حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«فقدان ماسة شفافة».. كنز غير مصقول

بيتسي شاركي

إعداد: مالك عسّاف

سيدة مهمومة ذات ماضٍ مليء بالمشاكل، ورطوبة معلقة كاللعنة في الهواء، وأسلوب بطيء في الحديث يشبه العسل في ترقرقه وحلاوته. هذا هو عالم الكاتب الكبير تنسي وليامز، الذي وضع في نهاية الخمسينيات نص «ماسة شفافة» من أجل الشاشة الفضية، بغية التعويض عن تجربته المسرحية الفاشلة «هبوط أورفيوس»، إلا أنه بقي موضوعاً على الرف حتى وقتنا الحالي. لكنه ليس عالم تنسي وليامز وحده، بل هو أيضاً عالم النجمة برايس دالاس هاوارد، التي تجد في فيلم «فقدان ماسة شفافة» ضالتها عبر تصديها لدور السيدة الثرية فيشر ويلو، وريثة إحدى عائلات ممفيس.

ثمة شبه كبير بين هذا الفيلم وشخصية بطلته، السيدة فيشر، من حيث أننا لا نستطيع أن نصفه بأي وصف آخر سوى أنه فيلم رائع، وذلك بالرغم من جميع العيوب الكامنة فيه. إنه أول عمل للمخرجة جودي ماركل (وهي أيضاً من سكان مدينة ممفيس) التي قررت أن تمسح الغبار عن هذا النص، الذي كتبه وليامز بقصد التعاون مع المخرج إيليا كازان، بعد أن كان قد حقق معه في العام 1951 أعظم نجاحاته في مجال السينما، وذلك من خلال فيلم «عربة اسمها الرغبة».

يقدم لنا هذا الفيلم شخصيات ناضجة، إنما ليس إلى درجة الغليان. إنه أشبه بألبوم صور لاستحضار ذكريات الزمن الغابر، حيث تبدو المخرجة ماركل حريصة جداً على عدم المساس أو إزالة أعشاش العنكبوت عن النص الذي وضعه وليامز، وذلك تعبيراً عن شعورها بالإجلال والاحترام تجاه هذا الأستاذ الكبير.

بالرغم من بعض الجوانب غير المصقولة في نص «ماسة الدمعة»، إلا أن المخرجة، التي أمضت معظم حياتها كممثلة مسرحية وسينمائية، تنجح في إعادتنا إلى تلك الحقبة من خلال الحفاظ على غنائية الحوار وصورة الجنوب الذي يتعفن فيه كل شيء، كما صوَّره لنا وليامز في منتهى الروعة.

ثمة علاقة قرابة واضحة بين الشخصيات الرئيسية في أعمال وليامز، حيث تُقدَّم لنا فيشر في هذه القصة، التي تتحدث عن القيود الطبقية والهشاشة العاطفية والعلاقات المضطربة، على أنها ابنة عم النساء المحطَّمات في أعمال وليامز الأخرى، مثل بلانش ديوبوا في فيلم «عربة اسمها الرغبة» ولورا وينغفيلد في «الوحوش الزجاجية» وماغي في «قطة على سطح من الصفيح الساخن».

الزمن الذي تجري فيه الأحداث هو عشرينيات القرن الماضي، واللقطة الأولى من الفيلم تسلط الضوء على الجمال الذي تتمتع به فيشر، عندما تظهر في مكان سيئ السمعة بأزيائها الباريسية الراقية حاملة بيدها زجاجة ويسكي وهي تتمايل على أنغام البلوز في أحد النوادي الليلية.

بالرغم من أنها الوحيدة التي تتمتع بوجه أبيض بين الموجودين، لكن من الواضح أنها لا تشعر بالغربة في ذلك المكان، الذي يبدو أنه يجلب لها الارتياح تماماً مثلما تفعل زجاجة الويسكي. لكن، كما هو حال جميع البطلات في أعمال وليامز، فإن فيشر ستنقل معها مشاكلها وفضائحها عندما تعود إلى المنزل.

ثمة اصطفاف بين أفكار وليامز وشخصياته الرئيسية وخطايا والد فيشر -ذلك الوغد الماكر والثري والغامض الذي لا نتعرف عليه أبداً في الفيلم- بحيث تصبح هذه العوامل منطلقاً لكل الأمور التي تدفع فيشر نحو التمرد. من ناحية أخرى، تُبدي فيشر اهتماماً بشاب فقير وثائر على واقعه يُدعى جيمي دوباين (يؤدي دوره كريس إيفانز)، حيث إن والده المدمن على الكحول واقع تحت سيطرة والد فيشر، في حين أن والدته تعيش في مصح عقلي. تقوم فيشر بتوظيف جيمي كمرافق لها خلال الحفلات، التي تواظب على حضورها بسبب ضغوط عمتها المتسلطة كورنيليا. خلال إحدى تلك الحفلات تفقد فيشر قرطاً ماسياً غالي الثمن كانت قد استعارته من عمتها. ونتيجةً للتشوش الذي سببه لها هذا الأمر، فإنها لا تعير اهتماماً لجيمي الذي يتخيل بأنها تتهمه بالسرقة. وما زاد الطين بلّة هو قيام إحدى صديقات جيمي في الكلية بمغازلته. فقدان فيشر لهذا القرط يصبح بمثابة تعويذة لجميع المشاكل التي ستواجهها قبل نهاية الفيلم.

وفي نهاية المطاف، تذهب فيشر لزيارة السيدة العجوز، التي تُعرف بـ «الآنسة آدي»، والتي يبدو أنها تفهم مشاكل فيشر على نحو أفضل منها. تطلب آدي (المصابة بالشلل نتيجة سكتة دماغية) من فيشر أن تمنحها «الخلاص من الألم» عبر إعطائها جرعة زائدة من المسكنات. تروي آدي لفيشر أنها في فترة شبابها، أمضت في الصين بضع سنوات أصبحت خلالها مدمنة على الأفيون. وفي مشهد فانتازي تأخذ فيشر بعض المسكنات الأفيونية الخاصة بآدي لتمضي الوقت المتبقي من الحفلة على شكل حلم يقظة. وعلى طريقة الماسة موضوع الفيلم، فإن ماركل تقارب النص كما لو أنه شيء نفيس لا يجب المساس به، فتتحول إلى تابع يكشف عيوبه في النتيجة. مع أنه كُتب أصلاً من أجل تحويله إلى نص سينمائي، إلا أن النص مكتوب على طريقة المسرحية، حيث إن الركوب بالسيارة إلى هذا المكان أو ذاك لا يغطي إلا الأماكن القليلة التي تجري فيها الوقائع.

عندما تقف فيشر مع جيمي في مكان مطل على نهر الميسيسيبي، نستطيع أن نلمس شعورها بالارتياح، تماماً مثلما نلمس شعورها بالتوتر عندما تتم مهاجمتها من قبل فتيات مجتمع ممفيس. مع ذلك تفتقر شخصية فيشر إلى ذلك العمق والبعد التراجيدي الذي تتمتع به بلانش ديوبوا وماغي وبطلات وليامز الأخريات اللاتي لا يمكن محوهن من الذاكرة، وذلك بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها هاوارد.

أما إيفانز فلا يحصل على العناصر التمهيدية الكافية ليتمكن من تقمص شخصية جيمي بالشكل المطلوب، فشعوره بالغضب كان يحتاج إلى قدر أكبر من الغليان. في حين أن شخصيتي والد جيمي السكير ووالدته المجنونة ليستا أكثر من أطياف أفكار. وباستثناء شخصية الآنسة آدي، التي ينهار جسدها رويداً رويداً، فإن جميع المشاركين في صناعة هذا الفيلم، يبدون وكأنهم يقدمون تحية إجلال لوليامز. لكننا بالرغم من ذلك كله، لا نستطيع إلا أن نعجب بفيلم «فقدان ماسة شفافة»، وذلك لأنه غني بالكثير من الأمور التي تُعتبر نادرة في يومنا هذا. فلنفكر به على أنه كنز من النوع غير المصقول.

عن صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية

أوان الكويتية في

12/01/2010

 

أفلام الكوميديا.. ورضا النقاد

منى كريم 

في الحلقة السابقة تحدثنا عن أفلام ألفريد هيتشكوك التي تمزج بين القراءة النفسية والأدوات الفنية، ليصنع هتشكوك بذلك وصفة الخلود في تاريخ السينما بأعماله المختلفة والمميزة.. في هذه الحلقة، نجد أن الكوميديا والأفلام التي أعجبت النقاد هي التي تكمل نصف القائمة في الاتجاه نحو اتمام قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما. الأفلام التالية هي أفلام مميزة نالت إعجابا نقديا كبيرا، كما أنها -باستثناء الفيلم الأخير- دخلت في القوائم الرئيسية التصنيفية وحصدت تفاعلاً جماهيرياً كبيراً.

تبدأ الحلقة مع فيلم «لوس أنجليس: سري» الذي خرج العام 1997 عن رواية بوليسية خرجت في بداية التسعينيات لجيمس إلروي تتحدث عن مجموعة من أفراد الشرطة في مدينة لوس أنجليس في خمسينيات القرن الماضي، والفساد الذي كان يسيطر عليهم. الفيلم من إخراج كرتس هانسون ومن بطولة كيفن سبيسي ورسل كرو، وهو الفيلم الذي قدم النيوزيلندي كرو لجمهور السينما في أميركا الشمالية. وحقق هذا الفيلم تقييمات ساحقة بين المشاهدين والنقاد لنجد أن القراءات السلبية له لا تتعدى 2% حسب الإحصائيات الإلكترونية، كما ترشح الفيلم لتسع جوائز أوسكار هي أفضل فيلم وإخراج وتصوير ومونتاج وصوت وموسيقى وإنتاج وحصد اثنتين؛ ممثل دور ثانٍ لكيم باسنجر وأفضل نص.

ومن ثم يجيء فيلم «سيكون هنالك دم» الذي خرج قبل ثلاثة أعوام، من إخراج بول توماس أندرسون عن رواية «زيت» لأبتون سانكلير التي خرجت في العقد الثاني من القرن الماضي، وتمثيل دانيل داي لويس وبول دانو. ويحكي الفيلم قصة رجل يبحث عن ثروة في جنوب ولاية كاليفورنيا فترة ظهور النفط في نهاية القرن التاسع عشر. وحصل هذا الفيلم على ردود فعل إيجابية هو الآخر، كما حصد الكثير من الترشيحات ليتم تصنيفه من أفضل 10 أفلام للعام 2007 من قبل المعهد الأميركي للأفلام، وأكثر من عشر مؤسسات أخرى، كما ترشح لثماني جوائز أوسكار ليحصل على جائزتي التمثيل والتصوير.

ومن بين الأفلام المهمة في جنس الكوميديا، يجيء فيلم «رحلات سوليفان» من العام 1941 الذي كتبه وأخرجه برستون سترجس ومثله جويل ماكريا وفيرونيكا لايك التي كانت في أول دور رئيسي لها. ويتحدث الفيلم عن مخرج سينمائي يرغب بعمل فيلم اجتماعي درامي، إلا أنه يتعلم أن الكوميديا أفضل ما يستطيع تقديمه للمجتمع. ويعتبر الفيلم من الأعمال التاريخية بالنسبة للولايات المتحدة كما يجده معهد الفيلم الأميركي ومكتبة الكونغرس، ليكون على قائمة أفضل مئة فيلم، وكان ملصق الفيلم من أفضل 25 ملصقا سينمائيا في تاريخ السينما.

وفي ذات العام يجيء فيلم «كرة النار»، وهو فيلم كوميدي أيضاً عن مجموعة من الأساتذة يعملون سنوات لكتابة موسوعة تتأثر بلقائهم بمغنٍ في أحد الملاهي الليلية الذي يحمل الكثير من المعلومات. الفيلم من بطولة غاري كوبر وباربرا ستانوك وإخراج هاورد هاوكس، وترشح العمل لسبع جوائز أوسكار دون أن يحصد أياً منها، كما تحول أبطال العمل إلى أهم الممثلين الكوميدين في تاريخ السينما. واستخدم لاحقاً ليصبح فيلما موسيقيا بعد سبعة أعوام تحت عنوان «ولدت أغنية» من بطولة داني كاي وفرجينيا مايو.

ونختم الحلقة مع فيلم بريطاني بعنوان «أوفر لورد»، من تأليف وإخراج ستيوارت كوبر وتمثيل برايان سترنر وديفيد هارس، وهو فيلم حربي خرج العام 1975 يسلط الضوء على الجنود الشباب وتأملاتهم وأفكارهم حول الحرب. وكان من المفترض أن يكون الفيلم وثائقياً إلا أنه تحول إلى قصة جندي شاب خرجت بالشكل النهائي بالأبيض والأسود، وكان نصفها مادة أرشيفية، إلا أن العمل حين خرج فشل في التسويق لنفسه لدى الجمهور، إلا أنه حصل على حضور جيد في المهرجانات

أوان الكويتية في

12/01/2010

 

عرض فيلم وثائقي في سبعينية الشاعر أمل دنقل

 سميرة المزاحي - الإسكندرية 

بعد مرور 27 عاما على وفاة الشاعر أمل دنقل؛ فإن أي متتبع لسيرته يتبين مدى إخلاصه للشعر. ورغم تصوره للشعر أنه لا يخلو من دور رسولي تحريضي، إلا أنه مثّل لديه خلاصا ذاتيا.من هذا المنطلق احتفلت مكتبة الإسكندرية بسبعينية الشاعر المناضل المصري الراحل أمل دنقل الذي من أهم الشعراء المناضلين في القرن العشرين، وعُرض في الاحتفالية فيلماً تسجيلياً بعنوان" حديث الغرفة رقم 8" أخرجته عطيات الأبنودي وهو إنتاج عام 1990، يسجل الفيلم لقطات مع والدة الشاعر عقب رحيله، والشاعر أثناء وجوده في مستشفى معهد السرطان بالقاهرة وذكرياته عن بداياته وتقبله للمرض ورؤيته للشعر وللعالم من حوله. وأوضح الفيلم أن تجربة أمل كانت لها خصوصيتها الإبداعية وكانت له قدرة استثنائية على صهر المتناقضات. ونجح في التعبير عن الإنسان المصري وواقعه ليشمل بذلك معاناة الإنسان في كل زمان ومكان

وقد شارك فى الاحتفالية نقاد وشعراء وفنانون وموسيقيون، استعادوا خلالها ذكرياتهم مع قصائد وأبيات الشاعر الكبير ومواقفه. كما تضمنت الاحتفالية شهادات لشعراء من جيل الثمانينيات من الذين لم يلتقوا بأمل لقاء شخصيًّا بل إبداعيًّا، بالإضافة لشهادات مهمة لرفاق دربه من أسرته وأصدقائه الحميمين الذين  تحدثوا عن أمل الزوج والشقيق والصديق والتلميذ، فضلاً عن إضاءات نقدية لتجربة أمل التي كانت لها خصوصيتها الإبداعية.

وقد حضر الاحتفال عدة شعراء ونقاد وأقرباء الشاعر. وتحدث الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي عن تجربة أمل الشعرية، مشيراً إلى أنها بلورة لكل ما قرأ وتعلم في تراث الفن . وقال" أجده اهتم بموضوعات اهتممت بها لكنه أبدع فيها إبداعا خاصاً لا يمكن أن يكون ثمرة التقليد والتلمذة . فأقرأ قصائده عن القاهرة أو الإسكندرية فأحسده وكنت أتمنى لو أنني كتبت هذه القصائد".
وأضاف حجازي أن دنقل كان شديد الاهتمام بالتفاصيل في شعره رغم أن هناك تيار في النقد كان يكره الحديث عن تفاصيل الواقع، باعتبار أن الشعر يتحدث عن الكليات وليس الجزئيات، لكنه استحضر كل التفاصيل بل استحضر حتى الماضي والحاضر. ووجه حديثه للحاضرين قائلاً" لا تصدقوا كذابين يقولون أن الشاعر يمكن أن ينسلخ عن تراث لغته، هؤلاء كذابون".

من جهة أخرى ألقت زوجته الأستاذة عبلة الرويني، كلمة عبرت فيها عن سعادتها بالاحتفال بميلاد الشاعر، الذي حسبما ذكرت لم يحتفل بعيد ميلاده سوى مرة واحدة وأخيرة. فلم يعرف هذا الطقس الاجتماعي إلا من خلال جابر عصفور حينما أصر أن يحتفل بعيد ميلاده وأخذه في سيارته ليتجول في شوارع القاهرة في وقت اشتد عليه المرض، كان هذا الاحتفال أول وآخر احتفال، لكنها قالت" كان يحتفل بميلاد القصيدة، فقد كان من المعتدين بموهبتهم لكنه لم يحب قراءة أشعاره، وفي أوقات كثيرة كان يقرأ أشعار حجازي وعبد الصبور ويستعرض ذاكرته الحديدية".

واستطردت" لم يشغل أمل نفسه عن كتابه الشعر بأي شيء آخر حتى كتابه النثر، فكانت له مقالات معدودة، هي أربع مقالات عن أسباب نزول القرآن، وواحدة عن صلاح عبد الصبور، وواحدة عن عبد المعطي حجازي".

وقالت" لم يكن لأمل منزل وكان يتنقل بين منازل أصدقائه، وبالتالي لم تكن لديه مكتبه لكن كانت هناك أربعة كتب تلازمه، منها القرآن الكريم. كان يقرأ التاريخ وكانت تلك أهم قراءاته". وأضافت" قصائد أمل أثرت في كل الشعراء حتى المناهضين لها، فالشاعر الحقيقي هو فاعلية القصيدة وقدرتها على الحضور، فقد عبرت قصيدة أمل اللحظة التاريخية وتجاوزت ذلك".

الجزيرة الوثائقية في

12/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)