حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دراما مرئية..

مسيرة ناقد قديس ودراسة باحثة واعية

بقلم : د. حسن عطية

لم يشأ العام الذي مضي بكل ما فيه أن يتركنا دون أن يضع بين أيدينا كتابين لهما أهمية خاصة في مجال الابداع المرئي والسمعي، لما يحتويانه من أفكار وآراء تعالج الكثير من القضايا الحيوية المطروحة في حياتنا خلال الأعوام الأخيرة، في الوقت الذي يبدوان فيه متباعدين في المنهج والصياغة، وإن لم يختلفا في التوجه، حيث يقدمان لنا خلاصة تجربة نقدية بالنسبة للأول وخلاصة مشوار بحثي بالنسبة للثاني، يتعلقان بفنون العرض المرئية، ويشاركانا في مناقشة ما يطرحه العام الجديد من موضوعات تخص ابداعنا وانتاجنا الفني.

يقدم لنا الناقد الكبير مجموعة من اللقاءات والمواجهات الحوارية المتميزة في كتابه المنسوبة فيه هذه المواجهات لاسمه، وذلك في عنوانه الطويل »حوارات فوزي سليمان في الأدب والفن والسينما والمسرح والموسيقي«، وهو حق له، فمحاور هذه الشخصيات ذات الشأن الكبير في مجالاتها المتعددة، مثل ميخائيل نعيمة وسنجور وطه حسين وجاك بيرك وزكي طليمات وناجي شاكر ود.سمحة الخولي، فضلا عن المخرجين: الايراني داريوش ميهرجي والافريقي رمضان سليمان والبولندي كريشتوف زانوسي واللبنانية جوسلين صعب وغيرهم من الشخصيات المصرية والعربية والعالمية الذين بلغوا ٢٤ شخصية بارزة في مجالات الابداع المختلفة، هذا المحاور ليس مجرد حامل أسئلة يتلقي بسلبية الاجابات عليها، بل هو يجادل المتحاور معه من موقع الندية دون تجاوز، ومن موضع المعرفة دون تعال، بل هو يعي جيدا أن المحاور هو رسول القراء لمعرفة ما يدور بعقل المبدع، وسفيرهم لعالم الشخصية المتحاور معها من أجل الاحاطة بأكبر قدر ممكن من المعرفة عنها.

الناقد القديس في عالم الثقافة والعارف بأسرار الكتابة النقدية، والطائف بأهم مهرجانات العالم السينمائية والمسرحية، والمتابع لأبرز ما تخرجه المكتبة من معارف وابداعات، والذي لا تدخل مسرحا أو دارا للأوبرا أو معرضا تشكيليا أو مركزا ابداعيا أو مهرجانا سينمائيا إلا وتجده في مقدمة المتابعين والمشاركين والمؤسسين لهذه الفعاليات الابداعية المختلفة. هذا الناقد الدءوب لايبارح المحاور »فوزي سليمان« في كل حواراته المثمرة، والتي لم يحظ الكتاب إلا بالقليل القليل منها، أجراها علي مدي نصف قرن من الزمان، فهو يعد أسئلته بعناية، ثم يلقي بها جانبا لحظة المحاورة، فلا تعرف اذ كان يحاورك أو يجالسك جلسة العارف بك وبابداعك، فتبدو معه علي سجيتك، لا تبحث عن كلمات منتقاة، ولا تكرر ما قلته لأنه لا يطرح عليك سؤالا تجاوزته، ولذا تشعر أن حواراته المنشورة هي جلسات حميمية بين أصدقاء في مجال واحد، وهي موهبة وخبرة وتميز علي شبابنا أن يتعلموا منها ومنه كيفية الاعداد الجيد لمادة التحاور، وليس مجرد أسئلة مدرسية، وكيفية الاجتهاد لمقابلة الشخصية المتحاور معها، بدلا من حوارات التليفونات المحمولة السائدة اليوم، والتي لا يتهيأ للمتحاور معه فرصة التركيز للرد علي الاسئلة ومراجعة الاجوبة مع المحاور، ولا يتهيأ للمحاور نفسه فرصة كتابة الاجابات والتأكد من معلومات قد ترد عفو الخاطر، وهو ما يجعل معظم حوارات شبابنا فاقدة الحميمية، وغير دقيقة في نقل الآراء والمعلومات التي يقولها المتحاور معه له.

توثيق ودراسة

يضعنا الكتاب الثاني في قلب الموضوع المطروح اليوم بقوة في حفل انتاج الدراما التليفزيونية، والخاص بالانتاج المشترك بين قطاعات الانتاج العامة المسئول عنها اتحاد الاذاعة والتليفزيون وشركات الانتاج الخاصة من جهة، وبين القطاعات العامة المصرية وشركات ومؤسسات الانتاج السورية من جهة أخري، حيث أثرت الازمة الاقتصادية العالمية وأجور النجوم المنفلتة من اللوائح الرسمية علي عمليات الانتاج الذاتي للقطاعات العامة المصرية، كما لعبت عمليات التسويق بالقنوات الفضائية العربية عامة والخليجية خاصة مع التسهيلات الطبيعية والمادية التي تقدمها سوريا للانتاج الدرامي دورها في التوجه نحو الانتاج المشترك بين البلدين.

وللاستفادة من تجربة السينما المصرية في مجال الانتاج المشترك، ونحن نقبل هذا العالم علي زيادة حجم الانتاج المشترك لقطاعات انتاج الدراما التليفزيونية العامة مع الشركات الخاصة المصرية والعربية، تقدم لنا الباحثة والكاتبة والناقدة »أمل الجمل« بحثها العلمي فائق الجودة حول »أفلام الانتاج المشترك في السينما المصرية« متتبعة بالتوثيق والدراسة والتحليل العميق لمسيرة الانتاج المشترك للسينما المصرية علي مدي ستين عاما فيما بين ٦٤٩١ و ٦٠٠٢، منطلقة من الخلفيات التاريخية والاقتصادية والسياسية لهذا الانتاج فيما نعتته بسنوات التعثر، والتي تبدأ يتجربتين رأت أنهما لم يحققا النجاح المرجو وهما فيلم »أرض الليل« انتاج استوديو مصر بالتعاون مع شركة جومون الفرنسية ومن اخراج عبدالفتاح حسن ٦٤٩١ »يذكر محمود قاسم في موسوعاته المختلفة انه من انتاج وتوزيع ستوديو مصر فقط« وفيلم »القاهرة - بغداد« مع العراق ومن اخراج »أحمد بدرخان« ٧٤٩١، وشارك في انتاج اسماعيل شريف صاحب سينما الحمراء في بغداد مع اتحاد الفنانين أو الفنيين بالقاهرة »المخرج أحمد بدرخان والمصور عبدالحليم نصر والماكيير آنذاك حلمي رفلة« وقام ببطولته العراقي حقي الشبلي والمصرية مديحة يسري.

أسمهان والزهرة

من هذه البداية في سنوات التعثر بتجارب الأفراد في الاربعينيات والخمسينيات وشركات القطاع العام »كوبرو فيلم« في الستينيات، مرورا بسنوات التحقق التي تري الباحثة انها تبدأ عمليا مع فيلم »الوداع يا بونابرت« ليوسف شاهين ٥٨٩١، وصولا لفيلم »أرض النساء« للمخرج اللبناني »جان شمعون« وانتاج »أفلام مصر العالمية« »يوسف شاهين وشركاه« بمساندة المجموعة الاوروبية - برنامج النشاط الاوروبي المتوسطي »يوروميد« ٤٠٠٢ فضلا عن فيلمي »هي فوضي« ليوسف شاهين ٧٠٠٢ و»جنينة الاسماك« ليسري نصرالله ٨٠٠٢، واللذين تجاوزا حيز البحث الزمني، ورصدت الباحثة في مرحلتها الزمنية الاساسية ٥٧ فيلما مصريا مشتركا، ٢٥ منها أفلام روائية طويلة، و٥ روائية قصيرة و ٥١ تسجيلية، ووجدت أن المشاركة مع الدول العربية لا تزيد علي ٢١ فيلما فقط، أي أقل من سدس عدد الأفلام المشتركة، كما اقتصرت هذه الافلام المشتركة علي خمس دول عربية فقط هي الجزائر ولبنان والعراق والمغرب والسعودية، وغابت عنها سوريا التي تنتج أفلام قليلة لكنها متميزة، كما أنها الأكثر مشاركة للانتاج المصري اليوم، وقد أصدرت الناقدة العام قبل الماضي فليموجرافيا كاملة »السينما العربية المشتركة« رصدت فيها كل الأفلام التي شاركت فيها السينما العربية بالانتاج المشترك فيما بينها.

لقد تعدد الانتاج المصري المشترك مع سوريا والاردن في العامين الأخيرين، تميزت فيه أعمال مثل »أسمهان« و»هدوء نسبي« و»صدق وعده« وبهتت فيه أعمال أخري مثل »زهرية برية«، رغم أن هذا العمل الاخير كانا من انتاج مدينة الانتاج الاعلامي المشهورة باختياراتها الدقيقة لسيناريوهات الاعمال المتميزة، بالتعاون مع المنتج المتميز أيضا اسماعيل كتكت وشركته »فرح ميديا« بالاضافة الي مؤسسة فراس ابراهيم السورية بالنسبة لأسمهان، فهل المسألة ترتبط بكفاءة المخرج: التونسي »شوقي الماجري« في الأول والاردني»عزمي مصطفي« في الثاني؟ أم في اختيار الموضوع وبثه علي القنوات المشاهدة بقوة؟ أم في نمط الانتاج والتكلفة الفعلية المرئية علي الشاشة؟

أسئلة كثيرة يطرحها الانتاج المشترك اليوم، نري أن علي المسئولين الاستفادة من كتاب »أمل الجمل« في دراسة أفضل السبل التي تقدم لنا دراما عربية رفيعة المستوي، عميقة الافكار، قادرة علي أن تتصدي لعمليات سلب الوعي الممارسة اليوم علي الساحة العربية.

أخبار النجوم المصرية في

07/01/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)