حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ما الذي منحناه للآخرين حتى نستحق الحياة؟!

ترنيمة عيد الميلاد

طارق الشناوي

يشاهد العالم الآن فيلم «Christmas Carol» الذي يعرض تجاريا تحت اسم «أغاني الكريسماس» والترجمة الحرفية «ترنيمة الكريسماس» وهي الأقرب لإحساسه، وهذا الفيلم مصور لكي يجد طريقه إلى قاعات تسمح بتقنية 3D، الأبعاد الثلاثة، وهذا يتطلب إعدادا مغايرا لأجهزة العرض والشاشات وأيضا نظارة قادرة على تحقيق الإيحاء بالعمق.. وهو ما توفر بالفعل مؤخرا في مصر وذلك لأول مرة، حيث إن كل أفلام الأبعاد الثلاثة قبل ذلك كان يتم تقديمها بنسخ ثنائية تضيع معها معالم هذه التقنية ودون استخدام هذا النوع من النظارات لا يمكن الاستمتاع بالفيلم مجسما. التجربة انتقلت مؤخرا إلى القاهرة على استحياء ومن خلال عدد محدود جدا من دور العرض لم تتجاوز الخمسة ولكن من المنتظر أن يتم التوسع في استخدام واستقطاب الأفلام. وفي عدد من دول الخليج العربي ولبنان صارت هذه الأفلام تعرض بانتظام ولم يؤد ارتفاع سعر التذكرة عن المعتاد إلى عزوف الجمهور. وحتى في مصر يقترب سعر النظارة من دولارين والتذكرة حوالي ستة دولارات وهو رقم كبير بالنسبة للأسرة في مصر ورغم ذلك فقد استطاع الفيلم أن يحقق إيرادات تشجع شركة التوزيع على تكرار التجربة. الفيلم مأخوذ عن رواية لتشارلز ديكنز كتبها عام 1843 تتناول حياة رجل عجوز في ليلة رأس السنة تلك الليلة التي تحيل العالم كله إلى فرح جماعي ولكنه يحمل في أعماقه الإحساس بأن رصيد حياته قد خصم منه عام كامل. بطل الفيلم ايبنزر سكروغ أدى دوره «جيم كاري» صارت حياته فقط هي ذاته التي ينغلق عليها ولا يسمح ليس فقط للآخرين باقتحامها ولكن ليس في حياته سوى ذاته وأمواله التي صارت كتابا مغلقا لا يسمح لأحد حتى بأن يتصفحها ولو من بعيد. إنه لا يتعاطف مع أي حدث أو إنسان.. يأتي إليه ابن أخته للاحتفال بالعيد ولكنه لا يتجاوب معه يعتقد أنه قد جاء ليأخذ منه أمواله.. في تلك اللحظة يظهر شبح صديقه العجوز المتوفى والذي كان أيضا شريكا له ومثله متبلد الإحساس والمشاعر لا يعنيه سوى نفسه لكنه بعد رحيله اكتشف ما يجري في العالم وأن الإنسان يحيا بالآخرين وليس فقط من أجلهم ويعيش سكروغ لحظة يشعر فيها وكأنه قد مات ولهذا يغوص في الأزمنة البعيدة والقريبة ويرى ما هو انعكاس غيابه على الآخرين كيف أنه يتمتع بقدر كبير من الكراهية، حتى أقرب الناس إليه لا يتواصل معهم. في علاقته بالزمن الماضي والحاضر والمستقبل يبدو وكأنه يرتدي طاقية الإخفاء فهم لا يرونه ولكنه يراهم ويتابعهم بل ويرقص أحيانا معهم في مكاشفة للزمن الماضي.. مثلا نراه في حجرة الفصل بالمدرسة الداخلية ليلة إجازة الكريسماس عندما كان طفلا نعرف أن أباه قد رفض أن يصطحبه خارج المدرسة، كان هو الطالب الوحيد الذي لم يغادر موقعه في ليلة العيد. ويعود الزمن مرة أخرى لنرى شقيقته الصغرى وهي تأتي له مؤكدة أن والده قد سامحه ويريده أن يعود معها للبيت. وهكذا فإنه يشعر إلى أي مدى كان قاسيا على ابن أخته المعطاءة الحنون. حالة الشفافية التي عاشها البطل منحته فرصة لكي يراجع كل مواقفه في الحياة والناس. مثلا الخدم كيف يرونه.. يكتشف كم يكرهونه ويتعجلون موته، وحتى الكفن يضنون به عليه، لا يشعرون أن حياته تساوي لديهم أي شيء. من المشاهد التي قدمت بحرفية عالية مشهد سكروغ وهو يطل على الشارع والناس وكأنه شبح إنسان أو ذكرى إنسان كما قال نزار قباني «.. أن الإنسان بلا حب ذكرى إنسان».. هذه الرحلة تبدو أقرب إلى إعادة صياغته كإنسان. نعم يبدو البشر كلما تقدمت بهم السنوات وكأنهم قد أصبحوا مبرمجين غير قابلين للتشكيل ولكننا لسنا بصدد إعادة تشكيل بقدر ما هي إعادة تأهيل ولهذا فإن العودة للطفولة أحد الأوراق التي تتيح له كل ذلك هو أيضا يعود لأداء دوره في كل مراحل حياته شابا ورجلا وعجوزا حتى وهو طفل فإننا نستمع إلى صوته لأداء دور ايبنزر سكروغ طفلا ولقد برع جيم كاري في التنقل الشكلي والنفسي بين كل هذه المراحل. إنه لم يرتكب معاصي في حياته بالمعنى المباشر فلم يقتل ولم يسرق لكنه فقط لم يمنح الناس بجواره ما يستحقونه من اهتمام لم يتفاعل مع الحياة.. إنه يذكرني برواية لتوفيق الحكيم ـ لعله لا شعوريا تأثر بتشارلز ديكنز ـ وهي «طريد الفردوس» التي تروي حكاية رجل متدين لا يسرق ولا يكذب ويؤدي واجباته الدينية لكنه بعد رحيله يرفض حارس الجنة دخوله لأنه لم يقدم في حياته ما يستحق ذلك. كما أن حارس النار يرفض أيضا السماح له بالدخول فهو لم يقدم على شيء من الكبائر ولهذا يعود للأرض مرة أخرى لإعادة الاختيار ويكتشف أن عليه أن يصبح إيجابيا في التعامل مع مفردات الحياة. تبدو رحلة البطل العجوز ايبنزر سكروغ وكأنها عودة مرة أخرى للأرض بعد أن تخلص من سلبيته وأنانيته ولهذا نراه وهو يذهب إلى ابن أخته ومعه ديك عيد الميلاد ويمنح النقود إلى الناس ثم نراه وهو يمسك بمؤخرة العربة تاركا قدميه على جليد الشارع مستمتعا بالشارع، فهو عجوز لكنه من الداخل عاد طفلا مرة أخرى يبحث عن السعادة في داخله لكي يمنحها هو بدوره للآخرين بعد أن تطهر من كل أدرانه النفسية السابقة. الأداء يحتاج إلى قدر من المرونة الحركية، وهكذا كان المخرج روبرت زيمكس موفقا بإسناد دور البطولة إلى جيم كاري لأنه يملك القدرة الحركية التي تتيح له التصلب في لحظات والمرونة في أخرى. حالة الفيلم تصنع نوعا من التوحد بين المتفرج والشاشة.. عندما يتساقط الثلج فأنت تراه ثلجا عندما يرمي أحد البطل بالماء فأنت تشعر مثله بقطرات الماء تنهال على رأسك. إن هذا النوع من الأفلام المجسمة يحقق متعة استثنائية وهو بالطبع حالة مصنوعة بشاشة ونظارة وقبل ذلك بتقنية التصوير التي تمنح المنظور هذا التجسيد ورغم ذلك فإن السينما المجسمة والتي بدأت تطرق الأبواب قبل نحو 40 عاما كانت وستظل نوعا يتوازى مع السينما التقليدية بتقنيتها المعروفة السائدة ذات البعدين؛ فقط الطول والعرض بلا عمق، أما أفلام 3D فإنها ليست مثلا مثل الألوان للسينما التي عندما دخلت إلى السينما انتشرت وسادت الحياة السينمائية وصار الفيلم المصور بالأبيض والأسود هو الاستثناء بل والنادر.. الأفلام المجسمة مكلفة بالطبع ولكن ليس هذا هو الذي يحول دون أن يسيطر هذا النوع في العالم كله ولكن لأنها تنجح فقط من خلال عمل فني يحتاج إلى قدر أعلى من الجنوح في الخيال ولهذا مثلا عرض مهرجان «كان» في افتتاح دورته الأخيرة في شهر مايو (أيار) الماضي فيلم «UP» (أعلى) ليؤكد ربما على هذا النوع.. كان فيلم رسوم متحركة إلا أن تقنية الأبعاد الثلاثة كانت هي التي استحوذت على الاهتمام وكأنه يأخذ توقيعا رسميا بهذا، وهذا أيضا ما تكرر في ختام مهرجان «دبي» السينمائي هذه الدورة حيث يعرض «أفاتار» آخر أفلام المخرج جيمس كاميرون.

الفيلم بقدر ما هو مبهر على مستوى التقنية فإن ارتكازه على قيمة فكرية منحه زخما إبداعيا حيث إنه يدعو كلا منا لكي يعيد مرة أخرى السؤال على نفسه ما الذي قدمته أنا أيضا للآخرين وأستحق عليه الحياة؟ لا شك أن داخل كل منا شيئا ما من ايبنزر سكروغ!

الشرق الأوسط في

11/06/2010

 

جورج كلوني في نادي الفائزين

أرني المال.. أفلام تظهر الوجه السيئ للرأسمالية

نيويورك: إيه. أو. سكوت*  

ربما تقابل ريان بينغهام، الملاح القديم الذي قابل على مدار الأعوام (على الأقل في رواية ولتر كيرن التي بدأ فيها) تقريبا كل شخص ركب الطائرة على مقعد رجال الأعمال في هذه البلاد. ويمثل ريان الوجه الحسن للرأسمالية: الفاعلية والتفاؤل والثقة دون الغطرسة المبالغ فيها. إنه فائز، وهو ينتمي إلى نادي الفائزين الذي يمكن أن ينضم إليه أي شخص لديه عزيمة كافية وحظ جيد. وقد قابلت بعضا من أعضاء النادي الآخرين. وعندما تقابل ريان الجديد (جسّده جورج كلوني في فيلم «عاليا في الهواء» للمخرج جاسون ريتمان) وقد أبيض شعره، قد تجد نفسك تتساءل: هل يعرف فيلم «جيري ماغوير»؟

هل تذكر جيري ماغوير؟ وأنا لا أعني العبارات الجذابة التي تبقى في الذكرى ـ مثل: «لقد أسرتني عندما قلت مرحبا»، و«أنت تجعلني كاملا»، و«أرني المال» ـ على الرغم من أن هناك ما يقال عن فيلم يتناول العمل التجاري ويبلور أفكاره بصورة عفوية في حكم وأقوال مأثورة. ولكني أفكر في الرجل نفسه الذي جُسّد بكفاءة في فيلم توم كروز. وفي عام 1996 كان جيري شخصا مناسب جدا لوقته: ما بعد الحرب الباردة وما قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). وكان أيضا تجسيدا للنموذج الأميركي المعرض للمخاطر.

ولكنه ليس الرجل العصامي الأسطوري، مع أن جيري نشأ من وسط الركام الاجتماعي الاقتصادي، ولكنه رجل مشارك في عملية تغيير وإعادة تشكيل نفسه. وفي الفيلم الذي أخرجه كاميرون كرو نجد أن السمات الحرفية والشخصية والرومانسية لحياة جيري تتفكك وتتجمع معا مرة أخرى بالمصادفة، وفي بعض الأحيان عن عمد، وهو ما يتركه في المكان الذي بدأ.

وما يجعل «جيري ماغوير» مستحوذا على الفكر ومملوءا بالمفاجئات حتى في المشاهدات المتكررة هو الإيقاع الغريب الموجز للفوز والخسارة الذي يضفي قوة على قصة جيري. يفضل أن يأخذ إذلاله كسبب في إثبات الذات، ويقرر أن يبدأ شركته الخاصة بعميل واحد فقط (كوبا غودينغ الذي لعب دور رود تيدويل)، وموظفة واحدة فقط (هي رينيه زيلويغر التي لعبت دور دوروثي بويد، والتي تصبح بعد ذلك زوجة له). وهكذا، وقبل أن يصل الفيلم إلى منتصفه يكون لديه كل شي، ولكن بالطبع لديه كل شيء خطأ. ولا تتناسب الزخارف الخارجية مع ظروفه الداخلية، ولذا فإن عليه أن يخضع لإعادة ترتيب كي يصبح صديقا أفضل وزوجا أفضل وعميلا أفضل ورجلا أفضل.

هو رجل نموذجي. يعتقد جيري أنه من الممكن للهويات والقيم المتناقضة بصورة واضحة أن تكون منسجمة بصورة تامة. اللباقة والثروة والحب والشهرة، هذه ليست متناقضة ولكنها تعبيرات يقوي بعضها بعضا لما يعرف باسم السعادة، ونحن بصورة غريزية نسعى من أجلها.

وإذا كان طموح جيري في فترة لاحقة يقوض من قدرته على المحافظة على علاقته بزوجته وأفضل صديق له، فإن ذلك ليس بسبب عدم التوافق المعروف بين الحب والعمل. ولكن كان ذلك بسبب أنه لم يتعلم كيف يوفق بين هذه الأشياء.

الطريقة التي يتعلمها هي من خلال التنوع، وهي عادة تجعله نموذجا حيا لفلسفة الإدارة ومبدأ السقوط السعيد، الذي عن طريقه ينظر إلى الخطيئة على أنها شيء ذو فائدة لأنها تجعل من الإصلاح شيئا ممكنا. ويعد «جيري ماغوير» قصة نجاح تشكلت عبر فصول من الفشل، وهو يعمل كتعويذة وقبس من سحر قديم جدا. وبالتأكيد يمثل جيري نموذجا بالغا من جورج بايلي من فيلم «حياة رائعة» الذي عليه أن يفشل ويتعثر مرات عدة وهو في طريقه إلى المجد. ويتنازعه الحب والعمل والواجب المدني والمسؤوليات العائلية والطموح الشخصي في كل اتجاه قبل أن يلملم شتات نفسه في الشخص الذي أراد دوما أن يكون زوجا ومواطنا صالحا وأبا ورجل أعمال ناجحا. وتجعل الخسائر المتكررة، التي يمنى بها جورج، للانتصار طعما أحسن مذاقا.

ويعد تحويل الانتكاسات إلى فرص لتحقيق النجاح جزءا من الأفكار التي يدعو إليها ريان بينغهام في فيلم «عاليا في الهواء»، ولكنه يكون هنا دواء لا قيمة له بدلا من أن يكون علاجا ناجعا. ويعد ذلك اختلافا جزئيا في المهمة: وظيفة جيري هي أن يحسن وظائف الآخرين، ولكن ريان ينهي هذه الوظائف. إنه ملاك ذو صوت ناعم للموت المحترف استعملته شركة استشارات تستخدمها الشركات كي تقوم بالعمل القذر المرتبط بتقليل عدد العاملين. وفي هذه فإنه شبيه جدا بجيري ماغوير أو جورج بايلي، رجل زمانه.

ويعتمد الحلم الأميركي نهاية القرن على توسع يشبه عجين الخبز (أو قد يشبه فقاعة صابون)، وعلى المبدأ السعيد للمنفعة التبادلية. وكلما كان أداء رود أفضل تمكن جيري من جعله أكثر ثراء، وهو ما يجعل جيري أكثر نجاحا وحرا في تركيز قواه على الأشياء غير المادية التي لها قيمة. ولكن يعيش ريان في فيلم «عاليا في الهواء» داخل أرض تهدف إلى التقليص وتطبيق محاسبة القيم الصفرية. وهذه الأشياء الأسوأ لعملائه، أو ضحاياه على الحقيقة، هي الطريقة الأفضل بالنسبة لرؤسائه.

وفي رواية كيرن نجد أن هذا الاقتصاد مجرد بصورة ما، وعمليات التسريح التي يخطط لها ريان إشارات أخرى على التغير في العالم المالي وليست أعراضا على انهيار محتمل. وهذا لأن ريان بينغهام الأدبي عبارة عن صورة حديثة لجيري ماغوير. (بالمناسبة جورج كلوني أكبر من توم كروز بعام واحد فقط).

نشرت رواية «عاليا في الهواء» في عام 2001، وهي عبارة عن تعبير نصف هزلي متأخر لأسباب الضيق خلال أعوام الازدهار الاقتصادي، وهي ملاحظات هزلية تميل إلى نتيجة عشوائية تخلص منها ريتمان بذكاء. وتدفع الرواية نفسها إلى نتيجة مبالغ فيها بسبب منطق السرد، وربما بسبب منطق التاريخ، الذي يبدو أنه يقتضي فاجعة.

ويشير فيلم «عاليا في الهواء»، الذي يعتمد على نفس صالات الرحيل وفنادق المطارات كما هو الحال مع الرواية، وهي منطقة يعرفها «جيري ماغوير»، مع أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك تقنية «واي فاي» ولا وزارة أمن داخلي، إلى أننا لا نعرف حتى الآن ما أصابنا. والأثر الراديكالي اللطيف للفيلم يتمثل في الطريقة التي يتعامل بها مع أفكار العزلة وإقصاء الذات بطريقة معروفة مريحة، وبعد ذلك يدمر هذا الإحساس بالراحة.

نفترض أن قصة ريان بينغهام هي قصة رجل يكتشف الأخطاء التي تشوب سعادته ويسعى إلى تصحيحها حتى يصبح نموذجا أفضل من الشخص الذي هو عليه بالفعل. ونعرف، قبل أن يفعل، أن حريته مرتبطة بالوحدة، وأنه سوف يكتشف دافعا للاستقرار مختبئا تحت حركته الدائمة. وهناك سوف تظهر بعض المشكلات، ولكن عندما تتفاعل قوى العائلة والالتزام يكون هناك الهبوط السلس. وفي نفس الوقت فإن جاذبية ريان الضرورية تكشف عن نفسها عن طريق علاقته، التي تكون ذات مرة تنافسية وفي مرة أخرى محافظة، مع زميلة شابة تمثل طريقة جديدة مريعة للعمل التجاري. وهذه الشخصية التي لعبتها آن كيندريك بصورة رائعة هي لشخص قد نعرفه، إنها نموذج للعامل البارع قليل الخبرة الذي جسده توفر غراس في فيلم كريس وبول ويتز المحبب، والذي لا يوجد ما يضاهيه «في شركة جيدة»، وهو فيلم أساسي في الأفلام التي تتناول العمل التجاري في أميركا. يكون مع هذا الولد الكثير من الأفكار الجديدة البراقة التي يزدريها الأقدم (دينيس كوآيد في فيلم «شركة») وبصورة جزئية لأنه يظهر تهديدا له. وفي النهاية يتعلم كل منهما شيئا وتتجدد دماء الحياة للرأسمالية مع كمية قليلة من الدماء التي تسقط.

ولا يعتمد فيلم «عاليا في الهواء» على هذه القصة أو نموذج السعادة التامة التي يمثلها «جيري ماغوير»، ولكن يشير العنوان إلى نوع من الانزعاج الذي يتزايد في النهاية ويصبح شيئا أكبر. ليس إيحاء بوجود كارثة ولكنه نوع من القلق يتسبب في مشكلات أكبر لأنه أقل أهمية. وعندما يقدم ريان مباعث الراحة الزائفة للأشخاص الذين يسرّحهم، قائلا لهم إنهم إذا ظلوا ملتزمين بمشروع بناء الذات والتطلع إلى مستقبل أفضل فإن كل شيء سوف يكون له ثمرة، فإنه يشك في كلامه الطنان مثل أي رجل مبيعات. وكذا نفعل، حتى لو كنا نعرف على نحو أفضل.

وعند مشاهدته لا يسعك إلا أن تعتقد أن ريان سوف يفوز في النهاية، وأنه سوف يحصل على السعادة الفردية التي أرجأها وطالما سعى إليها في حياته بالكامل. وبالتأكيد فإنه إذا كان شخص يمكنه الحصول على هذه السعادة فإنه هذا الشخص. أسرع، إنه جورج كلوني! ولكن ماذا إذا لم يستطع؟ وماذا عن الباقي منا؟ تماسك واستعد للهبوط الشديد! تذكر هذه الأغنية من «جيري ماغوير»، كانت تسمى «الهبوط الحر».

* خدمة «نيويورك تايمز».

الشرق الأوسط في

11/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)