رحيل لطفي لبيب بعد مسيرة حافلة في التشخيص الكوميدي
الراحل ترك بصمة فنية مميزة من خلال العشرات من الأدوار
التي جمع فيها بين الحس الكوميدي والموهبة الكبيرة.
القاهرة
- ودع
الوسط الفني المصري والعربي الأربعاء الممثل لطفي لبيب الذي توفي في أحد
المستشفيات عن عمر ناهز 78 عاما، مخلفا مسيرة فنية كبيرة حيث يعد أحد أبرز
نجوم الكوميديا في السينما والدراما المصرية، وترك بصمة فنية مميزة من خلال
العشرات من الأدوار التي جمع فيها بين الحس الكوميدي والموهبة الكبيرة،
أبرزها في مجال الفن السابع.
ونعت نقابة المهن التمثيلية في مصر الممثل الراحل الذي توفي
بعد تدهور حالته الصحية. ووصفه نقيب المهن التمثيلية أشرف زكي بـ "صاحب
البهجة" فهو أحد أكثر الممثلين لعبا للأدوار الكوميدية في الفن المصري.
وكان الراحل قد أصيب قبل سنوات بجلطة في المخ أثرت على
جانبه الأيسر وحدت من نشاطه الفني لكنه ظهر لاحقا في بعض الأعمال القليلة.
وفي وقت سابق من يوليو الجاري دخل الفنان إلى المستشفى ومكث فيه أسبوعا قبل
أن يعود إلى منزله، لكن حالته الصحية تدهورت من جديد فنقل إلى المستشفى
الثلاثاء.
وقال الأب بطرس دانيال مدير المركز الكاثوليكي المصري
للسينما في منشور على فيسبوك “فقد العالم أجمع والوسط الفني بصفة خاصة
جوهرة خالدة بعد صراع مع المرض، الفنان لطفي لبيب الذي ظل مبتسما إلى آخر
لحظة في حياته”.
ولد لبيب عام 1947 وحصل على ليسانس الآداب من جامعة
الإسكندرية كما تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية قبل أن يلتحق بالجيش
ويشارك في حرب السادس من أكتوبر سنة 1973 وهي التجربة التي ألف عنها كتابا
بعد ذلك بعنوان "الكتيبة 26"، والذي حكى فيه عن تجربته الشخصية كجندي شارك
في الحرب، مقدما رؤية إنسانية ووطنية لواحدة من أهم اللحظات في تاريخ مصر.
◙
الفنان لطفي لبيب أصبح أحد أبرز الوجوه في الدراما والسينما
المصرية بفضل موهبته الهادئة وحضوره الكوميدي القوي
وتحدث لبيب في تصريحات كثيرة عن هذه التجربة الاستثنائية،
أبرزها في حوار مع الإعلامي عمرو الليثي ضمن برنامج "واحد من الناس"، حيث
قال بتأثر "كنا بنعدّي الخوف والموت والضرب، وكل حاجة ضدنا.. كنت جندي
مشاة، وكنت هناك، في قلب المعركة”. وروى الفنان كيف أُسر أخوه في الحرب
وخجل من العودة إلى أمه دونه، وكيف كان وقع عثوره عليه على نفسه وعلى أسرته
بالكامل، ثم كيف دخل عالم الفن، وغامر أيضا بتجربة العمل الصحفي لمدة سنة
ونصف، لكنه قال إنها تجربة شاقة اختار التخلي عنها والتفرغ للفن، لأن الفن
والصحافة لا يجتمعان معا حسب رأيه.
بدأ مشواره الفني متأخرا بسنوات عن باقي دفعته بمعهد الفنون
المسرحية الذين كان منهم نبيل الحلفاوي ويسري مصطفى وهادي الجيار وشعبان
حسين. شارك الفنان الراحل في أكثر من 100 فيلم سينمائي وتميز في الأدوار
الكوميدية. عمل مع كبار نجوم الكوميديا الشباب أمثال محمد هنيدي وأحمد آدم
وهاني رمزي ومحمد سعد وأحمد حلمي وأشرف عبدالباقي وياسمين عبدالعزيز.
من أفلامه “جاءنا البيان التالي” و”رشة جريئة” و”يا أنا يا
خالتي” و”في محطة مصر” و”إتش دبور” و”كده رضا” و”طير أنت” و”عسل أسود”
و”سيما علي بابا” و”أسد وأربع قطط” و”عنتر ابن ابن ابن شداد” و”خيال مآتة”.
ويعد لبيب شريكا مهما للزعيم عادل إمام في مسيرته الفنية حيث جمعهما 11
عملا فنيا أغلبها في السينما ومن أبرزها “النوم في العسل” و”بوبوس”
و”زهايمر” لكن دور السفير الإسرائيلي في فيلم “السفارة في العمارة” ظل
علامة فارقة في مشواره الفني.
وفي الدراما التلفزيونية قدم الراحل مسلسلات “أرابيسك”
و”أزمة سكر” و”حارة العوانس” و”تامر وشوقية” و”مش ألف ليلة وليلة” و”عفاريت
عدلي علام” و”عائلة زيزو” و”الأب الروحي” و”صاحب السعادة”. ومن أشهر
مسرحياته “الملك هو الملك” مع محمد منير وفايزة كمال و”ليلة من ألف ليلة”
مع يحيى الفخراني وهبة مجدي.
وأصبح الفنان لطفي لبيب أحد أبرز الوجوه في الدراما
والسينما المصرية بفضل موهبته الهادئة وحضوره الكوميدي القوي، كما فرض نفسه
في أدوار متنوعة حيث جسد الرجل الحكيم، والمسؤول، أو الأب الطيب، أو الكاهن
أو الوزير، ولم يكن بحاجة إلى البطولة المطلقة كي يلفت أنظار الجمهور
والنقاد إلى فرادة موهبته. ولم يظهر الفنان الراحل أي رغبة في احتكار
البطولات المطلقة وإنما كان يقول “أنا فنان مش لازم أكون في البوستر..
المهم أبقى في قلوب الناس”.
ويعتبره البعض “الممثل الجوكر”، الذي يستطيع الدخول في أي
عمل فني مهما كان نوعه – كوميدي أو درامي أو سياسي – ويضيف له ثقلا خاصا.
ويرى بعض النقاد أن قوته تكمن في الصدق الفني والبساطة، فهو لا يسعى للفت
الانتباه من خلال المبالغة أو الاستعراض، بل يترك أثره من خلال أداء طبيعي،
عميق، ومتزن.
ويقول عنه المخرج المصري مجدي أحمد علي إن “صناع الفن
تأخروا في إدراك تميز الفنان لطفي لبيب.. “، مؤكدا أن “مشاركته معه في بعض
الأفلام التي أخرجها أحزنته، لأنه لم يكن هناك من يكتب أدوارا خاصة تناسب
موهبة الفنان”. |