حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نصري حجاج:

فيلم «كما قال الشاعر» .. قاله الشعراء

بيروت - منى سكرية

غصّت قاعة سينما «أمبير» في «سنتر صوفيل» في بيروت الأسبوع الفائت، برواد من أعمار متفاوتة، وإن كانت الغلبة لجيل الشباب، لمشاهدة العرض السينمائي الأول لفيلم «كما قال الشاعر» للمخرج السينمائي الفلسطيني نصري حجاج، بعد عروض في رام الله وباريس.

عن الفيلم الذي يتحدث عن الشاعر محمود درويش، ماذا قال عنه لـ«أوان» مخرجه نصري حجاج.. هنا نص الحوار، وقد تناول واقع السينما الفلسطينية والإسرائيلية و«القلق المثار لدى الطرفين».

·     بداية، أود أن أسأل عن المشهد الأخير من الفيلم، وهو مشهد الحصان الذي يحاول النهوض من كبوته على وقع صوت محمود درويش، وهو يقرأ مقطعا من قصيدة الجدارية. إلاما رمز هذا المشهد المترنح؟

- لو كان الحصان رشيقاً وبصحة جيدة، لكان وقع المشهد بالرمزية التقليدية، أي «الكليشيه»، ولكن خياري كان أن يكون الحصان تعباً، وكأنه يحتضر، إلى أن ينهض أخيراً.. إنه يرمز للحياة في العيش الفلسطيني. درويش يختتم قائلا «حدّق إلى سيارة الإسعاف والموتى، لعلي لا أزال حياً».. في رأيي أن القضية لا الشعب الفلسطيني في حالة احتضار.

·         لنعد إلى الفيلم، كيف راقبت تفاعل الحضور الذي اكتظت به الصالة وممراتها وعلى مداخلها، مع وقائع الفيلم؟

- كان مشهداً جميلاً. لاحظت عيش الجمهور مع اللحظة والشعر، مع حالة استماع وتأمل. وهذا ما سمعته من الناس بعد انتهاء العرض. لقد أعجبهم.

درويش .. العبري والكردي

·         هل هذا هو محمود درويش الذي أردت إظهاره، وعلى ألسنة شعراء كبار وبلغات عبرية وفرنسية وكردية وإنجليزية وإسبانية؟

- نعم، هذا هو محمود الذي أراه وأردت إظهاره في الفيلم. وعنوان الفيلم «كما قال الشاعر»، يحتمل معنى قول درويش وما يقرأه هؤلاء الشعراء في آن. لم أكن أرغب بإظهاره في مشاهد مختلفة، وإنما هذا الشاعر الذي راح من المشرق إلى الكون هو شاعر كوني، ولذلك كانت فكرة أن يقرأه في الفيلم أشخاص لهم رصيد واسع في المشهد الثقافي العالمي. الشاعر الأميركي مايكل بالمر، لم يلتق درويش ولا مرة في حياته، لكنه قال لي إنه يتابع شعر درويش منذ نحو خمسة عشر عاماً، عبر ترجمات شعره في أميركا، وأخبرني أن شعر درويش أخذ حيزاً كبيرا في المشهد الشعري الأميركي في السنوات العشر الأخيرة من بين الشعراء المترجم لهم.

·     ماذا عن مشاركة الشاعر الإسرائيلي اسحق لاؤور في الفيلم، قارئاً لشعر درويش وبلغته العبرية؟ أليس هذا إعترافاً بلغة هذا المحتل؟ وهل المقطع الشعري الذي قرأه أنت الذي اخترته، وهل كان أمرا مقصودا بذاته؟ وينطبق ذلك على الآخرين؟

- أنا أعترف باللغة العبرية، وهي لغة موجودة شئنا أم أبينا، وهي لغة مثقفين، وهي موجودة وليس أنا من يقدم لها الحياة. إنها لغة المحتل، ولكن كتب بها شعراء أمثال درويش والقاسم، وإميل حبيبي، ويتكلمها مليون ونصف مليون فلسطيني في أرض 1948. أما بالنسبة الى القصائد التي ألقيت فهي من اختياري منذ البداية مع عبارة «أن التشابه للرمال.. وأنت للأزرق»، حتى آخر كلمة قرأها درويش في حواره مع الموت.

أما بالنسبة إلى الشاعر لاؤور في اعتبار أن وجوده عمل إشكالية، فالقصيدة التي قرأها بعنوان «عندما تبتعد»، من ديوان «لماذا تركت الحصان وحيدا؟» لدرويش، فعندما كنت أراسل لاؤور بالبريد الإلكتروني، سألته عما لديه من قصائد مترجمة لدرويش إلى العبرية، فأخبرني عن ترجمات الفلسطيني محمد حمزة غنايم رحمه الله، وأنطون شماس الذي يكتب بالعبرية ولديه رواية شهيرة بعنوان «ارابيسك»، وترجم قصائد درويش، وهناك اسرائيليون ترجموا له ايضاً، ولكنني عرفت من لاؤور أن درويش كان يفضل ترجمات شماس، لأنه ترجم روح قصائده. ولاؤور كان صديقاً لدرويش وللشعب الفلسطيني، وعالم أشعاره إنسانية الطابع.

سينمات.. فلسطينية

·     حتى اختيارك للأماكن التي ألقى درويش فيها قصائده كانت على خشبات أكبر المسارح العالمية، ولكننا لم نشاهده في أزقة المخيمات؟

- حضر ذلك من خلال درويش. عندما بدأ الشاعر البرتغالي ساراماغو يقرأ قصيدة درويش، تركت الكاميرا تذهب الى مدرسة الفالوجة في مخيم عين الحلوة، حيث التلميذات يقرأن قصيدة له غيباً وعنوانها «على هذه الأرض ما يستحق الحياة». أردت أن أقول إن قصائد درويش موجودة على ألسنة الجيل القادم. وعندما يقرأ أطفال المخيمات شعر درويش فهذا دليل الحياة.

·     في فيلمك السابق «في ظل الغياب» برمزيته العالية المستوى، لجهة التركيز على شواهد قبور الفلسطينيين على مساحة الكرة الأرضية، رأيناك هنا تركز على عالمية شعر درويش. هل هي عالمية مأساة الشعب الفلسطيني؟ وماذا عن أعمالك الجديدة؟

- طبعا هي مأساة عالمية. أما عن أعمالي الجديدة فهناك أكثر من فكرة، ولكن المشروع الذي أنتظر ردوداً لتمويله لن أتحدث عنه حالياً. ربما أواجه عراقيل من نوع آخر، لكنه لم يتم التطرق الى الفكرة، ولا حتى في الأبحاث السوسيولوجية، مع أنه موجود كحالة، وهو جزء من طبيعة فهمنا للصراع ولذاتنا.

·     ما الحيز المشترك الذي يجمع المخرجين الفلسطينيين في أراضي 48 وتلك المحتلة مع الذين في شتات الأرض؟ يعني ما الذي يجمع نصري حجاج وإيليا سليمان وميشال خليفة وسواهم؟

- أعتقد أن الهم الفسطيني هو القاسم المشترك، ولكن هناك اختلاف في الرؤى، وفقاً لوعي كل واحد منا للأمور، ولتجربته، وإحساسه الخاص. السينما الفلسطينية في أرض 48 وفيها ميشال خليفة وإيليا سليمان ونزار حسن وهاني أبو أسعد وغيرهم تختلف اختلافاً كاملاً عن السينما في الضفة الغربية وغزة وعن الشتات.

·         لماذا؟

- في أرض 48 هناك وعي للهوية وللذات كوطنية فلسطينية، هناك أناس ولدوا واكتشفوا أنهم بالمعنى القانوني هم إسرائيليون، وليس بالمعنى الوطني. أفلامهم يجمع بينها السخرية من الحاكم الإسرائيلي المحتل وسخرية أيضاً من الذات. وهذا غير موجود في سينما الضفة وغزة، لأن طبيعة الصراع كان دموياً وعنيفاً مع المحتل الاسرائيلي، وفيه انتفاضات وفقر وحزن و«ثقل دم»، لأن القضية ثقيلة جداً على الروح. أما في الشتات فهناك بحث أكثر عن مسائل لها علاقة بالموت والحياة. هناك أكثر من اتجاه في السينما الفلسطينية، ولكن يجمعهم القضية، وإن برؤى مختلفة. أخيراً، ظهر ما أسميه بالمستشرقين في السينما الفلسطينية بالمعنى الإيجابي، أمثال آن ماري جاسر، وشيرين دعيبس، وهذه نظرة أخرى بعيدة قليلاً عن الواقع، مع أنه شتات، لكنهن يعالجن الموضوع من زاوية ثقافية. أنا أصف الحالة ولا أقيّمها. هناك أفكار جيدة تطرح من خلال هؤلاء الصبايا.

·         هل من تطور يطرأ على واقع السينما الفلسطينية من الزاويتين التقنية والمضمون؟

- جدا، وعلى كل المستويات. وأعتقد أن ايليا سليمان بات عالمياً باللغة والرؤية البصرية والإبداع الجديد.

·         ماذا عن السينما الإسرائيلية؟

- طبعا هناك سينما، وأذكر من المخرجين دانيال باخسمان، وربما أصله ألماني، وكان من أوائل من انتقد الفكر الصهيوني، لكنهم «طفوه». هناك أزمة وعي وثقافة في الواقع الإسرائيلي، وهذا ما يحاول المخرجون السينمائيون عندهم طرحه. يحاولون معالجة التطرف الديني عندهم، واللوبي اليهودي في أميركا، واستغلال اليهود للمحرقة. السينمائي الإسرائيلي لا يطرح مسألة الاحتلال، وإنما مسألة الوعي والذات والوجود لأنها تقلقهم.

أوان الكويتية في

09/02/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)