حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

القاهرة في الفن السابع.. زمان أوروبية وحالياً عشوائية

القاهرة ـ دار الإعلام العربية

لماذا قفز المشهد الليلي الذي جمع بين عادل إمام وهند صبري في أحد مشاهد فيلم «عمارة يعقوبيان»، عند الشروع في كتابة هذه السطور، ذلك المشهد الذي يبدو فيه عادل إمام في شخصية «زكي باشا الدسوقي» متحسرا على حال القاهرة، مترحما على زمن الباشاوات، ومبررا ذلك بعبارات أبدع الأديب علاء الأسواني في صياغتها على لسان البطل، قائلاً: «البلد دي كانت أحسن من باريس، الشوارع كانت نظيفة زي الفل، الأرصفة كل يوم بتتغسل، العمارات كانت أحسن من عمارات أوروبا.. دلوقت بقت مزابل من فوق ومن تحت مسخ.. إحنا في زمن المسخ»..

ولأننا من جيل لم يعش زمن الباشاوات الذي ترحَّم عليه «زكي الدسوقي»، فإننا حينما نشاهد أفلام الأربعينات والخمسينات التي قدمتها السينما المصرية، نجد القاهرة بالفعل مدينة أوروبية، الشوارع نظيفة متسعة، الأشجار وارفة، الطُّرز المعمارية كلاسيكية حالمة، حتى بيوت الفقراء تجدها فسيحة جميلة، أما في سينما الألفية الجديدة فأصبحت العشوائيات هي العنوان الرئيسي للعاصمة، أبدع خالد يوسف في إخراج أقذر المشاهد، وتلطيخ وجه القاهرة، حتى العمارات الشاهقة صارت كتلاً أسمنتية فجة المنظر.. تعالوا نتعرف إلى القاهرة كما رصدتها السينما بين الأمس واليوم.

أهم ما ميَّز فيلم «عمارة يعقوبيان» أنه جسَّد واقع القاهرة في فترة من أدق فتراتها التاريخية، وهي الفترة ما بين العام 1952 إلى العام 2002؛ حيث تقع العمارة التي تحمل رقم 34 شارع طلعت حرب في وسط القاهرة، ووسط المدينة هو قلبها النابض ومركز حركتها.. سكن العمارة وزراء، باشاوات كبار، وخواجات، سطحها كان يتضمن غرفة صغيرة للبواب، وأخرى لكل شقة للغسيل والتخزين، كل شيء كان جميلاً، البلد كان شكله جميلاً، والعمارة بالطبع كذلك، وقامت الثورة وانتهى زمن الباشاوات، وتبعتها حرب 1956، وتغيَّرت التركيبة السكانية، ثم جاء الانفتاح، ومعه تغيَّر الشارع، المحال غيرت نشاطها، الناس أيضا تغيروا، حين تستمع إلى «زكي الدسوقي» قائلاً: «مش بس العمارة اللي اتغيرت.. البلد كلها اتغيرت».. تشعر أن الحديث حقا ليس عن مجرد عمارة، إنما القاهرة، بل مصر ككل.

القاهرة 30... وكان فيلم «القاهرة 30» من أبرز الأفلام التي أرَّخت للقاهرة، مكانا وأحداثا وفكرا في مرحلة ثلاثينات القرن العشرين من خلال قصة كتبها الأديب العالمي نجيب محفوظ، وقام بالبطولة أحمد مظهر، سعاد حسني، حمدي أحمد، وعبدالمنعم إبراهيم، وركَّز الفيلم على فساد السلطة، وفكر الشباب في ذلك الوقت من خلال 3 شباب يدرسون الفلسفة، وهم على مشارف التخرج، أولهم: اشتراكي تقدُّمي ثوري، تحبه الفتاة الفقيرة «إحسان» سعاد حسني.

وثانيهم: عبدالمنعم إبراهيم، يحترف الصحافة ويؤمن أنه من دون المال لن يستطيع التأثير في المجتمع، وثالثهم: حمدي أحمد محجوب عبدالدايم، شخص انتهازي منافق كذَّاب يُتاجر بكل هذه الآفات؛ لتحقيق أحلامه بتحسين وضعه الاجتماعي المتدني، فينكر أهله، ويبيع أي شيء حتى كرامته، فيتزوج «إحسان»، التي تحب صديقه، والتي ترضى أن تكون عشيقة للباشا أحمد مظهر وقت زواجها من محجوب عبد الدايم؛ لأن أخواتها يتضورون جوعا.

شباب امرأة

ويُعد فيلم «شباب امرأة» الذي قام بكتابته، وإخراجه رائد الواقعية صلاح أبو سيف، وقام ببطولته شكري سرحان، تحية كاريوكا، عبدالوارث عسر، شادية، وسراج منير، من أكثر الأفلام التي قامت بتصوير القاهرة، وحياة الناس فيها، شوارعها، وميادينها، وذلك من خلال قصة الفيلم التي دارت في حي «القلعة» القديم.

جسَّد الفيلم الذي عُرض في دور السينما في العام 1956 حياة القاهريين بواقعية، والذين يُقبلون من الريف للعيش في العاصمة، من خلال أحداث الفيلم التي تحكي عن أحد الطلاب الفقراء، والذي يأتي إلى القاهرة للدراسة في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة.

ويضطر إلى السكن في منزل تملكه امرأة تكبره في السن، ولديها هواية اصطياد الشباب؛ فتتزوج منهم؛ لتشبع من خلالهم رغباتها، ومن خلال هذه القصة يرصد الفيلم بدقة حياة الناس، وأشكال ملابسهم وألوانها، التي كانت تنحصر في العباءات السوداء، وشكل الشوارع في منطقة مصر القديمة، إضافة إلى شكل المحال، نوعية الطعام المنتشرة آنذاك، ووسائل المواصلات التي كانت عبارة عن أوتوبيسات «هيئة النقل العام»، وبعض عربات «الكارو» التي تجرَّها الحيوانات.

السفيرة عزيزة

ومن الأفلام التي رصدت شكل القاهرة خلال ستينات القرن العشرين، فيلم «السفيرة عزيزة» الذي كتبه يوسف غراب، وأخرجه طلبة رضوان، وقام ببطولته شكري سرحان، سعاد حسني، عبدالمنعم إبراهيم، وعدلي كاسب، ووقتها رصد الفيلم شكل الشوارع والمساجد في ثلاثة أحياء من منطقة مصر القديمة.

وهي: حي «الحسين» العتيق، والذي كان يقصده المغتربون من طلبة الأزهر، وحي «السيدة زينب» الشهير بمنازله القديمة، وطرازه المعماري، وحي «السيدة عائشة» بمساكنه القديمة وغير المتناسقة، واستعرض الفيلم مشكلة التسعيرة الجبرية التي فرضتها حكومة ثورة يوليو؛ للتخفيف عن سكان القاهرة، وقام التجار والجزارون بالتلاعب بها؛ لتحقيق أكبر قدر من الربح.

الباطنية

وقد رصد فيلم «الباطنية» مرحلة مختلفة من تاريخ القاهرة، خلال سبعينات القرن العشرين؛ حيث ركَّز الفيلم على زيادة تجارة المخدرات في المناطق العشوائية الجديدة عقب الانفتاح الاقتصادي الذي نادى به الرئيس الراحل السادات، وقام ببطولة الفيلم نادية الجندي، محمود يس، فريد شوقي، وفاروق الفيشاوي، وأخرجه حسام الدين مصطفى.

وعُرض في السينما العام 1981، ورصد بدقة التغيرات التي طرأت على الحياة في القاهرة، والمناطق الجديدة التي من بينها حي «الباطنية» الذي كان يُعد وكرا لتجارة المخدرات، كذلك «الموسكي» الذي اشتهر بتصنيع وبيع الملابس، و«الحرفيين» المُخصص لإصلاح السيارات، و«الوكالة» كمكان لبيع قطع الغيار والخردة، والفيلم في مُجمله يرصد التغيرات التي أدخلها الانفتاح الاقتصادي على القاهريين.

الكيت كات

وجاء فيلم «الكيت كات» في ثمانينات القرن العشرين؛ ليرصد القاهرة من وجهة نظر أدبية بحتة من خلال قصة الروائي «إبراهيم أصلان»، فالفيلم الذي عُرض العام 1991، قام ببطولته محمود عبدالعزيز، شريف منير، عايدة رياض، أمينة رزق، ويحكي عن حي «الكيت كات» الذي هجره شبابه للعمل في الدول الأوروبية، وبعدها إلى الدول العربية عقب اكتشاف البترول، وشيوع تعاطي المخدرات بين شباب الحي، ورصد أن المخدرات في هذا التوقيت كانت مُتاحة، وحلَّت محل السجائر في التداول بين كثير من الشباب.

على جنب يا اسطى

من أكثر الأفلام التي رصدت صورة القاهرة من حيث شكل شوارعها، أسمائها، وأهم ميادينها فيلم «على جنب يا اسطى» وتطرَّق لأهلها، وملابسهم، والسائحين الذين يزورونها، وقام ببطولته أشرف عبدالباقي، روجينا، خيرية أحمد، وآسر يس، وقُدم العام 2008، ويحكى من خلال أحداثه حياة الشارع القاهري عامي 2007 و 2008 من خلال «سائق تاكسي» وزبائنه من شرائح المجتمع كافة في مشاهد ساخرة.

حين ميسرة

وحديثا، جاء فيلم «حين ميسرة» ليرصد شكل القاهرة في الألفية الجديدة، وتحديدا المناطق الجديدة التي ظهرت على أطراف القاهرة الكبرى، وأصبحت مأوى للمجرمين من اللصوص، وبائعي المخدرات، والخارجين عن القانون، وجامعي القمامة، قام ببطولة الفيلم كل من عمرو سعد، سمية الخشاب، عمرو عبدالجليل، وفاء عامر، وهالة فاخر، وإخراج خالد يوسف.

ونوقشت خلاله قضية أطفال الشوارع، والطبقة القاهرية المُهشمَّة اجتماعيا، وركَّزت الأحداث على المناطق العشوائية، وما فيها من عمليات تحرش، اغتصاب، سرقة، كذلك ظهور نوع جديد من الإرهاب الذي يتلقى دعما ماديا من الخارج لإرهاب المواطنين، لكنه ركز بشدة على أن يصل للمشاهد أن أطفال الشوارع من مشاكل الحياة اليومية في القاهرة.

رحلة حب

وعلى النقيض، فقد رصد فيلم «رحلة حب» زاوية مختلفة للقاهرة في الألفية الجديدة؛ حيث ركز على الشوارع النظيفة، المناطق العشوائية، وأصحاب القصور والشركات في القاهرة، وزاد تركيزه على منطقة المنيل.

وقام بإخراجه محمد النجار، وقام ببطولته محمد فؤاد، أحمد حلمي، مي عز الدين، وجميل راتب، ورصد في مجمل أحداثه شكل الشوارع والنيل، وبعض الفوارق الاجتماعية بين محدودي الدخل والأغنياء، والتي ظلت تُشكل عائقا كبيرا أمام زواج الشباب أبناء الطبقات المختلفة.

بنات وسط البلد

وقدم فيلم «بنات وسط البلد» صورة حديثة للقاهرة، رسمها المخرج محمد خان، وقام بالبطولة «هند صبري، منة شلبي، خالد أبو النجا، ومحمد نجاتي»، واستعرض شكل القاهرة، ومحالها التجارية التي ركزت على بيع الملابس والأحذية فقط، واستعرض كذلك «مترو» الأنفاق في حل أزمة المواصلات.

وقارن الفيلم بين محال وسط البلد في العاصمة و شارعي طلعت حرب وقصر النيل، من حيث ديكوراتها، نوعية الملابس التي يركز عليها الشباب القاهري، طبيعة الزبائن وأصحاب المحال، وشكل المساكن، والفارق بين القاهرة ومدينة حلوان النائية.

زحمة كباري

الناقد رفيق الصبان ركز في تعليق له على تغير صورة القاهرة في السينما المصرية على تغير ملابس الناس، طباعهم، وشكل شوارعهم، والأشجار الموجودة بها، وتغير وسائل المواصلات، في مقابل تغير السينما والأبطال والموضوعات، وأضاف أن قاهرة الأمس لم يظهر فيها سوى عدد بسيط من الكباري مثل كوبري «قصر النيل»، و«الجامعة».

أما حاليا فقد زاد عدد الكباري لدرجة خانقة لكل معالم الحياة، كذلك اختفت العوَّامات التي كانت ترقد في أحضان النيل بعد أن شهدت تصوير عدد هائل من الأفلام أبرزها «بين القصرين» لـ «نجيب محفوظ»؛ إذ أصبح المخرجون في قاهرة اليوم يصورون البنايات الفارهة المطلة على النيل، ما جعل الطابع القديم في الأفلام يندثر، وتظهر القاهرة خالية بعض الشيء من الرائحة القديمة.

إضافة إلى فيلم «كباريه» الذي يحكي جانبا لما حدث للقاهرة من تحايل أهلها على الحياة، كذلك فيلم «كلمني شكرا» الذي نجح في دخول نطاق العشوائيات.

القاهرة العليا

تؤكد الناقدة السينمائية خيرية البشلاوي أن القاهرة ليست كما كانت من قبل، فالجانب الاجتماعي لم يعد يرصد الحقيقة كما هي، وباتت القاهرة تتمثل في النيل، القصور، الفيلات الفارهة، والعشوائيات أيضا، وأصبحت إما قاهرة دنيا، أو قاهرة عليا، ولم يعد للوسط بينهما وجود.

وأضافت أن الوجود الحقيقي للقاهرة في السينما المصرية، عَكَس واقعها، وسكانها عبر أعوام طويلة، وأن الاكتفاء بالصورة وحدها في تقديم القاهرة في مراحل مختلفة أمر خاطئ، فلا بد من معالجات حتى لا تزداد العشوائية، فقد كانت السينما تركز على الطبقة العليا فقط، وكان المخرج يعتبرها فرصة لتصوير ديكورات فخمة، وسيدات أنيقات، وفيلات على الطرز الأوروبية، لكن التحليل الفني للقاهرة كروح، وكمدينة، لم يحدث.

فوضى

وصف الناقد سمير الجمل ما يحدث -حاليا - من تصوير القاهرة على أنها فوضى وعشوائية، أنه تزييف للحقائق، فالقاهرة - على حد قوله - ليست جميعها كازينوهات، وبارات، وفساد، فالعمل السينمائي قائم على الصراع بين الخير والشر، الأبيض والأسود، أما إذا تناول الفيلم جزءا واحدا، فهذا يعني أن صانع العمل لا يفهم معنى كلمة دراما، أضاف: «فاقد الشيء لا يعطيه، فليس معنى الشيء الجميل في الفيلم هو القصر، الفيلا، حمام السباحة، والسيارات الفارهة».

البيان الإماراتية في

04/06/2010

 

«نُور عيني» يضع تامر حسني تحت حدِّ السَّيْف

القاهرة ـ دار الإعلام العربية 

من أكثر الأفلام التي واجهت انتقادات حادة وقاسية خلال الفترة الفائتة فيلم «نور عيني» الذي يُعرض حالياً بدور العرض المصرية، ولم يتوقف النقد عند إطار العمل، بل تعدَّاه إلى هجوم مكثَّف على بطل العمل تامر حسني الذي وصفه بعض النقاد بأنه يُعاني من «البارانويا» أو جنون العظمة التي يعجز عن إخفائها، معتبرين أن قصة الفيلم التي كتبها بنفسه بلا مضمون، في إشارة إلى أن مقومات النجاح التي اعتمد عليها صُنَّاع الفيلم هي المراهنة على اسم البطل لا أكثر.

فيلم «نور عيني» بطولة تامر حسني، منة شلبي، عبير صبري، منة فضالي، مروة عبدالمنعم، قصة تامر حسني، سيناريو وحوار أحمد عبدالفتاح، إخراج وائل إحسان، والمصنَّف على أنه فيلم رومانسي اجتماعي، تدور قصته حول صديقين يسافر أحدهما إلى دولة أوروبية، فيتعرَّف إلى فتاة كفيفة ويقع في حبها، ويعودان معاً إلى مصر؛ ليكتشف أنها الفتاة نفسها التي يحبها صديقه.

تسلية صيفية... وبالنظر إلى قصة الفيلم ومضمونه، رأى بعض النقاد إمكانية إدراجه تحت مسمى أفلام التسلية الصيفية، وأشاروا في تقييمهم للفيلم إلى أنه في ثلثه الأول يعتبر امتدادًا لنوعية أفلام تامر حسني السابقة التي تقوم على عدم وجود مضمون للعمل، فقط تعتمد على أغنيات البطل معظمها من كلمات وألحان تامر حسني نفسه، وفي الثلث الثاني من الفيلم يتحوَّل إلى «ميلودراما» بعد الانتقال من مرحلة الشقاوة ومعاكسات البنات إلى التزام حقيقي بعد تأكد بطل الفيلم «نور»، تامر حسني، من حبه الحقيقي تجاه «سارة»، منة شلبي، وهي كفيفة فقدت بصرها منذ أعوام في حادث سيارة، وعلى الرغم من شك سارة في حب نور، والذي اعتبرته نوعاً من الشفقة، إلا أن نور أكد لها حبه الكبير، ويستمر حب نور الحقيقي ليقع في مشكلة أخرى عندما يقع شقيقه في براثن الإدمان، ويبذل كل جهده لانتشاله من واقعه المحزن.

وينتقل الفيلم إلى الثلث الثالث، ويخطب «نور» «سارة» من شقيقتها عبير صبري، التي كانت ترعى سارة كأم، ويستمر الحب حتى يحدث سوء تفاهم عندما سمعت خِلسة أن نور يتحدث مع أصدقائه عن فتاة يُشفق عليها، ولكنه يجاريها حتى لا تحدث لها صدمة، فهو يريد التخلص منها، واعتقدت سارة أنها المقصودة بهذا الحديث، فاختفت عن نور، ولكن النقاد اعتبروا الجزء الثاني والثالث من نوعية أفلام السينما الهندية التي لا يُقبل عليها الجمهور في الوقت الحالي.

حبكة فاشلة

وعلى حد تعبير الناقد رفيق الصبان، فقد جاء الفيلم بلا قصة ولا مناظر، فإذا كان تامر هو نفسه مؤلف فيلم «نور عيني»، فلنا أن نتخيل ما سنشاهده، خاصة أن المشاهد شعر بالفعل أنه لا يوجد سيناريو أو حوار؛ فالفيلم، والكلام للصبان، يقوم بناؤه الأساسي على أحداث باهتة، وتجميع لأجزاء من أفلام مصرية قديمة، وعمل توليفة تليق بتامر وجمهوره؛ وكأن المطلوب هو وجود هذا المطرب في فيلم فيه عدة أغنيات، وكثير من الاستظراف، وبعض النكات المباشرة.

ولفت الصبان الى أن العلاقة العاطفية بين نور وسارة قد استحوذت على ثلاثة أرباع الفيلم، وجاءت بكل تفاصيلها من «تسبيل، هدايا، ودباديب»، بالرغم من إلى أن هناك شخصية مهمة في الفيلم وهو صديق البطل الذي قام بدوره «عمرو يوسف».

حيث ظهر في مشهد وهو يتشاجر مع مسؤول بسبب المحسوبية، وعدم تعيينه في وظيفة معيد، وتعيين ابن المسؤول بدلاً منه، وبعدها قرر أن يترك كل شيء ليسافر إلى الخارج، وينساه المتفرج تمامًا، وفجأة يظهر من جديد، من دون أن نعرف لماذا ظهر ولماذا اختفى؟، فهو ليس له علاقة نهائيًا بأحداث الفيلم.

ولكن الغريب أنه ظهر مرة أخرى قبل نهاية الفيلم بقليل، وتعرَّض للضرب والسرقة، ثم يظهر بعد انتهاء علاقة سارة ونور، ووصف سبب ظهوره، وهو إقناع سارة بإجراء عملية جراحية لإعادة بصرها، بقوله أنه سبب «شديد التفاهة».

أيضاً عندما تتم خطبة سارة لهذا الصديق في ربع الساعة الأخير من الفيلم، وبينما تنفَّس الجمهور الصعداء وشعر بأن نهاية الفيلم قد حانت، فجأة يعود الخطيب مع خطيبته لاسترداد المنصب الذي فقده، ويدبِّر المدير محاولة لقتله، وينقذه صديقه تامر حسني ليشعر الصديق بموقف تامر، فترك له الخطيب حبيبته اعتبارًا للصداقة القديمة؛ ولأنه أنقذه من الموت، وقد عدَّ كثيرون هذه الحبكة فاشلة..

ولم يتوقف الهجوم على الفيلم عند هذا الحد، بل نال مخرج الفيلم وائل إحسان نصيباً منه، فقد اعتبره أحد النقاد أنه قَبِل إخراج هذا الفيلم انطلاقاً من قراره باتخاذ «الطريق السهل» في أفلامه التي يحكمها البُعد التجاري أكثر من أي شيء آخر، وما يؤكد ذلك - حسب هذا الرأي - أنه قَبِل إخراج الفيلم بلا موضوع ولا مضمون..

أما منة شلبي فقد قدمت دورًا عاديًا وبأداء أقل من عاد، ولم يشعر بها الجمهور كممثلة؛ لأنها كانت تريد أن تمثل أمام تامر فقط، كما نال منتج الفيلم محمد السبكي حظه من النقد اللاذع، بعد ظهوره في مشهدين يهرِّج فيهما مع البطلة منة شلبي، ويتشاجر مع تامر حسني، وتساءل البعض عن ظهور أحمد ومحمد السبكي في بعض مشاهد الأفلام التي ينتجونها، هل هي هواية أم يريدون أن يقولوا: «بنمثل بفلوسنا»...

خلطة تجارية

وفي رأى الناقد وليد يوسف فإنه عندما شاهد الفيلم وجد نفسه أمام عمل يسعى لتقديم «قفشات» عابرة، ونكات شاردة يتم توزيعها طوال أحداث الفيلم الفقير دراميًا، فلا توجد قصة حب يمكن أن تبدأ دون مقدمات، وكذلك عندما يتحوَّل شاب بكل مواصفات الاستهتار والعبث إلى شاب يتعلق بفتاة معاقة، فهو أمر أهمله السيناريو الذي كتبه أحمد عبدالفتاح على طريقة «هو كده».

حيث يمكن أن يحدث الحب أو ينتهي أو تقابله مشاكل ومصاعب دون أن يعترف السيناريو بأن للمشاهد حق المعرفة والاقتناع بما يشاهده، وكذلك يريد تامر حسني الحصول على أمرين الخفة والعمق، وهما لا يجتمعان أبدًا؛ حيث يؤدي دور شخصية سطحية مستهترة وخفيفة إلى أقصى حد، وفجأة نجده متزنًا وناصحًا لأخيه ليصبح واعظًا..

وتساءل الناقد: ماذا عن هذه القصة التي ينسبها تامر حسني لنفسه بكل فخر؟، فمنذ اللحظات الأولى تُفاجأ بموجة من حفلات الصفع على الوجه تُعادل في عددها قبلات عبدالحليم حافظ في فيلم «أبي فوق الشجرة»، ومجموعة ممتازة من الشتائم، والتركيز على غرز الحشيش، وتستمر الأحداث التي يُصرُّ تامر على أنها قصة، بينما هي مليئة بأوهام المؤلف عن نفسه، وعن إمكاناته.

وقال يوسف إن المراهقين باتوا ينتظرون فيلم تامر بلهفة الطفل الذي ينتظر العيد، وتامر لا يُخيب ظنهم أبدًا، فهو يقدم لهم الصورة التي يحبونها واعتادوا عليها منه، يعامل الفتيات بالصفع، ويغني العاطفة المصنوعة، ويعارك وينتصر، ويهاجم ويدافع، ولا يقبل الذل.

مؤكداً أن فيلم «نور عيني» نموذج من سينما يمكن أن نطلق عليها اسم السينما «التجارية» التي تسير على درب مرصوف خالٍ من المفاجآت، سيطر عليها نجم شاب سيطر أيضًا على جمهور كبير من المراهقات. وإن كانت الاستفادة الوحيدة لتامر حسني من هذا العمل أنه يقدم أفلامًا سينمائية بطريقة شبه منتظمة، خاصة في ظل غياب المطربين عن المشاركة في أعمال سينمائية باستثناء محمد فؤاد، مصطفى قمر، وحمادة هلال الذين يطلُّون في فترات متباعدة.

صحافيون على الرصيف

جدير بالذكر أن الفيلم قد شهد أحداثًا ساخنة خلال العرض الخاص؛ فقد واجه الصحافيون ومراسلو القنوات الفضائية معاملة أكدوا أنها غير لائقة؛ حيث قرر منتج الفيلم محمد السبكي منعهم من الدخول إلى صالات العرض السينمائي في سينما «نايل سيتي»، وظل رجال الإعلام يجلسون على الرصيف على أمل أن يستطيعوا الوصول إلى تامر حسني حتى يتوسَّط لهم لإقناع السبكي ليسمح لهم بالدخول لتغطية الحدث، ولكن حسب ما جاء على لسان الإعلاميين أن تامر حسني خذلهم، ما دعاهم إلى العودة من حيث أتوا.

شخصية نمطية

يرجع بعض المتابعين والمهتمين الهجوم المكثف على الفيلم بأنه نتيجة رد فعل عنيف من النقاد والصحافيين؛ بسبب المعاملة التي وصفوها بغير اللائقة، إلا أن عددًا من النقاد المعتدلين، وأغلبهم شاهد الفيلم بعد العرض الخاص كأي مشاهد عادي، تناولوا الفيلم بموضوعية شديدة رغم نقدهم اللاذع للفيلم؛ فقد اتفقوا أن شخصية تامر حسني في جميع أفلامه باتت نمطية تقوم على الشاب الظريف، اللطيف، والحبيب الذي يتشاجر من أجل حبيبته حتى الشقاوة والعبث يكرِّسها من وجهة نظره فقط.

البيان الإماراتية في

04/06/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)