حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

باقات الورود لا تذهب دائما لمستحقيها

الحب هو الحل

طارق الشناوي

على الرغم من أن أحداث الفيلم تقع في يوم واحد 14 فبراير (شباط)، أي في عيد الحب، وعنوانه أيضا يحمل أيضا الاسم نفسه، فإنه يتجاوز فكرة الاحتفالية ليصبح فيلما صالحا للمشاهدة 365 يوما في العام.

قدم المخرج غاري مارشال تنويعات على الحب بأطيافه كلها، وانتهى إلى أننا نحب البشر كما هم، لا نضع تمثالا نموذجيا ومواصفات قياسية لكتالوغ الحب، ولكننا فقط نقع رغما عنا في الحب.

الحب هو التيمة الرئيسية لمعظم الأعمال الدرامية والروائية، إلا أننا عادة لا نتناول قضية الحب بقدر ما تستوقفنا حكايات الحب، ولكن هذا الفيلم يقترب أكثر من القضية. ويضيف أيضا كيف نحافظ على مشاعر الحب، ثم ينتقل إلى الحب الكاذب، والحب المريض، والشهوانية، وكأنه يردد قول شاعرنا الكبير نزار قباني: «الحب في الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه..»، وبعض الشخصيات في هذا الفيلم لم تجد الحب، فاضطرت إلى اختراعه.

اختار المخرج مدينة لوس أنجليس لتصبح هي المكان الذي تنطلق منه قصص الحب والخيانة والغيرة كلها. نجد في الفيلم عددا ضخما جدا من نجوم هوليوود، جيسيكا ألبا، وآن هاثواي، وكاثي بيتس، وجيسيكا بيل، وبرادلي كوبر، وإيريك داين، وباتريك ديمبسي، وهيكتور إلينزوندو، وجيمي فوكس، وجينفر غارنز، وأشتون كوستر، وكوين لطيفة، وجورج لويز، وجوليا روبرتس، وشيرلي ماكلين.

نقطة الانطلاق الدرامي نراها في حالة حب جارف يعيشها النجم الجديد أشتون كوستر، الذي لديه محل لبيع الزهور ملحق به كافتيريا، ويضع خاتما في إصبع حبيبته، التي استيقظت إلى جواره، طالبا إليها الزواج، لكنها تتردد في الإعلان. هو نفسه لا يستطيع أن يكتشف حقيقة مشاعره. الكل يبحث عن حقيقة الحب، وفي الأعمار كلها حتى الطفل ذو السنوات الـ10 يجد نفسه حائرا بين أستاذته في المدرسة التي يحبها، وزميلته الهندية في الفصل الدراسي. نعم حب طفولي، ولكن المخرج حرص على أن يواصل فكرة تقديم تنويعات على الحب حتى الكاذب أو المستحيل. هذا الطفل يعيش مع جديه، يؤدي دوريهما شيرلي ماكلين وهيكتور إلينزوندو. تعترف شيرلي ماكلين لزوجها في يوم عيد الحب بأنها خانته مع أعز أصدقائه.. هي تعترف بأنها مجرد نزوة ولم تستمر طويلا وندمت عليها، لكنه لم يستطع في البداية أن يسامحها، على الرغم من مرور نصف قرن من الزواج. تنويعات المراحل العمرية أراد من خلالها المخرج التأكيد على أن الحب لا يعرف عمرا ولا مرحلة زمنية، وأن السماح وتقبل عيوب الآخرين، مثلما يقول عبد الوهاب «علشان الشوك اللي في الورد بحب الورد»، هو أساس الحب، أي أننا نحب في الإنسان العيوب قبل المزايا.

من المواقف التي حرص السيناريو على أن يقدمها بإبداع خاص، وبمساحة درامية لافتة، اللقاء الأول بين فتى وفتاة، في الثامنة عشرة من عمرهما، وكل منهما ليس لديه تجارب، ولكنهما قررا يوم عيد الحب أن يمارسا لأول مرة الحب. يؤدي دوريهما إيما روبرتز وكارتر جيتكيز. وتفشل العلاقة التي حرص المخرج أن يغلفها بروح كوميدية تتوافق مع حالة الفيلم، حتى عندما تكتشف بطلة الفيلم خيانة الرجل الذي أوهمها بأنه طلق زوجته، في حين أنه كان يحتفل بعيد زواجه معها. المخرج يقدم هذه الانتقام بروح كوميدية، وحرص المخرج على أن يضع دائما مساحة بين الجنس والحب، ولهذا فإن فشل العلاقة بين الفتى والفتاة في عمر الثامنة عشرة لا يعني فشلهما في الإحساس بالحب أو في التعبير عنه. والحقيقة أن الذي فشل ليس هو الحب، ولكن إقامة علاقة جنسية بينهما هي التي أخفقت.

داخل محل بيع الزهور نرى أيضا كمشاهدين الحكايات كلها أو جانبا مثيرا منها. الكل كان يلهث لكي يشتري لحبيبته باقة ورد: الخائن، والمخادع، والصادق، والمخدوع.. الجميع يبحثون عن وسيلة لتأكيد مشاعرهم، حتى ولو كانت هذه المشاعر لمجرد التعتيم عن مشاعرهم الحقيقية تجاه الطرف الآخر.

هل الورود تصل إلى مستحقيها؟ قدم المخرج مشهدا شديد البلاغة لعامل الورود وهو في طريقه لتوصيلها إلى المنازل. تفقد بسبب حادث عارض، إلا أن الحب من الممكن أن يعيش وينمو ويصدقه أيضا الطرف الآخر، حتى لو لم تصل باقة الورود تؤكد على هذا الحب.

وبعد أن ينتهي المحل من بيع الورود، نجد أنفسنا نسأل: ماذا بعد؟ ما الذي يتبقى بعد أن توزع الزهور؟ ما مصير الورود الأخرى التي لم تجد من يرسلها؟ ما الذي يتبقى بعد أن توزع الزهور على الأحباب؟ تلقى هذه الزهور التي لم يتم تبادلها في النهر لتطفو على سطحه، ربما تتجدد مرة أخرى مع أمواج النهر، أو تلتقطها يد حبيب.

هذا العدد الضخم كله من النجوم الكبار، وعلى الرغم من ذلك، تستطيع أن تلمح أن الكل له بطولة مطلقة، إلا أنك لا تلمح لأي نجم إحساسا مسيطرا لأحدهم، والقانون الصارم هو أن الوجود على الشاشة ينبغي أن يستند إلى قيمة درامية، كان بعضهم مثل جوليا روبرتس بطلة فيلم غاري مارشال الشهير، امرأة جميلة، فهي هنا تؤدي عددا محدودا جدا من المشاهد، فهي تلعب دور ضابط في الجيش الأميركي.. الحب بالنسبة إليها هو ابنها الذي تركته وعادت إليه ليلة عيد الحب. الفيلم يقدم أيضا الخيانة، وهي لا تعني فقط الخيانة الزوجية، ولكن الخداع في المطلق أن تظهر غير ما تبطن. الكل يحب في هذا الفيلم، وقيمة الحب أنه يكشف حقيقة المشاعر وعمقها. لا يضع الفيلم إطارا محددا للحب، ولكنه يدافع فقط عن هذا الحق في أن نحب لكي نعيش.

النجوم الكبار لا تشعر بأن اسم النجم له علاقة بمساحة الدور، ولكن أيضا حتى الترتيب على الأفيش أو التترات لم يخضع لأي حساسية. يقدم الفيلم أيضا العلاقة بين ما نتصور أننا نشعر به حقيقة، وحقيقة ما نشعر به، وهكذا أكثر من شخصية نراها في الفيلم وهي تكشف بالضبط أين هي عاطفيا وفكريا، بل وجنسيا، ويقدم الفيلم بعد ذلك من خلال الأحداث تلك الميول. حضور بائع الورد والورد في الفيلم تعبيرا عن الحب يصبح له دور البطولة. السيناريو ينسج القصص كلها بذكاء لتنتقل من واحدة إلى أخرى بعمق وإبداع في حالة من الانسيابية.

الفيلم يناصر الحب في معناه الأسمى، قدمه جاري مارشال دفقة إبداعية واحدة، ينعشك، ولا تكتفي بأن تراه في عيد الحب 14 فبراير، ولكنك تحتاج أن تشاهده أيام السنة كلها.

لعب المخرج على مبدأ الزمن كخلفية للأحداث، فأنت لا ترى ساعة تشير إلى الزمن، ولكننا نتابع مشاهد الفيلم منذ الصباح الباكر على وجوه الأبطال، وأيضا تنطق الطبيعة بالزمن حتى نصل إلى صباح اليوم التالي. مزج المخرج بإبداع بين الموسيقى والرقص والعادات الغربية والشرقية، ليؤكد على عالمية الإحساس بالحب. حرص المخرج في نهاية الأحداث أثناء كتابة تترات النهاية، على أن يقدم أجزاء من اللقطات أثناء التنفيذ نرى فيها الأبطال في حالة من البهجة أثناء التصوير ليكسر الإيهام، وكأنهم جميعا كانوا يعيشون بالضبط في حالة حب في الاستديو.. لا شك أن تلك الحالة انطلقت أيضا إلى قلوب المشاهدين.

t.elshinnawi@asharqalawsat.com

الشرق الأوسط في

05/03/2010

 

الفيلم الوثائقي العربي يغط في سبات عميق

ردود الفعل السابقة وغياب المنتجين والتقنيات أهم الأسباب

جدة: علي شراية 

على الرغم من الرواج الكبير والاهتمام البالغ الذي تجده الأفلام الوثائقية في العالم، والذي أوجد لها مكانا مهما ضمن الباقة البرامجية في القنوات الفضائية العالمية، وأكدت به وجودها عبر قنوات عالمية متخصصة لمثل هذا النوع من الأفلام مثل قناة «ديسكفري» الأميركية، إلا أنها لم تجد هذا القبول والاهتمام في العالم العربي، لأسباب أرجعها الخبراء إلى غياب المنتجين وضعف التقنيات، إضافة إلى غياب الثقافة التي تؤدي في الغالب إلى ردود فعل متوقعة بسبب اختلاف النصوص المعروضة، فيراه بعض المتعصبين مساسا بجوانب القبلية والعادات والتقاليد والجانب الديني في بعض الأوقات.

ووجد المنتجون في تقديم الحقائق التاريخية عبر المسلسلات التاريخية حلا أسرع للوصول إلى المشاهد العربي وأكثر ربحية، ولكون المشاهد العربي يميل إلى الدراما وتجسيد الواقع من خلال شخصيات ونجوم.

ووجدت تلك المسلسلات معارضة من أقارب الشخصيات، وصلت إلى المحاكم في بعض الدول ومطالبات بتعويضات باهظة، وتوقف عدد من المسلسلات في أثناء عرضها، مثل مسلسل «سعدون العواجي» الذي وقف بثه العام قبل الماضي لذات الأسباب.

ويرجع ممدوح سالم، المخرج السينمائي المعروف، ندرة الأفلام الوثائقية إلى الطلب المحدود عليها بسبب رغبة المشاهد في مشاهدة فيلم كوميدي أو حركي أو رومانسي بعيدا عن الحقائق والوقائع التي يرصدها الفيلم، إضافة إلى الثقافة العربية المحدودة. وضرب مثالا على ذلك بعرض الفيلم الوثائقي «9/11» الذي أخرجه مايكل مور وحصد إيرادات عالية وقبولا كبيرا من المشاهدين العرب، إضافة إلى غياب المساحة التي تعرض فيها تلك الأفلام، ولعل نجاحات القنوات الفضائية الوثائقية الغربية مثل قناة «ديسكفري» يعد حافزا لرجال الأعمال المهتمين بالإعلام.

فيما يرى المخرج نضال الدمشقي أن غياب المنتجين هو السبب الرئيسي لغياب الأفلام الوثائقية العربية، على الرغم من وجود النص والإرث العربي الكبير في المواقع والحقائق التاريخية، إضافة إلى غياب الإمكانات الحقيقية لتصوير تلك الأفلام، وقال: «من الخطأ تصوير الأفلام الوثائقية بإمكانات الأفلام العادية كما هو موجود في الأفلام الموجودة حاليا».

وأضاف الدمشقي: «إن الحركة الحالية للأفلام الوثائقية العربية مبنية على الطلب، فمع الأحداث تظهر الأفلام وتنتعش الحركة».

وحمّل من جانبه توفيق الزائد، المخرج السعودي، القنوات الفضائية غياب تلك الأفلام والاعتماد على البرامج الترفيهية المربحة، كما حمّل غياب المختصين وعدم تعاون بعض الجهات ذات الصلة في إبراز الحقائق أسباب ندرة الأفلام العربية من هذا النوع. فيما وصف أحد المخرجين الوضع الحالي للأفلام الوثائقية الموجودة في الوقت الحالي أنها تعتمد على المجاملة والتمجيد فقط بعيدا عن الحقائق، وهو ما حدث حقيقة في عدد من الأفلام الروائية التي عرضت على الشاشات العربية خلال الفترة الماضية، وأكده لـ«الشرق الأوسط» عدد من المنتجين والمخرجين العرب.

يقول عبد الله بن محفوظ منتج فيلم «هجرة الحضارم» الذي عرض على قناة «العربية»: «للأسف، الحقيقة تغضب البعض، ونحن بطبيعتنا كشعوب نتأثر بالعاطفة والقبلية ونرفض الرأي الآخر».

وأضاف أن فيلم «هجرة الحضارم» بلعت تكلفته الإنتاجية نحو 800 ألف ريال، وهو المبلغ الذي تجاوزته في الوقت الحالي بعض الكليبات الغنائية، وعرض الفيلم بعض الوقائع بحسب ما أوردته المعلومات التاريخية، وعلى الرغم من ذلك هاجم البعض المحتوى ورفضوا بعض الأفكار والحقائق، موردين حقائق أخرى. وعلق على ذلك بالقول: «الحقيقة دائما ما تكون مؤلمة».

وهنا يعود المخرج ممدوح سالم ليتحدث حول نجاح الأفلام الوثائقية الغربية بقوله: «نجاح التجارب الغربية في هذا المجال بسبب الأهمية الفائقة للأفلام الوثائقية ودورها الكبير في كثير من مجالات الحياة، وفي كثير من الميادين التاريخية، الدينية، السياسية، الاجتماعية، الثقافية، خصوصا أنه ليس لديهم محظورات رقابية في طرحهم لقضاياهم، وهذا يعد سببا رئيسيا لنجاحهم، إضافة إلى ثقافة المشاهد الغربي الذي يبحث عن المعلومات والوقائع الحقيقية من دون تزييف أو تغيير، من خلال عمل وثائقي يقدم القضية بأبعادها».

وفي ظل الغياب للأفلام الوثائقية العربية لتلك الأسباب وجد المنتجون العرب طريقة أخرى متوافقة مع ميول ومتطلبات الشعوب العربية من خلال تقديمها على شكل مسلسلات تاريخية وجدت قبولا كبيرا من المشاهدين، أرجعه ممدوح سالم إلى التسويق الجيد، مشيرا إلى نجاح مسلسلات تاريخية مثل «الزير سالم»، و«الظاهر بيبرس»، و«الأمين والمأمون»، مرجعا النجاح إلى كون المشاهد العربي يميل إلى الدراما وتجسيد الواقع من خلال شخصيات ونجوم معروفين وقصة وحبكة درامية لها بداية وعقدة ونهاية، وقد اعتاد على ذلك كثيرا، خصوصا أنه في الآونة الأخيرة أصبح العمل التاريخي يخدم إنتاجيا وتتوفر له سبل النجاح، وبالتالي هي مسألة ثقافة، فثقافة المشاهد العربي ترجح المسلسلات التاريخية على الأفلام الوثائقية.

أما عن نشأة الأفلام الوثائقية فيقول: «تعتبر سنة 1923 المرة الأولى التي استعمل فيها مصطلح أو مفهوم الوثائقية، وذلك للتعبير عن كل فيلم من خلال الوثائق المأخوذة من الواقع. وفي بداية من سنة 1949 تم استخدام مصطلح (documentariste) (الوثائقية)، وهو الاسم الذي يطلق على السينمائيين الذين يخرجون أفلاما وثائقية، وهي السنة كذلك التي انفجر فيها الفيلم الوثائقي بشكل معتبر، وظهر الكثير من الأفلام الوثائقية التي تروي قصصا وأحقابا تاريخية، وبدأ بعدها الفيلم الوثائقي يأخذ أبعاده كعلم مستقل بذاته، وكفن له مبدعوه».

وقد استخدم الفرنسيون مصطلح «Le film documentaire»، منذ ظهور اختراع «لويس لونيار» لجهاز التقاط وعرض الصور السينمائية المتحركة سنة 1895، وذلك لتصوير فيلم الرحلات (نقصد بفيلم الرحلات: تصوير المكان الحقيقي الذي يدور حوله الموضوع، وهو واقعي المضمون، قصير الطول، ذو مسحة سياحية، يقدم للمشاهد معلم البيئة ومناظرها في بلد ما، ومظاهر الحياة الاجتماعية بها). وكان هواة الرحلات أكثر من يقبلون على تصوير «أفلام الرحلات»، بعد اكتشاف آلة التصوير السينمائي بهدف توثيق أوجه نشاطهم، وتسجيل مشاهداتهم، لإعادة عرضها على الأهل والأصدقاء من قبيل التذكار، أما الفيلم الوثائقي فهو وثيقة تاريخية، والهدف منها هو المعرفة، لذا سمي كذلك بالفيلم التعليمي. كما سمي أيضا بالفيلم العلمي، والفيلم التدريبي. وبعد نحو ربع قرن، سنة 1920 ظهر التعبير الإنجليزي «documentry film»، من خلال المخرج الناقد الإنجليزي John Grierson، حيث ظهر الفيلم الوثائقي للناس بمواصفات محددة. في مقال نشره في جريدة «The New York Sun» الأميركية سنة 1926.

ووصف الفيلم الوثائقي بأنه المعالجة الخلاقة للواقع، وميزه عن غيره من الأشكال السينمائية التسجيلية التي أخذت في الانتشار آنذاك، حيث قسم الإنتاج السينمائي الوثائقي إلى مستويين لكل منهما أهدافه.

الشرق الأوسط في

05/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)