حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"بالألوان الطبيعية" ..

الأجساد العارية تكشف النفوس الخائفة!

كتب محمود عبد الشكور

فيلم "بالألوان الطبيعية" الذي كتبه هاني فوزي وأخرجه أسامة فوزي هو آخر الأفلام المعروضة في موسم 2009 السينمائي وهو أيضا من أكثرها جرأة وجسارة في تعرية التناقضات وكشف المخاوف والهواجس ولكن ذلك لن يجعلنا نغفل عن ذكر مشاكل التجربة الواضحة التي لولاها لكنا أمام عمل كبير وخطير يذكرنا برائعة هاني وأسامة السابقة بحب السيما.

عثر هاني علي فكرة عبقرية حيث ننطلق من تعرية الأجساد أمام طلبة الفنون الجميلة إلي تعرية نفوسهم ومخاوفهم واحساسهم بالوحدة والاغتراب وتمزقهم بين الحلال والحرام وفشلهم في البحث عن اساتذة.. حيرتهم بين الانتماء لأنفسهم أو الانتماء لمجتمع انقلب علي نفسه معاناتهم من تحول الدافع الديني من واحة للطمأنينة إلي بركان للقلق وللأرق وهكذا تبدو أزمة النفوس العارية الخائفة أخطر بكثير من الأجساد العارية التي صدمتهم ولكن الفكرة العبقرية التي ترجمت نفسها بقوة في الأجزاء الأولي سرعان ما تعثرت في النصف الثاني من الفيلم الشخصيات التي كنا نكتشف بأنفسنا تناقضها ونسخر منها سرعان ما أخذت تتحدث عن مشاكلها في مونولوجات مباشرة وطويلة وكأنها تحولت فجأة إلي طبيب نفسي يعالج ويشخص، بطلنا التائه والحائر أخذ ينطق بالحكمة والكلام الكبير ولا تفهم أبداً كيف نجا من هذه الدوامة الهائلة لقد أغلق المؤلف الموهوب والمخرج اللامع الأقواس مع امتحان التخرج مع أن حيرة الجيل أخطر وأعمق من ذلك بكثير.

هاني فوزي أستاذ في رسم الشخصيات الخائفة التي تطاردها هواجس تتحول إلي وساوس قاهرة ومسيطرة، بعض أفلامه القليلة السابقة بها هذه الشخصيات مثل السيدة العجوز التي لعبتها ببراعة فاتن حمامة في أرض الأحلام أو الشخصية المسيحية المهزوزة التي لعبها صلاح عبدالله في فيلم هندي ولكن نموذجها الأكثر نضجاً جسده باقتدار محمود حميدة في بحب السيما الفيلم الكبير الذي يجعل من الخوف تعبيراً عن مرض مجتمع وليس مجرد مرض فردي يوسف الذي لعبه كريم قاسم في بالألوان الطبيعية هو امتداد لهذه النماذج الخائفة السابقة والفيلم بأكمله هو أيضا امتداد لمشروع هاني فوزي لمقاومة الخوف الداخلي الذي يعتبره أم المصائب ولكن يوسف هو أيضا تعبير عن جيل بأكمله يبحث عن هويته في مجتمع تحاصره التناقضات فشل يوسف في أن يصبح طبيباً كما أرادت له أمه التي قامت بتربيته بعد وفاة والده كان يرسب في الكيمياء فقرر أن يعوضها بدخول كلية الفنون الجميلة ليصبح مهندساً للديكور فالفوارق بين الطبيب والمهندس ليست كبيرة مع دخول الكلية تنفجر التناقضات الداخلية عندما يطلب منه رسم الموديلات العارية وبناء السيناريو يتابع هذه الرحلة الدراسية في خمسة أعوام يتوه فيها بطلنا وزملاؤه وتظهر له أربعة أشباح هي في حقيقتها ترجمة لهواجسه الداخلية منعكسة في صورة شخصيات يعرفها هي أمه ورجل عجوز يعمل موديلا للطلبة وداعية ديني يشبه بوضوح الداعية عمرو خالد وأخيراً عاهرة محترفة قام برسم صورة لها.

هذا هو الهيكل العام للسرد وهو مناسب تماماً للفكرة ويمنح السيناريست حرية تكثيف الأحداث من البداية حتي التخرج كما تكشف حيلة الأشباح التي تظهر ليوسف عن هواجسه الداخلية وقد ذكرتنا علي نحو ما بما فعله فيلليني المخرج الإيطالي الشهير في فيلمه المعروف جولييتا والأرواح وكان أفضل ما فعله هاني وأسامة في المقدمة ثم في أحداث العام الأول والثاني تقديم مشاهد وشخصيات بطريقة كاريكاتورية ستجد ذلك في ولولة أم يوسف عندما عرفت أن ابنها جاتله كلية الفنون فأخذت تصرخ وكأنه أصيب بأنفلونزا الخنازير وستجده أيضا في الطريقة الكاريكاتورية التي قدم بها أساتذة الكلية الأقرب إلي الجنون وستجده في الطريقة التي يدعو بها يوسف الله مثل طفل صغير يطلب لعبة أو هدية أذكر هذه المشاهد لأن الكاريكاتير والمبالغة الساخرة الذكية جعلت من هذه الأجزاء الأولي قطعًا حية ونابضة، وكان جديرًا بالسيناريست أن يعتمدها في الفيلم بأكمله، فالتناقضات تثير الضحك، والحيرة بين التزمت والتحرر تدعو إلي السخرية، والواقع أكثر عجبًا وغرابة من أي مبالغة، ولكننا سنتحول فجأة إلي معالجة جادة، وسيبدأ "يوسف" مونولوجًا يكشف عن إحساسه بالوحدة، ومعاناته في علاقته مع أمه، ويكون ذلك بداية علاقته العاطفية مع "إلهام" التي يعتبر أهلها أيضاً أن رسم الجسم العاري حرام.

مع تطور الأحداث، ستتسع الدائرة من "يوسف" و"إلهام" التي لعبتها "يسرا اللوزي" إلي نماذج مختلفة من الطلبة مثل "هدي" القادمة من "ألمانيا" والتي تتورط في علاقة جسدية مع "علي" الذي يعتبر الفن تجارة، ويظهر أيضًا "إبراهيم" الذي يحلم بأن يكون معيدًا فيقنع بدور الخادم للطلاب الأكبر سنا أو لأستاذ الديكور، وتتقدم إلي اللوحة نماذج من الأساتذة مثل "عزيز" "حسن كامي" الذي يستغل الطلبة في رسم نسخ من لوحاته ثم يقوم بالتوقيع عليها وبيعها، ومثل "نعيم" "محمود اللوزي" الذي يكتشف موهبة وقدرات "يوسف" في الرسم، ومثل "ليلي" المعيدة الجميلة التي يحبها "يوسف" رغم علمه بأنها شخصية انتهازية صادقت دكاترة سابقين، وتحاول استغلاله لانجاز مشروعها للماجستير، تتعقد العلاقات وترسم لوحة مأساوية لجيل لا يجد عزاءه لا في الدراسة ولا في الدين، جيل بلا أساتذة، جيل تحاصره التناقضات من كل جانب فتتحول الحياة بالنسبة له إلي لونين فقط هما الأبيض والأسود، ويتحول أفراده من النقيض إلي النقيض مثلما فعلت "إلهام" التي ارتدت النقاب بعد علاقة جسدية لم تكتمل مع "يوسف"، والسخرية واضحة، بالطبع بأن يكون سلوك من يتعلمون الرسم بكل الألوان الطبيعية بهذا الانتقال الحاد بين لونين فقط هما الأبيض والأسود.

كل هذه المعاني ذكية وجريئة فالجسد العاري كشف عن نفوس عارية وضعيفة، والفن أصبح ضحية بين عقول مغلقة تقوم بتحريمه وشخصيات خارج الزمن تقوم بالتجارة فيه، بل أن "عزيز" يقول لطلبته "ماجدوي أن نعلمكم الفن لتخرجوا إلي مجتمع محاصر بالقبح في كل مكان؟" رغم هذا الوعي الذي قدمت به الفكرة إلا أن ايقاع الفيلم ترهل تحت ضغط الحوارات الطويلة المباشرة التي بدت أحيانا كما لو أنها صوت المؤلف لا صوت الشخصيات. حتي "يوسف" الذي بدا شخصية ضعيفة وخائفة ومشوشة يلقي فجأة محاضرة علي "إلهام" التي اكتشفت أن الفن حرام، ويقدم "علي" مونولوجا طويلاً يصف فيه حياته الفارغة فترد عليه "هدي" بمونولوج تحليلي أطول، وتطول حكاية "يوسف" مع "ليلي" مدًا وجذرًا فلا نعرف هل هي عاشقة أم انتهازية، ورغم المونولوج الذي يلقيه يوسف أمام لجنة تحكيم عمله الفني والذي يدل علي أنه اهتدي إلي الطريق بعد المتاهة إلا أن مشهد النهاية يعيدنا إلي التشوش من جديد عندما يظهر "يوسف" وسط نافورة النيل وبجانبه أشباحه التي يفترض أنه تخلص منها، وفي السماء طائر وحيد يحلق بينما النيل مازال يجري، الحقيقة أنني لم اقتنع أبدا بأن شاباً مثل "يوسف" بحيرته وقلقه وهواجسه الدينية يمكن أن يقول كلامًا عميقًا وجميلاً مثل الذي سمعناه أمام اللوحة التي رسمها، لا يتسق هذا مع المقدمات ولا يتسق أيضًا مع حيرة جيل بأكمله لا يمكن أن يحلها إنجاب طفل كما حدث بسذاجة مع "علي"، أو رسم لوحة هائلة تقرظها لجنة التحكيم كما حدث مع "يوسف". مشكلة بالألوان الطبيعية الأساسية تكمن في أن صناعه رسموا لوحة لجيل وزمن مضطرب لا يمكن أن يفرز إنسانًا سويا أو فنانًا حقيقيا، ولكنهم أصروا علي إغلاق الأقواس والانتهاء من لوحة لا يمكن بالقطع أن تكتمل، لم يفطن "هاني فوزي" و"أسامة فوزي" رغم موهبتهما - التي لاشك فيها - إلي أن عبقرية الفكرة في الإحساس بأزمة جيل ومجتمع وليس في إنهاء الأزمة بالتخرج، اختلَّت الصورة في النهاية رغم البدايات الصادقة والساخرة، كان الفيلم محتاجا إلي تكثيف لمشاهد طويلة، وإلي أن تتحدث الشخصيات بلسانها لا بلسان مؤلفها، ورغم الجهد الكبير المبذول من الممثلين الجدد إلا أن مشاهد كثيرة أفلتت منهم خاصة عندما يستلزم الانفعال ارتفاع الصوت، "كريم قاسم" وقع في هذا الخطأ رغم أنه كان أفضل حالاً في مشاهد الفيلم الأخيرة، ربما كان الأفضل الجيل الأكبر سنا مثل "سعيد صالح" و"انتصار" و"حسن كامي" و"محمود اللوزي"، علي مستوي الصورة كانت هناك مشاهد كثيرة مستقلة ومميزة أهمها مشهد حوار "يوسف" مع السماء الملبدة بالغيوم أمام البحر، ولكن من الصعب أن تقول إن رحلة "يوسف" تظهر أشباحه الداخلية من بداية الفيلم لآخره وجدت معادلا في الصورة واللون علي مدار الحكاية بأكملها.. افتقدنا عموما هذه الوحدة التي تترجم تجربة هائلة تتم في داخل النفس مثلما تحدث في قاعات كلية الفنون الجميلة!

 

وطــلاب الفنون الجميلة يطالبون بمقاطعـة الفيلم

كتب غادة طلعت

أنشأ عدد من طلاب كلية الفنون الجميلة جروب علي الفيس بوك بعنوان "طلاب الفنون يعارضون فيلم "بالألوان الطبيعية" أعضاء الجروب أعلنوا غضبهم من الصورة السيئة التي قدمها المخرج أسامة فوزي عنهم موضحين أن ما شهدته أحداث الفيلم ليس له علاقة بالواقع خاصة أنه صور أن فن الرسم يعاقب عليه الله ويعترض عليه رجال الدين وهذا ليس حقيقياً وسجل بعض الأعضاء اعتراضهم علي تصوير الطلاب علي أن حياتهم تافهة جداً ومليئة بالتجاوزات اللاأخلاقية وهذا ما جعل بعض الطلاب يطالب بمنع هذه المهزلة كما اعترض بعض الأعضاء علي برومو الفيلم وأكدوا أنه يخدش الحياء ولا يعبر بشكل حقيقي عما يدور في كلية الفنون كما يدعو الجروب لمقاطعة الفيلم.  

"بالألوان الطبيعية" بطولة يسرا اللوزي وفرح يوسف وكريم قاسم وإخراج أسامة فوزي.

روز اليوسف اليومية في

27/12/2009

 

المخرج الأمريكي"مارتن سكورسيزي":

أريد معرفة المزيد عن السينما المصرية.. ورجل الدين جعلني مخرجاً

كتب نسرين الزيات 

للمرة الاولي، زار المخرج الامريكي الشهير "مارتن سكورسيزي" مكتبة الاسكندرية - مساء الاربعاء الماضي- وجاء ذلك ضمن زيارته الي مصر مع زوجته وابنته الصغري، ورغبته في قضاء عيد الكريسماس وليلة رأس السنة في عدة مدن مثل الاسكندرية والاقصر واسوان.. وكان "اسماعيل سراج الدين" رئيس مكتبة الاسكندية، قد قام بدعوة "سكورسيزي" لزيارة المكتبة وإلقاء محاضرة فيها للمتخصصين والمهتمين بالسينما، لكن "سكورسيزي" رفض ذلك، واشترط ان تتم محاورته أمام الجمهور، وعدم اجراء أي لقاءات صحفية.. وهو ما جعل "اسماعيل سراج الدين" يقوم بمحاورته من خلال مجموعة من الاسئلة، التي تم اعدادها مسبقًا، حيث بات الحوار محبطا للعشرات ممن حضروا الحوار الذي نقله العديد من القنوات الفضائية، فقد بدأ الحديث عن نشأته وبدايته في الحقل السينمائي، وكيف أن نشأته الدينية ساهمت بشكل كبير في تشكيل وعيه السينمائي، وان علاقته بالقس او رجل الدين المسيحي كانت مصدر الهامه، حيث تحول شغفه بالدين الي السينما في أواخر الخمسينيات، وان الصدفة هي وحدها التي جعلت منه مخرجا سينمائيا، وربما ـ ردا علي الاسئلة- بمثابة سرد حكايات عن افلامه.. وقال ان فيلمه "سائق التاكسي" لم يتوقع ابدا- ان يلاقي قبولا لدي الجمهور، وان ميزانيته تكلفت ما يقرب من مليون دولار فقط.. واوضح "سكورسيزي" ان ابنته ذات العشرة اعوام لم تشاهد افلامه الاولي مثل سائق التاكسي والثور الهائج وعصابات نيويورك.

وقد حرص "سراج الدين" علي ان يقدم بتقديم "سكورسيزي" باعتباره مؤرخا سينمائيا، قبل ان يكون منتجا ومؤلفا وممثلا ومخرجا، اضافة الي انه صاحب مؤسسة سينما العالم، التي تهدف الي ترميم كلاسيكيات السينما العالمية، كان فيلم "المومياء" للراحل "شادي عبد السلام" من اوائل الافلام التي اعاد ترميمها وعرض في الدورة الماضية من مهرجان "كان" السينمائي الدولي.. الغريب ان الاسئلة التي وجهت الي "سكورسيزي" من جانب ـ رئيس المكتبة- خلت تماما من الدقة في الحديدث عن تجربته في ترميم فيلم "لمومياء" باعتباره واحدا من اهم الافلام المصرية والعالمية، لكن "سكورسيزي" علق علي احد الاسئلة التي وجهت اليه من الحاضرين بشأن علاقته بالسينما المصرية، موضحاً رغبته الشديدة في معرفة المزيد عن السينما المصرية ومخرجيها الشباب.

والمعروف ان "مارتن سكورسيزي" يعتبر واحدا من اهم مخرجي السينما في العالم، والذي ساهم في تشكيل وتغيير السينما في العالم، وحاصل علي العديد من الجوائز اهمها جائزة أفضل مخرج في مهرجان الأوسكار عن فيلم "المغادرون"، وقد ترشح لهذه الجائزة خمس مرات.. وقد تعاون مع الممثل روبرت دي نيرو في عدة أفلام منها "taxi driver" سائق التاكسي، الذي حصل به علي جائزة السعفة الذهبية في مهرجان "كان" السينمائي عام 1976 وفيلم "الثور الهائج" الذي حصل به الممثل روبرت دي نيرو علي جائزة الأوسكار لأفضل ممثل رئيسي، وفي عام 1988 قام بإخراج فيلم (الإغراء الأخير للسيد المسيح) الذي واجه الرفض والانتقاد الحاد من الفاتيكان وصل إلي المطالبة بطرد الفيلم من مهرجان "كان" 1988، وأيضا تعاون مع الممثل ليوناردو دي كابريو في ثلاثة أعمال وهي Gangs of New York (عصابات نيويورك) عام 2002 وفيلم "الطيار" عام 2004 الذي ترشح به دي كابريو لجائزة أفضل ممثل رئيسي في مهرجان الأوسكار .

روز اليوسف اليومية في

27/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)