حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سينمائيات :

لموت في آسبانيا

مصطفي درويش

سمعت باسم المخرج الاسباني »خوان انطونيو بارديم« قبل أكثر من نصف قرن من عمر الزمان ووقتها كان الطاغية »فرانكو« يحكم أسبانيا بالحديد والنار.

ولم يكن في الامكان، وأسبانيا محكومة بذلك الطاغية، عرض فيلمه »موت راكب دراجة« »٤٥٩١« عندنا في مصر، لا لسبب سوي انه كان فيلما صادما للدوائر الحاكمة في نظام فرانكو، ومجرد الترخيص له بذلك كان لابد أن يعكر صفو العلاقات بين بلدين صديقين، مصر وأسبانيا.

أما لماذا كان الفيلم صادما لتلك الدوائر، فذلك لانه كان أول عمل سينمائي أسبانيا، بعد انتصار الفاشية في الحرب الاهلية »٦٣/٩٣٩١« يكشف بصدق وشجاعة عفونة نظام معاد للديمقراطية زواله صار أمرا محتوما.

ولم تتح لي فرصة مشاهدة هذا الفيلم العلامة والذي يعد بحق من كلاسيكيات السينما  الا قبل بضعة أيام، وبفضل عرضه ضمن أفلام أسبوع للسينما الأسبانية، بمركز الابداع - مجمع الاوبرا.

والفيلم يبدأ بلقطة بعيدة لسيارة وهي تصطدم بدراجة في الطريق الي مدريد وما هي الا لحظات حتي يتبين لنا أن بها رجلا وامرأة.

ومع الرجل الذي ترك السيارة، ومشي بضع خطوات الي حيث الدراجة، نكتشف أن راكبها وان كان طريح الارض إلا أنه لم يسلم الروح بعد وبدلا من حمله الي السيارة والذهاب به الي المدينة، حيث يمكن اسعافه، وربما انقاذه من الموت أثر  بتحريض من المرأة، ترك الجريح في العراء حيث هو  والفرار، تجنبا للقيل والقال.

فهو أستاذ جامعي من عائلة محترمة، اتاح له نفوذها الكبير، الا لتحاق، دون وجه حق بهيئة التدريس.

وهي سيدة متزوجة من رجل أعمال واسع الثراء والاثنان كانا في رحلة غرامية يختلسان فيها الحب ألوانا.

وتأتي الرياح بما كانا لا يشتهيان فراكب الدراجة يموت.

والعشيق يقرأ خبر وفاته، أثناء اشرافه علي امتحان طلبة الكلية، فيرتبك علي نحو أدي الي ضياع مستقبل احدي الطالبات، وتضامن زملائها معها ضده في مظاهرات هزت الثقة في مصداقيته.

والعشيقة يستبد بها خوف شديد من انكشاف أمر ارتكابها هي والعشيق الجريمة التي اودت بحياة انسان، وخاصة بعد تلميحات من شخص فظ، غليظ، تفيد علمه، بعض الشيء بملابسات الجريمة الشنعاء والزوج هو الآخر أخذ الشك يساوره في اخلاص زوجته الحسناء.

ومع تصاعد الاحداث، وبفضل رسم دقيق وعميق للشخصيات، وذهاب الكاميرا إلي حي شعبي فقير، حيث كان يعيش راكب الدراجة القتيل، ينكشف لنا المستور من أمر مجتمع مريض، مكبل باغلال الاستبداد، فإذا به مجتمع يعشش  فيه الفساد.

انقسم فيه الناس الي أغلبية تعيش حياة كلها فقر وعذاب وهوان وأقلية توحشت حتي يكون من الممكن لها أن تعيش حياة لذيذة، لا يتهددها شبح العوز والحرمان.

وبعد موت راكب دراجة تمر الايام اعواما بعد أعوام ويجيء الفرج للشعب الاسباني بموت الطاغية هو الآخر »٠٢/١١/٥٧٩١« أي بعد حكم مستبد استمر زهاء ستة وثلاثين عاما فمع اختفائه بالموت اتيحت »لبارديم« فرصة اخراج فيلمه »لوركا« موت شاعر وذلك لانه قبل رحيل الطاغية  كانت كتب »لوركا« لا تطبع، وشعره لا يدرس، ومنزلة الاندلس لايزار.

في محاولة من نظام »فرانكو« محو كل ما يتصل بلوركا وجريمة قتله من الاذهان.

فمعروف عن »لوركا« ان عمره كان قصيرا، لأنه عندما قتل في بداية التمرد الفاشي علي النظام الجمهوري، وتحديدا في أغسطس ٦٣٩١، لم يكن له من العمر سوي سبعة وثلاثين ربيعا.

والفيلم الذي اتيحت لنا فرصة مشاهدته هو الآخر في مركز الابداع، لا يعرض الا  لأقل القليل من سيرته.

وعلي وجه التحديد للأيام الأخيرة منها، عندما جاءه الموت غدرا، برصاص انطلق من بنادق جلادي الفاشية.

أي بدء من يوليو ٦٣٩١ بالعاصمة مدريد، حيث قرر »لوركا« عدم السفر الي المكسيك، وراء المحيط، مفضلا العودة الي مدينته الحبيبة »غرناطة«.

ووقتها كان قد أصبح شاعر الاسبانية الاول وكان الصراع بين الجمهوريين والفاشيين علي أشده، وخاصة في الاندلس، حيث وضعت قائمة تحمل أسماء المشبوهين وجاءت النذر »لوركا« انه من بين الأسماء وما ان علم بذلك، حتي بادر بمغادرة منزله في غرناطة متخفيا، الي منزل أسرة صديق، أشقاؤه متعاونون مع الفاشين.

وأكرمت الاسرة وقادته ولم يمر سوي يوم علي لجوئه الا وكان يطرق باب بيت الصديق، ويشتد الطرق.. انه الموت وحاول افراد الاسرة حمايته.. ولكن هيهات وسيق »لوركا« الي السجن.

وبعد محاولات فاشلة سيق مع آخرين الي أسفل تل، حيث صوب الرصاص الي كل واحد منهم فخروا جميعا.

ومات »لوركا« الشاعر الذي قال عنه شاعر آخر »بابلو نيرودا« المتوج بجائزة نوبل للأدب

»لقد كان ومضة طبيعية، وطاقة متجددة وفرحا متوهجا، وحنانا فوق طاقة الانسان ولقد كان محياه اسمر ساحرا، ينادي بالهناء«.

moustafa@sarwat.de

أخبار النجوم المصرية في

11/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)