حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

فيلم''السحلية' ..

السينما الايرانية تعري الواقع الديني بشجاعة

حميد عقبي

دعاني مجموعة من الاصدقاء بأحد النوادي السينمائية الفرنسية لحضور أمسية سينمائية تم خلالها عرض الفيلم الايراني 'السحلية' من اخراج كمال تبريزي، كان الحضور نوعيا ومتميزا خلال العرض ساد الصمت وظهر الانبهار والدهشة على الحاضرين كون للسينما الايرانية'سحرها الخاص ولها جمهور كبير بفرنسا، البعض ينظر'إليها،'باعجاب لشجاعتها في طرح قضايا حساسة ومهمة والبعض يميل الى الأسلوب الفني الشاعري والمغري والبعض يراها نافذة لمعرفة المجتمع الايراني والشرق بشكل عام، لدي الكثير من الاصدقاء لا تخلو مكتبة اي صديق من فيلم ايراني، واصبحت الكثير من الدراسات الاكاديمية بالجامعات واقسام السينما تولي اهتماما كبيرا بالسينما الايرانية ولا تخلو مجلة 'كراسات سينمائية' في اعدادها من موضوع يتناول السينما الايرانية، هذا النجاح والانتشار للسينما الايرانية لم يات من خلال دعم النظام الايراني للسينما وتخصيصة لمهرجانات لعرض روائعها بل جاء من خلال جيل ورواد وسينمائيين ضحوا بالغالي والرخيص لانتاج افلامهم بحرفية ومصداقية رغم معارضة النظام لهذه التوجهات ومحاربته ووقوفه ضد اي فيلم يعكس الواقع او يتعمق فيه وخصوصا عندما يتناول موضوعا سياسيا او اجتماعيا او يتعرض للمؤسسة الدينية.النظام الايراني لا يختلف كثيرا عن بعض الانظمة العربية بسحق الفرد وعزله وحرمانه من حريته وبهرجة النظام بمباركة المؤسسات الدينية ومحاولة اخفاء الحقائق والزج بالمعارضين في غياهب السجون وفرض الرقابة على الفنون ووسائل التعبير الفنية مثل السينما، لكن ظهر جيل سينمائي شجاع ومتمكن من اساليبة الفنية بحيث اصبحت اغلب الافلام كوابيس مزعجة للنظام، ونحن هنا مع فيلم''السحلية' امام عمل فني انساني يقودنا بهدوء لاكتشاف زيف وقسوة المؤسسة الدينية في قالب كوميدي سلس ومرعب.

نحن هنا امام نموذج جديد هو (رضا) سجين متهم بعدة تهم يتم اعتقاله واقتياده للسجن ببداية الفيلم نستمع لحوار بينه وبين مأمور السجن والذي يدينه ولا يستمع له ويفرض عليه رقابة مشددة خصوصا عندما يعرف موهبته في تسلق الجدران كالعنكبوت عندما يقوم رضا بمحاولة انقاذ حمامة تعلقت بالشباك الحديدية للسجن، هذا المشهد الذي تظهر فيه الحمامة البيضاء العالقة يلخص فكرة الفيلم بشكل فني ذكي فالجميع يقف في حيرة امام هذه الحمامة التي تتعذب بسبب هذه الاسلاك، ويطلب رضا من الشرطي ان يطلق عليها رصاصة الرحمة لكن الشرطي يرفض كونه محاسبا ولا يمكنه التفريط برصاصة دون أوامر عليا من قائده، هنا نكتشف انسانية رضا وزيف السلطة، يحضر المأمور ويعطي وعدا لرضا بمكافأته ان استطاع انقاذ الحمامة وبعد نجاح رضا بالمهمة يكون مصيره السجن الانفرادي لمهارته في التسلق ويصبح السجن الانفرادي اجراء تاديبيا متكررا مع كل مشكلة يقع بها رضا السجين فيتحول السجن الى جهنم حسب تعبير الشخصية وتحاول الشخصية الإفلات من العذاب عن طريق الانتحار لكنها تفشل ويتم ايداعها الى المستشفى.

رضا شخصية لا تعرف اي شيء عن الدين بل لديها موقف من رجال الدين، كأننا امام شخصية ملحدة لا تعترف بالجنة والنار كل همها الهروب من السجن والوطن الى عالم اخر كي تشعر بانسانيتها ووجودها . في المستشفى يرقد بجانب احد رجال الدين ويكتشف ذلك صدفة كون الملا المريض هو من الاتجاه الاصلاحي كما يبدو، هنا ايضا نحن امام دلالة ذكية من المخرج فرجل الدين المعتدل والمنفتح والذي يقبل الحوار مع مذنب وسجين مريض يرقد بمستشفى اي ان الاتجاه المعتدل ربما هو على وشك الموت او معزول في ظل سياسة لا تعترف به وتحاول القضاء عليه، هذا ما يدهشنا بالسينما الايرانية في الكثير من الاحيان هو هذا الاسلوب الفني الرائع في تمرير افكار سياسية بطرق قوية ومؤثرة وغير مباشرة.

يتعرف رضا على حكمة جديدة هي 'ان الوصول الى الله ممكن بطرق كثيرة بعدد البشر' وهو'لا يعيرها اهتماما ولا يظن انه سوف يستخدمها وانها ستكون سلاحا مهما يعطيه القوة، اخيرا يستطيع الهروب'متنكرا بزي الملا المريض ويسعى للفرار والحصول على جواز سفر ويلبس جلدا اخر اي جلد وملابس الملا فيتحول الى شخصية اخرى من الخارج الجميع يحترمه ويسلم عليه لمجرد انه لبس هذه الملابس دون التمعن بوجهه وحقيقته، وهنا يحدث انقلاب مهم وخطير حيث تقودنا الشخصية بكل بساطة وحسن نية لاكتشاف هذا المجتمع الذي يعاني الكثير ولكنه محكوم بالشكليات ولديه خوف من المؤسسات الدينية.

'يقودنا رضا بعفوية لاكتشاف عمق المجتمع واهم مشاكله في القطار يتعرف على شابة جميلة هي'' فايزة' نالت الطلاق من زوجها الذي كان يضربها ، هنا نحن امام قضية كثيرا ما ركزت عليها السينما الايرانية وهي العنف ضد المرأة واحتقارها وعزلها ويكشف لنا ايضا تفاهة وشبق الرجال فاحدهم يأتي ليسأل ويطلب فتوى بتحليل زواج المتعة، يمرر المخرج افكاره تجاه هذه القضية عبر الشخصية والتي ترفض تحليل زواج المتعة وتعتبرها (بصقة الشيطان) حسب تعبيرها وهي بذلك تناقض الكثير من الفتاوى الدينية، هنا نقد ايضا للمؤسسة الدينية التي تستبيح وتبيح استغلال المرأة واغتصابها تحت مسميات دينية شرعية.

يصل رضا الى قرية نائية ليصبح الملا للمسجد، هذا القرية التي تقع على الحدود هي نموذج مصغر للمجتمع الايراني الذي يعيش في ظروف استثنائية معقدة فالفقر والمرض والجهل يعصف بهذه القرية والمسجد يخلو من المصلين ولم تكن الشخصية تحسب نفسها انها ستقع في هذا المأزق لكن الظروف تجبرها على الاستمرار بلبس العمامة وتولي الخطابة والارشاد وبشكل ذكي وعفوي، يدير رضا النقاشات ويرد على اسئلة الشاب علي صغيري وزميلة لنكتشف جيلا آخر قد أصيب بالانفصام، فاحد الشباب متدين ومنحدر من اسرة دينية المطلوب منه ان يحفظ القرآن ويصبح رجل دين وهو لا يحب ذلك بل يعشق فتاة ويدخن السكائر لكنه يخفي كل هذا ويعيش بجلباب المتدين من اجل ارضاء والده، نحن اذن امام جيل اخر يسأل عن الفضاء والقطب الشمالي وافلام الرعب ولديه طموح ورغبة للحياة ولكنه محكوم ومسجون ومحاصر ولا احد يستمع اليه، ويأتي رضا ليستمع للجميع ويعطي الحلول بشكل عفوي ويتحول الى قديس واسطورة وهو لم يسع لهذا التحول لكن الظروف او لنقل المجتمع اعطاه هذه الهالة والقداسة كونه بحاجة اليها بحاجة لمنقذ للخروج من المأزق الذي يعيش فيه.

نحن لسنا امام عرض لافكار التيار الاصلاحي والمعارضة بل ربما ايضا نقد شامل للخطاب السياسي والديني الموجود بايران بشكل'خاص والعالم الاسلامي بشكل عام ويمكننا ان نفهم ان الدين او التيارات الدينية ليست الاداة الوحيدة للتغيير والتقدم والتطور بل ربما انها قد لا تحمل لنا الحلول والسعادة.
يسعى رضا للتخلص من هذا الجلباب الديني رغم ما حصل عليه من احترام وقداسة ولكنه ليس مقتنعا بنفسه وبجلبابه ويسعى للهروب كحل امثل ولعل المخرج هنا يكشف عن قضية خطيرة وهامة تواجه الشباب الايراني الذي لم يقتنع بالخطاب السياسي والديني للمحافظين او الاصلاحيين اي ان هناك خللا عميقا داخل المؤسسة الدينية الايرانية بشكل عام بمختلف اطيافها وان القبضة الحديدية على المجتمع لا تعني استسلام المجتمع واقتناعه بنظام الحكم الذي ليس لديه الاستعداد لسماع الناس والانتباه لمشاكلهم ومنحهم الحرية للعيش بكرامة او منحهم عيش الحياة العصرية، فعلي صغيري وهو شخصية ثانوية لكنها اساسية ومهمة وهي نموذج يعاني من اضطهاد الاب الذي يحضه على حفظ'القرآن والمشاركة بالمسابقة الوطنية وتأهيله ليكون رجل دين رغم انه لا يرغب بذلك وليس هذا هدفه ولا يراه مهما فهنا الاب دلالة اخرى للسلطة المستبدة والقاسية.

الكثير من الافلام الايرانية تتجاوز الحكاية الى اعمق من ذلك وتميل الى الغموض احيانا لابراز عنصر ميتافيزيقي'يكون في صورة مكان يتكرر عرضه دون وجود علاقة او معنى او شيء او اداة او شخصية غامضة، في فيلم' السحلية' نرى طفلا تتكرر صورته وهو ينظر الى رضا وتعكس الكاميرا وجهة نظره وفي الاخير نرى رضا يسلمه العمامة وجلباب الملا ولكن المخرج لم يكشف بالضبط اويوضح كثيرا حول هذه العلاقة ليدع ايضا للمتفرج فرصة المشاركة.

ما يميز السينما الايرانية ايضا جودة السيناريو وهو عنصر مهم وحيوي ويسهل للمخرج التفرغ لعملية الاخراج على اساس قوي ومتين وهذا ايضا يخدم الممثل في الاداء وتميل الافلام الايرانية الى بيئة اجتماعية وجغرافيا متنوعة بعيدا عن الاستديوهات المغلقة والديكورات الزائفة، فالناس والبيوت والاحياء الفقيرة او القرى النائية هي مناخ حيوي وديناميكي صادق ومعبر ونرى ان الكاميرا تحس بهذه البيئة وهؤلاء الناس ،وهي جزء منهم تعايشهم وتحاورهم وليس مهمتها التصوير فقط وتسجيل الاحداث .

نرى في اغلب الاحيان في الفيلم الايراني شخصيات متنوعة في السن والطباع والافكار وهناك ميل كبير لاظهار شخصية المسن وشخصية الطفل ولكل وجه بشري جماله الخاص وهنا في هذا الفيلم البطولة ايضا جماعية فالجميع يساهم برسم لوحة انسانية مدهشة فنحن امام مجتمع انساني يبحث عن الخلاص والمخلص لذلك يتمسك بميلاد هذه الشخصية الجديدة ليحولها الى اسطورة مقدسة ويصبح المسجد المهجور ملاذا تسوده البهجة، ولا يمانع رضا بسماع اغنية ويمرر المخرج العديد من الافكار التنويريه بعفوية على لسان رضا الذي يرى ان المسجد ليس مكانا فقط للعويل، وان الغناء يساعد في هضم الطعام وهنا رضا لم يستثمر هذه الشعبية التي حصل عليها بل يسعى للتخلص منها ومن'شخصية الملا والعودة الى رضا لكن الظروف لا تساعده على ذلك، اخيرا يكتشف مأمور السجن هويته ويدعه يكمل خطبته الاخيرة وتظل النهاية مفتوحة اي هل سيتم اعادته للسجن مرة ثانية ام ان المأمور اقتنع بتوبته وانجازته الكثيرة؟ هنا رضا ليس شخصية شريرة بل لعل الظروف والقانون القاصر دفعه لارتكاب بعض الاخطاء.

لعلنا هنا نحس برسالة قوية هي ان الدين ورجال الدين لديهم ايضا اخطائهم وتفسيراتهم الخاطئة للواقع ومشاكل المجتمع وعليهم السماع والانصات للجيل الجديد والمتغيرات الجديدة الحضارية وان اصلاح الفرد والمجتمع لن يأتي بالفتاوى التكفيرية والقسوة بل بالانفتاح والمحبة وفهم الروح الانسانية، هذه رسالة عامة ليس المقصود بها الشيعة فقط او ملالي ايران بل هي رسالة عامة وانسانية وهنا تكمن روعة السينما الايرانية التي تنطلق من هم ومشكلة محلية محضة لتصبح رسالة يكشف عن واقع انساني عالمي اتعبه الدين وسيطرة وقسوة رجال الدين والسياسة بجشعهم وغرورهم وجهلهم بالواقع بل بهموم واحلام الانسان.

aloqabi14000@hotmail.com

القدس العربي في

10/07/2010

 

رشدي اباظة دنجوان الشاشة العربية لم يكن يريد التمثيل 

لندن ـ القدس العربي ـ لم تكن مشاريع رشدي أباظة تشمل أنه سيصبح ممثلا في يوم من الأيام، واختلطت حياته الشخصية بأدواره علي الشاشة فتحول أمام الجمهور إلي عاشق نبيل، رومانسي، عنيف، فالتفت حوله قلوب النساء وأحبه الكبار والصغار.

وكانت أول أعماله فيلم (المليونيرة الصغيرة) عام 1949 أمام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، وغيرها من الأعمال، ثم انصرف عن ذلك إلى أمور أخرى، إلا أنه عاد ومثل أدوارا صغيرة في أفلام (دليلة - رد قلبي - موعد غرام - جعلوني مجرما) وغيرها من الأعمال، منها فيلم (الشياطين الثلاثة) الذي شاركه في البطولة الفنانان أحمد رمزي وحسن يوسف وشاركت في بطولة الفلم الفنانة القديرة برلنتي عبدالحميد ولعل هذا العمل من أجمل الأعمال التي أداها رشدي أباظة.

وولد رشدي اباظة في 3 اب (أغسطس) 1926 ووالده سعيد بغدادي أباظة ضابط بوليس، وامه إيطالية كانت تقيم بالقاهرة، حصل علي الشهادة الابتدائية من المدرسة المارونية بالظاهر وهي نفس المدرسة التي تخرج منها فريد الأطرش وأخته أسمهان، وحصل علي التوجيهية من مدرسة "سان مارك" بالإسكندرية .

استرد نجوميته في فيلم (امرأة في الطريق) عام 1958 مع شكري سرحان وزكي رستم وهدى سلطان، والذي أخرجه الراحل عز الدين ذو الفقار، ثم قدم بعد ذلك أفلاما ذات قيمة عالية وهي (جميلة عن البطلة الجزائرية (جميلة بوحيرد) - واإسلاماه - في بيتنا رجل - الطريق - لا وقت للحب - الشياطين الثلاثة - الزوجة 13 - الساحرة الصغيرة - صغيرة على الحب - صراع في النيل - عروس النيل - شيء في صدري - وراء الشمس - أريد حلا - وغيرها من الأفلام).

كان رشدي أباظة يجيد خمس لغات مختلفة، وكان مرشحا للسينما العالمية، وكان من الممكن أن يسبق عمر الشريف إلى هوليوود ويغزو السينما العالمية لولا أنه أضاع كل هذه الفرص. اشترك دوبليرا للنجم العالمي روبرت تايلور في فيلم (وادي الملوك)، واشترك في فيلم (الوصايا العشر) للمخرج العالمي سيسيل ديميل، وغيرها من الأعمال. ومن اهم البطولات المطلقه و اهم افلامه في قوه الاداء كان فيلم الرجل الثاني من اخراج عز الدين ذو الفقار.

تزوج رشدي أباظه أكثر من خمس مرات: منهم تحية كاريوكا وسامية جمال وصباح في زواج قصير لمدة 24 ساعة، وأنجب من إحدى زيجاته باربارا (الأمريكية الجنسية) بنت اسمها قسمت وكان آخر فيلم أنهى تصويره قبل وفاته هو فيلم (سأعود بلا دموع)، ثم اشترك بعده في فيلم (الأقوياء) وهو آخر أعماله.

توفي في 27 اب (أغسطس) 1980 عن عمر يناهز الثالثة والخمسين عاما بعد معاناته مع مرض سرطان الدماغ، وكان في وداعه مائتي ألف مواطن، واضطر رجال الأمن إلى التدخل لمنع زيادة التجمهر من حوله، لتمكين السيارة من الوصول به إلى مقره الأخير.

وأشترك في آخر أعماله (الأقوياء) الذي مات أثناء تصويره ولم يستطع إنهائه، فأكمله الفنان القدير صلاح نظمي بدلا عنه عام 1980.

القدس العربي في

10/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)