حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

لبنان احتفى به ومهرجان بيروت منحه جائزة افضل فيلم 'امريكا' لشيرين دعيبس:

الحلم الذي يتحول الى كابوس

زهرة مرعي/ بيروت

إحتفت بيروت بفيلم المخرجة الفلسطينية الشابة شيرين دعيبس ومنحته في مهرجان بيروت الدولي السينمائي جائزة أفضل فيلم بتصويت الجمهور، وجائزة أفضل إخراج. وبعد المهرجان الذي عقد في تشرين الاول/أكتوبر الماضي والفيلم يعمل في صالة ميتروبوليس في الأشرفية، كما يعمل في العديد من الدول العربية والغربية مثل كندا،الأردن، مصر، الخليج، اليونان، إسبانيا، سويسرا، البرازيل،والمكسيك، الأرجنتين وسنغافورة. وقد سبق للفيلم أن عرض قبل أكثر من سنة من الآن في كل من الولايات المتحدة، فرنسا وبلجيكا.

'أمريكا' فيلم روائي طويل سيناريو وحوار وإخراج شيرين دعيبس المولودة في الولايات المتحدة الأمريكية والمتحدرة من والدين فلسطينيين والتي زارت فلسطين لأول مرة في عمر الثماني سنوات. شريط سينمائي إنساني جداً يظهر مصاعب الإقتلاع من الوطن، ويضيف إليها تلك العدائية الأمريكية التي برزت ضد العرب والمسلمين بعد تفجيرات 11 ايلول/سبتمبر وبعد إحتلال العراق من قبل الأمريكيين. الشريط يبدأ مع عائلة فلسطينية مسيحية تعيش في رام الله وتحصل على الهجرة للولايات المتحدة وهناك تعيش الأم وإبنها الأثار المدمرة لممارسات الأمريكي ضد العربي والذي حصره في نمطية واحدة فقط لا غير. أي إنه إرهابي ومستعد في كل لحظة لتفجير نفسه.

في فيلم 'أمريكا' تبرز قدرة السينما على قول القصص والحكايات بشفافيتها، بواقعيتها، وتصلنا في لحظة ملامسة القلب والإحساس والوجدان، لشدة إنغماسها في اللحظة الإنسانية. يبدأ الشريط بإظهار أم فلسطينية تعتني بإبنها بعد طلاقها، وتتابع عملها في أحد مصارف بيت لحم. تعاني كما غيرها على الحواجز الصهيونية المنتشرة في الضفة. وفي غفلة من الزمن يأتيها جواب الموافقة على منحها الهجرة إلى الولايات المتحدة بعد أن كانت قد نسيت أنها تقدمت بالطلب خلال زواجها. تقرر الهجرة لأجل وحيدها ومستقبله كما تقول.

الحوار بين الأم والإبن يظهر أن الإقتلاع عند الأولى ليس بالسهولة التي يتصورها الإبن. هي تقول له: 'مش بسهولة بيضب الإنسان غراضوا وبيرحل ع بلد تاني يعيش فيه كأنه زائر'. أما حجة الإبن للهجرة: 'مش أحسن ما نعيش مساجين في بلدنا'؟ حوار يسلط الضوء على عدم طمأنينة الجيل الأول للهجرة، وعلى رغبة الجيل الثاني بها لأنها الحلم الموعود خاصة في الولايات المتحدة. هو الحلم الذي يخلص جيل المراهقين والشبان من ذلك القهر الإجتماعي والأمني والمعنوي الموجود في رام الله نتيجة الإحتلال. وبالطبع الأمر والحلم غير معمم.

شخصية الأم تبدو مكافحة ومواجهة لكل المصاعب. إنها منى فرح التي تؤديها الممثلة نسرين فاعور والتي تقرر أن تبدأ حياتها من جديد في ولاية إيلينوي حيث شقيقتها رغدة التي تؤديها الممثلة نسرين عباس. فرغدة في أميركا منذ 11 سنة متزوجة من الطبيب نبيل الذي يؤدي دوره الممثل يوسف أبو وردة. مصاعب الهجرة تبدأها منى منذ لحظة دخولها إلى 'الحلم الأمريكي' فهي تتعرض لأشنع أنواع التفتيش والأسئلة، بما فيها التفتيش بواسطة الكلاب البوليسية. وفي منزل شقيقتها تكتشف أنها ستصبح عبئاً إقتصادياً على العائلة بعد تراجع دخل صهرها نتيجة إنفكاك المرضى عنه بالتدريج لأنه عربي. لا تترك منى مكاناً لا تبحث فيه عن عمل. فهي أتت إلى الولايات المتحدة محصنة بخبرة 10سنوات عمل في مصرف في رام الله. كل المصارف تقفل في وجهها. عندها تتأكد من أن التنازلات الصعبة ضرورية للغاية كي تستمر الحياة بمتطلباتها العادية. وهكذا تقرر العمل في أحد المطاعم مخفية الأمر عن عائلتها. لكن مسار الأحداث والضغوطات التي تواجهها العائلة مع مراهقيها 'إبن منى وبنات راغدة الثلاث' الذين يخوضون بشكل يومي حرباً مع الأمريكيين الذين يجدون فيهم مشروع تفجير جاهز للضغط على الزر. فادي أبن منى الباحث عن الحلم الأمريكي يجده يومياً في تلك المواجهة الجسدية مع رفاق صفه. هو مصر على حقه في الحياة كإنسان، وأترابه مصرون على وصفه بالمسلم الإرهابي.

وسط هذه المواجهات اليومية مع منى وفادي يزداد التمسك بالجذور. فهما يعيشان ما يطلقان عليه 'Home Sick'. وترى منى وشقيقتها راغدة رغم طول سنوات هجرتها شبيهة بالشجرة المقطوعة من جذورها. ووسط هذا العالم العاطفي والنفسي الذي يعيشه كبار الأسرة لا تخلو أجواء الشريط السينمائي الجميل من روح السخرية والنكتة. وفي الوقت نفسه تعمل منى جاهدة وبإصرار على تثبيت ثقة إبنها بذاته وسط كل التداعيات التي يعيشها خاصة بعد إحتلال العراق.

صحيح أن شيرين دعيبس قدمت فيلماً سبق وتمت معالجة فكرته ربما مئات المرات، ومع ذلك بدت فيه مختلفة ومتجددة بتلك الروح التي منحتها لأفكارها ولحركة ممثليها. كانت مخرجة حقيقة قالت الأمور بمسمياتها الطبيعية. فهي كما وجدت الأمريكي الذي يتهم فادي بأنه مشروع جاهز لتفجير مدرسته، وجدت الأمريكي المتعاطف مع الأسرة العربية. وقد قدمته في سياق طبيعي بعيد كل البعد عن التملق. قدمت المجتمع الذي ولدت ونشأت فيه تماماً كما هو، فيه العنصري، والمتعاون والصديق، وكذلك في الإنسان اليهودي المختلف تماماً عن اليهودي الذي يحتل فلسطين.

ناس الفيلم الذين إختارتهم شيرين دعيبس شكلوا جميعهم حركة واقعية، عادية وبسيطة وبعيدة عن التكلف. منى فرح أي نسرين فاعور مثلت في الوقت نفسه مزيجاً متنوعاً من الإنفعالات البشرية والأحاسيس الإنسانية. وجميعها أجادتها بقوة وإقناع. هي الشخصية التي حركت فيلم 'أمريكا' مظهرة لنا قهرها وشجاعتها وطرافتها في آن واحد. كانت المثال للمرأة التي تسعى بكل قدراتها للتغلب على قساوة الهجرة المادية والنفسية والمعنوية. كذلك كانت الممثلة هيام عباس مقنعة جداً في دور راغدة. منى وراغدة كانتا معاً الشخصيتين الفخورتين بجذورهما. الشخصيتان المصرّتان على الإعتزاز بثقافتهما وجذورهما، وهما كانتا دائمتا الحضور في هذا الشريط ومثلتا عصبه.

نجحت شيرين دعيبس في إيصال فكرتها لنا. ونجحت في تركنا نعيش لحوالي الساعة والنصف ضمن أجواء الإقتلاع والمواجهات اليومية للإنسان العربي وللفلسطيني بشكل خاص. شيرين حولت أحداثا عاشتها فعلاً في الولايات المتحدة هي وأسرتها إلى فيلم موضوعي يعرض في شتى أنحاء العالم.

القدس العربي في

03/12/2009

 

من خلف كواليس مهرجان تورونتو السينمائي:

كيف تصدى الفنانون الغربيون لحملة دعاية لاسرائيل

حسام عاصي/ تورونتو 

مهرجان تورونتو للأفلام أصبح في الآونة الاخيرة حدث مهم للسينمائيــــين ينافس مهرجانا فينيسيا وكان بالأهمية، خلال عشرة أيام من هذه السنة قام بعرض 335 فيلما من سبعين دولة مختلفة، وشمل المدينة بالكامل وجمع هواة الأفلام في منطقةً مخصصة لهم في الساحة الرئيسية للمدينة، لمشاهدة الأفلام والعروض الغنائية المجانيه، حيث جذب أكثر من 1000 صحافي، وتضمن بثا مباشرا لأحداث البساط الأحمر.

وبينما كان نجوم هوليوود ينقرون الخطى على البساط الأحمر، وكانت الشمـــــبانيا تسكب في الحفلات الساحرة وعقود أفــلام تناقش في أجنحة الفنادق، عنون الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني الأخبار الرئيسية للمهرجان. فإختيار المهرجان في برنامجه 'تسليط الضوء من مدينة إلى مدينة' التركيز على مدينة تل- ابيب والاحتفال بتراثها وأفلام السينمائيين الإسرائيليين أغضب الكثير من أنصار الفلسطينيين من السينمائيين.

فقد تقدم السينمائي الكندي جون جريسون الاحتجاجات بسحب فيلمه الوثائقي القصير من المهرجان والدعوى بأن احتفال المهرجان بالسينما الإسرائيلية هو مجرد دعم لحملة 'شعار إسرائيل' التي بدأتها الدولة العبرية بعد حرب غزة لتحسين صورتها في العالم التي إهتزت وتضررت بشكل كبير بسبب توسيع المستوطنات التي ما زالت تلتهم ما تبقى من فتات ارض فلسطينيه ومجزرة غزة التي ما زال الفلسطينيون يئنون تحت وطأة أوزارها.

سأل جريسون عن الشكوى التي قدمها للمهرجان إذا كان 'الاحتفال بمدينة تل- أبيب في مثل هذا الوقت 'منسجما مع الاحتفال بحافلات مونتغومري سنة 1963، أو عنب كاليفورنيا في 1969 أو النبيذ التشيلي في 1973، أو فاكهة جنوب أفريقيا في 1991؟'.

عريضة عنوانها: 'بيان تورونتو لا احتفال بالاحتلال' تبعت إعتراض جريسون. وقد تم توقيعها من قبل أكثر من خمسين من المشاهير، من بينهم جين فوندا، هاري بيلفونت، جولي كريستي، داني جلوفير، فيجو مورتينسون، والموسيقي دافيد بيرن وصانع الأفلام البريطاني كين لوش. حيث تتهم المهرجان بأنه رهن في محاولة الحكومة الإسرائيلية تحسين صورتها العامة في الخارج.

وقد قام أنصار إسرائيل بالإسراع في الرد الهجومي على العريضة وطلب اجتماع صحافي فوري وجلب الحاخام مارفين هــــاير، المؤسس لمركز سايمون وايزنثـــال من مدينة لوس أنجيليس. وأيضا كتب الممثل جون فويت الذي مثل مع جين فوندا في فيلم ضد حرب فيتنام عام 1978 يدعى 'العودة إلى الوطن' رسالة حادة اللهجة يتهمها 'بمساندة الجهة الخاطئة'، وأضاف أن الأشخاص مثل جين فوندا وكل الأسماء الأخرى الذين وقعوا على العريضة يساعدون الفلسطينيين بنشر الأكاذيب ضد دولة إسرائيل. وقد أنضم إليه في هذا التصريح صانع الأفلام أيفان ريتمان، دافيد كرونينبيرغ والممثلة ميني درايفير.

اختلاف سياسة أمريكا الشمالية عن باقي العالم عندما يتعلق الأمر بالثقافة السينمائية تمثل في هذه العاصفة السياسية التي عصفت بمهرجان تورونتو. ففي هوليوود اليوم نجد علامات الفخر العرقي اليهودي في كل مكان. مثلاً في الفيلم الكوميدي الجديد 'أشخاص مضحكون' المليء بالشخصيات اليهودية الهزلية، وفي الفيلم الجديد للأخوة كوين 'رجل جدي'، الذي عرض للمرة الأولى بمهرجان تورونتو ويروي قصة رجل يتطلع إلى حاخام يهودي للإرشاد. وكذلك في فيلم الصيف 'أنجلوريوس باستردز'، وهي قصة مجموعة من الرجال اليهود الذين يقاتلون ويهزمون النازيين.

العديد من الأمريكيين، الذين ينظرون إلى إسرائيل كبلد الديمقراطية والحرية في منطقة مليئة بالرجعية والدكتاتورية، لا يعلمون أن باقي العالم ينظر إلى إسرائيل نظرة قد تزيد بشاعة عن الوحش المفترس الذي وإن إفترس فانه لإخماد نار جوعه. وأنه قبل حوالي سنتين قام السينمائيون الأوروبيون بالتوقيع على عريضة تطالب مهرجانات الأفلام أن تقاطع الأفلام الإسرائيلية. كما انه في السنة الماضية دعا كين لوش، أحد أكثر السينمائيين شهرة في بريطانيا إلى مقاطعة مهرجان أدينبرا الدولي للأفلام لأنه كان من المفترض أن يعرض فيلما من قبل سينمائي إسرائيلي.

لقد كان الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي قادرا دوما على أسر مخيلة الفنانين في شتى بقاع الارض والذهاب بهم إلى حيث المعاناة والآلام التي تصغر أمامها اثقال الجبال لتحفيز النقاش والجدل الحاد بينهم. كالمخرج الكندي، وممثله فيجو مورتنسن اللذين يتمتعان بغريزة تعاونية بينهما، ويريان وجها لوجه جميع انواع الخيارات الفنية. لكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، ينقلبان إلى طرفي نقيض في هوة سحيقة، حيث يرى أحدهما الدولة اليهودية كأنها حصن للحرية، والآخر ينظر اليها على أنها كيان ظالم قائم على المظالم.

ومع ذلك فإن حدة الجدل والإختلافات بوجهة النظر قد أدت الى نتائج إيجابية في هوليوود حيث تسعى الى تغيير موقفها بإتجاه الفلسطينيين. فبعض المنتجين والمخرجين، ولا سيما منهم اليهود، يسعون الى تمويل المشاريع التي تعكس تمثيلا صادقا وأمينا للشعب الفلسطيني. فأحد الأفلام الكبيرة 'ميرال' التي يتم أنتاجها في هوليوود الآن، يحكي قصة المحسنة، هند الحسيني. والفيلم مأخوذ عن كتاب رولا جبريل، ويخرجه المخرج جوليان شنابل، الذي سبق ورشح لجائزة اوسكار. ويتم تصوير هذا الفيلم حاليا في فلسطين. وهناك مزيد من المشاريع كهذه في مجال الإنتاج أو ما قبل مرحلة الإنتاج.

وقد بدأت هوليوود أيضا بتبني مواهب فلسطينية جديدة. منهم المخرج هاني ابو أسعد الذي بعد حصوله على جائزة الغولدن غلوب وترشيح فيلمه 'الجنة الآن' لجائزة الاوسكار، عرضت عليه عدة صفقات ومشاريع من هوليوود، ويتم الآن تصوير فيلمه الجديد في البرازيل مع الممثل جيمي رورك. وكذلك الأمر بالنسبة للمخرجة الفلسطينية، شيرين دعيبس، التي حاز مشروعها الأول 'أمريكا' على نجاح كبير العام الماضي، وفاز بالعديد من الجوائز، وتم توزيعه في المدن الرئيسية بالولايات المتحدة. وهي تقوم حاليا بالتحضير لمشروع جديد.

ومع كل هذا، فالطريق طويل أمام السينما والمواهب الفلسطينية التي عليها أن تكون كالسد المنيع مقابل أنصار اسرائيل الذين ما يزالون يسيطرون على نظام هوليوود لمواصلة الدعوة وإعطاء المصداقية لوجهات النظر الإسرائيلية في ذروة المواجهة الإعلامية والفنية ليقينهم أنها ليست فقط للترفيه، لكنها تنساب إنسياب السلسبيل في الدعاية والترويج والتسويق لأفكار ومشاريع إستيطانية وإحتلالية وعقائدية لسلب الألباب. فمن يسيطر عليها، في نهاية المطاف يسيطر على عقول الأمريكيين وبقية العالم من الجماهير لينقش عبر شاشاتها المستقبلين القريب والبعيد.

القدس العربي في

03/12/2009

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)