حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المكان والسينما : نماذج أفلام صورت في الأردن

عدنان مدانات

السينما عموما فن زماني / مكاني، ويتبع هذا أن الزمان والمكان في السينما يرتبطان بأواصر علاقة متينة ومتبادلة ينتج عنها في نهاية المطاف مادة بصرية تصبح بحد ذاتها وثيقة مرئية، وهذا، من بين أمور أخرى، ما يميز إعادة إنتاج المكان والزمان في السينما عن باقي الفنون التي تنتمي إلى ذات الفئة الزمنية/ المكانية، المسرح مثلا، حيث المكان افتراضي وليس واقعيا، وجوده مرهون بزمن عرض المسرحية، وبعدها يختفي ولا يتحول فيصبح وثيقة يمكن الرجوع إليها، كما هو الحال في السينما التي من أهم خواصها أنها تعيد إنتاج الواقع عن طريق عكسه مباشرة ومن ثم تسجيله وتثبيته على شريط الفيلم ليكتسب بعد ذلك وجودا مستقلا.

ثمة ناحية إضافية ذات أهمية خاصة ترتبط بإعادة إنتاج المكان في السينما وهي أن طريقة أو أسلوبية إعادة الإنتاج لا تعكس فقط رؤية فنية إبداعية للمكان من قبل المخرج أو المصور، ولا تعكس فقط وظيفة ما، وظيفة سياحية أو تعبيرية مثلا، بل تعكس أيضا في حالات كثيرة موقفا فكريا من المحيط الجغرافي للمكان ومن الواقع نفسه، موقفا يتجلى سواء عن طريق الخيارات التي تحدد وتقرر ما يجب تصويره من عناصر المكان وكيفية تصويره أو عن طريق ربط المادة المصورة بموضوع يجيّر المكان لصالحه وبمضمون يجعل المكان خادما لفكرة مسبقة.

تنطبق هاتان الملاحظتان خاصة على النوعين الأساسيين من أنواع الأفلام السينمائية، أي الأفلام الوثائقية( التسجيلية) والأفلام الروائية، وتشكل الملاحظتان مدخلا مناسبا لمعالجة موضوع المكان في السينما، وبالنظر إلى أن الحديث سيخص المكان الأردني والسينما تحديدا، ولغايات التوضيح والحصر سنكتفي هنا بتناول الموضوع من خلال أبرز نماذج الأفلام الروائية الطويلة حصرا والتي صورت في الأردن، الأفلام الأردنية والأفلام الأجنبية.

المكان الأردني في السينما الأردنية

  ثمة مجالات متعددة للتعامل مع المكان في السينما، على أنواعها: أفلام سياحية دعائية، أفلام وثائقية، أفلام علمية، وأخيرا أفلام روائية طويلة و قصيرة. بعكس الأفلام السياحية أو الوثائقية، ذات الوظيفة المحددة، تتميز الأفلام الروائية من هذه الناحية، بأنها تعطي للمكان شخصية ذات هوية خاصة ترتبط بالتاريخ والحاضر وتتكشف عن أبعاد وقيم روحية وجمالية وثقافية. هذا مثلا ما نلاحظه عند التأمل في السينما الفرنسية التي جعلت من شوارع باريس وساحاتها القديمة مادة للتعبير عن الثقافة والإرث الحضاري الفني الفرنسي، الملاحظة ذاتها تنطبق على السينما الإيطالية التي خلدت شوارع و ساحات روما ونافوراتها وكرستها كرمز من رموز الحضارة الإيطالية. نلاحظ مثل هذا الإنجاز أيضا في السينما المصرية التي نجحت في إبراز جماليات وثقافة الأحياء الشعبية القديمة ووثقت وثبتت صورتها في الأذهان( إضافة إلى أفلام حسن الإمام وصلاح ابو سيف تحديدا، تلفت النظر بهذا الخصوص أفلام المخرج المصري الباكستاني الأصل محمد خان بتميزها وبراعتها في تصوير أحياء وشوارع القاهرة وجعلها من عناصر بنية أفلامه الرئيسية).

تحتاج السينما الروائية إلى خبرة تراكمية كي تتمكن من بناء علاقة خاصة مع المكان الوطني، فلا يكفي فيلم واحد أو حتى مجموعة أفلام جرى إنتاجها خلال فترات زمنية متباعدة لتكريس صورة المكان وكشف جمالياته وقيمه. تفتقد السينما الأردنية، أو بتعبير أدق، الأفلام الأردنية التي أنتجت خلال نحو نصف قرن من عمرها والتي لا يتعدى مجموعها رقم العشرة أفلام روائية طويلة، مثل هذه الخبرة التراكمية التي تسمح لها بالتعبير عن المكان وهويته، خاصة وان من قاموا بتحقيق ما توفر من أفلام أردنية روائية طويلة لم يضعوا مثل هذه المهمة في بالهم، ولم يمتلكوا رؤية فنية تجاه الأماكن التي صوروها حاولوا التعبير عنها. بالرغم من ذلك ثمة ما يقال حول المكان في الأفلام الأردنية :

أول الأفلام السينمائية التي جرى تصويرها في الأردن كان بعنوان" صراع في جرش" إخراج واصف الشيخ ياسين، وهو فيلم روائي طويل أنتجه مواطنون أردنيون يحكي قصة ملاحقة ضابط شرطة لعصابة تسرق وتبيع الآثار. جرى إنتاج الفيلم في العام 1957 وتم عرضه في صالة سينما الفيومي في جبل اللويبدة ثم في صالة أخرى في إربد لبضعة أيام، بعد ذلك اختفى الفيلم ولم يعد له أثر إلا في ذاكرة بعض من شاهدوه في حينه، وأكثر ما حفظته الذاكرة عن الفيلم انه كان فيلما بدائيا في صنعته وساذجا في موضوعه وقصته.

بعد نحو نصف قرن من اختفاء الفيلم تم العثور على النسخة الأصلية منه و بالتالي صار من الممكن مشاهدة الفيلم، أو بتعبير أدق:" إعادة اكتشافه" ومن ثم إعادة الاعتبار له من حيث كونه وثيقة مرئية باتت تسمح لنا الآن بالتعرف على المكان الأردني في زمن مضى وما طرأ عليه من تغيرات وتطور، مثلا، آثار "جرش" كانت مجرد أطلال مهملة وصارت الآن معلما سياحيا حضاريا، كذلك البحر الميت : كان فضاء فارغا إلا من رمال جرداء وماء فصار الآن ينبض بالحياة والعمران، لكن، ليس هذا فقط ما يشكل أهمية هذه " الوثيقة السينمائية".

 

تتألف النسخة التي تم العثور عليها من قسمين، القسم الأول عبارة عن مقدمة دعائية آانت تعرض في صالات السينما قبيل العرض الرسمي للفيلم آإعلان عنه، فيها مقاطع من الفيلم تتضمن بعض أبرز أحداثه ومنها زيارة بطل الفيلم للأماآن المقدسة في القدس وبيت لحم بصحبة سائحة أجنبية، وآانت المشاهد تعرض مرفقة بتعليق، تعليق لا علاقة له بسياق الفيلم الحكائي، بل تحديدا له علاقة بمضمون المكان من حيث هو قيمة دينية ووطنية حضارية.

٢

يهدف التعليق على المكان في المقدمة الدعائية لفيلم" صراع في جرش" إلى إيصال شحنة عاطفية لنفوس المشاهدين. لا نعرف الآن إن آان التعليق نجح في تحقيق ذلك الهدف في حينه أم لا، أما في الزمن الحاضر وبعد أن أصبحت فيه بعض هذه الأماآن تحت الاحتلال، فإن المكان في تشكله القديم، بلا شك، يتحول إلى ذاآرة حية و يصبح وثيقة مشبعة بالعاطفة.

تنطبق هذه الملاحظة أيضا على الفيلم بمجمله خاصة وانه يقودنا في جولة عبر أرجاء مختلفة من الوطن تستدعي حالة من الحنين عند من عرفها في صباه، أو حالة من الدهشة عند من لم يعرفها.

طلهذا ما نعايشه أيضا في الفيلم السينمائي الأردني الروائي ا ويل الثاني" وطني حبيبي" ، إخراج عبد الله آعوش، الذي جرى تصويره بعد "صراع في جرش" بخمسة أعوام ١٩٦٢ والذي يحكي عن تصدي الجيش الأردني لاعتداء العدو الإسرائيلي على قرية أردنية ويروي حكاية ضابط فقد قدمه أثناء المعرآة.

ىقلا مليف "يبيبح وطني "، الذي يعاني من نقاط ضعف الفيلم الأول من ناحية الصنعة وسذاجة سرد الحكاية، نفس مصير الفيلم السابق عليه، حيث أنه أيضا فقد وتم العثور عليه مجددا بعد سبعة وخمسين عاما، لنكتشف بعد مشاهدته انه لا يستعيد فقط وقائع حادثة من التاريخ المعاصر ذات بعد وطني سياسي، بل هو بمثابة وثيقة بصرية حية عن مدينة عمان في مرحلة متطورة من تشكلها، حيث أن الأماآن التي جرى تصويرها في الفيلم لا تشاهد الآن باعتبارها مجرد أماآن جرت فيها الأحداث ذات المضمون الوطني المؤثر، بل أماآن تستعيد ذآرى مزيج مرحلة من تاريخ الوطن وتاريخ العاصمة عمان: مطار مارآا القديم، المستشفى العسكري في مارآا، شارع السلط حيث يوجد مبنى المحكمة الذي لا يزال قائما، أولى الأحياء السكنية الحديثة التي شكلت بداية عمران عمان الغربية.

مليف يف "ينوط حبيبي" ينسجم المضمون مع الشكل: مطار مارآا هو المطار الذي يصل إليه في بداية الفيلم شقيق الضابط وقد عاد من أوروبا وأصبح طبيبا متشوقا لخدمة وطنه، والمستشفى العسكري هو المكان الذي سيجري فيه إنقاذ الضابط المصاب، و شارع السلط هو الطريق الذي تسير فيه وعلى امتداده وتستكشفه السيارة التي تقل الطبيب الشاب العائد إلى الوطن والتي تتجه متمهلة نحو الحي الحديث.

مساق ةمثيمليف نيب مشترك " صراع في جرش" و" وطني حبيبي" بالعلاقة مع طريقة تصوير المكان، فثمة في الفيلمين نزعة لاستعراض الأمكنة التي يجري تصويرها سواء آانت مناظر طبيعية أم مناطق أثرية أم معالم عمرانية، وهذا الاستعراض يغني مضمون المشهد، لهذا السبب نجد أن الأمكنة بحد ذاتها ذات شخصية لها دورها الخاص ووظيفتها في بنية الفيلم، وربما عن دون قصد مسبق من صانعيه، إضافة إلى تكريس المواد المصورة في المواقع الأردنية آوثائق تثبت في الذاآرة مرحلة تطور محددة زمنيا.

لن نعثر على هذا الوجود الدال الموظف للمكان في باقي الأفلام السينمائية الأردنية التي أنتجت في السنوات اللاحقة مثل فيلم" الطريق إلى القدس"( ١٩٦٩ ) للمخرج عبد الوهاب الهندي والذي على الرغم من عنوانه( الطريق إلى...)، يتكون أساسا من مشاهد داخلية، أو فيلم "الأفعى"( ١٩٧١ ) للمخرج جلال طعمة، أو فيلم" حكاية شرقية"( ١٩٩٢ ) للمخرج نجدة أنزور، على الرغم من احتواء الفيلمين الأخيرين، خاصة الفيلم الثاني، على مشاهد خارجية متعددة ومتنوعة الأماآن، وآمثال، نذآر أن فيلم "حكاية شرقية" يتضمن مشهد يهبط فيه بطل الفيلم من أحد أدراج عمان، لكن الفيلم لا يحتفي بجماليات الدرج، مع أن أدراج عمان ذات جماليات مميزة وخاصة بعمان، بل يستغل الدرج لتنفيذ مشهد متخيل تحاصر فيه رغوة مسحوق غسيل، تنحدر من أعلى الدرج إلى أسفله مثل شلال هادر، بطل الفيلم.__

في نفس الوقت ستكون البترا وبعض المواقع الأثرية الأردنية هدفا للتصوير في بعض أفلام المغامرات التي شارك منتجون أردنيون في إنتاجها سواء مع منتجين من لبنان أو مع منتجين من ترآيا وهي تنتمي إلى زمن أواسط الستينيات، مثل فيلم" عاصفة على البترا" و" نسر الشرق" و" رجل من الأردن".

عبد سنوات ستتكرر العلاقة مع المكان في السينما الأردنية آشخصية دالة من خلال الفيلم الروائي الطويل الحديث" الكابتن أبو رائد"( ٢٠٠٨ ) للمخرج أمين مطالقة، والذي يروي حكاية عامل نظافة عجوز في المطار يقطن في جبل القلعة ويحاول مساعدة صبيان الحي الفقراء في حياتهم قدر الإمكان والذين بدورهم يتوهمون أنه يعمل طيارا مما يجعله يروي لهم حكايات عن سفراته في العالم يلفقها في خياله ومن خلال مطالعاته، وينتهي به الأمر مقتولا على يد رجل فظ الطباع بعد أن أنقذ زوجة هذا الرجل وابنه من بطشه بهما، حيث يجسد المكان شخصية رئيسية في الفيلم الذي جرى تصوير معظم أحداثه في جبل القلعة أحد أحياء عمان السكنية القديمة وفي أحد أحياء مدينة السلط الجبلية ذات الطابع التراثي المميز، حيث يعيش متوسطو الحال والفقراء.

يظهر هذا آله في الفيلم باعتباره حيا عمّانيا واحدا إذ لم يجر تصوير أحياء مدينة السلط لذاتها بل لاستكمال وتنويع مشهد الحي في عمان عبر دمجها معه، فإضافة إلى المشاهد الخارجية للحي القديم الذي توحي منازله بالمستوى المعيشي المتدني نسبيا لقاطنيه، ثمة في الفيلم مشاهد داخلية جري تصويرها في بيوت في هذا الحي، ومشاهد داخلية قليلة صورت داخل أحد بيوت عمان الفاخرة وهو بيت تقطن فيه بطلة الفيلم التي تنتمي إلى أسرة ثرية. لهذا البيت أهمية خاصة في الفيلم إذ يعكس هذا البيت الفاخر، الرحب الأرجاء، المضاء جيدا حالة من التضاد، شكلا ومضمونا، مع بيوت الحي الفقير التي يعرضها الفيلم ضيقة، مكتظة، و قاتمة الأجواء متشابهة في ذلك مع الأزقة الضيقة والأبنية المتراصة، وفي حين يتسم سكان البيت الفاخر، الذين يعيشون حياة مريحة رغيدة، بالوسامة والأناقة، من حيث الشكل، والطيبة والتسامح واللطف من حيث المضمون، يبدو سكان الأحياء الفقيرة( طبعا باستثناء بطل الفيلم الكابتن أبو رائد)، قساة أشقياء عديمي الرحمة.

يؤدي هذا التضاد وظيفة درامية ذات مضمون طبقي تتضح أبعادها في خاتمة الفيلم، عندما يقوم بطل الفيلم الكابتن أبو رائد بإنقاذ جارته وابنها الفتي من بطش زوجها الوحشي عن طريق تهريبهما من بيتهما ونقلهما للعيش في البيت الفاخر بموافقة وترحيب سكانه، إذ هكذا، بفضل آرم أخلاق العائلة الثرية تنجو الأم و يتأمن مستقبل الابن الذي سينجو من حياة الشوارع التي يعيشها وسيصبح طيارا تروى أحداث الفيلم من خلال استعادته لها!.

تمتلك الأحياء القديمة في المدن جاذبيتها وسحرها خاصة بالنسبة للمخرجين والمصورين السينمائيين، والذين في العادة يبذلون ما في وسعهم للتعبير عن جمال وجاذبية الأحياء القديمة، وفي فيلم" الكابتن أبو رائد" العديد من اللقطات التي يبرز فيها الجمال الخاص بهذا الحي الجبلي الممتلئ بروح التاريخ و المطل من فضاء عليائه وسط آثار القلعة على المسرح الروماني الأثري، وهذه اللقطات تستخدم في المشاهد المرتبطة بشخصية الكابتن أبو رائد الإنسان المتفاني في حب الآخرين ومساعدة المحتاجين خاصة الأطفال خاصة عندما يجمعهم حوله ليشحذ خيالهم بحكايات رحلاته التي لم تحصل في الواقع.

مليف التجربة الأحدث في مجال علاقة السينما الأردنية بالمكان هي " الشراآسه" الذي أنتجه وأخرجه محي الدين قندور، وعاد فيه إلى تاريخ تأسيس عمان الحالية إثر هجرة الشرآس إليها من بلاد القوقاز، حيث استوطنوا منطقة رأس العين وبنوا مساآنهم فيها ما أصبح بداية لانطلاق عمران المدينة. لتحقيق فيلمه قام المخرج ببناء منطقة سكنية صغيرة على غرار البيوت الأولى التي أُنشأت في ذلك الحين.، لكن باقيت أحداث الفيلم تصور المكان الصحراوي.

المكان الأردني في السينما العالمية

في العام ١٩٦٢ جرى في الأردن تصوير بعض المشاهد الخارجية من الفيلم الملحمي الشهير" لورنس العرب" للمخرج البريطاني دافيد لين، والمعد عن آتاب الضابط البريطاني توماس إدوارد لورنس" أعمدة الحكمة السبعة". آان هذا أول فيلم أجنبي يصور في ربوع الأردن الذي جرت فيه العديد من وقائع الفيلم، المرتبطة بالثورة العربية الكبرى وبدور لورنس فيها.

ضعب هيف يعد الفيلم من الأفلام الضخمة الإنتاج واستخدمت فيه أفضل التقنيات وعمل أفضل الفنيين السينمائيين والممثلين وعلى رأسهم المخرج دافيد لين، لهذا نجح الفيلم نجاحا باهرا عند عرضه في صالات السينما، وتسبب هذا النجاح في لفت الانتباه إلى سحر هذه المواقع الأردنية، الأمر الذي ساهم، ولو بعد وقت متأخر نسبيا، في قيام بعض شرآات الإنتاج السينمائية العالمية بتصوير بعض الأحداث فيها، مع إضافة البترا، إلى قائمة المواقع المختارة مكانا للتصوير.

ج المواقع التي رى فيها تصوير مشاهد من فيلم "لورنس العرب" في الأردن هي ذاتها المواقع التي حصلت فيها الأحداث الحقيقية، فهي إذن تنسجم مع الموضوع والحكاية المروية فيه. وهذا يحسب لصالح مصداقية الفيلم من حيث الشكل، على الأقل.

من فيلم لورنس العرب

اجسنلا نعثر على مثل هذا الا م بين المكان والموضوع في الأفلام الروائية اللاحقة التي جرى تصويرها في الأردن، حيث استخدمت هذه المواقع آبيئة مناسبة لأفلام المغامرات على أنواعها، بغض النظر عن الانتماء الجغرافي والحضاري لهذه المواقع، أي من خلال فصل الموقع عن بيئته، ناهيك عن انعدام صلته بأي موضوع له علاقة بهذه البيئة، وآان الهدف من ٦

ريوصت من الأفلام الأخرى التي جرى ها في بعض مناطق الأردنية اُلأثرية، خاصة البترا ووادي رم، فيلم مغامرات بعنوان" المتحولون: انتقام المهزوم"( ٢٠٠٩ )، وفيلم" ٣١ شمالا ،( ٦٢ شرقا"( ٢٠٠٩ ) و فيلم" مورغان بالسون"( ٢٠٠٨ ) و" محاربون روحانيون"( ٢٠٠٧ و"جيري"( ٢٠٠٢ )، و" عودة المومياء"( ٢٠٠١ )، و"الكوآب الأحمر"( ٢٠٠٠ )، و" إنديانا .( جونز الحملة الأخيرة"( ١٩٨٩ قمب هبتسبب الاحتلال الأمريكي للعراق والذي جوبه ويجا اومة شعبية عنيفة أدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى بين أفراد الجيش الأمريكي، إلى إنتاج عدد آبير نسبيا من الأفلام الأمريكية الروائية الطويلة التي تتحدث عن الحرب في العراق. من هذه الأفلام" الطريق ( الأيرلندي"( ٢٠١٠ ) و" لعبة عادلة"( ٢٠١٠ ) و"خزانة الأذى"( ٢٠٠٨ )، و" مراقب"( ٢٠٠٧ .( " معرآة من أجل حديثة"( ٢٠٠٧ يف صورت مشاهد آثيرة من هذه الأفلام الأردن لكن لا على أساس أنها مواقع أردنية، بل تحديدا لاستعمالها بديلة عن الأراضي العراقية التي تجري فيها الأحداث، وذلك بسبب وجود تشابه في البيئة والملامح البشرية وسمات مشترآة في الحياة العامة ما بين العراق والأردن.

امهيف من بين جميع الأفلام السينمائية التي صورت في الأردن ثمة فيلمان يشار مباشرة وبوضوح إلى أن الأحداث تقع في الأردن، أحد هذين الفيلمين بتوقيع المخرجة اللبنانية دانييل عربيد، لكن الفيلم من إنتاج فرنسي. الفيلم هو" رجل ضائع". تبدأ علاقة الفيلم بالمكان الأردني من لحظة عبور الحدود البرية من قبل بعض شخوص الفيلم. جرى تصوير باقي الأحداث داخل عمان، لكننا لا نرى عمان في الفيلم بل نرى أزقة ضيقة تقود إلى فنادق رخيصة و مقاه و"بارات" وملاهي ليلية، وهذه الأماآن "الداخلية" هي التي يجري فيها تصوير معظم المشاهد التي تحدث في الأراضي الأردنية. لا تمت صورة الأردن في الفيلم للأردن الذي بدت الأماآن فيه شبيهة بأماآن العالم السفلي في المدن الآسيوية، مثلا.

يف المكان الأردني "فيلم إسرائيلي"

الفيلم المقصود هو"منطقة حرة" ( ٢٠٠٥ )، وهو الفيلم الإسرائيلي الروائي الطويل الوحيد الّذي أعلن عن تصوير أجزاء آبيرة منه في الأردن.

مليف " المنطقة الحرة" يتضمن القدر الكبير من الإساءة للأردن أناسا وطبيعة وعمرانا حتى. معظم أحداث الفيلم مصورة على طول الطريق من الحدود الإسرائيلية إلى أطراف مدينة الزرقاء الواقعة شمال عمان حيث توجد المنطقة الحرة، تتابع الأحداث رحلة امرأة إسرائيلية نحو المنطقة الحرة لتحصيل أموال لزوجها المصاب نتيجة انفجار حصل في مزرعته سببه - آما يقول الفيلم- "إرهابي فلسطيني" ، من تاجر أردني يلقب بالأمريكاني.

نمهي بدون الخوض في تفاصيل حكاية الفيلم ا هنا ملاحظة أن ما تصوره الكاميرا الإسرائيلية من مناظر تمر بها السيارة يعطي انطباعا مشوها ومنفرا عن الطبيعة والبيئة الأردنية.. على طول الطريق نرى أراض جرداء، منازل خربة، بهائم تتجول وحيوانات نافقة، ٧ ٨  بالمقابل، وبما أن الفيلم من نوع" أفلام الطريق" فلا يعدم أن تصادف الكاميرا مناظر طبيعية معقولة الشكل من نوع وجود أبنية حديثة على جانبي الطريق أو مناطق خضراء فيها أشجار. لكن المخرج هنا يكشف عن عنصريته إذ "يتذاآى" ويلجأ إلى التغطية على هذه المناظر بطبع مشاهد مرئية فوقها (صور مرآبة نتيجة التعريض المزدوج، وفق المصطلح السينمائي)

يبهت بسببها المنظر الخارجي ويتراجع إلى خلفية اللقطة، فلا يبدو واضحا، متيحا المجال في المقدمة لمشاهد تتذآر فيها امرأة موجودة في السيارة برفقة السائقة مشاهد من علاقة لها مع صديقها، وهذه الصور المرآبة لا تستخدم أبدا عندما تصور الكاميرا في طريقها مناظر بشعة منفرة.

اهيلع عندما تصل الإسرائيلية إلى المنطقة الحرة تكتشف أن الوقت بات متأخرا وأن الذهاب للقرية التي يعيش فيها التاجر المدين لزوجها، وهذا ما يتيح للمخرج الإسرائيلي فرصة تصوير قرية يسيطر عليها "إرهابيون إسلاميون" رعاع عديمو الرحمة حتى تجاه أهلهم وأقاربهم وسكان قريتهم، يعيثون في القرية خرابا ويشعلون الحرائق وهذا يحدث بقيادة ابن التاجر نفسه الذي لا يتورع عن حرق مزرعة أبيه...__

الجزيرة الوثائقية في

06/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)