ملفات خاصة

 
 
 

سميحة أيوب.. حورية البحار حبيسة المصباح

صوتها الرخيم يُصدِّر القوة والسلطة والحكمة.. وحين يريد، يكون مغناجًا ساحرًا

عصام زكريا

عن رحيل سيدة المسرح العربي

سميحة أيوب

   
 
 
 
 
 
 

في حوار تليفزيوني أجرته قبل خمس سنوات مع الإعلامي محمود سعد من داخل أروقة المسرح القومي، الذي كانت تسميه بيتها، بدت سميحة أيوب راضية عن حياتها وسعيدة. تخلو كلماتها من المرارة أو الندم حتى وهي تتحدث عن أسوأ لحظات حياتها. فمعاناتها قطرة في محيط ما قد يعانيه الكثيرون، وتردف "الحمد لله إنني عشت عصري".

تلخِّص سميحة مسيرة حياتها في كلمتين، ثم تستطرد شارحةً أنها كانت محظوظة لأنها تتلمذت على يد كبار الصنعة، وعملت معهم، وكُرِّمت من قِبَلهم. كلمتان تُذكِّران بعنوان فيلم جان لوك جودار Vivre sa vie/عاشت حياتها (1962)، رغم الفارق الهائل بين حياة نانا القصيرة، بطلة الفيلم التعيسة، وحياة سميحة أيوب المديدة، المجيدة.

بدأت سميحة أيوب التمثيل وهي ابنة 14 عامًا عام 1947، عندما ظهرت في فيلم المتشردة مع المخرج محمد عبد الجواد. تفتَّح وعيها، إذن، في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي شهد النكبة ثم ثورة يوليو 1952 والعدوان الثلاثي، ثم النكسة، فانتصار أكتوبر، وكل ما جاء بعد ذلك من انهيار منتظم مستدام.

شهدت هذه العقود صعود المسرح والسينما ومجد الإذاعة وظهور التليفزيون في نهضة فنية وأدبية شاملة، قصمت ظهرها النكسة. تلاها ظهور جيل الستينيات في الأدب ثم جيل الثمانينيات في السينما والصعود الثابت للدراما التليفزيونية، مع تراجع المسرح بشكل منتظم.

كان من حظ سميحة أيوب، التي ولدت لتقف على الخشبة، أنها عاشت وتألقت في العصر الذهبي للمسرح المصري من بداية الخمسينيات وحتى منتصف السبعينيات، الفترة التي قدمت خلالها معظم وأهم أعمالها التي لم يصور معظمها أو فقدت شرائطه، ما يحتاج إلى بحثٍ للعثور على ما بقي منها وترميمه.

ومع ذلك، كثير من أعمالها المسرحية صورت، وشهدت عصر التليفزيون، بعكس أجيال المسرح التي سبقتها ولم توثق أعمالهم الكاميرا.

حوار الإعلامي محمود سعد مع الفنانة الراحلة سميحة أيوب على قناة النهار، نوفمبر 2020

https://www.youtube.com/watch?v=nY1UlPddNGw

بنت من شبرا تملك العالم

وُلدَت وتربت سميحة أيوب في حي شبرا، فاكتست بروح الحي العصري، متفتح العقل متعدد الثقافات. لم تجد صعوبة كبيرة في احتراف التمثيل، الذي كان حتى سنوات قليلة سابقة مهنة سيئة السمعة. في سن الرابعة عشر احتضنتها الدولة بإدراجها في معهد التمثيل، ضمن خطة لتشجيع الفتيات على دخول مجال الفن، بفضل مكتشفها جورج أبيض وأستاذها زكي طليمات. وخصصت لها، أسوة بزميلاتها الأكبر سنًا، ستة جنيهات شهريًا.

يبدو المشهد وكأن مصر كانت تبحث عن سميحة أيوب. ربما ليس هي بالتحديد، ولكن المواهب في شتى المجالات.

احتفظت حتى نهاية حياتها بروح بنت شبرا المرحة الساخرة الصريحة، وحتى بمفرداتها القديمة الطريفة. في هذه الأحياء الشعبية والبرجوازية في آنٍ، ولدت تقريبًا معظم المواهب المصرية في شتى المجالات. كانت الطبقة الوسطى في ذروة صعودها وتشعر أن بإمكانها امتلاك العالم أو تغييره.

في حوارها مع محمود سعد تقول إن أسعد لحظات حياتها كانت "وأنا واقفة على المسرح بحس إن أنا ممتلكة العالم". ليست لحظات الحب أو الزواج أو الأطفال أو الجوائز والتكريمات، هذه ذكَرَتها لاحقًا، ولكنها شردت متذكرةً أوقات وقوفها على المسرح، ترى العيون تحدق فيها في الظلام كنجوم في سماء مظلمة، وتشعر بأنفاس الجمهور القادمة من الصالة.

على مدار ثمانية عقود، قدمت سميحة أيوب حوالي 170 مسرحية، وما يقرب من خمسين فيلمًا وأكثر من مئة مسلسل، وظلت تعمل حتى التسعين. ورغم أن هذه القدرات تنم عن شخصية قوية متفردة، لكن ليس من المستبعد أن تكون أيضًا واحدة من صفات العصر الذي عاشته.

العمل، بالنسبة لهؤلاء، هدف وليس وسيلة لأشياء أخرى. ومن يتتبع مسيرة معظم فناني جيلها يمكنه أن يلاحظ تقديسهم لقيمة العمل في حد ذاته. أما المال والإعلانات والعقارات والعلاقات فتأتي في مرتبة متأخرة، وأحيانًا متأخرة جدًا، في حياتهم.

بنت المأساة

تعرضت سميحة لتجربة شخصية بالغة السوء في بداية حياتها عندما تزوجت محسن سرحان، الذي كان ممثلًا ونجمًا معروفًا، ورجلًا شرقيًا رجعيًا. حَبَسها ومنعها من العمل، ولم تفلت منه إلا بصعوبة بالغة. لكن التجربة تركت فيها جرحًا عميقًا وعلَّمتها أن الحرية ليست منحة بل لها ثمن، وأن عليها أن تضع عملها أولوية على أي شيء آخر، وأحيانًا بشكل مبالغ فيه، حتى أدى إدمانها العمل إلى انهيار زواجها من محمود مرسي، حب حياتها الأكبر، كما يتبين في مذكراتها وحواراتها الأخيرة.

تملك سميحة أيوب صوت حورية بحر، تلك التي تنادي البحارة فيلقون بأنفسهم إلى التهلكة

المدهش بالنسبة لنا الآن، قدر الصراحة التي تتحدث بها عن حياتها الشخصية، وهي ليست وحدها بالمناسبة، فهذه، أيضًا، إحدى صفات عصرها. ويكفي أن نقرأ مذكرات يوسف وهبي أو نجيب الريحاني أو تحية كاريوكا وغيرهم من نجوم تلك الفترة، لنلمس الفارق بين براءة الصدق في اعترافات هؤلاء النجوم، ومستنقع الكذب والادعاء الذي نعيش فيه الآن.

لا أقصد أنهم كانوا ملائكة لم تعرف الشرور طريقها إليهم، ولكن كانت حياتهم أكثر شفافية. ببساطة، تروي سميحة في مذكراتها وحواراتها حتى قصص الغيرة والحسد بين زملاء المهنة، وما تعرّضت له أحيانًا من محاولات الإيذاء، وبالأسماء. وعلى عكس المتوقع، تُكسِبها هذه الصراحة مزيدًا من الإنسانية، لأنها تخلو من المرارة أو الخبث، وتحمل نبرة هادئة لامرأة اقتربت من محطتها الأخيرة ولم يعد لديها ما تخجل منه.

من سوفوكليس إلى سارتر

النقلة التي شهدها المسرح المصري مع بداية الخمسينيات، كان من سماتها الابتعاد عن النصوص الميلودرامية  المقتبسة عن الفرنسية غالبًا، وشكسبير أحيانًا، والاستعانة بالنصوص المباشرة لكلاسيكيات المسرح الإغريقي والأوروبي والحديث، من سوفوكليس وإيسخولوس إلى تشيكوف، مرورًا براسين وإبسن وحتى الكتاب المعاصرين.

من يصدق أن أسماءً مثل الفرنسي جان بول سارتر والألماني فريدريش دورينمات شاهدا أعمالهما على المسرح المصري، الذي كان يقتبس من مؤلفين كبار مثل الأمريكي تينيسي ويليامز  والإيطالي لويجي بيراندللو والألماني بيرتولت بريخت.

كان من سمات هذه الفترة أيضًا الاعتماد على المؤلفين المصريين، ليس فقط توفيق الحكيم، ولكنْ أسماء صاعدة مثل يوسف إدريس ونعمان عاشور وألفريد فرج وعبد الرحمن الشرقاوي وسعد الدين وهبة، وآخرين. وجسدت سميحة أيوب مسرحيات لكل هؤلاء، وغيرهم.

ربما يكفي أن يعيش المرء وسط هذه النصوص والأسماء كل يوم، يحفظ مقاطعها ويرددها على خشبة المسرح كل ليلة، لكي يشعر، فعلًا، أنه يمتلك العالم.

حورية البحر

أبرز ما يميز سميحة أيوب كممثلة؛ صوتها العميق الرخيم القادر، حين يريد، أن يُصدِّر القوة والسلطة والحكمة، وأن يكون، حين يريد، مغناجًا، يُصدِّر الدلال والإغراء والدلع والرقة. هذا الصوت الذي أسر المصريين في المسلسل الإذاعي "سمارة" كما لم يفعل بهم صوت آخر، ربما إلا زوزو نبيل في "ألف ليلة" وسميرة عبد العزيز في "قال الفيلسوف". بعض من هذه الفتنة نجدها في شخصية سوسو التي تؤديها في مسرحية "سكة السلامة".

تملك سميحة أيوب صوت سيرانة/siren، حورية بحر، تلك التي تنادي البحارة فيلقون بأنفسهم إلى التهلكة. من المؤكد أن جمهور المسرح كان يشعر بقوة وفتنة هذا الصوت أكثر من جمهور أي وسيط آخر.

محطات عديدة

دخَلت إلى التليفزيون من باب المسرح العالمي والسهرات الدرامية شبه المسرحية، ولكن مع التراجع الدؤوب للمسرح، خاصة الناطق بالفصحى، اتجهت إلى الدراما التليفزيونية التي صارت متنفسها، مع قليل من الأدوار السينمائية هنا وهناك.

على عكس المسرح الذي كانت تنفرد فيه بالبطولات، لم تسنح لها فرص لعب بطولات أو أدوار كبيرة في التليفزيون أو السينما إلا فيما ندر. بشكل ما، ورغم كثرة هذه الأعمال، تبدو هنا كالجني المحبوس داخل مصباح.

ومثل معظم أبناء وبنات جيلها، أدركت سميحة أيوب مبكرًا أهمية الصحافة وضرورة كسب ود الصحفيين. مدَّت جسورًا من الود و"الكرم" معهم، ما أتاح لها حضورًا دائمًا في الذاكرة والمجال العام، وتواجدًا في الأعمال التليفزيونية والسينمائية.

وبوعي أبناء وبنات جيلها، ختمت سنوات حياتها الطويلة الحافلة بالظهور في العديد من الحوارات والوثائقيات، كما لو أنها أدركت أهمية "توثيق" سرديتها ومحطات حياتها قبل الرحيل.

 

موقع "المنصة" المصري في

07.06.2025

 
 
 
 
 

"ذكرياتي" لسميحة أيوب... مسرح الحياة أكثر قسوة أحيانا

نجمة المسرح العربي التي حرمت من الميراث بسبب الفن كانت سيدة قرارها وتعقيدات الحب والسياسة صنعت شخصيتها الفارقة

حميدة أبو هميلة كاتبة

ملخص

تبدو مذكرات سيدة المسرح الراحلة سميحة أيوب، جديرة بالقرارة مجدداً بالتوازي مع رحيلها في الـ93 من عمرها، فهي من القلائل في جيلها اللاتي حرصن على توثيق مسيرتهن بين دفتي كتاب، فقد أفصحت عن خبايا حياتها الشخصية وتقاطعها مع تألقها الفني من دون كثير من المواربة، سواء في ما يتعلق بزيجاتها ودرامية قصتها تحديداً مع الفنان محمود مرسي، وكفاحها ضد تعنت من حولها بعد إصرارها على احتراف الفن، وقبل كل ذلك كيف وثقت لتطور المسرح العربي باعتبارها سيدته الأكثر استمرارية وقوة.

كانت تطمح سميحة أيوب (1932 – 2025) إلى أن تصبح راقصة باليه، ثم تعاملت مع الغناء بجدية وقضت وقتاً في التدريب، إلا أنها أصبحت ممثلة بعدما دخلت معهد الفنون المسرحية طمعاً في راتب شهري ضخم في الأربعينيات (6 جنيهات). المخرج والمؤلف والرائد المسرحي زكي طليمات لم يكن مقتنعاً بموهبتها في البداية ثم أصبحت تلميذته المدللة. زاملت يوماً بيوم فاتن حمامة في المعهد وفي التكريمات كذلك، لكن كانت سميحة أيوب أكثر إخلاصاً للمسرح، على رغم دأبها السينمائي والعلامات المهمة التي قدمتها على الشاشة الكبيرة.

مسيرة سميحة أيوب من الأطول في عالم الفن، إذ اقترب مشوارها الفني من الـ80 عاماً، كان آخر أعمالها العام الماضي وهو فيلم "ليلة العيد"، حيث عرض بينما كانت تخطو نحو عامها الـ92، ومن خلال كتابها "ذكرياتي" لن يستغرب القارئ أبداً كيف لامرأة في عمرها أن تستمر بالعطاء بنفس المحبة، حتى لو خانتها الحركة بعض الشيء، فالكتاب الذي يقع في نحو 600 صفحة، يكشف كيف نسجت سميحة أيوب علاقتها بالفن، وكيف عاشت مراهقتها وربما طفولتها على خشبة المسرح، وفي ما بعد عشقها ميكروفون الإذاعة وكاميرا السينما وشاشة التلفزيون.

سميحة أيوب، تحكي بغزارة وكأنها لن تتوقف أبداً في مذكراتها التي صدرت عن الهيئة المصرية العامة للكتاب قبل نحو 22 عاماً ولم تأخذ حقها من الاهتمام الذي تستحق.

السجينة

تعرف سميحة أيوب كيف تصيب بالكلمات، تماماً كما تعرف كيف تطلق مشاعرها على الشاشة بنفس الثبات والقوة، من دون أن تخشى أحداً. تلمح إلى غيرة زميلاتها منها في سطر، وفي السطر الثاني تشيد ببراعة أدائهن بمنتهى البساطة ولسان حالها يقول، هذه نقرة وهذه نقرة، مثلما فعلت مع سهير البابلي التي اتهمتها في وجهها بأنها مع زملاء آخرين كانوا يرغبون أن تنفصل عن الفنان محمود مرسي، وقد كان لهم ما أرادوا، لكنها على بعد صفحات قليلة تتغزل في أداء سهير البابلي في عرض مسرحي وتذوب فيه عشقاً.

سيدة المسرح العربي، ابنة حي شبرا، التي تخرجت في المدارس الفرنسية، وطافت بلاداً كثيرة وهي في مقتبل حياتها تستعرض موهبتها، كاد الحب يعوق مسيرتها، لكن عاد الحب نفسه لينقذها مجدداً، فلم تمل سميحة أيوب من الوقوف أمام عائلتها التي رفضت بشدة احترافها التمثيل، بل قاطعت أباها لهذا السبب، لتعود بعد أعوام من اقتناع نصف الأسرة بمهنة لم تكن شائعة للنساء في هذا الوقت، وتهددهم بأنها ستترك البيت وتهرب إذا لم يزوجوها الفنان محسن سرحان، وبالفعل يرضخون، لتتفاجأ بأنها ذهبت بقدميها إلى السجن، فالفنان الشهير كان يحبسها في المنزل بسبب غيرته المرضية عليها، وفقاً للمذكرات، وجعلها تترك دراستها ومنعها من التمثيل، ولم تتحرر من هذه العلاقة إلا بعدما تنازلت عن جميع مستحقاتها المالية.

الحب والحرب والثورة

هذا الاسم الذي جاء إليها مجدداً في هيئة حب أسطوري وقصة مليئة باللمحات الرومانسية التي تشبه سحر السينما ومأسويتها كذلك. فالنجم محمود مرسي كان قصة الحب الاستثنائية في حياة سميحة أيوب، لكنها انتهت بصورة مدوية، لتترك النجمة الكبيرة في دوامة من الأسى لم تفق منها بسهولة، حيث ضاق مرسي ذرعاً أيضاً باهتمامها بعملها وقضائها وقتاً طويلاً في التصوير والبروفات وطلقها غيابياً، بينما ظل ابنهما علاء حلقة وصل ودلالة المودة الدائمة بينهما.

في المذكرات الشجاعة تحكي سميحة أيوب عن تعقيدات الحب ومنعطفات السياسة والاقتصاد والأدب والفنون، متعثرة في أسماء ترصد التحول المجتمعي والثقافي في كل عصر، فالأديب البارز بهاء طاهر كان شاهدها على محطات قصتها مع محمود مرسي، وبعد اكتئابها الشديد عوضت بصديق مخلص هو الصحافي السياسي إبراهيم عامر، حيث تذكر كيف وقع خبر وفاته كالصاعقة عليها، إذ فارق الحياة إثر إصابته في اعتداء القذائف الذي ضربت به صحيفة "بيروت" وكان أحد مؤسسيها، وذلك في بدايات الحرب الأهلية في لبنان، مما أفقدها التوازن النفسي أيضاً بعض الوقت.

خاضت سميحة أيوب معارك الحياة طولاً وعرضاً، وانتظمت في تمردات شتى، فعلى رغم وقوفها إلى جانب ثورة يوليو (تموز)، فإنها لم تخف رفضها للتعنت الذي حدث لأستاذها زكي طليمات بعد إقصائه عن المشهد الثقافي في تلك الفترة، إضافة إلى تسميتها يوسف وهبي "الديكتاتور" بعدما وضعته "لجنة التطهير" على رأس الفرقة المسرحية التي تعمل بها، كما أبدت اعتراضاتها على التغييرات الصحافية التي جرت عام 1964 في الصحف الكبرى، وسمتها مذبحة ومهزلة، إذ تم نقل خيرة الكتاب بجرة قلم إلى جرائد أخرى.

سيدة قرارها

وعلى رغم أن ما تسرده سميحة أيوب في الكتاب الذي يحظى بتقديم رفيع للكاتبين سناء البيسي ورجاء النقاش، تفضل أن تسميه "ذكريات" وليس "مذكرات موثقة"، إلا أنها تؤرخ فيه بصورة سلسة لتطورات الحياة في مصر منذ أربعينيات القرن الماضي، بخاصة في ما يتعلق باستقلال النساء، وسعيهن للإمساك بزمام حيواتهن، فقد أقدمت على إجراء جراحة ولادة قيصرية في ستينيات القرن الماضي، وهو أمر كان شديد الندرة، على رغم رفض غالبية من حولها لهذا القرار، حيث كان هذا الأمر حدثاً كبيراً للغاية.

كذلك لم تأبه سميحة أيوب بحرمانها من ميراث أبيها اعتراضاً على عملها بالفن، وأصرت على أن تنفق على نفسها في وقت باكر من مسيرتها، بل وأقامت في بيت حصلت عليه بمالها الخاص وهي في مقتبل الشباب، كذلك واجهت "كلام الناس" بكل حزم وحسم، ففي بداية معرفتها بالكاتب المسرحي الأبرز سعد الدين وهبة، فوجئت بأنه حتى زملاء الوسط يلوكون سيرتها ووصل الأمر إلى والدتها، فما كان من سميحة أيوب، سيدة قراراها، إلا أن ذهبت فوراً إلى المأذون وعقدت قرانها على وهبة لتستمر زيجتهما 30 عاماً، قدما خلالها معاً كثيراً من المسرحيات الناجحة والراسخة، وكل منهما حقق نجاحات منفصلة لا تزال ذات صدى وبصمة حتى اليوم.

المخرجة سميحة أيوب

وعلى رغم أن السبعينيات شهدت ما يمكن تسميته الهبوط السينمائي في مسيرة سميحة أيوب بفعل متغيرات كثيرة، فإنها أيضاً شهدت بدء انطلاقتها التلفزيونية، واستمرت أيضاً في متابعة عملها المسرحي، حيث يمتلئ الكتاب بتفاصيل النهضة التي صنعها جلال الشرقاوي وسعد أردش وكرم مطاوع، ولويس عوض، وأمينة رزق وسناء جميل، إلى جانب سعد الدين وهبة بطبيعة الحال، الذي شهدت فترة رئاسته أيضاً مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على مدى 12 عاماً بريقاً خاصاً.

ارتبط اسم سميحة أيوب بمسرحيات مهمة مثل "دائرة الطباشير القوقازية" و"المومس الفاضلة" و"رابعة العدوية" و"السلطان الحائر" و"فيدرا"، إذ قدمت شخصيات من عوالم بريخت وجان بول سارتر وشكسبير وتوفيق الحكيم وغيرهم، فيما التجربة الفنية والإنسانية والمهنية لسميحة أيوب من خلال مذكراتها شهدت كفاحاً على أكثر من مستوى. ففي حين كانت احترفت الفن بعد دراسة وتدريب وخبرة، إلا أنها كانت تواجه رفضاً من بعض زملائها، لا سيما حينما احترفت الإخراج المسرحي، إذ صدمت من عدم تقبلهم لها كامرأة لتكون قائدة العمل، وهي التي تربت في أروقة المسرح.

بطلة جان بول سارتر المفضلة

كذلك أدارت سميحة أيوب المسرح الحديث ثم المسرح القومي كذلك، وخاضت صراعات قانونية مع الأجهزة الرسمية بعد إبعادها عن منصبها ثم ربحت القضية، وتمتعت بعلاقات وطيدة مع غالبية المسؤولين السياسيين الكبار، وكان لها لدى جمال عبدالناصر مكانة خاصة، إذ تكشف المذكرات كيف شعرت بالحسرة عقب إعلان نبأ وفاته، وظلت لأعوام طويلة تتمتع بعلاقات صداقة مع عائلته، وبينهم ابنته هدى عبدالناصر.

سيرة سميحة أيوب الحافلة لم يكفها بالطبع كتاب واحد، فإلى جانب الكتاب الذي سردت فيه قصتها على لسانها عام 2003، واقتطعت جزءاً ليس هيناً منه لحكايات رفيق دربها الكاتب سعد الدين وهبة، هناك تجارب متعددة كشفت جوانب أخرى من رحلتها، بينها كتاب "أسطورة المسرح العربي" لأيمن الحكيم الذي صدر مطلع العام الحالي، حيث يكشف الكتاب ذكريات سميحة أيوب مع الكاتب الفرنسي جان بول سارتر "1905 - 1980" في ستينيات القرن الماضي، وذلك حينما ذهل من أدائها لشخصية إلكترا في مسرحيته "الندم"، والمعروفة أيضاً باسم "الذباب"، وعلى رغم أنها حاولت الهرب من المسرح كي لا تلتقي به خوفاً من ألا يعجبه أداؤها، فإنه لخص إعجابه بها قائلاً "لقد وجدت أخيراً إلكترا في القاهرة"، كذلك يسرد الكتاب كيف منحت سميحة أيوب عمرها للمسرح، ولم تكن مهتمة بأن تجني من ورائه ثروة، بل كانت مشغولة بالمساهمة في نهضة هذا الفن.

 

الـ The Independent  في

08.06.2025

 
 
 
 
 

اليوم عزاء سميحة أيوب بمسجد عمر مكرم وأسرتها تطلب منع التصوير

كتب علي الكشوطي

تتلقى أسرة الراحلة سميحة أيوب، واجب العزاء اليوم الخميس بمسجد عمر مكرم، فيما ناشدت أسرتها منع التصوير في العزاء.

ورحلت سميحة أيوب أمس الأربعاء ونعتها الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، حيث قالت الشركة، "ننعي ببالغ الحزن والأسى سيدة المسرح العربي الفنانة القديرة سميحة أيوب، التي رحلت عن عالمنا بعد مسيرة فنية عظيمة أثرت بها وجدان الشعوب العربية وأعلت من شأن الفن و المسرح المصري والعربي رحم الله الفقيدة، وألهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان".

ولدت في 8 مارس 1932 بحي شبرا في القاهرة، وأحبت الفن منذ بدايتها، ما دفعها للالتحاق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث درست على يد كبار المخرجين والأساتذة، ومنهم زكي طليمات.

كانت البداية الحقيقية لسميحة أيوب على خشبة المسرح، حيث وجدت نفسها في أدوار تميزت بالعمق والقوة، وقدمت أعمالاً شكلت جزءًا أساسيًا من تاريخ المسرح العربي. من أشهر مسرحياتها: "سكة السلامة وغيرها .

كما تولت إدارة المسرح القومي لسنوات، حيث ساهمت في إثراء المسرح المصري بنصوص جادة وإخراج احترافي، ودفعت بالكثير من المواهب إلى الساحة.

رغم أن المسرح كان مملكتها الأولى، فإن سميحة أيوب لم تغفل الدراما التلفزيونية، فشاركت في العديد من الأعمال الناجحة التي تركت بصمة واضحة لدى الجمهور .

وقد تميزت نجوميتها بابتعادها عن الترند والضجة الإعلامية، بل على الموهبة الحقيقية والعمل الجاد، مما جعلها تحترم وتقدر من أجيال من الجمهور والفنانين.

تعتبر سميحة أيوب رمزًا من رموز الثقافة والفن في مصر والعالم العربي، امرأة استطاعت أن تفرض نفسها في زمن كان المجال الفني فيه شديد التنافس، فتركت إرثًا غنيًا بالأعمال التي تعيش في وجدان الجمهور العربي حتى اليوم.

 

اليوم السابع المصرية في

05.06.2025

 
 
 
 
 

نجل سميحة أيوب يكشف موعد ومكان عزاء والدته الراحلة

كتب: محمود زكي

كشف الدكتور علاء محمود موسى، عن موعد ومكان عزاء والدته الراحلة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب، والتي رحلت عن عالمنا صباح أول أمس الثلاثاء، عن عمر ناهز الـ 93 عامًا.

موعد عزاء الفنانة سميحة أيوب

وقال «علاء» عبر «فيسبوك»، :«عزاء والدتي رحمها الله، سميحة أيوب سيدة المسرح العربي غدا الخميس في عمر مكرك إن شاء الله»

تفاصيل اللحظات الأخيرة لـ سميحة أيوب قبل وفاتها

كان قد ورد بلاغ إلى وحدة إسعاف القاهرة في تمام الساعة الثامنة والنصف صباح الثلاثاء يُفيد بتدهور الحالة الصحية للفنانة الراحلة سميحة أيوب في منزلها الكائن بحي الزمالك، حيث وصلت سيارة الإسعاف إلى مقر إقامتها في أقل من 10 دقائق، وعند وصول الطاقم الطبي، تبيّن عدم وجود أي علامات حيوية أو نبض، ليُعلن المسعفون وفاتها في الحال، ذلك في حضور نجلها الأكبر وعدد من أقاربها إلى المنزل، حيث بدأت الاستعدادات لدفنها، بعد استصدار تصريح الدفن الرسمي من مفتش الصحة.

يذكر أن الحالة الصحية للفنانة سميحة أيوب كانت جيدة قبل وفاتها، بعد أن كانت قد تعرضت لمرض سرطان الثدي قبل سنوات، وخضعت لعملية جراحية وتعافت منه.

وفي الفترة الأخيرة، ظهرت بعض الشائعات حول تدهور حالتها الصحية أو إصابتها بالسرطان مرة أخرى، ولكن سميحة أيوب نفت هذه الشائعات، مؤكدة أنها بصحة جيدة وتتابع علاجها بانتظام.

 

المصري اليوم في

05.06.2025

 
 
 
 
 

موعد ومكان عزاء الفنانة سميحة أيوب

ياسر ربيع

تستقبل أسرة الفنانة الراحلة  سميحة أيوب، العزاء في فقيدتهم اليوم الخميس الموافق 5 من يونيو الجاري، بمسجد عمر مكرم، عقب صلاة المغرب، حيث يُقام العزاء في قاعات المسجد، ومن المقرر حضور عدد كبير من أصدقاء ومحبي الراحلة.

أشرف زكي يعلن وفاة سميحة أيوب 

وكان أعلن الدكتور أشرف زكي، نقيب الفنانين، خبر وفاة الفنانة الراحلة داخل منزلها بمنطقة الزمالك، وأشار في تصريحاته إلى أن بيانًا رسميًا سيصدر قريبًا بشأن موعد صلاة الجنازة والعزاء.

نعي النجوم

وكان عدد كبير من نجوم الفن قد نعوا سميحة أيوب بكلمات مؤثرة منهم الفنانة منة شلبي والتي كتبت عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس": «رحلت سيدة المسرح العربي رحلت السيدة سميحة أيوب الكبيرة قدرا وقامة الصارمة ذات قلب طفل وخفه ظل استثنائية».

وأضافت: «رحلت أول من آمن بموهبتي ودعمني ورحلت في أحب الأيام اللي الله تعالي اسالكم الدعاء والفاتحة على روح هذه السيدة الجميلة فنا وشخصا العظماء يرحلون ولا يتكررون».

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

05.06.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004