حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

توفيق عبدالحميد:

أشرف زكى كان يريدنى مجرد صورة على الجدران أو قطعة ديكور

كتب حسام عبد الهادى

عندما تحدثنا مع «توفيق عبدالحميد» كانت مفاجأة لنا أن نجده يقول أنه لم يتوقع تحطم حلمه على الصخور، صخور الفساد والمجاملات والمحسوبية والفوضى والعشوائية فى البيت الفنى للمسرح بل وأكد لنا أنه لكونه مؤمنا بما يفعله لم يتحمل بعد تعيينه رئيسا للبيت الفنى للمسرح أن يصمد أمام سيطرة أصحاب النفوذ، ولم يتحمل مضايقات بعض المسئولين ولا تضييق الخناق الذى فرضه أشرف زكى - وكيل وزارة الثقافة - رئيس قطاع الإنتاج الثقافى الذى كان يتولى رئاسة البيت الفنى للمسرح قبل أن يأتى توفيق عبدالحميد ليحل محله وفقا لما قاله توفيق، توفيق قال أيضا إن أشرف زكى الذى رشحه للبيت الفنى للمسرح كان يتخيل أن توفيق سيكون مجرد صورة فقط لا صوت له، خاصة أن علاقة الصداقة بينهما كانت تهيئ لأشرف ذلك، وكان يتوقع زكى أنه سيكون الرئيس الفعلى للبيت، بينما توفيق سيكون مجرد اسم فقط. هكذا قال لنا توفيق .. إلا أنه أبى على نفسه أن يكون مجرد صورة معلقة على الجدران أو قطعة ديكور فى أحد الأركان فثار على الوضع الذى فرضوه عليه، ولم يكن يعلم - كما قال لنا - أن كل ما يدور ما هو إلا مؤامرة ضده لتطفيشه بعد أن كشف اللعبة، وبعد أن أصر على التدقيق فى كل كبيرة وصغيرة تحدث فى البيت الفنى للمسرح الذى من المفترض أنه رئيسه!

عشرة شهور

عشرة شهور فقط هى عمر توفيق عبدالحميد فى الإدارة، أربعة منها رئيسا للمسرح القومى والستة الأخرى رئيسا للبيت الفنى للمسرح، هذه الشهور العشرة صورها لى عبدالحميد أنها كانت كابوسا جاثما على صدره، خاصة أنه فنان له وزنه ويمتلك أدواته التمثيلية الرائعة التى تضعه فى مصاف نجوم التمثيل فعلا وليس اسما فقط.

ما دفع توفيق عبدالحميد لتقديم استقالته من رئاسة البيت الفنى للمسرح ليس الفساد و«الهرتلة» - على حد تعبيره - ولكنه أكد أن هناك ما هو أخطر من الفساد، وهو عدم وجود ضمير فى إدارة الكيانات الثقافية ومنها البيت الفنى للمسرح! توفيق الذى أخلص فى مكانه رغم قصر المدة - سواء فى المسرح القومى أو فى البيت الفنى للمسرح - قال: مشيت لأننى أدركت أن الاستمرار خطر وأنى هادفع الثمن وحدى وهافضل مهموم على طول وأنا فى غنى عن ذلك! توفيق عبدالحميد أطلق تعبيرا دقيقا فى وصف الوضع الذى آل إليه البيت الفنى للمسرح وهو: «إن خرب بيت أبوك خدلك منه قالب» وقال: هكذا تدار الأمور فى المسرح وأنا لم أرضَ بذلك، رغم أنى «اتعاكست» كتير، لكنى لست من النوع الذى ألجأ للشكوى وتحملت، ولكن إلى متى يستطيع الإنسان أن يتحمل؟! هناك طاقة للإنسان لا يستطيع تخطيها أو اجتيازها وإلا انفجر.. صحيح أنا انفجرت من قبل عندما دخلت المستشفى، وأبلغت الوزير فاروق حسنى برغبتى فى تقديم استقالتى، ففوجئت بفاروق عبدالسلام يزورنى بالمستشفى ويثنينى عن رغبتى فى الاستقالة، مؤكدا أن الوضع بعد خروجى سيكون أفضل، لكننى فوجئت أن «ماحدش هايسيبنى أشتغل بمزاجى»، وفوجئت بالمجاملات السخيفة التى من المفروض أن أوافق عليها فى قبول نصوص لا علاقة لها بالمسرح من أجل المصالح الشخصية التى كانت لها سلطة من قبل ولكنى رفضتها، وقدمت بالفعل استقالتى لـ «أشرف زكى» وفوجئت به يطرق باب بيتى، ومع ذلك لم تتغير الأمور، بل ازدادت سوءا، رغم أننى طوال الفترة التى توليت فيها رئاسة البيت الفنى للمسرح لم أنشغل بأى ارتباطات فنية تخصنى واعتذرت عن أعمال كثيرة من أجل التفرغ للإدارة، وأبلغت مرارا وتكرارا فاروق عبدالسلام وياسر مدير مكتب الوزير وقلت لهما بالحرف الواحد: «أنا عايز أمشى، مش عايز أقعد فى المكان ده»!

ضد التيار 

·         ولماذا لم تبلغ الوزير بكل ما يحدث؟

- يبدو أن هناك أطرافا كانت تنقل للوزير كلاما بعيدا عن حقيقة ما يحدث، والحكاية وصلت لمرحلة شعرت فيها بأن كل شىء مختل، وبأنى مثل نغمة شاذة فى هذه المنظومة، لدرجة أن ناس كتيرة قالت لى: «إنت مش بتاع إدارة ولا تقدر على ألاعيبها لأنك بتفهم ونظيف وشريف وعيبك إنك واخد كل حاجة بجد»، ويضيف توفيق: طيب والجد مشكلة؟! أنا لا أجيد الهزار فى أمورى المهنية، فكل ما أفعله إما أن يكون المحرك الأساسى له هو الضمير وإما فلا!

·         هل توقعت ما حدث مع «أشرف زكى» ؟

- أشرف يعلم جيدا أننى لست الشخصية التى تنساق، ولكن فى قرارة نفسه قال: توفيق بيحب التمثيل أكتر، ولا يستطيع الاستغناء عنه، وهاياخد بعضه ويروح يمثل ويسيب لى البيت الفنى للمسرح أنا أمسكه فعلا، وهو يمسكه اسما فقط، معتقدا أنه ليس لدىّ أدنى خبرة فى الإدارة! كما توقع أشرف أنى سأرجع له فى كل شىء، إلا أنه بعد «شوية» فوجئ أننى باختلف معه ولا أوافق على أشياء خطأ «بتتعمل» ودخلنا مع بعض فى حسبة برمة!

اللعبة

·         بعد كم من الوقت اكتشفت هذه اللعبة؟

- من الأسبوع الأول لدرجة أننى فوجئت بناس تختلق الخلافات والمشاكل لتزحم رأسى بها حتى لا أتفرغ للإدارة وأتفرغ لحل مشاكلهم، وفوجئت بمشروع اعتصام وهمى و«بقيت» أهدى الشباب ووجدت حروبا كثيرة «بايخة» ومرهقة تضيع الوقت والمجهود، لدرجة أننى امتنعت عن الذهاب إلى مكتبى فى البيت الفنى للمسرح بعد أن وجدتهم يستنزفوننى فى مشاكل وهمية لا أساس لها من الصحة، بل مشاكل لمجرد إلهائى عن الإدارة، واتخذت قرارا بإدارة أمور البيت من أماكن غير معلومة وبالتليفون وبالمقابلات لكى أتمكن من إنجاز خطتى المسرحية وبرنامجى المسرحى الذى اتفقت مع الوزير عليه، ولولا هذا القرار ما كان تم إنجاز أى عمل، والدليل كم العروض التى قدمت قبل أن أتولى الرئاسة وكم العروض التى تم إعدادها بعد أن توليت الرئاسة، الفرق كبير وواضح، فقد نجحت فى أن أنير كل مسارح الدولة باستثناء المسرح القومى الذى توليت مسئوليته وهو «خرابة» بعد الحريق الذى تعرض له، ولكن فى مسرح السلام تم عرض مسرحيتى «أولاد الغضب والحب» ومن بعدها «ملك الشحاتين» وعلى ميامى «خالتى صفية والدير»، وعلى العائم «الناس بتحب كده»، وغيرها من المسرحيات التى كانت تملأ قاعات العرض الكبرى والصغرى، وللعلم لم أحضر افتتاح ولا عرض مسرحى واحد من هذه العروض، وعن عمد لعدم رغبتى فى سحب الأضواء من أصحاب الفرح الحقيقيين وهم أصحاب العرض اللى مفروض أن يكون كل الضوء عليهم وكل الاهتمام لهم وبهم، «أنا مش رايح ألمع نفسى ولا أنور نفسى هما اللى يستحقوا اللمعان والنور».

بقايا برنامج

·         وماذا تبقى لك من برنامج كنت تحلم أن تنفذه خلال فترة رئاستك للبيت الفنى للمسرح؟

- كنت قد اتفقت مع الوزير على إحياء مسرح الأقاليم، وعلى عمل برنامج للموهوبين بعد أن فوجئت بتفريغ المسرح من المواهب الحقيقية، وبأن الأجيال المسرحية الجديدة لا علاقة لها بالمسرح! فكان اتفاقى مع الوزير أن نرسل الموهوبين الحقيقيين إلى بعثات خارجية للحصول على دورات مسرحية قصيرة من 3- 6 شهور أو سنة على الأكثر يشاهد خلالها الموهوبون مسرحا بجد ليستفيدوا منه سواء فى التمثيل أو التأليف أو الإخراج أو الماكياج والملابس، وهى من الفنون العقيمة لدينا.

محمد صبحى

·         وماذا عن الذين يقولون إن استقالتك جاءت بسبب تعيين محمد صبحى مستشارا للوزير؟

- أولا كما ذكرت أنا تقدمت باستقالتى عدة مرات وتم رفضها، وقلت «أنا مش عايز أقعد فى المكان ده»، وأرغمونى على الاستمرار حتى فاض بى الكيل، فمن أين جاءت مسألة ربط استقالتى بتعيين صبحى مستشارا للوزير؟ وإن كان هذا قد ضايقنى وأكد يقينى بأن كل ما حدث وما يحدث هو لعبة ومؤامرة بالفعل، وهو ما أكده لى الكثيرون، وإلا لماذا أتى الوزير بمحمد صبحى مستشارا له وهناك - أى أنا - رئيس للبيت الفنى للمسرح؟!

علامات استفهام أكدت لى كم الشر الذى عانيت منه وتعرضت له فى تجربتى الإدارية، لكنها فى النهاية تجربة استفدت منها كثيرا، والحمد لله أننى لم أستمر فى هذه الحروب «الخايبة» حتى لو انتصرت فيها، فهى انتصارات زائفة لا تعنى شيئا، لأن انتصارى الحقيقى الذى كنت أسعى إليه وأجاهد من أجله هو أن جمهور المسرح يعود إليه من جديد، وأن يحب الفنانون الحقيقيون المسرح بجد، وأن يكون هناك مسرح للأطفال ومسرح للأقاليم بجد!.

مجلة روز اليوسف المصرية في

17/04/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)