حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رُمُوز السّينما الوثائقيّة: اللّبنانيّة جوسلين صعب

 هادي خليل - تونس

كيفَ يَتَصَرّف المُخْرج السّينمَائِي أمام العَلاَقَة القائمة بَيْنَ الفَوْضَى وَاللاَّفَوْضَى، النَّظَام وَاللاَّنِظَام؟ هَذَا الرِّهَان مَطْرُوح بِحِدَّة خَاصَّة بِالنّسبَة إلى السّينمَا الوَثَائِقِيَّة. فَخِلاَل تَصْوِير فِيلم، يُمْكِنُ أَنْ تَطْرَأَ بَعْض المُفَاجَآت غَيْر المُتَوَقّعَة وَأَنْ تَبْرُزَ بَعْض العَرَاقِيل وَالصُّعُوبَات غَيْر المُنْتَظَرَة. إنَّ جُلّ أَفْلاَم المُخْرِجَة الوَثَائِقِيّة اللُّبْنَانِيَّة جُوسلِين صَعْب، وَهي مِنْ مَوَالِيد 1948 بِبَيْرُوت، تَحْمِلُ بَصَمَات هَذَا الصِّرَاع بَيْنَ مَا هُوَ مُسَطَّر وَمُبَرْمَج وَمَا هُوَ مُبَاغِت وفجائي خِلاَلَ فِعْل الإِخْرَاج.

 دَرَسَتْ جُوسْلِين صَعْب العُلُوم الاقْتِصَادِيَّة بِبَارِيس قَبْلَ أَنْ تُصْبِحَ صُحُفِيَّة لاَمِعَة وَمُهَابَة. انْطِلاَقًا مِنْ سَنَة 1975، قَامَتْ بِتَغْطِيَة الحَرْب الأَهْلِيّة التِي انْدَلَعَتْ فِي لُبْنَان آنَذَاك. أَنْجَزَتْ مَجْمُوعَة مِنَ الأَفْلاَم الوَثَائِقِيَّة قَبْلَ أَنْ تَنْتَقِلَ سَنَة 1985 إِلَى الجِنْس السِّينِمَائِي الرِّوَائِي. هِيَ مِن أَبْرَز رُمُوز السِّينِمَا الوَثَائِقِيَّة العَرَبِيَّة، صُحْبَةَ مُوَاطِنَتِهَا، المَرْحُومَة رَنْدَة شَهال (Randa Chahal)، صَاحِبَة رَائِعَة "خُطْوَة خُطْوَة" الذِي أَنْجَزَتْهُ فِي مُنْتَصَف السَّبْعِينَات عَن رَحَى الحَرْب الأَهْلِيَّة بِلُبْنَان.

امْتَزَجَتْ مَسِيرَةُ جُوسْلِين صَعْب كَمُخْرِجَة وَثَائِقِيَّة بِدَمَارَات الحَرْب التِي كَانَ يَتَخَبَّطُ فِيهَا بَلَدُهَا. صَوَّرَتْ، سَنَة 1975، فِيلمًا بِعُنْوَان "بَيْرُوت لَمْ تَعُدْ كَمَا كَانَتْ"، كَشَفَتْ فِيهِ مِنْ خِلاَل شَهَادَات مُتَفَرِّقَة عَنْ أَسْبَاب انْدِلاَعِ الحَرْب وَالتَّنَاحُر العَقَائِدِي وَالدِّيِنِي بَيْنَ مُخْتَلف شَرَائِح المُجْتَمَع اللُّبْنَانِي. تتَخَلَّلُ هَذَا الفِيلم نَبْرَة مِنَ الحُزْن جَرَّاءَ هَوْل الحَرْب. كَانَتْ مُتَأَثرَة جِدًّا بِتَيَّار الوَاقِعِيَّة الإِيطَالِيَّة الجَدِيدَة (Le Néo-réalisme italien) الذِي بَرَزَ قَبْلَ وَبَعْدَ الحَرْب العَالَمِيَّة الثَّانِيَة فِي إِيطَاليَا المُدَمَّرَة وَالمَهْزُومَة. كُلُّنَا يَعْرِف الدَّوْر البَارِز لِلأَطْفَال فِي جُلّ أَفْلاَم الوَاقِعِيَّة الإِيطَالِيَّة الجَدِيدَة مِثْل "سَارق الدَّرَّاجَة" (le Voleur de bicyclette) وَ"مَاسِحُو الأَحْذِيَة" (Sciusia) لِلْمُخْرج فِيتُوريو دي سيكا (Vittorio De Sica). هُمْ أَطْفَال مُشَرَّدُون تَحَمَّلُوا مَتَاعِبَ الحَيَاة وَمَسْؤُولِيَّات جَسِيمَة رَغْمَ صِغَرِ سِنِّهم.

فِي الفِيلم الذِي صَوّرَتْهُ جُوسلِين صَعب، سَنَة 1976، بِعُنْوَان "أَطْفَال الحَرْب"، نَتَبَيَّنُ تَأْثِير مَدْرَسَة الوَاقِعِيَّة الجَدِيدَة فِي كَيْفِيَّة تَصْوِير الوَاقع وَالالْتِصَاق الوَثِيق بِمَآسِيه اليَوْمِيَّة. أَبْطَالُ هَذَا الفِيلم أَطْفَالٌ أَبْرِيَاء فَقَدُوا سَنَدَهُمْ وَأَصْبَحُوا ضَائِعِين فِي الشَّوَارِع دُونَ مَأْوَى، مُصِرِّينَ عَلَى كَسْبِ قُوتِهِمْ مَهْمَا كَانَتِ السُّبُل. كُلَّمَا سُئِلَتْ جُوسْلِين صَعْب عَنْ أَسْبَاب مَدَى اهْتِمَامِهَا بِأَطْفَالِ الحُرُوب، تُجِيبُ وَهيَ تَذْكُرُ فِيلمًا خَلَّدَتْهُ الذَّاكِرَة السِّينِمَائِيَّة وَهوَ "الهَائِمُون" (Los Olvidados) لِلْمُخْرِج الإِسْبَانِي الفِرَنْسِي لوِي بِينُوِيل (Luis Buñuel) الذِي صَوَّرَهُ فِي نِهَايَة الخَمْسِينَات بِالمِكْسِيك عَنْ الأَطْفَال اليَتَامَى الذِينَ دَمَّرَهُم وَاقِع التَّشَرُّد فِي الشَّوَارِع.

إِنَّ أَغْلَب الأَفْلاَم التِي أَخْرَجَتْهَا جُوسلِين صَعْب عَنِ الحَرْب الأَهْلِيَّة بِلُبْنَان هِيَ أَفْلاَم مُهِمَّة بِالتَّأْكِيد، مَثَّلَتْ شَهَادَة حَيَّة عَنْ بَلَدٍ يُمَزَّقُ مِنْ قِبَلِ أَبْنَائِهِ. لَكِن فِي رِحْلَتِهَا مَعَ السِّينِمَا الوَثَائِقِيَّة هُنَالِكَ فِيلمَان هَامَّان سَيَبْقَيَان مَنَارَتَيْن بَارِزَتَيْن فِي السِّينِمَا الوَثَائِقِيَّة كَكُلّ وَهُمَا "القَاهِرَة مَدِينَة الأَمْوَات" الذِي صَوَّرَتْهُ سَنَة 1978 و"السُّلُطَات وَالصِّرَاعَات بِإِيرَان: زَحْف الطُّوبَاوِيَّة" (1980). بِقَدْر مَا كَنَتْ أَفْلاَمهَا السَّابِقَة أَفْلاَمًا تِلْقَائِيَّة مُرَكَّزَة عَلَى المَضْمُون أَكْثَرَ مِنْهُ عَلَى الشَّكْل، فإِنَّ هَذَيْن الفِيلمَيْن يَعْكِسَان تَطَوُّرًا مَلْحُوظًا عَلَى مُسْتَوَى كِتَابَتِهَا الفِيلْمِيَّة، وَكَأَنَّهُ كَانَ لزاما عَلَيْهَا أَنْ تُغَادِرَ لُبْنَان وَتَبْتَعِدَ قَلِيلاً عَنْ وَاقع الحَرْب الذِي حَبَسَ أَفْلاَمَهَا فِي خَانَةٍ وَاحِدَة وَأَنْ تَكْتَشِفَ وَاقِعًا عَرَبِيًّا آخَر.

بِقَطْعِ النَّظَر عَنِ القَضِيَّة الشَّائِكَة التِي تَطَرَّقَتْ إِلَيْهَا فِي فِيلْمِهَا "القَاهِرَة مَدِينَةُ الأَمْوَات" وَهيَ تَكَاثُر القُبُور السَّكَنِيَّة فِي ضَوَاحِي العَاصِمَة المِصْرِيَّة، فَإِنَّ هَذَا الفيلم يَتَمَيَّزُ، فِي صُلْبِ عَمَلِيَّة التَّصْوِير ذَاتِهَا، بِعِنَادِ مُخْرِجَةٍ تَرْفُضُ أَنْ يَقَعَ لَجْم الكَامِيرَا التِي تَحْمِلُهَا مِنْ قِبَل السُّلَطات المِصْرِيَّة. جَعَلَتْ كُلّ المُضَايَقَات التِي تَعَرَّضَتْ لَهَا مَدَارَ مَوْضُوع هَذَا الفِيلم الرَّئِيسِي. لِمَاذَا تُصَادَرُ الحُرِّيَّات؟ لِمَاذَا تَخَافُ السُّلْطَة مِنَ الصُّورَة الفَاضِحَة؟ لِمَاذَا تُعَامَلُ مُخْرِجَةٌ عَرَبِيَّة فِي بَلَدٍ عَرَبِيّ بِتِلْكَ القَسْوَة مِنْ قِبَل السُّلَطة وَكَأَنَّهَا مُخْرِجَة إِسْرَائِيلِيَّة؟ كُلّ هَذِهِ التَّسَاؤُلاَت نَرَاهَا مُجَسَّدَة فِي صَيْرُورَة الفِيلم، سَوَاءً فِي فَتَرَاتِ طَلاَقَتِهِ أَوْ فِي فَتَرَاتِ عَرْقَلَتِهِ. فِي هَذَا الجَانِب بِالذَّات، تَكْمُنُ حَدَاثَة جُوسْلِين صَعْب بِوَصْفِهَا مُخْرِجَة وَثَائِقِيَّة، وَنَعْنِي بِالحَدَاثَة تِلْكَ القُدْرَة الفَائِقَة فِي مُسَاءَلَة العَلاَقَة بَيْنَ الفَنّ وَالسُّلَطَة الحَاكِمَة خِلاَلَ عَمَلِيَّة التَّصْوِير نَفْسهَا.

سَيَبْقَى فِيلمهاَ الوَثَائِقِيّ عَنْ إِيرَان أَهمّ فِيلم أَنْجَزَتْهُ طوَال مَسِيرَتهَا. صَوِّرت فِيه نَخْوَة انْتِصَار الثَّوْرَة الإِسْلاَمِيَّة الخُمَيْنِيَّة وَهيَ فِي بِدَايَة طَرِيقِهَا بَعْدَ إِجْبَار الشَّاه عَلَى التَّخَلِّي عَنِ الحُكْم وَمُغَادَرَة البِلاَد. نَرَى فِي الفيلم رُمُوزَ هَذِهِ الثَّوْرَة الهَائِجَة مِثْل "علي الخَلْخَالِي" رَئِيس المَحَاكِم الإِسْلاَمِيَّة، نَاهِيًا وَمُسْتَنْكِرًا كُلّ صَوْتٍ لاَ يَتَجَاوَبُ مَعَ الثَّوْرَة. كَمَا نَرَى أَيْضًا مَشَاهِدَ القَمْع ضِدَّ النِّسْوَة غَيْر المُتَحَجِّبَات وَضِدَّ المُثَقَّفِين اليَسَارِيّين. مَا صَوَّرَتْهُ إِذَنْ جُوسْلِين صَعب فِي هَذَا الفِيلم الرَّائِع هُوَ قَفَا وَاجِهَة الثَّوْرَة الإِيرَانِيَّة. مَا هُوَ دَوْر الصُّورَة الوَثَائِقِيَّة المُلْتَزِمَة فِي نِهَايَة الأَمْر؟ أَلَيْسَ فَضْحُ خِدَاع السُّلْطَة وَكَسْر شَوْكَتِهَا؟

الجزيرة الوثائقية في

30/03/2010

 

How to Train Your Dragon...

تجربة إخراجيّة تسابق الوقت

جون هورن 

قد تستغرق أفلام الرسوم المتحرّكة وقتاً طويلاً لإنجازها، فثلاث أو أربع سنوات تقع ضمن المدّة الطبيعية. لكن فيلم How to Train Your Dragon أُنجز بسرعة مختلفة كلياً. كان أمام مخرجَي هذا الفيلم الثلاثي الأبعاد الذي أُطلق في 26 مارس (آذار) الجاري 12 شهراً فقط لإنجازه، متولّيين بذلك مشروعاً يحتاج إلى عملية إعادة ابتكار جذرية.

نظراً الى ضيق الوقت، حاول المخرجان الكاتبان دين دوبلوا وكريس ساندرز (الثنائي الذي ابتكر رسوم Lilo & Stitch في العام 2000) تجنّب بعض المآزق التي يولّدها غالباً جدول إنتاجي غير متسرّع مثل صقل دعابة توشك أن تصبح سخيفة من كثرة التخطيط لها. يقول دوبلوا عن الوقفات والانطلاقات المتواصلة غالباً والتي تشكّل جزءاً من جدول معظم أفلام الرسوم المتحرّكة الزمني: «لا يسمح هذا النموذج باتّخاذ قرارات حاسمة. قد تجد نفسك في وضع حيث كل ما قد يجمع عليه ثلاثون شخصاً في الغرفة فكرة نمطية».

على رغم أن النقّاد لم يقيّموا بعد المزايا الفنية في هذا الفيلم، إنتاج استوديو «دريم ووركز»، يبدو How to Train Your Dragon مختلفاً عن أفلام رسوم متحرّكة سابقة أنتجها الاستوديو، لا سيما عن بعض أفلامه التي تعتمد في نجاحها على نجوم والتي انتُقدت بشدّة لكونها تولي أهميةً بالمؤثرات والمشاهير أكثر منه بالأصالة والجوهر. بمعنىً آخر، فإن How to Train Your Dragon من صنع مخرج وليس مجموعة.

في هذا الإطار، يقول بيل دمشكي، أحد رؤساء الإنتاج في «دريم ووركز» إن «كريس ودين يشكلان جزءاً من تحوّل شامل في الأعمال التي نحاول إنجازها».

هذا الفيلم الذي بلغت تكلفته نحو 165 مليون دولار أميركي مقتبس بتصرّف عن كتاب كريسيدا كاول للأطفال. وهو أول عمل يطلقه الاستوديو في سنة فاصلة على الأرجح، إذ يعتزم هذا الأخير إطلاق فيلمين آخرين قبل نهاية العام 2010: Shrek Forever After في 21 مايو (أيار) و Megamind في 5 نوفمبر (تشرين الثاني). تلك هي المرة الأولى التي يطلق فيها مدير «دريم ووركز»، جيفري كاتزنبيرغ، ثلاثة أفلام في عام، مع زيادة الاستوديو إنتاجه إلى خمسة أفلام كل عامين. يُذكَر أنه أصدر فيلماً واحداً في العام 2009 بعنوان Monsters vs. Aliens.

بالكاد تتميّز أفلام الرسوم المتحرّكة في «دريم ووركز» بالقصة الشاملة، والشخصيات المبتكرة، والمخرجين المستبدلين. لم يكن براد بيرد مخرج فيلم Ratatouille الأصلي، من إنتاج بيكسار (إذ حلّ محل جان بينكافا)، بينما استُبدل آش برانون بجون لاسيتير لفيلم Toy Story 2 من إنتاج الاستوديو نفسه. في المقابل، تخلّى كلين كيان عن إخراج فيلم Tangled المقبل من إنتاج ديزني وحلّ محلّه ناثان غرينو وبايرون هاورد. أمّا ساندرز فكان يُفترض أن يخرج فيلم American Dog من إنتاج ديزني، لكن الفيلم وُضع في عهدة هاورد وكريس ويليامز وتحوّل اسمه إلى Bolt.

لكن نادراً ما كان الاستوديو يسابق الوقت كما مع How to Train Your Dragon.

تمثّلت رؤية وولت ديزني الإبداعية في أن بداخل كل شخص منا طفلاً مهما بلغ سنّه. هكذا حفل الاستوديو الذي أسسه بأفلام أبطالها يافعون، لا سيما في أفلام الرسوم المتحركة الكلاسيكية الحديثة التي أنتجها، مثل سيمبا في The Lion King، آرييل في The Little Mermaid، وياسمينة في Aladdin وشخصيات أخرى. لكن في ظلّ إدارة كاتزنبيرغ، قلب استوديو «دريم ووركز» الذي تأسس منذ 16 عاماً والذي أعلن عن قسم الرسوم المتحرّكة في العام 2004 مفهوم ديزني رأساً على عقب، مغرقاً أفلامه من الرسوم المتحركة بشخصيات راشدة قد تستقطب الأطفال، وShrek خير مثال على ذلك.

لكن رواية كاول حول الفايكينغ وعلاقتهم المعقدّة بالتنانين تعجّ بشخصيات لم تبلغ بعد سن المراهقة، لذا تُعتبر كتاباً مثالياً لتلامذة الصف الثاني ابتدائي. وفي ظل مساعي الاستوديو للالتزام بقصة البطل المتردد، جمع المخرج الأصلي بيتر هاستينغز (الذي أخرج فيلم The Country Bears، ويحظى بالفضل في التلفزيون عن مسلسلي Pinky and the Brain  وAnimaniacs)  فيلماً يلقى، في نظر دريم ووركز، قبول هواة مسلسل SpongeBob SquarePants أكثر منه محبّي Harry Potter.  فيما يجتمع مزيد من الأسر اليوم لحضور أفلام ذات مشاهد قوية مثل Avatar وSpider Man، بدت النسخة الأولية من How to Train Your Dragon في نظر الاستوديو موجّهة إلى حد كبير للصغار، ومن الأفلام التي يقلّ الأهل أولادهم إلى الصالات التي تُعرض فيها إنما لا يشاهدونها بأنفسهم.

في هذا الإطار، تعقّب بوني أرنولد، منتجة الفيلم التي اشتهرت بإنتاج فيلم Toy Story وOver the Hedge: «كانت قصّة شخصية مخصصة للصغار، وأعتقد بأن كريسيدا أرادت لها أن تكون كذلك». فلو أن How to Train Your Dragon لم يكن يحوي شخصيات أكبر سناً ومشاهد حركة أكثر طموحاً، لأصبح جمهوره محدوداً ضمن فئة عمرية معيّنة ولتكبّد خسائر على شباك التذاكر. يقول دمشكي: «لم تكن قصّة شاملة سيحبّها الجميع».

عقب مغادرته ديزني بعد اتفاق بيكسار في العام 2006 (موكلاً فيلم American Dog الذي كان يفترض به إخراجه إلى مخرجين جديدين)، كان ساندرز يعمل مسبقاً في دريم ووركز وأمضى عاماً في إخراج الفيلم الذي تدور قصّته حول حقبة ما قبل التاريخ The Croods. فكّر دمشكي في أن ساندرز سيكون خياراً جيّداً بديلاً عن هاستينغز. يقول ساندرز: «لم أعرف أي شيء محدد عن القصة، لكن راودني شعور إيجابي تجاهها». فأرجأ إخراج The Croods، الذي سيُطلق في مارس (آذار) 2012، أي بعد عام من الموعد المحدد له في البداية.

كان ذلك في أكتوبر (تشرين الأول) 2008، وعلى رغم أن موعد إطلاق How to Train Your Dragon أُرجئ سابقاً من نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 إلى مارس (آذار) 2010 (لتفادي تلاقيه مع Avatar)، لم يكن يملك ساندرز أي دقيقة لهدرها. خشي استوديو دريم ووركز، الواثق بأنه من المنطقي إطلاق ثلاثة أفلام هذا العام، من أنه في حال لم يجهز الفيلم بحلول مارس (آذار)، سيتأخر إطلاقه حتى العام 2011. حتّى عندما يُكتَب كل مشهد في فيلم رسوم متحركة، ويُعرض على لوحة القصة، ويُحرّك، يستغرق الأمر أشهراً إضافية لإتمام الإضاءة، وتأليف الموسيقى، ومزج الأصوات، ما يعني أنه لم يكن أمام ساندرز سوى عام لإعادة إخراج الفيلم.

وأول من طلب ساندرز مساعدته كان دوبلوا، الذي تعاون معه في مسلسل Lilo & Stitch، والذي كان آنذاك في سياتل يحاول البدء بكتابة سيناريو أفلام حركة حيّة عدّة وإخراجها. يذكر دوبلوا: «قال لي كريس، «ماذا تفعل راهناً؟». فاشتريت تذكرة طائرة وبدأنا العمل في ذلك الأسبوع».

خلال تتبّع أحداث الكتاب، تبيّن أن نسخة الفيلم الأصلية لا تضم فحسب شخصيات صغيرة (يقودها صبي جبان يُدعى هيكاب)، إنما تتبع أيضاً قواعد مختلفة تماماً للعلاقة بين سكّان جزيرة بيرك في القرن الثامن والزواحف المجاورة لهم التي تطلق النار من أفواهها.

في الرواية والنسخة الأولى عن الفيلم، يخالط سكّان البحر الشمالي التنانين، ويسود التعاون بين الطرفين بدلاً من العداوة. يوضح دوبلوا: «شعرنا بأن القصة لا تنطوي على ما يكفي من الخطر».

في فيلم هاستينغز، يجمع الأولاد الصغار بيض التنانين ويربّونها للقيام بحيل. أمّا في نسخة ساندرز ودوبلوا، فتهاجم التنانين الجزيرة، وتسرق مواشي القرية النائية وتحرق منازلها.

يعلّق ساندرز: «ارتأينا أن يكونوا أعداء. إنها علاقة مميتة وسيكون هيكاب أول من يعبر ذلك الخط». على رغم أن ساندرز ودوبلوا أبقيا على شخصيات كثيرة من نسخة الفيلم الأصلية وعلى الممثلين الذين جسدوها، لكنهما أجريا تغييرات كبيرة في سن هذه الشخصيات وحجمها.

ازداد سن هيكاب ( يتحدث بصوت جاي باروتشل من فيلم Tropic Thunder) والفتاة المعجب بها، أستريد (بصوت أميركا فيريرا من مسلسل Ugly Betty)، من نحو عشر سنوات إلى 17 سنة تقريباً. كذلك كبُرت شخصية التنين الأساسية في الرواية، توثلس، من حيوان أليف صغير ولطيف إلى وحش ضخم قادر على الطيران. عوضاً عن التخلّص من الشخصيات الأصلية، منح ساندرز ودوبلوا في المقابل الشخصيات الثلاث بعض الأدوار الصغيرة. فتوثلس كما تم تصوّره في البداية بات اليوم تنيناً صغيراً يظهر في مطلع الفيلم وهو يحاول سرقة طعام من توثلس بصورته الجديدة فيبعده هذا الأخير عبر نفخ النار في وجهه. أمّا هيكاب وأستريد كما صُوّرا في الفيلم الأول فيظهران في آخر الفيلم كطفلين بين ذراعي امرأة مع مغادرة توثلس في قارب. في الوقت عينه، تركّزت القصة أكثر على العلاقة بين هيكاب ووالده المحارب الخائب الظن، ستويك الكبير (جيرارد باتلر).

بعد أن طُلب منهما اتّخاذ القرارات وعدم تخمينها، أعدّ المخرجان ملصقاً كبيراً يستعرضان فيه قواعد لرواية القصة لا يجب أن تنتهك خلال إعادة كتابتهما الفيلم وتصويره:

«تتحدث هذه القصة في جوهرها عن العلاقة بين ابن ووالده».

«إنها قصّة حيث يصبح ضعف الابن مصدر قوّته الأكبر».

«إنها قصّة حيث سيهزم الشاب الصغير أضخم ما رآه الفايكينغ يوماً».

أجرى المخرجان تعديلات بسيطة خلال مسابقتهما موعد إطلاق الفيلم. فصمما طريقة طيران التنين بنموذج الطائرات المقاتلة، مستعينين بالمصور السينمائي روجر ديكنز كمستشار لإضفاء إضاءة سينمائية على الفيلم.

تعقب المنتجة أرنولد: «يتحلّى المرء بإيمان كبير حين يكون أمامه هذا القدر الضئيل من الوقت. وهكذا جعلناهما يسابقانه».

 

Our Family Wedding

ينوب فوريست ويتيكر عن بيرني ماك الراحل، بينما يحل كارلوس مينسيا مكان جورج لوبيز في فيلم Our Family Wedding، كوميديا عن صدام عام ونموذجي بين الثقافات مقتبسة عن الأفلام الكوميدية المبتذلة عن حفلات الزفاف التي تستطيع تصوّر نهايتها.

الجديد في هذا الفيلم أن الصدام الثقافي يتم بين عائلة أميركية من أصل مكسيكي وأخرى من أصل أفريقي. يكشف المخرجون عن أفكار نمطية كثيرة في هذه المهزلة الظريفة إنما الفظة، والعذبة، والبطيئة الأحداث عن ارتباط أميركا فيريرا بلانس غروس.

تعيش الشخصيتان في نيويورك، لكنهما يعودان إلى لوس أنجليس لمفاجأة كل من عائلتيهما بخبر أنهما يتواعدان منذ مدّة ضاربين عرض الحائط بعرقهما وثقافتهما، وينويان الزواج.

وبما أن والديهما الناجحين (ويتيكر ومينسيا) يسارعان إلى استغلال مسألة اختلاف العرقين والتفوّه من دون تفكير بعبارة «أنتم أيها القوم!»، قد تصبح الأحداث مثيرة للاهتمام وفوضوية على حد سواء.

لكن الأحداث لا تتخذ هذا المنحى، لأن هذا الفيلم الخجول الذي لا يتمتع بكثير من الفكاهة ليس سريع البديهة في تعقيد الأمور ولا يضم فريق التمثيل المناسب لإنجاح الخطط الهشة، مثل مباراة الكرة اللينة (softball) بين العائلتين، والشجارات بقوالب الحلوى بين أفرادهما، والتخلي عن التقاليد والتقيّد بها.

في المقابل، وحده الغناء يؤتي فاعليته هنا، إذ ينشد الأبطال الرئيسون وحتّى الممثلون الثانويون (منهم المرح تشارلي مورفي) أغنية As Soon as I Get Home لفرقة Babyface، لتصوير الهزيمة.

ويتيكر مستعد لأداء دور مذيع يعشق النساء، لا يسمح لمحاميته (ريجينا كينغ) أو ولده بالتدخّل، ولا يخشى التعارك مع مينسيا. البطل الرئيس ممل، والجيل الأكبر سناً بين العائلتين يتصرّف بغباء، فتصبح قصّة الفيلم من تأليف ريك فامويوا مملة مع نفاد الدعابات من كتّاب السيناريو.

يروي Our Family Wedding قصّة كل زوج متردد، إذ يبدأ بوعد صغير ويكاد يصل إلى نهايته قبل أن تصل الأمور إلى حدها، فنبدأ جميعنا بالهرب قبل أن يرموا قوالب الحلوى في وجه أحدهم الآخر بعنف، ولن تكون حبوب الفياغرا التي ابتلعها كافية لإنقاذ هذا الزفاف.

 

The Yellow Handkerchief

ثمة لمحة مملّة في هذا الفيلم الميلودرامي الخفيف بعنوان The Yellow Handkerchief الذي يدور في أجواء رائعة. تعود هذه اللمحة إلى كتابة و/ أو اخراج شخص ليس من الجنوب فيلماً عن الجنوب. فتطول المساحات تماماً مثل لهجة الممثلين غير الجنوبيين، وتبدو المشاهد الطبيعية فارغة ويحل ماضٍ غابر جذاب محل الروايات التي تروى هنا والآن.

إذاً، لا عجب في أن نرى الصحافي والكاتب بيت هاميل الذي يعيش في نيويورك، يبتكر قصة The Yellow Handkerchief التي تدور أحداثها في لويزيانا. أخرج الفيلم أوديان براساد الهندي الأصل (الذي أخرج أيضاً الفيلم الرومنسي اليوناني Opa!) وقد استوحى الكثير من فيلم Baby Doll للكاتب تينيسي ويليامز.

لا يعني ذلك أن هذا الفيلم، الذي يروي قصة ثلاثة أشخاص في سيارة مكشوفة يجولون عبر لويزيانا، تفتقر إلى الجاذبية. فأداء ويليام هورت وكريستين ستيوارت وماريا بيلو المريح يجمّل النص ويسمح للمشاهد بالاستمتاع بأداء راقٍ. يبدو ذلك كلّه فريداً.

يؤدي هورت دور بريت، سجين سابق يترك سجن أنغولا في ولاية لويزيانا، ويقلّه فوراً مراهق ثرثار، أحمق، وغريب الأطوار يُدعى غوردي (إيدي ريدماين) في سيارته. لا يتردّد الأخير في إهانة إحدى الفتيات وتدعى مارتن (ستيوارت) والتحرّش بها بعدما تركها صديقها في موقف السيارات.

لأنها تُرِكت وحيدة تقرر الفتاة الذهاب مع غودري، تقول للسجين السابق الغريب بشاربيه اللذين يشبهان شاربي السجين فو مانشو (هورت): «أريد الرحيل، لكنني لن أذهب معه وحدي». فيصعد الثلاثة في سيارة Ford LTD قديمة، حيث يتحمل بريت وستيوارت ثرثرة غودري التافهة، وفي طريقهم يتوقفون عند كنيسة لا أحد فيها، منزل خاوٍ، ومتجر ريفي فارغ.

أثناء القيادة، تقنع مارتين بريت باخبارها قصته. وعندئذٍ نتعرف، عبر مشاهد من الماضي، إلى حب حياته الكبير (ماريا بيلو)، وعلاقتهما المفاجئة الهشة والواضحة. هكذا نعرف سبب دخوله السجن.

يجسد هورت روحاً رقيقة تمكنت بطريقة ما من تخطي السجن، رجل يبدي اهتماماً أبوياً بهذين الولدين. فيقدّم لهما نصائح مقتضبة تصيب الهدف.

فيقول للفتاة: «أنا أقلق عليك، فأنت لا تجيدين الحكم على الآخرين». وعن غوردي يعلق: «إنه شاب أصغر من سنه».

عنوان الفيلم صورة مجازية مستهلكة والمفاجآت فيه قليلة. لكن المشاهد التي تبعث على الاسترخاء والأداء المذهل (تهرب ستيوارت من مشاكلها وتذكر الجميع بالحماسة الماضية) يجعلان من The Yellow Handkerchief فيلماً لا بأس به.

 

Remember Me

يصوّر فيلم Remember Me، الهادف إلى إرضاء نادي المعجبين الشغوف بروبرت باتينسون، بطل Twilight المثير بكل عظمته المتمثلة في شخصيته اللامبالية، وسالفيه الطويلين، وشعره الأشعث وذقنه المحنية.

يجد باتينسون نفسه في قالب رومنسي، فيختبر التدخين ويؤدي دور القاسي، والشهم، والمثير للمتاعب. وحتّى لو كان يفتقر إلى أنياب، لا يزال باستطاعة إدوارد كالن تخيّل نفسه بها.

لكن أداء باتينسون الدقيق والمؤثر، وأسلوبه المتصنّع والمبالغ فيه، والنص الذي يجعله يترنّح بين الرومنسية الحالمة والجنون الجامح لا تدل على أن هذا الشاب لديه فرصة بحياة مهنية خالية من مصاصي الدماء.

Remember Me ميلودراما رومنسية أكثر «نضجاً» تتمادى في الإيحاءات الجنسية من دون أن تُصنّف إباحية، ويجمع بين العاطفة والاختلال العقلي. يؤدي باتينسون دور تايلر، شاب وسيم مكتئب، وتائه وثنائي القطب على ما يبدو يحب شقيقته الأصغر منه سناً بكثير، ويعيش حالة من الحزن على فراق شقيقه المتوفى، ويخوض عراكات لإثبات وجوده، ويواعد فتاةً للانتقام من والدها التحري في شرطة نيويورك (كريس كوبر) الذي ضربه.

مع ذلك، لا يستطيع التلاعب بهذه الفتاة (إيميلي دو رافان)، لأنها تبدي اهتماماً به على رغم أنه يسألها الخروج معه وآثار الضرب بادية على وجهه. وتبقى مهتمةً به بعد اختبارها طباعه العنيف وتقلباته المزاجية ولقائها بوالده النذل المنشغل بأعماله (بيرس بروسنان) وشقيقته الصغرى المحرومة (روبي جيرينز).

لكن في أحد الأيام، يلتقي صدفةً والدها الذي لم ينس ملامحه. ثم يكتشف سبب عدم استقلالها قطار الأنفاق، لأن والدتها قُتلت هناك أمام عينيها قبل عشر سنوات في العام 1991. وفي النهاية، بصفتكم مشاهدين، ستقومون بعملية حسابية عبر إضافة عشر سنوات إلى ذلك العام وتكتشفون إلى أين سيأخذكم ذلك.

تكمن المشكلة الكبيرة في سيناريو الفيلم من تأليف ويل فيترز الذي استخدم على ما يبدو ذلك كوسيلة لنيل فرصة إعادة تأليف نص فيلم A Star is Born. حين يحاول زميل تايلر الغبي البغيض والبعيد كل البعد عن الفكاهة (تايت إيلينغتون، الذي يسيء أداء دور مبتذل مكتوب بطريقة سيئة) إقناع هذا الأخير بمواعدة ابنة الشرطي للانتقام منها، يدور هذا الحوار الظريف والمضحك:

- ما الذي تريدني أن أقوم به؟ أختطفها؟

- ماذا؟ لا. ليس لدينا فسحة كافية في الخزانة.

لكن من يعوّض عن هذا التقصير بروسنان، الذي لم يجد مكانه المناسب بعد تجسيده شخصية بوند في الأفلام الموسيقية إنما في أداء دور النذل الأنيق الذي يناسب مراكز السلطة. فالمشاهد التي تجمعه بتايلر تتخطى الحدود، إذ يصرخ في وجهه وسط لقاء مع كبار رجال الأعمال، لكن بروسنان يحافظ على برودة أعصابه ولا مبالاته.

وضع المخرج ألين كولتر بصمته مع فيلم Hollywoodland، لكن بخلاف بروسنان، استفاد من شهرة باتينسون لكنه لم يضف أي جديد. فجو الفيلم معَكّر، وإيقاعه بطيء والتبديل المفاجئ بين مشاهد الجنس، والحزن، والعنف الماسوشي كاف لجعلك تُصاب بالدوار. باختصار، إنه فيلم رديء. وبالنظر إلى عدد السجائر التي يدخنها روبرت باتينسون، قد يتبين بأن ذلك قد يضر به أكثر من الانتقادات المدمّرة لحياته المهنية. قد يتحول لون أنيابه إلى أصفر

الجريدة الكويتية في

30/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)