حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رؤية خاصة

خزانة الآلم

بقلم : رفيق الصبان

يطرح فيلم »خزانة الألم« الذي اخرجته كاترين بيجالو  وفاز بأكثر جوائز الأوسكار أهمية  هذا العام منتصرا علي فيلم جيمس كاميرون »افاتار« الذي حقق أكبر ايرادات عرفتها  السينما في  تاريخها حتي هذا اليوم.

خزانة الألم.. يتكلم عن حرب العراق.. من خلال زاوية شديدة الخصوصية.. وهي زاوية هذه الكتيبة من الجيش الأمريكي التي عهد إليها بالبحث عن الالغام والقنابل التي تزرعها المقاومة العراقية في الطرقات ويذهب ضحيتها العشرات وأحيانا المئات من الأبرياء.

الفيلم يبدأ.. بتصوير احدي هذه المهمات الخطرة التي يذهب ضحيتها أحد الجنود الامريكيين الذي ينفجر فيه لغم أرضي فيقتله.. وسرعان ما يستبدل الجندي القتيل بجندي آخر له باع طويل في هذا المجال.. هو جيمس ويلعب دوره باتقان جيفري كريمر والذي نراه منذ بداية الفيلم يحمل في أعماقه مقدارا كبيرا من الشجن.. ومن التأمل الحزين.. في العبث الدموي الذي يعيش فيه.

ومنذ اللحظات الأولي للفيلم.. تري نظرة صانعية إلي الشعب العراقي.. الذي يقدمه لنا.. ومن خلال النوافذ والأسطحة والشوارع.. يراقب ويشهد صامتا.. متأثرا ناقما لانه بالنسبة لهذه الكتيبة هو »العدو« الذي علينا الامساك به ولجمه ومنعه عن القيام بهذه العمليات القاتلة الدموية التي يذهب ضحيتها عراقيون.. وجنود امريكيون »وهبوا حياتهم لإنقاذ هؤلاء العراقيين المساكين«.

المفارقة قاسية ومؤلمة ومنذ اللحظات الأولي.. علينا أن نقف إلي جانب هؤلاء المنقذين الذين ارسلتهم العناية الألهية لانقاذ البلاد.. ضد هذا الشعب الثائر، المخزول الذي لا نري له وجها نقيا.

وانما هو محرر كتيبة تتحرك بعيون كبيرة متسعة.. ويد قابلة للقتل في أية لحظة.

خزانة الألم بانتصاره الكبير علي افاتار منافسه في جوائز الاوسكار يطرح سؤالا بالغ الأهمية في توجهات هذه الجائزة وأهدافها البعيدة والقريبة معا.

»افاتار« يصور حملة أمريكية ضد شعب حر وكريم.. يعيش في كوكب بعيد مليء بالثروات الطبيعية.. تحاول الحملة ابادة هذا الشعب كما تتمكن من وضع اليد علي جميع موارده وتسيطر علي قدره ومصيره.

بينما يصور لنا »خزانة الألم« حملة أمريكية أخري.. غلافها الانسانية وباطنها عنصرية ثقيلة وكذب صريح حول حرب العراق.. وما يجري فيها من مقاومة واستبسال وكراهية للمستعمر الغاصب.

العراقيون في الفيلم كلهم دون استثناء يبدون وكأنهم متخلفون يعيشون في عالم متخلف الابنية مهدمة.. الشوارع قذرة.. مليئة بالنفايات.. والبشر يعيشون ويسيرون وكأنهم في معزل تماماً عن المدنية والحضارة.. لا هم لهم إلا القتل.. والقتل للبؤساء الجنود »مبعوثي العناية الالهية« لانقاذهم.

حتي الأطفال لا يخلو الفيلم من تقديمهم وقد تجردوا تماما من براءتهم.. ورغم براعة السيناريو في تقديم صورة الطفل بائع اشرطة الفيديو المسروقة وعلاقته مع العريف جيمس والتي يحاول اعطاءها طابعا انسانيا خاصا فأن الطفل في أعماقه شدة.. وفاسد.. فقد براءته نهائيا وحتي الاستاذ الجامعي وهو الشخصية الايجابية الوحيدة في الفيلم والذي يتسلل العريف جيمس إلي بيته بحثا عن أثر يقوده الي سبب عودة الكلام الذي ارتبط معه برابطة انسانية مؤثرة.. يبدو لنا سعيدا وفخورا لانه التقي في بيته بضابط من المخابرات الامريكية شرف منزله واعتبره تكريما خاصا له.. لولا تدخل الزوجة.. الحكيمة وطرد العريف بطريقة مهينة ذكرتنا بأن المرأة اقدر من الرجل علي معرفة نوايا الناس وأهدافهم »وهذا ليس غريبا لان مخرجة الفيلم امرأة«.

الفيلم يحتوي علي أربعة حقائق مهمة.. بدت فيها المخرجة العالمية في هذا المضمار محاصرة السيارة المفخخة والنجاح في فصل الشريط الناسف.. ثم فخ الصحراء.. وانتصار الكتيبة علي مجموعة المقاومين.. وقتلهم جميعا.. تماما كقطيع الماعز الأسود.. الذين تستروا وراءه.. ثم الدخول إلي المنزل الفارغ.. والعثور علي جسد الغلام الميت.. وأخيرا مشهد الرجل البريء.. الذي ألبسه المقاومون سترة مليئة بالمتفجرات.. وتركوه أمام الكتيبة.. والذي يحاول العريف جيمس انقاذه.. دون أن ينجح في ذلك.. ويتفجر الرجل وهو يصرخ.. »انقذوني أنا أب لأربعة أبناء« في هذه المشاهد الاربعة.. بدت المخرجة كاترين بيجالو قادرة علي التحكم في صورها وفي ايقاعها.. قادرة علي ان تدرس ميكانيكية القتال.. وان تمسك بأعصاب القاتلين وتدخل الي أعماق نفسياتهم. كما اثبتت قدرتها مرة أخري في المشهد الحواري الطويل بين جيمس وقائده الأسود والحديث عن الحب والوحدة والاطفال.. حيث استطاعت أن تمسك بالعصي الانساني الذي يميز هاتين الشخصيتين بقوة ورهافة وعذوبة لا تقدر عليها إلا امرأة.

وحتي المشاهد القليلة التي نري فيها جيمس مع المرأة التي احبته وانجبت له طفلا اشعره في لحظة ما بانسانيته.. استطاعت »بوجلو« ان تعزف علي وتر شديد الرقة وأن تبعدنا لحظة.. عن ضجيج الحرب الذي تحاول أن تدافع عنه وأن تقودنا الي بر انساني أكثر رحمة ودفئا وتفاهما.

ولكن اذا كانت المخرجة تملك كل هذه الحساسية.. فما الذي دفعها إلي اختيار هذا السيناريو والمساهمة في انتاجه.. والذي ينهض أساسا علي تزييف واقع الحرب العراقية واكساءها ستار انساني لا تملكه.. وتوجيه الاتهام الظالم إلي شعب يدافع عن أرضه وحقوقه وكرامته وتصويره بهذا الشكل المزري البعيد عن الحقيقة والمليء بالنظرة الفوقية والكذب الصريح الممجوج.

أن تقدم فيلما بهذه البراعة التكتيكية لتدافع عن هدف مشبوه ولتجعل الرأي العام في العالم كله الذي سيسارع الي مشاهدة الفيلم بعد ان فاز بهذا العدد الكبير من جوائز الأوسكار »أكثر الجوائز السينمائية شعبية في العالم« والذي سيخرج بعده وقد غسل دماغه تماما.. ووقف معجبا مصفقا مهللا لهؤلاء الأبطال الذين وضعوا حياتهم علي أكتفهم لانقاذ شعب بريء مطحون!! دون أن يتركوا للمتفرج حق السؤال عن ما الذي اتي بهم أصلا لأرض العراق.. ولماذا يحظرون علي شعبه حق الدفاع عن نفسه ضد هؤلاء.. الذين يعاملونه بفوقية مهينة وبنظرة احتقار لا تخفي علي المشاهد الذكي«.

»خزانة الألم« من وجهة نظر محايدة »ولكن هل يمكننا أن نقف علي الحياد في حرب العراق التي تمسنا جميعا كعرب ومسلمين«؟! فيلم حربي متميز، المعارك فيه أخرجت باتقان كبير.. والتصوير الذي تم معظمه علي ما أعلم في الأراضي الاردنية قد اعطانا الانطباع اننا في أرض عراقية حقيقية.. والاسلوب السينمائي الذي قدم به أفراد الشعب العراقي.. سواء هؤلاء الذين يسيرون في الشوارع.. أو هؤلاء الذين يقفون أمام نوافذهم أو علي أسطح بيوتهم.. أو هذه القلة القليلة جدا التي يتسني لها أن تخطيء بالحوار مع هؤلاء المنقذين« في ثيابهم العسكرية المنقطة.. وأحذيتهم الثقيلة ونظاراتهم المعظمة.. التي تخفي الجزء الأعظم من وجوههم.. هذا الأسلوب الذي تختفي وحشيته وعنصريته وراء ستار زائف وكاذب من الواقعية السينمائية ومن المهارة في السرد ومن التصوير المؤثر.. والخدع السينمائية الفعالة وهل يمكن أن ينسينا الهدف الكبير الذي يختفي وراء تقديم هذا الفيلم.

الجوائز المهمة التي توجته.. سواء في انجلترا »البافتا« أو في أمريكا »الأوسكار« والاحتفاء النقدي الغربي الذي احاطه بهالة مدهشة من التقدير والاعجاب.

الفيلم تكتيكيا.. جيد بل أكاد أن اقول جيد جدا.. ولكن هل يكون هذا سبب كافي لتجاهل المضمون المسموم الذي يحتويه.

وهل وصلنا إلي زمن أصبحنا نحكم فيه علي جمال الصورة دون أن نسأل عن ماذا تحمل هذه الصورة من مضمون؟!

أخبار النجوم المصرية في

25/03/2010

 

خواطر ناقد

عري الجسد يكشف عري الفكر !

بقلم : طارق الشناوي 

انه خيط رفيع يفصل بين الحرية والإباحية.. يقف الفن دائماً علي شاطيء الحرية ويرفض الإباحية بكل أشكالها سواء أكانت في فيلم أو  أغنية فيديو كليب.. والحقيقة أن طبيعة الإنسان نفسها تبتعد عن الإسفاف والتجاوز سواء في الفكر أو في أسلوب التعبير حتي ولو وجد الإسفاف والإباحية سوقاً لهما في وقت ما فإنه يظل مع الزمن سوقا محدودا ومن ينتصر في النهاية هو الفن!!

في العديد من دول العالم وبينها عدد محدود من الدول العربية تنتشر دور عرض متخصصة في عرض أفلام »البورنو« الجنسية ورغم ذلك فإن رواد هذه الأفلام يشكلون نسبة الأقلية بالقياس إلي الأغلبية من رواد الأفلام الفنية، بل انه في دراسة نشرت قبل ٧ سنوات اتضح أن من بين أفضل ٠٢ فيلما علي مستوي الإقبال الجماهيري في العالم هناك ٨١ فيلماً اعتمدت علي المؤثرات البصرية، أي أن الجمهور يبحث عندما يذهب إلي دار العرض عن المتعة الإبداعية وليست مشاهد الجنس.. لقد حطم فيلم »آفاتار« ثلاثي الأبعاد لجيمس كاميرون سقف الإيرادات في العالم كله حصد أكثر من ٢ مليار ولايزال بلا أي مشاهد جنس!!

ان من يرتادون شوارع البغاء التي يحميها القانون وتحظي برعاية صحية، والمنتشرة في بعض دول العالم لايمكن ان تقارنهم بمن يفضلون قضاء السهرة في حفل غنائي أو عرض مسرحي.. القسم الأخير هم الأغلبية بالطبع!!

المملكة الهولندية عندما قررت مكافحة انتشار المخدرات سمحت بتداولها بدون تجريم قانوني بعض المقاهي تقدم القهوة المخلوطة بالحشيش بل انها حتي تحد من الجرائم التي يلجأ إليها المدمنون عندما يتعذر عليهم الحصول علي الجرعات لعدم توافر الأموال للشراء أباحت إعطاءهم  الجرعات مجاناً ونجحت الخطة الهولندية في الحد من انتشار المخدرات!!

ولهذا لا أشعر بحالة »فوبيا« العُري أي الخوف الشديد من انتشار العُري عن طريق الفيديو كليب حيث دأبت القنوات الغنائية- ليست كلها بالطبع- علي تحطيم كل القواعد الأخلاقية بالسماح بعرض أغنيات تلعب  فقط علي جسد المرأة وتحولت الكلمات من الإيحاء الجنسي إلي المباشرة والإباحية!!

وعندما نتناول ظاهرة العُري في الأغنيات حتي نكون منصفين وللإمساك بعمق القضية ينبغي ان تمتد الرؤية لتشمل علي الأقل مائة عام منذ بدايات عصر التسجيل علي أسطوانة والإذاعات الأهلية حتي تصل إلي الفيديو كليب الذي ولد مواكباً لانتشار الفضائيات والقنوات المتخصصة في الموسيقي والغناء وعندما اشتد  التنافس في الاستحواذ علي الجمهور من الشباب لجأت إلي عامل الجذب باستخدام الجنس والعُري في أغنيات الفيديو كليب وفي النهاية فإنها مشروعات اقتصادية بالدرجة الأولي حيث ان المكالمات التليفونية ورسائل الموبايل تتحول إلي أموال تتدفق علي ذلك القنوت ولأن قانون الطبيعة يسيطر دائماً ولكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه كان ينبغي ان تولد علي المقابل قنوات متزمتة دينيا تواجه قنوات العري المجاني هدفها هو أن تشعر الإنسان بأن كل متع الحياة حرام.. ولكن لهذه قصة أخري!

منذ ان عرفنا الغناء وهناك أغنيات اباحية تواكب الأغنيات الفنية وجاءت الأسطوانة لتساهم في انتشار هذه الأغنيات خاصة انها تتحول الي مشروع تجاري يبحث عن الربح بأية طريقة، وهكذا انتشر أغنيات مثل »ارخي الستارة اللي في ريحنا« و»شفتي بتاكلني انا في عرضك« في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وهذه الأغنيات وغيرها ساهم في تلحينها أساطين النغم أمثال الشيخ زكريا أحمد ومحمد القصبجي وسيد درويش وكتب القسط الوافر منها الشيخ يونس القاضي الذي كتب أيضاً النشيد الوطني »بلاد بلادي« وبالمناسبة استعانت به وزارة الداخلية المصرية في مطلع العشرينيات من القرن الماضي عندما كانت مسئولة عن الرقابة ليصبح هو أول رقيب دوره هو مصادرة الأغنيات الخليعة لانه »ابن كار« ويستطيع اكتشافها بسهولة!

أم كلثوم بكل ما لديها من شموخ ورغم نشأتها الدينية الصارمة غنت أيضاً في مطلع العشرينيات من القرن الماضي طقطوقتي »انا علي كيفك« و»الخلاعة« وفي طقطوطة »الخلاعة« تقول: »الخلاعة والدلاعة مذهبي والله طول عمري بحبهم« وهما من تأليف وتلحين طبيب  الأسنان د. أحمد صبري النجريدي !!

وسرعان ما أدركت أم كلثوم الخطأ ولم تكرر هذه النوعيات بل إن الشاعر احمد رامي حاول ان يكتب كلمات مهذبة علي وزن »الخلاعة مذهبي« حتي تدخل الأغنية الجديدة في ارشيف ام كلثوم باسم »اللطافة والخفافة مذهبي« لكن لم تنجح المحاولة وظلت الطقطوقتان »أنا علي كيفك« و»الخلاعة« أخطأ في تاريخ »أم كلثوم«.

ولا يمكن ان ينتقص هذا من قيمة أم كلثوم الفنية بل ان التجربة اثبتت ان قصيدة »مالي فتنت بلحظك الفتاك وسلوت كل مليحة إلاك« التي لحنها ايضا د. احمد صبري النجريدي من شعر علي الجارم وقدمتها في نفس الفترة الزمنية مطلع العشرينيات.. هذه القصيدة عاشت وحققت مبيعات اكثر ولايزال بعض السميعة يحتفظون بها!!

الفن الجيد هو الذي يناصر الحرية ويرفض الاباحية والجمهور العربي بلغ الآن مرحلة- الفطام- ولم يعد يجدي ان تلعب الدول دور الرقابة وتمنع وتشجب وكأنها عسكري شرطة يمسك بعصا غليظة.. ضمير الفنان هو الذي يختار الي اي جانب ينحاز وانا اثق ان الجمهور يملك في نهاية الأمر قدره علي ان يختار الفن ويبتعد عن الاسفاف.. نعم تعددت الفضائيات التي تراهن علي العُري الجسدي الا ان التصدي لكل ذلك سوف يأتي عندما نستطيع ان نقدم للجمهور الوجه الآخر من الصورة اقصد الفن الجيد العملة الجيدة هذه المرة تستطيع طرد الزائفة.. انتشار العُري الجسدي في الفضائيات يكشف خواء الفكر الموازي والطارد لعري الجسد!!

أخبار النجوم المصرية في

25/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)