس القدر تقريبا لأنك فى النهاية تتحدث عن مجتمع محافظ إلى حد التطرف.. فوضوى وخائف من كل شىء جديدا كان أو قديما ومعاد للفن بشكل عام.

مجتمع له طبيعة معينة تجعله عاجزا عن تقبل أى شخص يحاول الخروج عن المألوف بالدرجة التى تجعله يندفع نحو الهجوم عليه بضراوة، ولكن أتصور أيضا أن ردود الفعل التى قد تقابل اختلاف امرأة أكثر وأشد قسوة لأنها فى النهاية امرأة مكبلة بقيود أكثر من الرجل وليس مسموحا لها الحديث بجرأة عن أشياء يفضل المجتمع السكوت عنها.

·         كيف ترى اختلافك ؟

- الحقيقة أننى لا أشعر أننى مختلف وحتى إذا كنت كذلك أتصور أن هناك مخرجين آخرين مثلى يعبرون عن هذا الاختلاف الذى تلمسه فى درجة الصدق والجدية فى مناقشة موضوعات بعينها.. فأنا على سبيل المثال فى كل أفلامى تشغلنى حرية الإنسان فى اختيار قدره ومصيره ومسئوليته الناتجة عن اتخاذه قرارا بعينه ..أحيانا أقدمها بشكل فلسفى ووجودى وأحيانا بشكل اجتماعى بسيط.

أما عن كونى دائما فى حالة صدام مع المتفرج والمجتمع، فذلك لأننى لا «أطبطب» عليه.. فعلى مدى التاريخ كانت تُقدم أفلام بها نوع من التطهير النفسى للمتفرج ليخرج من دار العرض مرتاح الضمير والبال سواء كانت نهاياتها سعيدة أو حزينة تخرج طاقته من الدموع وكأن فيلما لم يكن.

وعندما قررت أن أدخل مجال العمل السينمائى قررت أن أصدم الناس أردت أن أجعلهم يعلمون بأنهم مشاركون ومسئولون عما يحدث لهم بداية من أول أفلامى «عفاريت الأسفلت» الذى شغلتنى فيه فكرة الخيانة وحالة التواطؤ عليها باعتبارها شكلا من أشكال الفساد الاجتماعى يشترك فيها الجميع بدون استثناء.

·         وكيف كانت ردود الفعل المجتمعى على هذا الاختلاف ؟

- ردود الفعل كانت مختلفة فالبعض تفهموا اختلافى وأفكارى، والبعض الآخر اتهمنى بالعمالة والخيانة وتشويه سمعة مصر.

نعم بالطبع لو كانت أفكارى هذه وعباراتى نابعة من امرأة أتصور أن ردود الفعل على ما تقوله وتقدمه ستكون أكثر عنفا.

·         هل تحاول أن تقاوم هذا الرفض؟

- هذه عملية معقدة للغاية فقد كنت أحاول جاهدا أن أتكيف مع مجتمع مختلف عنى فى كل أفكارى ومشاكلى.. على الأقل على أمل أن شيئا قد يتغير، ولكن حتى الآن هذا الأمل لا يتحقق فأنت تتحدث عن مجتمع فى حاجة إلى طفرة.

النتيجة التى ألمسها بوضوح الآن أنى أشعر بعزلة شديدة، الأمر الذى يجعلنى أفضل الاكتفاء بالمراقبة عن بعد.. لم أعد أغرق فى التفاصيل القريبة جدا.. وأصبحت قادرا على رؤية المشاكل بشكل كلى.. وإن كان هذا لا ينفى أننى أشعر بغربة شديدة فالمجتمع ينظر لى على أننى شخص غريب لا يكتفى برفضك، بل يشرع فى تصنيفك مستخدما مصطلحات ضخمة كالإلحاد أو الفُجر أو الزندقة، وكلها تعبيرات معادية للحرية الإنسانية ومستمدة من قانون الأخلاق الدينى.

حرية القرار والمعتقد الدينى من المفترض أنها حق للرجل والمرأة.. وأنت شخصيا مررت بتجربة مماثلة عندما قمت بتغيير معتقدك الدينى لظروف خاصة بك لا يمكن لأحد التدخل فيها.. هل تتصور أن المرأة تملك هذا الحق ؟ وهل لو أقدمت امرأة على قرار كهذا سيكون رد فعل المجتمع واحدا فى الحالتين ؟

- الموقف بالنسبة لى كان مختلفا فأهلى كانوا قد توفوا، وبالتالى «الكبير» الذى كان من الممكن أن يعترض لم يكن موجودا وإخوتى اعتبروا أنى أملك الحرية الكافية لكى أفعل ما أريد ولم يتوقفوا عن دعمى.

أتصور أنه إذا مرت امرأة بنفس تجربتى رد الفعل من الممكن أن يكون مختلفا تماما. بشكل عام أستطيع أن أقول إن وقع الاضطهاد الدينى على المرأة أكبر باعتبارها فى هذه الحالة «وأعنى الانتقال من دين إلى دين آخر» خرجت عن سيطرة الأهل الذين يرفضون تماما فكرة كهذه.. رفض قد يصل إلى درجة القتل..

·         أنت مخرج مختلف.. هناك أيضا نموذج واضح لمخرجة مختلفة ألا وهى «إيناس الدغيدى» هل تتصور أن المجتمع يتعامل مع اختلافكما بنفس المنطق ؟

- الأمر جدير حقا بالملاحظة، فهناك رجال يتحدثون فى نفس القضايا التى تتحدث فيها إيناس الدغيدى ولأنهم رجال لا يتعرضون لهذا القدر من الهجوم.

·         إذن كونها امرأة يجعل وضعها أصعب ؟

- صدقنى هذا لا ينطبق على إيناس الدغيدى فقط فهناك توجه عام الآن ضد الفن. فمثلا «الإخوان المسلمون» قرروا أن يواجهوا الفن بمنطق مختلف بعد 11 سبتمبر فبدلا من منع وتحريم الفن بدأوا يتحدثون عن الإسلام المعتدل وبدأوا يروجون لفكرة أن حلال الفن حلال وحرامه حرام وبدأ تختلط بالفن فى مصر مفاهيم غريبة وغير مفهومة والذى ساعدهم أنه للأسف كثير من الفنانين يرون أن الفن بحق حرام وهناك ممثلون ذكوريون يتعاملون مع زميلاتهم الممثلات على أنهن عاهرات.

·         هل تتصور أن إيناس مزعجة للمجتمع لأنها تتحدث بصراحة عن الجنس؟

- بالطبع المجتمع يخاف، فثقافتنا تحتم على المرأة سواء كانت أمًا أو فتاة ألا تظهر بأى شكل من الأشكال لزوجها أنها تعرف أى شىء عن الجنس هذا يجعلنى أتصور أن إيناس تستفزهم لأنها تتحدث عن موضوعات لا يريدون بناتهم أو زوجاتهم أن يعرفنها.

·         لو أخرجت إيناس الدغيدى «بحب السيما» هل تتصور أن النتيجة واحدة ؟

- «بحب السيما» قضيته مختلفة لأن الهجوم عليه لم يكن بسببى أنا، وإنما كان هجوما مرجعه موقف الكنيسة من الفيلم وأى شخص محافظ كان سيتخوف من مشاهدة الفيلم، أى أنه فى تلك الحالة يستوى الرجل مع المرأة فى كون ما يقدمونه مرفوضا بضراوة لأنك هنا تتحدث عن الدين .

·         هناك مخرجون رجال أكثر جرأة من إيناس، ومع ذلك لا أحد يهاجمهم بهذه الدرجة لماذا ؟

- إيناس ليست مجرد مخرجة وإنما هى امرأة جميلة ومتحررة تظهر فى وسائل الإعلام المختلفة وتتحدث بصراحة عن آرائها الجريئة ولها تاريخها كمخرجة.. كل هذا يعنى جرعات متزايدة من الاستفزاز بالنسبة للمحافظين والمتحفظين.

·         أى سياق يؤثر بدرجة أكبر فى علاقة الرجل بالمرأة فى مصر الدينى أو الاجتماعى أو السياسى ؟

- أتصور أن الثلاثة يتداخلون فى تأثيرهم على علاقة الرجل بالمرأة فى المجتمع، ولكن أساس توتر هذه العلاقة فى رأيى وبصراحة هو الجنس فنحن لدينا أزمة حقيقية فيما يتعلق بمفاهيمنا عن الجنس وتعاملنا مع الجسد وبالتحديد جسد المرأة الذى يراه الرجل كمجرد أداة للمتعة.. هذا الفهم الخاطئ للعلاقة تستطيع أن تجد دلالاته وانعكاساته فى جميع المجالات سياسية واجتماعية ودينية.. فكيف يتسيد الموقف على السرير ولا يتسيده فى الواقع خاصة فى حال أن تكون زوجته امرأة عاملة، بينما هو عاطل عن العمل.. كل هذه العقد تجد تجلياتها على السرير.

·         كيف روض أسامة فوزى الرجل بداخله ليصل إلى هذا التصور المختلف عن علاقة الرجل بالمرأة ؟

- هذا يتطلب منك أن تغير أفكارك، وهذا لن يتحقق إلا عندما تنفتح على كل الثقافات، وتحرر عقلك من الأفكار الثابتة التى تربت بداخلك من يوم ميلادك. اخرج من الصندوق تحرر من تلك المعتقدات الثابتة، افتح عقلك لكل الأفكار.

مجلة روز اليوسف المصرية في

10/07/2010

 

رجـــلان وامــرأتــــان

كتب طارق مصطفي 

غريب هذا المجتمع بمعاييره التي تحمل قدرا كبيرا من التناقض والازدواجية .. غريب بهوسه وجنونه وبالقوانين التي يضعها لتحديد المقبولين منه والمرفوضين علي حد سواء .. وغريب بإصراره علي أن يسمح لرجاله بما لا يسمح به لنسائه.

منذ الأزل وحتي الآن والمجتمع يتقبل، بل يبالغ في تسامحه مع الرجل معشوق النساء، ذلك الرجل الذي يتباهي بفحولته وجسده وبقدرته علي الإيقاع بالنساء بسحره ووسامته وفي المقابل يرفض، بل يصم كل من تفكر مجرد التفكير في التعبير عن أنوثتها . يفتخر بالرجل الـ «دون جوان» ويحقر من شأن المرأة ويخشاها .. الآن علي الأقل.

ولأن نظرته الجنسية تلك تسيطر علي رؤيته لكل ما حوله من معطيات فنية وسياسية واجتماعية فبالتالي من المنطقي أن تنعكس علي مشاهيره الذين ينفس من خلالهم عن أحلامه وإحباطاته في آن واحد، لذا تجده يتعاطي معهم من خلال نفس المعايير فالفنان أو الفنانة الذين يحرصون علي إرضاء نرجسيته ينالون رضاءه وإعجابه واحترامه، أما هؤلاء الذين لا يخضعون لفرماناته فمطرودون من جنته حتي لو ظل يتلصص النظر إليهم والإعجاب بهم سرا والأمثلة كثيرة وعديدة، ولكننا قررنا أن نقصرها علي ثنائيين هما الأمثلة الأكثر وضوحا علي تلك الازدواجية السافرة في المعايير.

الثنائي الأول «أحمد عز ومنة شلبي» أما الثنائي الثاني فيتكون من «تامر حسني وهيفاء وهبي»، وبالمناسبة فإننا هنا لسنا معنيين بالطرح الفني الذي يقدمه أي من الأسماء الأربعة وإنما ما يشغلنا هو كيف يفرق المجتمع بينهم في نظرته إليهم وفي المعايير التي يقبلهم أو يرفضهم علي أساسها

الچان والفيديت

بدأ «أحمد عز» و«منة شلبي» مشوارهما الفني تقريبا في الوقت ذاته، ففي الوقت الذي كان يحتل فيه أحمد جنبا إلي جنب «هند صبري» أفيش فيلم «مذكرات مراهقة» كانت منة شلبي تحتل أفيش فيلم «الساحر»، وبغض النظر عن المستوي الفني للفيلمين وبالرغم من أن مشاهد منة الساخنة سواء في هذا الفيلم أو غيره من الأفلام لم تكن خارجة عن النص، وإنما كانت جزءا من صميم عملها كممثلة محترفة لا تؤمن بشعارات «السينما النظيفة»، ولكن يمكننا تجاوزا أن نعتبر أن بداية «عز» و«منة» كانت بالنسبة للجمهور بداية جنسية أي أن كلا منهما قدم نفسه للجمهور لأول مرة من خلال المشاهد الحميمية التي ضمها الفيلمان، ومع ذلك كانت ومازالت نظرة الجمهور والمجتمع لـ«أحمد عز» مختلفة تماما عن نظرته بالنسبة لـ «منة شلبي».

ففي الوقت الذي وضع فيه الجمهور «عز» علي أكتافه باعتباره فتي جديدا للشاشة قادرا علي إثارة المعجبات بقبلاته وجرأته علي الشاشة الفضية قرر أن يضع لافتة علي كتف الممثلة الصاعدة بقوة وقتها «منة شلبي» تحمل عبارة «امراة سيئة السمعة»، رغم أن ما فعلته لا يختلف كثيرا عما فعله «عز»، ولكن يظل هو في النهاية رجلا وهي امرأة.

سنوات كثيرة تفصل بين اللحظة الفنية الحالية لكل منهما وبين البداية، سار كل منهما في طريقه محاولا تطوير أدواته، ولكن ظلت نظرة الجمهور كما هي لم تتغير.

لا يستطيع أحمد عز أن ينكر رغم نفيه المستمر أن وسامته والتي هي مرادف آخر لـ«جسده» سببا من أسباب نجاحه وشهرته . لا ننكر أنه حاول تجاوز ذلك بتقديم أدوار مختلفة ومتنوعة، ولكن السبب الرئيسي لشهرته هو وسامته وجاذبيته الجنسية بالنسبة للفتيات وتعبيره عن المثل المقبول والمرغوب اجتماعيا بالنسبة للشباب الذين قد يرغبون في محاكاته والتمثل به. في حواراته يضفي «عز» صفات التدين والالتزام علي نفسه، ولكن في قرارة نفسه يعلم جيدا أن كونه مرغوبا من النساء هو الورقة الرابحة التي لا يستطيع أن يخسرها لأن بدونها يتقلص رصيده جماهيريا، ولذا لن يجرؤ علي أن يمحو من أذهان معجبيه من الرجال والنساء أنه مازال الـ «جان» حتي في الإعلان التليفزيوني الذي يقدمه تجده يغازل السيارة ويتحدث عن مفاتنها كما لو أنها امرأة.

تظل الإثارة هي مفتاح اللغز وسر النجاح وبدون هذه التوابل ما كان ليلقي الإعلان صدي لدي الجمهور.

في المقابل تجد الأمر مختلفا تماما بالنسبة لمنة شلبي التي اجتهدت علي مدي السنوات الماضية في أن تخلق لنفسها مساحة وكسبت ثقة الجمهور فنيا علي الأقل.

ازدواجية المعايير تستطيع أن تراها بوضوح في حال ظهور فيلم جديد لمنة شلبي فبالرغم من أن اسمها يعني بالنسبة لجمهور عريض تميز وجودة العمل إلا أنه يعني أيضا أن تفكر كل أسرة مليا قبل الذهاب إلي الفيلم لأنه سرعان ما ستقفز إلي أذهانهم جملة «أحمد آدم» الشهيرة في فيلم «المنسي» الفيلم ده مناظر !!

في حالة «منة» يسقط الجمهور من حساباته قيمتها كفنانة ويتذكر فقط أنها امرأة ..بمعني أدق يختصرها الجمهور في جسدها. منة مازالت تقدم المشاهد التي اصطلح الجمهور علي تسميتها «ساخنة» لأنها تعرف أن من صميم عملها كممثلة ألا تفرض معاييرها الأخلاقية علي ما تقدمه.

بعد انتهائها من دورها ربما سترغب في الذهاب إلي دار العرض لتشاهد الفيلم مع الجمهور والذي قد يصفق لها في حال أعجبه أداؤها، وقد يطلب منها أن توقع له علي صورتها الفوتوغرافية، ولكن بمجرد أن تنصرف تعود صورتها كامرأة علي الشاشة إلي ذهنه مرة أخري وقد يدعو لها بالهداية والحجاب في الوقت الذي لن يتمني فيه شيئا كهذا لـ«عز» لو كان مكانها، بل من الممكن أن يتخيل هذا الجمهور «أحمد» زوجا مناسبا لبناته أو أخواته . وحتي إذا افترضنا أن جاذبيتها هي الأخري وجمالها الحسي هما سببا نجاحها - رغم أن هذا ليس حقيقيا - تظل المعادلة غير مفهومة فإذا كان الجمهور قد قبل أن يلعب أحمد عز بنفس السلاح .. لماذا إذن يعاقب «منة» علي استخدامه؟

قيمة الصدر

إذا كانت «هيفاء وهبي» بالنسبة للجمهور المصري أنثي مثيرة جنسيا تهتم بإبراز صدرها في جميع كليباتها المصورة وحفلاتها فإن علي هذا الجمهور أن يتذكر أن نجمه المفضل «تامر حسني» يكاد يكون الفنان بل والرجل الوحيد الذي نجح في الإعلاء من قيمة الصدر لدي الرجال بحيث أصبح صدره المزين بالشعيرات السوداء الكثيفة ماركة مسجلة باسمه يسارع الشباب إلي اقتباسها لأنفسهم.

لم تقدم هيفاء وهبي نفسها منذ البداية كمطربة أو حتي ممثلة فهي كانت ومازالت فنانة استعراضية تقدم شكلا مختلفا للاستعراضات الغنائية لم نره بهذا الوضوح والجرأة من قبل.

وبالمناسبة وبالرغم من أن الطرح الفني ليس هو المهم هنا إلا أن الاستعراضات التي تقدمها دائما ما تكون مختلفة تماما عن بعضها البعض سواء من حيث الصورة التي هي دائما جديدة ومبهرة أو من حيث الألحان الخفيفة التي تلعب علي أوتار الإثارة والدلع بخفة وميوعة.

نعم .. هيفاء تقدم نفسها كرمز جنسي وهذا ليس شيئا عليها أن تخجل منه. فعلته من قبلها نجمات كثيرات عالميا ومحليا ففي وقت من الأوقات كانت تعد «هند رستم» رمزا للإثارة، ومع ذلك كانت تحظي باحترام الجميع لأن المجتمع كان واثقا من نفسه وأكثر تحضرا.

وبالمناسبة فإن «تامر حسني» حريص علي أن يكون البعد الجنسي أحد الأبعاد التي ترتكز عليها نجوميته ومع ذلك ينظر إليه المجتمع بنظرة تختلف أشد الاختلاف عن نظرته إلي «هيفاء وهبي» والأدلة كثيرة.

في كثير من الأحيان تلعب «هيفاء» علي أوتار أنوثتها سواء من خلال طريقة غنائها للكلمات أو من خلال أدائها ورقصاتها في الكليبات التي تقدمها، وهو الشيء الذي يمثل استفزازا للمشاهد المصري الذي قد يكون معجبا بها وبما تقدمه في قرارة نفسه وفي المقابل يحاول «تامر» أن يقدم نفسه كرجل مثير جنسيا يجيد الإيقاع بفرائسه والتغزل بمفاتنهن قبل حتي أن يطرح نفسه كفنان موهوب.

حتي في أفلامه، وفي أغنياته المصورة، الطريقة التي يلمس بها مؤخرات الفتيات، الطريقة التي يداعبهن بها، الطريقة التي يختار بها كلماته «كل مرة اشوفك فيها بابقي نفسي أ »!!

وإصراره علي فتح قميصه وإبراز صدره .. أليست كل هذه مؤشرات جنسية صريحة ومع ذلك تجد صورته علي جدران كثير من البيوت المصرية دون أدني اعتراض أو تحفظ أخلاقي في الوقت الذي قد يفزع فيه أب تقليدي إذا وجد ابنته تحاول محاكاة طريقة رقص أو غناء «هيفاء وهبي».

الشباب الذين يتمثلون «تامر» ليلا ونهارا غفروا له تهمة التهرب من الخدمة العسكرية كأنها شيء لم يكن ومع ذلك سخروا حتي النخاع من «هيفاء» عندما حاولت تقديم أغنية لمصر بعد أزمة الجزائر لأنها في النهاية امرأة سيئة السمعة لا ترتقي لمعاييرهم وقيمهم الأخلاقية المرتفعة ! «تامر» يتمسح هو الآخر في عباءة الدين والأخلاق.. من وقت لآخر تمنحه شرعية اجتماعية أكبر وتجعل دخوله أي بيت مصري أسهل وأيسر رغم أن أغنياته في بعض الأحيان تبدو أشبه بمنتجات جنسية صارخة، في الوقت نفسه الذي يبدو حتي خبر زواج «هيفاء وهبي» بالنسبة لنفس الأشخاص مدعاة للسخرية والإيفيهات المبتذلة التي تنال من حياتها الشخصية وكرامتها كإنسانة وفنانة.

كل ما سبق محاولة لإثبات نظرية بسيطة للغاية ملخصها هو أنه حتي في طريقة تعاملنا مع المشاهير نمنح الرجل ما لا نمنحه للمرأة ونضع معايير أخلاقية لتصرفاته أكثر ميوعة، وليس مرونة، من تلك التي نضعها للمرأة الفنانة .

مجلة روز اليوسف المصرية في

10/07/2010

 

 

مصطفي محرم: أي كلام عن حقوق المرأة «جعجعة»

كتب محمد عادل

خليط مدهش من التناقضات الاجتماعية في قضية تعدد الزوجات بالنسبة للرجل، وتعدد الزيجات بالنسبة للمرأة، ربما حاول السيناريست «مصطفي محرم» تناولها في أعماله الاجتماعية التي أثارت - ومازالت - جدلاً مجتمعيا، بعد أن رصدها حينا، أو أضاف عليها من إبداعاته.. واللافت أنه لديه وجهة نظر ربما تخالف أعماله كموقفه الرافض لتعدد الزوجات الذي روج له فنياً في «الحاج متولي» وقدم تفسيرات وتأويلات لدي المرأة تجعلها تقبل هذا الوضع.

         قديما كان من الممكن أن نلاحظ ظاهرة تعدد الزوجات، هل في رأيك تراجعت الآن؟

- لا أراه تراجعاً، بل لم يعد حالياً يصلح بشكل من الأشكال أن يعيش الرجل عصر «سي السيد»

         متي تقبل المرأة أن يتزوج رجلها بأخري؟

- هناك أسباب كثيرة أهمها الاحتياج الشديد للزوج، فهناك نساء لو طلقن لن يجدن مورداً للرزق يوفر لهن حياة كريمة، أحياناً عدم الإنجاب، أحياناً المرض، بل قد تقبل المرأة هذا بدافع الحب بمعني أن المرأة قد تحب رجلاً حباً جارفاً لدرجة أن تلبي كل طلباته، حتي تصل إلي أن ترضي بأن يستمتع رجلها بغيرها بشرط أن يبقي معها.

         ألا يعد هذا تنازلا من المرأة عن حقوقها الإنسانية؟

- المرأة لا تريد سوي شيء واحد فقط هو أن يجيد الرجل معاملتها.. المرأة تحب أشعار «نزار قباني» وغناء «كاظم الساهر» الذي يمجد فيها، بأي شروط، فهي تريد فقط أن ترتاح نفسيا.. وأي كلام عن حقوق المرأة وحريتها مجرد «جعجعة بلا طحن» كما يقول شكسبير.. فالمرأة لا تريد سوي أن تعيش في أمان واستقرار وألا تخاف من الغد، وتقبل بأي شروط لو توافر لها هذا، خاصة وهي تواجه إغراءات عديدة يتعرض لها الرجل في كل شيء، من اصطياد نساء أخريات له، ووسائل اتصال تعرضه لإغراءات لا تستطيع أي زوجة أن تتماشي معها، لكن تظل الماديات أيضا تحكم العلاقات بشكل من الأشكال، وهناك نماذج رأيتها بنفسي.. فمثلا موظف كبير بالدولة متفق مع زوجته علي أن يتعرف بأخري - حتي ولو بدون زواج - ليستنزف أموالها.. بل أعرف أحدهم في منصب مرموق متزوج وعلي علاقة بسيدة متزوجة بآخر وحينما يسافر زوجها تكلمه ليلا ليأتي عندها، وتشجعه زوجته أن يذهب إليها لأنها تعلم أنه حينما يعود سيكون محملا بالأموال! وهذا دليل علي أن الوضع الاقتصادي عامل مهم جدا هو الآخر في قبول المرأة لهذا الوضع.

         هل تري أن العادات والتقاليد والأمثال الشعبية مثل «ضل راجل ولا ضل حيطة» تجعل المرأة تتنازل وتقبل بأن يتزوج رجلها بأخري؟

- العادات والتقاليد أقوي من أي شيء، حتي إنها أقوي من الدين لأنها مترسخة منذ قديم الأزل، فنحن لدينا عادات وتقاليد من العصر الفرعوني وقبل نزول الأديان ولاتزال إلي الآن موجودة، فهي متوارثة، ولها قوتها حينما تعطي امتيازا لفرد علي الآخر.

         صراحة هل أنت من مؤيدي أن يتزوج الرجل بأكثر من واحدة؟

- بالتأكيد لا.

         لكنك قدمت نموذج «الحاج متولي» وكأنك تطالب بأن يتزوج الرجل بأكثر من واحدة..

- لا أطالب بتعميم هذه الصورة.. كل ما أقوله أن الرجل الذي تزوج بأربع نساء استطاع أن يعاملهن معاملة لائقة قد لا تجدها سيدة أخري من زوجها المتزوج بها دون سواها.

         إذن لماذا تتحمله المرأة في هذه الحالة؟

- مازالت سيطرة الرجل موجودة حتي الآن، خاصة في الطبقات الفقيرة، فالمرأة تصل إلي حد العبودية. بل وتصبح جارية للرجل، يحركها كيفما يشاء، وقد كنت أقطن في منزل به بواب متزوج من ثلاث نساء، وهو لا يفعل شيئاً سوي شرب الحشيش، وكل زوجاته يعملن، والثلاث يحببنه ويتفانين في خدمته بل يسرقن ملابس من أجله... وكل هذا بسبب الحب فحينما يضرب واحدة منهن تأمره بأن يضرب الأخري مثلها!

         حتي الآن مازالت الجمعيات النسائية تهاجم نموذج الحاج متولي وتعتبره الأسوأ رغم مرور أكثر من 8 سنوات علي تقديمه!

- معـظم النساء اللائي قابلتهن في العديد من البرامج التي استضافتني علي مستوي مصر والدول العربية، قلن لي إنهن علي استعداد لأن يتزوج عليهن أزواجهن مثل «الحاج متولي» لكن بشرط أن يعاملن هذه المعاملة الرقيقة التي رأينها في المسلسل.. إذن هذه المعاملة المثالية غير موجودة الآن بين الرجل والمرأة، وكذلك المودة والرحمة.. والهجوم الذي حدث هو نوع من النفاق الاجتماعي والخوف، ولو عملنا استفتاء بين النساء سنجد أن 95% منهن مع «الحاج متولي» فالمرأة تريد المعاملة الجيدة والرقيقة من الرجل، فقد تجد امرأة علي علاقة برجل متزوج، حتي وهي علي علم بأنه لن يتزوجها لكن لمعاملته الرقيقة فقط تستمر معه.

         قد لا يجد المجتمع غضاضة في أن يتزوج الرجل بأكثر من واحدة لكنه يستنكر أن تتزوج امرأة بآخر بعد انفصالها عن زوجها أو وفاته.. بم تفسر هذا؟

- استهجان المجتمع أن تتزوج امرأة بآخر يأتي تبعاً للظروف، لكن مادام هناك حق إلهي أو حق شرعي فلا استهجان، كما أنه لا يحدث في كل الطبقات أو الظروف الاجتماعية، وغالباً يكون هذا الاستهجان من أقارب الزوج المتوفي مثلا لكن ليس من باقي المجتمع وحتي إن حدث استنكار من قبل البعض يتراجعون عن هذا لأنهم ببساطة لو طبقوا تصرفها علي أنفسهم سيجدون أنها محقة فالسيدة التي تستنكر من أخري أن تتزوج مرة ثانية ستجدها إن تعرضت لنفس الموقف ستتزوج، فالمسألة يدخل فيها نوع من التناقضات والغيرة.

         كثير من النساء يرين أن القانون وحتي الدين مع الرجل أكثر.

- كيف هذا والخلع موجود؟ مسألة الخلع تتأخر فقط لدينا بسبب أن نصف النساء يردن ترك أزواجهن وبالتالي المحاكم مكدسة بتلال من الدعاوي لكن لو كان هناك قضاة متوفرون ستنتهي المسائل سريعاً كما أن حالات الطلاق تتزايد ليس بسبب سوء المعاملة وأنانية الرجل لكن لبحث المرأة عن فرص أخري فالمرأة قد تطلق من رجل لكي تتزوج من رجل أفضل وكأنها تتقدم لعدة وظائف وتفاضل بينها وهو أحد الأسباب المهمة كذلك الإحباط أو خيبة أملها في إنسان لم تستمر في علاقتها به، أو رغبتها في الإنجاب أو الرجل ضعيف جنسياً أو مريض فالقانون والدين يكفلان لها أيضاً أن تنفصل عن الرجل في جميع هذه الأحوال.

         هل تري أن المرأة تتنازل وتقبل بأن تتزوج برجل متزوج حتي لا تحمل لقب عانس؟

- هذه مشكلة كبري.. فالعنوسة في مصر ارتفعت بنسبة كبيرة حتي إن لقب «عانس» كان يقال علي من تصل لسن 22 منذ 50 عاماً.. الآن تصل المرأة إلي ما فوق الثلاثين ولا تحمل هذا اللقب وهذا بسبب الظروف الاقتصادية والبطالة، وهذا موجود في باقي البلاد العربية الكثيرة عدا الخليج وفي رأيي الزواج بأكثر من امرأة سيقلل نسبة العنوسة والمفروض أن تقبل المرأة في هذه الحالة لأنه يحميها من أشياء كثيرة وهنا ستتنازل خوفاً من أن تتعرض للقيل والقال مثل المطلقة أو الأرملة، خاصة وهي في سن صغيرة، فالمجتمع يراقبهن بنظرة متشككة دائما.. لكن المرأة تستطيع أن تستمتع بوقتها في النهاية.

         بمعني؟

- لنتحدث بصراحة..النواحي الأخلاقية مختلفة عن الخمسين عاما الماضية، فالتحرر أصبح أكثر الآن، وكذلك العلاقات غير المشروعة كثيرة وعلي المشاع، بالنسبة للمرأة تحديدا، فالمرأة تستطيع الآن أن تعرف أكثر من 3 رجال دفعة واحدة، وقد تسمع أن امرأة تعيش دون زواج من رجل ولا تجد أي استهجان لهذا، والعذرية ليست مشكلة، وحينما يتزوج رجل بامرأة غير عذراء لا يجد غضاضة في هذا، وتخبره المرأة بشكل طبيعي بأنها كانت متزوجة عرفيا، فالأخلاق الآن لم تصبح بقوتها كما كانت في الماضي.

مجتمعنا بأسره متناقض للغاية، وبه صراعات رهيبة جدا، والاقتصاد يلعب دورا كبيرا يحكم الآن كل العلاقات، خاصة ونحن في مصر هناك طبقات فقيرة جدا وأخري غنية جدا، كما أن وسائل الاتصال هي وسائل الإغراء الآن، فالإعلانات عن الرفاهية كثيرة جدا في مجتمع 90% منه تقريبا تحت خط الفقر.

         لكن استقلال المرأة المادي وتعليمها يعطيها قوة بألا تقبل بأن يتزوج عليها زوجها بأخري.

- المرأة القوية مجرد نموذج لا يمكن تطبيقه علي كل النساء، وحتي المرأة القوية بها جانب ضعيف، فهي ضحية عواطفها.. وحتي لو المرأة قوية فمن الممكن أن تتنازل من أجل الرجل، لكن التنازل هنا وقتي، فالمرأة قد تتظاهر بالضعف والتنازل لوقت، لكنها سرعان ما تنقض علي الرجل، فقد تجد زوجة أن زوجها مصر علي الزواج بأخري، فتقبل لفترة، لكنها قد تقتله لهذا السبب في النهاية.

         لم لا تتركه إذن؟

- المرأة لدينا بها أخلاق الرجل الصعيدي حتي لو كانت قاهرية، دمها حامٍ، فلا تترك ثأرها، ومسلسلي «ريا وسكينة» وضح هذا لأنه إسقاط علي الحاضر، فالنساء من الممكن أن يتحولن لقتلة، وذلك نظرا للظروف الاقتصادية الطاحنة، فالحقد الأنثوي والغيرة موجودان مهما بلغت المرأة من ثقافة.

مجلة روز اليوسف المصرية في

10/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)