حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الفنانة السورية قالت لـ «الشرق الأوسط» إن هناك تيارا يرى أن الدراما المعاصرة تفتح الأبواب على أمور غير مرغوبة

ضحى الدبس: كسبت الرهان بعد أن غيرت طريقة تفكيري وتعاملي مع الواقع الفني

هشام عدرة

عرفتها الدراما السورية فنانة مجتهدة ومتألقة، وشاهدها الجمهور في أعمال كثيرة تنتمي إلى مختلف أنواع الدراما الاجتماعية المعاصرة والتاريخية والبدوية، وبرزت في الأعمال الأخيرة في الشخصية الريفية التي جسدتها في مسلسل «رياح الخماسين» مع المخرج هشام شربتجي وأمام الفنان فايز قزق، وبرزت حتى في دراما البيئة الشامية من خلال مسلسل «الحصرم الشامي» رغم أنها ليست دمشقية الأصل، ولم تتوقف عند هذه الأعمال فقط، وهي التي تنتمي إلى جيل الفنانات السوريات اللواتي برزن وتألقن مع انطلاقة الدراما السورية أواخر ثمانينات القرن الماضي وفي تسعيناته، فتابعها المشاهد في أعمال كوميدية من خلال مشاركتها في سلسلة «مرايا» و«بقعة ضوء» الكوميدية الناقدة والساخرة وغيرها من الأعمال، كما كانت حاضرة في أفلام سينمائية روائية طويلة ومنها «نسيم الروح» و«زهر الرمان» و«الليل الطويل» و«رقصة النسر» وغيرها. إنها الفنانة السورية ضحى الدبس، التي التقتها «الشرق الأوسط» في دمشق، وكان الحوار التالي:

·         ما آخر الأعمال التي أديت أدوارك فيها للموسم الدرامي الحالي؟

- شاركت في أعمال متنوعة، وما زلت أصوّر دوري في بعضها - كانت كثيرة والحمد لله - ومن هذه الأعمال المسلسل البيئي «أهل الراية» في جزئه الثاني، وأجسد فيه شخصية «أم مالك»، التي تثأر لزوجها الذي قتل في الجزء الأول، وتسبب إشكالات في الحارة. وشاركت في مسلسل «لعنة الطين»، من البيئة اللاذقانية، وهذا أول عمل أتحدث فيه لهجة هذه البيئة. وحكايته جميلة. وأصور حاليا دوري في مسلسل «وراء الشمس»، وهو اجتماعي يتحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة (مرضى التوحد)، وأؤدي فيه شخصية أُمّ تنتظر ابنتها الحامل التي ستلد طفلا منغوليا، وكيف ستكون حال الأسرة وهي تنتظر مجيء طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة. كذلك أصور دوري في مسلسل «أبو خليل القباني» للمخرجة إيناس حقي، وأجسد فيه شخصية «أم نور الصباح»، الفتاة التي تمردت على عادات مجتمعها وتلتحق بفرقة القباني المسرحية، وأكون كأم تعيش حالة تناقض، فهي من داخلها تؤيد ابنتها بينما من خارجها مع المجتمع وعاداته وتقاليده. وأشارك في مسلسل «الخبز الحرام» للمخرج تامر إسحاق، وأؤدي مع الفنان خالد تاجا خطا معينا في المسلسل الذي يتحدث عن بخل الزوج، وغير ذلك. وهناك عمل جديد عرض علي وهو من البيئة الشامية يسمى «عش الدبور»، أدرس حاليا مشاركتي فيه وإذا ما كنت سأتمكن من التنسيق بينه وبين الأعمال التي أصورها حاليا. كذلك شاركت في مسلسل «الزلزال» للمخرج محمد شيخ نجيب، وفي مسلسل «البقعة السوداء»، وأقرأ حاليا عملا جديد اسمه «الصندوق الأسود» للمخرج سيف الشيخ نجيب.

·         في رأيك، ما أسباب نجاح دراما البيئة الشامية، وأنت شاركت فيها، وكيف يمكن المحافظة على نجاحها؟

- أنا من الذين يحبون التنوع في الدراما من خلال اللون والنوع والأسلوب، وحتى الممثل، وعندما أشارك في عمل بيئي أعيش العمل وأقدمه بطريقة مختلفة عن الأعمال الاجتماعية المعاصرة من حيث إيقاع الزمن ومفرداته التي اختلفت، وكذلك المعطيات وحتى الشخصيات تغيرت، فالأم قبل مائة سنة لا تشبه الأم حاليا، ولذلك كممثلين نرى في الانتقال من عمل بيئي إلى عمل معاصر أمرا جميلا وفيه تنوع ويشعر الممثل بالاستمتاع وهو يلعب اللعبة ما بين التراثي والمعاصر. وأنا مع أعمال البيئة بشرط أن لا يكون هناك استهلاك وتقليد للأعمال الأخرى مثلما حصل مع «باب الحارة» عندما نحج فحاول البعض تقليده مما أدخل أعمالهم في الاستهلاك. وفي رأيي أنه عندما يتمكن أي مخرج أو منتج من أن يقدم عملا بيئيا مختلفا ولا يقلد الآخرين فأنا معه حتى يتمكن من الحصول على الجماهيرية كالأعمال الأخرى، خصوصا أن هذه الأعمال لاقت النجاح من منطلق أننا نعيش في زمن متعب وفي مرحلة التكنولوجيا التي تبلع كل شيء وستكون في يوم ما سلاحا ضد الإنسان، ويبدو أن الناس وما يعيشونه من تعب يومي ولهاث نحو متطلبات الحياة صار لديهم توق ليعيشوا الأيام السابقة ويقفوا على أطلال الزمن الماضي الجميل. وهذه الأعمال تجعل الإنسان يعيش في حالة استرخاء بعد أن يصل إلى مرحلة يقول فيها إنه تعب من الحياة المعاصرة، حيث يرى أن الحياة كانت أبسط وتفاصيلها بسيطة، ولذلك صار الإنسان يتعلق بها مثل شخص يقول: «تعبت من العيش في المدينة وصخبها وأرغب في العيش في قرية ريفية وأتنعم بهدوئها وأعيش مع الطبيعة». وأشبّه هذه الأعمال مثلما كنا أطفالا، وكانت جدتي تقص علينا قصصا من الماضي التي عاشته فنعيش في خيال وأحلام جميلة ونحلق بحكايا الجدات، ولذلك رأيي أن هذه الأعمال لاقت جماهيرية كبيرة لأن المشاهد صار يبحث عن العمل التلفزيوني البسيط والسهل الذي يتغلغل في ثنايا الروح، خصوصا مع فقدان القيم من الشهامة والكرم وحسن الجوار فصرنا نحن إليها رغم صعوبة العودة إليها. وهناك سبب آخر لانتشار الدراما البيئية، وهو وجود تيار ما يرى أن الدراما المعاصرة تفتح الأبواب على أمور غير مرغوبة، ولذلك فضلوا العودة إلى التراث والأصول ومن منطلق أننا شعب شرقي علينا التمسك بالأصول والعودة إليها، وأن الدخيل علينا ليس من شيمنا. أشعر أن هناك تيارا يؤمن بذلك، ولا أدري إن كان شعوري صحيحا أم لا!

·         هل لديك مشاركات جديدة خارج سورية؟

- لم يعرض علي المشاركة في الدراما المصرية حتى الآن، وليس لدي الرغبة للمشاركة فيها، وهناك عمل كويتي عرض علي وكنت أرغب خوض تجربة المشاركة في عمل خليجي، ولكن لم أوفق في التنسيق بينه وبين مشاركاتي الحالية فاعتذرت عنه. ولي مشاركات مع أعمال سعودية وجزائرية.

·         كيف تنظرين إلى تجربة عمل الفنانين السوريين مع الدراما المصرية؟

- أنا معهم ولست ضدهم، ولكن علينا أن نعترف هنا بأن الدراما السورية تحقق لنا النجومية، ولذلك من يقول إن الدراما المصرية تصنع نجومنا فهو غير محق. هذا كان في السابق، أما الواقع الحالي فبرأيي أن المصريين يعتمدون على نجوم الدراما السورية لكي يصنعوا نجوما لديهم، والمسألة برأيي هنا تتعلق بالمال حيث تدفع مبالغ كبيرة تجعل النجوم السوريين يذهبون إلى مصر، وأنا نفسي قد أضعف في حال دُفعت لي مثل هذه المبالغ الكبيرة، أما إذا كنت سأذهب إلى مصر دون مغريات فلن أفعل، فأنا أشعر أنني هنا في سورية أحقق حالة توازن، ولكن لست سعيدة من ناحية أجورنا المالية، فهي ليست عادلة.

·         ولكن يقال إن أجور الفنانين السوريين تحسنت في السنتين الأخيرتين والبعض اعتبرها طفرة.

- لا أبدا، لم تتحسن، وما حصل أنه صار فعلا هناك أجور مرتفعة جدا لعدد محدود من الفنانين لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، وهي طفرة بالفعل، وهؤلاء يبلعون الأجور وليوزع الباقي الضئيل على الآخرين حيث يأتي بعدهم أسماء قليلة تحصل على أجور مقبولة، وما يتبقى من المال يوزع على الجميع دون أي اعتبار لتاريخ الممثل الفني ونجوميته. وأنا أعرف فنانين نجوما وعريقين وأسماؤهم طنانة ورنانة في الدراما السورية وحتى العربية خفضوا أجورهم وعاملوهم مثل أي ممثل آخر، وكنت أفكر مع البعض أن نفتح ملفات مطولة لندافع عن أجورنا.

·         هل شاركت في الدراما المدبلجة؟

- لا، لم أشارك فيها رغم العروض الكثيرة التي قدمت لي في الدوبلاج، ولكن اعتذرت لأنني بصراحة لا أحب العمل الإذاعي ولا أعمال الدوبلاج حتى من قبل انتشار ظاهرة الدراما التركية المدبلجة، فمزاجي لا يركب مع ميكروفون وأمامي شاشة أحرك شفتيّ مع ما تعرضه، فلا نفسيتي تتلاءم مع ذلك ولا حتى عقلي يتقبلها.

·         هل يعني أنك لست ضد الدراما المدبلجة رغم ما قيل عن تأثيرها السلبي على الدراما السورية؟

- أنا مع الدوبلاج عندما يتم دبلجة أفلام عالمية مهمة، وخصوصا أن هناك مشاهدين لا يتمكنون من متابعة الترجمة واللحاق بها، ولذلك هؤلاء يستحقون تنفيذ أعمال مدبلجة لهم لتنمية الحس الجمالي لديهم وحتى تصل هذه الأعمال العالمية إلى كل الناس، وخصوصا الأميين الذين لا يجيدون قراءة الترجمة. وفي الأعمال التركية هناك ما هو مهم وهناك ما هو دون المستوى، وما يزعجني هنا أن يدبلج البعض وأن يعير صوته للآخرين ويكون العمل غير جدير بذلك، وهي أثرت بالفعل على مساحة بث الدراما السورية التي دخلت في مرحلة الخطر، وأفكر دائما أننا في الأعوام المقبلة ماذا سيحصل للدراما السورية، فهناك عدد من نجومها سحبتهم الدراما المصرية، والدراما الأردنية بدأت بالتحرك بشكل واضح، والدراما الخليجية استقلت وصار لديها إنتاج مستقل وكم كبير من الأعمال، فهناك 60 مسلسلا خليجيا حاليا بينما لا يوجد سوى 22 مسلسلا سوريا، في حين وصل إنتاجنا في السنوات الماضية إلى 64 عملا، ولذلك علينا أن نشجع الشركات الإنتاجية السورية لكي تنشط أكثر، وأنا قبلت مؤخرا من إحدى الشركات أجرا أقل مما أحصل عليه عادة، من باب تشجيع هذه الشركة.

·         هل لديك طموح في مجال الإخراج؟

- لا، ليس لدي طموح في مجال إخراج الأعمال التلفزيونية، ولكن في فترة من الفترات صار عندي هوس أن أخرج عملا مسرحيا، وتحديدا عمل مونودراما (عرض الممثل الواحد) يخصني وحدي فقط. وغابت عني الفكرة وعاد الهوس ليظهر حاليا من جديد، خصوصا أنني وزوجي المخرج والممثل جهاد الزعبي أسسنا مؤخرا مركزا لتدريب ممثل طفل في سورية، وهذا يمكنه أن يشجعني لأخرج وأقدم عملا مسرحيا.

·         هل تستشيرين زوجك في أعمالك الفنية؟

- بالتأكيد. فهمنا واحد، وهناك حوار دائم، وإذا صعب علي أمر ما أستشيره، وهو يفعل نفس الشيء، فنحن نحل الأمور الشخصية بين بعضنا وبعض ويساعد بعضنا بعضا.

·         هل برأيك حققت ما كنت ترغبين فيه في العمل الدرامي؟

- للأسف أنا وخلال عمري الفني قليلة حظ رغم أنني أحب مهنتي كثيرا، وقد تركت دراسة هندسة العمارة وجئت لأمثل، وانتسبت إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، وأنا لم أكن محظوظة قبل سبع سنوات مثل بنات جيلي من الممثلات، حتى إنني توقفت عن التمثيل لفترة من الوقت وقررت إعادة النظر وباتجاه أن أعمل أي شيء باستثناء التمثيل، حيث لم يكن وضعي جيدا، ولكن بعد ذلك صار لدي حالة تحدٍّ مع ذاتي وقررت إما أن أكمل في التمثيل وأعمل شيئا مهمّا، وإما أن أترك التمثيل نهائيا. وربحت الرهان والتحدي وحالفني الحظ في وقتها من حيث إنني غيرت العقلية التي كنت أسير من خلالها، وجاء التحول في عقليتي مع نشاط الدراما السورية وزيادة العرض والطلب والفورة التي حصلت، فجاءت صحوتي مع هذا الجو فأعدت ترميم ذاتي في وقتها مع قناعتي الكاملة أن الموهبة والصدق هما اللذان سينتصران في النهاية، وهذا ما حصل بالفعل.

·         هل سنشاهدك في الأعمال الكوميدية القادمة؟

- لا أعرف. وأشعر نفسي ثقيلة في الكوميديا، هكذا أرى حالي، فأنا أكبر ناقد لذاتي، ولذلك أخاف خوض الأعمال الكوميدية. وأنا ميالة إلى الدراما المعاصرة، وخصوصا أعمال اليوم التي تقدم اللحظة الراهنة.

الشرق الأوسط في

14/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)