حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

من يكتب الواقع الإماراتي وكيف نوثقه عبر الفن؟

سفينة الدراما تسبح في القضايا العربية بلا قبطان

دبي - جمال آدم

قديما لم يكن ثمة انتشار بحجم ما نراه اليوم للدراما المحلية، واللعبة كانت تدور بين عشرة أسماء وكاتب ومخرجين وربما زادت الأرقام ولكن بنسب بسيطة مقارنة بما هو اليوم ، و كان كتاب الدراما المحلية اهم من أهل الصنعة ذاتها وكانت آلية الكتابة تقوم على مساهمات من بعض الفنانين مثل أحمد منقوش ومحمد الجناحي وسلطان الشاعر.

ولعل معظم الكتابات كانت تتحول بعد أن يتم وضع العمود الفقري لها، وتتغير إلى ما يشبه الارتجال أمام الكاميرا وكل هذا كان مصحوبا بقدرة عالية للفنان في الارتجال وصياغة سيناريو جديد لذا لم تكن هناك ملامح حقيقية لسيناريو احترافي بل ربما لو أردنا التفسير الدقيق لهذه الحالة هذا هو الاحتراف بحال من الأحوال.

وهذا الأمر لم يكن وليد حالة خاصة هنا بل ربما انسحب على معظم الدول العربية التي كان يصور الفنانون فيها بهذه الآلية أو بآليات مختلفة وعموما لم تكن هناك ملامح عامة لسيناريو احترافي عربيا في الدراما التلفزيونية قبل بداية الثمانينات من القرن الماضي ولعل اسم أسامة أنور عكاشة قد حقق انقلابا جذرياً كأحد أبرز محترفي كتابة السيناريو في العالم العربي بل قد يكون أولهم .

وأشار الكاتب جمال سالم أحد ابرز كتاب الدراما المحلية وأكثرهم احترافا في الساحة الخليجية أن هناك الكثير من المطبات التي تتعلق بوجود كتاب دراما تلفزيونية بالدرجة الأولى بالساحة المحلية، والأمر برأيه يتعلق بقفزة حققتها الدراما الإماراتية دون التخطيط لوجود كاتب درامي محلي مشيرا انه يمكن الاستعاضة بمخرج عربي .

ولكن من الصعب الاستعانة بكاتب عربي من اجل قضايا محلية او خليجية فهذا أمر صعب التحقيق لذلك من الضروري تربية أجيال إماراتية تهتم بحرفة الكتابة وتنتبه لها مع تفعيل دور المؤسسات الرسمية في هذا الأمر، وأكد جمال أنه على استعداد الى لقاء شباب مهتمين بتطوير أدواتهم في الكتابة الدرامية وتفعيلها باتجاه تسليمهم مفاتيح للبدء بمشاريع جادة.

لافتا أن الأفكار قد تكون موجودة في بعض الأعمال ولكن معالجتها المغلوطة أو السطحية قد تؤدي إلى نتائج غير مجدية على صعيد تلقي العمل ذاته، وعلى الرغم من تفاؤل جمال بالحالة الدرامية الإماراتية وانتشارها وتعدد الأعمال الدرامية وانتشار الفنان الإماراتي إلا أنه متخوف من عدم وجود كم من الكتاب يرعى هذا الانتشار ويضمن حالة الاستمرار تلك منوها أنه مطب الاستمرار الأكثر صعوبة .

ويذكر ان الكاتب جمال سالم برز اسمه على الساحة كمؤلف درامي منذ العام 1993 حينما قدم منتجا وكاتبا لمسلسل بركون ومنذ ذلك الوقت وهو يمارس الكتابة للمسرح والتلفزيون مقدما ما يزيد عن العشرة أعمال محلية غير سلسلة حاير طاير التي تعتبر إحدى أهم انجازاته الدرامية .  

تقديم أعمال ذات معالجات سطحية مغامرة غير محسوبة

ثمة الكثير من الإشارات التي تشير إلى اتساع حركة الكتابة الدرامية في الإمارات إذ يعترف العاملون في حقل الدراما المحلية أن المنتَج الدرامي المقدم لا يدل بالضرورة على أن هناك حالات ولادة كتاب دراميين بل ينفي الكاتب والمنتج الفنان سلطان النيادي أن يكون هناك كتاب دراما جدد مستشهدا بورشة كبيرة قام بها قبل عدة أشهر تمهيدا للأعمال الدرامية للفترة المقبلة ولصالح شركة ظبيان التي يديرها في العين.

أي أن يكون هناك تحضيرات مسبقة لأعمال متوقعة وقد باءت نتيجة هذه الورشة بالفشل دون أن تقدم كاتبا واحدا، ومنوها بغياب الكاتب الدرامي المحلي الذي يثري مسيرة الدراما المحلية، مؤكدا أن هناك تقصيرا في دعم تجارب محلية ويشير النيادي إلى دور المؤسسات في محاولة إضاءة الجوانب التي من خلالها تستطيع الدراما المحلية تجاوز مطب عدم وجود كتاب.

وبدوره يشير الشاعر والكاتب محمد سعيد الضنحاني أن الوقت سيضمن ولادة كتاب دراميين في الساحة الفنية الإماراتية منوها بضرورة تشجيع شركات الإنتاج للكتاب الجدد ومساعدتهم في الانتشار شرط أن يكون الالتفات للقضايا المحلية ومعالجتها بروح الواقع الإماراتي الحافل بالكثير من الحكايات والقصص التي تحتاج إلى من يقدمها للشاشة.

وأكد الضنحاني أن التشجيع على الورش التدريبية والاستعانة بالخبرات العربية في هذا المجال سيكون له دور كبير في تنشيط حركة الكتابة الدرامية وأكد الضنحاني أن الدراما الإماراتية ستكشف عن وجود مواهب شابة في هذا السياق .

وتمنى الضنحاني من التلفزيونات الملحية أن تعلن عن مسابقة لأفضل نص درامي وليكن بالصيغ الأولى للفيلم التلفزيوني أو لما عرف عنه بالسهرة الدرامية في البداية مع تنشيط هذا المجال وتخصيص مكافآت للفائزين لافتا إلى الآلية التي نشطت فيها الفجيرة من أداء مهرجان المونودراما ومن نص المونودراما على الساحة العربية بتخصيص جوائز قيمة للفائزين وستكون النتائج بطبيعة الحال انتشار للكتابات المتميزة وللكتاب الموهوبين . 

انفتاح الإمارات على الآخر يحمل مفاتيح حكايات كثيرة

تجارب الخليج الدرامية لا تغوص جيداً في مجتمعاتها

«لن يستقيم للدراما الإماراتية حضور واهتمام واستمرارية في ظل غياب الكاتب الدرامي المختص بتفاصيل المجتمع لأن غياب الكاتب يعني غياب الصانع أو الطباخ وبالتالي فالفسيفساء الذي يمكن ان يحققه عمل ما سيظل ضمن عملية وهم به وليس بما سيقدمه من إضافة لتحقيق بصمة درامية جديدة..

هذا ما أشار إليه الأستاذ الدكتور أسامة أبو طالب من خلال الدورة التدريبية التي حققها لعدد من المسرحيين والفنانين الشباب حول فن الكتابة التلفزيونية والمسرحية تلك التي عمل على إطلاقها نادي دبي الأهلي وبجهود من ندوة الثقافة والعلوم ،على مدار أسبوعين .

ولعل أبو طالب استشهد بما كان يقوم به الغواص في زمن الغوص من أجل استخراج اللؤلؤ بعد رحلة بحث مضنية مشبها عمل الكاتب بهذه المهنة الصعبة ، فعمل الكاتب حسب كلامه لا يقل أهمية لما يحصل عليه الغواص الماهر في رحلة البحث عن اللؤلؤ ومهنة الكاتب تحتاج إلى الغوص في المجتمعات التي يعيش بها الكاتب كي يخرج بأهم الكنوز الموجودة فيها وأشار أبو طالب أن المجتمع الإماراتي من أكثر المجتمعات الخليجية انفتاحا ولا يبالغ المرء، حسب تعبيره .

إن قال أن الحضارة التي تعيشها الإمارات مدهشة لجهة الانفتاح على الآخر وتقديم كل أشكال العون لأي وافد إليها ليكون وبسرعة جزءا من عملية إنتاج معرفية سريعة ومختلفة التوجهات على أكثر من صعيد، وهذا بحال من الأحوال ينتج الكثير من القصص والحكايات فوراء كل من جاء إلى هذه البلد حكاية تفاعلت بدخوله أو بانصهاره في النسيج الاجتماعي وهذا ما يجب التعامل معه بمنطق الكاتب الاحترافي، منبها لأمر هام أن الكاتب عليه أن يكون ابنا حقيقيا لهذا المجتمع وعلى علم بمكونات هذا النسيج وهذا بطبيعة الحال يحتاج إلى وقت ودراية بالعملية الاجتماعية لذا ابن الإمارات أقدر فيما لو توفرت له الظروف والإمكانات في تقديم تصور درامي هام عن مجتمعه .

ومن خلال مشاهداته واحتكاكه بالكثير من رواد الدورة التدريبية وقد قدروا بحوالي عشرين شابا شاركوا في الدورة أكد الدكتور اسامة في حديثه مع الحواس الخمس أن هناك استجابة هامة جدا من قبل المشاركين الذين لم يتغيب منهم أحد ، بل لو كان هناك متسع من الوقت لربما ظهر إنتاج درامي بنص مسرحي أو تلفزيوني يعبر عن التعاطي الإيجابي مع المهمة التي أوكلت إليه .

ومشيرا أن هناك آفاقا كبيرة لولادة كتاب دراميين بكل ما تحمله هذه الكلمة ولكن وفي ظل غياب معاهد أكاديمية ودورات اختصاصية على مدار العام يبدو من الصعوبة بمكان أن يكون هناك كتاب محترفين عبر نص مسرحي مثالي أو من خلال سيناريو تلفزيوني احترافي الأمر الذي يمكن ملاحظته بحال من الأحوال في الكتابة الدرامية الخليجية التي يلتقط أصحابها أو القائمون على الكتابة الدرامية فيها لأفكار هامة.

ولكن لا يتاح لهم تجسيدها ضمن صيغة احترافية كما يحدث مع أماكن أخرى في العالم العربي ومع كتاب متمرسين كما يحصل في دمشق أو القاهرة ، وهذا له علاقة بحال من الأحوال بتقنية الكتابة الدرامية التي تحتاج إلى مفاتيح إبداعية، وأشار الدكتور أسامة أنه التقط الكثير منها من خلال الشباب الذين وفروا له فرصة للإطلاع على مقدراتهم الإبداعية .

وعلى الرغم من قلة الكتاب الدراميين بالامارات إلا أن ثمة تجارب أعطت انطباعات حسنة عن دراما إماراتية ساخرة وألمح الدكتور أسامة إلى اضطلاعه بشكل سريع على تجارب كوميدية ساخرة مثل السلسلة التلفزيونية حاير طاير والمواضيع الهامة التي يكتبها السيناريست جمال سالم أحد أبرز الكتاب الإماراتيين .

ومن جهة ثانية رأى الدكتور أسامة والذي قام بإدارة قسم النقد المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية بالكويت أن هناك الكثير من التجارب الخليجية التي تعطي إيحاء بأنها قارئة جيدة للمجتمع ولكنها للأسف لضعف التقنية الكتابية فيها رأى أنها تحوم على السطح ولا تدخل في المعركة ذاتها وبالتالي لا يمكن ان تحقق الدراما التلفزيونية حضورا هاما دون كاتب فهو قائد العمليات الدرامية قاطبة والأمر في التلفزيون قد يختلف عن المسرح لأن التلفزيون يحتاج إلى عمود فقري لتقديم الشخصيات وهذا لا يحققه إلا نص محترف .

البيان الإماراتية في

16/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)