حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"محمود رضا» في حوار لـ«الاهالي " :

لم يخطر ببالي أن أطلع معاش «وياخدوا منى  الفرقة "

الرقص حياتي.. والدولة استثمرت نجاح فرقة رضا.. ولم تصنعها

حوار وتحقيق: نسمة تليمة

بيشربوا الشهد من النيل.. ويستحموا بنور الشمس.. خابت كلماتي في وصفهم فلم أجد سوي كلماتهم لأنجح في هذا الوصف إنهم بالفعل قمر بلدنا «اللي مفيش زيه ولا فيش جمال له في كل الدنيا» بضيهم سنبدأ لنستحضر تلك الرقصات العذبة التي أخلجت صدورنا واليوم نحن في صحبة بطل رئيسي لفرقة رضا، الجميع تابع رقصاته في إعجاب وانبهار بتلك الحركات الأقرب إلي الأفكار فلم تكن لغته مجرد لغة جسد بقدر ما كانت لغة عقل خاطبت عقولنا جميعا فغيرت أفكار الكثيرين عن الرقص وخلق لنفسه الشرعية داخل قلوبنا.. ذلك الفارس وهو فتي أحلام فتيات تلك الفترة ذو الملامح المصرية الصميمة الأقرب إلي الوسامة بعينيه الزرقاوين.. مازال يستطيع أن يخطفك بابتسامة عذبة وحركة خفيفة، يجلس وسط ذكرياته فخورا بتلك الصور التي صممها بنفسه عن فرقته وعن نجوع مصر وشوارعها لتملأ مكتبه المتواضع ذهبنا لنستمع إليه ولحكاوي رقصاته «المراكبي، الشمعدان، العصايا، الشاويش عطية، رنة الخلخال، السد العالي» لأنه صاحب اختراع كل هؤلاء ليعلن أن الرقص حياته ونعلن نحن معه تميزه في عالم الفنون الشعبية وأسبقيته في حلم راود الكثيرين ولكنه كان الأشجع في الدفاع عنه.. محمود رضا في اليوبيل الذهبي لفرقة رضا كان لنا معه هذا الحوار..

·         استقلت من وظيفتك لترقص وتكون فرقة رضا.. كيف استقبلت أسرتك ذلك في تلك الفترة؟

- أسرتي أسرة كبيرة فنحن عشرة أخوة «ستة أولاد وأربع بنات» ووالدي كان يعمل أمين مكتبة لجامعة القاهرة وقد توفي سنة 1950 أي قبل إنشاء الفرقة بتسع سنوات وبالتالي لم ير تلك اللحظة ليعبر عن موقفه أما باقي أسرتي فلم تعترض لأنه لحسن الحظ معظمهم كانوا فنانين فأخي الأكبر كان يلعب الكمان وأخي الأصغر خريج معهد الكونسرفتوار.

·         ما الصعوبات التي واجهت الفرقة في بدايتها؟

- بالطبع كانت الصعوبة الأولي هي «سمعة الرقص» فالمجتمع كان يرفضه فعلاقة المجتمع بالرقص هي علاقة «حب - كره» فعلي الرغم من أن الناس تحب الرقص وتحرص علي وجود راقصة في كل فرح ولكنها تعترض علي أن تعمل ابنتها أو أختها فيه لهذا فبعض أصدقائي نصحوني بأن أسميه مسمي آخر غير الرقص مثل «التعبير الحركي» ولكني راجعت القواميس فوجدت أن الرقص أعظم فنون العالم والإنسان دائما يعبر عن كل شيء بجسده ووجدت معني كلمة فن «جميل» الأهم في هذا كيف نقدمه للناس.

·         كيف تجسد لك رفض المجتمع في مواقف واجهتك؟

- أتذكر أنني عندما جئت لأتزوج من ابنة د. حسن فهمي أخت فريدة وهي نديدة وعلي الرغم أنهم عائلة متفتحة لكن خالها عندما علم أنني راقص علق قائلا «شيكا بوم» يعني، وقبل تكوين الفرقة سألت سائق تاكسي عن سماحه لابنته أن ترقص فأجاب قائلا «أذبحها» ولكنني كنت مقتنعا بما سأقدمه.

·         بعد عمل الفرقة كيف شعرت بنجاحكم داخل هذا المجتمع؟

- نجاحنا لم يكن ماديا بالدرجة الأولي فالتذكرة كانت من 10 - 15 قرشا وأعلي تذكرة بخمسة وعشرين قرشا ولكن النجاح رأيناه عندما جاءت العائلات لتشاهدنا فالأب يأتي بزوجته وأولاده ليشاهدنا وعندما كتب إحسان عبدالقدوس «عندما أشاهد فريدة فهمي ترقص كأنني شاهدت أختي» أسعدنا جميعا.

·         هل هناك علاقة بين وضع حجر الأساس للسد العالي وبين إنشاء فرقة رضا؟

- أولا أؤكد أن الدولة لم تصنع فرقة رضا ولكنها ضمتها لها بعد إنشائها ووقت وجود ثروت عكاشة في الوزارة رفضت هذا الضم وكانت الدولة بالفعل تصنع الكثير من المؤسسات الثقافية الجيدة مثل أكاديمية الفنون والسيرك القومي وغيره والبداية الحقيقية لفرقة رضا كانت 6 أغسطس 1959 في أول عرض لها وصنعناها بمجهودنا ولكن في العرض الثاني من د. عبدالقادر حاتم لضمنا وافقنا لكثير من الأسباب منها أنني وجدته عرضا أفضل من السابق وعبدالناصر كان يوصي د. عبدالقادر بتلبية طلباتنا وقبول شروطنا وكان لدينا مشكلات مادية فقدموا لنا جميع التيسيرات ولكن للأسف الوزير كان يمسك الوزارة ثلاث سنوات فقط فتأتي معاناة الفرقة مع وزراء آخرين.

أخذوا الفرقة

·         إذن انضمام الفرقة لوزارة الثقافة كان له مميزات وعيوب؟

- نعم مميزاته كما سبق وذكرت تلبية طلباتنا بجانب أن أكبر الاستعراضات عملناها مع الدولة والفرقة ذهبت إلي دول أخري كثيرة لتعرض فنها وزاد عددها بعد أن كنا 7 بنات و7 ولاد أصبحنا 40 راقصا وراقصة أما العيوب فأهمها كان الروتين الحكومي وبطء الإجراءات فإذا احتجنا نشتري قماشا معينا حتي تأتي الموافقة يكون تم بيعه، أما أسوأ ما حدث أنه لم يخطر ببالي أن «أطلع معاش» «وياخدوا الفرقة مني» وهم لا يستطيعون إدارتها ومستواها يقل.

·         لماذا انطفأ بريق فرقة رضا في رأيك؟

- الحكومة لا تقدم فنا، لأنها لا تعطي الفنان الإدارة، لم يأت بعدي من يفهم في الفنون الشعبية فخلال سنة ونصف السنة غيروا خمسة مديرين، أتساءل لو يوسف وهبي هل كان يقبل أن يأخذوا فرقته؟.

·         ألم تتلق عرضا بالعودة إلي تدريب الفرقة؟

- تلقيت من قبل ولكن كمشرف وليس لي أي سلطات وعملت بهذا الشكل لفترة ثم خرجت.

·         كيف كانت علاقتكم بالرئيس جمال عبدالناصر؟

- لم يكن هناك علاقة شخصية ولكنه كان يحب فرقة رضا بدليل أنه كلما جاءه ضيف طلب وجودنا لنقدم رقصاتنا وحتي أي احتفال يطلبنا مع أم كلثوم وعبدالحليم حافظ.

·         هل تري بوجود فرق إذا ما كان الرئيس يحب الفن أو لا؟

- طبعا تفرق مثل الذي يفرح به والده فيشجعه ويلبي طلباته.

·     قمت بتدريس الرقص في دول أجنبية كثيرة مثل فرنسا وإيطاليا وهاواي وجنوب إفريقيا وطوكيو والسويد.. كيف لمست تقديرهم لهذا الفن.. ومدي اختلاف هذا التقدير عن مصر؟

- في الخارج الدولة تنفق علي تعليم الرقص مبالغ كبيرة وتعطي أيضا لمن يتعلمون «فلوس» أتذكر في الأرجنتين 620 فتاة تعلمن الرقص ووقفن طابور لمصافحتي والتصوير معي ولأمضي لهم علي الشهادة وهم يبكين هناك الجمهور والحكومة تقدر الرقص أما في مصر الجمهور فقط يقدره.

معاملة سيئة

·         إذن نعود لتصريحك من قبل أن الدولة لا تحب الفنون الشعبية؟

- نعم والدلائل موجودة فالمسئولين في وزارة الثقافة عندهم عقدة الخواجة يهتمون بالأوبرا والباليه ولا يهتمون بالفنون الشعبية إذا دخلت الأوبرا ارتدي بدلة لماذا؟ أنا دخلت أحسن أوبرات العالم «كاجوال»، قارني بين مسارح الأوبرا ومسارح الفنون الشعبية بجانب الأجور ماذا يعني أن تحصل بطلة فرقة استعراضية تنتهي من عملها نصف الليل علي 200 جنيه وغيرها في فنون أخري تحصل علي ضعف أجرها 10 مرات، هي معاملة سيئة.

·         «العالم يرقص مع محمود رضا» هذا المشروع ماذا حاولت أن تثبت به؟

- يضحك قائلا: أنا علي المعاش منذ عشرين عاما وقد درست الرقص في أماكن كثيرة ووجدت لدينا 50 فرقة رقص وحتي داخل الجامعات ووجدت بعض الصحفيين يكتبون ذما في شخص ما أنه «يرقص» وفي السينما إذا أظهروا سيدة سيئة السمعة جعلوها راقصة شعرت بإمكانية أن تقف فرقة رضا عن الرقص أو القومية ففكرت في هذا المشروع لأنبه العالم كله للرقص وأحضرت 5 بلاد أجنبية ليقدموا 40 استعراضا من رقصات فرقة رضا ولم يكونوا مصريين.

·         ما الحل لتعود فرقة رضا لمستواها وللفن الشعبي قامته؟

- إذا كانت وزارة الثقافة متمسكة بتبعية الفرقة لها ينفقون جيدا علي الراقصين حتي يعطوا إنتاجا أفضل وإذا دربت أنا أحتاج إلي 5، 6 ساعات يوميا للتدريب وفرقة بها 20 ولدا و20 بنتا ومسرح جيد غير معلول.

·         الرقص حركة أم فكرة؟

- الاثنان معا، ممكن تبقي حركة من غير فكرة فلا تكون ممتعة وممكن فكرة أترجمها لرقصة وكلها أفكار بسيطة مثل الحب، الأمل.

«فرقة رضا».. قدمت الشرعية للرقص الشعبي

كتب عنها إحسان عبدالقدوس وعلي أمين.. ولا تجـــد الآن مـــن يدعمـــها

«أرجو من وزير الثقافة والإرشاد أن يتخطي جميع اللجان المؤلفة في وزارته.. وأن يغفل جميع التقارير والبحوث الفنية.. ويأمر بصرف إعانة كبيرة لفرقة رضا.. تستطيع بها أن تقوم برحلة إلي البلاد العربية وإلي أوروبا لتعرض فنها هناك.. وأني واثق أن نتيجة الرحلة ستشرفنا وتشرف الوزير».. لا تتعجب عزيزي القارئ لأنها ليست كلماتي، إنها كلمات الراحل إحسان عبدالقدوس في خواطر فنية بمجلة روزاليوسف منذ أكثر من خمسين عاما.. إنها كلمات تعبر بكل تأكيد عن اهتمام صحفي بفن راق ونبوءة نجحت الفرقة في القيام به بالفعل فرقة رضا شرفت جميع المصريين.. وها نحن نحتفل باليوبيل الذهبي لمن نجحوا في رسم فن أقرب إلي المصرية، وقدموا رقصا راقيا ومعبرا أقرب إلي الأفكار بحركات خلدت اسما سيظل يتردد. < <

نيفين رامز: الرقص لا يحتاج إلي ترجمة.. والفرقة دلوقتي «ربنا يرحمها»

فرقة رضا بدأت في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي واشترك في تأسيسها علي رضا ومحمود رضا وفريدة فهمي لتقدم أول عروضها علي مسرح الأزبكية في 6 أغسطس 1959، كان عدد أعضائها في هذا الوقت 13 راقصا وراقصة و13 عازفا أغلبهم مؤهلات جامعية، صمم محمود رضا الرقصات التي استوحاها من البيئة المصرية كاملة ليخرجها د. حسن فهمي الأستاذ الجامعي الذي شجعهم وشجع ابنته لترقص وتقدم فنا راقيا وعندما عاب عليه البعض لتدريسه في الجامعة وابنته راقصة قال «استقالتي في جيبي» فضرب أروع الأمثلة في الفكر المحترم، عام 1961 أصبحت الفرقة تابعة للدولة وقاد الأوركسترا الموسيقار علي إسماعيل مسرح 26 يوليو بالعتبة ثم مسرح نقابة المهندسين وأخيرا مسرح البالون.. وصل عدد الفرقة في السبعينيات إلي 180 راقصا وراقصة.

رحلاتها

طافت الفرقة أكثر من 5 مرات المحافل والمهرجانات الدولية في مصر والعالم، لحن لها كبار الملحنين مثل حلمي بكر وفاروق سلامة أيضا وغني لها «محمد العزبي، كارم محمود، عمر فتحي» أدار الفرقة علي مدي سنوات عمرها محمود رضا، الجداوي رمضان وعبدالرحمن الشافعي وحسام العزيزي، وقد ارتبط تكوين الفرقة بأسماء كبيرة مثل نعيمة عاكف التي ماتت دون أن يسعفها القدر لتري الفرقة ويحيي حقي ونجيب محفوظ وزكريا الحجاوي وأول استعراض شعبي لها «يا ليل يا عين» أوبريت عام 1957 علي مسرح الأزبكية، أعطت الفرقة الشرعية للرقص في وقت ينظر فيه إليه أنه مهنة غير شريفة بدليل أنها أصبحت مزار العائلات والأسر الكاملة، تحتفل الفرقة باليوبيل الذهبي لإنشائها ومرور خمسين عاما عليها، وقد احتفلت مكتبة الإسكندرية بها من خلال كتاب «الرقص حياتي» وهو توثيق برصد رحلات الفرقة إلي أماكن شتي في مصر وخارجها والمكونات الأساسية لكل رقصة في تقليد الأول من نوعه.

ربنا يرحمها

نيفين رامز إحدي راقصات الفرقة وأدارتها لفترة زمنية وكانت المشرفة تؤكد أنها كانت مؤمنة بحب الفن والرقص وقالت: كنت متحمسة للفكرة، والفرقة قد عرفتني علي أماكن جديدة لم أرها من قبل زرت من خلالها الصين والهند وبورما واستقبال الناس كان حافلا وكنا سفراء لبلدنا وكثير من الدول كرمتنا، الرقص لغة راقية جدا لا تحتاج إلي ترجمة وكل بلاد العالم تفهمه عكس الكلام، أما عن مستوي الفرقة الآن فتعلق نيفين رامز «ربنا يرحمها» فهي كانت تتمني أن تصبح أفضل من ذلك وتستمر علي درجة العالمية التي وصلت إليها، ولكن للأسف لا اهتمام بها خاصة أن فرقة رضا تقدم الفولكلور المصري المميز ولكن المسئولين كما تقول رامز يهتمون بالفن «الخواجاتي» مثل الأوبرا والفنون التشكيلية.

وعن فترة وجود نيفين داخل فرقة رضا في البداية تقول «كنا بننحت في الصخر» عبرنا عن أصول البلد وقدمنا فنا راقيا فخور به وفخور أنني كنت جزءا من التجربة.

هي كل حياتي

أما حسن عفيفي صاحب الحركات الخاصة جدا والحقيقة وأحد راقصي الفرقة ومديرها في إحدي الفترات عندما سألناه عن فرقة رضا رد قائلا: «هي كل حياتي» كيف أنساها؟ كنا نحب العمل في الفرقة أكثر من الطمع في أي نجاح مادي وسافرنا للخارج لنقدم نفسنا للعالم دون معرفة بالعائد المادي أيضا وكنا نعمل بأجر بسيط لأننا نحب الرقص ولكن للأسف حاليا من يعمل في الفن خاصة الرقص ينتظر «الفلوس» كنا نحصل علي راتب 34 جنيها في الشهر وكان مبلغا كبيرا في الوقت ده المبالغ الكبيرة الآن تذهب إلي راقصي الباليه وكأن الرقص الشعبي ليس فنا.

ويضيف عفيفي: الراقصون في فرقة رضا الآن «مظلومون» إذ كان لهم أجر جيد لما عملوا في فرق أخري.

ومن ضمن الأسباب الأخري التي تضعف الفرقة الآن يقول عفيفي عدم وجود «ميديا» جيدة للفرقة أو إعلانات لها بالرغم من تحقيقها صدي كبيرا إذا سافرت في الخارج بالرغم من ضعف إمكانياتها الآن، الفلكلور المصري غني جدا بمادته كفن لهذا يقترح حسن عفيفي أن تترك الدولة مسئولية الفرقة للفنان محمود رضا وهو قادر علي اختراع وتأليف رقصات جديدة للفرقة وإعادتها كما كانت، وعن فكرة الرقص من قبل والآن أكد عفيفي أن فرقة رضا غيرت من فكرة الرقص في أذهان الناس خاصة مع وجود فريدة فهمي ابنة الأستاذ الجامعي والجامعية حيث قدمت الفرقة نموذجا محترما وراقيا للرقص وتعجب عفيفي من رقص الشباب الآن الذي يتميز بـ «الخلاعة» ويبتعد عن الأصالة وخفة الظل وشموخ وكلها صفات تميزت بها فرقة رضا.

الأهالي المصرية في

10/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)