حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

بعد العودة من المهجر

لبنى عبدالعزيز: «فتافيت السكَّر» لم تُشعرني بالغياب

القاهرة ـ دار الإعلام العربية

على الرغم من غيابها الطويل عن الساحة الفنية وعن مصر، إلا أنها ظلت موجودة فنيا من خلال أعمالها السينمائية التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب، وبعد عودتها من الولايات المتحدة الأميركية ظن الكثيرون أن الفنانة الكبيرة لبنى عبدالعزيز ستعوض المشاهدين عن الغياب، فقدمت خلال الأعوام الأربعة الفائتة مسلسلاً واحدا هو «عمارة يعقوبيان»، ومسرحية واحدة هي «سكر هانم»، وأعلنت أنها مزاجية لا تنخرط في أي عمل بسهولة، فلن تُقدِّم إلا عملاً متميزا، وكأنها تُعيد شريط الفن الجاد إلى الوراء. «الحواس الخمس» التقى الفنانة «لبنى عبدالعزيز» في حوار عن حياتها الفنية بعد عودتها من الولايات المتحدة الأميركية.

·         لماذا لم تنخرطي بعد عودتك في الساحة الفنية لتقديم أعمال تُعوِّض غيابك الطويل؟

في الأساس أنا قليلة الأعمال الفنية سواء قديما أم حديثا، ويحكمني المزاج، لكن إذا ما استفزني عمل ما أقوم بالإعداد له فورا من دون كسل، وإذا تم حصر ما قدمته في السينما من قبل فلن نجد سوى 15 فيلما فقط، وبعد عودتي منذ 4 أعوام قدمت مسلسل «عمارة يعقوبيان»، ومسرحية واحدة أقدمها - حاليا - هي «سكر هانم»، وإن كان البعض بعد عودتي بفترة قصيرة روَّج شائعات بأنني اعتزلت الفن، وهذا لم يكن صحيحا؛ لأنني لو اعتزلت لأعلنت ذلك، لكنني بطبيعتي هادئة، ولا أسعى إلى النجومية؛ لذلك آخذ قراري بهدوء، ولا أقبل عملاً إلا إذا كان يضيف إلي، فلم أضع المكسب المادي يوما في خاطري منذ عملت بالفن.

سكر هانم

·         كيف وافقت على تقديم مسرحية «سكر هانم»؟

عندما قُدم لي النص لفت نظري اسم المؤلف «أبو السعود الإبياري»، وأدركت أن العمل سيعجبني، فهو قد استوحى موضوع المسرحية من نص فرنسي، وسبق تقديمها كمسرحية على مسرح إسماعيل يس في أربعينيات القرن الفائت، وسعدتُ بالشخصية الكوميدية مع شباب يمتلكون مواهب جيدة؛ لذلك جاءت موافقتي.

·         هل قبولك للمسرحية يعني اشتياقك للقاء الجمهور أم لأنك وجدتي فرصة العودة للساحة الفنية؟

أتعامل مع التمثيل كهاوية وليس احترافا؛ ولذلك لم أفكر في فرص تضيع أو تبقى، وبالنسبة لأشواقي للجمهور أمر طبيعي، خصوصا أنني أتعامل مع جمهور جديد عبر 5 أو 6 أجيال أتت بعد سفري، ولكن كل ما في الأمر أن زارني «أحمد الإبياري» في منزلي ومعه ابنه طارق، وطيلة الجلسة لم أقل شيئا يفيد بموافقتي على أداء الدور، وذهبوا وتركوا الأمر معلقا على أمل أن أفكر جيدا، ووجدت الدور عاديا ولكن شخصية «سكر هانم» - المهاجرة التي تعود إلى أرض الوطن - ترتبط بأشواقي نفسها وأنا في أميركا، حيث كنت أتشوق للعودة لوطني، فهذا ما جذبني للشخصية، وبعد عدد من الاتصالات أعلنت موافقتي، وبالفعل وجدت استقبالاً حافلاً من الجمهور فأدركت آنذاك أن السينما ذاكرة خطيرة، ومن خلال أعمالي في الستينات كانت العلاقة مستمرة بيني وجمهوري.

آخر صورة

·         كيف كان اللقاء المباشر مع الجمهور في مسرحية «سكر هانم» بعد الغياب الطويل؟

كان الاستقبال يفوق التصور على الرغم من أنني كنت خائفة من التجربة بعد هذه الأعوام الطويلة، إضافة إلى أن المسرح يعني مواجهة الجمهور مباشرة، فقد كنت أتردد كثيرا في قبول أعمال بعد عودتي من الهجرة؛ لأنني كنت أفكر في آخر صورة لي لدى جمهوري، لكن كثرت الضغوط من المنتجين والمخرجين والجمهور من أجل عودتي، وحين وقفت مواجهة للجمهور على المسرح شعرت أنني لم أغب عنه لحظة واحدة.

·         ما أوجه الاختلاف والتشابه بين ما كان في السينما، وما يُطرح حاليا؟

لكل زمن ظروفه واحتياجاته، وأعتقد أن الاختلاف في الكتابة والإخراج والإنتاج، لكن - حاليا - لدينا ممثلون أصحاب مواهب، أما إذا نظرنا إلى الإنتاج نجده يهدف إلى الكسب المادي، إلا أنه كان في أيامنا يركز في قيمة العمل، كذلك زاوية الكُتَّاب، فنجد في السينما قديما «نجيب محفوظ، إحسان عبدالقدوس، يوسف إدريس» وغيرهم من كبار الكتاب، فهؤلاء حين يجتمعون مع «السيد بدير، صلاح أبو سيف، رمسيس نجيب» فمن المؤكد أن العمل سيكتب له الخلود.

·         هل نتوقع أن نشاهدك في عمل درامي قريبا؟

نعم، عُرضت عليَّ الكثير من الموضوعات الدرامية، لكنني لم أجد نفسي فيها، ولا أزال أبحث عن موضوع جيد، وسأنتظر؛ لأنني لست من الذين يعتقدون في ضرورة الوجود كل عام على ساحة الدراما أو الموسم السينمائي، فلن يمنعني طول الغياب من أجل الحصول على عمل متميز.

·         ما رأيك في فنانات الجيل الحالي وما الفارق بينهن والسابقات؟

الفرق بين فنانات زمان والحاليات هو الفارق بين الموهبة والدراسة، ففي زماننا كانت أي فنانة موهوبة يمكن أن تمثل فورا، وإذا كان هناك عيوب في أدائها تتحسن بسرعة نتيجة مساعدة أصحاب الخبرة، أما فنانات اليوم ففيهن الكثيرات يتمتعن بالموهبة أيضا، وأثق كثيرا في موهبة البعض منهن.

سينما عشوائية

·         في أي مكانة تضعين سينما اليوم؟

لن أُجمِّل الكلام، فالسينما اليوم سيئة جدا وعشوائية، وبدلاً من استغلالها الإيجابي للتكنولوجيا والأجهزة الحديثة تراجعت قيمتها، وذلك عكس سينما زمان التي كانت تقدَّم أفضل بكثير من سينما اليوم في ظل تواضع الإمكانات المتاحة، فقد طغى المكسب المادي على تفكير المنتجين ونجوم التمثيل، ولم يعد هناك تفكير في قيمة العمل وأولوية الاهتمام بالجوانب الفنية، ولابد أن يدرك صُنَّاع السينما أن المشاهد العربي يعي تماما ما يُقدَّم له، ولن يظل هكذا يقبل ما يقدم إليه.

·         هل تقصدين أن إقبال الجمهور على أفلام الأبيض والأسود ليس فقط لجودتها، ولكن هروبا مما يُقدم حاليا؟

بالتأكيد، فالجميع يؤكد حبه للأفلام القديمة؛ نظرا إلى اختفاء العشوائية؛ ولأن هذه الأفلام كانت تحترم المشاهد بإتقان العمل من قصة إلى ديكور إلى موسيقى إلى غناء، أما اليوم فنحن أمام سينما صادمة بلا مبرر، ومحشوَّة بغناء ورقص لا علاقة له بالموضوع، وأنا لا أزال أشاهد الأفلام القديمة، خصوصا أفلام «فاتن حمامة، شادية، هند رستم، رشدي أباظة، نادية لطفي» وأستمتع بها كثيرا، وأحيانا أدهش حين أعقد مقارنة بين كمِّ وكيف الإنتاج قديما وحديثا، فقد كانت السينما تنتج أكثر من 150 فيلما في الموسم الواحد، وكان أغلبها يحصد جوائز كبرى في المهرجانات العالمية، وحاليا لا تشارك مصر في المسابقات الرسمية للمهرجانات إلا نادرا، وهذه كارثة لابد لنا من الوقوف عندها وبحث أسباب هذا التدهور في صناعة السينما كمّا وكيفا.

·         هل مازلت تحلمين بفيلم رومانسي يعيدك من حيث مرَّ الزمان؟

الرومانسية موجودة، وليست محكومة بفترة زمنية، والبحث عن عمل يجذبني حتى لو لم يكن رومانسيا، فقد قدمت الموضوعات العاطفية في أفلام مثل «الوسادة الخالية»، «غرام الأسياد»، كما كان لي نصيب في الأفلام التاريخية مثل «واإسلاماه»، ولا أريد أن أحصر نفسي في أدوار الرومانسية، فلكل وقت أدوار تناسب الفنان.

خلاعة غنائية

·         لا يزال الجيل السابق مرتبط ارتباطا وثيقا بالغناء القديم، فما موقفك من الموسيقى والغناء حاليا؟

أحب الموسيقى كثيرا وأفضل الاستماع إلى أم كلثوم، على الرغم أنني في السابق كنت متأثرة بالغناء الغربي، لكن بعد أن ركزت في متابعة أم كلثوم عشقت تجربتها المثيرة وأداءها المعجز، لكن ما يُقدَّم اليوم في ساحة الموسيقى والغناء هو العبث بعينه، ولا علاقة له بالفن، وربما هذا ما يدعوني إلى التمسك بفن الزمن الفائت أكثر، فلا أتصور أن أعمالاً مُخجلة يسمونها «الفيديو كليب» تُعرض على الفضائيات أمام العامة صغارا وكبارا، فقد هربت من أمام التليفزيون في يوم حين رأيت «خلاعة» غنائية غير معقولة في إحدى القنوات وقمت خائفة، وتعجبت مما يحدث، وقد أصابني الرعب والخجل وأنا في بيتي، وتحسَّرت على ما كان من غناء حقيقي يمثل الشخصية المصرية.

لبنى في سطور

- ولدت لبنى عبدالعزيز في القاهرة في 4 مايو 1935 وعملت بعد تخرجها في الجامعة الأميركية في الإذاعة المصرية، وقدمت مجموعة من البرامج الحوارية أشهرها «بورتريه» التي استضافت فيه رموز الفكر والسياسة والأدب.

- قدمت للسينما المصرية مجموعة متميزة من الأفلام الجادة منها: «الوسادة الخالية، واإسلاماه، غرام الأسياد، رسالة امرأة مجهولة، عروس النيل، أدهم الشرقاوي، العيب»، وكان آخر أفلامها «إضراب الشحاتين» أمام الممثل الراحل «كرم مطاوع»، وبعد هذا الفيلم سافرت مع زوجها، إسماعيل برادة، إلى الولايات المتحدة؛ حيث قضت ما يقرب من 30 عاما قبل أن تعود معه لتستقر في القاهرة.

- تكتب حاليا مقالاً أسبوعيا ل«الأهرام وكيلي»، كما دعتها د. أميمة كامل رئيس الشبكة الثقافية لإعادة تقديم برامج «آنتي لولو» في البرنامج الأوروبي.

البيان الإماراتية في

16/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)