ليبيا تعود بعد غياب والمخرجات يتصدرن المشهد العربي في
فينيسيا 82
فاصلة
تبدأ الدورة الثانية والثمانين من مهرجان فينيسيا هذا العام
بوجود عربي لافت، إذ تعود دول غابت عن المهرجان سنوات طالت، وتستمر
المخرجات العربيات في تألقهن وحضورهن في المهرجانات الكبرى، ليقدن الحضور
العربي في فينيسيا هذا العام.
تتواصل دورة هذا العام بين يومي السابع والعشرين من أغسطس
والسادس من سبتمبر المقبل، ويعرض خلالها أفلام عربية تتنوع بين الروائي
والوثائقي، الطويل منهما والقصير، محمّلة جميعها بأسئلة طالما ألحت على
المخرجات العربيات حول الهوية والذاكرة والحرية.
كوثر بن هنية.. «صوت هند رجب» في المسابقة الرسمية
مثلت جريمة قتل الطفلة الفلسطينية هند رجب في قطاع غزة،
واحدة من أكثر الجرائم التي تشهدها الحرب الحالية على قطاع غزة إيلامًا.
صُدم العالم كله ببشاعة جريمة اغتيال طفلة لا يتخطى عمرها ستة أعوام بين
جثامين أسرتها في سيارة كانت تقلهم نحو ما ظنوه النجاة. مكالمتها التي ترجو
فيها ألَّا تترك وحدها أدمت قلوب العالم بأسره، وتوقفت عندها المخرجة
التونسية المخضرمة كوثر بن هنية، لتصنع فيلمًا عنها بعنوان «صوت هند رجب»،
هو الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الرسمية هذا العام. ممثلا واحدًا من
أقوى المشاركات العربية في الدورة الحالية.
كوثر بن هنية اختارت أن تبني فيلمها على التسجيل الصوتي
الأصلي للمكالمة، واستعانت بشهادات والدة هند، وعدد من المسعفين والناجين،
ونسجت من خلالها سردًا بصريًا يتناول ما وصفته المخرجة بـ”اللا مرئي في هذه
التجربة” من خوف وترقب وصمت وخذلان.
وتقول
بن هنية عن الفيلم: “في قلب هذا الفيلم شيء بسيط جدًا وصعب جدًا أن نحتمله:
لا أستطيع تقبّل عالم ينادي فيه طفل طلبًا للمساعدة ولا يجيبه أحد. السينما
تحفظ الذاكرة، وتقاوم النسيان. فلنسمع صوت هند رجب”.
يضم طاقم التمثيل سجى كيلاني، معتز ملحيس، كلارا خوري،
وعامر حليحل. والفيلم من إنتاج تونسي مشترك مع شركاء دوليين وعرب، من بينهم
MBC Studios.
كوثر
بن هنية ليست غريبة على فينيسيا، إذ سبق أن فاز فيلمها «الرجل الذي باع
ظهره» بجائزتين في الدورته 77. كما حصد آخر أفلامها «بنات ألفة»، جائزة
أفضل فيلم وثائقي في مهرجان جوثام الدولي، ورُشّح رسميًا لجوائز الأوسكار
96 ضمن فئتي أفضل فيلم وثائقي وأفضل فيلم دولي، بجانب مشاركته في مهرجان
كان السينمائي.
شهد أمين.. «هِجرة» سعودية
بعد ست سنوات من مشاركة فيلمها الأول «سيدة البحر» في
فينيسيا، تعود المخرجة السعودية شهد أمين إلى المهرجان مرة أخرى بفيلمها
الجديد «هِجرة» الذي يشارك ضمن قسم «دائرة الضوء
Venice Spotlight».
يروي الفيلم قصة جدة تنطلق في رحلة من جنوب السعودية إلى
مكة برفقة حفيدتيها، قبل أن تفقد إحداهما في حادث غامض، مما يدفعها لخوض
رحلة عكسية بحثًا عن الطفلة. وخلال رحلتها تلك تنكشف أسرار عائلية وصراعات
نفسية ممتدة.
الفيلم يلامس قضايا فقدان الذات والانتماء، كما يعكس تنوع
المملكة الجغرافي والبشري من خلال تصويره في ثماني مدن سعودية.\
يشارك في بطولته خيرية نظمي، لمار فدان، ونواف الظفيري،
ويظهر براء عالم في دور ثانوي. الفيلم إنتاج مشترك بين عدد من الشركات
السعودية والعربية والعالمية، بدعم من فيلم العلا وهيئة الأفلام، ومهرجان
البحر الأحمر السينمائي، ونيوم.
شهد أمين خاضت تجربتها الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي
الدولي عام 2019، حين قدمت فيلمها الروائي الطويل الأول «سيدة البحر» ضمن
برنامج أسبوع النقاد. ولاقى العمل وقتئذ إشادة نقدية واسعة، وتُوِّج بجائزة
نادي فيرونا السينمائي لأكثر الأفلام إبداعًا، قبل أن يواصل رحلته المتميزة
ويحصد جوائز من مهرجانات سينمائية مرموقة مثل قرطاج والرباط وسنغافورة.
مسيرة شهد الإخراجية بدأت بعدد من الأفلام القصيرة التي
لفتت الانتباه إلى صوتها السينمائي الخاص، من بينها «موسيقانا» و«نافذة
ليلى». لكن فيلمها القصير الأبرز كان «حورية وعين» الذي نال استحسانًا
واسعًا وتوّج بعدة جوائز في مهرجانات دولية، منها أبوظبي وتورونتو
وستوكهولم، بالإضافة إلى جائزة «النخلة الفضية» من مهرجان أفلام السعودية.
جيهان الكيخيا.. «بابا والقذافي» يكسر سنوات الغياب الليبي
خارج المسابقات، تعود ليبيا إلى فينيسيا بعد ثلاثة عشر
عامًا من الغياب، عبر فيلم وثائقي يعتمد على التجربة الذاتية، بعنوان «بابا
والقذافي» للمخرجة الليبية جيهان الكيخيا.
الفيلم، الذي يُعرض لأول مرة عالميًا، هو رحلة ذاتية تبحث
فيها منصور المقيمة بين كندا والولايات المتحدة، عن والدها المعارض الليبي
البارز منصور رشيد الكيخيا، وزير الخارجية الأسبق، الذي اختفى في القاهرة
عام 1993، وظهر لاحقًا مقتولًا في ليبيا بعد سنوات من الاختفاء.
تسعى المخرجة من خلال الفيلم إلى ملء الفراغ الذي تركه
والدها في حياتها الشخصية، وتعيد بناء صورته من خلال ذاكرة والدتها،
ولقاءات مع شخصيات عاصرته، وأرشيف محلي ودولي.
يمثل الفيلم أولى تجارب جيهان الإخراجية، وهي باحثة وناشطة
في قضايا حقوق الإنسان والهوية، درست الفلسفة والقانون الدولي، وتملك خلفية
في التربية الفنية.
مريم توزاني.. «شارع مالقا» يواصل التجريب الشخصي
تعود المخرجة المغربية مريم توزاني إلى فينيسيا للمرة
الثالثة بفيلمها الجديد «شارع مالقا
Calle Malaga»،
الذي يُعرض ضمن قسم «دائرة الضوء
Venice Spotlight».
الفيلم من إنتاج نبيل عيوش، ويضم في بطولته الممثلة الإسبانية كارمن مورا.
وتواصل من خلاله توزاني استكشاف العلاقات الإنسانية المعقدة والتجارب
العاطفية الداخلية بلغة سينمائية شاعرية، كما في فيلميها السابقين «آدم»
و«القفطان الأزرق».
وضعت توزاني بصمتها الخاصة عالميًا بتجارب نجحت في لفت
الأنظار إليها في كبرى المهرجانات، حيث حصد فيلمها «القفطان الأزرق» إشادات
نقدية واسعة منذ عرضه الدولي الأول ضمن قسم «نظرة ما» في الدورة الـ75 من
مهرجان «كانّ» عام 2022. كما نال جائزة الاتحاد الدولي للنقاد (فيبريسي).
وتوّج لاحقًا بجائزة لجنة التحكيم في الدورة الـ19 من «المهرجان الدولي
للفيلم بمراكش» ونجح في الوصول إلى القائمة الطويلة لترشيحات جائزة
الأوسكار لأفضل فيلم دولي. وقبله حقق فيلمها الأول «آدم» عام 2019 نجاحًا
شبيهًا، لتثبت نفسها واحدةً من أهم الأصوات السينمائية العربية.
سوزانا ميرغني.. «ملكة القطن» والذاكرة السودانية
تشارك المخرجة السودانية سوزانا ميرغني في قسم «أسبوع
النقاد» بفيلمها الروائي الطويل الأول «ملكة القطن»، بعد أن حازت اهتمامًا
عالميًا من خلال فيلمها القصير «الست».
الفيلم الجديد يتناول حكاية فتاة مراهقة تعيش وسط مزارع
القطن وتواجه صراعًا صامتًا مع السلطة الأبوية، والإرث الطبقي، وتحولات
الأرض.
يمزج العمل بين الرمزية والتجريب البصري، ويُعد مساهمة
نوعية في السينما السودانية التي تشهد صحوة بارزة خلال الأعوام الأخيرة.
الفيلم مدعوم من صندوق البحر الأحمر، ومؤسسة الدوحة للأفلام.
يانيس كوسيم.. «رقية» يجمع بين الرعب والذاكرة الجزائرية
وفي “أسبوع النقاد” أيضًا، يشارك المخرج الجزائري يانيس
كوسيم بفيلم «رقية»، الذي يغوص في أجواء الرعب النفسي، ويتناول قصة شابة
تعود إلى منزل أسرتها في الجزائر خلال حقبة التسعينيات، لتجد نفسها محاصرة
بقوى غامضة تستحضر مآسي الحرب والذاكرة.
الفيلم مدعوم من صندوق البحر الأحمر، ومؤسسة الدوحة للأفلام.
سعيد زاغة.. «مهدد بالانقراض» من فلسطين إلى آفاق
في قسم «آفاق» للأفلام القصيرة، يُعرض فيلم «مهدد
بالانقراض» للمخرج الفلسطيني سعيد زاغة، والذي يعرف أيضًا باسم «ذئاب».
صُوّر الفيلم بين الأردن وفلسطين بدعم إنتاجي من فرنسا
والمملكة المتحدة. وهو من بطولة ماريا زريق، علي سليمان، يمنى مروان، جمال
مري، وإسلام العوضي. وتدور أحداثه خلال ليلة واحدة، في دراما مكثفة محتشدة
بالتوتر، تتقاطع فيها مصائر شخصيات عربية داخل بيئة غامضة مشبعة بالقلق
النفسي القابل للانفجار.
سيريل عريس.. «نجوم الأمل والألم» حكاية عن تحولات لبنان
يشارك المخرج اللبناني سيريل عريس في فينيسيا هذا العام
بفيلمه الروائي الجديد «نجوم الأمل والألم»، الذي يُعرض ضمن فعاليات «أيام
المؤلفين».
الفيلم إنتاج مشترك بين لبنان والولايات المتحدة، وألمانيا،
والسعودية وقطر، وتمتد حداثه على مدار ثلاثة عقود من تاريخ بيروت، عبر قصة
حب تواجه تقلبات الزمن، والحروب، والانهيارات، في انعكاس لحالة التمزق
والمقاومة في الواقع اللبناني الحديث.
الفيلم من بطولة مونيا عقل، حسن عقيل، كميل سلامة، جوليا
قصار، تينو كرم، ونادين شلهوب. ومدعوم من صندوق البحر الأحمر، ومؤسسة
الدوحة للأفلام.
لانا ضاهر.. «هدوء نسبي» واستعادة الذاكرة اللبنانية
الفيلم الثاني من لبنان للمخرجة لانا ضاهر التي تحضر إلى
فينيسيا بفيلمها الوثائقي «هدوء نسبي» الذي يعرض أيضًا في قسم “أيام
المؤلفين”.
الفيلم هو عمل أرشيفي مركب، يستعيد سبعة عقود من الذاكرة
السمعية والبصرية اللبنانية، من خلال مقاطع مأخوذة من السينما، والتلفزيون،
والأفلام المنزلية، وبعض إنتاجات الثقافة الشعبية.
يوظف الفيلم الأرشيف كمادة فنية وتأملية، في محاولة لرصد
المزاج اللبناني العام المتقلب بين الفرح والحزن، في ظل غياب سردية وطنية
رسمية. يقدّم «هدوء نسبي» تجربة بصرية وصوتية تحتفي بالفعل الإبداعي كوسيلة
مقاومة، وبدعم من مؤسسات عربية ودولية، بينها معهد الدوحة للأفلام، الجزيرة
الوثائقية، الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، وصندوق الفيلم اللبناني. |