حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مجموعة من الفعاليات الفنية والثقافية تحتفل بحضور واحدة من أهم الأقليات في الأردن:

مخرج فيلم 'الشراكسة' يعلنه بداية حقيقية للسينما الأردنية الجادة

عمان 'القدس العربي' ـ من سميرة عوض

لعله الحنين الذي يدفع بالأردنيين من أصول قفقاسية للتعريف بثقافة الآباء والأجداد في ديارهم الأولى، ولعله الخوف من اندثار الحقائق بموت من عاصرها من الأجداد، وبالتأكيد هو الحرص على كتابة التاريخ 'الشفوي' لأحداث جرت في القرن الماضي، كل ذلك جعل 'القفقاسيين' يعكفون مؤخرا على توثيق 'ما جرى' عبر أكثر من وسيلة متاحة، منها تأسيس الجمعية الأردنية القفقاسية للثقافة، والتي أشهرت في حفل أحتضنه المركز الثقافي الملكي والتي تأسست مطلع شباط 'فبراير' الحالي بهدف تعزيز أواصر التعاون بين الشعب الأردني وبين الشعوب القفقاسية .ويعد الأردن نموذجا مثاليا للأخوة والتآخي في الدين وقيم الحرية والعدل بين الأردنيين من مختلف أصولهم ومنابتهم.

وها هو رئيس الجمعية د.فخر الدين الداغستاني بعد أشهار الجمعية بأيام قليلة يعقد مؤتمرا صحافيا بمناسبة ذكرى نفي الشعب الشيشاني إلى سيبيريا عام 1945 في عهد الاتحاد السوفييتي السابق.

كما أصدر مؤخرا الكاتب محمد أزوقة كتابه 'القضية الشركسية' والصادر عن الجمعية الخيرية الشركسية، ودار ورد الأردنية، بدافع من 'واجب الوفاء للأجداد الذين قضوا في ساحات القتال الطويلة، وتوثيق المأساة التي لم تعد موجودة إلا في سجلات الأرشيف المغبرة، وبعض كتب التاريخ'. كما يقول أزوقة.

كما يذهب المخرج الأردني العالمي محي الدين قندور ـ شركسي الأصل- الى أن فيلمه 'الشراكسة' الذي أتم تصويره في عمان مؤخرا 'لقاء بين حضارتين كانتا مختلفتين الا أنهما التقتا بالحكمة التي تميز بها شيوخ البدو والقادة الشركس وتمكنا معا من بناء المجتمع الأردني'، مؤكدا أن فيلمه 'يستند على توثيق أحداث اجتماعية مرت على عمان بدايات القرن الماضي' من خلال الفيلم المتوقع أن يعرض في عمان قريبا.

الجمعية الأردنية القفقاسية للثقافة

ينص النظام الأساسي للجمعية الأردنية القفقاسية للثقافة التي تتخذ من مدينة صويلح/ غرب عمان مقرا لها، على إحياء التراث الشعبي الأردني والقفقاسي بمختلف أشكاله من خلال المهرجانات الفنية، وتطوير المهارات الفردية وتنشيط الحركية الثقافية والفكرية والفنية، والمشاركة الفاعلة في المناسبات الوطنية والقومية والتاريخية. معلنة تأسيس فرقة للرقص والفنون الشعبية، فضلا عن تعزيز الصلات بين فرقة الجمعية للرقص الشعبي وفرق الرقص الأخرى محلياً ودولياً، وتنوي عقد الدورات التأهيلية والتدريبية لإعداد فرقة للرقص الشعبي والأردني والقفقاسي لخدمة أهداف الجمعية.

من جهته بين د.فخر الدين الداغستاني رئيس الجمعية في كلمة ألقاها في حفل إشهار الجمعية في المركز الثقافي الملكي 'أن العشائر القفقاسية في الأردن تفخر بأنها أردنية، وهم مواطنون اشتركوا في تأسيس المملكة وتطويرها على مدى السنين'.

وأوضح الداغستاني أن جبال القفقاس تمتد من البحر الأسود غرباً إلى بحر قزوين شرقاً، وتشكل حاجزاً طبيعياً يفصل ما بين قارة أوروبا شمالاً وقارة آسيا جنوباً، وتعتبر الشعوب فيها شعوبا أوروبية، كما منطقة القفقاس تضم حوالي (40) لغة مختلفة لذلك فهي أكثر مناطق العالم كثافة في تعدد القوميات واللغات، إضافة إلى لغة الأرمن الآرية واللغات التركية المختلفة التي تتكلمها شعوب أذربيجان والبلقار والقومق والناغوي والقرشاي وكذلك لغة الإستين وهي إحدى اللغات الإيرانية القديمة'.

وفي الوقت الذي استعرض فيه د.روحي شحالتوخ مساهمة القفقاسيين في بناء الأردن الحديث، تحدثت د.فاطمة جعفر رئيسة منتدى التنوع الثقافي الأردني عن عناصر الثقافة الشيشانية في المجتمع التي تدور حول الإيمان بالله والأرض واحترام المرأة، وطبيعة المجتمع الشيشاني الديمقراطي بطبعه والذي لا يعرف الطبقية، مستعرضة بعض العناصر الثقافية كاللغة والفنون والأدب والشعر والخرافة والأسطورة والأمثال الشعبية.

من جهته بين وزير الثقافة نبيه شقم ـ شركسي الأصل- والذي رعى حفل إشهار الجمعية 'أن الأوطان لا تتشكل إلا بالكرامة والحرية وصيانة حقوق الإنسان واحترام خياراته ومعتقداته وذاكرته، مستذكرا البناة الأوائل الذين أسسوا على هذه الأرض مملكة العدل والخير، فكانت المملكة الأردنية الهاشمية، النموذج المثالي للأخوة والتآخي في الدين وقيم الحرية والعدل'.

وقدمت الجمعية لوحة فلكلورية شيشانية (رقصة فرسان الشيشان) من تصميم السيد مدير الفرقة حسن موسى أصحاب الشيشاني ولوحة فلكلورية شركسية(قافة) لفرقة الجمعية من تصميم مدرب الفرقة السيد رامي وليد داروقه وتأليف موسيقى الرقصة رامي داروقه. كما قدمت فرقة الساحل شباب معان لوحه فلكلورية أردنية.

فيلم 'الشراكسة' يقدم حكاية عمان

انتهى د.محي الدين قندور وهو مخرج أردني من أصول شركسية مؤخراً من تصوير فيلمه 'الشراكسة' قدرت تكاليفه بمليون ونصف المليون دولار.

ويعتبر المخرج قندور -المقيم في بريطانيا- أن فيلم الشراكسة ' بداية حقيقية لصناعة السينما في المملكة'، ويذهب في فيلمه لتوثيق الذاكرة الشعبية والتاريخ الشفوي لمدينة عمان ويحكي قصة الأردن في التاريخ الحديث عبر أحداث اجتماعية جرت بدايات القرن 'لم تكتب في الكتب ولا في الصحافة' ' حسب ما يقول قندور.

ويرصد الفيلم بداية حضور الشركس إلى الأردن واستقرارهم في عمان وهو ما جعلهم يتعايشون مع حضارة جديدة بالنسبة لهم حيث تلتقي حضارتان لم يسبق أن تمازجتا معا، إذ تختلفان في العادات والتقاليد، إلا أن ما يجمعهما هو الدين الإسلامي الذي قرب بينهما فظهرت القيم الاصيلة. مؤكدا 'أن تعدد الأعراق في الأردن يشبه الفسيفساء، لأن هذا التنوع يلعب دوراً هاماً في نفسية الإنسان ويخلق في داخله التجدد'.

تدور قصة الفيلم حول المياه في منطقة رأس العين إحدى المناطق التي استقر فيها الشركس، فتنشأ قصة حب بين شاب شركسي وفتاة من المنطقة ويتم رفض هذا الزواج فيلجأ الشاب الشركسي إلى عملية الخطف التي تعتبر في التراث الشركسي جزءا من قيم الشجاعة والبطولة وهي من القيم المحببة، فيما هي عند العرب مرفوضة، ومن خلال الحوار بين الثقافتين يتم حل المشكلة دون أن تسيل قطرة دم واحدة لان العقلاء في الطرفين رجعوا إلى العقل وحل الحب محل الخصام .

والفيلم 'سيكون له الموقع المناسب في السينما العالمية' حسب ما يقول مخرجه ومنتجه قندور الذي انتهى من تصويره مؤخرا في عمان، وسيكون له نسختان الأولى بالعربية والثانية بالشركسية إضافة إلى ترجمته إلى لغات أخرى ليتسنى عرضه في مهرجانات سينمائية عالمية، إذ يؤكد قندوراهتمام السوق الأوروبي ودول شرق آسيا. ومن المتوقع ان يعرض الفيلم قريبا وهناك ترتيبات مع 'الهيئة الملكية للأفلام' للاتفاق على العرض الأول الذي سيتم في الأردن وروسيا معا وسيتم عرضه أيضاً في 'برلين'، ومن المتوقع أن يشارك في مهرجان 'كان'.

وكان الفنان جميل عواد تمكن من تصميم قريتين شركسيتين في منطقتي سيل الزرقاء وسد الملك طلال تتناسبان مع الواقع البيئي في ذلك الوقت 1900 ' وتتشابه مع المواقع التي سكن فيها الشركس في بداية استقرارهم في عمان.

جسد شخصيات الفيلم نخبة من الفنانين الأردنيين منهم: سحر بشارة محمد العبادي، جميل براهمة، محمد الضمور، إبراهيم ابو الخير، رفعت النجار، علي عبد العزيز، اشرف أباظة، محمود ممدوح، وسام ابريحي، باسلة علي، وفاطمة بسيوني .

فيما جسد الأدوار الشركسية مجموعة من الفنانين من روسيا منهم: محي الدين كوماخوف، رسلان فيروف، باسيرشابسوغوفاو، وجانا حاموكوفا، ولود اشيرميوفاو، ومحمد كبشوغوف, فيما جاءت الموسيقى بتوقيع التأليف الموسيقى الأردني وليد الهشيم.

وفيلم 'الشراكسة' إنتاج وسيناريو وإخراج المخرج العالمي د. قندور ويساعده المنتج المنفذ للفيلم عصام حجاوي، تم التصوير في وادي سحاب وضبعة والخان وآثار جرش واختتم في خربة مظهر ابو جابر حيث مكتب القائمقام التركي الذي جسد شخصيته الفنان اشرف اباظة.

اما بطولة الفيلم فقد كانت للنجمة الأردنية الصاعدة سحر بشارة التي ابدعت باداء دورها بمشاركة البطل الشركسي بيكوف. كما شارك ابن المخرج الصغير 'كازبك قندور' '9 سنوات' كونه يتحدث اللغة الشركسية بطلاقة.

ود.محي الدين قندور، كاتب ومخرج سينمائي ومؤلف موسيقي ترجمت أعماله ورواياته من اللغة الانكليزية الى العديد من اللغات العالمية. وقد قام قندور بانتاج العديد من الافلام في هوليود، ومن ثم توجه الى موطن اجداده في القوقاز لاخراج فلم 'مفقودة في الشيشان' الذي نال شهرة دولية وشارك في العديد من المهرجانات العالمية ونال اعجاب الكثير من المشاهدين والنقاد.

أزوقة يوثق 'القضية الشركسية' في كتاب

أصدر الكاتب محمد كتابه 'القضية الشركسية' الصادر عن الجمعية الخيرية الشركسية، ودار ورد الأردنية منطلقا من 'واجب الوفاء للأجداد الذين قضوا في ساحات القتال الطويلة، وتوثيق المأساة التي لم تعد موجودة إلا في سجلات الأرشيف المغبرة، وبعض كتب التاريخ'.

وأتبع أزوقة في كتابه 'أسلوب علمي ومنهجي سليم كونه الأسلوب الوحيد المقبول عالميا'.

ويحمل الكتاب بحسب الناقد أسماعيل أبو البندورة الذي قدم ورقة نقدية عن الكتاب 'الكثير من العمق والمفردات المستمدة من الموروث الثقافي الذي يتناول تاريخ وهجرات الشراكسة بدراسة معرفية وعلمية ناضجة'. مبينا 'أنَّ الحضور الشركسي في المجتمعات العربية اتسَمَ بالنبل والعراقة والانتماء من دون الانفصال عن هوية الأجداد، خصوصا وأن جزءا من الأمة الشركسية اندمج طوعيا مع بعض من مكونات المجتمعات العربية والإسلامية، مستدركا أنهم ما يزالون ملتصقين بهويتهم بما يتوافق مع حقوق الإنسان والشرائع الدولية'.

فيما أعتبر كمال جلوقة أن كتاب أزوقة 'يضع القضية الشركسية تحت دائرة الضوء من جديد'، كون الكتاب يمثل 'نقطة تحول في الحراك الثقافي الذي يشهده عالم الشركس في بلاد الاغتراب وفي الوطن الأم'.

ومن أبرز ما تناوله الكتاب التاريخ الشركسي في الوطن الأم والمهجر ضمن سياقه المحتوم، معيدا النظر في الكثير من الحقائق التاريخية المتداولة حول تاريخ الشركس، وخصوصا خلال الفترة التي حاربوا فيها روسيا القيصرية، واستمرت ما يزيد على مائة عام. ويبين الكتاب 'الحتمية التاريخية التي تستدعي النظر إلى قضية الشعب الشركسي على أنها قضية حية لها أبعاد اقتصادية وثقافية وقانونية وجغرافية يشمل الوطن الأم للشركس، وهو الجزء الشمالي الغربي من القفقاس'.

كما يحتوي الكتاب على تحليل متعمق مستند إلى مصادر أكاديمية جادة حول وضع القضية وما آلت إليه أحوال الشركس في وطنهم الأم وفي بلدان الشتات'، مضيفا أنه يتضمَّن تفاصيل تجعل القارئَ المتمعن ملما بالصورة الإجمالية لهذه القضية، فضلا عن طرحه العديد من التساؤلات حول مستقبل الشركس كأمة.

وأزوقة المولود في عمان العام 1942، عضو في رابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد الكتاب العرب، وصدر له في مجال الرواية 'الثلج الأسود' في العام 1988، 'والشتاء يلد الربيع' في العام 1998، وكتاب بعنوان 'دقيقتان فوق تل أبيب' في العام 1990.

القدس العربي في

02/03/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)