حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الجزائرية يامينة بشير :

الإرهاب في "رشيدة" حقيقي

مبروكة خذير – تونس

جاءت لتونس لتواكب عرض فيلمها "رشيدة" في لإطار أيام السينما الجزائرية .عرضت "رشيدة " فأقنعت الجمهور التونسي. تلك هي المخرجة الجزائرية يامينة بشير شويخ التي نطق فيلمها صدقا و نزف ألما لكثرة ما عشناه فيه من معاناة حقيقية تصور سنوات الجمر التي عاشها شعب الجزائر بداية التسعينات من القرن الماضي .

هي امرأة حديدية لا تقبل سوى أن تكون صادقة لأنها ببساطة نتاج لذلك الزمن الأسود المظلم الذي خلف في ذاكرتها شروخا و في قلبها جروحا تصاعدت من خلال فيلم "رشيدة" الذي أنجزته إكراما لروح أخيها الذي مات على يد الإرهابيين.

الجزيرة الوثائقية كانت على موعد مع المخرجة يامينة بشير شويخ لتكشف النقاب عن آراء هذه المخرجة و تسبر أغوار تجربتها في عالم الإخراج بعد خروجها من سدة التركيب التي لزمتها لسنوات طويلة.

·     يامينة بشير شويخ "فيلم "رشيدة" فيلم يختصر معنى ما عاشه الشعب الجزائري من إرهاب في سنوات دامية فلماذا يتهمك بعضهم بالعمل وفق أجندات يحبذها الغرب؟

هذا التفسير خاطئ و عقيم و غير صحيح بالمرة .أنا مخرجة لا تتاجر بدماء الجزائريين الأبرياء .و لا تصنع من ألمهم فرصة لترضي الغرب أو غيرهم.الإرهاب مسألة موجودة و واقع مرير نعيشه كل يوم و من يتحمل تبعاته و ويلاته هو نحن الجزائريون.

المتأمل في أبعاد الإشكالية المطروحة في فيلم رشيدة يدرك دون عناء أنني كنت أحمل في ثنايا الأحداث همي الشخصي و محنتي كامرأة عايشت تلك الحقبة الدموية و عانت ألم فقدام المحيطين بها.غايتي من إنجاز هذا الفيلم تصوير الألم و لكن زرع الأمل كذلك في قلوب الكثيرين فالحمد لله أننا قد تجاوزنا تلك الحقبة المتأزمة    و عرفنا شيئا من السكينة.

فيلم "رشيدة" هو باكورة أفلامي في مجال الإخراج و هو رسالتي التي كرمت من خلالها أخي الذي مات على أيدي الظلمة الإرهابيين.لقد كنت صادقة تمام الصدق فيما قدمت و أنا نفسي عشت الإرهاب لذلك لا أقبل ما يدعونه من أني أشتغل وفق أهواء الغربيين .دعيهم يفسرون مثلما يشاءون فحسبي أني كنت صادقة فيما صورته من خلال المعلمة "رشيدة" بطلة الفيلم.

·         أين يكمن الصدق وفي أي وقت ينتهي الكذب في فيلم "رشيدة"؟

شريط "رشيدة " قريب من الواقع إلى أبعد حدود القرب.الكثير من الأشياء و الأحداث كانت حقيقية في الفيلم.فالطبيب الذي أشرف على مداواة البطلة طبيب حقيقي في مستشفى حقيقي. و الأطفال في الفيلم و أيضا رجال الشرطة هم جميعا ليسوا ممثلين إنهم من أبناء تلك الأحياء التي دار فيها التصوير.بل سأذهب لأبعد من ذلك لأقول إن الديكور الذي اعتمدتاه هو أيضا ديكور حقيقي فتلك المنازل المهدمة هي نتاج ذلك الدمار و هي مازالت على حالها إلى اليوم شاهدة على مدى وحشية ما دار خلال تلك السنوات.

كما يمكن أن أضيف هنا أن رشيدة بطلة الفيلم هي امتداد لقصة فتاة حقيقية اسمها زكية .و زكية هذه معلمة هي الأخرى و أعطيت قنبلة لتفجيرها في المدرسة مثل ما بدأت أنا الفيلم.لكن الفرق بين زكية وورشيدة البطلة هو أن الأولى لقيت حتفها فعلا حين رفضت تفجير المدرسة أما رشيدة فقد صنعتها وأردت لها أن تبقى لنعيش معها مأساة اسمها الإرهاب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاناة . ولا أخفي سرا هنا إذا قلت أن فيلم رشيدة كان فيلما محفوفا بالأخطار فقد كانت الأرض التي صورنا فوقها الأحداث مازالت مزروعة ببعض الألغام.

·         عدا عن فيلم "رشيدة" لم نر ليامينة بشير شويخ  إنتاجا سينمائيا أو وثائقيا آخر،فهل وقفت عند حد إخراج هذا الفيلم؟

للإجابة عن هذا السؤال يجب أن أبدأ بمعطى مهم للغاية لأقول إن الإخراج السينمائي في الجزائر يشكو من وهن حقيقي في مسألة التمويل و البحث عن ميزانيات لإنجاز الأفلام.هذا هو عائقنا الأكبر بل يمكن أن أقول الوحيد.و بالعودة إلى ما أنجزت .يمكن أن أقول أني بدأت العمل على فيلم وثائقي طويل حول المجاهدات الجزائريات و هذا الفيلم سيدوم ساعة و نصف الساعة و تصور أحداثه المعيش اليومي لبعض النساء اللواتي خدمتن الثورة الجزائرية منذ الأربعينات إلى حدود سنة 1962 .و في الحقيقة فقد اخترت نساء غير معروفات لأعيد إليهن شيئا مما فعلوه في سبيل تحرير الجزائر.كما أني لم أكتف بالتصوير في الجزائر العاصمة بل عمدت إلى الذهاب للمدن الجزائرية الأخرى التي كانت هي الأخرى طرفا كبيرا في إنجاح الكفاح في ثورتنا التحريرية المجيدة.نساء كثيرات ساهمن في مسيرة التحرير فحتى تلك التي كانت تعد الخبز للمجاهدين تعد هي الأخرى مجاهدة لذلك أردت أن أنوع الشهادات.

كما أضيف في هذا السياق  أني أنجزت فيلما وثائقيا آخر حول الصحافة و الإرهاب. يمتد الفيلم على 26 دقيقة و يدور الحديث فيه حول صحافية شابة عاشت فترة السنوات المتأزمة في الجزائر.هذه الصحافية الشابة هي واحدة من بين صحافيين شبان كثر وجدوا أنفسهم في قلب الأزمة فانصرفوا يعيشونها بكل ما فيها من دماء وأ لم و تركوا جانبا كل ما يتعلق بوضعيتهم كشباب من حقهم أن يعيشوا حياة مليئة بالأمل والسعادة.هذه الصحافية الشابة هي عينة من صحافيين وجدوا أنفسهم يغطون أعمالا دامية و مآسي الجزائريين المتعاقبة.

أما هذه الفترة فأنا بصدد العمل على فيلم حول قدوم الونداليين لمنطقة المغرب العربي و بالخصوص إلى الجزائر إنه موضوع تاريخي  لم يأخذ حظه من العمل السينمائي لذلك أردت تسليط الضوء على هذه الحقبة المهمة من تاريخ الجزائر و التي كان لها أثر فيما بعد سواء على الحضارة الجزائرية أو المغاربية ككل.

·         يامينة بشير شويخ مختصة في المونتاج قبل أن تكون مختصة في الإخراج،فما الذي أضافته لك معرفتك في مجال التركيب؟

الدقة هي ما علمني إياه المونتاج.لقد تعلمت منه وضوح الرؤية و القدرة على معرفة ما أحتاج له بالضبط أثناء عملية التصوير.

من يعرف المونتاج يدرك قيمة كثير من الأشياء التي تؤثر في نجاح الفيلم تقنيا.فالتركيب جعلني أشعر بقيمة الضوء و لحظات الصمت و جعلني قادرة على اختيار المؤثرات الصوتية التي تتماشى مع عملية التصوير.

لدى المخرج العادي التركيب هو آخر مراحل إعداد العمل الروائي أو الوثائقي و لكن لدي أنا يختلف الأمر حيث أني أبدأ من النهاية فأستبق المراحل و أفكر مليا في السيناريو لتكون كل الأمور واضحة المعالم منذ البداية .إخراج فيلم بالنسبة لي مسألة عود على بدء.

·         من التجربة السينمائية انتقلت يامينة شويخ للتجربة الوثائقية،فكيف تقييمين مكانة الوثائقي في مسيرة المخرج؟

بالنسبة لي الفيلم الوثائقي أصعب بكثير من الفيلم الروائي.و المخرج الناجح هو ذاك الذي ينجح في إنجاز فيلم وثائقي عالي الدقة رغم صعوبة هذه المهمة.و الصعوبة في الأشرطة الوثائقية هو أن الوثائقي مرتبط بوقائع و أحداث واقعية و لا مجال فيه للخيال أو الإضافات.إنه عمل يتطلب الكثير من البحث والتحليل النفسي والاجتماعي و السياسي.في الوثائقيات يجب أن ننجح في تصوير الواقع كما هو عليه و تصل به إلى قلب المشاهد و ذهنه .لذلك فإن أردنا أن نصل إلى هذا النجاح فنحن مطالبون بأن نكون أقرب إلى طبيعة الأشياء ونقرأ حسابا لكل صغيرة و كبيرة و لا نترك ثغرة واحدة إلا و نتغلغل فيها و نحللها بالدقة المطلوبة.

·     من وجهة نظرك كمخرجة جزائرية أين يمكن أن نصنف الإنتاج السينمائي الجزائري و فيما تختلف السينما الجزائرية عن جاراتها المغاربية أو العربية بشكل عام؟

كل التجارب السينمائية غير ثابتة.إنها في تطور و تحول مستمر و كلما تكاثفت التجارب ازدادت السينما نضجا .و السينما الجزائرية في تحول مستمر مثل غيرها من السينماءات العربية.لكن ربما ما يميز الأخيرة هو أن الأفلام و الأشرطة الجزائرية قد تكون مختلفة عن غيرها في مدى تنوعها و اختلاف مواضيعها.المخرجون الجزائريون نساء كن أو رجالا تطرقوا في تاريخ السينما الجزائرية لمواضيع كثيرة اجتماعية و سياسية واقتصادية و تاريخية و  غيرها.

بل ما يمكن قوله في هذا السياق أن السينما الجزائرية منفتحة حتى على مواضيع أخرى عربية مثل القضية الفلسطينية و لبنان و غيرها.المخرجون الجزائريون اشتغلوا على قضايا داخلية و خارجية عديدة .كما توجد العديد من الأعمال المشتركة بين الجزائر و الأقطار المجاورة إذ أنه توجد أفلام مشتركة كثيرة بين تونسيين وجزائريين مثلا.

·         ماذا يمكن أن نقول عن السينما النسائية إن صح التعبير في بلد مثل الجزائر؟

أنا لا أحبذ التفرقة بين سينما نسائية و أخرى ذكورية.السينما هي السينما و لا فرق بين مخرج رجل أو امرأة. فالجميع يعمل على قدر المساواة و كما سبق و أشرت فلا يوجد من إشكال في عمل المخرج في الجزائر أكثر من مسألة التمويل لصناعة الأفلام أما المسائل الأخرى فسهلة.

صحيح أننا لسنا كثيرات في الجزائر و لكن ما تطرحه المرأة في أشرطتها يقدر الرجل المخرج على طرحه في أفلامه فكم من قضايا تتعلق بالمرأة في حد ذاتها و عالجها مخرجون جزائريون و دافعوا عنها.ليس المهم عندي أن تعمل المرأة في مجال السينما لتتحدث عن المرأة ،المواضيع ملك للجميع و من يملك الإمكانيات سواء كان رجلا آو امرأة هو الأنسب لطرح ما يشاء.المهم في النهاية أن ننجز أفلاما بعين رجل أو بعيني امرأة لا يهم فكلنا سواسية .

الجزيرة الوثائقية في

24/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)