حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مهرجان

"متروبوليس" تنتقم لجاك تاتي باستعادة كاملة

"ايكار" المشاريع المجنونة لا يزال صامداً أمام خراب الزمن

كل فيلم لجاك تاتي (1907 - 1982) مغامرة لا حدّ لها ولا زمن. في الصحافة السينمائية تُستخدم أحياناً كلمة "عبقري" عشوائياً وفي غير مكانها. تاتي تنطبق عليه كلمة عبقري. وهو يفي بكل شروط العبقرية. يستحقها كما استحقها رواد آخرون في فنّ الكوميديا والسخرية من أمثال شابلن وكيتون والإخوة ماركس.

في الاستعادة - التحية التي تنظمها صالة "متروبوليس - أمبير" لجاك تاتي، تُعرَض الأفلام الستة الطويلة التي أنجزها السينمائي بين عامي 1949 و1974، بالاضافة الى حفنة من الأفلام القصيرة. المخرج الفرنسي المنحدر من أصول روسية هولندية وايطالية، الذي بدأ حياته رياضياً، قيل فيه الكثير الكثير، ولا سيما في الجانب المتعلق بطموحاته الفضفاضة التي جعلته شخصية غير مرغوب فيها (برسونا نون غراتا) وقادته من خيبة الى أخرى. ثمة شخصيات هكذا في عالم السينما، أسيرة أحلامها ورغباتها في صناعة منجز لا يسلّي فقط الجمهور بمسائل عابرة انما يصنع لهم مكاناً في التراث السينمائي الذي يصمد طويلاً أمام الخراب الذي يحدثه الزمن. وها نحن اليوم نستعيده في بيروت، بعد 28 عاماً على رحيله. انها الفرصة المثالية للعودة الى مسار فنان أقل ما يمكن القول انه استثنائي ولا يصنَّف.

قصة حبّ السينما مع تاتي بدأت في الثلاثينات ممثلاً وكاتباً للسيناريو وليس مخرجاً. "أوسكار، بطل كرة المضرب" فيلم قصير سلّم مخرجه جاك فورستر مهام تأليفه وتمثيله الى تاتي، علماً انه كان باشر قبل عام من انتاج هذا الفيلم تقديم نمر رياضية على خشبة المسرح، من وحي ولعه بالروكبي. بعد مجموعة أفلام قصيرة اضطلع فيها بأدوار، منها واحد من إخراج رينه كليمان (1936) انتقل الى خلف الكاميرا منجزاً فيلمه القصير الأول "عودة الى الأرض" عام 1938. في تلك المرحلة كان تاتي بدأ صيته يطير في الميوزيك هول من خلال ايماءاته الرياضية، وكان يهيئ نفسه لتقديم استعراض في مسرح راديو سيتي ميوزيك هول الشهير لولا اندلاع الحرب العالمية الثانية في أوروبا وانضمامه الى الجيش.

بعد الحرب، بقيت السينما همّه الأول. تابع التمثيل في أدوار صغيرة، منها مشاركته في "الشيطان في الجسد" لكلود أوتان لارا، مستثمراً ما يجنيه من اموال في مشاريع جنونية. "يوم عيد" (1949) كرّسه كوميدياً ذا قيمة. الموزعون يحاولون غض الطرف عن الفيلم، لكنه يصل الى الجمهور الذي يردّ بالايجاب. منه تولد شخصية مسيو اولو، المخبول والقليل الاهتمام بما يدور من حوله. خصِّص لأولو فيلم ثان "عطلة مسيو أولو"، وثالث "عمي" ورابع "بلايتايم" وخامس "ازدحام".

كان تاتي يكرر باستمرار أن السينما عبارة عن قلم وورقة وساعات طويلة من مراقبة الناس. هذه الساعات تحولت عنده سنوات، اذ كان يستثمر طاقات ابداعية هائلة وسنوات طويلة لتتخمر الأفكار في رأسه. المسافة الزمنية كانت تزداد بين فيلم وآخر، كلما ازداد هوسه بالتفاصيل الدقيقة من أكبر مسألة متعلقة بالنصّ الى أصغر همسة في الشريط الصوتي الذي كان يوليه أهمية مطلقة. فجأة راح الشؤم يسيطر على مسار المخرج وحياته بعد مشروعه الضخم "بلايتايم" الذي لم يرد الا ان يصوره بالـ70 ملم، وفي ديكورات كلفت مبالغ طائلة. اسطورة ايكار، الذي ذوبت جناحيه المصنوعين من الشمع جراء تحليقه بالقرب من الشمس، بدأت تحوم حوله. فالجمهور لم يستجب لرؤيته المستقبلية عن أوروبا ما بعد الحرب، اذ كان مشغولاً باكتشاف جديد يدعى التلفزيون. أما النقاد، فكثيرون أساؤوا فهمه واتهموه بعقدة العظمة والنرجسية. قلائل ابحروا عكس التيار وتحدوا السائد من الكتابات المستعجلة ودافعوا عن خياراته. فرنسوا تروفو واحد من هؤلاء، اذا كتب عن "بلايتايم" غداة صدوره: "هذا فيلم من كوكب آخر حيث يصنعون أفلاماً مختلفة عن أفلامنا. "بلايتايم" قد يكون أوروبا عام 1968 صوّره أول مخرج من المريخ (...)، فرأى ما لم نعد نراه واستمع الى ما لم نعد نستمع اليه، وصوّر عكس ما نصوره".

"بلايتايم" هذا اعتبره كثيرون انتحاراً فنياً عندما باشر تاتي التصوير الذي أستغرق ثلاث سنوات. ولعدم قدرته على التقاط المشاهد في الأماكن التي كان يريدها (طبعاً كان ذلك من المستحيلات!)، منها مطار أورلي مثلاً ومبنى الـ"أيسّو" في الديفانس، فقد بنى مدينة من مجسمات في جنوب شرق باريس على مساحة 15 ألف متر مربع. تخيل تاتي كل تفاصيل المدينة، وأوجين رومان نفذ. خمسة أشهر وأكثر من 100 عامل جسدوا الرؤية المستقبلية لتاتي. بالنسبة اليه، كان على الهندسة المعمارية أن تسحق الإنسان. ان تبيّنه فأراً يهرب من مخبأ الى مخبأ. لذا نراه، هو تاتي، في دور موسيو أولو لا يجد موطئ قدم في مدينة مضيئة وذات بريق، شفافة وكل شيء فيها يبعث على التلصص. على رغم ذلك، تطرده منها في كل لحظة. نبوءات كثيرة جاءت في الفيلم: العولمة، فوبيا التدخين، التكنولوجيا والإحتيال، طغيان اللغة الإنكليزية... جراء هذا كله أراد تاتي القول إننا لم نعد نرى الشيء بل صورته المعكوسة إما على واجهة متجر وإما في مرآة. اعتبر تاتي ان منطقة الديفانس وطراز العمار فيها من وحي فيلمه. لكن، لسوء الحظ، لم يبق شيء من هذا الديكور الذي دمِّر ما إن انتهى التصوير.

جاك تاتي كان سبّاقا لزمنه، فلم يُفهَم وكان ينظر البعض الى استخدامه الـ70 ملم، المخصص لأفلام الوسترن او ذات الضخامة التجسيدية ("كليوبترا" مانكيفيتس او "بن هر" وايلر)، باعتباره ترفاً، لكن الواقع أنه كان يريد أن يرى، من خلاله، أوسع مما تراه العينان. لا لقطة بريئة في "بلايتايم". لا لون، سواء كان رمادياً، أسود، ازرق، أم مولتيكولوراً، كما في الصباح الفوضوي، ثمرة المصادفة. كأن تاتي كان يشعر أن المجتمع الإستهلاكي آتٍ ليحتل البيت ويسكن المعدة ويقتحم العقل، ويخلق انساناً جديداً يهرب لكن لا يعرف الى أين. بهذا المعنى كان تاتي رؤيوياً وصاحب نبوءات.

الفيلم قضى انذاك، بعد عرضه في الصالات، قبل أشهر قليلة من حوادث أيار 68، على مسار واحد من أكثر السينمائيين الإنقلابيين في تاريخ السينما، لعدم قدرته على إقناع جمهور كان منهمكاً ساعتئذ بقضايا الأمة ومناهضة الإمبريالية، من بين أشياء أخرى. فكان الإفلاس الذي أجهض أحلام أكبر مبدع فرنسي في حقبة ما بعد الحرب الثانية. هذه الاستعادة اليوم، وغيرها من التحيات على نية الغائب الكبير، طوال العقود الثلاثة الأخيرة، انتقام له ولسينماه التي تبدو أكثر حداثة من كل التيارات التي ادعت الحداثة في زمنها.  

(hauvick.habechian@annahar.com.lb)

 

برنامج العروض

         الخميس 27 (افتتاحاً)

• "أرجو فتح الباب" لجوانا حاجي توما وخليل جريج (12 دقيقة - 2008).

• "عطلة مسيو أولو" (98 دقيقة - 1953) في حضور ستيفان غوديه.

        الجمعة 28

"يوم عيد" (70 دقيقة - 1949).

         السبت 29

• "عمي" (120 دقيقة - 1954).

        الأحد 30

• "بلايتايم" (124 دقيقة - 1967).

         الاثنين 31

• "ازدحام" (96 دقيقة - 1971).

        الثلثاء 1

أفلام تاتي القصيرة (الساعة 19:00).

•"باراد" (83 دقيقة، 1974).

         الاربعاء 2 (ختاماً)

• "ارتباك" لايليا سليمان (6 دقائق - 2007).

• "سجل اختفاء" لايليا سليمان (84 دقيقة - 1996).

 

(•)  الأفلام كافة ناطقة بالفرنسية مع ترجمة الى الانكليزية. أما مواعيد العرض فالساعة التاسعة مساء في صالة "متروبوليس" (أمبير - صوفيل). يذكر أيضاً ان أفلام بيداغوجية محورها جاك تاتي من اخراج ستيفان غوديه ستُعرض اثناء الاسبوع المخصص للمعلّم الفرنسي.

النهار اللبنانية في

27/05/2010

 

المهرجان الدولي للفيلم بتونس.. من دون أفلام تونسية

 مبروكة خذير – تونس  

لم يخرج المهرجان الدولي لفيلم بتونس عن جلباب دورته السابقة. فبنفس الشعار، نساء احبكن،  سيواكب جمهور قاعة الحمراء بالمرسى من 27 إلى 30 مايو الجاري الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بتونس. والهدف من  اختيار هذا  الشعار للمرة الثانية على التوالي هو التعريف بالمرأة السينمائية في مختلف أنحاء العالم، من خلال تسليط الضوء على مشاركتها الحضارية والثقافية في المجتمعات وذلك من خلال عرض أفلام قصيرة وطويلة ووثائقية تكون فيها المرأة مخرجة أو منتجة أو  بطلة أو كاتبة سيناريو...

أما  تونس التي شهدت في السنوات الأخيرة  انجاز العديد من الأفلام ، فتكاد تكون غائبة عن هذه  التظاهرة، فهي لن تكون حاضرة إلا بفيلم يتيم يندرج ضمن قسم السينما الاستعادية هو فيلم "صمت القصور" الذي أنجز سنة 1994 ،  للمخرجة مفيدة التلاتلي التي كانت من بين لجنة تحكيم المسابقة الدولية في الدورة السابقة للمهرجان.

في المقابل تشهد المسابقة الرسمية مشاركة ستة أفلام من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا واسبانيا والمجر فضلا عن فيلم من إنتاج مشترك بريطاني/هندي.  و تتنافس هذه الأفلام للحصول على جائزة "عليسة"، اسم الأميرة المشهورة أيضا باسم "الملكة ديدون" أو "أليسا" مؤسسة قرطاج سنة 814 قبل الميلاد.

كما يستضيف المهرجان عدة وجوه سينمائية من بينهم كلوديا كاردينال ويمينة بن قيقي وسيدة جواد ودرة زروق وايمانويل بورت وفيليب كاروا ودولوراس شابلان وانطوني كفاناغ.

وبالتوازي مع هذه العروض السينمائية تشمل هذه الدورة لقاءات فكرية مع ممثلات ومخرجات ومنتجات لهن بصمات في المشهد الثقافى العربى والأجنبي من بينها الممثلة الإيطالية ذات الجذور التونسية كلوديا كاردينال.و لا يتأخر  منظم  المهرجان و مؤسسه  الفرنسى نيكولا بروشى في التصريح بأن طموحه الأكبر هو جعل هذا المهرجان شبيها بمهرجان كان الفرنسى.

فيلم ما قبل الافتتاح... في وقت متأخر...

في حدود العاشرة والنصف ليلا، في الوقت الذي يأوي فيه جل التونسيين إلى بيوتهم، كانت قاعة الحمراء بتونس العاصمة على موعد مع الفيلم المكسيكي الكوميدي الموسيقي  "كازي ديفاس"  .فيلم يتحدث عن انضمام  أربعة  نساء من خلفيات مختلفة لمسابقة لانتخاب ممثلة جديدة. كل ذلك  بدافع الطموح والكبرياء والرغبة في المجد. لكن هؤلاء ،تواجهن صعوبات كثيرة منها التلاعب والفضائح والمضايقات التي تعرضن لها في وسائل الإعلام. ولكن في النهاية يجنحن إلى  استخلاص الدروس وأفضل...

بدا التحضير هذه السنة للدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بتونس في وقت متأخر جدا، كما بدا عدد الأفلام قليلا مقارنة بالسنة الماضية التي ضمت عشرين فيلما في المسابقة، لكن لعل المهرجان يتدارك ضعف التنظيم من خلال الضيوف البارزين في عالم السينما والذين سيكونون حاضرين في سهرات فنية على هامش أيام الدورة .

الجزيرة الوثائقية في

27/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)