حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

 «أسود وحِملان»:

مصداقيّـة أمريكا على المِحكّ سينمائيّـاً

هيثم حسين

تشكّل السياسات التي تنتهجها الولايات المتّحدة الأمريكيّة، والحروب التي تخوضها، أرضيّة خصبة للسينمائيّين الذين ينهلون منها الكثيرَ من أعمالهم السينمائيّة التي تعالج جوانب معيّنة منها، تتأرجح تلك الأعمال بين مؤيّد ومعارض، ولا نعدم وجود مستعرض غير فارضٍ رأياً بعينه، بل يورد مختلف الآراء على تباينها، ويعرض وجهات النظر المتعدّدة إزاء الموضوع المُناقَش، أي يترك النطق بالحكم للمشاهدين، مع عدم إغفال تغليب فكرة على أخرى، سواء من خلال التركيز عليها، عبر عرضها بأكثر من صيغة، وتخصيص أكثر من مشهد لتدعيمها وتقويتها، يكفل دفع المشاهد تلقاء إلى التعاطف معها أو تبنّيها.

وهذا بدوره يختلف من مشاهد إلى آخر، بحسب خلفيّته الثقافيّة والفكريّة، وبحسب موقفه ممّا يحدث، أي هناك نوع من الاحتكام للمشاهد.. وهذا النوع من الأفلام إشكاليّ، يُقابَل بتوجّس معظم الأطراف التي لا تجد تغليباً لفكرها على الأفكار المناهضة لها.. كالفيلم الأمريكيّ «أسود وحملان» للمخرج والممثّل روبرت ردفورد الذي تبدّت مواقفه وأفكاره في بعضٍ من الأفلام التي قام ببطولتها، منها مثلاً دوره كمدافع عن السكان الأصليّين في فيلم «جريمايا جونسون»«1972»، ثمّ دور الصحافيّ بوب وودوارد في فيلم «كل رجال الرئيس» «1976» عن فضيحة ووترجيت التي هزّت مؤسّسة الرئاسة الأمريكيّة في السبعينيّات من القرن المنصرم..

يستوحي الفيلم عنوانه من مقولة لجنرال ألمانيّ كتب عن شجاعة الجنود الإنكليز في الحرب العالميّة الأولى: «لم أرَ في أيّ مكانٍ هكذا أسود بقيادة هكذا حِملان»، وهو يسقط هذه المقولة على الجنود الأمريكيّين المؤمنين بقيم دولتهم، حيث يقعون في فخّ التضليل والمخادعة من قبل رؤسائهم، كما أنّ العنوان يعبّر عن انقسام الإدارة الأمريكيّة إلى صقور وحمائم، بعضهم يخضع لابتزاز العسكريّين والسياسيّين المدفوعين بدوافع الاقتصاد والمتستّرين بشعارات الإرهاب وحقوق الإنسان، وبعضهم الآخر يسعى إلى البحث عن الحلول والبدائل الأخرى، غير العسكريّة، لينتهجها..  

يتطرّق الفيلم إلى الحرب الأمريكيّة المعلنة على «الإرهاب»، وهو من بطولة «توم كروز، ميريل ستريب، روبرت ردفورد»، يؤدّي توم كروز دور سيناتور أمريكيّ لامع يدعم المؤسّسة الحاكمة في حربها ضد «الإرهاب». تقوم الممثّلة ميريل ستريب بدور صحافيّة لها باعها الطويل في الصحافة، كما يقوم ردفورد بدور أستاذ جامعيّ مناهض لسياسات الإدارة الأمريكيّة إزاء ما يجري في العالم. ينقسم الفيلم إلى ثلاثة محاور متّصلة منفصلة: الأوّل مقابلة طويلة يمنحها السيناتور للصحافيّة لكي يعلن لها الخطّة الأمريكية الجديدة التي بدأ تطبيقها منذ عشر دقائق فقط في أفغانستان، وتتلخّص في إرسال وحدات عسكريّة صغيرة إلى مواقع جبلية لاستعادة السيطرة عليها من بين أيدي مقاتلي طاليبان. الثاني مناقشة تدور بين البروفيسور ردفورد وطالب شابٍّ، متفوّق لكنّه لا يبالي بالشؤون العامّة، الأستاذ يسعى لإقناعه بضرورة القيام بدور مؤثّر في المجتمع، والطالب يقاوم الفكرة بشدّة ملوّحاً بالمصير الغامض لزميليه اللذين ذهبا إلى أفغانستان. أمّا المحور الثالث يتلخّص في عرض وقائع معركة حقيقيّة تدور في جبال أفغانستان، بين الطالبَين المتطوّعين في الجيش اللذين ألقي بهما من إحدى المروحيّات في موقع جبليّ، والعشرات من مقاتلي طاليبان الذين يحاصرون الجنديّين. 

يسير الفيلم وفق خطوط متوازية، تتقاطع فيما بينها من خلال الأحاديث الدائرة، يؤدّي فيها كلّ نقاش إلى الآخر، يؤثّر ويتأثّر به، ذلك عبر الشخصيّات التي تتناقض في طروحاتها، في ثنائيّات متقابلة، تتكامل المشاهد فيما بينها، من دون أن يكون هناك إقصاء أو تهميش، لتكون الصور المقدَّمة معبّرة عن واقع حال الانقسام الحادّ في المجتمع الأمريكيّ تجاه سياسات حكومته. وذلك عبر ساعة من الزمن، مع تداعيات الذاكرة، وتوارد بعض الذكريات والخواطر والمواقف، وفي ثلاثة أمكنة مختلفة، مع اختلاف في التوقيت: «واشنطن، العاشرة صباحاً بتوقيت شرق أمريكا. جامعة كاليفورنيا، السابعة صباحاً بتوقيت المحيط الهادئ. أفغانستان، الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلّي». وعبر شخصيّات منها: السيناتور المتباهي الطموح، الذي يشكّل مستقبل حزبه، حيث يعلّق في غرفته صوره مع الزعماء الأمريكيّين، كما يعلّق بعض المقولات التي يؤمن بها، ويرفعها كشعار يسعى إلى تمثّله، كمقولة روزفيلت: «إذا كان عليّ أن أختار بين الأحقّيّة والسلام أختار الأحقّيّة». كما أنّ هناك الصحافيّة المتشكّكة، والأستاذ الجامعيّ الساخط المعرّي للأخطاء والجرائم التي ترتكب، والشابّ اللامبالي الساخر المتواكل الراغب عن المشاركة في كلّ ما يتّصل بالشأن العامّ، حيث يقدّم كمستقبل موازٍ محاذٍ للسيناتور، إضافة إلى القادة العسكريّين المغرورين، والجنود الواهمين.

يقدّم الفيلم الانقسام الذي يسِم المجتمع الأمريكيّ بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، حيث رفعت الإدارة الأمريكيّة شعار: «مَن ليس معنا فهو ضدّنا»، وزعمت أنّها قد باشرت بمحاربة الإرهاب في منابعه ومكامنه ومَظانّه كلّها، مبرّرة لنفسها غزو الآخرين، بل ومهدّدة كلّ مَن قد يقف في طريقها، متّهمة إيّاه بدعم ومساندة الإرهاب، لتكون الذريعة الجوكريّة المُشهرة للتدخّل حيثما تدفعها أطماعها. وما دفعها بالضبط إلى الخروج على إجماع حلفائها في حلف شمال الأطلسيّ «الناتو»، آخذة على عاتقها الحرب منفردة، مُجبرة الآخرين على السير في ركبها، كونها سيّدة العالم الجديد، التي أعلنت فيه بداية تاريخ جديد. نجد أنّ السيناتور يكون معبّراً عن السياسات الأمريكيّة، إذ يزعم أنّه بصدد تطبيق استراتيجيّة جديدة ستكفل لهم النجاح، يغلّف استراتيجيّته بغلافٍ أخلاقيّ، وعندما تشكّك الصحافيّة بذلك قائلة له إنّه يتاجر بالخوف عند مبالغته في الأخطار المحدقة بالولايات المتّحدة، سواء كانت من طاليبان أو القاعدة أو إيران، فيردّ عليها بأنّ عملها الصحافيّ يتحمّل ترَف هذا الرأي. ثمّ يقرّ بارتكاب بعض الأخطاء التي أدّت إلى نتائج كارثيّة، ولا ينسى تحميل الصحافة جانباً من تلك الأخطاء، عندما بدأت بالتشهير بها، كما يشخّص أسباب الفشل بـ: «أسوأ مخابرات في تاريخنا، صانعي القرار الذين لم ينزفوا في معركة، علاقات عامّة سيّئة أوصلتهم إلى ذروة الفضائح «أبو غريب»، كانت هذه جائزتكم الكبرى». نجده يطالب الصحافيّة بالإقرار بالأخطاء التي ارتكبتها المؤسّسة الإعلاميّة التي ساعدت في بيع الحرب، لتساهم في بيع الحلّ وترويجه. فتقول له إنّ الحرب العالميّة الثانية استغرقت خمس سنوات. مشيرة إلى السنوات الطويلة التي يزعم فيها بمحاربة الإرهاب، حيث تُستنزف فيها الطاقات والقدرات. كما نجد تبريراً مبنيّاً على قاعدة التصفية والإبادة والعنف، وذلك عندما يُرجع السيناتور أسباب عدم استمرار الحضارات باللاعنف، وكأنّ العنف هو الوسيلة الوحيدة التي تبقى فيها الحضارات/ المدنيّات، قائمة ومستمرّة في المحافظة على مكتسباتها، ذلك أنّ واجبها التطوير من إمكانيّاتها للبحث عن نقاط ومناطق تكفل لها ذلك، مع الحيطة أن تتحوّل تلك المناطق إلى بؤر مضادّة تنزع عليها هناءتها وحضارتها المزعومة. لتردّ عليه الصحافيّة بسخرية لاذعة مبطّنة معقّبة على الخطّة التي يضعها السيناتور ويتشدّق بها بأنّها أقوال ومزاعم رجل يجلس في غرفة مكيّفة.. ليردّ بأنّهم يحاربون نوعاً من الشرّ يعتقد أنّ التقدّم البشريّ هو بدعة عقابها الموت العنيف.

تنتقل الكاميرا من مشهد المكتب الفاخر الوثير للسيناتور إلى مشهد منازعة الجنديّين العالقين في الثلج والمقبلين على الموت، أي من واضع الخطط والاستراتيجيّات إلى ضحاياها، ثمّ إلى مشهد الجامعة.. وبالموازاة من سجال السيناتور والصحافيّة، يكون هناك سجال مختلف عنيف في جامعة كاليفورنيا، بين الأستاذ والطالب، يحاول الأستاذ إقناع طالبه بوجهات نظره، ليعيد إليه بعض الالتزام والمسؤوليّة، حيث أدبر عن إيلاء الاهتمام للقضايا المصيريّة، ما أطلق يد الساسة ليتحكّموا بالمصائر من دون رقابة أو محاسبة.. يجادله الشابّ في الأسباب التي تدعوه إلى ذلك، ويكاد أن يقنع أستاذه بمنطقه اللامسؤول واللامبالي.. لكنّ الأستاذ يكون متسلّحاً بالتجارب والوقائع والحجج التي يحاول من خلالها استفزاز الشابّ لإعادته إلى الصواب. من وجهة نظره. كما يكون هناك قتال دمويّ دائر بين الجنديّين الأمريكيّين اللذين وقعا في منطقة خارجة عن سيطرة الجيش الأمريكيّ، وقوّات طاليبان، بعدما لاذت المروحيّة التي كانت تقلّهما بالفرار إثر تعرّضها لضربات أنهكتها، وبعدما وقعت في شباك فخّ منصوب لها.. تنفد ذخيرتهما في قتالهما ضدّ طاليبان، يقنطان من وصل الإنقاذ، يخشيان من الوقع في الأسر عند عناصر طاليبان، يرفضان الموت مستلقين، حيث يقفان ليقاوما، شامخين، يعبّران عن أنفتهما، وعن ولائهما لأمريكا، التي قصرت عن إنقاذهما، حيث أحدهما أفريقيّ والآخر مكسيكيّ.. وهذا يفضح مزاعم أمريكا حول استماتتها من أجل إنقاذ جنودها..  

تستحضر لعبة عرض الأفكار والآراء بغية الإقناع أو الإقناع المضادّ، أحدهما لتسييد وجهة نظره، والآخر إعادته إلى الحياة، والثالث لبثّ رغبة التجديد والبحث عن سبل جديدة في روحه..

في النهاية تتردّد الصحافيّة في كتابة القصّة التي رواها لها السيناتور، في مشهد يصوّر شواهد القبور الكثيرة، حيث ذهب الراقدون فيها ضحايا قصص ملفّقة مضلّلة، لكن يبدو أنّها تقع في هوّة الواقع، حيث ظروف العمل، والمعيشة، تفرض عليها عرض الحوار الذي أجرته، إذ يعرض الشريط الإخباريّ أقوال السيناتور حول الخطّة الجديدة التي تستهدف السيطرة على المرتفعات الأفغانيّة، حيث يتابع الشابّ «تود» الخبر، يقرؤه، يتمعّن في فحواه، تكتسي ملامحه بعض الجدّيّة رويداً رويداً، كأنّه قد انتوى أمراً خطيراً أو بيّت قراراً مصيريّاً. أي ربّما يقرّر أن يفعل شيئاً ما، باعتباره ركيزة المستقبل، والذي يفترض به أن يأخذ على عاتقه تعرية سياسات التضليل الممارسة، ويفضح السبل التي يتّبعها الساسة للتغرير بالمواطنين. كما يحتمل المشهد جانباً آخر، وهو انسياق الشابّ خلف مزاعم السيناتور، ليبدأ بالتطوّع في الجيش، ويكون رقماً مضافاً إلى الأرقام العديدة التي ينطلي عليها التضليل، وتنخدع بالشعارات العريضة..

«أسود وحِملان»؛ فيلم إشكاليّ مُربك، يحتاج تأنّياً في المتابعة، يعرض وجوه أمريكا المتباينة، يفصح عن المسكوت عنه، يفضح السلوكيّات المخادعة، كما أنّه ينتصر لأمريكا في الوقت نفسه.. أي أنّه بالفعل حمّال المتناقضات تماماً.

الإتحاد العراقية في

20/12/2009

 

فيلم المصفي: تجربـــة ناحجــــة .. لمخــرج جديـــد

فلاح كامل العزاوي 

فيلم المصفي او المنظف هو اول فيلم للمخرج (بتر جان بروج)، والذي اخرجه في العام 2005 يعتبر تجربة ناجحة لمخرج جديد على السينما وعلى هوليوود والفيلم ذو ايقاع هادئ في بدايته ثم يبدأ سقوط هذا الايقاع تدريجيا الى شد وانتباه!!الفيلم يبدأ بصباح هادئ مطمئن في جو اسري يوحي بالاستقرار والامان سرعان مايدفع المشاهد الى توقع حدث ما!! ويفقد هذا الصباح طمأنينته ويسلب هذا الاستقرار عافيته ولم ينتظر المخرج (بروج) طويلا لكي يحقق هذا التوقع..

فبعد بداية تقليدية لصباح جميل في منزل يوحي بالثراء الفاحش والاستقرار العاطفي لاسرة ثرية مكونة من الأب والام وشابين هما ثمرة هذا الاستقرار ينطلق الأب متجها الى مكان عمله في سيارته الفارهة... ويأتي الحدث على حين غرة حينما يتوقف السيارة رجل مسلح يبدو مالوفا لسائقها، ويتضح الهدف من هذا الاعتراض المباغت هو تعرض الرجل الثري للأختطاف على يد موظف سابق كان يعمل في احدى مؤسساته..

بهذا الأسلوب المباشر يبدأ المخرج “بيتر بروج” تجربته الاخراجية الأولى في عرض فيلمه هذا الذي يأخذنا الى احداث الاثارة والاكشن.

فعملية الأختطاف واحتجاز المختطف كرهينة هي بحد ذاتها موقف يهدف للأثارة بلغة السينما لكنها جاءت هنا لتكشف هشاشة هذا الاستقرار الاسري والعاطفي الذي دام سنوات طويلة وكان مبنيا على الزيف وعدم القناعة..

وعلى الجانب الاخر يسلط الضوء على الظلم الذي قد يتعرض له بسطاء الناس بسبب جشع بعض الاثرياء..

وقد وقف المخرج في احداث التناغم المطلوب بين خطي الاحداث المتوازيين حيث كشف من خلال عملية الاختطاف وغياب الزوج عن المنزل عن مشاعر دفينة بقيت مخبأة لسنوات بين الزوج (روبرت ريدفورد) والزوجة (هيلين ميريت) فبعد هذه السنوات الطويلة من الزواج والنجاح المادي على الصعيدي الاعمال والكفاح المشترك الذي لم يرافقه نجاح عاطفي بالقدر نفسه الذي نجحا فيه في بناء امبراطورية مالية وأسرة تبدو في الظاهر انها سعيدة ومستقرة على الجهة الاخرى نرى الخاطف (وليم دافو) يعاني من حالات احباط قادته الى هذا التصرف الارعن والأهوج.

فحياته مع زوجة المحبطة والمتذمرة على الدوام جعلت الحياة غائمة امام عينيه وضبابية ولم يعد يدرك بوضوح ما الذي يجب فعله لأنقاذ نفسه وحياته الزوجية مما هي فيه، فجاء رد الفعل على هذا النحو الذي يشبه الاقدام على الانتحار، واعتمد المخرج في توضيح خلفيات هذه الشخصيات غير المتصالحة مع نفسها من خلال حوار عميق ومتقن وفق سيناريو اعده بالتعاون مع الروائي البريطاني (جوستن هيت)، واتضح ان لديهما مقدرة كبيرة على صنع فيلم اكشن مثير الا انهما لم يرغبان بذلك، وفضل كلاهما الايقاع الهادئ دون رتابة مملة كاسلوب يوصلهما الى نهاية ليست كتلك التي عودتنا عليها افلام هوليوود.

المخرج “بروج” الذي عمل كمنتج متميز منذ مطلع التسعينيات لعدد من الافلام الناجحة مثل (مقولة طائر البجع) (هيت او انسايدر) يخوض تجربته الاخراجية الاولى في هذا الفيلم مغامرا على اكثر من صعيد، اولا ابتعاده عن تقليدية افلام الاكشن مع ان قصة الفيلم توفر ارضية خصبة لذلك، وثانيا الأعتماد في التمويل لفيلمه على شركة من خارج هوليوود، وهذا ما صنف فيلمه في قائمة الافلام المستقلة، واذا كان المخرج قد وفق في مغامرته الاخراجية الاولى لكن فيلمه لم يكن موفقا جماهيريا... فقد تم عرض الفيلم في عدد محدود من دور السينما في الولايات المتحدة الامريكية دون رعاية تذكر كتلك التي ترافق عادة الافلام شركات هوليوود.

فكان اداؤه على الصعيد الجماهيري ضعيفا جدا، اذ رفع من دور العرض السينمائي في امريكا بعد اقل من (15) اسبوعا باجمالي ارادات لم تتجاوز الستة ملايين دولار وهو رقم ضئيل لفيلم يلعب بطولته اثنان من كبار نجوم السينما الامريكية وهم : روبرت ريدفورد ووليم دافو ... اضافة الى النجمة هيلين ميريت ربما سوء اختيار توقيت الفيلم في طرحه على دور العرض فلذلك لم يخدمه جماهيريا بالقدر الكافي .. حيث تم عرضه تجاربا في فصل الصيف الذي يشهد عادة منافسة قوية بين الافلام وتحرص كبريات شركات الانتاج والتوزيع على عرض افلامها القوية في موسم الصيف بالذات الذي يشكل مهرجانا مفتوحا للأفلام ذات الميزانيات الضخمة والتي تستقطب عادة الغالبية العظمى من رواد السينما وعشاق الفن السابع.

ومع ان الفيلم لم ينجح جماهيريا بالقدر الكافي الا انه يبشر بميلاد مخرج متمكن من حرفته ولديه رؤية سينمائية مختلفة قد تعيد التوازن الى السينما الامريكية بعد ان طغت فيها افلام العنف والرعب والخيال العلمي التدميري والكارثي على غالبية انتاج هوليوود.

بالنسبة لنجوم الفيلم فقد اتقن كل منهم دوره فروبرت ردفورد لعب دور الازوج الذي تعرض للاختطاف وكان ادائه الهادئ والرزين اثر بالغ في اكتساب الشخصيته ابعادا جمالية وهو المعروف بأتقانه لأي دور يكلف بادائه اما الممثل (وليم دافو) فلعب دور الخاطف المحبط وتعتبر هذه الادوار هي الاكثر ملائمة لمواصفاته البدنية وملامح وجه التي تجمع بين الاضطراب  والقسوة.

ورغم انه كان يمثل بطلا مساعدا في معظم افلامه الا انه كثيرا ما يسرق الاضواء من البطل الرئيس لبراعته في الاداء والاضافات التي تجعل من الشخصية (مهما كان صغر حجمها) شخصية محورية.

اما الممثلة هيلين ميريت، ربما سيكون هذا الدور من اكثر الادوار ملائمة لها (وهي بعده مثلت واجادة بدور الملكة اليزابيث ملكة بريطانيا) فهي باعتبارها نجمة مسريحة اكثر منها نجمة سينمائية فقد اعتادت على الادوار التي تتطلب منها تقديم فيض من المشاعر وقد ابدعت في تجسيد مشاعر القلق حين علمت باختطاف زوجها لا خوفا عليه قدر خوفها على كشف ما حرصت على اخفائه طوال حياتها معه.

الفيلم يحمل لغة سينمائية عالية وهو فعلا فيلم وتجربة ناجحة لمخرج جديد.

الإتحاد العراقية في

20/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)