كثيراً ما يعجز قلمي عن البوح بكلمات مثقلة بالألم ومفعمة باليأس ويأبي بعناد شديد أن يترجم مشاعر يضنيها القنوط ويلفها- بفعل فاعل- الغضب مثلما ترفض أوراقي البيضاء- بلون قلوب المصريين البسطاء- أن تكسوها أحلام مجحفة.. رفعت راية الاستسلام دون أن تقاوم أو تدافع عن حقها في الحياة.. وكثيراً ما تعاندنا السطور وتجبرنا علي المقاومة والصمود.. وتدفعنا أن نحلق في فضاءات الحياة.. حتي وإن كنا لا نملك سوي أجنحة متكسرة.. وأرواح حائرة ضلت طريقها مع الأيام.. وغالباً ما أرضخ وأتركها تنتصر علي إرادتي وتقهر عزيمتي.. وتكبح جماح قلمي الثائر.. حتي لا أقع صريعة أحزان وآلام تفوق قدرة الروح.. وتفيض عما يمكن أن يتحمله الفؤاد.. وها أنا ذا من جديد أستسلم لأوراقي.. وألملم أفكاري التي أوشكت علي الخروج من بين أحضان وجداني لتستقر علي شاطئ أوراقي وتبحر وسط أمواج سطور صفحاتي.. وأصدر أمراً لعقلي بالتراجع عن الحديث عن هؤلاء الذين تجردوا من كل معاني الإنسانية.. وماتت ضمائرهم بالسكتة القلبية.. وأقرر عدم الخوض فيما ارتكبته آيادي هؤلاء القتلة السفاحين الذين سمموا طعامنا ولوّثوا مياهنا.. ونشروا صنوفاً من الأمراض في أجساد أطفالنا وشبابنا ما أنزل الله بها من سلطان! لذلك لن أكتب عن المقاول المسئول عن تنفيذ شبكة مياه الشرب في قرية »التيفود«- البرادعة سابقاً- أو عن الذين سمحوا لأنفسهم باستخدام مياه الصرف الصحي والصناعي الملوثة في ري المحاصيل والخضر والفاكهة.. أو حول الشركة التي تصنع السكر من البنجر المزروع بمياه الصرف.. أو حتي عن الذين قاموا باستيراد القمح الفاسد والمسرطن والمشع ليسمموا به رغيف عيش الغلابة.. أو عن المسئولين الذين وضعوا أذن من طين وأخري من عجين.. وتركوا الحبل علي الغارب لكل من تسول له نفسه ارتكاب تلك الجرائم وغيرها في حق الشعب المغلوب علي أمره!

> > >

شعرت بالفخر والسعادة من موقف الصحفية السودانية لبني أحمد الحسين التي اختارت أن تخوض معركتها بشجاعة وجسارة كمواطنة حرة تدافع عن حقها في بلدها، ورفضت الاحتماء والتستر وراء حصانة الأمم المتحدة التي يكفلها لها القانون، أو الخنوع والرضوخ والتمسح بقرار عفو رئاسي يهين المرأة السودانية، ولا يحفظ لها كرامتها المهدرة منذ سنوات تحت وطأة قانون جائر يعاملها مثل الجواري والرقيق!

واقع الحال أننا أمام امرأة تستحق كل الاحترام والتقدير والمساندة، امرأة لم تشغلها القضية التي تنتظرها، عن الواجب والموقف البطولي المشرف الذي اختارته بارادتها، امرأة لم يكن همها الخلاص من عقوبة الجلد المشينة التي تواجهها بحكم قضائي من المحاكم السودانية، وإنما فضلت أن تخوض المعركة وحدها حتي النهاية نيابة عن آلاف الفتيات السودانيات اللاتي تعرضن للظلم والقهر والمهانة تحت سطوة ذلك القانون الأحمق الذي يعطي الحق للمجتمع في محاسبة الفتيات علي جرائم لم يرتكبنها، ذلك القانون الذي يقضي بحكم الإعدام الاجتماعي كل يوم علي عشرات الفتيات وأسرهن!

حقا إنني أندهش أن تكون هناك دولة ونحن في القرن الواحد والعشرين تسمح بقانون يحاكم المرأة علي ملابسها ويعاقب الفتيات بعقوبة »الجلد« مهما كانت الجريمة؟! ما بالك إذا كان السبب ارتداء البنطالون واعتباره ملابس فاضحة!

إنني أتمني أن تقف كل فتاة عربية مع الصحفية الشجاعة »لبني« التي استقالت من وظيفتها المرموقة في المنظمة الدولية، لتصبح قضيتها الأولي والأخيرة إلغاء القانون الذي وضعته في السبعينيات من القرن الماضي آيادي حفنة من الرجعيين المتطرفين الذين يقودون بلادهم للهلاك والدمار والتخلف!

> > >

عندما يصبح بنطالون المرأة قضية تشغل المجتمع بأسره وجريمة تستحق المحاكمة والعقاب، وحينما تصبح »قبلة« مني زكي علي شاشة السينما أو مشهد في كليب لنانسي عجرم أزمة مثيرة للجدل والنقاش تحت قبة البرلمان، ووقت أن تتحول قصيدة لشاعر كبير أو رواية لأديب عظيم إلي قضية رأي عام تستوجب فتوي رجال الدين.. وطالما أنه مازالت قيادة المرأة للسيارة عمل ضد الدين من وجهة نظرهم ومخالف للأعراف والتقاليد.. فإننا ولاشك أمام مجتمعات هشة وأوطان واهنة، تلهيها الصغائر وتفاهات
الأمور عن قضاياها المصيرية.. ومستقبل شعوبها وأحلامه.. أوطان تثير الشفقة والرثاء وتقتل أي أمل في تقدمها ورفعتها.. والغريب إننا مازلنا نتساءل مندهشين عن سر من ينظرون لنا بتلك السخرية والاستهانة والهوان!

> > >

يبدو لي أن لعنة الفراعنة تصيب كل من يجلس علي مقعد السيد محافظ الجيزة الوثير، لذلك رأينا أحد الذين تقلدوا هذا المنصب يقوم ببناء مسلة فرعونية حديثة عليها كتابات يتملق بها النظام في أهم ميادين المحافظة وأمام فندق »شيراتون« الذي يستقطب مئات السيّاح كل يوم! وآخر يزرع شوارع المحافظة نخل بلاستيك بداخله لمبات حمراء وخضراء وزرقاء معتقداً أنها نوع من التجميل الفظيع! ومحافظ آخر يقوم »بتبليط« الجزيرة الرئيسية الممتدة في وسط شارع الهرم الرئيسي بنوع من السيراميك يطابق المستخدم في حمّامات البيوت والمقاهي! أما آخر ضحايا لعنة الفراعنة فهو المحافظ الذي أصدر قراراً باعتبار يوم 23 أغسطس عيداً قومياً للمحافظة باعتباره تاريخ بناء هرم خوفو!

رغم أن الشهور الميلادية لم تكن معروفة أصلاً عندما قرر الملك خوفو بناء مقبرته علي شكل هرم استغرق بنائها 20 عاماً كاملة، ولم يصل علماء المصريات حتي الآن إلي اليوم أو الشهر الذي وضع فيه الملك خوفو حجر الأساس احتفالا بالبدء في بناء الهرم الأكبر، أو حتي تاريخ قص شريط الافتتاح! ولا أعرف من أين جاء السيد المهندس سيد عبدالعزيز بتاريخ منتصف يوم »٢٢« أغسطس عام 2470 ق.م ليعلن سيادته أنه تاريخ بناء الهرم الأكبر! ولا يكتفي بذلك وإنما يبلغنا أنه فضل تجاهل هذا اليوم الذي بحث عنه في سرية تامة حتي توصل إليه! واختار يوم »23« ليكون تاريخ العيد القومي للمحافظة، وذلك- علي ما يبدو- تيمناً بتاريخ ثورة يوليو المجيدة!

بالله عليكم ما هذا العبث واللهو والسخافات، من المؤكد أنه حتي الآن لا يمكننا فلكياً أو جيولوجياً أو تاريخياً تحديد يوم معين لبناء هرم خوفو بشكل علمي، فمن أين جاء السيد المحافظ بهذا الهراء؟! ومن هم العلماء والباحثين الأفاضل الذين استعان بهم؟! وما هي أسانيدهم وأدلتهم التي اعتمدوا عليها في دراستهم العلمية العظيمة التي جعلتهم يطلقون هذا الكلام الفارغ؟!

بالله عليكم ارحمونا واختاروا لهذه المحافظة المهمة التي تضم صفحات عظيمة من تاريخ مصر مسئولاً محصّناً ضد لعنة الفراعنة!

> > >

استوقفني الفخ الذي وقعت فيه الرقابة علي المصنفات الفنية، والذي جعلها تجيز عرض فيلم سينمائي يهين الرئيس الراحل محمد أنور السادات إهانة بالغة لا يمكن التهاون أوالتسامح فيها، إهانة كانت بمثابة صفعة علي وجه كل المصريين!

والحق أقول إنني بحثت عن صنّاع هذا الفيلم وأبطاله، فلم أجد اسماً واحداً يغري شركة التوزيع بالحصول علي حق عرضه داخل دور العرض في مصر! لذلك فانا لا أعفي تلك الشركة من التورط في هذه اللعبة القذرة والخديعة الرخيصة، بل أري أنها تتحمل الجانب الأكبر من المسئولية، وعليها أن تدفع الثمن غالياً حتي تكون عبرة لأي شركة تتصور أنها يمكن أن تفلت من العقاب المادي والمعنوي والقانوني، فالمؤكد أنها ليست المرة الأولي ولا الأخيرة التي تتعرض فيها الرقابة علي المصنفات الفنية لمثل تلك الخديعة الامريكية القادمة علي شريط سينمائي، والتي لا يمكن أن تصدر سوي من هواه حاقدين تجردوا من الأخلاق والقيم، ولا علاقة لهم بالفن والفنانين من قريب أو بعيد!

وأتمني أن ترفع السيدة رقية السادات يدها عن هذه القضية وتتركها للجهات الرسمية، فلا أتصور أن الوزير أحمد أبوالغيط لم يكلف حتي الآن سفير مصر في واشنطن البدء في الإجراءات القانونية لرفع دعوي قضائية ضد من صنعوا هذا الفيلم البذيء!

أخيراً فإنني أطالب علي أبوشادي رئيس الرقابة علي المصنفات الفنية برفع دعوي قضائية ضد هذا الموزع اللبناني الذي شاهد الفيلم كاملاً بكل إساءاته قبل أن يحذف منه تلك المشاهد المرفوضة متخيلاً أنه بهذا الحذف يستطيع خداع الشعب المصري، وإن كان كل ما نجح فيه هو استغفال الرقابة وحدها لاغياً مهمتها ومستهيناً برئيسها الذي تقوم مهمته علي مراقبة مثل هذه الإساءات والتجاوزات ومنعها من التسلل إلينا.. لأننا أبداً لم نكن أمة مستباحة امنعوا هذا الموزع اللبناني من التعامل مع السوق المصري مرة أخري.. وهذا أضعف الإيمان.

أخبار النجوم المصرية في

13/08/2009