حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الجميع أبطال

واحد ـ صفر يفضح تردي الحياة في مصر

بقلم: محمد الحمامصي

لا فرق في مصر اليوم بين مهموم بالفقر أو مستلب بالدين والعادات أو مقهور بالسلطة، فالكل على حافة الانهيار.

يقدم فيلم "واحد صفر" لوحة متكاملة لمشهد الحياة الاجتماعية في مصر، وما ترزح تحت وطأته من هموم ومشكلات، رسمتها ببراعة فائقة مخرجته كاملة أبو ذكري وكاتبته مريم نعوم، دون لف ودوران دخلا إلى صلب المشهد.

مقدمة الفيلم اسكتش حملت النماذج التي تم الاشتغال عليها ألوانا وظلالا وأبعادا ومرجعية اجتماعية، الزمن يبدأ صباحا حيث تجري في المساء مباراة كرة لقدم بين مصر والكاميرون في بطولة أفريقيا، المكان شارع يعج بالأعلام المصرية، تتنقل فيه الكاميرا، لنتعرف على الأتوبيس الممتلئ عن آخره حتى لتبدو الناس داخله ككتلة واحدة من اللحم لا فرق بين رجل وامرأة وطفل وعجوز، السايس العجوز الذي يطارد أصحاب السيارات الفارهة من الشباب، والذي لا يخلو من خفة ظل، يعمل ليسكر ويتعاطى المخدرات، وحفيده علي الذي لا يتجاوز عمره 14 سنة ويعمل مناديا على إحدى السيارات الميكروباس، وعامل الكوافير الطموح الذي يسرق بعض مواد التجميل من محل الكوافير الذي يعمل فيه، وأمه التي تعمل "حفافة" وتخدع زبائنها بكريم يشوه البشرة، والممرضة المحجبة التي تقرأ في المصحف الشريف في الشارع، بينما تدور على البيوت لتعطي الحقن، والسيدة المسيحية الثرية التي تعيش في فيلا وتحلم بالحمل وبالفعل تكتشف حملها على الرغم من انفصالها عن زوجها، وعشيقها المذيع الذي لا يتوقف عن معاقرة الخمر، ويبدو في عمق حركته وسلوكه أنه يعاني من أفكار تنغص عليه حياته، والمطربة رديئة الصوت والثقافة الموسيقية ولا تحمل أية موهبة لكنها ترى نفسها مشهورة.

الجميع يشكلون بطولة الفيلم، وهم في السياق مقهورون، الثري المنعم منهم والفقير الذي يسعى لقوت يومه،

لذا ما أن يتجاوز الفيلم مقدمته حتى تتجلى القضايا فاضحة لعمق الانهيار والتردي الذي يسيطر على الحياة الاجتماعية المصرية.

أول تلك القضايا قدمتها بأداء بارع الفنانة إلهام شاهين في دور نيفين السيدة المسيحية التي تعاني من رفض الكنيسة إعطائها تصريح بالزواج، وطول أمد الحل القانوني "أكون عجزت وموت وادفنت كمان"، قضت مع زوجها 6 سنوات تمثل لها جحيما، تلتها 3 سنوات "معلقة" أي لا هي مطلقة ولا هي متزوجة، و5 سنوات بانتظار الطلاق، و"لسه سنين قدامي عشاق أقدر اتجوز".

إن تجليات هذه القضية يشكلها حوار نيفين مع محاميها، وهو حوار خطر يحمل إدانة صريحة للتعنت الكنسي، ويطرح حلا لا تقبله نفين لكن المحامي يواجهها به "الإسلام"، يبدأ الحوار بـ "عاوزه أتجوز"، ويتصاعد مع احتداد نفين في مواجهة عدم وجود حل، ويرى المحامي أن الظلم الذي يقع على نفين لمصلحتها، حيث سيتيح لها رفع قضية أخرى، وتصعق حين يقول المحامي "نحن سنرفع قضية على الكنيسة"، ويرى أن ذلك من حقها طالما رفضت الكنيسة إعطائها تصريح زواج، تقول "الكنيسة، أرفع قضية على الكنيسة عشان أتزوج"، ويؤكد أن هذا هو الحل ولا حل بديل إلا الإسلام.

تصدم نيفين حين يعرض المحامي حل الإسلام، وتقول من بين دموعها "أسلم، لا لا خالص، لا، مش عاوزه أغير ديني"، ويرد المحامي أن هذه هو الحل الثاني إذا كانت ترغب في الزواج،" وإذا كان الذي أريد زواجه مسيحي، هل أقول له أن يسلم لكي نتزوج"، وتضيف "يعني عشان واحدة فشلت في زواجها، إما تغير دينها، يا إما تروح تزني".

هذه القضية التي أثيرت مؤخرا حين رفضت الكنيسة حكم المحكمة الإدارية العليا السماح بالزواج الثاني، وتأكيد الحكم بعدم قبول الطعن المقدم من البابا شنودة بصفته رئيس الكنيسة الأرثوذكسية، يكشف الفيلم عنها ما تمثله من مأساة حقيقية تعيشها المرأة بوجه خاص.

القضية الثانية تتمثل في الفقر وتأثيراته التي تدفع أكثر أبطال الفيلم إلى التخلي عن مبادئهم وقيمهم، فالمطربة نينا من أسرة فقيرة ترفض العيش مع أمها وشقيقتها في ذلك الحي الشعبي، وتعرف أن المخرج يستغلها جنسيا دون مقابل حقيقي، ومع ذلك ترضخ تحت وطأة الحاجة وإعالتها لأمها وأختها، بل إنها تتخلى عن حبها وتقبل الاستمرار فيما هي فيه.

حتى السايس العجوز يبدو غير راض عما آل إليه، ويبصق على أصحاب السيارات الفارهة، حفيده يسرقه، وهذا الحفيد الذي يكشف عن مهارة فائقة في الخداع من أجل السرقة، فحين يصل إليه جده في المستشفى بعد أن يصدمه المذيع بسيارته، يتفق مع جده على حيلة يجنيان بها ما يستطيعان من مال من المذيع.

وعلى طول الفيلم تتكشف مداخل التردي الاجتماعي، سواء في الذوق الذي يستقبل الصوت الرديء ويهلل له، أو الاستغلال الجنسي تحت ضغط الحاجة فالمخرج الذي تعمل معه المطربة يستغلها جنسيا مقابل أن تشغيلها، أو الغش والسرقة فـ "الحفافة" التي تعول ابنها عامل الكوافير وابنها نفسه يمارسان السرق والخداع.

ويعطى الفيلم رؤية ليست ببعيدة عن الشرطة المصرية في صورتها التي خرجت مؤخرا ممثلة في قضية الشاب السكندري خالد سعيد الذي ضرب حتى الموت دون وزر جناه، فـ "أمين الشرطة" الذي يحرس الأمن في الشارع، عندما يرى الممرضة المحجبة تقف بانتظار أحدهم يحاول أن يتحرش بها (وباللغة المصرية للشباب يصطادها) فتنهره، وعندما تحين الفرصة له للقبض عليها يقبض عليها بينما تجلس مع عامل مطعم الفلافل في أول محاولة لها لوجود طريق للحب، ويحملها والشاب إلى قسم الشرطة حيث يجلس ضابط القسم ووراءه صف من العساكر يتفرج على مباراة مصر والكاميرون، يجلس غير مبال بما يجري حوله.

لقد استطاع السيناريو والحوار جنبا إلى جنب مع براعة الكاميرا تقديم صورة حقيقية عما وصلت إليه مصر، قدماها برؤية جمالية، تحمل قدرا عاليا من المتعة والإثارة والأداء الجماعي المتميز الراقي.

تنقلات الكاميرا بين طوابير الخبز والقتال بين الأهالي على الحصول عليه، وزحام الأتوبيس الخانق، وضرب الناس لبعضهم البعض في الشارع، وبين المطربة الراقصة بملابسها وحركاتها المثيرة التي تجهز أغنية لمصر تذاع حال فوزها في المباراة، والمخرج الذي يطالبها بمزيد من الإثارة، الأغنية التي تتناقض كلماتها مع ما يجري فحين تقول "بنحب بعضنا" تنتقل الكاميرا من هز وسطها وجسدها المثير إلى شجار بين عامل الكوافير وزملائه بعد طرده، وإلى الحواري الفقيرة، إلى أبطال الفيلم المحبطين والمنكسرين، وهكذا على مدار الفيلم وليس بجزء محدد منه تلعب الكاميرا دورا أساسيا في فضح تناقضات المشهد العام في مصر.

جميع الممثلين في الفيلم في رأيي أبطال، كل منهم يمثل نموذجا مستقلا في رؤيته وحركته لكن دون أن يخرج عن إطار اللوحة، فقد نجحت المخرجة كاملة أبو ذكري في أن تقسم رؤيتها بشكل متكامل عليهم، فأبدعوا إلهام شاهين وخالد أبو النجا ونيللي كريم، وانتصار، وزينة، وأحمد الفيشاوي، ولطفي لبيب، وحسين إمام، والطفل كامل أشرف.

ينتهي الفيلم بفوز مصر في مباراتها وذوبانها في الشارع فرحة بالفوز، يذوب كل هذا الدمار والتناقض النفسي والاجتماعي والأخلاقي الذي يعيشه أهلها ربما من حبها والفرح لها، وربما من فرط ما وصل إليه من انهيار.

ميدل إيست أنلاين في

06/07/2010

 

مجرد ذكريات

السينما في العراق.. عمر مديد بلا أي جديد

سينمائيون عراقيون يتحسرون على حال السينما العراقية في بلادهم ويشكون افتقارها للدعم الحكومي.

ميدل ايست اونلاين/ بغداد - تجمع عدد من السينمائيين والمخرجين التلفزيونيين والنقاد السينمائيين ومحبي السينما العراقيين في دار سينما سميراميس ببغداد للمشاركة في احتفال بالعيد الخامس والخمسين للسينما العراقية عرض خلاله فيلم "فتنة وحسن" المأخوذ عن رواية روميو وجولييت لشكسير.

ورغم ان الانتاج السينمائي العراقي بدأ في الاربعينات لكن فيلم "فتنة وحسن" الذي انتج عام 1955 يعتبر البداية الحقيقية لصناعة السينما العراقية لان جميع الممثلين والعاملين فيه كانوا عراقيين.

كما شمل الاحتفال عرض فيلم وثائقي عن عمل السينمائيين في مطلع الخمسينات ومعرضا لالات التصوير والعرض السينمائي القديمة.

وشكا بعض المخرجين وخبراء صناعة السينما الذين حضروا الاحتفال من الوضع الحالي لصناعة السينما العراقية قائلين انها تفتقر الى الدعم الحكومي.

وقال الناقد السينمائي مهدي عباس "السينما العراقية تعاني من مشاكل منذ التسعينات. الانتاج السينمائي توقف بعد إنتاج فيلم الملك غازي بسبب الحصار. لا يوجد شريط خام.. لا توجد مختبرات.. لا توجد معامل. الفيلم العراقي الروائي الطويل يكلف اليوم مئات الالوف من الدولارات ويحتاج الي ميزانيات ودعم خاص. فلذلك دائرة السينما والمسرح التجأت الى انتاج أفلام قصيرة وأفلام فيديو تعويضا، الى أن يتاح لها الفرصة لانتاج أفلام روائية طويلة".

وتعود الجذور الحقيقية للسينما العراقية الى عهد الملكية في الاربعينات حيث ازدهرت بفضل اموال مستثمرين فرنسيين وبريطانيين لكنها تراجعت مع وصول البعثيين الى السلطة في العراق عام 1958.

وبحلول نهاية الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثماني سنوات خصص نظام الرئيس الراحل صدام حسين اموالا طائلة لدعم صناعة السينما العراقية التي اجتذبت عددا من المخرجين العرب لانتاج افلام تمجد حكم صدام وتاريخ العراق مثل "القادسية" للمخرج المصري صلاح ابو سيف الذي يصور انتصار العرب على الفرس عام 636 وفيلم "المسألة الكبرى" للمخرج العراقي شكري جميل عن ثورة العراقيين على الاحتلال البريطاني عام 1920.

وحال الحصار الذي فرضته الامم المتحدة على العراق في أعقاب غزو الكويت عام 1990 دون الحصول على الافلام الخام وغيرها من لوازم صناعة السينما فانهارت تلك الصناعة. والفيلم الروائي الوحيد الذي انتج خلال فترة عقوبات الامم المتحدة هو "الملك غازي" عام 1994.

وقال المخرج التلفزيوني العراقي عزام صالح خلال الاحتفال "اليوم هو يوم الاحتفال بعيد السينما العراقية المنقرضة إذا كانت هناك سينما عراقية. ليس هناك سينما عراقية منذ أن بدأت ولحد الان. السينما هي محاولات سينمائية. ليس هناك دعم من الدولة ولا أقصد من الحكومة لهذه المؤسسة".

ومضى يقول "السينما العراقية غير مؤسسة أصلا. بدأت بالقطاع الخاص واستلمتها مؤسسات الدولة والدولة في زمن النظام السابق حاوت أن تكون السينما لسان حالها. اعلام لسياسة الدولة في ذلك الوقت. أما في الوقت الحاضر لا الدولة ولا الحكومة لها علاقة بالسينما ولا بالوسط الثقافي ولا بالفن ولا بالاداب لا من قريب ولا من بعيد".

وبعد عقود من نقص التمويل وسيطرة الدولة والحرب تناقص في الوقت الحالي عدد الكتاب والممثلين والمخرجين والمصورين السينمائيين مع خروج الكثير منهم الى دول مجاورة هربا من أعمال العنف.

كما تراجع أيضا عدد دور العرض السينمائي في العراق.

فقبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 كان ارتياد دور السينما أمرا شائعا بين العائلات لمشاهدة افلام الحركة الأميركية من بطولة ارنولد شوارزينغر وجان كلود فان دام في 60 دارا للعرض السنيمائي او نحو ذلك في بغداد.

اما الان فتقول دائرة السينما والمسرح بوزارة الثقافة العراقية ان عدد دور العرض التي ما زالت تعمل في بغداد لا يتجاوز خمسة مع احجام هواة السينما ارتياد دور العرض خوفا من هجمات المسلحين.

واصبح العراقيون يفضلون البقاء في المنازل حيث يمكنهم الان مشاهدة مئات القنوات التلفزيونية الفضائية.

ميدل إيست أنلاين في

06/07/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)