حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نجمات السينما المصرية يطالبن بحقهن في البطولة المطلقة

ماجـدة خـيرالله

في الوقت الذي وصلت فيه المرأة المصرية الي منصب وزيرة ورئيسة جامعة وتسعي لأن تكون قاضية، تعود نجمة السينما إلي نقطة ماقبل الصفر! وتبحث عن مكان لها علي خريطة الإنتاج السينمائي، بعد أن دخلت السينما المصرية إلي نفق مظلم وأصبحت البطولات تكتب للرجال والشباب الجدد، وأصبح دور النجمة أوالممثلة دوراً تكميليا أوقطعة من الديكور لاتصل حتي إلي وردة في عروة جاكته أي ممثل أو نجم "نص كم"!! عشر سنوات من الكفاح المضني لنجمات السينما وقليلات جدا من استطعن أن تنتزع حقها في بطولة فيلم أو حتي تتساوي أو تقف علي بعد خطوة أو اثنتين من زميلها،ولكن يبدو أن هناك حالة من التمرد تقودها بعض النجمات مطالبة  بحقهن في البطولات المطلقة،وهن بذلك يضعن صناع السينما في مأزق ،حيث أصبح النجوم الرجال لايجدون ممثلات يوافقن علي مشاركتهم الافلام إلا إذا كان لهن دور إيجابي، أو مشاركة في البطولة !تخيل بعد قرن بحاله من بداية صناعة السينما في مصر، نتحدث الآن عن حق المرأة في بطولة الأفلام؟

هل نعود للبداية لنتذكر أن صناعة السينما في مصر قامت علي أكتاف النساء! عزيزة أمير، بهيجة حافظ ، آسيا ، ماري كويني ، فاطمة رشدي نساء رائدات لم يكتفين بالظهور فقط في السينما بل ضحين بأموالهن في إنتاج أفلام سينمائية، بعضها حقق نجاحا وبعضها فشل فشلا ذريعا، ولكن المهم أن عجلة السينما كانت تدور بجهد وأموال وموهبة حفنة من النساء، أتحن فرصا ذهبية لعشرات المخرجين الشابة، وكن سببا في اكتشاف مجموعة من الوجوه الشابه ، أصبحوا بعد ذلك نجوما! هل نتحدث عن زمن كان فيه اسم ليلي مراد يفتح أبواب الرزق والمجد لشركات الإنتاج؟ أو اسم فاتن حمامة وصباح وشادية وتحية كاريوكا، وكاميليا وراقية إبراهيم أجيال ورا أجيال من نجمات الأربعينيات ،مهدن الطريق لغيرهن من نجمات الستينيات مثل فاتن حمامة وماجدة ومريم فخر الدين، ومديحة يسري، وهندرستم وامتد اهتمام السينما المصرية بأفلام النساء إلي جيل السبعينيات والثمانينيات وأصبحت سعاد حسني ونادية لطفي وناهد شريف وشمس البارودي وميرفت امين ونجلاء فتحي نجمات متوجات علي عرش السينما المصرية طوال ربع قرن من الزمن،إلي  أن وصل بنا الحال إلي هذا الزمن الذي ترفض فيه شركات الإنتاج منح نجمات السينما الحق في بطولة الأفلام ليستمر هذا الوضع الغريب لأكثر من عشر سنوات ،بدأت مع لحظة هبوط مستوي الأفلام المصرية وصعود فيلم إسماعيلية رايح جاي إلي قمة الإيرادات، وماتلاه من أفلام تنتمي إلي تيار الكوميديا المسفة ونجومها الذين فرضوا ذوقا خاصا، علي الجماهير ونحوا المرأة تماما عن الصورة، وكأنهم عادوا بها إلي عصر الحريم فأصبحت مجرد تابع للرجل أو الشيء لزوم الشيء، أي لابد من وجود فتاة في الفيلم لتكون حبيبة للبطل أو محل صراع بينه وبين آخرين!

آخر ساعة المصرية في

20/04/2010

 

شاهين .. رسائل حب من العالم الآخر

فرنسا :  نعمة الله حسين 

»الصحبة الحلوة«.. في مشوار حياة يوسف شاهين، كانت »ماريان« ابنة شقيقته.. البنت الصغيرة التي أصبحت شابة جميلة فصاحبته.. واعتنت به، فكانت بمثابة الابنة البارة له.

التقيت بها معه قبل عامين تقريبا من وفاته في مهرجان »مونز« السينمائي الدولي لأفلام الحب، حيث كان يتم تكريمه عن مشواره الفني.

يومها لم يكن بصحة جيدة وكان حزينا علي وفاة صديقه المنتج الفرنسي »إميار بلزان« الذي انتحر في باريس.. وأصر علي السفر للمشاركة في الجنازة والعودة مرة أخري إلي »مونز« رغم ما في ذلك من مشقة عليه.. وكانت ماريان إلي جواره دائما، يومها أسرتني تلك السيدة الشابة الرقيقة.. القوية في نفس الوقت في حنوها الشديد في تعاملها مع »الخال«.. وكيف لا.. و»الخال« »والد« كما يقال في الأمثال الشعبية، كان كل منهما يكتفي بنظرة من الآخر ليفهم ما يقول.. ويعرف ما يجول بخاطره ويريده.

أحببتها كثيرا.. خاصة أنني كنت أحترمها من قبل.. فهي »شاطرة« في »شغلها«.. وجادة.

وفي الحوار الذي أدلت به للناقد »سعد ولد خليفة« ليحتل الصدارة في الكتاب القيم الذي أصدره المهرجان عن »يوسف شاهين« وكان بمثابة »رسائل حب إليه« من مجموعة كبيرة ممن عملوا معه.. فتحت »ماريان« قلبها وتحدثت بصراحة عن علاقتها »بالخال«.. وعقلها في الحديث عن المخرج الكبير الذي عملت معه وبجواره سنوات طويلة.. »ماريان« وشقيقها »جابي« هما اللذان يديران اليوم »مصر العالمية« للإنتاج والتوزيع، الشركة التي أسسها المخرج الراحل سنة 72.

كان شاهين قريبا من قلب شقيقته محبا لها.. وملتصقا بها إلي حد كبير.. لكنه لم يكن علي وفاق كبير مع زوجها »خوري« وكان هو أيضا منتجا جاء من لبنان ليعمل بالسينما المصرية.. فكانت إقامته موزعة ما بين القاهرة وبيروت.

في بداية السبعينات أخذ شقتين في إحدي العمارات تحت التأسيس إحداهما سكنها »يوسف« في الدور الثالث عشر.. والثانية هو وزوجته في الدور الرابع عشر.. ورغم هذا الجوار.. لكنه كان يقول لابنته »ماريان«.. ابتعدي عن خالك فهو »عبقري.. مجنون«.. ولذلك لا أريدك أن تعملي معه.

وتستكمل »ماريان« حوارها عن المرة الأولي التي شعرت فيها بالخوف.. والقلق علي »شاهين« وذلك عندما جاءهم اتصال تليفوني بأن شاهين سيجري عملية قلب مفتوح في أمريكا.. يومها لم تنتظر والدتها شقيقته أحدا فحزمت حقائبها وسافرت له في اليوم التالي إلي أمريكا لتكون بجواره.

ماريان وقتها كانت في السنة الأولي بالجامعة.. صغيرة السن فكان طبيعيا أن تقيم معها »ماجدة الرومي« هي ووالدتها بعد أن اشترط والد ماجدة ذلك للموافقة علي اشتراكها في الفيلم.. كان ذلك في سنة 76 والطريف أن الملابس التي كانت ترتديها »ماجدة« هي الزي المدرسي »لماريان«.. وقد يكون ذلك بداية التقارب الفني الحقيقي ما بين »ماريان« و»يوسف شاهين« المخرج.

وفي سنة 82 بدأت ماريان العمل معه.. وتوفي والدها.. وكان المنزل مليئا بالمعزين في اليوم الثالث.. وبينما أنا غارقة تماما في أحزاني دخل »چو« واصطحبني من وسط المعزين ليقول لي تعالي معي لنشاهد نسخة عمل فيلم »حدوته مصرية« وهذا هو شاهين له تعامل خاص في مواجهة الموت.. وقد تكرر نفس الموقف تقريبا عند وفاة والدتي شقيقته التي كان يحبها كثيرا.. عندما صعد في اليوم الثالث للوفاة ويأخذني من يدي قائلا للسيدات هذا يكفي.. عليكن بالرحيل.

من قبله تعترف »ماريان« أنها لم تكن مجنونة بالسينما لهذا الحد.. لكن منه تعلمت الحب والعشق للسينما.. وإن كانت هي تبدع في الأفلام التسجيلية »زمن لورا« وعلاقتها عن رائدات الفن السينمائي في مصر.

وفي القاعة الصغيرة الملحقة بسينما ماجيك »ببوبيني«.. تضيف »ماريان«.. وشقيقها المنتج »جابي« قائلين معا.. لم تكن سفرياتنا مع شاهين لفرنسا لدق الأبواب والبحث عن سبل للإنتاج المشترك.. سوي اشغال شاقة فكنا نعمل طوال النهار وإلي ساعات متأخرة من الليل.. ولم نكن نحظي بأي متعة سوي التواجد بقربه والعمل معه.

كل من اقترب من »يوسف شاهين«.. وعمل معه أحبه بشدة وقدره حتي لو  اختلف معه.. وفي حوار مع صاحب نوبل »نجيب محفوظ« مع الكاتب القدير محمد سلماوي والذي نشر في الأهرام إبدو عام 96 قال إنه تعرف علي شاهين والتقي به في عام 70 عندما عملا معا في فيلم الاختيار.. يومها طلب شاهين من محفوظ أن يحدد أجره.. وعندما حدده .. قال له إن »تلامذتك« يحصلون علي أضعافه.. فكان أن ضاعف أجره.. ويضيف محفوظ قائلا إن شاهين كان يخرج من القالب العادي للقصة والمنطقي.

ويضيف محفوظ أنه يتتبع نشاط »شاهين« منذ عام 51 عندما شاهد فيلمه »ابن النيل« فعرف أنه مخرج واعد.

كما يعترف »نجيب محفوظ« إنه لم يكتب حرفا في سيناريو فيلم »صلاح الدين« لكن يوسف ترك الأسماء التي اتفق معها »عز الدين ذو الفقار« علي الكتابة.. لكن مرضه الشديد حال دون إتمامه للفيلم.. وقد عدل شاهين تماما في سيناريو الفيلم لكنه رفض بشدة أن يستبعد بشدة كل من شاركوا بالكتابة حتي لو لم يستعن بها (وهذا شيء لايفعله سوي فنان كبير).

كانت هذه لمحات عن »يوسف شاهين« الذي كرمته فرنسا كثيرا من قبل.. وكان التتويج هذه المرة بشارع يحمل اسمه تقديرا لمشواره الفني الطويل.

ويبقي الحلم .. معلقا

في أرشيف الراحل يوسف شاهين »أربع ورقات« تحمل توقيعه مع الكاتب العظيم الراحل »سعد الدين وهبة« من الورقات الأربع حلم لم يكتمل ويري النور بين »وهبة« و»شاهين«.. ومشروع فيلم عن  صوت مصر العظيمة (أم كلثوم) والذي قام بتصوير جنازتها الشعبية والرسمية يوسف شاهين بنفسه.. فهي »أسطورة« الغناء العربي.. الورقات الأربع أو الحلم الذي لم يكتمل كان سيضع له  السيناريو »يوسف شاهين« والحوار  سعد الدين وهبة عن رؤية لحياة.. وبالطبع الإخراج لشاهين.. من بين السطور الذي ترجمها إلي الفرنسية »سعد ولد خليفة« في مارس 2010 خصيصا لمهرجان بوبيني.. لحظات المرض اللعين الخبيث الذي أصاب حنجرتها وخاف الجميع من الاقتراب منه حتي لا تفقد صوتها.. وكيف أنه  بمساعدة سفير مصر في واشنطن في ذلك الوقت وصل الملف الطبي الخاص بها إلي الرئيس الأمريكي »إيزنهار« والذي أمر بعلاجها في المستشفي البحري التابع للجيش الأمريكي.. لتكون بذلك أول سيدة في العالم تعالج في المستشفي البحري الأمريكي.. الإشعاع كان يصيبها بآلام شديدة لكنها تحملتها كالصخر من أجل أن تشفي وتعود لجماهيرها وعندما خرجت من المستشفي إلي الفندق توفي شقيقها لكنهم أخفوا عنها الخبر تماما حتي لاتصاب بأي انتكاسة.. وعندما عادت لمصر وعلمت بالخبر أغلقت علي نفسها باب غرفتها لمدة خمسة عشر يوما.. إنها لقطات من حياة فنانة عظيمة وسيدة كبيرة .. كانت حياتها حلما ظل معلقا في أربع ورقات لمعالجة سينمائية لم تر النور بين كاتب ومخرج من أعلام مصر »وهبة« و»شاهين« عن كوكب الشرق، فتحية لهؤلاء العظام الثلاثة.

آخر ساعة المصرية في

20/04/2010

 

فارس الرومانسية

بقلم : إيريس نظمى 

يوسف السباعى .. فارس الرومانسية ولقطة من فيلم »نحن لانزرع الشوك« لشادية ومحمود ياسين »لا أجد علي شفتي كلما لقيتك سوي أهلا« هذه الجملة التي كتبها يوسف السباعي عنوانا لمقاله الأسبوعي ويومياته التي كان يكتبها في مجلتنا »آخر ساعة« حين كان رئيسا لتحريرها.. جملة تدل علي الرقي والجمال ولأنه جاء من قبله ومن بعده بعض رؤساء التحرير الغاضبين الذين حاولوا أن يفقدونا حماسنا للكتابة.. فإن يوسف السباعي ابن الأصول كان يعامل محرريه بأسلوب حضاري.

لقد عشنا مراهقتنا وشبابنا علي مؤلفات يوسف السباعي ونجيب محفوظ وغيرهم.. لكن بحكم السن والمراهقة كنا نحب رواياته الرومانسية وكنا نستعيرها من مكتبة المدرسة. وأذكر مرة أن ذهبت إلي مدير المكتبة لأستعير كتابا فقلت له »إني راحلة« فرد الرجل خفيف الظل »مع السلامة ياستي«.

تخرج يوسف السباعي من الكلية الحربية »سلاح الفرسان«.. كانت هوايته الكتابة منذ كان طالبا.. وكان رومانسيا بطبيعته فاشتهرت رواياته بالرومانسية.. فأطلق عليه »فارس الرومانسية«.

وانتصرت الهواية علي الجيش لكي يتفرغ للكتابة.

وكنا نقرأ رواياته باستمتاع.. وبنوع من الشجن مثل رواياته الأولي »إني راحلة« لكن يوسف السباعي لم ينس أيامه منذ كان ضابطا في الجيش.. فكتب »رد قلبي« هذه الرواية المأخوذة عن الواقع بعد الثورة.. وتبين الفارق الكبير بين الغلابة. وأولاد الباشوات من ضباط الجيش.

ومن ينسي قصة »نادية« التي قامت ببطولتها ببراعة سعاد حسني التي قدمت شخصيتين في وقت واحد لأختين إحداهما شقية مقبلة علي الحياة والأخري عاقلة، وقد رشح يوسف السباعي سعاد للشخصيتين بعد أن عرضوا عليه شخصيات ممثلات أخريات.. منهن الممثلة زيزي مصطفي أيام شبابها وجمالها.

ومن ينسي »مولد يادنيا« هذا الفيلم الاستعراضي الغنائي أول وآخر بطولة لعفاف راضي الذي استطاع حسين كمال أن يوظفها للدور توظيفا جيدا.. واشترك فيه معظم فناني الكوميديا.. واستمر عرضه أسابيع طويلة.. أيضا »أرض النفاق« وغيرها.

< < <

كان يوسف السباعي يستوحي رواياته من الواقع.. كما يهتم بشئون الطبقة الفقيرة والمتوسطة رغم أنه كان ينتمي لعائلة كبيرة.. وتعاطفنا مع كل شخصياته حتي بنات الهوي اللائي وصلن إلي الحضيض بسبب فقرهن وحاجتهن الشديدة إلي المال مثل »نحن لانزرع الشوك« الذي مثلته الفنانة القديرة شادية.

وكان يشجعنا حينما نكتب مقالا يعجبه.. مشيدا بالمقال في »باب عزيزي« الذي توليت كتابته من بعده.. والذي يبدؤه بزميلتي.. كما كان يكتب ذلك أيضا في يومياته.

< < <

كان يوسف السباعي خلال فترة رئاسته »لآخر ساعة« يكتب رواية »نحن لا نزرع الشوك« علي حلقات أسبوعية.. وكنا ننتظر حلقاته بفارغ الصبر.. بل كنا نأخذ كل حلقة من المطبعة الخاصة بالجمع.. وكانت طريقة بدائية.. نأخذ »السلخ« المطبوعة.. وفي حجرتي بآخر ساعة التي كانت تضم الأصدقاء الأعزاء.. منهم من رحلوا.. ومنهم الذين مازالوا علي قيد الحياة.. نقرؤها باستمتاع قبل صدور المجلة.

وأذكر أنه أسس مع كمال الملاخ جمعية كتاب ونقاد السينما وخصص لنا مكانا استقطعه من نقابة الممثلين في ذلك الدور حينما كان رئيسا لمجلس إدارة الأهرام ورئيس تحريرها.. وفي إحدي المرات غضب جدا لأنه لا توجد مائدة اجتماعات.. فقد كان يهتم بالناحية الجمالية للمكان.

وقد انتقدناه حين ترك »آخر ساعة« وعين رئيسا لمجلس إدارة الأهرام.. لكن كنا علي صلة به من خلال جمعية كتاب ونقاد السينما.. كانت كل آرائه صائبة تدل علي الرقي والتحضر..

وقد انتخب نقيبا للصحفيين.. كما عين وزيرا للثقافة..

< < <

حاربه الكثير من الكتاب الشيوعيين واليساريين بدافع الحقد.. وكانوا يسخرون من كتبه التي كانت تطبع وتنشر بشكل جمالي لدرجة أن كتب أحدهم من باب السخرية جملة لا أنساها وهي: »مرة كتاب يوسف السباعي وقع علي رأس أحدهم فهشمها«.

كان يوسف السباعي لا يحب الشيوعيين ولا سيرتهم.. وكان معه كل الحق.. فقد كانت فترة إدارة الشيوعيين لدار أخبار اليوم أسوأ فترة في حياتنا ككتاب وصحفيين.. لقد أرادوا أن يحولوا مدرسة أخبار اليوم التي خرجت كل كبار الصحفيين إلي جرائد ومجلات ثقيلة الظل.. بل أذكر مرة أن أحدهم قال لي: حينما تكتبين عن الفن لا تخصي فنانا بعينه بل اكتبي مقالاتك عن الفنانين عموما.. فقد كانوا يحقدون أيضا علي النجوم من الفنانين، وعاد هذا المشرف نفسه بعد ذلك يطلب مني أن أقوم بعمل موضوع عن أم كلثوم التي كان ينتظرها الشعب العربي كل خميس من أول الشهر!!

وانتشرت شلل الشيوعية وغير الشيوعية كما انتشر المنافقون.. وانخفض التوزيع انخفاضا كبيرا.

< < <

وأذكر أنني التقيت بيوسف السباعي عندما كان وزيرا للثقافة.. وكانت السينما في ذلك الوقت تمر بأزمة كبيرة إثر هزيمة 1967.. وأغلقت الاستديوهات التي عششت فيها الخفافيش.. فهاجر معظم الممثلين إلي لبنان للعمل هناك ورفضوا العودة إلي مصر لأنهم عانوا من البطالة..  فأرسل لهم يوسف السباعي عبدالحميد جودة السحار الذي كان رئيسا لمؤسسة السينما في ذلك الوقت ليردهم إلي مصر.. ولقب هؤلاء النجوم وقتها »بالطيور المهاجرة«.

< < <

حين ذهبت لمكتب الوزير بمدينة الفنون بالهرم.. قال لي موظفو مكتبه إنه الآن في جولة داخل المدينة.. وبسرعة اتجهت إلي معمل الألوان وهناك وجدت الوزير واقفا وسط العمال والأحماض وهو يسأل عما تم إنجازه.

إن من كان يري هذه الأرض الخضراء وهذه الطرق المرصوفة وهذه المباني الجديدة مركز الصوت ومعمل الألوان »وقاعة الوزير« وهي قاعة خصصت لعرض الأفلام عروضا خاصة للكتاب والصحفيين.. وقد تغير اسمها بعده لتستغل استغلالا آخر.

وأخذني الوزير إلي مكان مليء بالقمامة.. التي كان يعمل فيها العمال ليل نهار.. هي قاعة سيد درويش.. لكي تعرض فيها مؤقتا عروض الأوبرا حتي ينتهي العمل في الأوبرا.. وأصبح  يفد إليها السميعة من عشاق أغاني سيد درويش والموسيقي العربية. وكان الهدف من كل ذلك أن يصبح هذا المكان مدينة لكل الفنون والفنانين.

كان يوسف السباعي كوزير يستقبل كل الناس كما كان يعمل معنا في »آخر ساعة«.. وكل فنان له شكوي يستمع إليها ويحاول حلها..

ومع كل هذه الإنجازات التي قدمها يوسف السباعي فقد حاربه الكثيرون من الكتاب الشيوعيين بدافع الحقد..

وسألته مرة عن تفسيره لظاهرة الهجوم عليه من هؤلاء الحاقدين قال لي »إن الدخول في معارك جانبية معادة لا تفيد أكثر من استنزاف الجهد وتضييع الوقت«.

< < <

كان لخبر استشهاده بيد الإرهابيين وقع حزين دامع.. فقد استشهد يوسف السباعي دفاعا عن الحق الفلسطيني الضائع..

قال لي موسي صبري بعد استشهاده.. لقد قلت له ألا يسافر بسبب غياب الأمن في هذه المنطقة ولكنه أصر علي الذهاب قائلا: »العمر واحد.. والرب واحد..«

رحم الله أديبنا الكبير فارس الرومانسية وصاحب الابتسامة المشرقة.

آخر ساعة المصرية في

20/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)