حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المنطقة الخضراء : الحرب في العراق لم تنتهي بل بدأت

رامي عبد الرازق*

يتزامن عرض فيلم المنطقة الخضراء مع مرور سبع سنوات على الغزو الأمريكي للعراق بحجة البحث عن اسلحة الدمار الشامل وتدميرها..حماية للمنقطة من الخطر الذي كان "يتهددها"على يد صدام حسين وجيشه واسلحته..ويتزامن مع شهر الأنتخابات العراقية وفوز كتلة "العراقية "التي يتزعمها اياد علاوي وبدء المفاوضات مع القوي العراقية لتشكيل "حكومة قوية" على حد تصريحاته..وربما تأتي اهمية الفيلم من انه ينتمي لتيار السينما المناهض لحرب أمريكا على العراق وهو يقف على الطرف المناقض لفيلم مثل خزانة الألم الذي فاز بالاوسكار منذ اسابيع قليلة.

 تبدا احداث الفيلم بعد دخول القوات الامريكية إلى بغداد عام 2003 وبدء عمليات البحث عن اسحلة الدمار الشامل..التي كانت السبب المعلن وراء غزو العراق واسقاط نظام البعث وحكومة صدام..حيث يتولى الضابط الشاب مير/ مات ديمون قيادة أحد فرق التمشيط والبحث وحيث العالم كله ينتظر من القوات الأمريكية أن تعلن عن عثورها على تلك الأسلحة..حتى يتم تبرير الحرب الوحشية التي قتل فيها مليون عراقي..لكن القائد مير الذي جاء من أمريكا مصدقا لفكرة اسلحة الدمار الشامل..ومؤمنا انه بإسقاطه لنظام صدام وتفتيش العراق يساعد على حماية ارواح الأبرياء في العراق والمنطقة العربية باكملها..يكتشف تدريجيا ان كل المواقع التي يتم تمشيطها والأبلاغ عنها على اعتبار انها مصانع للأسلحة الكيماوية..ما هي إلا اماكن مهجورة او مصانع مدنية عادية!ومن هنا يبدأ في التساؤل والأعتراض على ما يحدث..ويتزامن هذا الأعتراض مع تعرفه على ضابط كبير في المخابرات الأمريكية يبلغه أن اغلب تلك المواقع المزيفة تم الأبلاغ عنها من قبل مصدر سري للقوات الأمريكية اسمه الحركي ماجلان..بينما تقوده الصدفة إلى اقتحام اجتماع لمجموعة من قيادات حزب البعث قبل حله ومطاردته لواحد من جنرالات جيش صدام يدعى محمد الراوي .

تتطور علاقة القائد مير بضابط المخابرات الأمريكية..وفي نفس الوقت يصاحبه في عملية البحث عن محمد الراوي شاب عراقي اعرج فقد ساقه في الحرب العراقية الايرانية هو فريد الذي يقول للقائد مير عندما يتعرف عليه نادني فريدي ..وهذا الفريدي يقدمه الفيلم على انه نموذج للشباب العراقي الذي شعر بالتحرر بعد سقوط حكم صدام البعثي..لكن فرحته لا تكتمل نتيجة الاحتلال الامريكي..ولكنه يتعاون مع الامريكان بغرض الوصول إلى ديموقراطية حقيقية في البلاد..لكنه يعاني طوال الوقت من سوء معاملة الأمريكان له..لكن القائد مير يستعين به كمترجم خصوصا انه كان المصدر الرئيسي وراء اكتشاف مكان محمد الراوي واجتماع قيادات البعث..هذه الشخصية تتحول ضمن الخطاب السياسي للفيلم إلى شخصية مهمة جدا خصوصا عندما ننظر إلى الشخصيات العراقية الأخرى في الدراما..فهناك الجنرال محمد الراوي نموذج القيادة البعثية والعسكرية في حكومة صدام..وهناك أحمد زبيدي وهو نموذج السياسيين العراقيين الذين كانوا منفيين وقت حكم صدام واعادهم الامريكان لكي يتولوا الحكم او كما يقول الفيلم كي يكونوا دمية في يد الأمريكان..حتى ان اول تصريح لزبيدي عندما يهبط من الطائرة في مطار صدام الدولي يقول ان القوات الأمريكية سوف تظل في العراق طالما هناك حاجة لها..ومن هنا تأتي أهمية هذا الفيلم لانه يتعرض إلى ثلاثة نماذج عراقية واقعية وحقيقية على عكس الافلام المؤيدة للاحتلال الامريكي والتي تظهر العراقيين والمقاومة على انهم اما ارهابيين أو متخلفين .

صاغ المخرج بول جرين جراس الشخصية البصرية للفيلم من خلال نفس التكنيك المستخدم في أغلب الأفلام التي تناولت الغزو الأمريكي او الوضع في العراق..حيث استخدم نظام الكاميرا المحمولة التي تشبه زواياها ولقطاتها زوايا ولقطات المراسلين العسكريين في الحرب..خاصة أن الكاميرا المحمولة والكادر غير المستقر يعطي انطباع بعدم استقرار الأرض تحت اقدام الشخصيات..وهو ايحاء بصري عن الأوضاع غير المستقرة في العراق..ولكن بحكم كونه مخرج متمرس في افلام الأكشن حيث قدم من قبل سلسلة افلام بورن مع نفس البطل مات ديمون فلديه القدرة الأيقاعية على حبس الانفاس وتقديم مطاردات ومعارك لاهثة وشيقة..اكسبت الفيلم طابع اثارة ناضج رغم نمطية تكنيك التصوير..كذلك استطاع أن ينقل لنا وبشكل مباشر جدا من خلال المعلومات الحوارية بين الشخصيات وجهة نظر الفيلم حول حقيقة الغزو..ولكن بمشاهد شابتها الخطابية ومن خلال اقتباس اسلوب الشرح الصحفي جعلنا نقرأ التقارير والأخبار مباشرة من على شاشة الكومبيوتر..ربما لأن سيناريو الفيلم مأخوذ عن كتاب صحفي حول حقيقة اسباب الغزو وانهيار شائعة اسلحة الدمار الشامل.

لا يمكن مشاهدة هذا الفيلم دون التوقف أمام الخطاب السياسي الذي يبثه خلال احداثه..وهو في مجمله خطاب مناهض للحرب الأمريكية على العراق..فالمسئول الامريكي المقرب من البيت الأبيض والذي يكتشف القائد مير انه وراء المعلومات المضللة لمواقع اسلحة الدمار الشامل نكتشف أنه ايضا على علاقة بالجنرال محمد الراوي..الذي يمثل القيادات البعثية التي تعاونت مع القوات الأمريكية قبل الغزو على امل اسقاط نظام صدام..ثم تخلت عنها حكومة الاحتلال الامريكية..واعتبرتهم خارجين على القانون ورفضت التعامل معهم بل وقامت بتسريح الجيش العراقي مما ذاد من مساحة الفوضى في العراق..وفي جملة سينمائية بليغة يقول الجنرال الراوي ان الحرب لم تنتهي بدخول القوات الأمريكية لبغداد بل بدأت..وتقترن تلك الجملة بمشهد معركة بين فصائل المقاومة التي تحاول حماية الراوي وبين الطائرات الأمريكية في لقطة معبرة عن اشتعال الوضع في العراق..ولكن اخطر مشاهد الفيلم في رأيي ان يقوم الشاب العراقي فريدي بقتل الجنرال الراوي الذي كان ينوي أن يعلن عن صفقة التعاون بين بعض القيادات البعثية وبين الأمريكان والأعلان عن عدم وجود أي برنامج لاسلحة الدمار الشامل..وهي المعلومة التي وضعت أمريكا في وضع محرج جدا..ولكن مقتل الراوي على يد الشاب العراقي الذي يرفض ان يكون لجنرالات صدام اي وجود في السلطة هو وجهة نظر سياسية خطيرة وخبيثة..خصوصا لو اقترنت بمشهد مهم وهو فشل القوى السياسية في العراق أن تجتمع على موقف سياسي موحد وهو مشهد بليغ وحقيقي يعبر عن الفوضى التي حدثت في العراق بعد الحرب ..ويلقي بأسئلة كثيرة تاركا اجابتها للمشاهد !فماذا يريد ان يقول السيناريو من وراء مقتل الراوي على يد شاب عراقي رافض لعودة حكم البعث؟ وفي نفس الوقت فشل القوى السياسية في العراق على اتخاذ موقف واحد؟ صحيح انه حمل الأمريكان مسؤلية الفوضى التي حدثت في العراق لكنه ترك المشاهد ليخرج من الفيلم إلى صفحات الجرائد وشاشات الاخبار ليتابع الوضع في العراق.. ويحاول أن يجب على بعض الأسئلة التي طرحها عليه الفيلم بذكاء سينمائي مركز

*ناقد سينمائي مصري

موقع الكتابة الجديدة في

23/06/2010

 

«عصافير النيل».. الكلمة مكتوبة بالضوء

ماجدة محيي الدين* 

رحلة جديدة تقطعها الكاميرا في صفحات الأدب لتقدم صورة سينمائية لرواية الأديب إبراهيم أصلان “عصافير النيل”. قد تبتعد الصورة أو تقترب من النص الأدبي لكنها تظل تحمل روحه وتفاصيله التي التقطها المخرج مجدي أحمد علي في فيلمه السينمائي الجديد “عصافير النيل” وهو نفس اسم الرواية. الفيلم بطولة فتحي عبدالوهاب وعبير صبري ودلال عبدالعزيز ومحمود الجندي والوجه الشاب أحمد مجدي (ابن المخرج في أول ظهور له) وعدد من ضيوف الشرف: عزت أبو عوف ولطفي لبيب وألفت إمام.

يتناول الفيلم حياة مجموعة من البسطاء الذين لا تتجاوز طموحاتهم الحد الأدنى من الحياة الآمنة لكنهم يسرقون سعادتهم من اللحظات القليلة التي يمنحها لهم ذلك الزمن القاسي. ومن خلال رؤيته الرومانسية يستعرض المخرج بتعاطف واضح ذلك العالم الثري بتفاصيله وآلامه ليبدو كل منهم بطلا يستحق أن تنسج حكايته في فيلم.

تبدأ الأحداث في أحد المستشفيات الحكومية حيث يلتقي “عبدالرحيم” ـ فتحي عبدالوهاب ـ مع “بسيمة” ـ عبير صبري ـ في ردهات المستشفى بعد أن ضاق كل منهما بزحام عنبر المرضى المتراصين حوله. وبطريقة (الفلاش باك) يسترجعان قصتهما معا من خلال حوار رشيق كتبه اصلان نفسه حيث جاء “عبدالرحيم” من قريته ليقيم مع شقيقته الكبرى “نرجس” ـ دلال عبدالعزيز ـ وزوجها “البهي” الذي يعمل بهيئة البريد، ونجح في الحصول على وظيفة لـ “عبدالرحيم”. ومنذ دخوله الحارة الشعبية تقع عينا “بسيمة” عليه فهي تقطن سطح المنزل الذي يقيم فيه مع شقيقته “نرجس” وزوجها، ويلتفت “عبدالرحيم” الى عصا طويلة في مدخل المنزل ويأخذها لتتحول الى سنارة ويذهب مع أبناء شقيقته للصيد بها. ويحذرونه من أنها طويلة أكثر من اللازم لكنه يرى أن بحر النيل كبير ومختلف عن الترعة في القرية. وبدلا من أن يصطاد سمكة يخرج السنارة المرتفعة من الماء “فتصطاد عصفورا”.. كان “عبدالرحيم” يحلق بالقرب من النيل ويجري وخلفه كل الأطفال حتى يصل الى قسم الشرطة، وهناك يتم احتجازه حتى ينقذه “البهي” زوج شقيقته، وتظل تلك الحادثة مصدر تندر من أهل الحارة وأبناء شقيقته.

وعندما يلتقي مع “بسيمة” لأول مرة يبهره جمالها وأناقتها التي تساير الموضة فهي ترتدي ملابس مختلفة عن بنات الحارة ونسائها كما أنها تضح المكياج على وجهها. وتنشأ بينهما قصة حب ولكن “عبدالرحيم” يسمع من شقيقته “نرجس” كلاما يجعله يتردد؛ فهي امرأة مطلقة وأهل الحي يتعاملون معها على أنها منفلتة. ورغم ذلك يندفع “عبدالرحيم” في علاقته مع “بسيمة” التي أحبها لكنه يشعر بالحرج من سلوكها وتصرفاتها الجريئة، وتشعر “بسيمة” بذلك وتقرر ان تهجر الحارة وتختفي تماما. وينتقل الحديث بين “عبدالرحيم” و”بسيمة” إلى خارج أسوار المستشفى ويجلسان على أحد المقاهي القريبة ويتبادلان الذكريات والضحكات ويؤكد لها “عبدالرحيم” أن الكل افتقدها حتى شقيقته “نرجس” وكل اهل الحارة. ويروي لها بعض ما جرى في حياته وكيف انه تعرض لأزمة صحية ودخل المستشفى وهناك تعرف على “أفكار” الممرضة التي كانت ترعاه واختارتها له شقيقته “نرجس” لتكون عروسه. ورغم أنها على قدر من الجمال ولها خال يعمل بالخليج ويرسل الهدايا والملابس كمساعدة في تجهيزها إلا انها كانت تسخر منه ومن الجلباب الذي يرتديه.

لا ينجح “عبدالرحيم” في القاهرة فيتخذ قرارة بتطليق “أفكار”، ولكنه لا يستطيع السيطرة على رغباته ولا يجد مكانا ينفس فيه عن هذه الرغبات إلا مصعد الهيئة حيث يقضي الليلة مع إحدى الفتيات في المصعد بعد تعلقه في الطابق الأخير.. ولكن لسوء حظه يغلبه النوم هو والفتاة حتى يأتي الناس في الصباح ويكون جزاؤه الايقاف عن العمل. يعود “عبدالرحيم” إلى قريته ولكنه رغم ذلك لا يشعر بالضيق أو الخوف ويقضي وقته في الحقول وأمام الترعة يمارس الصيد. وبعد سنوات ينجح “البهي” شقيق زوجته في إعادته للعمل في وظيفة صراف على شباك المعاشات، ويتعرف على “أشجان” أرملة جميلة وتقترح عليه أن يحضر لها المعاش في المنزل، ويتفقان على الزواج. وبعد فترة ينبهه “البهي” زوج شقيقته إلى أنه لابد أن تبلغ زوجته المصلحة بزواجها خاصة انه الصراف الذي يسلمها المعاش لكن زوجته ترفض ذلك، وتقول علينا اصلاح الخطأ بالطلاق. ويشعر “عبدالرحيم” بطعنة ومرارة فقد حرم من المتعة والطعام الوفير وهكذا يجد بداخله رغبة في الانتقام منها وبعدها يهجرها. وتسعد شقيقته “نرجس” بانفصاله عن تلك الأرملة وتصر والدته على زواجه من إحدى بنات القرية، وينجب “عبدالرحيم” ثلاثة أبناء. وتتكرر لقاءات “عبدالرحيم” و”بسيمة” في ردهة المستشفى ويكتشف إصابتها بالسرطان وتلقيها جرعات الكيماوي الذي ادى إلى تساقط شعرها ويحضر لها باروكة بالاتفاق مع “عبدالله” - أحمد مجدي - لتتزين من جديد.

ويتعرض “البهي” لحادث مؤسف وهو يمارس عمله في توزيع الخطابات وينقل على أثره إلى وظيفة كتابية مما يحرمه من البدلات، ويعجل باحالته للمعاش؛ الأمر الذي أصابه بما يشبه الهوس فصار لا ينام ويكتب الشكاوى للمسؤولين بما في ذلك شكوى الى رئيس الجمهورية. يتوفى “البهي” ويترك رحيله المفاجئ مرارة في نفس كل من حوله حتى “عبدالرحيم” الذي كان يعتبره مثلا وقدوة. اما “نرجس” فتنهار صحتها وترحل بعد أن تشعر بالخوف على ابنها “عبدالله” حتى من شقيقه الذي يهدد بابلاغ الشرطة عنه؛ فهو سبق القبض عليه لمشاركته في صفوف المعارضة. وتمضي الأحداث لنجد “عبدالرحيم” و”بسيمة” يحاولان التغلب على معاناتهما وسوء حالتهما الصحية بانتزاع الضحك وسط المرضى الذين شاركوهم الغناء والمرح، بينما “عبدالله” رمز المعارضة مطارد من قوات الأمن ويحلم بالتغيير.

قدم المخرج مجدي أحمد علي معالجة شديدة الرومانسية للنص الأدبي واسقط عليها بعضا من رؤيته وتعاطفه مع هذه الشريحة المطحونة. ولعب الحوار الرشيق دورا في إضفاء قوة على العديد من المشاهد من خلال جمل تفجر الكوميديا السوداء واحيانا تكشف ابعادا غائبه في الصورة؛ مثل الحوار الشجي بين “نرجس” - دلال عبدالعزيز - وزوجها “البهي” - محمود الجندي - عن خوفها من الظلام، وكذلك رده عندما تقول: نحن نعيش مستورين والحمد لله، فيقول لها: “انت شايفه كده.. طيب”. وحتى عندما يعود ابنها “عبدالله” من المعتقل تحذره من السياسة لكنها تعود فتقول له: “انا عارفة انك سوف تنفذ ما تريده”.

تفوق اداء فتحي عبدالوهاب في شخصية “عبدالرحيم” القروي وهي الشخصية التي منحته جائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي، كذلك عبير صبري قامت بأداء سلس شخصية “بسيمة” بكل تحولاتها. اما دلال عبدالعزيز فقد جسدت واحدا من اجمل ادوارها مع “نرجس” واضاف محمود الجندي لرصيده من الادوار المتميزة بأدائه لشخصية “البهي”، ولقي الوجه الشاب احمد مجدي قبولا وتعاطفا رغم مساحة دوره الصغيرة ، ونجح مدير التصوير رمسيس مرزوق في أن يوظف الإضاءة والظلال لتلعب دورا مباشرا في تأكيد الحالة الدرامية للفيلم، وتناغمت الموسيقى التصويرية لراجح داود مع الأحداث، واتسقت لمسات مهندس الديكور خالد أمين مع الحياة البسيطة التي لا تخلو من مسحة جمال في بعض التفاصيل.

موقع الكتابة الجديدة في

23/06/2010

 

نور عينى .هل ينهى علاقة تامر حسنى ؟

أحمد سعد الدين * 

شخصية السوبر مان القادر على قلب الموازين والذى يستطيع عمل كل شيء لصالحه بصرف النظر عن القوة المقابلة له, هى الشخصية التى اخترعتها السينما الأمريكية منذ سنوات عديدة وحاولت ترسيخ صفاتها عند المشاهد فى العالم الثالث لدرجة أن هناك أجيالا كاملة وضعت نصب عينها هذه الشخصية لتكون مثلاً أعلى فى كل تصرفاتها , هذا ما تذكرته بوضوح أثناء مشاهدة فيلم " نور عيني " بطولة تامر حسنى ومنة شلبى وعمرو يوسف وسعيد عبدالغنى ومن إخراج وائل إحسان , المشكلة الأساسية تكمن فى أن تامر حسنى كمطرب حقق قدرا معقولا من النجاح وله شعبية بين المراهقين حاول أن يتقمص هذه الشخصية السوبر بأن يكتب ويمثل ويغنى ويلعب الكرة بنفس كفاءته فى الغناء لكنه إصطدم بمشكلة أخرى وهى أن لكل ملعب قانونه الخاص ومهاراته التى تتماشى مع أصول اللعبة فليس معنى أن ينجح شخص ما فى الغناء أن يكون بالضرورة ممثلا جيدا ونفس الشيء لو حقق نسبة من النجاح فى فيلم أن يصدق نفسه ويكتب قصص أفلامه ويأتى بسيناريست مخصوص ليكتب له سيناريو تفصيلا فيظهر العمل مهلهلاً غير واضح المعالم فيصيب المتفرج بحالة من التوهان لكثرة المط فى بعض المشاهد والتطرق لشخصيات جانبية ليس لها تأثير على الأحداث ,

فالفيلم تبدأ أحداثه بالصديقين " أحمد " تامر حسنى و " طارق " عمرو يوسف وهما يلعبان الكرة فى الشارع ثم يكبران ويفترقان حيث يسافر طارق للخارج لتكملة دراسته العليا بعد اغتصاب حقه فى التعيين الجامعى لصالح أبن أحد الأساتذة, أما الثانى وهو أحمد أو تامر حسنى فهو بيت القصيد الذى تعمل كل العناصر الأخرى فى خدمته حيث يعمل مغنى فى فرقه تعمل فى أحد الفنادق ويحاول تحسين دخله فيلجأ لأستاذه د.سمير المصري " سعيد عبدالغني" قائد الفرقة الموسيقية الشهيرة الذى يختار له إسم " نور المصرى" ويعرفه بــ "سارة" أو منة شلبى الفتاة الفاقدة للبصر جراء حادث سيارة لم يوضحه السيناريو وتقوم بعمل الألحان للمسرحية الغنائية التى ستقوم الفرقة بعرضها فى بعض الدول العربية , والسيناريو أيضاً لم يتطرق من قريب أو بعيد لعمل هذه الفرقة وماذا تقدم وهل هى فرقة مسرحية غنائية أم فرقة فنون شعبية لا أحد يدرى, وبالطبع لابد أن يكون تعارف "منة وتامر" فى مشهد يظهر قدرة البطل فى الدفاع عن البطلة بالقوة الجسمانية بشكل إستعراضى ثم يحدث التعارف والتقارب بينهما بعد ذلك , فى نفس الوقت يعيش بطل الفيلم الذى هو من طبقة متوسطة حسب ما فهمنا من بداية الفيلم , داخل بيت كبير مع شقيقه " إسلام " المدمن للمخدرات والذى لا يفيق منها ابداً ويأتى بأحد أصدقائه ليشاركه الإدمان فى وجود الشغالة التى تتسم تصرفاتها بالعبط ومع ذلك لا يقترب منها الأخ المدمن أو صديقه فى حاله غير منطقية تماماً على تصرفات المدمنين , المهم أن العلاقة بين البطل والبطلة تتوطد ويسافران مع الفرقة إلى بيروت وقد ظننت مثل العشرة أشخاص الجالسين متفرقين فى صالة العرض بجوارى أن سبب السفر هو عرض المسرحية هناك لكن واضح أنى كنت متفائلا فالإجابة جاءت مختلفة تماماً حيث إن كل ما عرض عبارة عن فيديو كليب لأغنية يغنيها " نور " لـ "سارة " بين المناظر الطبيعية الخلابه فى لبنان وفى نهاية الرحلة تستمع " سارة " من خلف الأبواب لكلمات "نور" وهو يتحدث عن فتاة أخرى لا يطيقها وإنما يعطف عليها فتظن أنه يتحدث عنها فتغضب وتسافر إلى أوروبا وتصمم على إجراء عملية لإعادة البصر فى نفس الوقت الذى يتعاطى " إسلام " شقيق نور جرعة زائدة من المخدرات يموت على آثارها فى أحد المستشفيات لحظة وصول شقيقه , وهنا فقط يتذكر السيناريست أن الخط الدرامى للقصة هو الصراع بين الصديقين على قلب الفتاه لذلك وجدنا أن الصدفة دفعت بالفتاة الكفيفة إلى العلاج فى المستشفى الذى يعمل بها طارق ويكون صاحب فضل فى عودة البصر لها ثم يخطبها ويعود الاثنان معاً إلى القاهرة لملاقاة صديق الطفولة الذى هو "نور " فيحدث صراع بينهم ينتهى بتنازل طارق لصديقه عن حبيبته بعدما دافع عنه ضد ابن الأستاذ الجامعى الذى حاول قتله فى مشهد أقرب إلى أعمال قصص الأطفال , إلى هنا إنتهت أحداث الفيلم غير المنطقية والتى تعانى من عدم الترابط بين شخصيات قريبة وبعيده عن بعضها فى نفس الوقت, وبدأت أسئلة كثيرة تدور برأسى وأنا خارج من صالة العرض وهى هل لو حذفت نصف مشاهد الفيلم من الممكن أن يحدث أى خلل بالسيناريو ؟! بالتأكيد لا , ما سر وجود عبير صبرى ومنه فضالى ؟ ما الداعى لوجود إسلام شقيق تامر المدمن وصديقه ضمن الأحداث ولو تم حذف مشاهدهم بالكامل لكان أفضل أما مروة عبدالمنعم فأعتقد أن وجودها حتماً جاء من باب التفاؤل فقط لا غير أما النتيجه فيتحملها المخرج وائل إحسان الذى لم يستطع ضبط إيقاع ممثليه والتقاعس عن مونتاج بعض المشاهد واهتمامه بإرضاء بطل الفيلم بصرف النظر عن المعايير السينمائية للعمل وأعتقد أن هذه نقطة فارقة فى مشوار "وائل" الذى لم يقدم أى جديد منذ فترة طويلة وعليه أن يعيد حساباته وألا يقبل أعمالا بلا مضمون , أما " منه شلبى " فلم يضيف الدور لها شيئاً وبالتالى لم تضيف هى للدور أى جديد فقد حاولت الإمساك بمفاتيح شخصية الفتاة الكفيفة لكنها لم تستطع الاستمرار على نفس الوتيرة فوجدنا أداء متميز فى بعض المشاهد ودون المستوى فى مشاهد أخرى ,أما تامر حسنى الذى يصر على الكتابة فلم يقدم أى جديد على مستوى الأداء سواء كان تعبيراً أم صامتاً ,اعتمد فقط على نجوميته وقدم نفس الشخصية التى ظهر بها فى أفلامه السابقة فقط زاد عليها محاولة رمى الإفيهات المفترض أنها كوميدية والبصق على زملائه فى مشاهد مبتذلة كان من الأفضل حذفها بدلاً من حالة الاستظراف التى حاول أن يظهر بها , لذلك عليه أن يبحث من الآن عن سيناريو جديد لأحد الكبار فى هذا المجال يتناسب مع إمكاناته كمطرب يدخل مجال السينما وفق قواعد وأصول العمل السينمائي ........وليس من منظور النجومية إن كان يريد الاستمرار وإلا عليه الإكتفاء بالغناء فقط والتركيز فيه مثلما فعل مطربون كبار خاضوا تجارب سينمائية قليلة لم يكتب لها النجاح .

*ناقد سينماي مصري

موقع الكتابة الجديدة في

23/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)