حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سحر النهر العتيق.. نقيق وغناء

«الأميرة والضفدع» يغير صورة أميرات «ديزني»

نيويورك: مانولا دارغيس

ليس سهلا أن تصبح أخضر اللون، ذلك ما اكتشفته بطلة فيلم «الأميرة والضفدع»، ولكن الأصعب - وفقا لما يطرحه الفيلم الذي رسمت شخصياته الجميلة يدويا حول قضية التمييز العنصري، أو وفقا لما تجنب الفيلم طرحه حولها - هو أن تكون أسود اللون بملامح شخصيات الرسوم المتحركة لديزني. أما إن لم تكن قد سمعت عن الأمر فإن شركة «ديزني» التي خلدت الجميلات شاحبات اللون مثل سنووايت، قدمت مؤخرا فيلما للرسوم المتحركة بطلته سوداء، وهي الشخصية التي أثبتت أنها سطحية أكثر مما تقتضيه الآمال التي كانت معلقة عليها. ولا عجب إذن أن تقفز البطلة إلى النهر، وتتحول رجلاها إلى اللون الأخضر.

ولكن قبل أن تقفز، لم تكن تيانا عندما ظهرت للمرة الأولى في وقت ما قبل الحرب العالمية الأولى سوى مجرد طفلة عادية من نيو أورليانز (أدت صوتها إليزابيث دامبير في المرحلة الأولى) كانت تسير برفقة أمها الخياطة إيدورا (تؤدي صوتها أوبرا وينفري)، التي تقوم بحياكة ملابس الأميرات لشارلوت (بريانا بروكس)، الابنة القصيرة لرجل أبيض ثري من مدينة كريسينت يدعى بيج دادي لابوف (جون غودمان). ولكن الحياة أكثر تواضعا في منزل تيانا، حيث إن أباها جيمس (تيرينس هوارد بصوته الرائع كالعادة)، يمتلك مطعما يشتهر بصنع حساء البامية الذي يجذب الجيران من منازلهم، وهو يساعدها بعد ذلك على النوم في السرير. يحذر جيمس الذي يرتدي ملابس العمل - حيث يرتدي الحذاء ذا الرقبة العالية والحمالات الداعمة للبنطلون، ويرفع أكمامه - تيانا من أنه لا بأس من الأحلام الكبرى شريطة أن تعي تماما أن تحقيق تلك الأمنيات لن يكون إلا بالعمل الجاد.

يتكرر مفهوم العمل الجاد في الفيلم - الذي شارك في كتابة السيناريو له كل من المخرج جون ماسكر ورون كليمينت بالتعاون مع روب إدواردز - خاصة بعد ما تنتقل تيانا (التي أدت دورها في المرحلة العمرية التالية أنيكا نوني روز) إلى عصر الجاز. وعلى الرغم من أن ذلك المفهوم يخدم هدف الفيلم - تحلم تيانا مثل أبيها بأن تفتح مطعما - فإنه ينحي مفهوم التمييز العنصري الذي لا يستطيع الفيلم نظرا للعوامل التجارية معالجته. حيث إن العمل الجاد هو ما يفصل بينها وبين شارلوت (تؤدي دورها جنيفر كودي في المرحلة العمرية الثانية)، وليس التمييز العنصري. وهو ما يدفع تيانا ويغذي أحلامها ويدفعها للادخار. فهي تغني: «لا وقت للرقص. هذه المدينة العتيقة يمكن أن تعرقل خطواتي/ يختار الناس الطريق السهل/ ولكنني أعرف طريقي جيدا/ أقترب وأقترب منه كل يوم».

وعلى الرغم من ذلك فإن العمل الجاد يجعل تيانا البالغة أقرب إلى كونها امرأة كادحة وضجرة. وعلى غرار العديد من شخصيات ديزني التقليدية، فإن تيانا طيبة، وعذبة، وجميلة مثل شخصيات الرسوم المتحركة التي تتميز بالتفاصيل الدقيقة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها. وعلى الرغم من أنها في بعض الأحيان شعلة من النشاط، مثلما بدت عندما كانت تحمل عدة أطباق في نفس الوقت في الكافيتريا التي تعمل بها لفترتين، فإنها ليست لديها طاقة تلك الفتاة المفعمة بالنشاط التي تظهر خلال الدقائق الأولى من الفيلم. فكل ما لديها، على غرار كافة بطلات «ديزني»، هو فارس الأحلام، نافين (برونو كامبوس)، الشخصية الأنيقة القادمة من مملكة مالدونيا الخيالية الذي يأتي إلى المدينة بصحبة خادمه الماكر لورانس (بيتر بارتليت).

وعلى نحو مفاجئ ومخيب للآمال في الوقت نفسه، أصبح الأمير ليس فقط مخلص تيانا ولكنه مخلص الفيلم بأسره؛ حيث يدفع بقدر كبير من الدعابة إلى الفيلم ويضيف لمسة من الإثارة إلى الأحداث، بالإضافة إلى الرومانسية المتوقعة. وعلى الرغم من أنه لفت انتباه تيانا (ولفتت انتباهه)، تطارده شارلوت التي تبحث عن رفيق لها بعنف، بالإضافة إلى الدكتور فاسيلير (قام بأداء الصوت الرائع كيث ديفيد) الشرير الذي يسرق العرض ببساطة كما في العديد من الأفلام الأخرى. يرتدي الدكتور فاسيلير الغامض الذي يشبه علامة التعجب في نحافتها وغموضها قبعة مزينة بجمجمة وعظمتين. وتتبع ظلال الحبر الطويلة كل خطوة يخطوها وتحيط به وكأنها أفكاره السوداء، كما في أغنية «أصدقاء على الجانب الآخر».

تظهر هذه الشخصية الجذابة المزينة بدفقات من البنفسجي البراق والأخضر - تتراجع الخطوط الحقيقية للشخصية وتترك مكانا للأشكال الغريبة الرسومية والخشنة - فجأة في بداية القصة موحية بتوقعات خاطئة حول أحداث الفيلم وأغنياته ورسومه المتحركة. وبخلاف بعض المشاهد الكوميدية التي يبثها شكل التمساح الموسيقي الضخم لويس (مايكل - ليون وولي) واليراعة راي ذات الأسنان المعوجة (جيم كومينغ)، كان الفيلم ليصبح فيلما ضعيفا دون الدكتور فاسيلير وتهديداته. وكان ذلك هو الحال حتى بعدما قبلت تيانا في لحظة مشرقة بالفيلم الضفدع وعادت إلى طبيعتها؛ وهو التحول الذي اقتضى أن تذهب في رحلة طويلة عبر النهر، وإلى داخل قلبها نفسه.

وهناك أجزاء إضافية ومحببة في تلك الرحلة، منها تلك الرحلة الغريبة إلى المنطقة الموحلة التي تعيش فيها الساحرة العجوز ماما أودي (جنيفر لويس) التي تدلل ثعبانها الأليف، والتي تحث تيانا على أن «تبذل المزيد من الجهد» (من تأليف راندي نيومان). وعلى الرغم من أن الجميع يعرف ما يمكن أن يحدث بعد ذلك، فقد استغرق الفيلم وقتا طويلا للغاية لكي يصل إلى النهاية التي تمثل مثل القصة نفسها تقدما على نحو ما حتى وإن قضت هذه الأميرة وقتا طويلا في السباحة كضفدع؛ يوحي لونه الأخضر بأن «ديزني» أقرت في النهاية بأن كل فتاة صغيرة بغض النظر عن لونها يمكن أن تصبح فرصة تسويقية جديدة.

* خدمة «نيويورك تايمز»

الشرق الأوسط في

15/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)