شعار الموقع (Our Logo)

 

 

"أنا فخور اليوم بجان شمعون المخرج اللبناني بيننا, هذا السينمائي الذي يجسد المعاني الإنسانية في افلام حقوق الإنسان". بهذه العبارة توجّه قبل ايام مدير المهرجان الدولي لأفلام حقوق الإنسان في اوكسفورد براين فيليبس, الى شمعون بعد عرض فيلمه "ارض النساء", ملتقطاً بذلك الجوهر الأساسي في سينماه التي كان آخر انتاجاتها إنسانياً بحتاً بطلته كفاح عفيفي, المعتقلة السابقة في سجن الخيام. والحال, جال هذا العمل في المدن الأوروبية قبل ان يعرض اخيراً في بيروت.

بدأت الجولة في اوكسفورد وانطلق بعدها الفيلم بين ثلاث مدن فرنسية ليصل إلينا اخيراً ثم يتابع جولته عبر العالم, كما هي حال معظم الأفلام الوثائقية. والفيلم الذي هو من انتاج شركة مصر العالمية (يوسف شاهين) ضمن سلسلة "نساء رائدات" يحكي تجربة كفاح عفيفي مع المعتقل: اللحظات الحلوة والمرة, الذكريات والأحلام والأماني. ندخل معها الى المعتقل لنستعيد وإياها بعض الثواني التي لا تنسى. نتعرف الى الغرفة حيث عاشت معظم فترة الاعتقال, تخبرنا عن الصداقات المتينة التي نسجت مع رفيقاتها خلف القضبان وعن علاقتهن بسجن الرجال... ضحكة كفاح البارزة تكسر جمود السجن, إنها شخصية مميزة تشدك بعفويتها واندفاعها.

·     والسؤال كيف ولدت فكرة الفيلم؟ هل انطلاقاً من مشروع "نساء رائدات" ام انها سبقت ذلك؟ علماً انه الفيلم الوحيد الذي يتناول قصة امرأة عادية, في حين ان معظم الأفلام الأخرى تتحدث عن نساء رائدات عبر التاريخ.

- "أبداً", يجيب جان شمعون, "إذ بدأت العمل فيه قبل ان اعرف بمشروع "نساء رائدات", كما صورت جزءاً منه قبل ان اصطدم بعقبة التمويل الى ان وجدت السبيل في هذا المشروع. في الأساس منذ فترة طويلة وأنا أفكر بمواضيع عن المرأة حتى ان معظم الأفلام التي صنعتها, للمرأة فيها دور بارز.

في البداية فكرت في معتقل الخيام وتحديداً سجن النساء. ثم ما لبثت ان تعرفت الى كفاح عفيفي التي وجدتها مميزة وفريدة من نوعها في هذا السجن: امرأة فلسطينية من شاتيلا عاشت تجربة صعبة في سن مبكر اذ سلخت من طفولتها الى المعتقل بعد تنفيذها احدى العمليات, وهذا ما جذبني للعمل معها. وهكذا رحت اتعرف إليها اكثر وأكثر وصار بيننا انسجام وهو امر ضروري لنجاح العمل اذ من الأسس المهمة في اعتقادي خلق صلات حميمة وعلاقات وثيقة بين المخرج والعاملين معه كي تصبح هناك ثقة متبادلة بين الطرفين وبالتالي يخرج العمل بأفضل ما يكون".

كاريزما

وعن الاختلاف في الاختيار بين بطلة جان شمعون ورائدات السلسلة كلها يقول شمعون:

- "كفاح رائدة بما صنعته. طفلة خرجت من شاتيلا وتعذبت كثيراً, وبعد التجربة القاسية التي عاشتها, اصرت على تنفيذ عملية فدائية. وفي نظري الدور الذي لعبته في المعتقل فيه شيء من الريادة إذ قلبت التعذيب الى محاولة نسيان. ومن يشاهد الفيلم يتبين له ان فيه مستويين: تصل كفاح لدرجة الموت وهي وحدها احياناً, إلا انها حينما تجلس مع رفيقاتها تخرج من هذا الجو وحتى حينما يأتيها اناس محبطون تكون مهمتها خلق اجواء ايجابية لهم. نجد في شخصها نضالاً ضد التعذيب النفسي والقمع البسيكولوجي والإذلال".

·         هل تركها جان شمعون على سجيتها امام الكاميرا ام كان له دور بارز في إدارتها؟

- لا شك ان عند كفاح ذاكرة مهمة, يقول جان شمعون ويتابع: "ومع هذا, فإن نمط العلاقة الذي تحدثت عنه سابقاً اساسي في هكذا عمل إذ من الممكن ان يكون الشخص الذي امامك بارداً إذا لم يكن الى جانبه شخص يساعده على إعادة احياء ذاكرته وخلق الجو المؤاتي: جو الثقة والاحترام. ذلك ان كفاح طوال الفيلم لم ترفض اي امر طلبته منها نتيجة ثقتها الكلية بي. كانت متحمسة للغاية وارتاحت للعمل معي كما انني ارتحت للعمل معها ايضاً. اذ اراها تشبهني في بعض الأوجه وبشكل خاص مقاومتها للأزمات بعزم وقوة من دون إحباطات".

·     اين يضع جان شمعون هذا الفيلم في مسيرته السينمائية؟ "أرض النساء تجربة انسانية مهمة جداً اكتشفت من خلالها "هذه الإنسانة" وأضأت على مراحل مهمة, على نساء مهمات من خلال مراحل اساسية في حياتهن: فدوى طوقان الفتاة الصغيرة التي تعذبت كثيراً ثم ما لبثت ان صارت شاعرة مهمة, وسميحة خليل التي تجرأت على ترشيح نفسها للانتخابات امام ياسر عرفات وكانت دولة ضمن الدولة. والسؤال: هل يرتبط هذا الفيلم "برهينة الانتظار" الذي أنتجه شمعون سابقاً وكان ينطلق من خلال دكتورة لبنانية؟ وهل كفاح عفيفي هي الرد على الانتظار؟

- "أبداً, تجربة الدكتورة ليلى نور الدين بطلة "رهينة الانتظار", تجربة مختلفة, فهي تخلت عن كل صنوف الرفاهية التي كانت لها وتركت بيروت لتعالج المرضى في القرى المحاذية لمنطقة الاحتلال الإسرائيلي. كان طموحها تعليم النساء ومساعدة المحتاجين وهنا تحترمين الإنسان الذي يواجه المخاطر من اجل غيره. مهما يكن من امر, المعنى الرمزي للفيلم يتلخص في ان الجنوب كان رهينة الانتظار. وإذا اخذت مثال الدكتورة ليلى وتصميمها على المثابرة على رغم الخطر تدركين ذلك جيداً. غير ان اللمسات التفاؤلية لم تكن حكراً على "ارض انساء" إذ تجدينها في كل افلامي وهي مستوحاة من الواقع لا مجرد إرادة".

تقزيم واختراعات

جان شمعون السينمائي اللبناني الذي بدأ عمله قبل اندلاع الحرب اللبنانية, له اليوم مجموعة من "الأفلام الوثائقية" كما يحلو له تسميتها معترضاً على تسمية بعضهم لها "بالأفلام التسجيلية" ويقول عن ذلك: "السينما التسجيلية تسمية غير صحيحة اذ اخترعتها عندنا مجموعة من المثقفين في السبعينات, علماً ان الترجمة الدقيقة للأصل هي "افلام وثائقية". وهنا أسأل كيف هي تسجيلية وأنت تضعين منك فيها الكثير الكثير لذلك هذه التسمية خاطئة فهي تقزّم العمل علماً ان الفيلم الوثائقي مثله مثل الفيلم الروائي لا يقل اهمية وجودة وبرأيي هناك تكامل بين الاثنين على رغم اختلاف الأسلوب".

·     والحال ساهم جان شمعون دائماً في السينما الفلسطينية من خلال السينما الوثائقية بينما قدّم رؤيته للحرب اللبنانية من خلال فيلم روائي فهل هذا مقصود او انه جاء صدفة؟

- "حسب الموضوع" يجيب شمعون ويتابع: "هناك مواضيع لا يمكنك معالجتها في الأفلام الوثائقية ويكون لا بد من الروائي لتقديم كل جوانب الموضـوع, إلا ان مشكلة الفيلم الروائي الأساسية هي غيـاب الإنتـاج وأمام هذه المشكلة لا تملكين خياراً آخر إلا تصوير الأفلام الوثائقية, مع العلم انهما بالأهمية نفسها حتى ان الأفلام الوثائقية توزع اكثر من الأفلام الروائية والمثل على ذلك فيلم "احلام معلّقة" الذي صنعته وزوجـتـي مـي المصـري سنـة 1992 ووزع في تسعين تلفزيوناً في العالم. وهنا اسأل: اي سينمائي عربي وزّع فيلماً روائياً واحداً على 90 تلفزيوناً في العالم؟".

·     كيف ينظر جان شمعون إذاً الى العلاقة بين السينما والتلفزيون؟ "حلمي الكبير ان يأتي يوم وتوزع فيه افلامنا في الصالات السينمائية كما توزع اليوم على الشاشات الصغيرة. هناك تقاليد مكتسبة تعيق هذا الأمر مفادها ان الشاشة الكبيرة للسينما الروائية, وأتى التلفزيون وزاد الطين بلة إذ أقعد الناس في منازلهم على رغم انه لن يحلّ ابداً مكان السينما اذ ان الحنين للصالة قوي جداً".

- مهما يكن من امر يوجد اليوم "اعادة نظر" في الجيل الذي اسس للسينما اللبنانية الجديدة. والمعروف ان كل "إعادة نظر" ما هي إلا وضع للشخصيات في المتحف. مارون بغدادي مات, وبرهان علوية يكاد يصبح جزءاً من التاريخ وبقية ابنـاء هذا الجيل إما صامتون وإما في الانتظار... اين جان شمعون من كل هذا وهل يعتبر نفسه جزءاً مؤسساً من السينما الفلسطينية او جزءاً مؤسساً من السينما اللبنانية طالما ان الفصل بين الاثنين تحقق منذ زمن بعيد؟ "لا اعتبر نفسي مؤسساً في كل من الحالين", يقول شمعون ويتابع: "خضت تجربة ولم تـكتمل, من هنا لا أسمح لنفـسي بالكـلام لأنني لم انفذ ما كنت اطمح إليه, كان لدي رؤيـة, مسرحـها الأساسي السلم وجاءت الحرب ونسفت كل شيء, وهنا تفهمين لمَ اتجهت للأفلام الوثائقية, مع حبي لهذا النوع من السينما. اما بالحديث عن الجيل الذي ذكرته سابـقاً فلا أدري إن كان بإمكاننا إطلاق كلمة "جيل" على هؤلاء, إذ لم توحدهم إلا البدايات الفكرية وبضعة اعمال من الحرب اللبنانية, اما اليوم فقد تداخلت الأجيال بعضها ببعض ولم يعد بإمكانك السؤال: ماذا ترك هذا الجيل, اذ ترك تجربة ناقصة لأن الحرب اتت ودمرت كل شيء والحال كان هناك نوع من الديناميكية قبل الحرب, كانت هناك احلام كثيرة, كلها بقيت احلاماً". 

جريدة الحياة في  22 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

جان شمعون

كفاح عفيفي في "أرض النساء" تكاد تشبهني

فيكي حبيب

مسار جان شمعون السينمائي

من "تل الزعتر" الى "أرض النساء"

درس جان شمعون المولود في بلدة سرعين البقاعية اللبنانية السينما في فرنسا قبل أن يعود الى لبنان ويخوض مساراً سينمائياً بات عمره يقارب ثلاثة عقود.

معظم أفلام شمعون كانت وثائقية وعن القضية الفلسطينية التي انتمى اليها باكراً.

البداية, كانت عبر فيلم "تل الزعتر" الذي حققه مشاركة مع مصطفى أبو علي, وبعده حقق "أنشودة الأحرار". ومنذ 1983 بدأ رحلته في الاخراج والانتاج المشتركين مع زوجته السينمائية مي المصري فحققا معاً "تحت الأنقاض" و"زهرة القندول" و"بيروت جيل الحرب" و"أحلام معلّقة". وبعد 1984 انفصل الثنائي مهنياً ليحقق جان وحده فيلم "رهينة الانتظار" متبعاً إياه في العام 2000 بفيلمه الروائي الطويل الوحيد حتى الآن "طيف المدينة". وهو بالتوازي مع هذا تولى انتاج أفـلام مـي المصري: "أطفـال جبل النار" و"حنان العشراوي" و"أطفال شاتيلا" و"أحلام المنفى" من دون أن يتدخل في الاخراج.

عن مجمل أفلامه نال جان شمعون عدداً من الجوائز في بعض أهم المهرجانات والمناسبات العربية والعالمية, كما أن العدد الأكبر من أفلامة وبخاصة تلك التي حققها مع مي المصري عبر شركتهما "ميديا" للانتاج و"نور" للانتاج عرضت بخاصة على شاشة التلفزيون البريطاني BBC كما على شاشة القناة البريطانية الرابعة اضافة الى عرضها في أكثر من مئة بلد في العالم, من الصعب القول ان كل البلدان العربية كانت من بينها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عروض للسينما اللبنانية "الفقيرة" في باريس

"ولد في لبـنان" هـو عنـوان التظـاهـرة السينمائية التي أقيمت الأحد الماضي في قاعة "لا ماروكينيري" الباريسية, وكانت عبارة عن عروض لعدد من الأفلام القصيرة اللبنانـيـة التي قـدمت تباعاً خلال عرض متواصل واحد, ما أتـاح الفرصة للهواة ولجمهـور من اللبنانيـين والفرنسيين للمس التطور الذي طاول الفن السينمائي "الفقير" في لبنان خلال السنوات القليلة الماضية, وهي السنوات التي مرّت منذ أقيم في العاصمة الفرنسية أواسط التسعينات أشمل عرض من نوعه للأفلام القصيرة والمتوسطة المحققة من جانب من باتوا يعرفون منذ ذلك الحين بجيل ما بعد الحرب اللبنانية.

وكان ذلك العرض أطلق أبناء ذلك الجيل وجعل النقاد والمهتمين يتنبأون بانبعاثة للسينما الروائية على أيدي شبان حمل كل منهم مشروعه بين يديه وراح ينتظر ويسعى.

عـروض الأسبـوع الفائـت أوحـت كم ان احـلام تلك المشاريع الطويلة خبت, لكنها قالت في المقابل الكثير عن التطور الذي أضيف الى لغات سينمائية كانت أصلاً متطورة ومتميزة.

ومن بين ما عرض ولفت الأنظار "مجنونك" لأكرم زعتري و"الكرسي" لسينتيا شقير و"شرائط بشار" لوليد رعد و"ألف يوم ويوم" لجاد خوري وربيع مروة و"هوا بيروت" لفؤاد عليوان و"صور ليلى" لبيار سلوم.

كـذلك عـرض فـي المسـابــقـة كضـيف للبرنامج فيلم "برلين - بيروت" للبنـانـيـة المقـيمة في ألمانـيـا ميـرنا معكرون وهو الفـيـلم الذي كـان فـاز بجـاـئزة للسينما التسجيلية في مهرجان برلين الأخير.