حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

قدّم فيلمه "الجيش الأحمر الموحد" في "أشغال داخلية 5"

كوجي واكاماتسو: حين يكون كل شيء قد قيل وأُنجز لا يبقى سوى وصف الإنسان وفهمه

ريما المسمار

لم يكن المخرج الياباني كوجي واكاماتسو متحمساً للكلام خلال زيارته الأخيرة الى بيروت، على الرغم من ان المكان والمناسبة كانا بمثابة التحريض المباشر على الكلام. أم تراهما كانا عكس ذلك تماماً؟
فحين قرر واكاماتسو تلبية الدعوة الموجهة اليه من جمعبة "اشكال ألوان" للإنضمام الى منتداها الخامس "اشغال داخلية" بفيلمه الأخير "الجيش الأحمر الموحّد"
United Red Army (2007)، لم تكن تلك زيارته الاولى الى لبنان، كما لم يكن عرض فيلمه الاول في بيروت. قبل اشهر، اختتم مهرجان الفيلم الوثائقي (Docudays) في بيروت دورته بشريط واكاماتسو الذي لم ينل قسطاً كبيراً من الاهتمام وقتذاك بسبب من وضع المهرجان العام الذي تشوبه مشكلات عدة. كذلك، لم تكن زيارة واكاماتسو الى بيروت هي الأولى، بل ان تعدادها يأتي في المرتبة السادسة عشرة او السابعة عشرة. وفي بيروت ايضاً، أقام صديقه (وشريكه في كتابة أفلامه خلال الستينات) ماساو أداتشي، العضو في تنظيم الجيش الاحمر، أكثر من ربع قرن، قبل أن يُعتقل عام 1997 ويُسجن، ومن ثم يُرحل الى الأردن وبعدها الى اليابان عام 2000. "لا أعتقد ان ثمة خصوصية لعرض فيلمي (الجيش الأحمر الموحّد) في بيروت" يجيب باقتضاب في مستهل حوارنا معه في أحد فنادق بيروت الجديدة. "دُعيت فأتيت. صداقتي مع ماساو (أداتشي) مازالت قائمة، ولكن لا علاقة لها بالمكان".

اختار واكاماتسو مساراً مختلفاً عن ذاك الذي قرر اداتشي انتهاجه. لم ينتسب الى الجيش الأحمر كما فعل صديقه في منتصف السبعينات، مختفياً عن الأنظار ومديراً ظهره الى السينما لأكثر من خمسة وثلاثين عاماً (قدم اداتشي فيلمه الاول منذ 35 عاماً سنة 2007 في عنوان prisoner-terrorist). ولكن خيار واكاماتسو السينمائي لم يكن أقل راديكالية. وما الإحتفاء الكبير بفيلمه "الجيش الأحمر الموحّد" سوى مزيج من دهشة إزاء التحوَل الجذري الذي صنعه بمسيرته وإعادة قراءة لسينماه السابقة في ضوء التحول الجديد. لمع اسم واكاماتسو خلال الستينات والسبعينات بأفلام تنتمي الى نوع "الفيلم الزهري" Pink Film Genre الذي شكل ما نسبته أكثر من نصف الانتاج السينمائي في اليابان خلال ستينات القرن الماضي. وهو نوع اعتمد بشكل أساسي، وأحياناً كلي، على الايروتيكية. وفي حين كان معظم مخرجي هذا النوع من العابرين والمجهولين، استطاعت حفنة من المخرجين الاعلان عن مواهب فذة حتى من خلال تلك الافلام الجنسية السطحية غالباً. كان واكاماتسو ألمعهم وأكثرهم استفزازاً وابتكاراً وحتى استغلالاً للنوع الرائج لتمرير رسائل سياسية عبر المزج بين ثنائية الجنس والعنف المتطرف التي أسكنها أفلامه. وكمعظم مخرجي النوع ايضاً، اشتغل بوتيرة جنونية حيث نعثر على نحو مئة فيلم ممهور باسمه، فضلاً عن دوره كمنتج منفذ في فيلم ناغيسا أوشيما الشهير "في مملكة الحواس" In the Realm of Senses عام 1976. جاء التحول في العام 1965 مع إنشائه شركته الانتاجية الخاصة وانجازه فيلم "اسرار خلف الجدران" Secrets Behind the Wall الذي وضع "الفيلم الزهري" على خارطة السينما العالمية من خلال مشاركته في مهرجان برلين السينمائي وسط حرج السلطات اليابانية وحنقها أيضاً. بالنسبة الى الأخيرة، لم تكن تلك الأفلام سوى "متنفس" يبعد السينمائيين والجمهور عن الغوص على موضوعات سياسية واجتماعية نقدية. وفي عرفها ايضاً ان تلك الأفلام لم تكن حتماً تستحق النقد او التصدير الى الخارج. منذ ذلك الوقت، اشتغل واكاماتسو بحرية فنية مطلقة مادام الجنس والعنف طاغيين على أفلامه.
في الثانية والسبعين ربيعاً، قرر واكاماتسو توجيه كاميراه في اتجاه آخر، فخرج "الجيش الأحمر الموحد" فيلماً لا يشبه سابقيه. في ثلاث ساعات ونيَف، وبمزيج من التوثيق والمتخيَل، أعاد المخرج بناء الأحداث والخلفيات التي أدت الى حادثة "اسامو-سانسو" الشهيرة. في الواقع، لم يكن هذا فيلمه الأول عن الموجة الراديكالية المتطرفة التي قادها طلاب يابانيون خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي. ففي حين لم ينتسب واكاماتسو الى الجيش الأحمر الا انه كان عضواً ناشطاً في حركة اليسار الراديكالية وقتذاك وأفلامه خلال السبعينات، حملت نبرة الدعم والتأييد مع وفائها لنوع "الفيلم الزهري". من مسافة سنوات طويلة وبحث عميق، خرج "الجيش الأحمر الموحّد" فيلماً بعيداً من التهليل، أقرب الى رصد الطبيعة الانسانية والتأمل في خيارات الأفراد. في الجزء الأول من الفيلم، يلخّص المخرج الأحداث التغييرية التي شهدتها الستينيات، بدءاً بتوقيع معاهدة الامن المتبادل بين الولايات المتحدة الأميركية واليابان التي تجيز للأولى استخدام الثانية كقاعدة عمليات في حربها ضد فييتنام. تسببت تلك المعاهدة بثورة طلابية، تمخّضت عنها مجموعة "الجيش الأحمر الموحّد". في الجزء الثاني، يتسع الفيلم للرواية من خلال تقديم شخصيات تلك المجموعة، يؤديها ممثلون. خلال اختباء أعضاء المجموعة في بيت ريفي ناءٍ، يبادر القادة الى ممارسة الاسلوب "الماوي" في النقد الذاتي الى حدود جنونية: الأعضاء الذين يُعتقد انهم ضعفاء ايديولوجياً، يتم التنكيل بهم وضربهم حتى يفقدوا الوعي على أمل أن يولدوا من جديد بوعي ثوري أكبر. اما الجزء الثالث والأخير فيصور الشق الاشهر من الحكاية الذي تداولته وسائل الإعلام. بعد موت وتوقيف معظم أفراد المجموعة، يهرب خمسة منهم فقط الى منطقة جبلية ويتخذون رهينة ويشتبكون مع الشرطة في مطاردات لعشرة أيام في شباط/ فبراير 1972.

وصفت الصحافة العالمية هذا الفيلم بـ "الأكثر طموحاً واتقاناً" بين أفلام واكاماتسو. وإليه أيضاً يعود الفضل في إقامة مهرجان برلين استعادة جزئية لأعمال المخرج عام 2008. ولكن حتى على صعيد شخصي ثمة ما ينبئ بأن لهذا الفيلم مكانة مختلفة عند صانعه. فمن أجله رهن منزله قبل ان يقوم بحرقه من أجل تصوير المشهد الأخير في الفيلم!

"في ذلك الوقت كانت هناك ثلاثة بلدان فاشية في العالم: اليابان والمانيا وايطاليا. لسبب ما، شهدت هذه البلدان بعد الحرب قيام تجمعات طلابية تحت ايديولوجيا مشتركة: الشيوعية والجيش الأحمر. بالطبع كانت هنالك فوارق. ففي حين حارب هؤلاء في المانيا وايطاليا السلطة القائمة وقتذاك، قتل الناس بعضهم في اليابان. من خلال هذا الفيلم أردت ان ارصد الاسباب التي قادت شباباً موهوباً ذا مستقبل واعد الى اتخاذ ذلك الموقف. أردت أن أبين ما الذي اثارهم ودفعهم الى القتال ومن ثم كيف وصلوا الى تلك النهاية المأسوية في الجبل. ولا أخفيك انني أردت لهذا الفيلم أن يكون المرجع للأجيال القادمة. فهناك ثلاثة أفلام يابانية عن الجيش الأحمر الموحد ولكنها مبنية على أكاذيب".

في العمق، يشعر واكاماتسو انه يمتلك الحقيقة الكاملة لتلك الأحداث. وليس مبالغاً القول ان مشاهدة هذا العمل، تقودك الى ذلك الإحساس، فيمنعك من التسليم به عرف لا غنى عنه في الفن وفي الحياة: لا وجود لحقيقة كاملة. بالنسبة الى واكاماتسو، تبدو المسألة أعقد بقليل ذلك انه يتحدث عن حقبة كان جزءاً منها. فكيف يدعي سينمائي امتلاك الحقيقة؟ وكيف يتخذ مسافة مما كان جزءاً منه؟ إجابته بسيطة: "هذا الفيلم ليس مبنياً على تصورات انما على شهادات اشخاص كانوا موجودين هناك. بعد خروجهم من السجن، قابلتهم وجمعت تفاصيل الحكاية من أكثر من شخص. انها إذاً الحقيقة، حقيقة ما جرى في ذلك المنفى الجبلي. حقيقة أريد للجيل الحالي والاجيال المقبلة ان تكون واضحة".

وهل رسالتك اليها، بهذا المعنى، الحث على الثورة او تجنبها؟ نسأله:

"لا أوجه اية رسالة ولكنني في الوقت عينه مذهول تجاه جيل اليوم الذي يحيا وكأن شيئاً لم يحدث. جيل الفقاعات اسميه. شباب اليوم محافظون، لا يملكون وسيلة التعبير عن سخطهم وفرديون لا يأبهون سوى بمستقبلهم كافراد. وغني عن القول ان الشباب هم القوة التغييرية ولا أحد سواهم. "

قياساً على تاريخه وميله الى تمرير رسائل سياسية في أفلامه، توقع كثيرون ان يكون الفيلم مدججاً بالمواقف السياسية. فإذا به شريط يتجاوز ذلك التبسيط من دون ان يفقد نظرته المتعاطفة الى "ابطاله": "المسألة لا علاقة لها بالمصادقة او عدم المصادقة على ما فعلوه. المهم ان نفهم قوة الدفع التي سكنتهم. اليوم كثيرون يعتقدون انهم كانوا أغبياء. وهذه برأيي نظرة تبسيطية للأمور. فهؤلاء كانوا شباباً اذكياء من عائلات ثرية أداروا ظهورهم لحياة مرفهة وأرادوا القتال. "الغباء" لا ينطبق عليهم حتماً. هناك شيء من التعاطف معهم من دون شك ولولا هذا التعاطف لما استطعت صنع هذا الفيلم. ولكنني لا أبرر أفعالهم ولا أتعاطف مع التنظيم نفسه. أما ألاشخاص فعلينا ان نرى أولاً ما الذي أوصلهم الى ذلك الحد. هم كانوا مستعدين للموت منذ البداية وهذا في حد ذاته أمر جدير بالتأمل".

خلال الدورة الأخيرة من مهرجان برلين، قدم واكاماتسو فيلماً جديداً في عنوان Caterpillar. بعيداً من الغوص على تفاصيله، تكمن أهميته في انه أثبت تحول مسار المخرج السينمائي وانتقاله من دعم اليسار الراديكالي في السبعينات الى نقده في "الجيش الأحمر الموحد" وصولاً الى رفض الحرب تماماً في Caterpillar: "لا أحبذ وصف تحول، أفضّل القول ان لهجتي تبدلت مع تقدمي في السن ولكن أفكاري لم تتبدّل جذرياً. في السبعينات، كنت مؤمناً بإمكانية التغيير من خلال الكفاح المسلح. لاحقاً، بدأت الشكوك تساورني في جدواه. واليوم بت مؤمناً تماماً انه من المستحيل تغيير اي شيء بالسلاح. قوة الروح البشرية هي الوسيلة الوحيدة للتغيير. حين يكون كل شيء قد قيل وأُنجز، لا يبقى من شيء مهم سوى وصف الانسان وفهمه".

المستقبل اللبنانية في

14/05/2010

 

سامانتا مورتن في باكورة أعمالها الإخراجية "غير المحبوب"

العودة الى ذاكرة الطفولة في مراكز الرعاية الاجتماعية 

قد تقتصر معرفة معظم جمهور السينما بالممثلة سامانتا مورتن على بضعة أدوار صغيرة لاسيما في فيلمي وودي آلن Sweet and Lowdown (1999) وستيفن سبيلبيرغ Minority Report (2002). ولكن للممثلة البريطانية الأصل سجلاً سينمائياً حافلاً بالأدوار البارزة وحياة خاصة مليئة بالأحداث التي صنعت مسيرتها وطموحاً مستقبلياً بالاخراج السينمائي بدأ يتحقق بالفعل مع ابصار باكورة اعمالها الاخراجية النور في فيلم بعنوان The Unloved. ذلك ان مورتن المولودة في بيرمينغهام في العام 1977، عانت الأمرّين بسبب انفصال والديها وهي في الثالثة من عمرها الأمر الذي أدى الى ترعرعها في مركز اجتماعي خاص وتنقلها بين بيوت الرعاية الاجتماعية كطفلة متبناة. ألهمت تلك التجربة الطفولية المبكرة باكورة أعمالها الإخراجية The Unloved الذي يدور حول طفلة تعيش تجربة مماثلة. ولكن قبل الخوض في فيلمها الجديد، كانت مورتن قد أتمت أكثر من عشر سنوات في التمثيل التلفزيوني والمسرحي والسينمائي وذلك على أثر مشاركتها في ورشة عمل لليافعين في مجالي التمثيل والكتابة بين الثالثة عشرة والسادسة عشرة من عمرها متبعة نصيحة أستاذها المسرحي في المدرسة. بشخصيتها المستقلة وجرأتها وميلها الى الكتابة والتمثيل، بدأت مورتن حياتها المستقلة في السادسة عشرة عندما انتقلت الى لندن عازمة على صنع اسم لها في مجال التمثيل. هكذا تنقلت بين المسرح والتلفزيون واستطاعت خلال وقت قصير ان تجد لها وكيل أعمال. وفي العام 1995 وبعد أدوار تلفزيونية صغيرة، حصلت على فرصتها في العام 1995 من خلال السلسلة التلفزيونية Band of Gold في دور مومس شابة لفت الأنظار اليها لتتعاقب بعدها أدوارها التلفزيونية في Emma وJane Eyre عام 1997 و Tom Jones (1998) وغيرها. في العام 1997، خاضت غمار السينما للمرة الاولى في فيلم This is the Sea لماري ماكغوكيان. ولكن فيلم كارين آدلر Under the Skin في العام نفسه هو الذي أعلن عن ولادة ممثلة من الطراز الأول ولفت نظر وودي آلن اليها فاختارها لفيلمه Sweet and Lowdown قبالة شون بن في دور بكماء جلب لها ترشيح أوسكار لأفضل ممثلة في دور ثانٍ. وقدمت بعد ذلك دوراً كوميدياً في The Last yellow وشخصية مدمنة في Jesus Son (2000) لأليسون ماكلين وغيرها من الشخصيات الخاصة والصعبة التي أبعدتها عن الجمهور العريض والسينما التجارية حتى ظهورها في فيلم سبيلبيرغ Minority Report قبالة توم كروز الذي لم يشكل اضافة تُذكر الى مسيرتها. في العام 2003، تابعت مورتن خطها السينمائي في الافلام المستقلة فلعبت دوراً بارزاً لم يُقدر جيداً في فيلم توم شريدان الاوتوبيوغرافي In America عن عائلة ايرلندية مهاجرة في نيويورك تحاول التأقلم عندما تفقد طفلتها. عن ذلك الدور حازت ترشيحاً ثانياً للأوسكار ولكن هذه المرة في فئة أفضل ممثلة. لم تتخلَّ مورتن في الفترة اللاحقة عن الادوار المكتوبة بعناية والشخصيات التي تمتلك وجهة نظر مثيرة للإهتمام فشاركت في الافلام: Enduring Love وCode 46 عام 2004 وLibertine قبالة جوني ديب عام 2005. في العام التالي، تقمصت شخصية أشهر مجرمة بريطانية في الفيلم التلفزيوني Longford عن سيناريو لبيتر مورغن وشاركها البطولة القدير جيم برودبنت فحازت الكرة الذهب كأفضل ممثلة في فيلم تلفزيوني. وفي السنوات الأخيرة، شاركت في ثلاثة أفلام شاركت في مهرجان كان السينمائي: Control لأنتون كوربين وMister Lonely للمخرج التجريبي هارموني كورين وSynecdoche, New York لتشارلي كوفمن.

كان في جعبة سامانتا مورتن عشرون فيلماً قبل ان تبلغ الثلاثين ولكن فيلماً واحداً كانت تحلم به منذ كانت في السادسة عشرة هو الفيلم الذي يظهر واقع بيوت الرعاية الاجتماعية التي تربت في واحد منها. "حاولت ان أصنع هذا الفيلم في الثانية والعشرين ولكنني كنت أحترم الاخراج كثيراً فلم أرد ان أغامر" تقول في حوار لمجلة "سايت أند ساوند" السينمائية في عددها الأخير. وتتابع انها عرضت الفكرة على كتاب ومخرجين ولكنهم قالوا لها "اصنعيه أنت عندما تصيرين جاهزة". وبالفعل شعرت مورتن بتلك الجهوزية في الثانية والثلاثين وبمساعدة كاتب خلاق هو توني غريسوني: "توني موهوب جداً في ما يتعلق بحمل الناس على إخبار تجاربهم الخاصة ومن ثم استلهام بنية القصة منهم". تشير مورتن في الحوار عينه الى أن هناك أفلاماً كثيرة مذهلة صنعت عن الأولاد الخاضعين للرعاية الاجتماعية "ولكنني لم اشاهد أي فيلم جعلني أردد "هذا هو تماماً الإحساس الذي عشته". لذلك أرادت أن تصنع فيلماً عن تلك الأحاسيس وإشراك الناس في الاحساس الافظع "أن تكون متروكاً". هكذا صاغت مورتن سيناريو The Unloved مع غريسوني حول "لوسي" ابنة التسعة أعوام التي تتعرض للضرب المبرح من والدها والإهمال من والدتها مما يحتّم نقلها للعيش في "كروب رو" (Crop Row) المركز الإجتماعي الذي عاشت المخرجة فيه في طفولتها. هناك تتقاسم الغرفة مع "لورين" ابنة الستة عشر ربيعاً التي تأخذها تحت جناحها ولكن قوتها ليست سوى قناع خارجي لمأساة الاستغلال الجنسي التي تعيشها من قبل أحد العاملين في المركز.

تؤكد مورتن انه كان باستطاعتها العثور على أولاد يعيشون تجارب مماثلة ليلعبوا الأدوار الرئيسية في الفيلم "ولكنني لم أرد ان اصنع فيلماً عن سوء معاملة الأطفال ومن ثم أترك هؤلاء للعودة الى نفس المصير من جديد". لذلك اختارت مورتن ممثلين لتجسيد الشخصيات "يعودون في آخر النهار الى بيوتهم ويناقشون مع أهلهم الموضوع".

في الوقت الذي كانت فيه سامانتا مورتن تقوم بعمليات التوليف الأخيرة للفيلم، أثيرت في بريطانيا فضيحة استغلال الاولاد في مراكز الرعاية الاجتماعية وتحول كثيرين منهم الى الادمان والدعارة. فهل بحثت المخرجة في أحوال مراكز الرعاية الاجتماعية اليوم؟ تقول مورتن ان لها أصدقاء كثيرين يعملون في المجال وانها زارت بيوتاً كثيرة من ذلك النوع ولكنها مُنعت من دخول "نوتنغهامشاير" للخدمات الإجتماعية ولم تتمكن من مقابلة الموظفين الذين هُدِّدوا بالطرد ان هم تحدثوا اليها. على الرغم من ان مجرد صنع فيلم عن ذلك الموضوع يسلط الضوء على نظام الرعاية الاجتماعية في بريطانيا والاصلاحات التي يحتاج اليها، الا ان هدف مورتن من عمل الفيلم ليس ذلك بالتحديد "والا كنت لأصنع فيلماً وثائقياً" ولكنها تأمل في أن تكون قد أنجزت فيلماً ينقل "رسالة شعرية".

المستقبل اللبنانية في

14/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)