حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

عودة الأفلام العملاقة على حساب الخيارات المتعددة أمام الجمهور

إعداد ـ محمد جمول

شهد يوم 20 من الشهر الماضي عودة ظاهرة قديمة في عالم عروض السينما: إنها البطاقات السينمائية المبيعة بالكامل. وقد تحقق ذلك مع فيلم «قمر جديد» الذي يتحدث عن إلهامات (مصاصي الدماء) والمستذئبين والنساء اللواتي يقعن في غرامهم. وقد كانت عائدات شباك التذاكر الأميركية في يوم واحد أكثر من أي فيلم في التاريخ. لكن هذا الرقم القياسي قد لا يصمد طويلا، إذ يمكن لفيلم «التجسّد» (Avatar) الذي يعرض هذا الشهر أن يتجاوزه. وهو عمل ثلاثي الأبعاد ومثقل بالمؤثرات الخاصة. وبميزانيته التي بلغت 230 مليون دولار، سوف يصبح واحدا من أكثر الأفلام كلفة في التاريخ. ومع الآمال الكبيرة المعقودة على نجاح «Avatar»، ستكون الخيبة كبيرة إذا ما تدنت مبيعاته على مستوى العالم عن 500 مليون دولار، وهو الأمر المرجّح لدى البعض.

لم يشهد تاريخ صناعة الترفيه تنوعا في الخيارات كما هي الحال الآن. فقد تم عرض610 أفلام في أميركا السنة الماضية مقابل 471 فيلما في 1999. وفي الوقت ذاته يستمر التلفزيون الكابلي والمحطات الفضائية في الزيادة وتقديم مزيد من القنوات لأعداد أكبر من البشر على مستوى العالم كله. ويضاف إلى هذا كله البث عبر الشبكة الإلكترونية، إذ يضيف الـ«يوتيوب» يوميا ما قيمته 20 ساعة من البث، ليتبين فعلا أن «الإنترنت» أحدثت انفجارا في تكاثر خيارات الكتب والموسيقى. لكن اللافت للانتباه أن كل هذه الزيادة في المادة المعروضة التي تبدو كأنها مفصّلة على أذواق الجميع لم تنجح في الحد من إقبال الناس على الأفلام الناجحة.

ما يحدث الآن يخالف توقعات معظم الكتّاب الذين بحثوا توجهات وسائل الإعلام والثقافة في السنوات القليلة الماضية. فقد تنبأ رئيس تحرير مجلة «ويرد» للتكنولوجيا كريس أندرسون في كتابه «الذيل الطويل»The Long) Tail) أن يتراجع الطلب على وسائل الإعلام التي تحتل رأس قائمة التوزيع لتصبح في ذيل القائمة، أي أن المنتجات القليلة التي تحقق مبيعات كثيرة سوف تتراجع في السوق لمصلحة المنتجات الكثيرة التي تبيع كميات متواضعة. والواقع أن «الإنترنت» تمكنت من القضاء على طغيان رفوف المحلات التجارية التي كانت تحد من خيارات المستهلكين.

لقد أثار كتاب «الذيل الطويل» جدلا فكريا واسعا بخصوص جدوى تركيز كثير من الشركات على بيع عدد محدود من السلع. فقد تبيّن أن إنتاج عدد كبير من الأفلام والأغنيات العادية بات يفوق قدرة المرء على متابعتها والتعرف عليها. ومع ذلك تعتقد أنيتا إلبيرس من جامعة هارفارد، في مقالة نشرت السنة الماضية، أنه من الحماقة التخلي عن الإنتاج بالجملة. لكن العاملين في صناعة «الميديا» ممن يدعمون قناعاتهم بالمال يقولون شيئا مختلفا، فهؤلاء يرون أن كلا من الرأس والذيل يقومان بما هو مطلوب بشكل صحيح. وهذا برأيهم قائم، لأن الجمهور يتوزع إلى جماعات تختار ما يناسب كلا منها، وفي الوقت ذاته يلتقي حول الأعمال الناجحة.

من الأقوى؟

إذا ما نظرنا إلى البث التلفزيوني في الولايات المتحدة، نجد أن أرباحه قد تراجعت بشكل ملموس، بعد أن كان في القمة. وقد تناقص مشاهدو القنوات الأربع الأولى مع تحوّل المشاهدين إلى شبكات الكابل، وبدرجة أقل إلى البث الإلكتروني. ومع ذلك ظلّت البرامج الكبرى الشهيرة تجتذب أعدادا كبيرة من المشاهدين تمكّنها من الحصول على حصة كبيرة من الإعلانات. وبذلك استطاع التلفزيون أن يحافظ على مكانته كوسيلة إعلامية جماهيرية.

ومثل صناعة البث التلفزيوني، تعاني التسجيلات الغنائية من مشكلات كبيرة. فقد تراجعت مبيعات ألبومات الـ«سي دي»، بسبب التسجيلات غير المشروعة عن الشبكة الدولية التي تمكّن المستمعين من الحصول على أفضل التسجيلات، ومع ذلك يمكن القول إن ما ينطبق على البرامج التلفزيونية الناجحة ينطبق على الألبومات الغنائية. تشير الدراسات إلى أن هناك تراجعا في مبيعات التسجيلات العادية بنسبة 18 % تقريبا في بريطانيا والولايات المتحدة، بينما تشهد الألبومات التي تحتل المراتب الأولى زيادة في مبيعاتها.

طغيان ما يسمى الضربة الناجحة أو «The hit»

دائما هناك من يبحثون عن المنتجات المغمورة ليشعروا بمتعة الاستكشاف الخاصة بهم، بدلا من التوجه مباشرة إلى ما هو معروف ومحكوم عليه بالنجاح. وبالطبع هناك من يسيرون باتجاه معاكس لذلك. الذين يجمعون المعلومات ويؤلفون الدراسات بشأن تقييم الأعمال الناجحة من الأفلام أو الكتب، توصلوا إلى اقتناع بأن الذين يشاهدون الأفلام الكبيرة والروايات الأكثر مبيعا هم عادة ممن لا يقرؤون إلا الأعمال التي تقيّم على أنها الأكثر نجاحا، وقلّما يهتمون بغيرها، بينما الذين يقرؤون الأعمال العادية هم غالبا يقرؤون كثيرا. وهذا يعني أن الأعمال الأقل شعبية تخضع لتقييم الناس الذين يمتلكون أفضل المعايير، بينما الأكثر شعبية تقيّم من قبل الأقل معرفة. وعلى سبيل المثال تبين أن الذين لم يقرؤوا سوى كتاب واحد في الولايات المتحدة هذه السنة قرؤوا «الرمز المفقود» لدان براون. وعلى الأغلب أنهم أحبوه.

وبالتالي يمكن القول إن هناك عاملين يساهمان في صنع الـ«الضربة الناجحة» فيلما كان أو كتابا. الأول هو موجة من حسن النية غير القائمة على المعرفة الصحيحة. والثاني القدرة الكبيرة على التسويق. فقد تمكنت استديوهات السينما في هوليوود من ترتيب عرض عدد من أعمالها في مناطق مختلفة من العالم في وقت واحد. ولذلك حصلت «سوني» هذه السنة على أكثر من 1.6 مليار دولار من بيع بطاقات أفلامها خارج الولايات المتحدة. وحصلت أفلام كبيرة مثل «2012» و«ملائكة وشياطين» على دخل من الخارج يعادل مثلي ما حصلت عليه في الولايات المتحدة.

الإنتاج الأضخم يظل الأفضل

يبدو أن هوليوود تظل الأقدر على التنبؤ بما هو مطلوب. وقد تعلّمت أن الإنتاج الأضخم هو الأفضل دائما. فعلى الرغم من أن بعض الأفلام ذات الكلفة المنخفضة تحقق عائدات كبيرة في بعض الأحيان، تبين الدراسات أن الأفلام التي أُنتجت بين 2004 و2008، وبكلفة تزيد على 100 مليون دولار للفيلم الواحد، أعطت مردودا أكبر من الأفلام ذات الكلفة المنخفضة. وبناء على هذه المعرفة والممارسة، بقيت هوليوود الأكثر استقرارا في الولايات المتحدة، محتفظة بالاستديوهات الستة الموجودة منذ بداية القرن العشرين.

عن مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية

أوان الكويتية في

22/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)