حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تطوان السادس عشر...مهرجان استسهال

قيس قاسم

تطوان السادس عشر

افتتح بـ«أولاد لبلاد» الشريط الجزائري، واختتم بـ«حراقة» الجزائري أيضاً، وبين الافتتاح والاختتام «ليل طويل» من الأفلام الهابطة لم تقنع الجمهور بأهمية السينما المتوسطية الذي يحمل اسمها. إنه مهرجان تطوان في دورته السادسة عشرة، وهو «مهرجان استسهال» للعمل السينمائي. «الأسبوعية» تعود اليه في مراجعة باردة.

في الطريق الى تطوان تساءلت عن المعنى الحقيقي لمهرجانها السينمائي: هل هناك وجود حقيقي لسينما تنتمي الى هذه المنطقة، وهل هناك قواسم مشتركة في ما بينها الى الحد الذي يكسبها هذا الوصف «الطاغي» لدرجة تبدو فيها المنطقة وشعوبها وكأنها ارتدت الرداء الأزرق نفسه وتقاسمت تحته موروثاً ثقافيا حمل اسم وطعم هذا البحر. كنت محتارا وشاركني زملاء في المهنة الحيرة نفسها، فبعضهم تساءل مثلي عن الجامع الجلي الهوية. كان السؤال يشي، ضمنا، بريبة، وكان هذا الاحساس طاغيا قبل مشاهدتنا «الطريق الخطأ» الذي زعزع «يقين» أسئلتنا. لقد صنع سالفو كوسيا نصا سينمائيا غني بتلك الأسئلة. لم يجب عليها بالتأكيد، لأنه لم يكن معنيا بالاجابة. كان حريصا على ايجاد المشترك، وكان يعي ان أفضل من يمثل هذه الشراكة هم صناعها، البشر. لهذا انتقى كوسيا شخصيات متفردة، أو اختارها له من دون اتفاق مصور فرنسي يدعى انطوان جياكاموني وصورها بطريقة خاصة. لقد اشتغل، هذا الأخير، على فكرة تصوير وجوه البشر عبر المرآة، عبر انعكاس باطنها على ظاهرها. أختار الرجل البحر المتوسط مكانا لبحثه، وبدوره اختار المخرج الايطالي ابن مدينة باليرمو سالفو كوسيا «جزيرة صقلية» عينة لبحثه المعتمد على مشروع زميله الأول. إذن ثمة شراكة بين الفوتوغراف والتسجيلي وشخصيات حكت عن مدنها من خلال وعيها فكانت النتيجة مدهشة، صورة لثقافة مشتركة تمتد بين ضفتي المتوسط وتنتقل الى المحيط. ولقد كان الشاعر ادونيس من بين الشخصيات التي تحدثت عن المكان المتوسطي، ونقل افكاره ورؤياه عبرها، وهكذا بقية الشخصيات المنتقاة بدقة التي كان كل منها «عينة» نادرة ومدهشة الحضور. لقد جاء فيلم «الطريق الخطأ» وبفضلهم منجزا تسجيلياً رائعا، يفيض معرفة وعمقا، يثير أسئلة وجدلا، فالطريق الخطأ خطير في كل زمان ولكنه أكثر خطورة وسط البحر الهائج. فالمتوسط لم يعد اليوم بحرا «رائقا». ربما يصح عليه ما أطلقه البحارة العرب من أوصاف على غيره حين سموا أحدها بحر «الظلمات»، ولكي يعود بحرا أبيض متوسطا، شعوبا ومعارف شتى لا بد من ايجاد المشترك بين ساكني شطآنه والعابرين منه الى ضفاف أخرى!

وعلى مستوى مختلف، لكنه يشترك في البحث عن الماضي من زاوية الحاضر، من زاوية الوجود البشري وعلى أصغر مستوياته: الفرد والعائلة، تذهب الأم الكورسيكية في رحلة بحث مع ابنتيها الصغيرتين لاستكشاف حقيقة تاريخ جدها الشخصي وسر الكتمان الذي كان يحيط به، والذي وصف وكأنه كتمان يشبه «الماء في الفم». لقد وجدت الأم من الضروري معرفة هذا التاريخ للتخلص من عبء الماضي الذي كان يثقل كاهلها وبعض المقربين لها. عبء كانت تخشى أن ينسحب يوما على أولادها، لهذا اندفعت للذهاب الى الماضي وبقصد كشف الحقيقة. فالأب قتل بعد تحرير فرنسا بيوم واحد وكان متهما، كما يبدو، بالتعاون مع الفاشية الايطالية، فيما رحلة البحث ستقود الى مواضع مختلفة ستساعد على زعزعة هذا اليقين والحكم الثابت حوله، والذي أجبر أقرب المقربين له؛ زوجته، على الكتمان وتجنب الحديث عنه وعن كل ماضي العائلة في جزيرة كورسيكسا الفرنسية. ومن خلال رحلة البحث هذه، سنتوصل الى حقائق جديدة لا تلغي الماضي قدر حلحلتها الثوابت. فبقدر ما كانت خيانة والدها وطنه ثابتة وجدت في بحثها معطيات شككت بتلك الحقيقة، التي يبدو انها جاءت في زمن الفوضى ونشوة النصر التي صاحبت لحظة تحرر فرنسا من نير الفاشية. لحظة من الصعب على المرء الوقوف في وجهها أو حتى مراجعة أحداثها بدقة وموضوعية، مثلها مثل كل اللحظات والحوادث التي تصاحب المتغيرات التاريخية الكبرى. لقد زعزعت الأم الشابة بشجاعتها تلك «الحقائق» فأزاحت أثقالا كانت محملة بها من دون ذنب اقترفته. ولهذا يمكن وصف فيلم «الماء في الفيلم» للمخرجة باسكال تيرود بالشجاع.

سينما عربية

عانت الدورة السادسة عشرة من ضعف الأفلام العربية المنتقاة لجمهورها. فـ«الليل الطويل» لحاتم علي، ورغم تعكزه على مواضيع مثيرة للاهتمام مثل موضوع السجين السياسي، إلا انه لم يتجاوز مستوى عمل تلفزيوني. وربما حتى في هذا الوصف شيء من المفارقة تكمن في ان حاتما قد سبق له وأن قدم أعمالا تلفزيونية ناجحة ومتميزة لم يرتق بها فيلم «الليل الطويل» ولهذا، يطرح السؤال التالي نفسه: إذا كان حاتم مخرجا تلفزيونيا ناجحا، وهو هكذا حقا، فما الذي يدفعه الى خوض التجربة السينمائية ان لم يستوف شروطها؟ ربما هذا السؤال يحتاج الى بحث معمق ونقاش صريح يضع الأمور في نصابها ويسعى الى تجنب خلط الفنون في بعضها، ووضع حساب قيمة الفن فوق القيم المالية وغيرها.
وعلى مستوى لا يقل خطورة عن استسهال العمل السينمائي وتشبيهه بالتلفزيوني يأتي موضوع الاستسهال في بناء العمل السينمائي، اعتمادا على موضوعه المكتوب وفق رؤية وحسابات أولية تضمن الدعم المالي الغربي وتنسجم الى حد بعيد مع منظوره لأزمات منطقتنا، ومنها الموقف من المرأة. فالموقف من المرأة في المنطقة العربية سيئ. والمستفيدون من ديمومته هم موضوعيا من المعارضين للتغيير والتجديد الاجتماعيين. ومشكلات منطقتنا لا حصر لها والسكوت عنها «جريمة» أخلاقية وفكرية دون شك، لكن، وهنا الـ«لكن» كبيرة ينبغي دوما معالجة مثل هذه الموضوعات انطلاقا من منظور محلي. عربي، وللمبدع حق اختيار شكل ونوعية المعالجة وطبيعتها. ليس مفيدا للفن وللسينما قبل غيرها، استغلال مشكلاتنا للحصول على دعم مالي غربي. الأفضل صناعة فيلم جيد في المقام الأول ثم تأتي البقية لاحقا. في هذا الاطار يمكن فهم فيلم «دواحة» للتونسية رجاء عماري. فقصته مفبركة ومبنية على أساس تضخيم حالة المرأة، حتى لو كانت في تونس حيث تتمتع «نسبيا» بحرية لا تتمتع بها المرأة في مناطق أخرى من الوطن العربي. وعلى مستوى التنفيذ السينمائي يبدو الأمر أكثر سوءا من الموضوع. ولهذا جاءت المحصلة: فيلم ضعيف مبني على حكاية مفتعلة، وصلت للمشاهد وكأنها إحدى قصص الرعب الغربية التي تجري أحداثها في قصور مهجورة، وفجأة تظهر فيها أرواح شريرة من بقايا ساكنيه الأوائل أو من الذين انسحبوا بين جدرانه وحين حلت الساعة المناسبة ظهروا فأشاعوا الخوف بين أصحابه الجدد. نحن هنا نشبه «دواحة» ببعض هذه الأفلام ولا نقصد قطعا تعميمها، فبعض هذه الأفلام أفضل صنعة منه بكثير وكثير جدا.

بالألوان الطبيعية

انتظرنا فيلم أسامة فوزي «بالألوان الطبيعية» في تطوان بعدما تأجل عرضه الأول في مهرجان الشرق الأوسط لأسباب فنية. بالاضافة الى الانطباع الايجابي السابق الذي خرجنا به بعد مشاهدة «بحب السيما» مع ما فيه من نواقص وهنات... لهذا كنا منتظرين عملا حسبنا انه سيتجاوز شغله السابق، وفق منطق تطور الأشياء، غير ان النتيجة التي خرجنا بها كانت مخيبة للآمال، فترحمنا على «بحب السيما» بعدما شاهدنا فيلما باهت الألوان، حكايته تدور في معهد الفن التشكيلي المصري قدمت من خلاله نماذج لأساتذه وطلاب هذا الفن. وفي محاولة جريئة استعان أسامة بمجموعة من الممثلين الشباب لتجسيد شخصياته الرئيسية. ويبدو ان المهمة التي أسندت اليهم في تحول سيناريو مهلهل الى عمل سينمائي جيد، قد فشلت، فكانت الحصيلة فيلما ضعيفا، اخراجا وتمثيلا. وعلى مستوى الموضوع والذي يبدو ان أسامة سعى من خلاله الى معالجة حالة مصر الاجتماعية اليوم وبروز الأفكار الدينية المتشددة والتراجع الحاصل في الفنون، سعى الى تقديمها عبر شكل كاريكاتوري أو غرائبي. وإذا كان بعض المشاهد الصغيرة كمشهد الرقص الجماعي في احدى قاعات المسرح والحفلة التنكرية، قد حقق ما أراده فإن بقية الشريط ذهبت الى الحوارات التقريرية الطويلة التي تشبه المواعظ، خصوصاً تلك التي مست الخطاب الديني المتطرف الذي ركز عليه كثيرا، في فيلميه: «بحب السيما» وفي الجديد «بالألوان الطبيعية». الأول قدم عبر عائلة مسيحية وفي الأخير في بيت مسلم، وفي الحالتين ظهر مفتعلا. من المؤكد ان أسامة فوزي لم يوفق في عمله الأخير ولم ينجح في اكتشاف مواهب جديدة لم يشتغل عليها أصلا، فتركها تتحرك على هواها فأضاعت بذلك طريقها وضاع الفيلم معها.

والحال هو انه ليس أفضل كثيرا مع الفيلم المغربي «عند الفجر» لجيلالي فرحاتي. والضعف لم يكن حكرا على المخرجين العرب فقد التحق بهم الأسباني ميغيل جيمينيث عندما تركنا وسط عزلة جورجية واسعة. ومع حيوية الموضوع الذي أراد من خلاله مناقشة الحرب الجورجية الروسية الأخيرة عبر تفعيله لأمكنة بعيدة عن الحرب فإن شريط «أوري» لم يتجاوز العادية، نقيض الفيلم التركي الرائع من «10 الى 11» («الأسبوعية» كتبت عن الفيلم ضمن تغطيات مهرجان أبو ظبي الدولي). لقد كان واضحا ضعف الأفلام في تطوان وكان على ادارة المهرجان ومنظميه السعي للحصول على نوعية أفضل، ترفع مستواه وتقنع الجمهور بأهمية السينما المتوسطية التي يحمل اسمها.

الأسبوعية العراقية في

09/05/2010

 

ثقافات / سينما

عندما تطرق السينما التركية أبواب التألق والاحترافية

نبيلة رزايق من الجزائر

يقال دوما أن الألوان والأذواق لا تناقش، فهل بإمكاننا وضع قرارات لجان تحكيم المهرجانات السينمائية ضمن هذا السياق،علما أنها في الأصل مستمدة من خلفيات ومدارس سينمائية مختلفة في الزمان والمكان، وهي في النهاية والبداية أمزجة ورؤى وأفكار ذاتية تتناقش لتلتقي أحيانا وتختلف أحيانا أخرى لتكون النتيجة في الأخير ما يعلن عنه بطريقة رسمية وأمام الملأ بحفل اختتام أي مهرجان سينمائي، وهي ذات النتائج التي قد تفرح البعض وتحزن البعض الآخر، الأكيد أن الموضوعية والذاتية وجهان لعملة واحدة هي النتيجة النهائية التي يعلن عنها عند نهاية أي مهرجان سينمائي.

استحضرتني هذه المقدمة وأنا استرجع بكثير من الحنين والتحليل نتائج الدورة الأخيرة لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط التي نظمت خلال الفترة الممتدة من 27 آذار/ مارس الى 3 نيسان/أفريل الجاري كانت موفقة في غالبية النتائج المعلنة خاصة ماتعلق بالأفلام القصيرة والوثائقية، إلا أن كثيرون عبروا عن أمنيتهم لو ذهبت الجائزة الكبرى للمهرجان إلى الفيلم التركي"من 10 الى 11 " لبلين أسمر الذي منح جائزة لجنة التحكيم الخاصة في حين ذهبت الجائزة الكبرى للفيلم الايطالي"ارفع راسك" لمخرجه أليساندرو إنجيلني والبالغة قيمتها 70 ألف درهم.

أجمع الكثير من نقاد وعشاق السينما أفضلية الفيلم التركي على الفيلم الايطالي من ناحية التقنية والفنية وحتى المعالجة السينمائية والإنسانية التي اعتمدت على حوار وحركة الصورة والكاميرا والتجوال بطريقة ذكية بين الأزمنة والأمكنة والمزج بين الروائي والوثائقي بطريقة ذاتية ذكية وكذا الانتقال والتغلغل بافكار وذكريات السيد "مدحت" وطموحات "علي" العادية جدا والباحث عن كرامة العيش له ولعائلته المتواجدة بالريف.

تروي بيلين أسمر، مخرجة العمل أن الفيلم بالأساس يسطر لقصة عمّها مدحت 83 سنة والذي جسد بنفسه دور البطولة، وكان يستحق أيضا جائزة أفضل ممثل علما أنه يقف أمام الكاميرا للمرة الأولى، فواقعيته وصدقه كانا طاغيان على كل أحداث الفيلم. ركزت المخرجة على هوايته في جمع ذكرياته المادية والمعنوية من مختلف تفاصيل حياته اليومية التي يختارها بطريقة عشوائية. غير أن مواصلة هذه الهواية يصبح أمراً أكثر صعوبة بالتدريج مع تدهور صحته، وخاصة بعد أن تعرضت مدينة اسطنبول لزلزال قوي أصبح يهدد البناية التي يسكن بها بالسقوط بسبب قدمها وعدم صيانتها من طرف صاحبها الذي إتفق مع غالبية سكان العمارة على الرحيل وتهديمها لإعادة بنائها بشكل حديث وعصري، وهو ما رفضه السيد العجوز مواصلا حياته وهوايته في جمع الأشياء على بساطتها من ملصق أوراق اليانصيب إلى بحثه المستميت و منذ سنوات عن الجزء الحادي عشر من موسوعة مدينة اسطنبول التي أفنى عمره في البحث عنه بعدما حافظ بشغف كبير على الأجزاء العشر التي كانت بحوزته، وهنا نجدنا في بيت قصيد وعنوان هذا العمل السينمائي الذي هو" 10 الى 11 " أي أن مجمل الأحداث التي تقاطعت خلال خط سير العجوز "مدحت" بالشاب" علي" خلال البحث عن الجزء الاخير للموسوعة والذي تمكن "علي" بالصدفة والحيلة من إيجاده لكن من بعد ان ضيع الأجزاء العشر التي كانت لدى السيد"مدحت" من سنين عندما ائتمنه عليها طالبا منه الحفاظ على أرشيفه وموسوعته. حدث ذلك أمام ضغط السلطات المحلية التي كانت تطالب العجوز "مدحت" بإخلاء شقته من الأشياء التي يجمعها من بعد شكوى حررت ضده من طرف سكان البناية ليضطر بأن يعهد بهوايته المتمثلة في البحث واقتناء الأشياء القديمة إلى "علي"، البوّاب الذي يعمل بالعمارة ولا يعرف من مدينة اسطنبول إلا القبو الذي يسكنه وسكان البناية التي يعمل بها، فيحدد له الشيخ العجوز مسار يومه والاماكن التي كان يرتادها لاقتناء ما يبحث عنه لكنه يتبع منهجًا مختلفا عن الذي كان يتبعه الرجل العجوز الذي يقطن بالشقة المزدحمة بالذكريات والبواب الذي يسكن قبو العمارة الخالي من الذكريات لكن الأمر المشترك بينهما هو الوحدة.

تمكنت المخرجة وبطريقة سينمائية جد ذكية من أن يتعرف "على" على عالم الشيخ العجوز"مدحت" والعكس. كما حاولت المخرجة من خلال حركة الكاميرا البطيئة والحوار المتثاقل لبطليها عبر أحداث هذا الفيلم ان تكاشف المشاهد بعوالم "علي" الشاب والشيخ العجوز وشقته المحشوة بأشيائه وخصوصياته التي دائب على جمعها من أربعينيات القرن الماضي الى الوقت الحالي وكيف فضل التخلي على زوجته على أن يتخلي على أرشيفه بعدما طلبت منه أن يختار بينها وبين ما يجمع من أشياء منذ سنوات يكدسها ببيتها ففضل التاريخ على حاضره وزوجته.

وحتى من خلال تجوال الكاميرا رفقة البطلين العجوز والشاب اليافع القادم من الريف إلى مدينة اسطنبول اكتشفنا مناظر وأماكن غير تلك التي اعتدنا علي مشاهدتها بالمسلسلات التركية، اقتربنا أكثر من يوميات وواقع الأتراك وابتعدنا طوال مدة الفيلم عن الصورة الكاريكاتورية التي كرست لها الدراما التركية في الفترة الأخيرة. كما سعت المخرجة بلين اسمر طوال أحداث فيلمها على إبراز المجتمع والفرد التركي وتمزقه بين الأصالة والمعاصرة، بالرغم من أن هناك من الأتراك من يرمي بمثل هذه الأفكار إلى ما وراء الشمس ويرون أن محليتهم وانقسامهم بين الشرق والغرب وتجاذبهم بين الاصالة والمعاصرة لا يعكر صفو المجتمع التركي بقدر ما يزيد من مميزات هذا المجتمع وتفوقه الذي اكتسح خلال السنوات الأخيرة كل مجالات الحياة: الاجتماعية السياسية الرياضية الاقتصادية الثقافية وحتى السينمائية وما فيلم بيلين اسمر إلا خير دليل على هذا التميز والمزاوجة بطريقة فنية سينمائية راقية وعالية بين الروائي والوثائقي.

تركيز"بيلين أسمر" على إصرار بطلها العجوز على استكمال موسوعته الخاصة بمدينة اسطنبول دليل على هذا الطرح فبينما العجوز أفني عمره في جمع الموسوعة وحصوله على عشر أجزاء نجد الشاب التركي"علي" يقوم ببيع ما جمعه العجوز، حتى يحسن من معيشته ووضعه لكنه بالمقابل يهديه في نهاية الفيلم الجزء الحادي عشرمنها وهو الجزء الذي لطالما كان يبحث عنه طوال عمره بعد أن عثر عليه صدفة تاركا إياه وحيدا بالعمارة المهددة بالسقوط رفقة الجزء الـ 11 من الموسوعة.

فيلم "10 الى 11" للمخرجة بيلين أسمر هو أول أعمالها الروائية الطويلة والثالث في تسلسل أفلامها بعد "الجابي" وفيلم "المسرحية"وهو من انتاج 2009 و مدته 110 دقائق، بطولة: نجاة أشلر، مدحت أسمر، تايانج آيايدن، لاجين جيلان، سفاز آكوفا وسنان دوغمجي.

درست بلين علم الاجتماع في استانبول بدأت بالكتابة السينمائية والانتاج واخراج الأفلام الوثائقية عام 2002 حصلت بفضل هذا الفيلم على جائزة التحكيم الخاصة بمهرجان اسطنبول السينمائي وأفضل فيلم بمهرجان أضنة بتركيا. أما خارج بلدها فقد تحصلت على جائزة أفضل إخراج لفيلم شرق أوسطي بالدورة الأخيرة لمهرجان أبو ظبي، وآخرا ليس بآخرا تحصلت على جائزة لجنة تحكيم الدورة الـ 16 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط علما انها كانت تستحق بصدق الجائزة الكبرى.

إيلاف في

09/05/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)