حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رؤية شخصية

aneducation

رفيق الصبان

وكذلك فيلم »التكفير« المدهش الذي قلب موازين الأفلام في جميع المهرجانات التي عرض بها، وأطلق اسم نجمته الأولي (كيرا نايتلي) كواحدة من أهم ممثلات جيلها.

وقبل ذلك أفلام أخري أخرجها مخرجون إنجليز عباقرة مثل سام مانديز وغيره.. فضوا بموهبتهم وذكاءهم وطموحهم شرايين السينما الأمريكية وأمدوها بدم نقي، وهبها حياة جديدة.. ولكن الحظ يبدو أنه قد تخلي عن السينما البريطانية هذا العام.. رغم أن الفيلم الذي حطم الأرقام القياسية بجوائزه وهو »خزانة الألم« إنتاج إنجليزي- أمريكي مشترك.. إلا أن الدعاية الخفية التي اختفت وراء مشاهده.. حرمته حقاً من أن يكون التحفة المنتظرة التي كنا نتوقعها.

وخاب أمل الكثيرين.. عندما خرج فيلم المخرج الشاب لون سكيرفيك (في التربية) من حلبة السباق دون أن ينال الجوائز الكثيرة التي كان يستحقها والتي راحت دون جدارة في رأيي إلي من هم لا يستحقونها حقاً.
(في التربية) دراسة مدهشة.. في نفسية مراهقة إنجليزية شابة.. تريد أن تحقق طموحها وحريتها، وأن تنطلق من إطار الأسرة والمدرسة لتعيش تجربتها الخاصة.. حتي لو دفعت ثمن هذه التجربة غالياً.. من خلال علاقة ستدمر حياتها ولكنها مع ذلك ستخرج منها ثابتة رابطة الجأش، وقد استمدت من فشلها قوة خاصة تدفعها إلي مواجهة الحياة بمنطق وإرادة جديدة.

ولا أدري لماذا مر في ذهني فيلم »أنا حرة« لصلاح أبوسيف عن قصة لإحسان عبدالقدوس الذي يروي هو أيضاً بطريقة مصرية.. محاولة فتاة في أول الصبا تأكيد حريتها عن طريق التمرد علي كل ما هو معروف ومألوف في حياتها وفي أسرتها وفي مجتمعها.

الهدف واحد في كلا الفيلمين.. وهو حق »المراهقة« في دخول تجربة الحياة بكل ما فيها من حلو ومر حتي لو كلفها ذلك تحطم أحلامها جميعاً، والوقوف علي أطلال حياتها المدمرة الماضية لتفكر في بناء حياة جديدة دون أن تشعر لحظة واحدة بالندم علي تجربتها الغائرة، لأن هذه التجربة بالذات هي التي فتحت عينيها علي العالم، وأدركت حقيقته وفهمت التيارات السفلية التي تدور في أعماقه.

جيني بطلة الفيلم.. تراها في البداية طالبة متمردة علي علاقة بزميل لها.. تعشق الموسيقي، وتمارس هواية عزف (التشللو)، وتقف دائماً شأن المراهقين جميعاً وقفة الرفض والتمرد أمام أسرتها وأمام مدرستها وأمام المستقبل الذي يحاول والدها أن يرسمه لها.

إنها كالفراشة العذراء.. تجذبها ألوان الشاب الجميل الثري (دفيد) فتنقاد إليه مغمضة العين.. لتدخل بواسطته إلي العالم الذي طالما حلمت بدخوله.. حتي لو كان ثمن ذلك التضحية بعذريتها.. ودخولها عالم النساء والناضجات.. يشجعها علي ذلك سلبية الأم التي لا تفعل شيئاً للوقوف إلي جانب ابنتها في هذه المرحلة الصعبة، وجشع الأب الذي أعماه الثراء المصطنع لدافيد والهدايا التي يقدمها.. وحلم العيش الرغيد الذي يريده لابنته.. التي ترك لها الحبل علي الغارب مع هذا الوافد الساحر دون أن يحاول التأكد من ماضيه ومن حاضره.

لذلك تجيء المفاجأة ثقيلة ومرهقة.. عندما تكتشف جيني أن فارس أحلامها ليس إلا نصاباً ومحتالاً محترفاً، وأنه متزوج وله أولاد، وأن زوجته عالمة بسلوكه.. راضية به.. مضحية بكرامتها في سبيل أولادها.. ولا تملك إلا الأسي علي هؤلاء الفتيات الصغيرات اللاتي يقعن في أحابيله.

الفيلم شديد الواقعية رغم ستارة من الشاعرية تغلفه.. يذكرنا بالأفلام التي عرفتها السينما الإنجليزية في عهدها الذهبي، عندما بدأت تثور علي تقاليدها القديمة وتتجه نحو عالم جديد مختلف يخلو من الخبث والاصطناع والتقاليد الزائفة.. الزمن الذي ظهرت فيه أفلام مثل فيلم كمذاق العسل، ووحدة عداد المسافات الطويلة، وانظر خلفك بغضب.

لا أستطيع أن أقول فيلم »في التربية« يقف علي قدم المساواة مع هذه الأفلام الرائعة التي لا تنسي، ولكنه يسير علي منهجها.. ويدخل إلي أعماق أسرة إنجليزية تقليدية تعيش متأرجحة بين تقاليد أخلاقية صارمة، وبين طموحات مادية، ونظرة متعاقبة للعلاقات الجنسية أكدتها الثورة الاجتماعية التي شهدتها بريطانيا في الستينيات.

ويجدر بالذكر هنا أن فيلم »في التربية« تدور أحداثه حول  عام واحد وستين علي وجه التحديد.. مما يعطي لهذه الفترة التي انقلبت فيها الأخلاق رأساً علي عقب حضوراً ملحوظاً وخلفية اجتماعية وتاريخية مقنعة.

إن »جيني« في الفيلم.. تمثل شباب انجلترا كلهم في تلك المرحلة.. تورثهم وعيهم الجنسي.. تمردهم علي تقاليدهم الأسرية.. سعيهم نحو حرية.. حتي لو كانت حرية ملوثة.. هروبهم من التعليم النظامي.. رغبتهم بإدارة الظهر لكل ما كان يحمله الماضي من مواعظ وقيم.. عاشت عليها انجلترا قروناً طويلة دون أن يفكر أحد في تغييرها أو التمرد عليها.

وربما من هذه الزاوية بالذات بستمد فيلم »في التربية« كل أهميته ورموزه.. لعل عودة جيني آخر الأمر إلي قواعدها، لا تعتبر نهاية توفيقية بمعني الكلمة، لأن جيني تبدو لنا رغم صدمتها القاسية في فارس أحلامها النصاب بدت لنا شديدة السعادة، وشديدة الاعتداد بنفسها.. لقد ذاقت طعم الحرية، ولن تقبل بعد الآن أن تستبدله بأي مذاق آخر.

كما اكتشفت طبيعة الأسرة والمجتمع، والوجهان اللذان يعيشان به.. وأحست أنها رغم وقوعها في الخطأ قد دفعت الحساب غالياً وأصبح من حقها، وقد تحولت إلي فتاة ذات تجربة أن تواجه العالم بمنطق جديد، ورواية جديدة، وأحاسيس معلنة.. دون خوف من أحد، ودون رقابة من أحد.

في التربية رغم أحداثه البعيدة التي تدور في الستينيات.. يبدو لي شديد المعاصرة، يتخطي الأزمة كلها ليصور شعوراً مراهقاً لا يمكن للسنين مهما حدث أن تغيره.. وثورة حلوة.. لابد لكل من عاش هذه السن أن يمر بها وأن يعاقبها.

وإذا قدر له أن يدفع ثمنها غالياً.. فهذه هي طبيعة الأشياء.. إذ لا شيء يأتينا من غير ثمن.

أقف وقفة إعجاب خاص أمام أداء (كاري موليجان) التي رشحت لأوسكار هذا العام في التمثيل ولم تفز به.. وإنما فازت به من لا تستحق الفوز علي الإطلاق، وأعني ساندرا بولوك في فيلم أمريكي غارق في عسل مزيف.. ومن خلال أداء لا طعم له ولا رائحة.

إلي جانب هذه الممثلة الشابة التي أعتقد أنها تسير بخطي حثيثة نحو نجومية كبري تستحقها بجدارة.. هناك النجم الإنجليزي بيتر سارس جارو.. الذي لعب دور العاشق النصاب.. الذي يملك الوسامة والخبث والقدرة علي الخداع.

فيلم إنجليزي آخر.. شديد الإثارة.. كثير المعاني.. وكثيف الدلالة.. يأتينا من خلال مسابقات الأوسكار.. ويترك في قلوبنا رائحة عطر من الصعب نسيانها، رغم خروجه من (الملعب) خاوي اليدين.

ويبدو أن هذه هي سمة المهرجانات السينمائية هذا العام.. سواء في أمريكا.. أو في انجلترا.. أو عندنا في مصر.

أخبار النجوم المصرية في

13/05/2010

 

سينمائيات

الجزيرة الجحيم

مصطفى درويش 

وأقصد بها جريزة »شاتير«حيث صور المخرج »مارتين سكورسيزي« أحداث فيلمه الأخير.

وتستهل الأحداث ببطلي فيلمه علي ظهر عبّارة، تقترب من رصيف ميناء تلك الجزيرة، حيث توجد مصحة للمرضي عقلياً، لا يحتجز داخل أسوارها سوي أشد المرضي خطراً، واستعصاء علي الشفاء، وأولهما »تيدي دانييلز« يؤدي دوره النجم »ليوناردو دي كابريو« الذي أصبح من مشاهير السينما العالمية بفضل أدائه في فيلم »تايتانيك«، قبل ثلاثة عشر عاماً، ويكاد يكون »سكورسيزي« محتكراً له، فحتي الآن وعلي امتداد ثمانية أعوام، بدء من فيلم »عصابات نيويورك« أسند إليه بطولة أربعة أفلام.

أما بطل الفيلم الثاني »شاك اويلي« فيؤدي دوره الممثل »مارك روفاللو« و»تيدي« في أول ظهور له، يبدو له متوتراً، وقد أصابه دوار البحر، وهاهو ذا في حالة إعياء شديد من كثرة القيء، تأرجح العبّارة، وقد كادت تختفي وسط ضباب كثيف.

وهكذا، ومنذ البداية يشعرنا المخرج أننا علي وشك مواجهة أحداث، أهوالها لا ترد علي البال.

ومما يزيد من شعورنا هذا، موسيقي تصويرية مصاحبة لمشهد العبّارة، ومن عليها، وهي تقترب من شاطئ الجزيرة، استمدها المخرج من السيمفونية الثالثة لصاحبها »كريستوف بينديريسكي« الموسيقار البولندي الشهير.

فالصوت السائد بين أصوات الآلات العازفة للسيمفونية هو صوت التغيير، يرن في آذاننا، وكأنه بارتعاشاته، نذير.

وما أن تطأ أقدام بطلي الفيلم أرض الجزيرة، حتي تتحقق كل النذر التي أوحي بها دوار البحر، والضباب الكثيف، وصوت النفير.

فرغم أن الاثنين »تيدي« و»شاك« من موظفي مكتب التحقيق الاتحادي، ووقتها (٤٥٩١) كان يرأسه »ادجار هوڤر« رجل السلطة الرهيب، عندما كانت الماكارثية تعبث في أرض الولايات المتحدة فساداً ومجيئهما إلي الجزيرة لم يكن إلا تنفيذاً منهما لتكليف من مكتبه بالتحقيق في واقعة هروب مريضة خطرة، قتلت أولادها الثلاثة، من زنزانتها، واختفائها في متاهات الجزيرة دون أن تترك أثراً.

رغم ذلك، اتسمت معاملة حراس المصحة لهما، لحظة وصولهما، بالفظاظة والغلظة فعلي غير المعتاد طلب إليهما أن يسلما سلاحهما، حتي يؤذن لهما بدخول مبني المصحة الرئيسي، حيث يقيم أغلب المرضي والأطباء.

ولم تكن لقاءاتهما الأخري، خاصة ما كان منها مع كبير الأطباء ومساعده بأحسن حالاً.. إذ اتسمت بدورها بروح العداء، وهنا لا يفوتني أن أذكر أن كبير الأطباء قد أسند دوره إلي »بن كنجسلي«، ذلك الممثل القدير السابق له الفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل رئيسي، عن أدائه لدور »غاندي«.

أما مساعده، فقد أسند دوره إلي »ماكس فون سيدو« نجم السينما السويدية، المفضل لدي المخرج »انجمار برجمان«.

وأعود إلي الفيلم وأحداثه، لأقول إنه مع تتابعها يشتد شيئاً فشيئاً إحساسنا بالتوتر، فيأخذ القلق بخناقنا، وسرعان ما تتراكم الأسئلة، وتتزاحم باحثة عن إجابات تشفي الغليل.

هل المجانين نزلاء المصحة هم أصحاب الأمر والنهي فيها؟

هل ثمة مؤامرات ذات أبعاد مخيفة، تتحكم في المكان؟

من ذا الذي يمكن الاطمئنان إليه في ذلك الجو المشحون بالغموض.. المسكون بالأسرار؟

كم من الوقت والجهد يكفي لسحق الإنسان العاقل حتي يمكن الانحدار به إلي هاوية الجنون، وما يدفعنا إلي طرح السؤال الأخير هو تردي حالة »تيدي« المحقق الرئيسي في وقعة الهروب.

فتارة نراه مطارداً بشبح زوجته التي ماتت في حادث حريق، وتارة أخري نراه مفزوعاً من كوابيس تقلق منامه، وتارة ثالثة نراه مهموماً بذكرياته عن الحرب وما صاحبها من أهوال.

ومع تكرار المطاردات والكوابيس والذكريات المنغصة، يختلط الواقع بالخيال.

وينمحي الخط الفاصل بين ما هو حقيقي وما هو وليد الأحلام.

ولن أحكي كيف أجاب المخرج علي كل هذه التساؤلات، ولا كيف حل كل هذه الألغاز.. حتي لا أفسد علي من لم يشاهد الفيلم بعد متعة المفاجأة التي أعدها المخرج للمتفرجين.

كل ما في وسعي أن أقوله في هذا الخصوص إن الإسراف في الغموض أفسد فيلماً كان مقدراً له أن يكون من روائع الفن السابع!

moustafa@sarwat.de

أخبار النجوم المصرية في

13/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)