حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

تمكن من انجاز فيلمه الاخير رغم مصائب عديدة حلت به تيري غيليام:

القيود التي وضعتها هوليوود عليّ جعلت اعمالي افضل

لوس انجلس - من حسام عاصي

تيري غيليام هو احد المخرجين السينمائيين الأكثر إبداعا في هذا الزمن. أفلامه عادة تنوس بين الواقع والخيال، فربما لا الواقع واقعا ولا الخيال خيالا، وكثيرا ما تثير في عقول أبطالها تساؤلات حول هوية الشخص وصحة عقله فالفارق لدقته لم يعد منظورا حيث ضاق به منظار الحياة. شخصيات غيليام بصراع دائم مع البيروقراطية والقوى المتسلطه الأخرى، إذ أن سنة الدفع والإصرار على التحدي رحيق الحياة وعبقها، وهو ما يتكرر في العديد من أفلامه البارزة، بما في ذلك' تايم بانديتس'، 'البرازيل'، 12' قردا وفيشر كينغ'.

كما الشخصيات في أفلامه، حياة تيري غيليام السينمائية ابتليت بمعارك ضد نظام الإنتاج في هوليوود وكوارث الطبيعة. إحدى هذه الكوارث التي إشتهرت بفضل عرضها بالفيلم الوثائقي 'ضاع في لامانشا' كان إنهيار مشروع إنتاج فيلم 'الرجل الذي قتل دون كيهوتي' الذي كلف عشرات الملايين من الدولارات.

في مشروع غيليام الأخير ،'إماجيناريوم الدكتور برنسس'، فجع بنجمه، هيث ليدجر، حيث إختارته المنية في نيويورك قبل إنهاء تصوير الفيلم. وبعد ذلك أصيب منتجه بمرض السرطان الذي لم يمهله كثيرا قبل ان يفارق الحياة. حتى غيليام نفسه طالته يد القدر وتعرض لحادث بسيارته أدى لكسر في عموده الفقري. ومع كل هذا تغلب غيليام على نوائب الدهر ونجح في انجاز الفيلم، فهل هناك ولادة من غير أن يسبقها مخاض؟ وهل يولد إبداع من رحم غير الآلام؟

بصراحة، لم اتوقع ان ألتقي رجلا بشوشا، مرحا ومليئا بالتفاؤل وإنمـــا توقعتــــــه غاضبا، مهزوما ومحبطا، وما وجدته، هو أنه أبعد ما يكون عن ذلك. فقد كان ملتحيا ومرتديا ملابس فضفاضة وقميصا يزهو بألوانه، كأنه كاهن او رجل دين. وما أن وضعت يدي بيده حتى صافحـني بحرارة وعانقني بدفء كما لو كنا على موعد مع اللقاء وبإنتظاره، كما لو كنا نعرف بعضنا البعض منذ سنوات طويله.

·         توجب علي أن أسأله، 'كيف يتعامل مع كل المصائب التي تتكرر في مشاريعه'؟

'لقد أصبح الأمرعاديا' رد ضاحكا، 'كل المصائب السابقة كانت إعدادا لهذا المشروع 'إماجيناريوم الدكتور برنسس'. لا أعتقد إنه كان بامكاني إنجاز هذا الفيلم لو لم أتعرض لمصيبة 'ضاع في لامانشا' والمصائب الأخرى. لقد تعودت على مثل هذه الامور'.

يحرص غيلـــــيام على توثيق مراحل صناعة أفلامه من خلال كتابة اليوميات أو تصوير أفلام وثائقية ليظهر حقيقة صناعة الأفلام ويروي قصصها.

'لقد تعبت من سماع كل الروايات التي تدعي إن صنع الأفلام مرح'، يقول مستغربا 'إنه صعب للغاية. وكل صانع أفلام يعرف ذلك. مخرجو الأفلام الذين شاهدوا 'ضاع في لامانشا' قالوا لي إنهم تعرضوا لظروف أصعب من ظروفي ولكن لم يرافقهم طاقم فيلم وثائقي مثلي لسرد قصصهم وتوثيقها. فالحقيقة هي إنني لم أبتل باصعب الحالات ولكن أنا الوحيد الذي يسجل مصائبه'.

غيليام واجه الكثير من الصعوبات بسعيه لتمويل أفلامه. فقد خاض الكثير من المعارك ضد هوليوود، خسر معظمها وإنتصر في بعضها.

'صنع الأفلام يختلف عن غيره من الحرف. إذا كنت رساما فستحتاج فرشاة واذا كنت موسيقيا فستحتاج غيتارا ولكن إذا كنت صانع أفلام فسوف تحتاج الملايين من الدولارات،' يقول ضاحكا. 'إنه نوع من الرقص المثير والسؤال هنا أن تعرف متى تتنازل عن مبادئك ومتى لا ؟ ستواجه ذلك يوميا. هل ستعمل مع هذا الممثل؟ حسنا، أنا أفضله ولكنني لن أحصل على المال معه، لهذا أحاول العمل مع ممثل أكثر شهرة'.

الغريب إن غيليام يعتقد إن القيود التي فرضت عليه أدت إلى نتائج أفضل مما لو كان قد أعطي 200 مليون دولار وأطلق عنانه ليفعل ما يشاء.

'أنا لست معنيا بذلك'، يؤكد غيليام. 'أحب هذا التجذيف بين المال والوقـــت من جهة، وأحلام ما تريد القيام به من جهة أخــرى. إن أسوأ شيء هو أن أعطى كل ما أريد. من سيريد مشاهدة هذا الفيلم؟'

ومع ذلك، غيليام يحتقر الممولين الذين يتدخلون في عمله ويحاولون السيطرة على إنتاج فيلمه.

'لا يمكن إن تستمتع بصنــــع فيلمك عندما يحاولون أخذ زمام الأمور منــــك.' يقول غيليام. أقول لهم ' 'لا تستـــأجرني إذا أردت إن تكون مسؤولا. أنت تدفع الأموال وأنا أقوم بمهمتي هكذا أنا أتعامل مع ممثل. أستأجره ولهذا أستمع له ولا أقول له كيف يقوم بعمله. نحن نتناقش ونجد السبل للعمل معا'.

نجاح أفلام غيليام وطريقة عمله مع الممثلين جذبت أكبر نجوم هوليوود للعمل معه. فعندما قضى هيث ليدجر نحبه، عدة نجوم عرضوا على غيليام خدماتهم، بل وشجعوه على إكمال مشروع 'إماجيناريوم الدكتور برنسس'، الذي كان مترددا بإكماله.

واضاف 'بعد وفاة هيث، كان منطقيا إيقاف المشروع، ولكن حدثت نقطة تحول في اليوم الثاني عندما إتصلت بجوني ديب، فقط لمواساته، لأنه كان قريبا جدا من هيث. قلت له، إنني سأوقف تصوير الفيلم. فقال لي 'إذا قررت أن تواصل التصوير فانا ساكون معك'، وبالفعل، بعد ثلاثة أسابيع كنا نصور مع جوني ديب. وبعد ذلك صورنا مع جود لو و كولين فاريل'.

'بمجرد ان قررنا الاستمرار، كان سهلا جدا'، يقول غيليام. 'كنا بحاجة لثلاثة ممثلين ليحلوا محل الممثل هيث لان شخصه يمر من خلال المرآة ثلاث مرات. النجوم الثلاثة الذين شاركونا كانوا على استعداد تغيير جداولهم من أجل إكمال الفيلم'.

على الرغم من الأحداث المأساوية التي حلت بهذا المشروع، غيليام استمتع بصنعه أكثر من أفلامه الأخرى.

'كان هذا الفيلم حلوا وحامضا، مثل وجبة صينية'، يقول مقهقها. 'الجميع في طاقم الفيلم كان يحب هيث جدا، فلهذا كانوا قد صمموا على إنجاز هذا المشروع من أجله. حقيقة، إنها كانت تجربة مليئة بالحياة، الحب والبهجة'.

غيليام كان يحاول الوصول الى الجماهير بغض النظر عن السن والإدلاء ببيان ضد البساطة الدنيوية والمطابقة المجتمعية والتكرارية في أفلام هذه الأيام.

'الفيلم مليء بالمفاجآت والسحر،' يؤكد غيليام . 'الامر لا يتعلق بسنك، ولكن بنظرتك للحياة. هل أنت مستعد لأن تكون منفتحا إلى ما هو هناك، هل أنت مستعد لأن تفاجأ أم أنك تريد طريقا آمنة وواضحة حيث يمكنك المسير عارفا ما سيأتي أمامك وتقول حسنا، بعد نهاية هذا المشهد ستكون هناك مطاردة سيارات وبعد ذلك سوف يكون هناك تبادلا لاطلاق النار بالاسلحة النارية وهلم جرا...هذه الأيام صنع الأفلام مصاب بمرض. كلما أشاهد Trailer اشعر إنني شاهدت هذا الفيلم أكثر من عشرين مرة، لماذا أريد أن أشاهده مرة أخرى؟ لماذا نفعل ذلك؟ لماذا هذا النظام يعيد نفسه مرارا وتكرارا؟ والسؤال الأكثر إثارة للقلق هو لماذا الجمهور لا يزال يذهب لمشاهدة هذه الأفلام ؟'

في هذه الأيام يحاول غيليام مرة أخرى صنع فيلم 'الرجل الذي قتل دون كيهوتي'. ويتساءل المرء: هل أحداث ما وراء الكواليس ستكون أكثر دراماتيكية من الفيلــــم نفسه، كما كان الحال في فيلم 'إماجيناريوم الدكتور برنسس'؟ غيليام لا يأمل ذلك، ويود أن يذهب الناس لمشاهدة الفيلم بدلا من الحديث عن وفاة هيث.

القدس العربي في

30/12/2009

 

 

وفاة هيث ليدجر ساهمت في اضعاف الفيلم

'ايماجيناريوم' للمخرج تيري غيليام: التعاطف مع الخيرين صعب والشيطان ليس اكثرهم شرا

لوس انجلس - من حسام عاصي:

يمنح' الدكتور برنسس'(كريستوفر لوممير)، الذي يناهز آلاف السنين من العمر، الناس في لندن فرصة لزيارة' عالم خيالي عن طريق دخول مرآة سحرية، داخل عربة تجرها الخيل. إذ أنه قبل آلاف السنين، عقد برنسس صفقة مع الشيطان'(توم ويت)، تمنحه الخلود بشرط أن إبنته، فالنتينا'(ليلي كول)' تكون ملكا للشيطان عندما تبلغ السادسة عشرة.

'فالنتينا على وشك بلوغ سن الرشد والدكتور برنسس يسعى جاهدا لحمايتها من الشيطان عندما'يأتي مطـــــالبا بحقه. 'وهنا يظهر توني (هيث ليدجر)، معلقــــا من فوق'جسر على نهر التايمز، قريـــــبا من الموت وبين فكــــيه، وبعد إنقاذه، ينضم توني لطاقم برنسس السحري ويقع بحب فالنتينا. وعندما'يصل إلى مسامع توني خبر المصيبة الوشيكة لفالنتينا، يشرع بإنقـــاذها'عن طريق السحر والعوالم الموازية.

للأسف، إنها' قصة مربكة، وغير متماسكة، عشوائية وأحيانا غير منطقية.

لا اظن أن اللوم يقع على مشاكل السيناريو بسبب'الاضطرار إلى إعادة صياغته لمراعاة' وفاة هيث ليدجر، فهناك تناقضات بعناصر القصة في كل مرحلة تقريبا. ولا أظنه نابعا من تصوير الحداثة أو رمزا لها بكل ما أوتيت من مدنية تكنولوجية أدت إلى إنفراط وتبعثر وتمزق وتناثر بشتى الوسائل والإتجاهات والأماكن.

هذا الفيلم لا يملك الذكاء، الأناقة والعواطف التي أحسسناها في أفلام غيليام السابقة، مثل البرازيل، تايم بانديتس وفيشير كينغز. طبعا خسارة هيث لم تساعد، حيث أدت إلى إعادة صياغة السيناريو، تصوير مشاهد عديدة مرة أخرى ومن ثم الإستعانة بثلاثة ممثلين آخرين ليلعبوا دور شخص توني.' إحدى المشاكل الأساسية في الفيلم هي أنه يصعب التعاطف مع أشخاصه الجيدين،' ففالنتينا كانت ضعيفة وسطحية، والشيطان الشرير لم يكن أحيانا أقل منهم عاطفية. أما الشخص الرئيسي في الفيلم، توني، فقد كان الأكثر تعقيدا، وقد إختلطت علينا الأمور، فحقيقة لم نعرف كيف نشعر تجاهه، لحظة يظهر لنا ضحية' بريئة، ولحظة أخرى نراه لعينا وأكثر شرا من الشيطان نفسه.

أداء هيث ليدجر هنا كان مثيرا ولكن لا يعلو على أدائه دور 'الجوكر' في فيلم 'باتمان بيغنس'. ولكن تباين أداء الممثلين الذين لعبوا دوره كل مرة يدخل بها المرآة السحرية. فأداء جوني ديب كان مقنعا وأداء جود لو كان ضعيفا وأما كولين فاريل فقد فشل في محاولاته ليكون كوميديا.'

كما يتوقع من أفلام غيليام، فهذا الفيلم مشبعا بالإعجاب السينمائي والمشاهد الخيالية المثيرة، ولكن لم يرتق لمستوى افلامه السابقة، فهنا بدل إن يصور'دعامات' حقيقية، فانه لجأ لإستعمال الكمبيوتر.

 (CGI) من الواضح إن غيليام قد طرح الكثير من الأفكار في هذا الفيلم، فهناك أشياء رائعة ولكنها مغروسة عميقا للاستكشاف البصري. إنه فيلم مثير للإعجاب ولكن لا يرغب المشاهد بمشاهدته ومليء بالطموح ولكن بدون إتجاه.

القدس العربي في

30/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)